Israel, the Occupied West Bank, and Gaza Strip, and Palestinian Authority Territories


اسرائيل والسلطة الفلسطينية Israel,  and Palestinian Authority
  
"تدمير رفح: هدم المنازل على نطاق واسع في قطاع غزة"


البيان الصحفي
التقرير بالانجليزية : English
معرض صور

حملة تدمير في رفح: مايو/أيار 2004
    في مايو/أيار عام 2004 شهدت رفح قدراً من الدمار لم يسبق له مثيل خلال الانتفاضة الحالية، أسفر عن هدم 298 منزلاً. فبعد أن دمرت حركة الجهاد الإسلامي ناقلة الجند المدرعة في 12 مايو/أيار قام الجيش الإسرائيلي بعملية توغل استمرت يومين لاستعادة جثث الجنود. وقادت دبابات الجيش الإسرائيلي ومروحياته أيضاً هجوماً على القطاع "أو"، أسفر عن مقتل 15 فلسطينياً، فيما ورد، من بينهم صبي في الخامسة عشرة من عمره وستة آخرون ذُكر أنهم مقاتلون.(11) وقام الجيش الإسرائيلي، زاعماً أنه تعرض لإطلاق كثيف للنار خلال العملية بأكملها، بهدم 88 منزلاً في "بلوك O"ومنطقة قشطة المجاورة، بما في ذلك بيوت كان يفصلها عن المنطقة العازلة ثلاثة أو أربعة صفوف من المنازل، وما كان ممكناً أن تُستخدم في إطلاق النار على ناقلة الجند المدرعة أو الفرق التي أُرسلت لاستعادة الجثث. وقرب نهاية الحملة قُتل جنديان إسرائيليان في قشطة بنيران القناصة الفلسطينيين.

    وفي الفترة من 18 مايو/أيار إلى 24 من الشهر نفسه قام الجيش الإسرائيلي بهجوم كبير أًطلق عليه "عملية قوس قزح" توغل خلاله مسافات كبيرة في منطقتين في رفح، هما تل السلطان في الشمال الغربي وحيا البرازيل والسلام في الشرق. وورد أن الهجوم خلف 32 قتيلاً من المدنيين الفلسطينيين من بينهم عشرة أشخاص دون سن الثامنة عشرة، فضلاً عن 12 من المسلحين. كما دمر الجيش الإسرائيلي 166 منزلاً. وكان الهجوم يهدف فيما زُعم إلى البحث عن أنفاق للتهريب، وقتل بعض الأشخاص المشتبه بهم أو اعتقالهم، والقضاء على "البنية التحتية للإرهاب". وزعم الجيش الإسرائيلي أنه اكتشف ثلاثة أنفاق للتهريب خلال العملية، بيد أنه اعترف في وقت لاحق بأن من بينها منفذ نفق غير مكتمل، وآخر يقع خارج رفح ولا صلة له بأي منزل من المنازل التي هُدمت.

    وفي إطار تحقيقها في أحداث مايو/أيار عام 2004 وغيرها من عمليات الهدم، وثقت منظمة هيومن رايتس ووتش وقوع انتهاكات منهجية للقانون الإنساني الدولي وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على أيدي الجيش الإسرائيلي. وخلال عمليات التوغل الكبيرة التي قام بها الجيش الإسرائيلي في الفترة من 18 إلى 24 مايو/أيار، ألحق الجيش دماراً واسعاً بالمنازل والطرق والحقول دون دليل على أن التدمير جاء تلبية لضرورات عسكرية مطلقة، بما في ذلك التدمير الذي وقع في مناطق من رفح بعيدة عن الحدود. وفي مناطق أبعد عن الحدود بحي البرازيل، حيث لم يكن التوغل الإسرائيلي متوقعاً، كان معظم السكان داخل بيوتهم عندما اقتحمت الجرافات المدرعة من طراز "كاتربيلر دي 9" الجدران عليهم. وسمحت الجرافات للأهالي بالفرار لكنها مضت قُدماً بعملية التدمير قبل أن يتمكنوا من جمع أمتعتهم. وفي بعض الحالات التي شهدتها مناطق بعيدة عن الحدود، مثل منطقة حديقة الحيوان برفح، وقع التدمير بعد أن أحكم الجيش الإسرائيلي سيطرته على المنطقة، وتم بتمهل وتأن وبصورة وافية، وليس في غمار أي قتال.

    ويزعم الجيش الإسرائيلي أن قواته تعرضت للهجوم على أيدي الفلسطينيين باستخدام الأسلحة المضادة للدبابات، والمتفجرات، والأسلحة الصغيرة. وتقدر منظمة هيومن رايتس ووتش أن المقاومة الفلسطينية المسلحة لهذه العملية، خلال الفترة من 18 إلى 24 مايو/أيار، كانت بسيطة، ومحدودة، وتم التغلب عليها بسرعة خلال الساعات الأولى من كل عملية من عمليات التوغل؛ وتستند المنظمة في اعتقادها هذا إلى مقابلات أجرتها مع 35 من سكان رفح، واثنين من أعضاء الجماعات الفلسطينية المسلحة، ومعلومات قدمها الجيش الإسرائيلي، والتصريحات العلنية للجماعات الفلسطينية المسلحة والحكومة الإسرائيلية؛ كما خلصت إلى هذا الاعتقاد بعد تفقد المناطق التي شملتها هذه العملية العسكرية الإسرائيلية. ولجأ كلا الجانبين إلى خيارات تكتيكية لتحقيق أكبر قدر من المزايا؛ فقصر الجيش الإسرائيلي أغلب عملياته على منطقتي البرازيل وتل السلطان، حيث لم يكن متوقعاً أن يقوم بعمليات، ونصبت الجماعات الفلسطينية المسلحة كمائن في المنطقة الكثافة العالية للسكان بوسط المخيم الأصلي حيث كان من الأرجح اشتباكها مع الجيش الإسرائيلي في معارك متلاحمة. كما أن الحكومة الإسرائيلية راعت في تصميم تل السلطان في السبعينيات أن تكون المنطقة ذات شوارع واسعة ومتعامدة في شكل شبكة لتوفير القدرة على الحركة للجنود والحد من السواتر التي يمكن للمسلحين الفلسطينيين أن يستتروا بها. ولذلك لم يقع طوال العمليات لم يقع إلا أقل قدر من الاشتباكات المباشرة بين الجيش الإسرائيلي والجماعات الفلسطينية المسلحة. ويتباين هذا بشدة مع المعركة الضارية التي استمرت عدة أيام في المنطقة ذو بوسط مخيم جنين للاجئين في إبريل/نيسان عام 2002 والتي أسفرت عن مقتل 52 فلسطينياً، من بينهم 27 تأكد أنهم من المدنيين؛ كما قُتل 13 من جنود الجيش الإسرائيلي.

    وخلال عمليات التوغل في تل السلطان والبرازيل استخدم الجيش الإسرائيلي الجرافات المدرعة "كاتربيلر دي 9" بأسلوب يتسم بالشطط وعدم التمييز، الأمر الذي أسفر عن إلحاق دمار واسع النطاق بالمنازل والطرق والأراضي الزراعية كان من الممكن تجنبه.

    المنازل. في حي البرازيل أفسحت الجرافات "كاتربيلر دي 9" "ممرات للدبابات" داخل المخيم، من خلال تدمير مجموعات من المنازل، كاحتياط عام للوقاية من أي هجمات يُحتمل وقوعها باستخدام القذائف الصاروخية أو القنابل المزروعة على جوانب الطرق، وتم ذلك دون اعتبار للأخطار المحددة التي يشترطها القانون الدولي. واستخدم الجيش الإسرائيلي أيضاً الجرافات دي 9 في تدمير المنازل الواقعة قرب ما يعتقد أنها أنفاق للتهريب وفي أماكن أخرى كإجراء وقائي وليس رداً على أخطار محددة. ولم يكن لعمليات هدم أخرى للمنازل سبب يمكن تبينه.

    تدمير الطرق. استخدم الجيش الإسرائيلي في تل السلطان والبرازيل على السواء الجرافات "كاتربيلر دي 9" بلا تمييز في تجريف الطرق وتدمير شبكات المياه والمجاري وخلق خطر كبير في مجال الصحة العامة في مجتمع يعاني بالفعل من ضعف منشآته. وفي بعض المناطق أجبر نقص المياه السكان على مغادرة بيوتهم بحثاً عن الماء، الأمر الذي عرضهم لخطر نيران قناصة الجيش الإسرائيلي لخرقهم حظر التجول. ودمر الجيش الإسرائيلي إجمالاً 51 في المائة من الطرق في رفح، وكان التدمير يتم عادة من خلال جر نصل يُعرف "بالكسَّارة" من مؤخرة الجرافات "كاتربيلر دي 9" في وسط الطريق. وقدم الجيش الإسرائيلي تفسيرات مختلفة لهذا الإجراء، من بينها الحاجة إلى تطهير الممرات من القنابل المحتملة، وقطع الأسلاك التي يمكن أن تستخدم في تفجير عبوات ناسفة، ومنع الهجمات الانتحارية باستخدام سيارات ملغومة على القوات الإسرائيلية. ولو كان الجيش الإسرائيلي قلقاً حقاً بخصوص الأسلاك والعبوات الناسفة لاستخدم أداة تُرَكًّب في مقدمة الجرافة. إلا أنه استخدم، بدلاً من ذلك، الكسارة المركبة في مؤخرة الجرافة والتي لا توفر حماية للجرافات "كاتربيلر دي 9" أو سائقيها من العبوات الناسفة في الطريق. وعلاوة على ذلك، كما تبين أحد الصور قي الفصل السادس من تخلف الكسارة وراءها شريطاً من الأنقاض في وسط الطريق تاركة الممرات الجانبية سليمة، ويمكن استخدامها في شن هجمات انتحارية باستعمال السيارات الملغومة. كما أن تجريف الطرق المعبدة يتيح أنقاضاً مبعثرة تسهل إخفاء العبوات الناسفة والشراك الخداعية.

    تجريف الأراضي الزراعية. جرف الجيش الإسرائيلي رقعتين كبيرتين من الأرض الزراعية بجوار مشروع الإسكان في تل السلطان بعيداً عن الحدود. ولا يتناسب مثل هذا التدمير، الذي جاء بعد أن أحكم الجيش الإسرائيلي سيطرته على المنطقة، مع أي مكسب عسكري يُحتمل أن يجنيه، وكان له أثر ضار على منطقة يقوم فيها الإنتاج الزراعي بدور مهم. وأبلغ الجيش الإسرائيلي منظمة هيومن رايتس ووتش بأن الآليات العسكرية دمرت الأرض الزراعية لأنها كانت مضطرة لتفادي الشراك الخداعية على الطرق، لكن هذا لا يفسر سبب قضاء الجرافات ما يزيد على اليومين لتدمير حقلين كبيرين من المشاتل الزراعية بصورة منظمة.

    وقد ركزت هيومن رايتس ووتش في بحوثها على الدمار الواسع النطاق الذي لحق بمخيم رفح، بيد أنها وثقت كذلك انتهاكات أخرى وقعت خلال عمليات التوغل في تل السلطان والبرازيل، بما في ذلك حوادث القتل غير المشروع للمدنيين، وقيام الجنود الإسرائيليين بإرغام المدنيين على أن يكونوا "دروعاً بشرية". وفي أشنع هذه الانتهاكات أطلقت دبابة وطائرة هليكوبتر إسرائيليتان النار في 19 مارس/آذار على مظاهرة فقتلتا تسعة أشخاص من بينهم ثلاثة أطفال دون سن الثامنة عشرة. ولم يزعم الجيش الإسرائيلي أن جنوده تعرضوا لإطلاق النار بل اكتفى بزعم وجود مسلحين بين الحشد. وتناقض إفادات شهود العيان والأدلة المستمدة من لقطات صُورت بالفيديو هذا الزعم. وقال الجيش الإسرائيلي، رداً على استفسار من هيومن رايتس ووتش إن أحد القتلى كان مدرجاً في سجلاته على أنه "من نشطاء حماس" إلا أنه لم يؤيد ذلك بأدلة أو حتى يؤكد من جديد الزعم أنه كان مسلحاً وقت الحادث.