قسم حقوق الطفل Report |
تقرير
هل من ملاذ ؟
إساءات إسبانيا والمغرب بحقّ الأطفال المهاجرين بمفردهم
خُلاصة التقرير
كل عام، يدخل الى إسبانيا آلاف الاطفال المغاربة وحدهم ودون وثائق السفر المطلوبة، وبعضهم لا يبلغ من العمر إلاَّ عشرة سنوات، ويخاطرون بحياتهم إذ يتسللون عبر مراكز الحدود والمرافيء المغربية والإسبانية ساعين لتحقيق أحلامهم بحياة أفضل، بعضهم يفرّ من العنف العائلي وبعضهم من الفقر ومن قلة فرص التعليم والعمل في وطنهم، وفي الكثير من الحالات يلاقون العنف والتمييز وحياة مليئة بالمخاطر في شوارع مدن غريبة عنهم. وعندما يُقبض عليهم في إسبانيا، قد يتعرضون للضرب على يد الشرطة، وبعد ذلك يوضعون في مراكز سكن مزدحمة وغير صحيّة، كما انه لا يُسمح لبعضهم وبطريقة اعتباطية الانضمام الى المراكز السكنية، وكثيراً ما تحرمهم المراكز السكنية من الإعانات التعليمية والصحيّة التي يكفلها لهم القانون الإسباني، وعلاوة على ذلك قد يتعرَّض هؤلاء الأطفال لإساءات من قبل أطفال آخرين أو من قبل الموظفين الموكلين بالعناية بهم. وإذا كانوا سيئي الطالع يُرحَّلون الى المغرب حيث يتعرَّض الكثير منهم للضرب على يد الشرطة المغربية، وفي النهاية يُطلَق سراحهم كي يُعيلوا أنفسهم.كل هذا يحدث في بلدين تعهّدا بتوفير الحقوق والضمانات المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل، لكل الأطفال الخاضعين لولايتهما.
في حالة إسبانيا، قُنِّنَ هذا التعهّد في تشريع يضمن للأطفال الأجانب المنفردين الرعاية والحماية، وعلى قدم المساواة مع الأطفال الإسبانيين، بما في ذلك الحق بالتعليم والرعاية الصحيّة والإقامة القانونية المؤقَّتة، والحماية من إعادتهم إلى وطنهم إذا كان هذا الإجراء يُعرِّضَهم أو يُعرِّض عائلاتهم للخطر، لكن الحكومة الإسبانية تهاونت في ضمان تنفيذ تلك الفقرات من القانون بشكل منتظم، كما أنَّ السلطات الإسبانية الإقليمية تنفِّذ القانون بشكل انتقائي، أو أنها تتجاهل القانون تماماً ولا تخضع للمُساءلة. أمّا ما يتعلَّق بالحكومة المغربية، فإنها لا تراقب أوضاع الأطفال المغاربة الموجودين في إسبانيا، ولا تُيسِّر إعادتهم من إسبانيا عندما يكون ذلك في صالح الطفل، كما أنها لا تضمن الحماية والرعاية للأطفال المهاجرين بمفردهم في حال عودتهم الى المغرب. تتفاوت أوضاع الأطفال المهاجرين بمفردهم بين مناطق إسبانيا المختلفة، ويتوقَّف ذلك على الفروق في أعداد الأطفال بين المدن، وعلى استعداد الإدارات المحليّة والإقليميّة لتطبيق القانون، وعلى مدى تواجد المنظمات غير الحكومية العاملة على الدفاع عن الأطفال المنفردين. ويتفق المسؤولون الحكوميون وممثلوا المنظمات غير الحكومية، على أنَّ أوضاع هؤلاء الأطفال قاسية بصورة خاصّة في مدينتي سبتة ومليلة المتمتعتين بالحكم الذاتي، وهما مدينتان إسبانيتان واقعتان على ساحل شمال أفريقيا. قامت مجموعة من الباحثين من منظمة مراقبة حقوق الإنسان بزيارات مُتتالية إلى إسبانيا والمغرب في أشهر تموز (يوليو) وتشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2001، لتقصّي الطريقة التي يُعامَل بها الأطفال في سبتة ومليلة، ووجَدَت المجموعة نمطاً ثابتاً من الإساءات من قبل الشرطة في كلتا المدينتين، ففي مليلة يتعرَّض الأطفال المنفردون للضرب بالأيدي والهراوات وللرفس من قبل الشرطة الإسبانية، وذلك أثناء الترحيل القسري لهؤلاء الأطفال إلى المغرب، وعند وصولهم إلى المغرب يُحتَجزون في ظروف غير آمنة ومن ثم تطلقهم الشرطة المغربية التي استلمتهم عند الحدود إلى الشوارع. أمَّا في سبتة فيتعرضون لحالات أقل من الترحيل القسري، ولكنهم يظلّون مُعرَّضين لحالات من الضرب الوحشي إذا حاولوا الفرار أثناء سعي الشرطة الإسبانية للقبض عليهم، وفي كلتا المدينتين لا يتمكَّن بعض الأطفال من الحصول على الإقامة القانونية المؤقَّتة المكفولة لهم بالقانون، وذلك لأَنَّ مديرية الرفاه الإجتماعي، الوصي القانوني عليهم، لا تتقدم بطلب رسمي من أجل هذا الغرض، وفي حالة الحصول على الإقامة القانونية المؤقَّتة ومرور عامين على ذلك، يصبح الأطفال مؤهَّلين للتقدم بطلب الحصول على الجنسيّة الإسبانية، ومن دون الإقامة المؤقتة يصبحون عرضة للترحيل إلى المغرب عند بلوغهم سن الثمانية عشر. أمّا المراكز السكنية للأطفال المنفردين والتابعة لدائرة الرفاه الاجتماعي في مدينتي سبتة ومليلة، فهي تزدحم بشدّة مما يقلل من مستوى العناية التي تقدِّمها تلك المراكز، ويزيد من مخاطر تعرُّض الأطفال لسوء المعاملة من قبل الموظفين أو من قبل أطفال آخرين، والمركزان الأكثر سوءاً هما مركز Pur?sima Concepci?n Fort في مليلة ومركز سان أنطونيو في سبتة، وهما مبنيان قديمان ما زالا في مرحلة الترميم بغية استخدامهما للعناية بالأطفال. المبنى الأول كان أصلاً حصناً عسكرياً، ومبنى سان أنطونيو كذلك كان مقراً عسكرياً، أُعِدَّ مركز سان أنطونيو في البداية لاستقبال حوالي ثلاثين طفلاً ولكنه الآن يستوعب وعلى الدوام مئة طفل أو أكثر، وينام بعض الأطفال على الأرضيات أو على الطاولات، كما يشترك الأطفال بحمّام واحد ويشتكون من قذارة الفراش والأغطية ومن رداءة الملابس وعدم كفايتها، ويشتكون كذلك من الوجبات التي قالوا أنها كثيراً ما تحتوي على لحم الخنْزير، وهذا بدوره أمر غير ملائم لكثير من الأطفال لأسباب دينية، ولا تتوفر في أي من المبنيين مرافق ترفيهية للمقيمين فيهما. يُسمح للأطفال في مركز Pur?sima Concepci?n Fort بالتجول في المدينة دون رقابة أثناء النهار، أمَّا الأطفال في مركز سان أنطونيو، فقد تحدَّثوا عن تقييدات أكبر لحركتهم وعن تعرُّضهم للعقاب فيما إذا قاموا بالفرار، وهم يواجهون مللاً شديداً في ذلك المبنى الصغير. لا توفِّر أي من سبتة أو مليلة عناية صحيّة وقائية منتظمة للأطفال المنفردين، وكثيراً ما تحرمان الأطفال تعسُّفاً من العناية الصحيّة في حالة تعرُّضهم لمشاكل صحيّة أكثر خطورة، رغم أنهم مؤهلون لتلقّي العناية الصحيّة وفقاً للقانون الإسباني، وهذا أمر يبرز بشكل خاص في سبتة، حيث لم تُصرَف للأطفال البطاقة الصحيّة التي تصدرها الحكومة (Tarjeta Sanitaria) رغم أهليتهم لاستلامها، ومن المعتاد أن ترفض مراكز الخدمات الطبية والمدعومة من الحكومة تقديم العناية الصحيّة للأطفال الذين لا يحملون البطاقة الصحيّة، أو إذا لم يصحبهم موظف من المراكز السكنية. الأغلبيّة العظمى من الأطفال المهاجرين بمفردهم في سبتة والكثير من الأطفال في مليلة لا يتلقون العلم في المدارس، بالرغم من أنهم تحت رعاية الحكومة - علماً بأن القانون الإسباني يوفر تعليماً إلزامياً لجميع الأطفال ما بين سن ست سنوات وست عشرة سنة، ونادراً ما تدمجهم الحكومة بالمدارس الإسبانية وبدلاً من ذلك فإنها تعتمد على موظفي المراكز السكنية في توفير تعليم أوَّلي، ولكن المراكز السكنية كثيراً ما تحرم الأطفال اعتباطياً حتى من هذا المستوى من التعليم، أمَّا الأطفال الذين يزيد عمرهم عن ستة عشر عاما،ً فكثيراً ما يُحرَمون من الانتفاع من التعليم المهني لامتناع دائرة الرفاه الاجتماعي عن تقديم الطلبات للحصول على وثائق العمل الضروريّة. يتعرَّض الأطفال المنفردون الذين يعيشون في المراكز السكنية للابتزاز والسرقة والعنف الجسدي من قبل الشباب الأكبر سناً أو حجماً في المراكز، ونادراً ما يتدخَّل موظفوا المراكز لحماية الأطفال حتى عندما يشهدون الهجمات، كما ينخرط الموظفون في ممارسات من الإساءة من أجل الضبط، بما في ذلك الضرب والعقاب الجماعي والتهديد بالترحيل، وفي سبتة يقوم الموظفون في مركز سان أنطونيو بوضع الأطفال في "غرفة عقاب" صغيرة ومعتمة وقذرة، وتخلو إلاَّ من بعض الفرشات ولا يوجد فيها حمّام، وقد أخبَرَنا بعض الأطفال أنهم أمضوا في تلك الغرفة ما يصل الى أسبوع لارتكابهم مخالفات كان منها التدخين والخروج من غير إذن أو الهروب، وذكر الأطفال في كلتا المدينتين أنَّ السبب الأساسي لهروبهم من المراكز السكنية هو سوء المعاملة من قبل الموظفين أو من قبل الأطفال الآخرين. تقوم الشرطة الإسبانية وبشكل دوري بعمليات ترحيل جائرة للأطفال المنفردين الى المغرب، وذلك في خرق لفقرات من القانون الإسباني تقضي بإعادة الأطفال إلى أهلهم فقط أو إلى وكالات الرفاه الإجتماعي المعنيَّة في البلد الأصلي للطفل، على أَلاَّ يتسبب ذلك بتعريضهم أو تعريض أهلهم للخطر. أوردت جمعيّة حقوق الطفل (ARC)، وهي منظّمة لحقوق الإنسان مركزها في مليلة، أن ما لا يقل عن سبعين عمليّة ترحيل قد جرت ما بين شهري تموز (يوليو) 2001 وشباط (فبراير) 2002. وقد ذكر الأطفال الذين قابلناهم بأن أفراد الشرطة الإسبانية قاموا بصفعهم وضربهم وتهديدهم قبل تسليمهم للشرطة المغربية، التي هي بدورها تسيء معاملتهم. تتهاون إسبانيا في تقديم الحماية والرعاية لهؤلاء الأطفال، وليس هناك أي وكالة حكومية إسبانية تنهض بالمسؤوليّة الفعليّة لضمان تلقّي الأطفال المنفردين في سبتة ومليلة للرعاية والحماية، ولا توجد أية آليّة فاعلة لتمكين الأطفال من تقديم شكاوي أو لممارسة حقّهم في إسماع صوتهم في كافّة العمليات القانونيّة المتعلّقة بهم، وينيط مسؤولوا الحكومة المركزيّة أمر مراقبة الأوضاع والتحقُّق من حالات الإساءة إلى السلطات المحليّة، وهذه بدورها تدّعي بأنها لا تَحْتَكِم إلى الوسائل الضروريّة للقيام بهذه المهمة، وتعتمد على المراكز السكنية وعلى الشرطة من أجل الإبلاغ عن هذه الحالات. تتهاون السلطات المغربية كذلك في توفير الرعاية والحماية اللازمين للأطفال المهاجرين بمفردهم، وبالرغم من وجود عدد كبير من الأطفال المنفردين في المدن الواقعة على الموانيء وفي البلدات الحدودية المغربية، غير أن الحكومة لم تفعل سوى القليل لضمان تزويدهم بالرعاية وإعادة التأهيل، وفي أكثر الحالات لا تقوم الحكومة بتوفير الملاذ إلاَّ للأطفال المُدانين بارتكاب جرائم، إذ تودعهم في مراكز اعتقال للقاصرين. كثيراً ما يتعرَّض الأطفال المُرحَّلون من سبتة ومليلة إلى المغرب للضرب والابتزاز والاعتقال في ظروف غير آمنة على يد الشرطة المغربية، وفي المغرب من المعتاد أن يُحتَجَز الأطفال مع البالغين في مراكز الشرطة لمدة ساعات دون إمكانيّة الحصول على طعام أو ماء أو إمكانيّة استخدام الحمّام، وكثيراً ما يقوم أفراد الشرطة المغربية بضرب الأطفال، ويقومون أحياناً بسرقة نقودهم أو ممتلكاتهم قبل إطلاق سراحهم، وكان واحد فقط من الأطفال المرحَّلين من سبتة ومليلة من الذين قابلناهم قد أخبَرَنا بأن الشرطة المغربية قد أعادته لرعاية أفراد من أسرته، وفي سائر الحالات التي حقّقنا بأمرها، قال الأطفال إنه بعد حجزهم لمدة يوم أو أكثر أخبرتهم الشرطة ببساطة أنّ عليهم مغادرة مركز الشرطة، وأحياناً يكون ذلك في منتصف الليل، وبعد ذلك يعود الأطفال أدراجهم الى إسبانيا، وهذه العمليّة قد تستغرق عدة ساعات أو عدة أيام منذ اللحظة التي يخطون فيها الخطوة الأولى عائدين إلى الحدود، ومن ثمَّ يحاولون من جديد مراوغة الشرطة المغربية والشرطة الإسبانية التي تحرس المعابر الحدوديّة. التوصيات الأساسيّة
· على الحكومة الإسبانية العمل على التنسيق بين وزارة التربية والثقافة والرياضة، و Ministerio Fiscal Ministerio Fiscal): وزارة تجمع سلطات للادعاء والتحقيق والحماية تشبه، النيابة العامة ولكن بسلطات أوسع)
ووزارة الصحّة وشؤون المستهلكين، ووزارة الداخليّة، ودوائر الرفاه الاجتماعي في المدن المتمتّعة بالحكم الذاتي، وقوّات الأمن، وذلك لضمان توفُّر السكن والتعليم والعناية الطبيّة الطارئة والخدمات الطبية الأُخرى ووثائق الإقامة المؤقَّتة للأطفال المهاجرين بمفردهم، وفقاً للقانون الإسباني.· على حكومتي إسبانيا والمغرب التنسيق بينهما لضمان إعادة الأطفال من إسبانيا إلى المغرب، فقط عندما يكونوا عائدين إلى أفراد من أُسَرِهم راغبين في رعايتهم وقادرين على ذلك، أو الى وكالة خدمات اجتماعية مُلائمة. ولا يجب بأي حال من الأحوال، إلقاء المسؤولية على عاتق الشرطة الإسبانية والشرطة المغربية للقيام بإعادة الأطفال المهاجرين بمفردهم إلى وطنهم. · على مفوَّضي الحكومة الإسبانية في سبتة ومليلة التأكّد من عدم ترحيل أو إعادة أي طفل من إسبانيا، إلاَّ إذا تحقَّق المفوَّضون من أن الطفل سيعاد إمَّا الى فرد من الأُسرة راغب في رعاية الطفل وقادر علىذلك، أو إلى وكالة خدمات اجتماعية مُلائمة في البلد الأصلي للطفل، وعلى المفوَّضين أن يتحقَّقوا أيضاً من أن عودة الطفل لن تشكِّل خطراً أو مجازفة لسلامة الطفل أو سلامة أقربائه، وذلك قبل الشروع بإجراءات الإعادة إلى الوطن. · على الحكومة المغربية تيسير عودة الأطفال المهاجرين بمفردهم إلى المغرب عندما يكون ذلك في مصلحة الطفل الفُضلى، وعليها أيضاً أن توفِّر الموارد اللازمة لرعايتهم وحمايتهم، بما في ذلك تخصيص وكالة خدمات اجتماعية لاستقبال الأطفال المهاجرين بمفردهم العائدين من إسبانيا، وتسليمهم لأُسَرِهم حينما يكون ذلك ملائماً. · على الحكومة المغربية اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية الأطفال المهاجرين بمفردهم، والذين أُعيدوا إلى المغرب من إسبانيا، من المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المُهينة ومن الإساءات الأُخرى على يد الشرطة. · على مدينتي سبتة ومليلة المتمتعتين بالحكم الذاتي توفير الشروط الأساسية للصحّة والسلامة في المراكز السكنية للأطفال المنفردين، وتوفير الحماية والرعاية الضروريتين لرفاهيتهم. مجال البحث ومنهجه هذا التقرير هو نتيجة حلقة من سلسلة تحقيقات تجريها منظمة مراقبة حقوق الإنسان بشأن معاملة المهاجرين في غرب أوروبا. يستند التقرير إلى بحث ميداني في إسبانيا والمغرب، استغرق إجراؤه خمسة أسابيع توزَّعت على أشهر تموز (يوليو) وتشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2001، وقد أجرى باحثوا منظمة مراقبة حقوق الإنسان مقابلات مع أطفال مهاجرين بمفردهم ومع مسؤولين حكوميين، ومع ممثلين لمنظمات غير حكومية ومع ناشطين محليين في كل من سبتة ومليلة ومدريد في إسبانيا، وناشطين من طنجة والرباط والدار البيضاء في المغرب، كما أننا قمنا بمراجعة مجموعة كبيرة من الوثائق الرسمية المتعلِّقة بقضايا فردية لبعض الأطفال، وبشكاوي تَزعُم بتعرُّض الأطفال للإساءات على يد شرطة سبتة. امتنع المسؤولون الإسبانيون من السماح لنا بالوصول إلى المراكز السكنية في سبتة ومليلة حيث يقيم الأطفال المهاجرون بمفردهم، وبالرغم من ذلك قمنا بتفحُّص كل المراكز في سبتة ومليلة من الخارج، وتمكّنا بمعونة من ممثلين لمنظمات غير حكومية ونُشطاء آخرين من التعرُّف على أطفال مهاجرين بمفردهم في كلتا المدينتين ومن مقابلتهم، وفي كل الحالات تقريباً جرت المقابلات باللغة العربية أو اللغة الإسبانية من قبل باحثين يتقنون اللغتين، وبالإضافة إلى ذلك أُجريت بعض المقابلات بمساعدة مترجم يتقن اللهجة المحلية للغة البربرية. أجرى باحثوا منظمة مراقبة حقوق الإنسان مقابلات مع خمسة وثلاثين طفلاً مهاجراً بمفرده، كانت ثلاث وعشرون منها في سبتة، وعشرة في مليلة واثنتان في طنجة. ارتحل أكثر الأطفال إلى سبتة ومليلة من قرى وبلدات قريبة، ولكن بعضهم أتى من أماكن بعيدة مثل أغادير وسلا وفاس، وكان جميع الأطفال الذين قابلناهم من مواليد المغرب ما عدا طفل واحد جزائري. تراوحت أعمار الأطفال الذين قابلناهم ما بين سن الثانية عشر عاماً والسابعة عشر عاما،ً وقابلنا كذلك مهاجراً يبلغ من العمر واحداً وعشرين عاماً عاش في مليلة منذ كان عمره أحدَ عشر عاماً. أعرب اثنان وثلاثون طفلاً إن أعمارهم تبلغ ستة عشر عاماً أو أقل، وأربعة عشر منهم يبلغون من العمر أربعة عشر عاماً أو أقل، وهناك بنتان فقط في المجموعة. ولقد أَعلَمَنا ممثلون عن منظمات محليّة، إن البنات لا يشكِّلنَ إلاَّ نسبة ضئيلة جداً من العدد الكلّي للأطفال المهاجرين بمفردهم، وليس هناك إلاَّ عدد ضئيل من البنات يُقِمْنَ في المراكز السكنية الإسبانية للأطفال المنفردين في سبتة ومليلة. أجرينا في إسبانيا مقابلات مع ممثلين عن الحكومة الإسبانية المركزية وممثلين عن سلطات الحكم الذاتي مسؤولين عن شؤون الأطفال المهاجرين بمفردهم، وكان من ضمن المسؤولين الذين قابلناهم نائب مدير قسم شؤون المهاجرين في وزارة الداخلية، ونائب مدير قسم شؤون الأجانب في وزارة الخارجية، والسكرتير العام للشؤون الاجتماعية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ورئيس مكتب ديوان التفتيش (defensor del pueblo: مكتب خاص للتحقيق في الشكاوي الموجهة ضد موظفي الدولة (، ومفوَّض الحكومة المركزية في سبتة (delegado del Gobierno) ورئيس ديوان مكتب مفوضيّة الحكومة المركزية في مليلة، و fiscals لشؤون القاصرين في سبتة ومليلة (fiscal :منصب يجمع سلطات للادعاء والتحقيق والحماية, يشبه النيابة العامة ولكن بسلطات أوسع.) وقابلنا كذلك رئيس المحكمة والقضاة لشؤون القاصرين في سبتة، أما المسؤولون المحليون الذين قابلناهم فكان منهم رئيس ديوان مكتب الرئاسة في سبتة، والمدير العام لدائرة الصحّة والرفاه الاجتماعي في مليلة، ونائب المدير في دائرة الرفاه الاجتماعي في سبتة. وكنّا قد طلبنا الاجتماع مع وزير التربية والثقافة والرياضة ومع مُديريّ دائرتيّ الرفاه الاجتماعي في سبتة ومليلة، ولكن طلبنا لم يُستجَب. وفي المغرب أجرينا مقابلات مع وزير العدل، ومع مستشار وزير حقوق الإنسان لشؤون حقوق الأطفال، ومع مدير مركز حماية الطفولة في طنجة التابع لوزارة الشبيبة والرياضة، وكذلك مع موظفي بعثة صندوق الأمم المتحدة للأطفال (اليونيسيف) في المغرب. وكنّا قد طلبنا الاجتماع مع وزير الخارجية ووزير الداخلية ووزير الشبيبة والرياضة ووزير حقوق الإنسان، ولكن طلبنا لم يُستجَب. قام ممثلوا منظمات غير حكومية ونُشطاء في قضايا حقوق الأطفال في إسبانيا والمغرب، بتزويدنا بمعلومات وفيرة عن معاملة الأطفال المهاجرين بمفردهم في كلا البلدين. وضعنا أسماء مستعارة لجميع الأطفال الوارد ذكرهم في هذا التقرير وذلك حفاظاً على خصوصياتهم. المعايير الدوليّة
لقد قيّمنا معاملة الأطفال المهاجرين بمفردهم في إسبانيا والمغرب وفقاً للقانون الدولي كما ورد في اتفاقية حقوق الطفل، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وميثاق منع التمييز في التعليم. وكلتا الدولتين، إسبانيا والمغرب، هما أطراف في تلك المعاهدات، وإضافة إلى ذلك فإن المعايير الإقليمية الأوروبية ذات الصلة في هذا الموضوع تتضمَّن شرعة الحقوق الأساسية للإتحاد الأوروبي، وميثاق حماية حقوق الإنسان والحرّيات الأساسية.
كشّاف مُصطَلحي
تشير كلمة "طفل" في هذا التقرير إلى أي شخص دون سن الثمانية عشر عاماً. أمّا اتفاقية حقوق الطفل فتعرِّف الطفل بإنه "هو الإنسان لم يتجاوز الثمانية عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه."
اتَّبعَتْ منظمة مراقبة حقوق الإنسان الاستخدام المعتمد لدى المفوَّض العالي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة بخصوص مُصطلح "الأطفال المنفردين،" إذ يشير إلى الأشخاص ممن هم دون سن الثمانية عشر من العمر، ومنفصلين عن كلا الأبوين ولا يتلقّون الرعاية من شخص بالغ مسؤول عن رعايتهم بحسب العرف أو القانون.
|