Iraq



Iraq Iraq
  

next  |  index  |  previous 

V. الحاجة إلى المحاسبة وتحقيق العدالة

بعد جنازة ولده، وصف جواد كاظم علي صراعه بين الرغبة في الأخذ بالثأر وبين انتظار نظام لتحقيق العدالة.

حتى أنا أصبحت الآن أملك سلاحاً مثل الجميع. ولكنني أخفيته ولم أخبر عائلتي بوجوده. فلو علموا أنني أملك هذا المسدس لأخذوه مني ليقتلوا به أعضاء حزب البعث الذين كانوا يعيشون هنا. فهم يعلمون أنهم المسئولون عن موت مصطفى. ولدي [باسم] سيقتلهم؛ ولكن ماذا بعد؟ سيلقى القبض عليه هو الآخر؟ ليس هذا هو الطريق. إننا في انتظار أن يقبض الإنجليز على هؤلاء. لماذا لا يلقون القبض عليهم؟ الجميع يعرف من هم. ولكنني أخشى أنهم لو لم يتم إلقاء القبض عليهم، أو ظلوا هنا ، أو ـ لا قدر الله ـ لو وصلوا إلى السلطة من جديد، فإننا لن نستطيع منع العائلات من مهاجمتهم. حتى أنا يصعب علي ضبط نفسي. لقد عشت حتى دفنت ولدي...إنني أطلب العدل.45

قد يساعد نظام قضائي قائم على الشفافية والإنصاف على إرساء أسس لاحترام حكم القانون في العراق. لقد أظهر استطلاع لآراء سكان ثلاث مدن عراقية كبرى في جنوب العراق تم إجراؤه بعد شهرين من سقوط صدام حسين أن الأغلبية الساحقة ــ 98 في المائة ــ يتطلعون إلى تحقيق العدالة والمحاسبة. ولكن ما يقرب من نصف هذه المجموعة قالت إنها تريد تطبيق مبدأ "العين بالعين". فقد اعتبر 15 بالمائة منهم مثلاً أن الإعدام والتعذيب والتعليق والقتل أخذاً بالثأر تعد وسائل ملائمة لتحقيق العدالة.46 إن مفاهيم الثأر هذه تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتشكل تحدياً جسيماً أمام إقامة آلية عادلة وذات مصداقية للمحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان في العراق.

التوصيات

إلى الحكومة العراقية الانتقالية

  • ضمان إجراء تحقيق شامل ونزيه في حملة النظام السابق ضد المسلمين الشيعة بمنطقة البصرة عام 1999، والتي تضمنت تنفيذ إعدامات سريعة، ووقائع اختفاء قسري وقبض تعسفي وتعذيب، في أعقاب الانتفاضة التي تلت اغتيال آية الله العظمى محمد صادق الصدر ("انتفاضة الصدر")، بما يشمل:

  • دور علي حسن المجيد، والذي كان يشغل وقتها منصب قائد القطاع الجنوبي؛

  • دور مهدي الدليمي، ضابط الجيش الذي تشير المعلومات إلى كونه تولى إدارة مديرية الأمن العام في البصرة في ذلك الوقت؛

  •  دور قيادة وأعضاء حزب البعث في البصرة وأم المعارك.

  • ضمان مثول المسئولين الرئيسيين عن الفظائع أمام محكمة عادلة وفعالة ومستقلة سياسياً. وسيكون أفضل الطرق لتحقيق ذلك هو أن يقوم العراق والأمم المتحدة بإقامة محكمة وطنية/دولية مختلطة تقوم بتطبيق معايير المحاكمة المنصفة المتعارف عليها دولياً، وتستفيد من الخبرات الدولية في مجال تحقيق ومقاضاة جريمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وعلى الأقل فإن من الضروري إدخال الإصلاحات التالية على نظام المحكمة العراقية الخاصة:

  • على الحكومة العراقية الانتقالية أن تراجع قانون المحكمة وعلى قواعد الإجراءات والأدلة الخاصة بالمحكمة أن تضمن الحماية الأساسية لمعايير المحاكمة المنصفة. ويجب إنشاء آلية للتأكد من إنفاذ هذه الحماية في الممارسة العملية؛

  • على الحكومة العراقية الانتقالية إلغاء عقوبة الإعدام، بوصفها عقوبة قاسية وغير إنسانية بطبيعتها؛

  • على الحكومة العراقية الانتقالية تفعيل الإمكانية المنصوص عليها في قانون المحكمة العراقية الأساسية لتعيين قضاة غير عراقيين من ذوي الخبرة في محاكمة المتهمين بالإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية؛ على أن يكونوا من المشهود لهم بالمكانة الأخلاقية العالية والحياد والمصداقية. ويجب أن يتم ترشيح هؤلاء القضاة عن طريق الأمم المتحدة؛

  • يجب تعديل القانون ليسمح بتعيين مدعين وقضاة تحقيق غير عراقيين في المحكمة من ذوي الخبرة في مقاضاة و/أو التحقيق في جريمة الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية؛ على أن يكونوا من المشهود لهم بالمكانة الأخلاقية العالية والحياد والمصداقية. ويجب أن يتم ترشيح هؤلاء المدعين وقضاة التحقيق عن طريق الأمم المتحدة؛

  • على الحكومة العراقية الانتقالية ومن يخلفها ضمان تمتّع المحكمة العراقية الخاصة بالاستقلالية عن النفوذ السياسي.

  • إنشاء لجنة للمفقودين تستعين في البداية بالخبرات والإدارة الدولية إلى جانب مثيلتها العراقية. وعلى اللجنة أن تنشئ نظاماً لحماية وحفظ المقابر الجماعية، وأن تضع بروتوكولات تنظم نبش مواقع الدفن، وأن تحدد وتشرف على أولويات نبش هذه المواقع بما يحقق التوازن بين احتياج العائلات إلى التعرف على هوية الضحايا وبين الحاجة إلى الأدلة الضرورية للإجراءات الجنائية المتخذة ضد الجناة المحتملين.

  • تعيين هيئة من الخبراء العراقيين والدوليين لاقتراح معايير ونماذج ناجحة للتعامل مع الوثائق المصادرة من النظام السابق، بما يتضمن تحقيق الأغراض التالية: 1) تحديد تسلسل حيازة الوثائق بهدف التأكد من صحتها؛ 2) تسهيل حفظ وفهرسة الوثائق بطريقة تستجيب إلى كل من الحاجة إلى الأدلة الضرورية للمحاكمات الجنائية لكبار المسئولين السابقين، والحاجات الإنسانية لأسر ضحايا النظام السابق لمعرفة مصير أحبائهم المفقودين؛ 3)العمل مع المنظمات غير الحكومية والأحزاب العراقية لتضمن بقدر الإمكان استعادة الأرشيف الوطني للنسخ الأصلية من وثائق الدولة الواقعة في حيازة هذه المؤسسات والأحزاب الآن.

    إلى الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الحكومات الأعضاء في التحالف

  • ضمان اطلاع مسئولي المحكمة العراقية الخاصة والمحاكم الجنائية العراقية على كافة الوثائق التي تمت مصادرتها لتحديد ما إذا كانت تضم أدلة يمكن استخدامها في التحقيقات والمحاكمات الجنائية.

    إلى الجهات الدولية المانحة

  • ضمان توافر الموارد اللازمة للاستجابة إلى أولويات حماية الأدلة الوثائقية والشرعية الأساسية، بما يشمل أغراض التوثيق، والأغراض الإنسانية، وأغراض الوقوف على الحقيقة بشكل مستقل عن أية محاكمات للجرائم الجسيمة السابقة.



    [45]  مقابلة منظمة هيومن رايتس ووتش، 8 مايو/آيار 2003، البصرة، منطقة تنومة

    [46]  منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان، "جنوب العراق: تقرير حول انتهاكات حقوق الإنسان والآراء بشأن العدالة وإعادة الإعمار والحكم"، 18 سبتمبر/أيلول 2003، ص 6-7.


    next  |  index  |  previous 

    February 2005
  •