Israel, the Occupied West Bank, and Gaza Strip, and Palestinian Authority Territories


اسرائيل والسلطة الفلسطينية Israel,  and Palestinian Authority
  
"تدمير رفح: هدم المنازل على نطاق واسع في قطاع غزة"


البيان الصحفي
التقرير بالانجليزية : English
معرض صور

القواعد القانونية للتدمير
    للجيش الإسرائيلي، بصفته قوة الاحتلال في قطاع غزة، دَوْران: دور الإدارة مع الاضطلاع بسلطات شرطية وأمنية، ودور القوات المحاربة التي يُحتمل أن تخوض قتالاً. إلا أنه مسؤول في جميع الأحوال عن حماية السكان المدنيين سواء بموجب القانون الإنساني الدولي (القوانين الخاصة بالصراع المسلح) أو قانون حقوق الإنسان.

    ولا يجيز القانون الإنساني الدولي لدولة الاحتلال أن تتخذ الخطوة العنيفة المتمثلة في تدمير عقار "إلا إذا كانت العمليات العسكرية تقتضي حتماً هذا التدمير".(12) والعمليات العسكرية وفقاً لتعريف اللجنة الدولية للصليب الأحمر هي "أي تحركات ومناورات وإجراءات تنفذها القوات المسلحة لأغراض القتال".(13) ولا يمكن اعتبار الاحتلال المحارب "عملية عسكرية" في حد ذاته، كما لا يمكن اعتبار كل نشاط تقوم به دولة الاحتلال عملية عسكرية، فالعملية العسكرية لابد أن يكون لها صلة محددة إما بالقتال الفعلي أو المتوقع. ومن المحظور تدمير الممتلكات لتحسين الأمن العام لقوة الاحتلال أو كإجراء احتياطي عام تحسباً لأخطار مفترضة. وأثناء عمليات التوغل في رفح في مايو/أيار، أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن "تدمير الممتلكات كإجراء أمني عام محظور"(14) ولا يجوز حتى خلال العمليات العسكرية شن هجمات عشوائية أو غير متناسبة على أهداف مدنية. ولا يجوز تدمير الممتلكات المدنية ما لم تكن تسهم إسهاماً فعالاً في العمل العسكري، ويحقق تدميرها ميزة عسكرية مؤكدة. وفي الحالات التي تكون فيها الممتلكات المستهدفة مخصصة في الأوضاع العادية لغرض مدني مثل السكن، يفترض القانون الدولي أنها ليست هدفاً مشروعاً.

    ويجوز لدولة الاحتلال خارج القتال أن تتخذ إجراءات لتعزيز أمنها؛ ومن بين الإجراءات التي يمكنها اتخاذها السيطرة مؤقتاً على عقار لمنع استخدامه بصورة معادية لها، وبناء تحصينات، وحظر الدخول إلى بعض المناطق، لكن هذه الإجراءات ينبغي أن تكون متوافقة مع النطاق الأكمل من ضمانات حماية حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الحصول على تعويضات عن العقارات المصادرة. وتقول إسرائيل إن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان لا تنطبق على الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا أنها تُعتبر على نطاق واسع ملزمة بهذه القوانين. ويلزم القانون الدولي لحقوق الإنسان إسرائيل بتوفير سبل الانتصاف القضائي الفعالة لضحايا الإجلاء القسري وضمان السكن الملائم للفلسطينيين.

    وتتفق سياسة الهدم غير المشروعة التي يتبعها الجيش الإسرائيلي مع التصريحات العلنية للمسؤولين الإسرائيليين والتفسير الفضفاض على نحو يبعث على الانزعاج الذي يقدمه الجيش الإسرائيلي للقانون الدولي، واعترافه هو نفسه بأن عمليات الهدم مبالغ فيها.
    • فقد اعترف الجيش الإسرائيلي علناً بتدمير بعض المنازل "لإضعاف الخوف من الأنفاق"(15) أو رداً على مخاطر أخرى مفترضة. وهذه القاعدة تدمج بين ما يتطلبه القانون الدولي من وجود ضرورة عسكرية مطلقة - وهو معيار صارم يقتضي أن يكون لتدمير أي عقار صلة بالقتال - وبين مفهوم الأمن الأوسع كثيراً. وهذا الدمج يتفق مع الرغبة المعلنة لكبار ضباط الجيش الإسرائيلي في هدم كل المنازل الواقعة قرب الحدود منذ أن كان شارون قائداً للقيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي في أوائل السبعينيات(16) حتى تصريحات يوم توف ساميا المشار إليها في بداية هذا الملخص.
    • يسيء الدليل العسكري للجيش الإسرائيلي تفسير القانون الدولي ليجيز التدمير حتى عندما ينتهك القوانين الخاصة بالصراع المسلح، وهو تفسير أكثر تساهلاً من التفسيرات المعمول بها في الجيوش الكبرى الأخرى. فحسب الدليل العسكري للجيش الإسرائيلي "تنص اتفاقيات لاهاي على أن التدمير غير الضروري لممتلكات العدو محظور... والقيد الوحيد هو الامتناع عن تدمير الممتلكات بلا غرض، وحيث لا يوجد مبرر عسكري، ومن أجل التخريب وحده."(17) ولا يذكر دليل الجيش الإسرائيلي أن الضرورة العسكرية تُفهم عموماً لدى الجيوش الكبرى على أنها تستبعد الأعمال التي تحظرها قواعد القانون الإنساني الدولي صراحةً، حيث أن الضرورة العسكرية متضمنة في صياغة هذه القواعد.(18) ولا يتطلب الدليل أيضاًً أن يكون تدمير الممتلكات ضرورياً ضرورة مطلقة أو أن يكون متفقاً مع المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي، مثل الامتناع عن الهجمات التي تُشن بلا تمييز أو تُستخدم فيها القوة المفرطة. ودليل الجيش الإسرائيلي أكثر تساهلاً بكثير من الدليلين العسكريين الأمريكي والكندي على سبيل المثال، حيث يتطلب هذان الدليلان وجود صلة ما بين التدمير والتغلب على قوات العدو.(19)
    • اعترف بعض كبار ضباط الجيش الإسرائيلي بأن حالات تدمير الممتلكات لم تكن كلها مجازة أو مبررة في مثل هذه العمليات. فبعد أن هدم الجيش الإسرائيلي ما يقرب من 60 منزلاً في "بلوك O"في يناير/كانون الثاني عام 2002، أعلن الميجور جنرال دورون ألموج الذي كان آنئذ قائد القيادة الجنوبية، أن بعض المنازل هُدمت دون قصد بسبب "أخطاء ملاحية".(20) وأبلغ البريغادير جنرال دوف زادكا الصحافة في إحدى المرات بأنه أقر نطاقاً محدداً "للإزالة" ثم وجد بعد ذلك أن الجنود تجاوزوا ذلك القدر المجاز. وقال "يقر المرء إزالة 30 شجرة وفي اليوم التالي يجد أنهم أزالوا 60 شجرة."(21) وحتى لو كانت أخطاء قد وقعت فينبغي في مثل هذه الحالات تقديم تعويضات أو دفع قيمة الأضرار أو كلاهما. وبرغم ذلك فلم يحقق الجيش الإسرائيلي فيما يبدو في أي حالة من حالات هدم المنازل بصورة غير مقابلة أو غير مشروعة.

      ورفح ليست هي المكان الوحيد الذي دمر فيه الجيش الإسرائيلي الممتلكات على نطاق واسع. ففي شتى أنحاء قطاع غزة أقامت القوات الإسرائيلية مناطق عازلة قرب قواعد الجيش الإسرائيلي والمستوطنات غير المشروعة والطرق الجانبية المقصورة على الإسرائيليين من خلال التدمير المنظم والكامل للمنازل وتجريف الأراضي الزراعية.(22)

      وقد مارس الجيش الإسرائيلي هدم المنازل على مدى عقود لأسباب مختلفة؛ ولعل أبرز هذه الحالات عمليات الهدم بغرض العقاب أو "الردع" التي تستهدف منازل أسر الفلسطينيين المشاركين في أنشطة عسكرية أو الذين يُشتبه في مشاركتهم في مثل هذه الأنشطة؛ ومثل هذا العقاب الجماعي محظور قطعياً بموجب القانون الإنساني الدولي.(23) وهدمت السلطات الإسرائيلية أيضاً منازل للفلسطينيين في الضفة الغربية وإسرائيل بدعوى انتهاك قواعد قانون البناء. ولا يركز هذا التقرير على عمليات الهدم من هذا القبيل، ولكن تناولتها منظمة هيومن رايتس ووتش بإسهاب في وثائق أخرى.(24)