Jordan



Jordan Jordan
  

التعذيب

أنواع التعذيب والمعاملة السيئة

تبين من أبحاث هيومن رايتس ووتش عام 2007 أن التعذيب والمعاملة السيئة التي يلقاها السجناء على يد الحراس ظاهرة منتشرة ومنتظمة في كافة السجون الأردنية. وقد خلصت هيومن رايتس ووتش إلى وجود أدلة على إساءات في سبعة من سجون الأردن العشرة التي تمت زيارتها. ومن بين 110 سجيناً تمت مقابلتهم، قال لـ هيومن رايتس ووتش 66 سجيناً إنهم عانوا من أحد ضروب التعذيب أو المعاملة السيئة على أيدي الحراس. ورأينا أدلة مادية على مثل هذه الإساءات في عشر حالات، بالإضافة إلى رؤية كدمات على 20 سجيناً من سجناء التنظيمات، إثر عملية ضرب جماعي في 22 أغسطس/آب 2007.

وقد صدقت الأردن على اتفاقية مناهضة التعذيب في عام 1991، وقبل زيارة مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب للأردن بقليل، تم نشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية في 15 يونيو/حزيران 2006، مما منحها قوة القانون. وتُعرف اتفاقية مناهضة التعذيب فعل التعذيب على أنه:

أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث - أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية.4

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2007 عدلت الحكومة المادة 208 من قانون العقوبات لتشمل تعريف التعذيب، مما يجعل منه جريمة بموجب القانون الداخلي للمرة الأولى. والمسؤولون الذين يُدانون بالتعذيب يواجهون عقوبة السجن لفترة تتراوح بين ستة أشهر إلى ثلاثة أعوام. وإذا أفضى هذا التعذيب إلى مرض أو جرح بليغ ترتفع العقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤقتة.5 ولا يُجرم القانون المعاملة السيئة.

ويبدو أن مسألة وقوع التعذيب من عدمه تتبع سلطة مدير السجن. فمدراء مراكز الإصلاح والتأهيل في السلط (البلقاء) والعقبة والجويدة يبدو أنهم تمكنوا من وضع حد ونهاية للتعذيب إثر وصولهم إلى مناصبهم. ويمضي مدراء السجون في كل سجن فترة قد تصل إلى أسابيع قليلة، ونادراً ما تتجاوز العام في السجن الواحد قبل نقلهم إلى منصب مختلف في مديرية الأمن العام، وعادة خارج إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل. وفي سجن السلط، قال علي: "لدينا الآن مدير جديد منذ شهر، لكن قبل مجيئه بأسبوعين أو ثلاثة، قام المدير [السابق] والحراس بضربي على رأسي بعصي بلاستيكية داخلها حديد، بعد تعليقي من يديّ".6

ويقع التعذيب بالأساس على شكل الضرب والتعليق من المعصمين. وطبقاً لروايات السجناء التي جمعتها هيومن رايتس ووتش، يقوم الحراس بعمليات الضرب داخل وحول أماكن أشبه بالأقفاص مصنوعة من قضبان حديدية، وهي في كل سجن بالقرب من غرفة التحكم، بين مبنى الإدارة وأقسام السجناء. ويتم مراقبة هذه المنطقة بكاميرات فيديو عبر دائرة مغلقة. وفي بعض الأحيان يقوم الحراس بضرب السجناء داخل الأقسام، وأحياناً في الردهات، خاصة بالقرب من زنازين الحبس الانفرادي، وفي حجرات المبنى الإداري، وكذلك في مناطق مفتوحة، حسب ما قال النزلاء.7 وقال السجين أرماند: "الحراس الذين يصطحبوننا إلى المحكمة يقومون بضربنا في الطريق إلى هناك".8 ويتم تقييد أيدي السجناء بالأصفاد وراء ظهورهم أثناء الذهاب إلى المحكمة أو المستشفى. وكثيراً ما يبقى السجناء في الأصفاد لساعات داخل شاحنة، بانتظار دورهم أو حتى ينتهي آخر أعضاء المجموعة من جلسته في المحكمة، ثم يتم نقلهم إلى السجن.9

ويقوم الحراس بتعذيب السجناء في محاولة منهم على ما يبدو لعقابهم على ما يدركونه عنهم من مخالفات لقواعد السجن أو جراء مضايقتهم الحراس. وروى غيث، السجين بسجن قفقفا، لـ هيومن رايتس ووتش كيف تعرض للإساءة:

منذ خمسة أيام ضربني الحراس بقفل الباب الموضوع على باب المهجع لأنني ذهبت إلى المرحاض وأنا أرتدي نوع الثياب الخطأ. وقام الحارس [تم حجب اسمه] وحارسان آخران بضربي بالقفل وبمفاتيحهم. ثم اصطحبوني إلى البوابة وعلقوني من معصميّ من زوجين من الأصفاد، وباعدوا ما بين ذراعي وعلقوا كل ذراع على الشباك المعدنية التي تغطي نافذتين، ولكموني في بطني وصدري. وحين جاءت [اللجنة الدولية للصليب الأحمر] للزيارة، أخفوني في حجرة الحاسب لمدة ساعة.10

وقابلت هيومن رايتس ووتش سبعة نزلاء قالوا إنهم تعرضوا لإساءات على أيدي الحراس الذين رأوا أنهم خالفوا قاعدة ما أو أزعجوهم بطلب معين. ووصف ثلاثة سجناء من الموقر والجويدة وقفقفا لـ هيومن رايتس ووتش أنواع أسباب الاستفزاز التي تؤدي إلى الضرب. نزيل الموقر المدعو لؤي قال: "قال سجين آخر للحراس إنني سأعود ومعي مخدرات من جلسة في المحكمة. وحين عدت علقوني في زنزانة الحجز من ذراعي الأيسر عالياً. وصفعوني".11 وقال نعمان، نزيل سجن الجويدة، إنه "في 13 أغسطس/آب كانت آخر مرة تعرضت للضرب. لأن لحيتي طويلة وأبدو متديناً، فأحياناً ما يتم مضايقتي وضربي".12 وقال نزيل قفقفا، المدعو قيس: "أحياناً يستفز الحراسُ النزلاء بتوجيه الإهانات إليهم. ويحملون عصي وكابلات ويضربوننا حين نرد عليهم".13 وقد رأينا جراح على جلد معصميّ أحد السجناء، ويُدعى رفيق، في سجن سواقة، وقال: "تم تقييدي من يديّ لمدة ساعتين وتعرضت للضرب منذ أسابيع ومعي اثنين آخرين جراء حيازة هواتف نقالة [غير قانونية]".14

وحين يتورط سجينان في شجار، فإن الحراس، حسب قول نزلاء قابلتهم هيومن رايتس ووتش، يقومون بتعذيبهما.15 ورأت هيومن رايتس ووتش أجزاء مجروحة من جلد معصميّ سجين آخر في الموقر، ويُدعى لقمان، وقال:

منذ ثلاثة أيام خاض سجينان في شجار وفصل الحراس بينهما. وكنت جالساً خلف السجينين، لكن الحراس أخذونا جميعاً، أنا وأربعة آخرين، إلى زنازين [الحبس] الانفرادي. وقيدنا الحراس وضربونا. وضربوني بالكابلات والعصي والخراطيم. وعادة ما يحمل الحراس العصي، وطول العصا نصف متر تقريباً، لكن لا يحملونها حين يأتي الزوار. والكابل عبارة عن ثلاثة أسلاك مجدولة معاً، وهو كبير وسميك. وبعد ضربنا، قاموا بتقييدنا بالأصفاد إلى قضبان معدنية، وأيدينا ممتدة عالياً فوقنا. وتركونا هكذا منذ منتصف الليل حتى الثامنة صباحاً. وكان الحراس يمرون بنا فيضربوننا. وأحسست بالخدر يتسلل إلى يديّ.16

حتى عندما اعترف سجين في السلط بأنه مسؤول عن إصابة سجين زميل وجه إليه الإهانة، اختار الحراس تعذيبه بدلاً من المبادرة بإجراء تأديبي أو بإجراءات تقاضي جنائية ضده. وعن واقعته، قبل أربعة أيام من زيارة هيومن رايتس ووتش، قال السجين غالب:

علقني الحراس من معصميّ، وقيدوني بالأصفاد إلى بوابة معدنية في الطابق السفلي، لدى مدخل السجن، طيلة ساعتين. ورآني كل السجناء وهم في طريقهم إلى تناول الفطور. وحوالي الساعة السابعة قام حراس مُقنعون، وأعتقد أنهم من حراس الأسوار الخارجية، بضربي بعصا بطول نصف متر، على ظهري في الأغلب. وطلبت مقابلة طبيب لكنهم رفضوا.17

وإذا لم يقف السجين وقفة انتباه رسمية بالسرعة الكافية أثناء الطابور، يمكن أن يضربه الحراس.18 وقدم لـ هيومن رايتس ووتش السجين عمرو من سجن سواقة الرواية التالية عن الإساءة التي شهد عليها والتي تعرض لها نزيل آخر:

في الساعة الواحدة والنصف مساء يوم 26 يوليو/تموز، دخل ثمانية حراس إلى القسم وطلبوا من سجين معين أن يُعرف نفسه بصوت جهوري، فرفض بسبب حالته النفسية [المضطربة]. وقال للحراس إنه يعرف اسمه بالفعل وإنه مكتوب على الباب بالخارج. وتم اصطحابه إلى خارج زنزانته

وزارت هيومن رايتس ووتش نزيلاً تعرض للضرب قبل شهر. وكانت الشواهد المادية على ضربه باقية، إذ رأينا انتفاخاً فوق عينه وكدمات على رأسه، لكنه لم يتمكن من التحدث إلينا.20

والسجين الذي يرد على أحد الضباط يخاطر بالتعرض للضرب أيضاً. وقام الحراس بضرب سجناء ضغطوا من أجل مطالب وشكاوى تخصهم، مثل مقابلة طبيب أو الحصول على طعام أفضل. مثلاً قال السجين حميدان في سجن العقبة لـ هيومن رايتس ووتش: "قلت [للحارس إنني] أريد إجراء مكالمة هاتفية. ولم أكن قد أجريت أي اتصال منذ 17 يوماً. فقام ضابط الأمن الوقائي بصفعي. وأردت أن أجرح نفسي احتجاجاً على ما حدث، فصفعني ثانية".21 وقال سجين آخر، يُدعى ليث:

قام الضباط بضربي منذ شهرين لأنني طلبت زيارة الطبيب. وكان هذا في العاشرة صباح يوم الأربعاء. وقلت إنني سأشتكي إذا لم يدعوني أزور الطبيب. وبعد أن قلت هذا أخذوني إلى زنزانة الحجز. ووضعوا أصفاداً على معصمي! وعلقوني من البوابة الحديدية حتى مغيب الشمس. ثم وضعوني في حجرة إصلاح السيارات، وهي تحت الأرض، لمدة ساعة، وقام 10 ضباط بضربي".22

وقال لـ هيومن رايتس ووتش ثمانية سجناء إن الحراس قاموا بتقييد أيديهم بالأصفاد فوق رؤوسهم من قضيب معدني مرتفع، وأحياناً دون أن تلامس أرجلهم الأرض، وأحياناً بربط أيديهم وراء ظهرهم بأسلوب يُدعى "التعليق الفلسطيني". ثم يقوم الحراس بضرب السجناء الذين لا حيلة لهم، سواء معلقين بالكامل أم لا، بواحدة من ثلاث أدوات مُفضلة: عدة أسلاك كهربية مجدولة معاً ومربوطة بعقدة من طرفها، أو خرطوم مطاطي، أو عصي وهراوات.23 وأحياناً ما يلكم الحراس السجناء بقبضاتهم أو يركلونهم بأحذيتهم.24 ولإفاقة السجناء الذين يفقدون الوعي، يقوم الحراس أحياناً برش مياه باردة عليهم.25 وقال السجين لؤي من سجن الموقر:

منذ شهر قام الحراس بضرب سجين بشكل مروع. وضعوه تحت السلم وقام ثلاثة أو أربعة حراس بضربه بلا رحمة. ويقومون بربط عقد في الكابلات البلاستيكية الكهربية تؤلم أكثر حين يقومون بضربك.26

وعلى الرغم من أن السجناء الذين قابلناهم عادة ما يذكرون حارساً واحداً باعتباره القائم الأساسي على التعذيب، فإنهم يذكرون أيضاً حارساً أو أكثر تورط أو تورطوا في التعذيب. وفي بعض السجون قال سجناء لـ هيومن رايتس ووتش إن الحراس يجهزون "حفل استقبال" للنزلاء الجدد، فيقومون بضرب الجميع في زنزانة الحجز حيث يمضون أول ساعاتهم وأيامهم قبل تصنيفهم وتوزيعهم على أقسامهم. وقال السجين داوود من سجن الموقر لـ هيومن رايتس ووتش: "في أيام السبت يتم جلب المحتجزين الجدد إلى هنا. ويتلقون حفل استقبال. وقبل أسبوعين، جاء 70 محتجزاً، فأوقفهم الحراس في صف وضربوهم جميعاً. وكنت أحد من تعرضوا للضرب".27 وأكد طالب، السجين بسجن السلط، وكان في الموقر، ما قيل عن حفلات الاستقبال، وأضاف:

عامر القطيش هو رئيس القسم المسؤول عن غرفة التحكم في سجن الموقر. وهو بدين بعض الشيء. وكنت قد وصلت يوم السبت، فوضعني ومعي 24 آخرين في زنزانة الاستقبال. وهناك قام بضربنا بالكابلات والعصي البلاستيكية.28

وأخبر ثلاثة سجناء هيومن رايتس ووتش – كل على حدة – بوقوع عمليات ضرب جماعي في 21 و24 يونيو/حزيران 2007. وقال السجين خالد: "جاء 100 عنصر أمني مقنع من "الفريق 14" لتفتيش قسمنا. ولم يكن تفتيشاً، بل كان الغرض منه تأديبنا. دخلوا وضربونا، وكانوا قساة في ضربهم".29

وفي خمسة سجون، هي السلط وسواقة والجويدة وقفقفا والموقر، قال النزلاء لـ هيومن رايتس ووتش إن المدير شارك في مثل هذه الإساءات.30 وقال السجين عمر من سجن الموقر: "ضربوا [هذا السجين] ضرباً مبرحاً لأنه لم يرغب في حلق شعره. وكان نزيلاً جديداً. ووقف عليه المدير بنفسه بينما أمسك به الحراس وحلقوا رأسه".31 وقال سجين آخر من الموقر، هو وليد: "الأربعاء الماضي ضربت نزيلاً آخر في شجار على المخدرات في قاعة الطعام وقت الغداء. واصطحبوني إلى الممر وعلقوني من الأصفاد وضربوني ضرباً مبرحاً. وكان المدير هناك يشاهد ما يجري. وكانوا بين ثلاثة إلى أربعة حراس".32

الإساءات بحق الإسلاميين من التنظيمات – سجناء أمن الدولة

يبدو أن تعذيب حراس السجن للسجناء العاديين يتم رداً على مخالفات أو انتقاماً من التقدم بشكاوى. أما تعذيب حراس السجن للسجناء الإسلاميين من التنظيمات فقد اتخذ على النقيض أسلوب الضرب الجماعي. وهؤلاء السجناء، وكانوا زهاء 120 سجيناً في أكتوبر/تشرين الأول 2007 في الجويدة والسواقة، قالوا إن الحراس وفي بعض الأحيان المدير قاموا بالإساءة إليهم كثيراً وتكرر ضربهم لهم رداً على احتجاجاتهم أو أعمال العصيان، وفي ثلاث وقائع على الأقل تم تعذيب كل سجناء التنظيمات تقريباً، مرتين في سواقة ومرة في الجويدة. فضلاً عن أن سلطات السجون تضع سجناء التنظيمات معزولين في جماعات صغيرة، وهو وضع مُجهد نفسياً. ويفصلون هؤلاء النزلاء عن السجناء العاديين والمفترض أن السبب هو منعهم من استقطاب السجناء العاديين فكرياً.33

ونظم سجناء التنظيمات عدة مرات احتجاجات عنيفة، وتراهم سلطات السجون مجموعة عدوانية صعبة المراس من السجناء. وقال حراس في سجن سواقة والجويدة ومديران لسجون إن السجناء الإسلاميين يتكرر احتجاجهم وتوجيههم الإهانات إلى الحارس، بما في ذلك البصق عليهم.34 وبعض احتجاجات سجناء التنظيمات كانت عنيفة بحق. فقد اندلعت أعمال شغب من قبل سجناء التنظيمات في سجون الجويدة وسواقة وقفقفا في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2006، إثر إغلاق الحكومة لقسم التنظيمات في قفقفة. وفي الجويدة، في مارس/آذار 2006، اتخذ سجناء التنظيمات مدير السجون رهينة، وكان قد جاء للتفاوض، وأفادت التقارير تعرضه للضرب على أيديهم.35 وفي قفقفا في أبريل/نيسان 2006 داهمت القوات الخاصة قسم التنظيمات حيث تناقلت التقارير احتجاز السجناء لضابطين كرهائن.36

وفي مرات أخرى، قام سجناء التنظيمات بشن احتجاجات ذات طابع سلمي. ففي سواقة، في أغسطس/آب 2006، قام سجناء التنظيمات بالإضراب عن الطعام لأسبوعين احتجاجاً على المعاملة السيئة.37 وفي يوليو/تموز 2007، قام سجناء التنظيمات في سواقة بالإضراب ثانية عن الطعام احتجاجاً على سحب الزيارات منهم ومصادرة كتبهم ومتعلقاتهم، بما في ذلك هاتف نقال لم تسمح إدارة السجن بدخوله، إثر فرار اثنين من سجناء التنظيمات من الجويدة، وحسب التقارير بمساعدة حارس للسجن في يونيو/حزيران من ذلك العام.38

ورداً على الفرار من الجويدة والاحتجاجات في سواقة، نفذ الحراس هجمات جماعية على سجناء التنظيمات. وقال النزلاء لـ هيومن رايتس ووتش إن الحراس المقنعين من حملة الهراوات الغليظة دخلوا زنازين سجناء التنظيمات في سجن سواقة في 23 يونيو/حزيران و5 و26 و27 يوليو/تموز 2007، ونفذوا عمليات تفتيش ذاتي كاملة عنيفة وتنطوي على التدخل بلا مبرر، وأهانوا السجناء وحلقوا شعرهم كجزء من معاملتهم معاملة مهينة.39 وفي 28 يوليو/تموز وأثناء عملية تفتيش أخرى، قال النزلاء إن الحراس المُقنعين في صحبة أربعة ضباط دخلوا الزنازين ودفعوا السجناء نحو الجدران، ونفذوا عملية تفتيش ذاتي وأمروا السجناء بالهتاف "يحيا الملك" أثناء جلدهم بالكابلات الكهربية المعقودة على ظهورهم.40 ورفض سجناء التنظيمات – الذين يعارضون الملك أيديولوجياً – فسكب الحراس عليهم المياه المثلجة وغطوا الأرضية الأسمنتية بالصابون حتى ينزلق السجناء ويسقطون لدى محاولة الفرار من الجلد.41 وقال أحد النزلاء: "في النهاية تعرقت أيديهم [الحراس] كثيراً، وشرعوا يستخدمون أقدامهم في ضربنا ونحن على الأرض".42

وطالب سجناء التنظيمات في سواقة أثناء إضراب عن الطعام أن يقابلوا طبيباً ونجح مسعاهم في ذلك اليوم. إلا أنه في اليوم التالي، 29 يوليو/تموز، قال النزلاء إن الحراس أجبروهم على توقيع بيان بأنهم بادروا بمهاجمة الحراس أولاً يوم الأمس. ثم منع المدير كل الزيارات العائلية عن سجناء التنظيمات لمدة شهر.43 وقال النزلاء لـ هيومن رايتس ووتش إنه في 30 يوليو/تموز قام الحراس ثانية بصفع بعض سجناء التنظيمات وضربوهم بالهراوات والكابلات.44

وفي 22 أغسطس/آب 2007، بعد يوم من زيارة هيومن رايتس ووتش الأولى إلى سجن سواقة، أصبح ماجد الرواشدة المدير الجديد للسجن. وفي ذلك اليوم دخل زنازين السجن بصحبة مجموعة من حراس السجن وضرب جميع – أو تقريباً جميع – النزلاء، طبقاً لشهادة حصلت عليها هيومن رايتس ووتش من النزلاء أثناء رحلة العودة إلى السجن في 26 أغسطس/آب. وقال النزلاء إن الضرب بدأ في فترة ما بعد الظهر، ولم يتوقف حتى وقت متأخر من الليل. وحسب ما تم جمعه من شهادات سجناء التنظيمات والسجناء العاديين بشأن وقائع ذلك اليوم، يتبين أن سجناء التنظيمات تلقوا معاملة قاسية على نحو خاص. وتمكنت هيومن رايتس ووتش من رؤية بعض علامات الضرب على ظهر ستة سجناء تنظيمات وعلى أذرع وأرجل أربعة عشر آخرين من سجناء التنظيمات.

وتتشكل أغلب إصابات السجناء من الكدمات، ويتراوح طولها بين 20 إلى 40 سم، وعرضها 2 إلى 4 سم. وكانت جميعها تقريباً قطرية على الظهر، وتغطي المنكبين. وتراوح لون الكدمات بين اللون الأرجواني الداكن إلى الأخضر الخفيف والأصفر الخفيف. بالإضافة إلى هذه الكدمات تشمل علامات الإصابات خطوط طولية ورفيعة على الظهر والرقبة والذراع والقدم، ويُقال إنها مواضع الضرب بالكابلات. وبدا من تفحص الجلد أنه مُمزق خفيفاً في إصابات سطحية. كما تبين إصابة بعض السجناء ببقع حمراء براقة على الجلد، وأغلبها حول الفخذين، حيث قالوا إن السجناء ضربوهم بسياط من صنعهم طرفها عبارة عن كرة معدنية. وقال لـ هيومن رايتس ووتش سجين مُقعد لا يقوى على الوقوف كيف أن الحراس قاموا بحشو فمه بالورق حتى تقيأ، لأنه لا يمكنه الوقوف لصق الجدار.45

وكان المدير – الذي كان يرتدي قناعاً على وجهه لكن تعرف عليه بعض سجناء التنظيمات أثناء إقامتهم في سجن الجويدة – يحمل جهاز صدمات كهربية، وهو عبارة عن عصا بمقبض وجهاز أسطواني في طرفها، وإن لم يستخدمه.46 وقال أحد السجناء: "أمسكني المدير من لحيتي وقال: لا تقدم شكاوى".47 وإثر الضرب كان مدير السجن يأمر بحلق رؤوسهم ولحاهم. وقال أحد الحراس لأحد السجناء: "سوف نحلق لك شعر حاجبيك حتى".48 وفي طريقهم عائدين أسفل السلم من عند الحلاق، قام الحراس بضرب السجناء. وقال سجين إنه رأى أحد الحراس وثيابه مغطاة بالدماء.49

وفي سجن الجويدة، وثقت هيومن رايتس ووتش ثانية سلسلة خطيرة من وقائع العقاب الجماعي لسجناء التنظيمات. ففي 19 يونيو/حزيران 2007 نجح سجينان من التنظيمات في الفرار، على ما يبدو بمساعدة أحد الحراس.50 وإثر الفرار قام حراس السجن بتعذيب ما تبقى من سجناء التنظيمات، حسب شهادة 11 نزيلاً بالسجن. وعاملوا اثنين على الأخص من سجناء التنظيمات معاملة بالغة القسوة، وكانا قد حاولا الفرار ثم تم القبض عليهما، وإسلامي آخر مطلوب تم القبض عليه على متن حافلة مع أحد الفارين.51 ووصف أحدهما لـ هيومن رايتس ووتش كيف عذبه الحراس لأيام، وأجبروه على الزحف على امتداد ممر داخلي، وأن يلعق الأرض أثناء تعرضه للضرب المتكرر.52

وقال سجين آخر لـ هيومن رايتس ووتش إنه بعد الفرار:

وضع عناصر القوات الخاصة حقيبة سوداء على رأسي وضربوا رأسي بالجدران وراحوا يقولون: انتبه لطريقك! وصفعني عناصر مقنعون من حراس الأمن الوقائي طيلة ثلاثين دقيقة وهم يقولون: هذا حفل رائع من أجلك

وقال سجين آخر في الجويدة إنه بعد عملية الفرار "وضع الحراس حذائي في فمي وجعلوني أتظاهر بأنني أقيم علاقة جنسية مع حشية الفراش".54 وقال سجين تنظيمات ثالث إن الحراس ضربوه "لمدة شهر مع تناول كل وجبة".55 وقال سجين رابع إن الحراس أجبروه على ملء زجاجة المياه في زنزانته بواسطة ملء غطاءها وسكبه في زجاجته، وهذا بعد أن يملأ الغطاء من زجاجة أمام باب زنزانته يمكنه أن يصل إليها عبر فتحة ضيقة في باب الزنزانة.56

وغيرت مديرية الأمن العام مدير الجويدة إثر عملية الفرار، لكن غيره من الضباط الذين تورطوا في أعمال تعذيب النزلاء ظلوا في مراكزهم. وقال السجين ياسر لـ هيومن رايتس ووتش إن من بقي منهم يشملون من شهدهم يمارسون التعذيب.57




4  اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (اتفاقية مناهضة التعذيب)، تم تبنيها في 10 ديسمبر/كانون الأول 1984، G.A. res. 39/46, annex, 39 U.N. GAOR Supp. (No. 51) at 197, U.N. Doc. A/39/51 (1984) دخلت حيز النفاذ في 26 يونيو/حزيران 1987، مادة 1.

5  قانون العقوبات، رقم 16، الجريدة الرسمية عدد 1487، يناير/كانون الثاني 1960، مادة 208.

6  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين علي، السلط، 23 أغسطس/آب 2007.

7  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين رمزي، بيرين، 15 أبريل/نيسان 2008.

8  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين أرماند، الموقر، 19 أغسطس/آب 2007.

9  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين سمير، السلط، 23 أغسطس/آب. قال مدير إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل شريف العمري لـ هيومن رايتس ووتش إنه غير من أسلوب التقييد بالأصفاد إلى تقييد أيدي السجناء أمام أجسادهم، إلا أن تطبيق الأسلوب الجديد لم يتم في كافة الأماكن بما أن ثمة قانون جديد قام بإنشاء كيان أمني منفصل، الدرك، المسؤولون عن نقل السجناء. وأصبح سجناء التنظيمات يُنقلون الآن وأيديهم مقيدة أمامهم، بينما السجناء العاديين ما زالوا حسب المعتاد يُنقلون وأيديهم وراء ظهورهم. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شريف العمري، 31 يوليو/تموز 2008.

10  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين غيث، قفقفا، 25 أغسطس/آب 2007.

11  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين لؤي، الموقر، 19 أغسطس/آب 2007.

12  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين نعمان، الجويدة، 22 أكتوبر/تشرين الأول 2007.

13  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين قيس، قفقفا، 25 أغسطس/آب 2007.

14  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين رفيق، سواقة، 22 أغسطس/آب 2007.

15  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين أرماند، الموقر، 19 أغسطس/آب 2007.

16  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين لقمان، الموقر، 19 أغسطس/آب 2007.

17  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين غالب، السلط، 23 أغسطس/آب 2007.

18  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين فخري، الجويدة، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2007.

20  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين قنان، سواقة، 21 أغسطس/آب 2007.

21  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين حميدان، العقبة، 27 أغسطس/آب 2007.

22  مقابلة هيومن ريتس ووتش مع السجين ليث، قفقفا، 25 أغسطس/آب 2007.

23  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين لؤي، الموقر، 19 أغسطس/آب 2007.

24  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين ماجد، الموقر، 19 أغسطس/آب 2007.

25  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين جعفر، سواقة، 21 أغسطس/آب 2007، ومع السجين عاصم، السلط، 23 أغسطس/آب 2007.

26  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين لؤي، الموقر، 19 أغسطس/آب 2007.

27  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين داوود، الموقر، 19 أغسطس/آب 2007.

28  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين طالب، السلط، 23 أغسطس/آب 2007. ذكر العديد من السجناء في 2007 و2008 عامر قطيش باعتباره من الحراس المسيئين. وذكر ستة سجناء في أبريل/نيسان 2008 وحده أنه قام بتعذيب سجناء في الموقر (انظر الملحق ج).

29  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين خالد، قفقفا، 25 أغسطس/آب 2007.

30  ليس بالضرورة أن المدير الحالي هو المدير وقت زيارة هيومن رايتس ووتش.

31  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين عمر، الموقر، 19 أغسطس/آب 2007.

32  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين وليد، الموقر، 19 أغسطس/آب 2007.

33  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي برجاق، مسؤول مكافحة الإرهاب، دائرة المخابرات العامة،عمان، 25 يونيو/حزيران 2007.

34  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هاني المجالي، مدير سجن سواقة، 21 أغسطس/آب 2007.

35  أعمال الشغب هذه نشبت نتيجة لمحاولة أخذ سجينين من زنازينهم، كان من القرر إعدامهما. والاثنان، وهما ياسر فريحات وسالم سويد (الليبي)، تم إعدامهما بعد هذا بقليل. وكانت هذه آخر عمليتي إعدام في الأردن قبل إصدار تجميد غير رسمي على أحكام الإعدام. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسؤولين رفيعي المستوى من مديرية الأمن العام، عمان، 13 أبريل/نيسان 2008. انظر أيضاً: "“14-hour Jordan Prison Riot Ends,” Monterey County Herald 2 مارس/آذار 2006. ساعد أعضاء البرلمان على التفاوض للوصول لحل سلمي للأزمة. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي أبو سكر، عمان، 18 مايو/أيار 2006.

36  السجين خالد البشتاوي،  لقي مصرعه في المصادمات. انظر: “Jordan Prison Uprising Quelled,” Agence France Press 13 أبريل/نيسان 2006.

37  انظر: “Islamist Inmates Stage Hunger Strike in Jordan,” Reuters News, 26 أغسطس/آب 2006.

38  محادثة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع أحد الأقارب الأردنيين لسجين من التنظيمات، عمان، 8 يوليو/تموز 2007، ومقابلة هيومن رايتس ووتش لسجناء التنظيمات في سواقة، 21 أغسطس/آب 2007. عرض الاتحاد الأوروبي التعاقد على التحقق من وجود نشاط للهواتف النقالة داخل السجون. مبادرة سياسة الجوار الأوروبية،Supply Procurement Notice. Supply of Security and Surveillance Equipment for the Correcitons and REhabilitiation Centres Directorate of the Hashemite Kingdom of Jordan,” Delegation of the European Commission in Jordan, EuropeAid/126697/D/SUP/JO وقامت الأردن بتشغيل نظامها الخاص بمراقبة الاتصالات اللاسلكية في السجون عام 2008. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شريف العمري، 31 يوليو/تموز 2008.

39  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين عمرو وثلاثة سجناء آخرين، سواقة، 21 أغسطس/آب 2007.

40  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين عمرو وثلاثة سجناء آخرين، وساقة، 21 أغسطس/آب 2007.

41  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين عمرو وثلاثة سجناء آخرين، وساقة، 21 أغسطس/آب 2007.

42  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين سمير، سواقة، 21 أغسطس/آب 2007.

43  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين ناصر، سواقة، 21 أغسطس/آب 2007.

44  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجناء عمرو وسمير وناصر في سواقة، 21 أغسطس/آب 2007.

45  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع 20 سجيناً في أربعة زنازين مختلفة في سجن سواقة، 26 أغسطس/آب 2007.

46  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجناء حسام وخليل وشكري في سواقة، 26 أغسطسمآب 2007. وقال سجين في الجويدة إن الرواشدة استخدم جهاز صدمات كهربية على سجين هناك. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين سامي، الجويدة، 22 أكتوبر/تشرين الأول 2007.

47  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين مهنا، سواقة، 26 أغسطس/آب 2007.

48  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين حسام، سواقة، 26 أغسطس/آب 2007.

49  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين صبري، سواقة، 26 أغسطس/آب 2007.

50  أحمد قريشان، "فرار سجينين محكومين بالتخطيط لعملية إرهابية"، صحيفة الرأي، 20 يونيو/حزيران 2007، ومحادثة هيومن رايتس ووتش مع استشاري للسجون الأردنية، أكتوبر/تشرين الأول 2007.

51  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد الشخصين اللذين حاولا الفرار، الجويدة، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2007.

52  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السحين فاروق، الجويدة، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2007.

54  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين سفيان، الجويدة، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2007.

55  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين نضال، الجويدة، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2007

56  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين حمزة، الجويدة، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2007.

57  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السجين ياسر، الجويدة، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2007.