Israel and the Occupied Palestinian Territories



Israel and the Occupied Palestinian Territories Israel and the Occupied Palestinian Territories
  

دراسات الحالة

قامت هيومن رايتس ووتش بالتحقيق في الهجمات الصاروخية في عدة مدن إسرائيلية، مع التركيز على تلك الحوادث التي تسببت في مقتل المدنيين، وكذلك على حوادث أخرى تساعد على كشف نوايا ومقاصد حزب الله. وليست هذه دراسة علمية أو عرضاً لعينات من الحالات. ولا توجد قائمة علنية شاملة بأماكن سقوط صواريخ حزب الله وتوقيت سقوط كل من هذه الصواريخ، ولا نعرف كم منها أصابت أهدافاً عسكرية بعيداً عن المدنيين، أو كم منها سقطت في مواقع بعيدة منعزلة.

إلا أن الحالات المعروضة هنا تؤكد أنه في مجموعة كبيرة من الحالات، أطلق حزب الله الصواريخ على مناطق مأهولة بالمدنيين الإسرائيلين، منتهكاً القانون الإنساني الدولي. وتقترن هذه الهجمات ببيانات حزب الله التي تشير إلى القصد الجرمي باستهداف المدنيين، مما يشير إلى المسؤولية الشخصية عن ارتكاب جرائم حرب.

وفي بعض الحالات، يبدو أن حزب الله قد استهدف أهدافاً مدنية أو مدنيين على نحو مباشر، وهو استنتاج مبعثه اكتشاف أن الصواريخ قد أصابت على نحو متكرر منطقة مدنية أو هدفاً مدنياً على وجه التحديد، في غياب لأي هدف عسكري في المنطقة المستهدفة. ومثال على ذلك، الصواريخ التي أصابت أو سقطت بالقرب من مستشفى غرب الجليل (نهاريا) أثناء الحرب. ومجمع المباني الخاص بهذا المستشفى يمكن رؤيته من عند الحدود، وهو قائم أعلى من أي من المباني القريبة منه. ولا يوجد هدف عسكري على حد علمنا في أي مكان بالقرب من المستشفى الذي أصابته هذه الصواريخ.

وفي بعض الحالات أصابت صواريخ حزب الله أعياناً مدنية، وأحياناً على نحو متكرر، إلا أن وجود هذا الهدف قرابة هدف عسكري تمنع من الاستنتاج بأن العين المدني كان المقصود. وحتى لو كان الأمر كذلك، فمعظم هذه الهجمات كانت عشوائية؛ إذ أن حزب الله أطلق صواريخ غير موجهة، ولم يكن من الممكن توجيهها بشكل ينطوي على التمييز بين الهدف العسكري والمدني. ومن هذا المنطلق، تعتبر الهجمات انتهاكاً خطيراً لقوانين الحرب.

ولم يرد حزب الله على رسائل هيومن رايتس ووتش إليه التي تطالب فيها بمعلومات عن هجمات معينة موصوفة في هذا التقرير. إلا أننا نقتبس في دراسات الحالة التالية من تصريحات حزب الله التي صدرت بصدد هجمات محددة.

عكا

في 3 أغسطس/أب 2006، توفي ثمانية مدنيين في هجمتين صاروخيتين. ولاقى خمسة منهم حتفهم في هجمة واحدة ضد عكا، وهي مدينة ساحلية تقع على بعد 17 كيلومتراً من الحدود، وسكانها من العرب واليهود ويبلغ عددهم 46000 نسمة.125 وقد سقط الصاروخ في حي سكني يهودي. وهو واحد من 32 صاروخاً أصابت عكا أثناء النزاع، وتسعة منها صواريخ 122 مم و23 منها صواريخ 122 مم محسنة المجال، كما قالت الشرطة.126

ولم يكن ثمة هدف عسكري في المنطقة المجاورة على حد علمنا. وقام باحثو هيومن رايتس ووتش بجولة حول بلدة عكا بالسيارة قبل وبعد الهجمة مباشرة ولم يلاحظوا وجود قوات عسكرية أو أهداف عسكرية متحركة.

وأكبر هدف عسكري قريب من عكا هو مجمع المباني الخاص بمجمع رافاييل لتطوير الأسلحة، وهي شركة قطاع عام عسكرية، تقع جنوبي المدينة وعلى بعد عدة كيلومترات من موقع هجمة 3 أغسطس/أب.

وكان الخمسة الذين قتلوا في عكا هم شيمون زاريبي، 44 عاماً، وابنته البالغة من العمر 15 عاماً ماظال، وألبرت بن أبو، 41 عاماً، وآريا تمام، 50 عاماً، وتيران شقيق آريا، 39 عاماً.

وقابلت هيومن رايتس ووتش زوجة آريا تمام، زفيا، التي لحقت بها إصابات جراء الهجوم، وشقيقة زوجها، سيمكا، وابنتها البالغة ثمانية أعوام، نوا، وقالت زفيا:

لقد دمر الهجوم أسرتنا بالكامل. توفي زوجي، وتوفي أخيه، وشقيقتهما تكابد ألماً بالغاً. وأم زوجي القعيدة محطمة، وكانت سيمكا هي من ترعاها. وسوف يعاني الأولاد من الصدمة إلى الأبد.

وليس لدينا ملجأ للحماية من القنابل في مبنانا، وهكذا فحين انطلقت صفارات الإنذار، مضينا إلى ملجأ مبنى عمتي في شارع بن شوشان. وبعد أن سقط الصاروخ الأول وتوقفت الصفارات، خرجنا من الملجأ لنلقي بنظرة. وكانت ابنتي واقفة بالقرب مني عند المدخل، لكن آريا تقدم أكثر إلى الشارع. وفجأة سمعنا دوي آخر وتطايرت قطعاً معدنية في كل مكان. ولم أدرك بما يجري لي، لكنني هرعت إلى حيث كان زوجي يقف. ولاقى جميع من كانوا واقفين بالقرب من السور حتفهم. ورأيت الدم في كل مكان. وحاولت أن أجره بعيداً وكنت أصرخ: لا تمت، أرجوك لا تمت! وألقى ابني بنفسه على جثمانه وراح يصرخ هو الآخر: أبي أبي، لا تمت! ثم جاءت الشرطة والإسعاف ونقلونا جميعاً إلى المستشفى.127

وقبل هذا الهجوم القاتل بيوم، ضرب صاروخ آخر عكا ليتسبب في إصابة المدنيين، وإن لم تكن أي من الإصابات قاتلة. ويتذكر شايم ليغازيل، الذي كان في زيارة لعكا ذلك اليوم قادماً من بلدته نيتوا، قائلاً:

لم نكن قد رأينا أحفادنا لثلاثة أسابيع بسبب النزاع. وحسبنا أن هناك وقف مؤقت لإطلاق النار وكان الوضع آمناً نسبياً للذهاب. لكن ونحن نقترب من بيتنا في شمال عكا، ضرب صاروخ الشارع على بعض 15 متراً تقريباً من حيث كانت سيارتنا. ولم تكن هناك صفارات إنذار، وسمعت الانفجار ثم رأيت زوجتي زيونا مغمورة بالدماء. وهي مصابة من مرض الهيموفيليا، فراحت الدماء تناسب منها كالنهر. ولا أذكر الكثير. كنت في حالة صدمة من مرأى الدماء، وألقيت بها إلى داخل السيارة. وكان هناك رجل آخر يحاول سد الجرح الذي أصابها في معدتها، وهرعنا بها إلى المستشفى. وأصيبت زيونا من إصابتين من شظيتين في بطنها وأخرى في ذراعها الأيمن.128

عرب العرامشة

عرب العرامشة هي قرية يقطنها قرابة 1100 من البدو، وتقع على مسافة 500 متر فقط من الحاجز الحدودي مع لبنان. وطبقاً لساكن القرية صبحي مزعل، لم يتحرك أهل القرية في بداية الحرب، على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي كان يطلق مدفعيته على مسافة 150 إلى 200 متر من القرية، وكانت صواريخ حزب الله تقع في القرية أو على قرب منها. ثم وفي 5 أغسطس/أب، ضرب صاروخٌ الأرض إلى جوار بيت أسرة جمعة، ليتسبب في مقتل فادية جمعة، 60 عاماً، وابنتيها سلطانة، 31 عاماً، وسميرة، 33 عاماً. ويقع المنزل داخل القرية، في منطقة من البيوت. وسقط حوالي 20 صاروخاً على القرية أو إلى جوارها أثناء الحرب، على حد قول مزعل.

وقال مزعل إن أهل القرية اشتكوا للمجلس المحلي المسؤول عن المنطقة من القصف المدفعي لجيش الدفاع الإسرائيلي من مواقع قريبة من القرية، لكن قيل لهم إن الحرب دائرة وإن المدفعية قد تم وضعها في مواقع إستراتيجية مختارة.129

وبعد ذلك الحادث فر سكان كثيرون إلى الجنوب وإلى مناطق أكثر أماناً داخل إسرائيل، ليقيموا مع الأصدقاء والأقارب أو في الفنادق في بير شيفا وأبو غوش، وكفر قسام، ومناطق أخرى. وعاد بعضهم على مضض قبل انتهاء الاقتتال، على حد قول مزعل، لأنهم لم يعد بإمكانهم تحمل نفقة الإقامة في مكان آخر.

وكطرف في نزاع مسلح، فإسرائيل مُلزمة بموجب القانون الإنساني الدولي بأن تتخذ كل الاحتياطات اللازمة لحماية ما تحت سيطرتها من سكان مدنيين من الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية.130 ويتضمن هذا تجنب إقامة أهداف عسكرية داخل المناطق المكتظة بالسكان أو بالقرب منها131 نقل ما تحت سيطرتها من السكان المدنيين والأفراد المدنيين بعيداً عن المناطق المجاورة للأهداف العسكرية.132

وقال اللفيتانت كولونيل ديفيد بنجامين، رئيس قسم القانون المدني والدولي في مكتب قاضي الدفاع العام بجيش الدفاع الإسرائيلي: "هذه دولة صغيرة. وإذا قلت لنا إنه ليس بإمكاننا وضع قاعدة مدفعية على بعد 30 كيلومتراً من أي قرية، فلن نتمكن من العمل. وليس لدى جيش الدفاع الإسرائيلي سياسة خاصة بإطلاق النار عن عمد أو سهواً [بطريقة] تعرض المدنيين الإسرائيليين للخطر".133

وعلى حد علمنا، لم يتقدم حزب الله بتصريح يشير فيه إلى الهدف المقصود من هجمته المميتة على عرب العرامشة، وليس من المعروف إن كان يستهدف مدفعية الجيش الإسرائيلي أم يطلق النار على القرية فحسب. وفي أي من الحالتين، يظل السؤال قائماً، إن كان جيش الدفاع الإسرائيلي كان بإمكانه وضع مدفعيته على مسافة أبعد من القرية، وإن كانت السلطات الإسرائيلية قادرة على بذل المزيد لحماية سكان عرب العرامشة من نيران حزب الله أو مساعدتهم على إخلاء القرية.

لكن حتى وإن فشلت إسرائيل في اتخاذ تدابير حماية مجدية لتفادي تعريض مدنييها للخطر بوضعها قواعد عسكرية في منطقة مكتظة بالسكان أو على مقربة منها؛ فإنه ليس في قوانين الحرب ما يبرر رد حزب الله على إسرائيل بهجمات عشوائية لا تميز بين الأهداف المدنية والعسكرية.

حيفا

حيفا هي ثالث أكبر مدينة في إسرائيل ومدينة أساسية في شمال البلاد. ويبلغ عدد سكانها 267000 نسمة، وحوالي 13% منهم من العرب. وتم تشييد حيفا بالأساس على المرتفعات التي تواجه الشمال على منطقة جبل كرمائيل والتلال المجاورة، والتي تنحدر نحو خليج حيفا، وهو ميناء صناعي كبير.

وهناك نسبة تباين ضئيلة في البيانات الرسمية فيما يخص عدد الصواريخ التي سقطت على حيفا أو إلى جوارها. وطبقاً لأحد الإحصاءات، سجلت الشرطة سقوط 93 صاروخاً على المدينة أو بالقرب منها، ومنها الصواريخ التي سقطت في البحر، وقد سقطت 40 منها داخل حدود المدينة.134 وتسببت الصواريخ في مقتل 13 مدنياً، ومنهم شخصين لاقا حتفهما جراء الإصابة بأزمة قلبية، وألحقت الإصابات بـ 251 آخرين، ودمرت 1282 منشأة سكنية و700 سيارة، طبقاً للبيانات التي قدمها قسم شرطة المدينة.135

وبموقعها على بعد 30 كيلومتراً جنوبي الحدود، ليست لدى حيفا سوابق في الإصابة بصواريخ من لبنان، وإن كانت صواريخ سكود العراقية قد بلغتها في يناير/كانون الثاني 1991، أثناء حرب الخليج بين العراق والتحالف الذي كانت تقوده الولايات المتحدة الأميركية.136

الضربات الصاروخية في حيفا أثناء نزاع 2006 المسلح طبقاً للبيانات التي قدمتها الشرطة الإسرائيلية © 2007 هيومن رايتس ووتش

وأول صاروخ يبلغ حيفا في نزاع عام 2006 المسلح، كان في مساء يوم 13 يوليو/تموز في ثاني أيام الحرب. وتعرف رئيس الشرطة بالمدينة، نير ميري إيش، فيه على صاروخ 122 مم وقد سقط بالقرب من إرسالية ستيلا ماري، وهي تقع في منتصف الطريق أعلى قمة جبل كرمائيل، بالقرب من قمة تل يشكل طريقاً لعربات التلفريك، ولم يتسبب الصاروخ في إصابات أو ضرر بالغ.

وفي تصريح صدر الساعة الثانية مساء ذلك اليوم، هدد حزب الله بالهجوم على حيفا والمناطق المجاورة لها إذا تم الهجوم على بيروت أو ضواحيها. وبعدما أبلغت إسرائيل بوقوع الهجوم على حيفا، أنكر في بادئ الأمر نائب رئيس حزب الله، الشيخ نعيم قاسم وقوع الهجوم، وقال في مكالمة هاتفية مع قناة الجزيرة إن "ضرب حيفا بالصواريخ سيكون على صلة بقصف بيروت وضواحيها الجنوبية (ومعظم سكانها من الشيعة)

وأطلق المسؤولون الإسرائيليون على الهجوم الذي وقع على حيفا في 13 يوليو/تموز وصف "تصعيد كبير". ولم تضرب صواريخ أخرى حيفا حتى 16 يوليو/تموز، طبقاً لرئيس شرطة حيفا ميري إيش.

هجوم 16 يوليو/تموز يتسبب في مقتل ثمانية عمال في ورشة للسكة الحديد

وصبيحة الأحد 16 يوليو/تموز، مع بدء أسبوع العمل، اخترق صاروخ عيار 220 مم سقفاً ليناً لأحد ورش صيانة القطارات في منطقة الميناء، مرسلاً بعشرات الألاف من الكريات المعدنية. وتسببت هذه المقذوفات الصغيرة في مقتل ثمانية من عمال السكة الحديد وألحقت الإصابات الخطيرة بما لا يقل عن أربعة آخرين.

وكانت هذه هي أول مرة يطلق فيها حزب الله بنجاح صاروخاً عيار 220 مم على الأراضي الإسرائيلية. وحتى ذلك الحين كان حزب الله يعتمد على صواريخ عيار 122 مم العادية أو المحسنة.

وكما سبقت الإشارة، أرسل حزب الله بتصريحات للصحافة بدءاً من 13 يوليو/تموز، مهدداً بقصف حيفا إذا هاجمت إسرائيل بيروت أو ضواحيها الجنوبية. وفي 16 يوليو/تموز، وبعد الهجوم القاتل على ورشة السكة الحديد، قال حزب الله في بيان له إن الهجمات على حيفا ذلك اليوم بـ"عشرات" من صواريخ رعد-2 ورعد-3 كانت رداً على هجمات إسرائيل الجارية على ضواحي بيروت وغيرها من المناطق وعلى المرافئ والبنية التحتية، ومنها محطة طاقة الجية. وقد يؤدي هذا لافتراض أن الهجوم على ورشة قطارات حيفا، وهي تقع على مسافة أقل من نصف كيلومتر من محطة الطاقة في منطقة الميناء، كانت انتقاماً على تلك الهجمات على وجه التحديد. ويعتقد رئيس الشرطة ميري إيش أن الهدف المقصود بالهجوم كان محطة الطاقة.138 وفي كلمة له في 16 يوليو/تموز، قال نصر الله إن حزب الله قد امتنع عن قصف منشآت حيفا البتروكيماوية لتفادي التصعيد الخطير، لكن هذا الامتناع لن يستمر قائماً "طالما أن العدو يمارس عدوانه بلا حدود وبلا خطوط حمراء".139

وقبل كل شيء، فإن السكة الحديد الوطنية الإسرائيلية، والتي تعتبر ورشة الصيانة هذه جزءاً منها، هي شبكة نقل للمدنيين الإسرائيليين. وفيما يستخدمها الجنود للتنقل على نحو فردي، فإن السكة الحديد لا تسهم على أي نحو خاص في جهود الحرب الإسرائيلية، وهي لذلك لا يمكن اعتبارها هدفاً عسكرياً.

وقد قابلت هيومن رايتس ووتش ثلاثة عمال سكة حديد مصابين في مستشفى رامبام. ويتذكر أحدهم، آليك فينزباوم، 61 عاماً، ما حدث قائلاً:

سمعت ثلاثة انفجارات وشرعت أجري إلى خارج الورشة

وأضاف يارون إيزاك، 37 عامأ، قائلاً:

حوالي الساعة التاسعة والنصف سمعت انفجارين، وأصابنا الثالث. كنت أعمل على الخط 6، وآخرون يعملون على الخط 5. وسقط الصاروخ على الخط 3.... وبعد أول انفجارين، شرعنا نركض نحو "حجرات الأمان"، التي كانت على الجانب الآخر، وأصابني الصاروخ الثالث وأنا في منتصف الطريق إليها.

وأصابتني الشظايا في ساقيّ وفي عمودي الفقري، وأصابتني كرية معدنية في أنفي وأخرى حطمت عيني. لا أعرف كم من الوقت سأبقى في المستشفى، وسأحتاج على الأرجح إلى جراحة تجميلية لإصابات عيني.141

أما سامي راز، 39 عاماً، وهو فني كهرباء يعمل بالسكة الحديد، فقال إن كرة معدنية اخترقت رئته واستقرت بالقرب من قلبه، وقال: "عانيت من صعوبة في التنفس بعد الإصابة".142

واستقر أكثر من عشرين صاروخاً في حيفا أو بالقرب منها يوم 16 يوليو/تموز، طبقاً لرئيس الشرطة ميري إيش، لكن الإصابة المباشرة التي لحقت بورشة السكة الحديد فقط هي التي تسببت في أضرار جسيمة.143 ويصف نوع الصواريخ المستخدمة في الهجوم قائلاً:

إن رأس الصاروخ عيار 220 مم حساس للغاية. أيا كان ما يلمسه، فهو ينفجر. ومع قصفنا بصواريخ 122 مم، نعاني من صواريخ كثيرة لا تنفجر لدى الارتطام. أما بالنسبة لحالة صواريخ 220 مم، فلا تبقى أي منها دون أن تتفجر. وجميعها تطلق كريات معدنية صغيرة حولها. وبعض الصواريخ سقطت على الشاطئ داخل المياه، لترسل بشظاياها المعدنية إلى المباني القريبة. وأحد الصواريخ عيار 220 مم التي أصابت كرمائيل [الجزء العلوي من المدينة] مس شجرة [وانبعثت منه كرياته المعدنية] قبل أن يستقر على سقف أحد المباني. وبالنتيجة، أصيبت كل الشوارع والحارات الجانبية والسيارات القريبة بمئات الحفر.

هجوم 17 يوليو/تموز يكاد يدمر مبنى سكني من 3 طوابق

زار باحثو هيومن رايتس ووتش في 17 يوليو/تموز، مبنى من ثلاثة طوابق وعنوانه 16 شارع ناهالال في حي بات جاليم بحيفا، بعدما أصاب صاروخ 220 مم بقوة الطابقين الأعلى بالمبنى وتسبب في إصابة ستة من سكانه، وأحدهم إصاباته خطيرة. وجمع الباحثون كريات معدنية اخترقت جدران المبنى السكني الواقع على الجانب الآخر من الطريق وزجاج السيارات المتوقفة بالشارع حتى مسافة بلوك من موقع الانفجار.

وكانت مالكا كاراسانتي، 70 عاماً، داخل المبنى المصاب:

كنت نائمة في شقتي بالطابق الثاني، حين سمعت حوالي الساعة الثانية والنصف بعد الظهر صفارات الإنذار تدوي. ذهبت إلى دورة المياه التي استخدمها كحجرة آمنة [بما أنه لا يوجد ملجأ في المبنى]. وسمعت دوي هائل ثم بدأ كل شيء في الانهيار. أصبت في عظمة كتفي الأيمن، وانكسر ضلع من ضلوعي جانبي الأيسر، وأصبت بتمزق في طبلة الأذن ولم أعد أسمع جيداً. دوت صفارات الإنذار خلال ساعة، وضرب الصاروخ المبنى بعد الصفارة الثانية. وبعد حوالي 8 إلى 10 دقائق وصلت الشرطة ورجال الإطفاء وأنقذوني.

وأضافت ميرا، ابنة مالكا، أن أمها جلست على المرحاض الذي ظل في مكانه حين انهارت الأرض والجدران، وهذا لأن المرحاض متصل بمواسير السباكة التي تدعمه وتثبته. وأضافت مالكا:

لم يكن معظم سكان المبنى في بيوتهم وقت الانفجار، أو لحقت بهم إصابات طفيفة، بخلاف شخص واحد كان في شرفة شقته بالطابق الأول حين سقط الصاروخ، فأطاح به بعيداً. وتعرض لإصابات خطيرة في الرأس، وهو هنا الآن في المستشفى.144

ويقع المبنى على مسافة حوالي 100 متر من مركز تدريب بحري يقع على الشاطئ، وعلى مسافة حوالي نصف كيلومتر من مستشفى رامبام. والقاعدة البحرية هدف عسكري مشروع.

ويلزم القانون الإنساني الدولي إسرائيل، باعتبارها طرفاً في نزاع مسلح، بأن تتجنب بالقدر المجدي، وضع أهداف عسكرية في منطقة مكتظة بالسكان أو على مقربة منها، وأن تحمي المدنيين الخاضعين لسلطتها من آثار الهجوم.

وربما كان حزب الله في بعض الأحيان يسعى لضرب أهداف عسكرية مسموح له باستهدافها، مثل قاعدة التدريب البحرية. إلا أن صواريخه غير الموجهة لم تتمكن من استهداف تلك الأهداف على نحو دقيق، بل إنها وفي أحيان كثيرة أصابت أحياء المدنيين وأعيان مدنية دونما تمييز بين المدنيين والأهداف العسكرية.

وقد سقط أكثر من 45 صاروخاً في مجال 500 متر من مستشفى رامبام، طبقاً للبيانات التي قدمتها شرطة حيفا. إلا أن الهدف المقصود بهذه الصواريخ ليس معروفاً، والقاعدة البحرية تقع على الجانب المقابل من الشارع في مواجهة مبنى المستشفى.

وطبقاً لرئيس شرطة حيفا ميري إيش، فقد قام جيش الدفاع الإسرائيلي بإخلاء القاعدة البحرية من الجنود في ثاني أيام الحرب. والقاعدة، سواء كانت ممتلئة بالجنود أو خالية، تشكل هدفاً عسكرياً. إلا أن كونها خالية من الجنود يؤثر على حساب التناسب. فهجوم على قاعدة خالية يشكل خطراً على المدنيين والمباني المدنية المجاورة، مثل مستشفى رامبام، بما يتعدى الميزة العسكرية المتوقعة من مثل هذا الهجوم.

ورامبام، وهو المستشفى الأكبر في منطقة شمال إسرائيل، يوفر الرعاية المتخصصة لسكان المنطقة بالكامل والرعاية العامة لسكان حيفا. وحقيقة أنه يعالج الجنود أيضاً، وكثير منهم يحضرون إليه بالطوافات من الجبهة اللبنانية، لا يجعل من المستشفى هدفاً عسكرياً.

هجوم 6 أغسطس/أب يتسبب في مقتل ثلاثة أشخاص مسنين

إذا كان حزب الله يستهدف حقاً أهدافاً عسكرية أو صناعية في حيفا في بعض الأوقات، فهو لم يبد أسفه على الإصابات التي لحقت بالمدنيين حتى أصاب أحد صواريخه لأول مرة حي وادي النسناس الذي تسكنه أغلبية من العرب، في 6 أغسطس/أب والذي تسبب في مقتل اثنين من السكان وألحق إصابات خطيرة بثالث. حينها ظهر أمين عام حزب الله نصر الله على التلفزيون ليناشد السكان العرب على مغادرة المدينة (انظر فصل "مبررات حزب الله للهجمات على المناطق المدنية" أدناه).

مبنى في حي وادي نسناس في حيفا، فيه أرشيف صحيفة الاتحاد، بعد أن ضرب صاروخ المبنى في 6 أغسطس/أب 2006، ليتسبب في مقتل شخصين مسنين في المبنى المجاور. © إيريكا غاستون

ويقع وادي نسناس على بعد كيلومتر واحد من منطقة صناعية تقع على الشاطئ. وفي 6 أغسطس/أب، كان حنا حمام، 62 عاماً، ولبيبة مزاوي، حوالي 67 عاماً، جالسان في الشرفة الأمامية لمنزل حمام الواقع في الدور الأول، يشربان القهوة. ودوت صفارة الإنذار لكنهما لم يذهبا إلى ملجأ. وضرب صاروخ المبنى المجاور لتتطاير منه كريات معدنية ألحقت إصابات مميتة بالاثنين. والمبنى الذي أصيب فيه أرشيف الصحيفة اليومية العربية الشيوعية، الاتحاد.

وتذكر سها بهار، الناشطة السياسية التي تسكن في الدور الواقع فوق الشرفة التي قتل فيها الاثنين، قائلة:

كنت أنتظر نشرة الأخبار المسائية في التلفزيون. وسمعت صفارة إنذار قبل ثوانٍ، ثم الانفجار. طرت في الهواء من أثر الانفجار. وبعدها عدوت إلى دورة المياه خشية أن يسقط صاروخ آخر. كانت النوافذ محطمة، ولم يمت الرجل على الفور، فقد أخذته سيارة الإسعاف، وبعد ساعات قليلة عادت ابنته تبكي، وأخبرتني بموته. ومات كل منهما بسبب الإصابة بالكريات المعدنية. وأصيب جار آخر بالطابق السفلي في عموده الفقري في نفس الهجمة، وهو الآن قعيد على كرسي للمعوقين.145

وفي الوقت نفسه تقريباً، سقط صاروخ آخر – ولعله يتبع نفس الهجمة – على بعد عدة مبانى، ليتسبب في تدمير منزل تقطنه أسرة واحدة وعنوانه 6 أ شارع القيصرية. وكان ساكن المنزل محمد سلوم بالخارج وقت الهجوم، وهو رياضي في الأربعين من العمر. وحين ركض إلى البيت لينقذ شقيقته وأمه، انفجرت أسطوانة الغاز وألحقت به حروق وإصابات خطيرة تطلبت بتر إحدى ساقيه. وبعد عام، يظل سلوم في وحدة الرعاية المركزة في مستشفى رامبام، وهو يخضع لعلاج الحروق والعدوى التي أصابت رئتيه ودورته الدموية.146

وفي ذلك المساء أصدر حزب الله بياناً ذكر فيه أنه قام بمهاجمة حيفا الساعة الثامنة مساءً "بعشرات من صواريخ رعد-2" رداً على هجمات إسرائيل في اليوم السابق على ضواحي بيروت الجنوبية.

وكان هذين هما الصاروخين الوحيدين اللذين أصابا حي وادي النسناس طوال النزاع المسلح.

وفي اليوم نفسه، توفيت إحدى المسنات جراء أزمة قلبية أصابتها حين سقطت صواريخ بالقرب من بيتها، وهي تامارا لوكا، وكان عمرها 84 عاماً.

استهداف منطقة الميناء

تُظهر خريطة الشرطة لتوزيع ضربات الصواريخ أن ثلاث مجموعات من الصواريخ قد سقطت على حيفا، وجميعها سقطت في الجزء السفلي من المدينة: أحدها إلى الغرب في حي بات جاليم في منطقة بنايات سكنية قليلة الطوابق، والقاعدة البحرية، ومستشفى رامبام؛ والثانية في منطقة الميناء المركزية (وتتضمن ضربة ورشة السكة الحديد يوم 16 يوليو/تموز) والأحياء الواقعة أعلاها؛ والثالثة تتضمن خزانات المواد الكيماوية والوقود ومعامل التكرير إلى شرق الميناء. وأكدت مقابلات مع سكان المدينة اليهود والعرب هذا النسق المذكور.

أصاب صاروخ هذه الشقة السكنية في حي بيت جاليم بحيفا في 17 يوليو/تموز 2006، ليتسبب في إصابة ستة من السكان. © لوسي ماير/هيومن رايتس ووتش

ويعتقد رئيس شرطة حيفا ميري أيش أن حزب الله كان يستهدف في معظم الأحيان أهدافاً في منطقة الميناء، ولذلك أصابت صواريخ قليلة الجزء العلوي من المدينة. والمشكلة أنه بين منطقة الميناء وأحياء المدينة الأعلى على التل، توجد منطقة سكنية منخفضة، وأجزاء منها مكتظة بالسكان. ولهذا فإذا كان حزب الله في واقع الأمر يحاول إصابة أهداف تقع على الشاطئ؛ فالصواريخ غير الدقيقة التي طارت ثلاثين كيلومتراً، كانت ثمة فرصة كبيرة – وهو ما حدث بالفعل – لأن تضرب أحياء سكنية ومناطق أسواق مجاورة للمنطقة المستهدفة.

وهكذا أصاب صاروخ بناية سكنية في بات جاليم يوم 17 يوليو/تموز، كما ذكرنا أعلاه. وأصاب آخر مكتب بريد كبير في منطقة الحضر في 21 يوليو/تموز، ليصيب ثلاثين شخصاً، منهم شخصين كانت إصاباتهم خطيرة. وبعدها بيومين، تسببت صواريخ عيار 220 مم في مقتل شيمون غليكليك البالغ من العمر 60 عاماً، والذي فقد التحكم في سيارته وهو يقودها في منطقة شرق حيفا بعد أن أصابته شظية، وحبيب عواض، 48 عاماً، من إبلين، والذي توفي بسبب إصابات داخلية، أثناء عمله في ورشة نجارة بكريات آتا القريبة (انظر منطقة هكريوت أدناه).147

ويرى ميري أيش أن معظم أو كل السفن كانت قد تحركت إلى خارج ميناء حيفا أثناء الحرب، وهو الأمر الذي أكده السكان. وسواء كانت السفن والمنشآت خالية أثناء النزاع أم لا، فإن ميناء حيفا يشتمل على منشآت تعتبر منشآت عسكرية، مثل القاعدة البحرية، ومنشآت تستخدم لأغراض مدنية وعسكرية في الوقت نفسه. والمنشآت المستخدمة لأغراض مدنية وعسكرية هي تلك التي تسهم إسهاماً مباشراً في جهود الحرب وإذا ثبت ذلك فيمكن أن يتم استهدافها. وتحكم الهجمات على المنشآت ذات الاستخدام المدني والعسكري نفس المحاذير الخاصة بالهجمات على الأهداف العسكرية، التي لا تفرق بين المدنيين والعسكريين والهجمات التي تنطوي على عدم تناسب بين الميزة العسكرية والضرر المتحقق. ولأن المنشآت ذات الاستخدام المدني والعسكري، مثل محطات الطاقة الكهربية والموانئ المدنية، تؤدي وظائف خاصة بالمدنيين، فثمة اهتمام خاص بأن تدميرها قد يلحق أضراراً بالمدنيين تتعدى نسبة الميزة العسكرية المتحققة منها، مما ينطوي على عدم التناسب.

ويعتقد رئيس شرطة منطقة زيفولون المجاورة، كوبي بشار، أيضاً بأن حزب الله كان يستهدف المنطقة الواقعة على الشاطئ، والتي تتضمن المنشآت الصناعية إلى شرق وشمال حيفا. (انظر الجزء الخاص بهكريوت).

كرمائيل ومجد الكروم ودير الأسد

تمكنت صواريخ حزب الله من بلوغ كرمائيل لأول مرة في نزاع 2006 المسلح، وهي مدينة يقطنها 44000 نسمة في وادي بيت هكريم الواقعة في منتصف الجليل، وتقع على بعد 18 كيلومتراً إلى جنوب الحدود. وقال رئيس الشرطة إفرايم بارتوك إن الشرطة أحصت 193 ضربة صاروخية في المدينة وحولها، لكن ربما سقطت صواريخ أكثر دون أن يدرك بسقوطها أحد في مناطق مفتوحة مجاورة.148 ومن بين الـ 193 صاروخاً التي سجلتها الشرطة، كانت 67 منها قد سقطت داخل المدينة، وأصاب 11 صاروخاً منها البيوت إصابات مباشرة، على حد قوله. ومعظم الصواريخ ممتلئة بالكريات المعدنية أو بالذخيرة الحية.

وفيما تسببت الصواريخ في إصابة واحدة غير خطيرة في مدينة كرمائيل اليهودية، فقد تسببت في مقتل أربعة من سكان البلدتين العربيتين المجاورتين: مجد الكروم ودير الأسد.

ولا يوجد في كرمائيل قاعدة عسكرية ذات أهمية أو غيرها من الأهداف العسكرية الثابتة، ولم يطلق جيش الدفاع الإسرائيلي من حول المدينة أو من داخلها مدفعيته، طبقاً لرئيس الأمن بالمدينة ياير كورين.149 وخارج المدينة تقع شركة سيكلون لمنتجات الطائرات، وهي شركة تنتج مكونات طائرات مدنية وعسكرية، ولها مصنع كبير في مجمع بارليف الصناعي، وينتج مصنوعات مدنية بالإضافة للعسكرية. وهو يقع على مسافة حوالي 4 كيلومترات غربيّ حدود مجد الكروم وعلى مسافة 6 كيلومترات من حدود كرمائيل.

وفي 14 يوماً على الأقل من أيام النزاع – 13 و17 و18 و20 و22 و23 و25 و28 يوليو/تموز، و2 و3 و4 و8 و10 و12 أغسطس/أب – أصدر حزب الله بيانات تعلن أنه هاجم كرمائيل في تلك الأيام. ولم تحدد تلك البيانات أهدافاً داخل المدينة، ولم تذكر على الإطلاق، على حد علمنا، أنها كانت تستهدف مصنع سيكلون لمنتجات الطائرات غربيّ المدينة. ولم يرد حزب الله على الرسائل التي تطالب بمعلومات والتي أرسلتها هيومن رايتس ووتش، بشأن الأهداف المقصودة في كرمائيل ومجد الكروم ودير الأسد.

وحين تم توجيه الأسئلة إليهم عما إذا كان ثمة أهداف عسكرية في الجوار، قال بعض سكان مجد الكروم ودير الأسد إن جيش الدفاع الإسرائيلي قد وضع قطع مدفعية أعلى أحد التلال إلى شمال بلدتيهما. كما قال البعض إن منطقة كرمائيل الصناعية ربما تعد هدفاً. ولم يشيروا إلى أهداف عسكرية أخرى في المنطقة المجاورة للبلدتين.

إلا أنه حتى إذا تأكد وجود أهداف عسكرية، فليس في هذا ما يبرر إطلاق 200 صاروخ على كلٍ من كرمائيل ومجد الكروم ودير الأسد حولها على مدى 34 يوماً. ويبدو أنه من المرجح أن حزب الله كان يقصد عمداً استهداف السكان المدنيين بهذه الصواريخ.

وأحد الأسباب الظاهرة لتلقي كرمائيل هذا القصف الثقيل، هو أنها إحدى خمس مدن إسرائيلية يتعدى سكانها 25000 في نطاق صواريخ 122 مم التي يتم إطلاقها من لبنان (الأربع الأخرى هي نهاريا وعكا إلى الغرب، وصفد وكريات شمونا إلى الشرق).150

وبدأت الصواريخ بالسقوط على المنطقة بدءاً من 13 يوليو/تموز، وأصابت خمسة منها مجد الكروم، على حد قول بارتوك. وبعدها راحت تصيب كرمائيل بشكل منتظم طوال النزاع. وفي الأيام القليلة الأولى، أصابت عدة صواريخ مجد الكروم إلى الغرب والمنطقة الصناعية في الجزء الشرقي من كرمائيل. ومنذ ذلك الحين بدأت تنتشر في كرمائيل والمناطق المحيطة بها.

وتسببت الصواريخ في أضرار مادية قليلة في كرمائيل نفسها، ويبدو أن السبب هو أن السكان مدربين جيداً على استخدام الملاجئ والحجرات الآمنة، أو فر بعضهم من المدينة. وقد هجر ثلث السكان المدينة في جزء من النزاع أو طواله، على حد قول بارتوك. والساكن الوحيد الذي عانى مما هو أكثر من إصابة طفيفة كان بوريس بي، وهو مهاجر روسي عمره 57 عاماً طلب حجب اسم أسرته. وفي صباح 22 يوليو/تموز 2006، اخترق صاروخ سقف مبناه السكني وانفجر في حجرة معيشته. ولحقت ببوريس إصابات متوسطة في ذراعه وساقه، وكذلك لحقت إصابات طفيفة جراء الشظايا بجسده كله.

وطبقاً لكورين، عانى قرابة الستمائة مبنى في كرمائيل من بعض الأضرار، ومعظمها خفيفة، من الشظايا، وعلى الأخص من الكريات المعدنية التي كانت تملأ الرؤوس الحربية لعدة صواريخ. وقال كورين إن الضرر الناجم عن الصواريخ التي سقطت في مناطق مفتوحة كان أسوأ؛ لأنها كانت تمطر منطقة أوسع بالشظايا، أكثر من الصواريخ التي تصيب مبنى إصابة مباشرة. وقال: "يمكن لصاروخ يسقط في منطقة مفتوحة بحي سكني أن ينشر كريات معدنية في مبنى من أربعة طوابق في حي آخر".

وقد ضرب حزب الله كرمائيل بثلاثة أنواع من الصواريخ: معظمها كانت صواريخ عيار 122 مم، وهي محملة إما بكريات معدنية أو ذخيرة تحتوي على كريات معدنية أصغر. كما ضربت ستة صواريخ 220 مم وستة صواريخ 240 مم منطقة كرمائيل وحولها، على حد قول بارتوك. وقال إن النوع الأخير من الصواريخ لا توجد به شظايا وأجزاء متطايرة صغيرة، بل: "لديه قوة تفجير أقوى بكثير وآثاره مروعة". ويعتقد كورين أن اثنان أو ثلاثة من الصواريخ الكبيرة قد سقطت خارج البلدة خلال الأيام الأخيرة من الحرب. ولعلها من نفس نوع الصواريخ التي ضربت حيفا في وقت سابق، كما يعتقد، لكن لم يعد حزب الله قادراً على بلوغ حيفا لأنه قد تم دفعه إلى الشمال بعيداً عن مواقعه القريبة من الحدود.

وكانت كل الصواريخ عيار 122 مم التي تمكنت الشرطة من بلوغها في كرمائيل وحولها، تحتوي على كريات معدنية أو ذخيرة، على حد قول بارتوك. وهذا يختلف عمّا حدث في مدن أخرى مثل كريات شمونا، التي أصابتها صواريخ 122 مم محملة بالشظايا في أغلب الأحيان.

وطبقاً لكورين، فإن حزب الله أصاب كرمائيل لأول مرة بصواريخ تحمل كريات معدنية يوم السبت 15 يوليو/تموز، وهو اليوم السابق على إصابة ورشة سكة حديد حيفا بصاروخ ممتلئ بالكريات المعدنية.

وتقول الشرطة الإسرائيلية إنها سجلت سقوط 22 صاروخاً محملاً بالذخيرة العنقودية في كرمائيل، وهو العدد الأكبر مما أصاب أية بلدة أو مدينة أخرى.151 وسقط صاروخ يحتوي على ذخيرة مع نهاية الأسبوع الثاني من الحرب، على حد قول كوران، عند مدخل محطة الطاقة الكهربية، والواقعة خلف مبنى البلدية تماماً. ومعظم ما يحتوي الصاروخ من ذخيرة لم ينفجر. وكانت فرقة المتفجرات في البداية تريد إزالته لكن حين رأوا كل الذخيرة التي لم تنفجر، قرروا تفجيرها تحت إشرافهم تلك الليلة، ثم صبوا الخرسانة المسلحة في الحفرة التي خلفها الانفجار لملأها.

وتعرضت كرمائيل لمخاطر خاصة جراء نسبة المتفجرات العالية التي لم تنفجر، على حد قول بارتوك. وعلى النقيض من الصواريخ المحملة بالكريات المعدنية والتي نادراً ما تفشل في الانفجار، فإن الصواريخ العنقودية تطلق ذخيرة تفشل في العادة في الانفجار لدى ارتطام الصاروخ بالأرض. ويشكل هذا خطراً يتمثل في انفجار ما في الصاروخ من متفجرات إذا لامس أي شخص ما يحتوي الصاروخ من متفجرات فيما بعد. وبالنتيجة، قامت الشرطة بإجراء بحث مكثف لتحديد مكان المتفجرات التي لم تنفجر وتدميرها، وبادرت السلطات العامة بشن حملة لتعريف السكان بالمتفجرات التي لم تنفجر والإبلاغ عنها لدى رؤيتها.

وقد تم قصف بلدية مجد الكروم أيضاً بقوة، والتي تشمل في نطاق مساحتها البالغة 2.5 كيلومتراً البلدات العربية: مجد الكروم ودير الأسد وبيعنا ويسكن البلدات الثلاث مجتمعة 26 ألف نسمة. وطرف دير الأسد على بعد مئات الأمتار إلى غرب مجمع لافون الصناعي، شمالي كرمائيل.

وطبقاً لسليم صليبي، وهو محاسب وعضو سابق في مجلس مدينة مجد الكروم، ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن 43 صاروخاً ضربت منطقة مجد الكروم، وهو العدد الذي أكده. وقال إنه شاهد بنفسه 30 موقعاً أصابتها الصواريخ.152

وتسبب صاروخ واحد في مقتل رجلين، هما بهاء كريم، 36 عاماً، ومحمد صبحي مناع، 23 عاماً، في 4 أغسطس/أب. وتسبب صاروخ آخر تم إطلاقه في 10 أغسطس/أب في مقتل ميريام أسدي، 26 عاماً، من دير الأسد، وابنها فتحي أسدي البالغ من العمر خمسة أعوام.

وقد لاقى كريم – المعلم المدرسي – ومناع – اختصاصي العلاج الطبيعي – حتفيهما على الفور بفعل الصاروخ الذي سقط في الشارع أمام بيت كريم في شرق مجد الكروم. وقال طلعت حسين، 32 عاماً، الذي يدير متجراً صغيراً في الشارع على قرب من حيث سقط الصاروخ، إنه كانت تربطه صداقة قديمة بكريم وكان يحادثه يومياً. وحوالي الساعة الخامسة مساء 10 أغسطس/أب، قال حسين إنه كان قد عاد إلى متجره حين سمع صفارة الإنذار تدوي. وأمسك بزوجته وركض إلى داخل المتجر. وقال إن بعد سبع ثوانٍ سمع انفجاراً في الشارع ثم أطفال يصرخون. وحين نظر، رأى أطفالاً متجمعين حول سيارتين، ولدى اقترابه، وجد كريم راقداً في الشارع على بعد أربعة أمتار تقريباً من السيارتين. ويتذكر حسين قائلاً: "تحرك قليلاً ورأيت لعاباً ينسال من فمه، لكنه لم يجبني. وكنت أعرف أنه يحتضر". وقال حسين إنه يعتقد أن كريم توفي متأثراً بإصابته بالشظايا التي انغرست في ظهره، لكنه لم ير الإصابات. ثم وجد جسد مناع على بعد متر من سيارته:

كان يقود سيارته. وحين سمع الإنذار فتح الباب ليفر، ثم سقط الصاروخ على بعد مترين منه. أصابته كل شظايا الصاروخ، ولاقى حتفه على الفور. تخيل أنك تعرف شخصاً، ثم تراه ولم تعد قادراً على التعرف عليه.153

عمود على الطريق في ميدال كروم اخترقته كريات معدنية وشظايا من صاروخ سقط في الشارع على مقربة من العمود في 4 أغسطس/أب 2006، ليتسبب في مقتل رجلين. © بوني دوهرتي/هيومن رايتس ووتش

وبزيارة موقع الهجوم في 30 سبتمبر/أيلول، رأت هيومن رايتس ووتش حفرة مغطاة في الشارع وهي التي قال حسين إن الصاروخ تسبب فيها، وكذلك ضرراً لحق بلافتات وأعمدة الشارع القريبة جراء الشظايا.

وقال صبحي، والد محمد، إن ابنه تخرج في المدرسة الثانوية بمجد الكروم لكنه كان مهتماً طيلة حياته بألمانيا. وتعلم الألمانية وذهب لدراسة العلاج الطبيعي بألمانيا. ومع الوقت استسلم محمد لضغوط الأسرة وعاد إلى الوطن في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، واشتغل بوظيفة اختصاصي علاج طبيعي في حيفا. وحين بدأت الحرب في يوليو/تموز 2006، رجته أسرته أن يغادر البلاد، لكن هذه المرة قال محمد إنه لن يهجر أسرته إلى أن تنتهي الحرب. وأظهر صبحي لـ هيومن رايتس ووتش مجموعة رسائل تعازي وتقدير تلقتها الأسرة من أصدقاء وزملاء محمد، من ألمانيا وحيفا. وقال صبحي، الذي اشتغل بالبريد طيلة حياته، إنه لم يعد قادراً على التركيز في عمله بعد وفاة ابنه وإنه يفكر في التقاعد المبكر.154

وقتلت ميريام أسدي معلمة المدرسة الابتدائية وابنها فتحي على الفور جراء الإصابة إصابة مباشرة بالصاروخ في مبناهما السكني متعدد الطوابق في دير الأسد، حوالي الساعة 10:40 صباح 10 أغسطس/أب. وفقد فارس شقيق فتحي البالغ من العمر ثلاث سنوات، ساقه في الحادث، وفقدت جدته فاطمة فارس، 49 عاماً، ساقاً وبعضاً من قدرتها على السمع، طبقاً لزوج فاطمة أسدي فتحي. وكانت الأسرة بأكملها في الطابق الأول حين انفجر الصاروخ. وأظهر شقيق زوج ميريام، محمد فتحي، 18 عاماً، لـ هيومن رايتس ووتش حفنة من كريات معدنية بقطر 6 مم وقال إنها انتشرت من الصاروخ لدى انفجاره. وقامت الأسرة بعدها ببناء الجدار الذي تعرض للإصابة وأزالت آثار ضرر الشظايا، لكن ما زالت الندوب واضحة على جذع شجرة في باحتهم الخلفية.

وبسؤاله عن الأهداف العسكرية المحتمل استهدافها بالهجوم، قال أسدي فتحي إنه على قرابة كيلومترين إلى الشمال الشرقي من دير الأسد، أعلى تل معروف باسم هار شالوتز، كانت إسرائيل قد وضعت قطعة مدفعية راحت تقصف لبنان بلا توقف أثناء الحرب. وخمن أن الصواريخ التي سقطت في بيت أسرته ربما كانت موجهة بالخطأ وكانت تقصد قطعة المدفعية، ثم أضاف: "نحن مواطنون من إسرائيل لا أكثر. وما يحدث لغيرنا يحدث لنا".155

ولم تذكر بيانات حزب الله وقت الحرب أبداً البلدتين العربيتين، مجد الكروم ودير الأسد. إلا أن تصريحاً صدر في 10 أغسطس/أب ذكر أن هجوماً وقع على كرمائيل القريبة حوالي الساعة 11:20 صباحاً، وهو الوقت القريب من وقت الهجوم الذي تسبب في مقتل ميريام وفتحي أسدي.

ووقعت إصابتين آخريين من متوسطة إلى جسيمة في منطقة مجد الكروم، ومنها إصابة وقعت في 13 يوليو/تموز، وهو اليوم الأول الكامل من النزاع. وأصلان حمود، البالغ من العمر 18 عاماً، وصف في مقابلة أجريت معه بعد ثلاثة أيام في المستشفى ما جرى قائلاً: "كانت حوالي الساعة الثالثة مساءً، وكنت في البيت في الطابق السفلي. والبيت قائم على أعمدة، وثمة منطقة مفتوحة فيه، هي فناء تحت البيت. وسمعت انفجاراً وأصبت بالشظايا" وقالت أم اصلان إنها كانت نائمة في المستشفى مع ابنها، بينما ظل زوجها في البيت ليرعى أطفالهما الأربعة الآخرين. والزوج تاجر أسماك ولا يمكنه إقفال متجره؛ لأنهم بحاجة لنقود، على حد قولها.156 وتوحي زيارة أجريت إلى الموقع في 18 يوليو/تموز بأن الشظايا مصدرها صاروخ سقط في ساحة انتظار سيارات تقع على الجانب المقابل من الشارع.

وسقط أكثر من 12 صاروخاً في الجزء الشرقي من مجد الكروم أثناء النزاع، لتسبب إصابات طفيفة قليلة. وطبقاً لصليبي، الناشط الشيوعي والمحاسب، سقطت ثلاثة منها في 13 يوليو/تموز، وهو اليوم الأول الكامل للحرب، وأربعة في 13 أغسطس/أب. وسقط أحدها بين بيت سهيل إدريس وبيت جار، ليتسبب في تدمير جدار وتشويه سيارته بالحفر الناجمة عن الكريات المعدنية، وكذلك إصابات طفيفة لحقت بطفليه، اللذان كانا داخل المنزل وقت الانفجار.

وبخلاف فارس أسدي وفاطمة فارس، لم تسبب الصواريخ التي أصابت مجد الكروم ودير الأسد إصابات خطيرة إلا في حالة أخرى. وهي حالة الصاروخ الذي سقط على الطريق الرئيسية المؤدية إلى مجد الكروم في 6 أغسطس/أب، ونجم عنه إصابة أحد القرويين من سكان المنطقة بإصابات في الرأس جراء الشظايا، وهو ياسر بشوتي، 32 عاماً، وكان ماراً بسيارته. وأصيب بشوتي، الذي يعمل في مجال الإنشاءات، بالشلل نتيجة لإصاباته، ولم تلحق إصابات بمن كانوا معه في السيارة.

كريات شمونا

منذ الستينيات أصابت الصواريخ كريات شمونا أكثر من أية مدينة إسرائيلية أخرى. وبين عامي 1968 و"عملية عناقيد الغضب" في أبريل/نيسان 1996، أصاب 3839 صاروخاً على وجه التحديد المدينة الواقعة على مسافة 3 كيلومترات من الحدود، وتسببت في مقتل 18 شخصاً، وإصابة 310 آخرين، وتسببت في حصول 175 شخصاً على العلاج جراء الإصابة بالصدمة، طبقاً لأحد مسؤولي المدينة.157 وكانت الجماعات الفلسطينية، وليس حزب الله، هي المسؤولة عن بعض هذه الهجمات، خاصة في الفترة السابقة.

ولم يكن نزاع 2006 المسلح مختلفاً، فقد سقطت صواريخ أخرى في المدينة أكثر من غيرها من المدن. إلا أن سكان كريات شمونا البالغ عددهم 22100 نسمة، اعتادوا القصف أكثر من غيرهم، فلم تلحق بهم إصابات قاتلة. وحوالي نصف السكان هجروا البلدة، طبقاً لداني كادوش، مدير البلدية،158 فيما اعتمد الباقون على "الحجرات الأمنة" في بيوتهم وعلى شبكة موسعة من الملاجئ.

ومما جعل نزاع 2006 مختلفاً عن غيره من فترات القصف الصاروخي السابقة، وما جعل من الصعب تحمله أيضاً، هو طول فترة القصف وكثافته. فلم يحدث من قبل قط أن أصابت المدينة صواريخ كثيرة كتلك وعلى امتداد فترة زمنية طويلة هكذا. وطبقاً لبيان إحصائي أعده جيش الدفاع الإسرائيلي، سقط 1017 صاروخاً في كريات شمونا وعلى مقربة منها، و248 منها سقطت داخل المدينة. وبيانات حزب الله التي أصدرها أثناء الحرب والتي تذكر الهجمات على إسرائيل، ذكرت كريات شمونا باعتبارها هدفاً أكثر من عشرين مرة، أي أكثر من أية بلدة أو مدينة أخرى.

وكانت صواريخ 122 مم هي الشطر الأكبر من الأسلحة التي قصفت كريات شمونا. وهناك أيضاً 15 إلى 20 قذيفة هاون، وصاروخ 240 مم واحد، طبقاً لكادوش. ولم يتم قصفها بالذخيرة عنقودية أو صواريخ محملة بالكريات المعدنية.

ولحقت بـ45 شخصاً من أهل المدينة إصابات بدنية، ومنهم 12 عانوا من إصابات داخلية، وقال كادوش: "لدينا أشخاص أصابتهم الشظايا وتم تشخيص إصاباتهم في بداية الأمر على أنهم مصابين بإصابات طفيفة، ثم اتضح أن الشظايا انغرست في قلوبهم وأعضاء أخرى في أجسادهم، وأنهم بحاجة لدخول المستشفى مجدداً". وحوالي 380 شخصاً تلقوا الرعاية الطبية جراء الصدمة، على حد قوله. وحوالي 2000 مبنى في كريات شمونا وحولها تعرضت للأضرار، ومعظمها أضرار سطحية من الشظايا التي كانت تنتشر فيما حولها منبعثة من نقطة الانفجار.

وتعرض الجانب الشرقي من البلدة للإصابة أكثر مما أصيب الجانب الغربي، على حد قول كادوش. ويعتقد أن هذا سببه شكل الجبل الذي يفصل المدينة عن الحدود. وكانت الصواريخ التي يتم إطلاقها من لبنان من المحتمل أكثر أن تحلق فوق غربيّ كريات شمونا، وهو الجانب الملاصق لسفح الجبل، وأن تستقر في الجانب الشرقي من المدينة.

وقال كادوش إن ثمة قاعدة عسكرية صغيرة ملحقة بقيادة جيش الدفاع الإسرائيلي داخل المدينة، وكذلك منشأة طبية تابعة لجيش الدفاع. وقال: "وأقرب قاعدة عسكرية قتالية تقع في ميتولا".

وينص القانون الإنساني على أن الوحدات الطبية العسكرية والمدنية يجب أن تستخدم فقط في أغراض طبية وأن يتم احترامها وحمايتها في أي ظرف من الظروف.159 وتتضمن "الوحدات الطبية" "المستفشيات وغيرها من الوحدات المشابهة، ومراكز نقل الدم، ومراكز ومعاهد الطب الوقائي، والمستودعات الطبية، والمخازن الطبية، والصيدلية لهذه الوحدات".160 إلا أن مراكز القيادة العسكرية تعتبر أهدافاً مشروعة.

وأثناء الحرب حركت قاعدة قتال عسكرية في ميتولا، وهي قرية حدودية تقع على مسافة 7 كيلومترات إلى الشمال، بعضاً من عملياتها إلى حدود كريات شمونا، على حد قول شيمون كاماري، نائب عمدة المدينة.161 ورأت هيومن رايتس ووتش في زيارة إلى المدينة في 23 يوليو/تموز 2006، قطعة مدفعية تقصف لبنان من موقع إلى الشمال الشرقي من تقاطع بين الطريق السريع الرئيسي الذي يوصل الشمال بالجنوب (طريق رقم 90)، مع الطريق المتجه شرقاً إلى مرتفعات الجولان (طريق رقم 99). وعلى الرغم من أنها كانت خارج كريات شمونا، فقد كانت قريبة من المناطق السكنية الواقعة على الطرف الشمالي من المدينة. وقال نائب العمدة كاماري: "منذ بدء الأحداث الأخيرة، وحتى قبل سقوط صواريخ الكاتيوشا على كريات شمونا، تم تحريك قطعة مدفعية من الحدود إلى هنا. وهي تتسبب في ضوضاء أعلى وتخيف الناس أكثر من صواريخ الكاتيوشا، لكن لا خيار أمامهم: فقد تم الهجوم عليهم حين كانوا على الحدود. لهذا تحركوا إلى هنا".

ويلزم القانون الإنساني الدولي إسرائيل، باعتبارها طرفاً في نزاع مسلح، وبقدر المستطاع، بتجنب وضع الأهداف العسكرية في مجال مناطق مكتظة بالسكان، أو بالقرب منها، وحماية المدنيين الخاضعين لسلطتها من آثار الهجمات.

وربما كان حزب الله يعرف بموقع قطعة المدفعية التي تقصف بالقرب من كريات شمونا، والتي كانت على الجانب الذي يسهل إصابته، شرقيّ البلدة. لكن انتشار الصواريخ في منطقة واسعة في المدينة الحدودية وحولها على امتداد النزاع، يشير وبقوة إلى أن حزب الله كان يستهدف المدينة ذاتها. وإذا كان حزب الله يحاول في واقع الأمر إصابة قاعدة جيش الدفاع الإسرائيلي الصغيرة بالمدينة أو قطعة المدفعية القريبة بعض أو طوال الوقت، فقد كانت نيرانه عشوائية لا تميز بين عسكريين ومدنيين.

هكريوت

تعني كلمة هكريوت في اللغة العبرية "البلدات"، وتشير إلى ضواحي ساحلية تقع بين مدينة حيفا في الجنوب الغربي وعكا إلى الشمال. وسكان هكريوت يقدرون بحوالي 300000 نسمة، وهو عدد أكبر من سكان حيفا. وتشمل المنطقة مناطق صناعية كبيرة وكذلك مناطق سكنية. وتمثل بلدات هكريوت معظم المناطق الخاضعة لمكتب شرطة منطقة زيفولون، والتي تتضمن ايضاً بعض البلدات الأصغر البعيدة عن الساحل.

وطبقاً للإحصائيات الحكومية، فقد سقط 124 صاروخاً في منطقة زيفولون، و60 منها أصابت المدن. وقال كوبي بشار رئيس شرطة زيفولون إن الصواريخ سقطت على المنطقة على مدى 34 يوماً هي أيام النزاع. وبالإضافة إلى الصواريخ عيار 122 مم و220 مم، فقد سقطت 3 صواريخ عيار 240 مم من نوع فجر-3، وصاروخ واحد 302 مم "خيبر" في المنطقة، على حد قوله. وسقط الأخير على قرية عربية بعيدة عن الساحل تدعى رأس علي، جنوبيّ شفارعام.

وتسببت الصواريخ في مقتل مدني واحد وإصابة حوالي 80 آخرين في هكريوت، على حد قول بشار، بالإضافة إلى 300 آخرين بحاجة لعلاج جراء الصدمة والاضطراب الناجمين عن الهجمات. وأضاف بشار أن الإصابات لم تكن أكثر من هذا لأن السكان مدربين تدريباً جيداً على استخدام الملاجئ والحجرات والأمنة، ولأن نسبة كبيرة قد فرت من المنطقة طيلة جزء من الحرب أو على امتدادها.

وقال بشار إن نسق تساقط الصواريخ في المنطقة يشير إلى أن حزب الله كان يحاول في بعض الأوقات إصابة المنشآت الصناعية، وفي أوقات أخرى يستهدف مناطق السكان المدنيين.162 وقد حدثت إصابات مباشرة لحقت بالبيوت في نشير (جنوب شرق حيفا) وكريات يام، وأصيبت مناطق سكنية في كريات تيفعون، وكريات بياليك، وكريات موصقين، وكريات شايم.

وقصف حزب الله محطة وقود ديليك القريبة من كريات شايم في 16 يوليو/تموز. وفي ذلك اليوم أدلى نصر الله بخطاب على قناة المنار التلفزيونية وادعى فيه، أنه بينما كان حزب الله قادراً على قصف منشآت حيفا الكيماوية والبتروكيماوية، فقد امتنع عن هذا لتفادي "الدفع بالأمور إلى المجهول".163

وفي رأي كل من بشار ورئيس شرطة حيفا، ميري أيش، فإن حزب الله سعى لإصابة منشآت النشادر والإيثيلين في كريات شايم أيضاً. وقال بشار إن عدداً من الصواريخ قد سقط على مسافة 500 متر من هذه المنشآت، ومنها صواريخ كثيرة سقطت في البحر على مقربة من هذا الموقع. وقال إن المخزون في هذه الخزانات قد تم إفراغه مع بدء الحرب لتقليل المخاطر في حالة إصابة أي منها بصاروخ. والإيثيلين مادة مشتعلة، بينما النشادر غاز مهيج يمكن أن يتسبب انتشاره في حالة طوارئ صحية عامة إذا أطلق في الهواء الجوي. لكن يظل الخطر قائماً لأن أي من الخزانات لم يتم تفريغها بالكامل.

وكما نشير في الجزء الخاص بكريات يام أدناه، يرى بشار أيضاً أن حزب الله كان يحاول إصابة مجمع شركة رافاييل لتطوير الأسلحة الواقع على الأطراف الشمالية للمدينة.

وربما تكون المصانع أهدافاً عسكرية أو غير عسكرية، بناء على إسهامها المباشر في جهود الحرب. فمصنع الأسلحة يعتبر هدفاً، بينما مصنع السيارات يعتبر هدفاً فقط في حالة إن كانت السيارات تستخدم لأغراض عسكرية.

والشخص الوحيد الذي لاقى حتفه بسبب القصف الصاروخي في منطقة زيفولون هو حبيب عواض، وتسبب صاروخ في مقتله حين أصاب دكاناً للنجارة في كريات آتا، حيث كان يعمل. ووصف ديفيد سيبوني، 60 عاماً، صاحب دكان النجارة ما جرى في حادث 21 يوليو/تموز:

حوالي الساعة 10:45 صباح اليوم، كنت في مكتبي بالطابق العلوي حين سمعت صفارة الإنذار تدوي. كان في الدكان ثمانية عمال آخرين وقتها. في العادة يكون العدد 15 عاملاً. وقلت لهم جميعاً أن يتوجهوا إلى حجرة الأمان القريبة من مدخل الدكان. وكنت مع ثلاثة عمال آخرين في الطابق العلوي حين أصابنا [صاروخ 220 مم] إصابة مباشرة. وطل [عواض] من الباب وقُتل جراء الانفجار. وكان جسده قطعة واحدة وكل إصاباته داخلية. ولحقت إصابات خطيرة برجل آخر، وإصابات متوسطة بآخر. وكانت إصابات الآخرين طفيفة.164

وكانت معظم الصواريخ التي سقطت في منطقة زيفولون محملة بالكريات المعدنية، سواء من صواريخ عيار 220 مم كالتي سقطت على حيفا، أو صواريخ عيار 122 مم محملة بالأسلحة العنقودية. وكانت صواريخ 122 مم تحتوي على 39 قنبلة يدوية فيها كريات معدنية صغيرة، طبقاً لبشار، الذي قال إن الشرطة عثرت على 13 صاروخاً فيها ذخيرة عنقودية في المنطقة. وكما قيل أعلاه، فالصواريخ المحملة بالكريات المعدنية فعالة ضد الأهداف اللينة، مثل البشر، بينما لا تفيد كثيراً في إصابة الأهداف الصلبة.

وإحدى بلدات هكريوت التي تلقت أسوأ الإصابات كانت كريات يام، وهي تضم مجتمعاً من الطبقة العاملة، ويبلغ تعدادها 37400 نسمة، وتقع على مسافة 27 كيلومتراً جنوبي الحدود. وسقط حوالي أربعين صاروخاً داخل كريات يام، طبقاً للمتحدث باسم البلدة ناتي سيلفرمان.165 وقال إن الصواريخ بدأت تنهال منذ 15 يوليو/تموز، واستمرت في السقوط حتى نهاية النزاع. وكانت الصواريخ تنزع للسقوط بين الساعة 10 و12 ظهراً، وبين الساعة 3 و5 مساءً، على حد قوله.

وتسببت الصواريخ، ومعظمها محملة بالكريات المعدنية، في "بضعة عشرات" من الإصابات، وأربع إلى خمس منها خطيرة، وباقي الإصابات تمثلت في الصدمة. وقال سيلفرمان إن الكريات المعدنية هي مصدر كل الإصابات البدنية.

وطبقاً لسيلفرمان، ليس لدى جيش الدفاع الإسرائيلي قاعدة عسكرية في كريات يام أو بالقرب منها. لكن يوجد إلى شمال المدينة مجمع كبير يتبع شركة رافاييل لتطوير الأسلحة، وهو هدف عسكري مشروع. وقال كوبي بشار، رئيس الشرطة عن منطقة زيفولون، إنه يعتقد أن حزب الله كان يحاول إصابة رافاييل. وقال إن قوته الشرطية استجابت لثلاثة من الصواريخ التي سقطت داخل المجمع، وإن حي سافيوني يام الواقع شمالي كريات يام، بالقرب من منشآة رافاييل سقطت صواريخ كثيرة. وأضاف بأنه ربما سقطت صواريخ أخرى على مجمع رافاييل وتولت أمرها وحدات إزالة المتفجرات وليست الشرطة.

ولا يفسر قصف حزب الله لمجمع رافاييل توزيع الصواريخ المنتشر على كريات يام بأكملها. وعلى حد علمنا، لم تكن بالمدينة أهداف عسكرية أخرى ذات شأن طوال الحرب. وتوزيع القصف الصاروخي على امتداد مساحة 5 كيلومترات مربعة، هي كامل مساحة البلدة، بافتراض أن الصور الفوتوغرافية الجوية للمدينة في مكتب العمدة تمثل الإصابات على نحو دقيق، لا يدع مجالاً للشك بأن حزب الله كان يقصف على نحو عشوائي لا يميز بين العسكريين والمدنيين، حتى وإن كان يسعى لإصابة مجمع رافاييل.

وقال شمويل سيسو، عمدة كريات يام، إنه واثق تمام الثقة من أن الصواريخ التي أصابت البلدة كانت متعمدة. وأضاف: "إذا سددت وأخطأت [هدفك]، فإنك تصحح مرمى النيران"، وتابع: "وفي كريات يام مواضع أصيبت مرتين أثناء الحرب، وتفصل بين الإصابتين أسابيع. وربما كانت هذه الصواريخ من نفس المصدر". ويعتقد سيسو أن الكثير من الصواريخ التي سقطت في البحر إلى غرب البلدة كانت مسددة نحو حيفا لكنها سقطت قبل أن تصلها. وقال إن هذا لم يحدث بالنسبة للصواريخ التي سقطت داخل كريات يام؛ لأن البلدة ليست على المسار التقليدي للصواريخ التي تخرج من لبنان نحو حيفا. وأضاف: "الاستنتاج الوحيد إذن هو أنهم كانوا يحاولون إصابة البلدة نفسها".166

وثمة مؤشر آخر ينبئ بنوايا حزب الله، هو أن كل الصواريخ التي أصابت كريات يام تقريباً كانت محملة بالكريات المعدنية، طبقاً لسيسو. والكريات المعدنية تعتبر أسلحة مضادة للأشخاص. وقال: "إذا كانوا يريدون إصابة رافاييل، فما كانوا ليستخدموا الكريات المعدنية؛ إذ لا يوجد عدد كبير من العمال في المنشآة، بل كانوا ليستخدموا المتفجرات".

وقامت هيومن رايتس ووتش بزيارة مدرسة "هاميفلاسيم" (بناة الطريق) العامة الابتدائية في كريات يام، والتي أصابها صاروخ محمل بالكريات المعدنية بعد ظهر يوم 13 أغسطس/أب. وارتطم الصاروخ بالجدار الخارجي للمدرسة، وتسبب في أضرار لحقت بالفصول وفي ظهور علامات دائرية على جدار المدرسة الخارجي، مصدرها الكريات المعدنية، وفي تضرر ملعب كرة السلة في فناء المدرسة، والسور المحيط بالمدرسة ومكب النفايات الواقع خارجها. وتقع المدرسة في حي "داليت" بالمدينة وهي محاطة بمباني سكنية وبيوت صغيرة. وفي أغسطس/أب لا توجد دراسة، لكن أثناء نزاع 2006 كان الأطفال يحضرون برنامج دراسي صباحي في القبو. إلا أن وقت سقوط الصاروخ كان الأطفال قد ذهبوا إلى بيوتهم، ولم يتعرض أحد لإصابات.

جدار مدرسة "هاميفلاشيم" الابتدائية في كريات يام، والتي تضررت من الكريات المعدنية المنبعثة من صاروخ أصاب قاعة درس مجاورة في 13 أغسطس/أب 2006. © بوني دوهرتي/هيومن رايتس ووتش

ولم يقدم حزب الله معلومات محددة عن هجماته على كريات يام أو أهدافه المقصودة بها، ولم يرد على رسالة هيومن رايتس ووتش إليه التي تطالب فيها بمعلومات عن هذه الهجمات.

معلوت ترشيحا ومعليا

تشغل بلدة معلوت ترشيحا (يقطنها 21100 نسمة) مساحة سبعة كيلومترات وتقع على تلال تبعد 10 كيلومترات من الحدود اللبنانية. والبلدة جاءت نتاجاً لتطور بلدة معلوت اليهودية، والتي تم بنائها إلى جوار بلدة عربية أكثر اكتظاظاً بالسكان هي ترشيحا. ويمثل اليهود من سكان البلدتين مجتمعتين حوالي ثلاثة أرباع العدد الكلي.

وقد أصابت صواريخ حزب الله معلوت ترشيحا قبل حرب 2006. وأثناء هذا النزاع، تعرضت البلدة لصواريخ أكثر مما تعرضت له أي مدينة أخرى إلى جوار كريات شمونا ونهاريا، طبقاً للإحصائيات الرسمية.167 وتتضمن هذه ضربة مميتة واحدة تسببت في مقتل ثلاثة من الشباب. وتسببت الصواريخ التي أصابت البلدة أيضاً في عدة إصابات بدنية خفيفة والصدمة لعدد من الأشخاص.

وطبقاً للسجلات التي قدمتها البلدية، فأول صاروخ يصيب معلوت ترشيحا كان في 16 يوليو/تموز، ومنذ ذلك اليوم إلى 13 أغسطس/أب، كان يسقط صاروخ أو أكثر كل يوم على امتداد 21 يوماً من 34 يوماً هي عمر الحرب.168 وقد سقطت معظم هذه الصواريخ في البلدة اليهودية الأكبر، معلوت، وأصابت البيوت والمطاعم ومناطق الأسواق المفتوحة والشوارع ومركز المدينة. ولم تظهر إصابات في بلدة ترشيحا وتكاد تكون الأضرار التي لحقت بالعقارات فيها معدومة.

وفي 3 أغسطس/أب، اليوم الذي تعرضت فيه معلوت ترشيحا لأكبر قدر من الصواريخ، وهو 11 صاروخاً، كان هو أيضاً اليوم الذي تسببت فيه الصواريخ بمقتل مدنيين. وكان الضحايا ثلاثة أصدقاء من ترشيحا: شناتي شناتي، 17 عاماً، وأمير نعيم، 19 عاماً، ومحمد فاعور، 17 عاماً. وكان فاعور طالباً في المدرسة الثانوية، وكان شناتي يساعد والده في الزراعة، ونعيم عامل بدوام جزئي. وحوالي الساعة 4 مساءً، كان الثلاثة في سيارة على طريق محاط بحقول مفتوحة غربيّ ترشيحا وعلى بعد 10 كيلومترات من الحدود، حين سقط صاروخ على سيارتهم. وفروا على الأقدام نحو صخرة كبيرة تتوسط حقلاً إلى جانب الطريق، حين انفجر الصاروخ الثاني بينهم، متسبباً في إصابات مميتة جراء الشظايا، لحقت بالثلاثة. وطبقاً لوالد شاناتاي أسعد شناتي، الذي كان في حقل قريب وقت الهجوم، كان الصاروخ القاتل أحد سبعة صواريخ سقطت في هذه المنطقة الصغيرة على مشارف البلدة أثناء فترة 15 دقيقة.

وكان شناتي شناتي، الذي قارب عمر الثامنة عشر، هو الابن الثالث لأسعد شناتي. وقال الأب لـ هيومن رايتس ووتش: "لكنه كان كل شيء بالنسبة لي". وأضاف: "يمكن للابن أن يدفن الأب، لكن أن يدفن الأب الابن فهذا أصعب شيء".169

وقال أسعد شناتي وآخرين من سكان ترشيحا إنه خلال الحرب، وضع جيش الدفاع الإسرائيلي قطعة مدفعية أعلى تل على بعد 500 متر شماليّ موقع الضربة القاتلة. وقالوا إنه كان الهدف العسكري الوحيد الذين يعرفون به في محيط البلدة. وقال أحمد فاعور، والد محمد، إن الصواريخ بدأت تسقط في ترشيحا وحولها، فقط بعد أن بدأت إسرائيل في القصف المدفعي من قمة التل القريب. ولا يوجد في سجلات البلدية ذكر لصواريخ سقطت في ترشيحا أو حولها حتى 29 يوليو/تموز.

وبعد أن بدأت إسرائيل في القصف المدفعي من الموقع القريب من ترشيحا "صدر صخب بالغ وكانت البيوت تهتز نهاراً وليلاً"، على حد قول أحمد، السائق البالغ من العمر 42 عاماً، وأضاف: "كانت هناك أوامر بأن يبقى الجميع في الملاجئ. لكن محمد كان في سن السابعة عشر، ولم يكن من الممكن إبقاؤه بالداخل. فهذا بيت وليس سجناً. وهكذا خرج ذلك اليوم، وحوالي الساعة الرابعة عصراً جرى ما جرى".

وقال أحمد: "كان محمد الأكبر، وهو نموذج يحتذى لأشقائه وشقيقاته. وأخذ مني قطعة معه". وأضاف: "لدي 5 أطفال آخرين، لكنني أشعر بالبيت خالياً. كان محمد نموذجاً لأصحابه. ولن يترك أصحابه الأسرة".170 وفي ذلك اليوم قامت هيومن رايتس ووتش بزيارة دار الفاعور، وكان بعض أصدقاء محمد في الباحة، يزينون الطريق المفضي إلى البيت في ذكراه.171

وربما كان حزب الله يستهدف بصواريخه ذلك المساء قطعة المدفعية الواقعة أعلى التل وتجاوزها. وقبل هذه الضربات، سقط صاروخ للمرة الأولى على القرية العربية معليا (يقطنها 2700 نسمة، انظر أدناه)، على مسافة كيلومترين إلى الشمال من حيث قتل الصاروخ الشبان الثلاثة. وفيما قد يفسر وجود قطعة مدفعية أعلى تل قريب من معلوت ترشيحا استهداف هذه المنطقة، فلا يمكن أن يفسر استهداف أحياء معلوت السكنية المكتظة بالسكان طوال الحرب.

ووصفت مها موراني التي تقطن معليا الهجوم:

وقع الهجوم حوالي الساعة الثالثة والنصف مساء أمس

ولم يكشف حزب الله قط عن الهدف المقصود بهذه الضربات، على حد علمنا، ولا رد على طلباتنا بالحصول على معلومات.

مزرا: إصابة المستشفى النفسي

حوالي الساعة الثالثة مساء يوم السبت، 29 يوليو/تموز، سقط صاروخ على عنبر نزلاء بمركز مزرا للصحة النفسية، وهو المستشفى النفسي الوحيد في شمال إسرائيل. ويقع في كريات مزرا (تعدادها 3400 نسمة) حوالي 13 كيلومتراً من الحدود، وإلى جنوب نهاريا بالضبط. وفي المستشفى عنبر للمرضى النفسيين، ويقيم فيه ضحايا الهولوكوست، وهو العنبر الوحيد من نوعه في شمال إسرائيل.

وقالت مديرة المستشفى د. إلانا تال إنها لا تعرف بوجود قاعدة عسكرية أو هدف عسكري ثابت قرب المستشفى.173 وأضافت أن جيش الدفاع الإسرائيلي لم يقصف لبنان من المنطقة المحيطة في أي وقت من أوقات الحرب.

وتسبب الصاروخ – الذي كان معبأ بكريات معدنية – في إصابة المرضى والعاملين بالمستشفى، لكن دون أذى بدني. وطبقاً لدكتورة تال، فقد نقل العاملون المرضى إلى الجزء الخلفي من المبنى بعد انطلاق صفارة الإنذار. وكانت الملاجئ في المستشفى لا تسع إلا نذراً يسيراً من إجمالي المرضى.

وقالت دكتورة تال إنه بحلول يوم الهجوم، كان تعداد المرضى النزلاء قد تقلص من 300 إلى 216 نزيلاً بسبب الحرب. وبعد الضربة مباشرة، بدأ العاملون في نقل كل المرضى الـ 216 إلى مستشفى أبرابانيل وشاعار ميناشي في وسط إسرائيل، وهي العملية التي انتهت بحلول 30 يوليو/تموز.

وصبيحة يوم 30 يوليو/تموز، وفيما كان الإخلاء مستمراً، قالت تال إن خمسة أو ستة صواريخ أخرى أصابت المستشفى وما حوله، ومساحة المستشفى حوالي 0.15 كيلومتر مربع. ولم يتسبب في أضرار بدنية غير صاروخ واحد منها، فيما سقطت الصواريخ الأخرى في مناطق مفتوحة. وحقيقة أن مستشفى واحد قد أصيب مرتين في أيام متتالية توحي بأن الضربة الأولى لم تكن بالخطأ.

المغار

أصاب قرابة الأربعين صاروخاً بلدة المغار الواقعة شرقي الجليل وما حولها، طبقاً لعفيف هينو، المعلم المدرسي وأحد سكان المغار، وكانت شقيقته إحدى المرأتين الريفيتين اللتين قتلتهما الصواريخ.

وتقع البلدة على مسافة عشرين كيلومتراً جنوبيّ الحدود، وأصيبت البلدة التي يسكنها هجين من الدروز والمسلمين والمسيحيين – وتعدادها 19000 نسمة – أكثر مما أصيبت أي قرية أخرى في الجوار.

وعلى الرغم من أن المغار نفسها لا توجد فيها أهداف عسكرية، على حد علمنا، فهي تقع في منطقة عسكرية. فهناك قاعدة عسكرية كبيرة لجيش الدفاع الإسرائيلي تقع بالقرب من مدخلها، وتدعى ماشفي آلون، وقاعدة أخرى بين المغار وإيلابون، على مسافة ستة كيلومترات إلى الجنوب، وطبقاً لعفيف فهي مدججة بالأسلحة. وليس من المعروف إن كان حزب الله قد استهدف أي من هذين الهدفين العسكريين ووتيرة تكرر هذه الهجمات، لكن في 15 أغسطس/أب صدر بيان عن حزب الله يقول إنه في تمام الساعة 6:40 مساءً، تمت مهاجمة قاعدتي حامول وعيلابون "بعشرات الصواريخ.... رداً على العدوان الصهيوني القائم".

ويلزم القانون الإنساني الدولي إسرائيل، باعتبارها طرفاً في نزاع مسلح، وفي حدود الممكن، بتجنب وضع أهداف عسكرية في أو بالقرب من مناطق مكتظة بالسكان، وأن تحمي المدنيين الخاضعين لها من آثار الهجوم. وطبقاً لتقرير حكومي إسرائيلي فإن مجلس منطقة المغار الإقليمي أشار إلى أن نصف سكان المنطقة البالغ عددهم 19000 نسمة ليست لديهم الحماية التي توفرها الملاجئ.174

ووصف عفيف ما حدث في 4 أغسطس/أب، يوم قتل صاروخٌ شقيقته الصغيرة منال عزام، 27 عاماً:

كنا في بيتنا. سمعنا صفارات الإنذار وسمعنا انفجاراً قريباً وعرفنا أنه في منطقتنا. عدوت إلى السيارة، وتبينت شخصاً يطلب المساعدة. كان أخي، وهو جاري أيضاً، ومضيت إلى بيت أعلى، ونظرت ورأيت عموداً من الدخان والتراب، ورأيت أنه يتصاعد من بيت والدينا. وعدونا إلى هناك، وكانت الساعة 2:05 مساءً، وكانت قنبلة قد أصابت البيت المجاور. لم يكن أحد بالداخل، لكن منال تقيم في أحد شقق الأسرة المجاورة. وحين ذهبت إليها رأيت أبي قد دخل إلى الشقة وغادرها بالفعل. وقال لي إن منال "رحلت". تلقت إصابة خطيرة في رأسها.

ووصل عشرات من الناس. ودخلت الشقة ووجدتها ممددة على الأرض ميتة. ولم أر الطفلين، قنار، في السادسة، وآدم، في الثانية. وكان أحد الجيران قد جاء وأخذهما. وبعد خمس دقائق أحضروا الطفلين إلى سيارة الإسعاف. وكانت قد لحقت بهما إصابات طفيفة في جسديهما بسبب الشظايا. ونقلا إلى مستشفى بوريا [في طبرية] وتلقيا العلاج وخرجا في اليوم نفسه. وأخذت سيارة إسعاف منال إلى أبو كبير [معهد الطب الشرعي في يافا]. وتم دفنها في اليوم التالي، الخامس من أغسطس.

وكانت منال في السابعة والعشرين. وقتلت بينما هي تتجهز لحضور حفل عرس. وكان من المفترض أن يرجع زوجها من العمل ليصطحبها إلى العرس.

وبالنسبة لوالديّ كانت تلك هي ثاني مأساة. فلدينا شقيق كان ملازماً في جيش الدفاع الإسرائيلي وقتل في حادث سيارة عام 1997.175

ومواطنة المغار الأخرى التي قُتلت بسبب صواريخ حزب الله هي دعاء عباس، 15 عاماً، وكانت داخل بيتها حين أصابها صاروخ في 25 يوليو/تموز.

وكانت في الصواريخ التي أصابت المغار بعض الذخيرة العنقودية القادرة على إصابة الأشخاص. وذكرت الشرطة الإسرائيلية أن إسرائيلياً قد لاقى مصرعه بسبب صاروخ فيه ذخيرة عنقودية أثناء النزاع وكان من سكان المغار. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد أن صاروخاً عنقودياً قتل أي من عباس أو عزام، لكننا جمعنا أدلة مفادها أن ذخيرة عنقودية ضربت البلدة وتسببت في بعض الإصابات.

وأظهر لنا جهاد غانم، 43 عاماً، صاحب أحد المصانع، كريات معدنية بحجم 3 مم وقطعاً من المعدن قال إنه جمعها من أمام بيته بعد أن أصابه صاروخ بين الساعة الثانية والربع والثانية والنصف مساء 25 يوليو/تموز، وهو نفس اليوم الذي سقط فيه الصاروخ الذي تسبب في مقتل دعاء عباس. وكانت قطع المعدن من التي تتطابق مع الذخيرة العنقودية  إم زد دي-2 ونوع-90. وقال غانم أيضاً إنه وجد في الفناء علبة فيها ذخيرة صغيرة مصطفة فوق بعضها البعض.

رجل يحمل قطعاً من ذخيرة عنقودية من طراز إم زي دي – 2، قال إنها سقطت في باحة بيته في مغار في 25 يوليو/تموز 2006. وإلى اليسار كريات معدنية عيار 3 مم من النوع الذي أصاب أفراد أسرته. وإلى اليمين قطعاً من أطراف حاويات الذخيرة العنقودية العليا هذه. © بوني دوهرتي/هيومن رايتس ووتش

ويقع بيت غانم في الجزء الغربي من المغار، ويواجه بيتين آخرين يشغلهما أفراد من العائلة. وتسبب صاروخ 25 يوليو/تموز بإصابات طفيفة لابنه رامي، 8 سنوات، وشقيقه زياد، 35 عاماً، واخته سها، 33 عاماً. وفي ذراعي رامي ندوب غير منتظمة سببها قطع الشظايا وكذلك علامات دائرية صغيرة قال جهاد إن سببها الكريات المعدنية.

وتوحي الإصابات الطفيفة وحاوية الأسلحة الصغيرة التي وجدها غانم بأن الذخيرة العنقودية ربما لم تنتشر في محيط الانفجار على النحو المفترض.

وطبقاً لأشخاص آخرين من القرية، كان الصاروخ الذي أصاب بيت غانم جزءاً من ضربة صاروخية من 10 إلى 12 صاروخاً سقطت في المغار أو بالقرب منها ذلك المساء، واحد تلو الآخر. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد عدد الصواريخ التي شملتها الهجمة والتي تحتوي على ذخيرة عنقودية، لكن قال شهود عيان إن صاروخ واحد على الأقل من بين الصواريخ الأخرى يحتوي على ذخيرة عنقودية. وقام أمل هينو، 42 عاماً، وشقيق عفيف هينو وقريب منال عزام، بإظهار قطعاً منه لـ هيومن رايتس ووتش في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2006. وقال أمل هينو، الذي يصنع منتجات لأغراض البناء، إنه جمعها من حقل مفتوح في منطقة حريق على مشارف البلدة. وتتضمن هذه القطع أجزاءً متطابقة من الذخيرة العنقودية وأغطيتها.

ويسهل التعرف على ذخيرة إم زد دي-2 العنقودية. وهي تشبه أجراس أسطوانية صغيرة لها شريط من أحد أطرافها. ويتم لف شريط بلاستيكي ممتلئ بالكرات بحجم 3 مم أفقياً حول منتصف الأسطوانة. وداخلها شحنة تخترق الدروع. والكريات المعدنية التي تحملها صواريخ حزب الله من عيار 122 مم و220 مم – تلك التي لا تحتوي على ذخيرة عنقودية منها – يبلغ قطرها 6 مم.

ولم يرد حزب الله على الأسئلة التي أرسلتها إليه هيومن رايتس ووتش بشأن استخدام الذخيرة العنقودية، وأهدافه المقصودة، والاحتياطات التي يتخذها لإعفاء المدنيين من الضرر.

وليس من المعروف إن كانت صواريخ حزب الله قد أصابت أي من قواعد جيش الدفاع الإسرائيلي القريبة من المغار. وبالنظر إلى عدم دقة هذه الصواريخ التي يستخدمها حزب الله المعروفة، كان هناك ضرر محتمل وقوي بأنه حتى لو وجهت الصواريخ إلى هذه القواعد، فإن الصواريخ كانت لتسقط في البلدات القريبة. وقرار حزب الله بإطلاق هذه الصواريخ المحملة بالذخيرة العنقودية، والتي يعتبر انتشار أثرها على مدى مساحة واسعة يجعل منها خطراً بالغاً على المناطق السكنية بشكل خاص، يعتبر قراراً معبراً عن الطبيعة العشوائية لهذه الهجمات التي لا تميز بين المدنيين والعسكريين.

نهاريا

لا يدع اختبار نسق سقوط الصواريخ على مدينة نهاريا، وبيانات حزب الله المعلنة عنها مجالاً للشك في أن حزب الله استهدف المدينة نفسها وليس أي هدف عسكري. وفي 12 يوماً منفصلاً على الأقل أثناء النزاع، أصدر حزب الله بيانات ذكر فيها أنه هاجم نهاريا في وقت سابق من اليوم، ولم يتقدم بتفاصيل عن أهدافه داخل المدينة.

ونهاريا مدينة ساحلية يسكنها 50500 نسمة، ويعيشون في خليط من المنازل والعمارات السكنية متعددة الطوابق. والمدينة هي أبعد مدينة ساحلية إلى الشمال، وعلى مسافة 10 كيلومترات لا أكثر جنوبيّ الحدود.ومساحتها 10.5 كيلومتر مربع، وسكانها يهود بنسبة 100%. وعلى حد علمنا، لم يكن ثمة تواجد عسكري أو نشاط عسكري داخل المدينة أثناء النزاع المسلح.

وقد أصاب ما لا يقل عن 880 صاروخاً من صواريخ حزب الله منطقة نهاريا أثناء نزاع 2006، طبقاً للإحصائيات الرسمية، وتسببت في مقتل شخصين وإصابة 94 أو 95 آخرين. ووقعت معظم الإصابات في 13 يوليو/تموز، حين لحقت إصابات بـ 28 مدنياً. وكانت بعض الإصابات من معتدلة إلى خطيرة، ومنها إصابة تطلبت بتر الساق. ويمكن أن يُعزى عدد الإصابات المميتة والخطيرة القليل إلى تدابير الدفاع المدني. فسكان المدينة، الذين اعتادوا القصف الصاروخي في الماضي، كانوا مدربين تدريباً جيداً على اللجوء إلى الملاجئ العامة، وإلى ملاجئ الأحياء، وإلى حجرات الأمان الخاصة. وانتقل بعض سكان المدينة أثناء الحرب إلى أجزاء أخرى من البلاد، فيما نقلت السلطات بعضهم الآخر بالحافلات لفترات وجيزة.

وقصف حزب الله نهاريا بالصواريخ فيما مضى، لكن "لم يكن في القصف السابق شيء كهذا"، على حد قول غاليا مور، مديرة العلاقات العامة بالمدينة.176 وقالت إن قرب المدينة من الحدود وكونها في مجال الصواريخ المحتمل تسبب على مدى السنوات في أضرار لحقت بالسياحة في المدينة، وقللت من الاستثمارات، وأجبرت بعض الملاك على تحويل فنادقهم إلى شقق سكنية.

وفي 13 يوليو/تموز، اليوم التالي على بدء الاقتتال، بدأت الصواريخ تصيب نهاريا. وفي ذلك الصباح، أصاب صاروخ سقف مبنى شقق سكنية واخترقه إلى الشقة الواقعة تحته، ليتسبب في مقتل المهاجرة الأرجنتينية مونيكا سيدمان، 40 عاماً. ويقع المبنى في حي نيفي إسحاق رابين السكني، شرقي مركز المدينة. وتسبب أحد صواريخ حزب الله في مقتل مدني إسرائيلي آخر ذلك اليوم، وهو نيتزو روبين، 33 عاماً، من مدينة الصفد.

ومنذ 13 يوليو/تموز، راحت الصواريخ تسقط على نهاريا يومياً تقريباً، وسقط عليها عدد أكبر مما أصاب أي مدينة أخرى بخلاف كريات شمونا. ومن بين هذه الصواريخ، أصابت 195 منها السيارات والبيوت وغيرها من الأشياء على نحو مباشر، على حد قول مور. وأبلغ السكان والملاك عن ضرر تسببت فيه الصواريخ لحق بحوالي 1500 بيت ومحل عمل صغير، و155 سيارة، على حد قولها.

ومعظم الصواريخ التي أصابت نهاريا كانت من عيار 122 مم، طبقاً لكوبي بشار، مسؤول الشرطة في منطقة زيفولون. وبعض هذه الصواريخ كانت مجهزة بكريات معدنية. وأصابت بعض صواريخ 240 مم أيضاً المدينة أثناء مجريات الحرب، طبقاً لمايكل كارداش، نائب رئيس وحدة المتفجرات بالشرطة الإسرائيلية.177

وأحد الأهداف العسكرية المحتملة قد يكون مصنع بليدز تكنولوجي ليمتد (ما زال معروفاً على المستوى المحلي باسمه السابق: إسكار)، الذي يقع في الجزء الشمالي من المدينة. والشركة هي واحدة من كبرى شركات صناعة المراوح الدولية لمحركات الطائرات. وطبقاً لمور، فقد أصاب عدد من الصواريخ مجمع شركة بليدز تكنولوجي أثناء النزاع. وبينما تقول إن الجزء الشمالي من المدينة قد تضرر أكثر من الجزء الجنوبي، نالت أحياء المدينة السكنية كلها نصيبها من القصف الصاروخي مراراً.

وتظهر خريطة توضيحية لأماكن سقوط الصواريخ، كما رسمتها مور، أن القصف كان منتشراً بالحد الذي يوحي بأن حزب الله كان يقصف مساحة الـ 10.5 كيلومتر مربع التي تقع عليها المدينة ذاتها، بغض النظر عن استهدافه مصنع بليدز تكنولوجي من عدمه.

وربما كانت نهاريا مستعدة، لكن الهجمات الصاروخية المتكررة كان لها أثرها النفسي والبدني على السكان. وحين زارت هيومن رايتس ووتش ملاجئ صواريخ في نهاريا في يوليو/تموز، كانت معظمها مزدحمة ومرتفعة الحرارة. وقضي سكان محليون أياماً وليالٍ كثيرة في الملاجئ منذ بدء النزاع.

ووصفت روزا غوتمان إحدى ساكنات نهاريا، 52 عاماً، الصعوبات التي يواجهها المسنون في استخدام الملاجئ، وقالت: "من الصعب دخول المسنين إلى الملاجئ بسبب درجات السلم". وأضافت: "ومن الصعب عليهم النزول سريعاً إلى ملجأ ثم الصعود منه فيما بعد. والملاجئ مكتظة بشاغليها ولا يوجد بها ما يكفي من المساحة للجميع".178

وقالت امرأة أخرى كانت مع غوتمان في نفس الملجأ:

إننا في الملجأ طوال الوقت، منذ اليوم الذي بدأ فيه النزاع. ولا نغادر إلا حين يعلن قسم الطوارئ في مكبر الصوت أن بإمكاننا الخروج. وأحياناً نظل في الملجأ طوال النهار ونذهب للبيت لننام ليلاً. وبالأمس ذهبنا إلى البيت حوالي منتصف الليل لننام، لكن حوالي الساعة الثانية صباحاً بدأت الصواريخ تنهمر وفي الخامسة صباحاً كنا قد نلنا كفايتنا وعدنا إلى الملاجئ. إننا بحاجة لمزيد من المراقد للنوم هنا. والأمر صعب على الأخص بالنسبة للأطفال، فهم يشعرون بالملل والخوف.

وبالإضافة لمونيكا سيدمان، لحقت الإصابة القاتلة الأخرى في نهاريا بأندري زلانسكي، 37 عاماً، الذي لاقى حتفه قرب مدخل أحد الملاجئ في حي راغوم مساء 18 يوليو/تموز. ووصل باحثو هيومن رايتس ووتش إلى مسرح الأحداث بعد وقوع هجوم مباشرة، وتكلموا إلى شاهد العيان إلياف سيان، 34 عاماً:

وضع الرجل زوجته وطفلته في ملجأ القنابل ثم خرج، ولست واثقاً من السبب. لم تكن صفارات الإنذار تدوي في ذلك الوقت، بل مجرد تحذير عام بالدخول والبقاء داخل الملاجئ. وكنت واقفاً بالقرب من مدخل الملجأ، والرجل على مسافة أمتار مني. وفجأة سمعت الصفارة تدوي، وبسرعة ركضت إلى الداخل. ولم ينجح الرجل من بلوغ الملجأ وقتل على الفور جراء الإصابة بالصاروخ.

وعرفت هيومن رايتس ووتش فيما بعد أن زلانسكي كان قد خرج من الملجأ لإحضار بطانيات لابنته. وقال يواف زالغان، 35 عاماً، وهو رجل ظل في الملجأ ولم يخرج: "كان الملجأ يأوي 70 شخصاً قبل ما حدث، لكن بعد موته، غادر الكثيرون البلدة، خاصة من لديهم أطفال". وأضاف: "والآن يشغل الملجأ في العادة حوالي 30 شخصاً".

وفي اليوم نفسه، شهد موشيه زامير أحد سكان نهاريا، 56 عاماً، ضربة صاروخية على بيت جاره، وقال: "حوالي الساعة السادسة مساءً، خرجت للجلوس عند شرفة بيتي الأمامية". وتابع قائلاً: "وفجأة سمعت دوي هائل وجلست القرفصاء سريعاً على الأرض. ورأيت الركام يتطاير في كل مكان، وعدوت إلى داخل بيتي". وأصاب الصاروخ بيت جيرانه، عائلة أكوكا، الذين كانوا قد غادروا المدينة، على حد قوله.179

وفي اليوم الذي تسبب فيه الصاروخ في مقتل زلانسكي، أعلن حزب الله في بيان له أنه هاجم "مستوطنة" نهاريا وأهداف أخرى "رداً على هجمات العدو الصهيوني على مناطق في لبنان".

مستشفى نهاريا

يقع مستشفى غرب الجليل، والذي اشتهر باسم مستشفى نهاريا، قرابة البلدة، حوالي 3 كيلومترات شرقي مركز المدينة. وهو محاط بحقول مفتوحة، ولا توجد أغراض عسكرية بالقرب منه على حد علمنا. والمستشفى كبير وحديث ومكون من عدة طوابق، ويمكن رؤيته من عند الحدود اللبنانية. ويخدم المستشفى نصف مليون شخص في منطقة غرب الجليل، من كرمائيل إلى الساحل. وأثناء حرب 2006، تلقى المستشفى 1872 مريضاً، منهم 343 جندياً، طبقاً للمتحدث باسم المستشفى زيف فاربر.180 وقد حول المستشفى قبوه منذ أعوام إلى عنابر طبية ليتم العمل فيه تحت الأرض إذا استدعت الحاجة، في مأمن من الهجمات الصاروخية.

وحين ضرب صاروخ عنبر العيون في الطابق الرابع، في الجانب الشمالي من المبنى، حوالي الساعة الخامسة والنصف مساء 28 يوليو/تموز، لم يتعرض أحد لإصابة لأن المرضى والعاملون كانوا قد انتقلوا إلى قبو المستشفى. وخلف الصاروخ، الذي كان يحتوي على كريات معدنية، فجوة في الجدار الخارجي وتسبب في تدمير ثمان حجرات، بالاسرة، والمعدات، ومختلف الأنظمة المجهزة في الاسقف والجدران.

وتبدو إصابة المستشفى عمدية لدى فحصها على ضوء دراسة الصواريخ الكثيرة التي اخطأت أهدافها في الحرب. وكان دكتور جاك ستوريلو، مدير قسم الطوارئ، قد عمل بالمستشفى منذ 12 يوليو/تموز إلى 4 أغسطس/أب، وقال: "أنا واثق تماماً من أنهم يحاولون إصابة المستشفى". وتابع: "سقطت حول المستشفى أثناء الحرب عشرة صواريخ على الأقل، منذ أيام الحرب الأولى، إلى أخر الأيام. وفي نفس الصباح الذي أصيب فيه المستشفى، سقط صاروخ آخر إلى جوار ساحة انتظار سيارات المستشفى".

ويمكن للمرء حين يطل من نوافذ عنبر العيون المحطمة، أن يرى بسهولة التلال على الجانب اللبناني من الحدود، والتي انطلقت منها الصواريخ. وقال فاربر: "لا توجد قواعد عسكرية هنا، لا شيء عسكري بالمرة". وأضاف: "أعتقد أنهم يعرفون تمام المعرفة أنهم كانوا يقصفون أحد المستشفيات".

الناصرة

في 19 يوليو/تموز، سقط اثنان من الصواريخ المحملة بالكريات المعدنية على مدينة الناصرة العربية. وتسبب الأول في مقتل صبيين صغيرين على أطراف المدينة وتسبب الثاني في أضرار جسيمة لحقت بمتجر لبيع السيارات في منطقة وسط المدينة، وبالكاد أفلت المدنيون من الإصابات. وكان هذان هما الصاروخان الوحيدان اللذان يسببان أي أضرار أثناء الحرب للناصرة، وهي مدينة أغلبية سكانها من العرب، وتعدادها 65000 نسمة، وتقع على مسافة حوالي 40 كيلومتراً من الحدود اللبنانية. وطبقاً للإحصائيات الإسرائيلية الرسمية، سقطت أربعة صواريخ أخرى في منطقة الناصرة لكن خارج حدود المدينة، وسقط أحدها على مدينة الناصرة عيليت (الناصرة العليا) اليهودية المجاورة.

ووالد الطفلين اللذين قتلا هو عبد الرحيم طلوزة، وهو رسام عاطل عن العمل، ووصف أحداث مساء يوم 19 يوليو/تموز. كان نائماً في فترة ما بعد الظهر في بيته بحي الصفافرة حين وقع انفجار حوالي الساعة 4:45 مساءً ليوقظه من نومه. وسرعان ما شرع هو وزوجته نُهاد على الفور في البحث عن أطفالهما الثمانية. واكتشف أن الصبيين الأكبر، معتز، 14 عاماً، وعلاء، 13 عاماً، قد اصطحبا اثنين من أشقائهما الصغار، محمود، 4 أعوام، وربيع، 8 أعوام، للخارج لكي يلعبوا. وكان الصبية الأربعة سائرين في حارة ضيقة منحدرة قريبة من البيت حين ضرب صاروخٌ جانب الطريق. وكان الصبيان الأكبر على مسافة أبعد من الانفجار ونجيا من الإصابات، لكن ربيع ومحمود، على مسافة خمسة وثمانية أمتار من الانفجار على التوالي، توفيا في منطقة الانفجار، وتفحم جسديهما بفعل انفجار الصاروخ. وامتلأ صدر ربيع بالثقوب التي تسببت فيها كريات الصاروخ المعدنية، ولحقت بمحمود إصابات من شظايا الصاروخ.181

إطار لمرآة مرور في الناصرة تم اختراقه بكريات معدنية عيار 6 مم من صاروخ سقط بالقرب منها في 19 يوليو/تموز 2006، ليتسبب في مقتل محمود طلوزة، 4 سنوات، وشقيقه ربيع طلوزة، 8 سنوات. © بوني دوهرتي/هيومن رايتس ووتش

وطبقاً لسكان الناصرة، فبعد سقوط الصاروخ بأقل من دقيقة، تلاه آخر سقط في منطقة وسط الناصرة، ليصيب متجر لبيع السيارات ومرأب يمتلكهما أسد أبو النجا أسد منذ 35 عاماً. وتسبب الانفجار في تحطم المرأب، ومكتب ممتلئ بأجهزة الكمبيوتر، وأجهزة لتشخيص أعطال السيارات، وعدة سيارات كانت قيد الإصلاح في المتجر، وثلاث سيارات جديدة معروضة للبيع كانت قد وصلت إلى المتجر ذلك اليوم. ووقع الانفجار يوم الأربعاء، وهو اليوم الذي يوصد فيه المتجر وغيره من المتاجر المحلية أبوابها مبكراً. كما أن 20 عاملاً على الأقل كانوا في المرأب، على حد قول أبو النجا.182

وقال زوهار موسلاي من الشرطة الإسرائيلية: "المسافة بين الموقعين اللذين سقط الصاروخين عليهما هي واحد ونصف كيلومتر إلى كيلومترين. وبمحض الصدفة كنت أنا ورئيس الشرطة المحلي في دورية على مسافة 50 متراً من حيث سقط الشقيقان قتلى في حي الصفافرة. وأصيب المكان بضرر جسيم وبالشظايا، وكانت ناجمة عن صاروخ عيار 220 مم".183

وحين سُئل عن الأهداف العسكرية المتوقعة في الناصرة التي قد يحاول حزب الله إصابتها، قال عبد الرحيم طلوزة إنه يعتقد أن الصاروخ الذي قتل ابنيه كان يقصد إصابة قسم شرطة القشلي، وهو مبنى كبير قديم يقبع أعلى أحد التلال، على بعد حوالي 100 متر أعلى الحارة المنحدرة التي أصابها الصاروخ. وقال طلوزة إنه يعتقد أن قسم الشرطة يعتبر هدفاً عسكرياً لأنه يحتوي على معدات اتصالات معقدة ومتطورة. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد أو دحض رأيه هذا.

وتوجد قاعدة عسكرية على مسافة بضعة مئات من الأمتار من متجر السيارات، في حي بير الأمين بالمدينة، في منطقة جبل الدولة. وفي المنطقة المحيطة بالناصرة وفي القرى العربية القريبة، توجد عدّة مراكز صناعية وقواعد عسكرية تابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي، ومنها مخيم كفارها حوريش على بعد حوالي نصف الكيلومتر جنوبيّ المدينة، وقاعدة رامات ديفيد (ناهالال) الجوية على مسافة 12 كيلومتراً غربيّ البلدة.

واعتذر زعيم حزب الله، نصر الله، علناً على الصاروخ الذي حصد أرواح ربيع ومحمود طلوزة. وفي مقابلة على قناة الجزيرة التلفزيونية في اليوم التالي قال: "أتوجه إلى العائلة التي أصيبت، اعتذر من هذه العائلة، الاعتذار لا يكفي، أتحمل كامل المسؤولية، لم يکن مقصودا على الإطلاق

مستوطنة سار

تقع مستوطنة سار إلى الشمال الشرقي من نهاريا وعلى مسافة عدة كيلومترات من الحدود. والأغلبية العظمى من سكانها الـ 450، ومنهم كل الأطفال، غادروا في الأسبوع الأول من النزاع، ومن ظلوا فيها قضوا معظم الوقت في الملاجئ.

وفي 2 أغسطس/أب، تسبب صاروخ في مقتل ديفيد لالشوك، أحد سكان المستوطنة، 52 عاماً، وكان قد ظل في المستوطنة ليرعى بستان فواكه الحمضيات الخاص به. وفي حوالي الساعة 1 مساءً غادر البيت على دراجته في طريقه إلى البستان، لكنه عاد أدراجه حين انطلقت صفارة الإنذار. وكاد يصل حين ضرب صاروخ الباحة، مرسلاً بشظايا كبيرة اخترقت جسده. ولاقى لالشوك حتفه حيث أصيب بالشظايا. وكان قد هاجر منذ سنوات إلى إسرائيل قادماً من الولايات المتحدة، وغادرت زوجته وأطفاله المستوطنة أثناء النزاع.

وقال ياير بويمال سكرتير المستوطنة في اليوم التالي على الحادث إنه أثناء الأسابيع الثلاثة السابقة، سقطت سبعة صواريخ على المستوطنة نفسها، وصواريخ أخرى كثيرة على البساتين والحقول التي تملكها المستوطنة، وأضاف:

لم نتمكن طيلة ثلاثة أسابيع من الاعتناء بزراعات الفواكه الحمضية والأفوكادو، ولا الحقول. ومصنع أنظمة الري هنا كاد يقفل أبوابه. إننا نخسر النقود، ونخسر العملاء، لكن لا يمكننا مغادرة الملاجئ طوال الوقت تقريباً، دعك من قدرتنا على العمل من الأساس.185

ولم يكشف حزب الله عن هدفه المقصود من هذا الهجوم، على حد علمنا، ولم يرد على طلب هيومن رايتس ووتش بالحصول على معلومات. ولم تتأكد هيومن رايتس ووتش من إذا كان ثمة أهداف عسكرية قريبة من موقع سقوط هذا الصاروخ.

الصفد

الصفد هي مدينة يشغلها 28100 نسمة شرقي الجليل، وتقع على التلال وعلى مسافة 13 جنوبيّ الحدود. وطبقاً للإحصائيات الإسرائيلية، فقد أصاب 73 صاروخاً المدينة وسقط 397 صاروخاً آخر بالقرب منها. وتكبدت الصفد خسارة واحدة في الأرواح، وهو نيتزو روبين، 33 عاماً، وتسبب صاروخ ضرب الشارع بالقرب منه في وفاته يوم 13 يوليو/تموز.

وسقطت الصواريخ في كل أرجاء المدينة، لكنها كانت تسقط في منطقتين بالأساس، طبقاً لمايكل كارداش، من الشرطة الإسرائيلية: واحدة بالقرب من مقر قيادة جيش الدفاع الإسرئيلي في الشمال، على الأطراف الشمالية للمدينة، والأخرى قرب مستشفى زيف، في الجزء الجنوبي الغربي من المدينة، على مسافة ثلاثة كيلومترات تقريباً.186 ويعالج المستشفى المدنيين بالأساس، لكنه يعالج أيضاً الجنود الذين تعرضوا لإصابات في لبنان، وتنقلهم الطوافات في العادة إلى المستشفى. ومقر جيش الدفاع الإسرائيلي في الشمال هدف عسكري مشروع، والمستشفى ليست كذلك، بغض النظر عن علاجها للجنود بالإضافة لعلاجها المدنيين.

وسقط صاروخ إلى جوار الركن الشمالي الغربي من المستشفى الساعة 11 مساء يوم 17 يوليو/تموز على مسافة 5 أمتار تقريباً من جدار المستشفى. وتسبب الانفجار في تحطم النوافذ القريبة وبعض النوافذ الأخرى من الطابق الأول إلى الرابع، متسبباً في أضرار لحقت بالعنابر الجراحية وإقامة النزلاء وقسم الأطفال. كما ألحق أضراراً بملحق خرساني تابع لمبنى المستشفى وفيه بعضاً من مياه المستشفى ونظم معالجة الوقود.

ووصف روني بيري، 37 عاماً، أحد نزلاء المستشفى ما حدث:

كنا نشاهد التلفزيون مساءً في حجرتنا. لكن قبل ثوانٍ من سقوط الصاروخ خرجنا إلى الشرفة الخاصة بطابقنا. وفجأة ضرب شيء ما الجدار تحتنا ورأينا وميض هائل من النور الأصفر وتطايرت شظايا الزجاج. ورأيت صبياً عاجزاً معنا في الشرفة، وأصابته شظايا الزجاج في رأسه. وكنا قد خرجنا إلى الشرفة للتدخين. وكانت طوافة تحلق فوقنا على مسافة قريبة، وسمعنا صفارة إنذار وحاولنا العودة للداخل، لكن الصاروخ جاء سريعاً، ولم نكن قد دخلنا بعد حين سقط. وكنا ثلاثة في الشرفة، أنا ورجل آخر والصبي المقعد. ويمكن للمرء حقاً أن يرى ويسمع الانفجار ويشعر به في الوقت نفسه. والانفجار ينتزع المرء انتزاعاً، فسقطنا على الجانب الآخر من الشرفة. وأصبت في ذراعيّ وساقيّ من الزجاج، وضربت قطعة معدنية الشرفة. وكانت الشظايا، وليس الضغط الناجم عن الانفجار، هي التي حطمت النوافذ.187

وقال ناتان صنوف، رئيس الأمن بالمستشفى، إنه بعد الانفجار نقلت الإدارة المرضى إلى تحت الأرض، إلى العنابر التي تواجه الجنوب في المستشفى، وصرفت بعض الذين تمكنت من صرفهم. وحطم الصاروخ نوافذ خمسين إلى ستين حجرة، على حد قول دكتور أمير حسين، رئيس قسم الطوارئ بالمستشفى، وأضاف أنه بسبب الهجمات الصاروخية، أرسل الكثير من العاملين بالمستشفى بعائلاتهم إلى وسط البلاد بينما ناموا هم أنفسهم – العاملون – في المستشفى.188

وفي بيان صدر في وقت لاحق من نفس مساء القصف القريب من المستشفى، أعلن حزب الله أنه في تمام الساعة 10:15 مساءً، ضرب الصفد، وكذلك عدة بلدات ومدن أخرى. وأعلن في بيان منفصل عن قصفه الساعة 10:10 مساءً لقيادة جيش الدفاع الإسرائيلي الشمالية في المدينة.




125   ما لم ينص على خلاف ذلك، فالمعلومات الواردة عن سكان البلدات والمدن الإسرائيلية مأخوذة من مكتب الإحصاءات المركزية الإسرائيلي، والبيانات بتاريخ 31 ديسمبر/كانون الأول 2006: http://www.cbs.gov.il/population/new_2007/table3.pdf (تم الاطلاع عليه في 25 مايو/أيار 2007).

126  بريد إلكتروني من مايكل كارداش إلى هيومن رايتس ووتش، 21 يونيو/حزيران 2007. وجاء في بيانات سابقة للشرطة أن 106 صاروخاً قد سقطت في وحول عكا، و24 منها سقطت داخل المدينة. "الحرب في الشمال" عرض على الكمبيوتر.

127  مقابلة هيومن رايتس ووتش، نهاريا، 4 أغسطس/أب 2006.

128  مقالة هيومن رايتس ووتش، نهاريا، 3 أغسطس/أب 2006.

129  مقابلة هيومن رايتس ووتش، عرب العرامشة، 30 سبتمبر/أيلول 2006.

130  انظر البروتوكول الأول، المادة 58 (ج).

131  انظر البروتوكول الأول، المادة 58 (ب).

132  انظر البروتوكول الأول، المادة 58 (أ).

133  مقابلة هيومن رايتس ووتش، تل أبيب، 2 يوليو/تموز 2007.

134  الشرطة الإسرائيلية: "الضربات الصاروخية على حيفا" عرض بالكمبيوتر، غير محدد التاريخ لكن الأرجح أنه في أواخر عام 2006، مسجل لدى هيومن رايتس ووتش. و: مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نير ميري إيش، رئيس شرطة حيفا، حيفا، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

135  الحرب على حيفا، يوليو/تموز – أغسطس/أب 2006، عرض بالكمبيوتر حصلت عليه هيومن رايتس ووتش من شرطة حيفا، التاريخ غير محدد، لكنه في أواخر عام 2006.

136  انظر هيومن رايتس ووتش:

Needless Deaths in the Gulf War: Civilian Casualties during the Air Campaign and Violations of the Laws of War, 1991, chapter 8, http://www.hrw.org/reports/1991/gulfwar/CHAP8.htm.

138  مقابلة هيومن رايتس ووتش، حيفا، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

139  نصر الله: نحن مستعدون لمواجهة العدوان الأرضي"، صحيفة النهار، 17 يوليو/تموز 2006.

141  مقابلة هيومن رايتس ووتش، حيفا، 19 يوليو/تموز 2006.

142  مقابلة هيومن رايتس ووتش، حيفا، 17 يوليو/تموز 2006.

143  بريد إلكتروني لـ هيومن رايتس ووتش، 23 يونيو/حزيران 2007.

144  مقابلة هيومن رايتس ووتش، حيفا، 19 يوليو/تموز 2006.

145  مقابلة هيومن رايتس ووتش، حيفا، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

146  فادي إيادات، "ضحايا صواريخ الكاتيوشا العرب مر عليهم عام من العذاب في العناية المركزة"، ها آرتس، 5 يوليو/تموز 2007.

147  أصدر حزب الله بياناً ذلك اليوم يقول فيه إن الهجوم على حيفا في الساعة 11 صباحاً بصواريخ راد-2 كان رداً على "عدوان" إسرائيل على لبنان.

148  مقابلة هيومن رايتس ووتش، كرمائيل، 9 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

149  مقابلة هيومن رايتس ووتش، كرمائيل، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

150  مقابلة هيومن رايتس ووتش، القدس، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

151  منشور حصلت عليه هيومن رايتس ووتش من نسيم ليفي، رئيس وحدة المتفجرات، راملي، 17 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

152  مقابلة هيومن رايتس ووتش، مجد الكروم، 30 سبتمبر/أيلول 2006.

153  مقابلة هيومن رايتس ووتش، مجد الكروم، 30 سبتمبر/أيلول 2006.

154  مقابلة هيومن رايتس ووتش، مجد الكروم، 30 سبتمبر/أيلول 2006.

155  مقابلة هيومن رايتس ووتش، دير الأسد، 30 سبتمبر/أيلول 2006.

156  مقابلة هيومن رايتس ووتش، نهاريا، 16 يوليو/تموز 2006.

157  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يديديا فرودينبرغ، رئيس خدمات الطوارئ في بلدية كريات شمونا، يونيو/حزيران 1996 (http://www.hrw.org/reports/1997/isrleb/Isrleb-02.htm#P635_149465)

158  مقابلة هيومن رايتس ووتش، كريات شمونا، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

159  حماية المستشفيات وغيرها من الوحدات الطبية في كل من القانون الدولي العرفي وقانون الاتفاقيات، ومنه أنظمة لاهاي لعام 1907، المادة 27. واتفاقية جنيف الأولى والرابعة (المواد 19 و18 على التوالي)، والبروتوكول الأول والثاني (المواد 12 و11 على التوالي).

160  اللجنة الدولية للصليب الأحمر، القانون الدولي الإنساني العرفي، ص 95.

161  مقابلة هيومن رايتس ووتش، كريات شمونا، 23 يوليو/تموز 2006.

162  مقابلة هيومن رايتس ووتش، كريات شايم، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

163  نصر الله: نحن مستعدون للهجوم البري، صحيفة النهار، 17 يوليو/تموز 2006.

164  مقابلة هيومن رايتس ووتش، كريات آتا، 23 يوليو/تموز 2006.

165  مقابلة هيومن رايتس ووتش، كريات يام، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

166  مقابلة هيومن رايتس ووتش، كريات يام، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

167  يدرج البيان الإحصائي مناطق مثل ميعونا، وهي منطقة مركزها بلدة معلوت ترشيحا.

168  توجد نسخة محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش.

169  مقابلة هيومن رايتس ووتش، معلوت ترشيحا، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

170  مقابلة هيومن رايتس ووتش، معلوت ترشيحا، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

171  كما أعدوا موقعاً إلكترونياً بعنوان: www.rip-mohammed.tk

173  مقابلة هيومن رايتس ووتش، مزرا، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2007.

174  مسؤول الإحصاءات الإسرائيلي، "حالة الجبهة وشئونها أثناء الحرب اللبنانية الثانية". (He'archut Ha'oref vetifkudo bemilhemet Levanon Hashniya) بالعبرية على: http://www.mevaker.gov.il/serve/contentTree.asp?bookid=493&id=188&contentid=&parentcid=undefined&sw=1280&hw=954, July 18, 2007 (تم الاطلاع عليه 21 يوليو/تموز 2007).

175  مقابلة هيومن رايتس ووتش، المغار، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2007.

176  مقابلة هيومن رايتس ووتش، نهاريا، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

177  مقابلة هيومن رايتس ووتش، القدس، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

178  مقابلة هيومن رايتس ووتش، نهاريا، 18 يوليو/تموز 2006.

179  مقابلة هيومن رايتس ووتش، نهاريا، 18 يوليو/تموز 2006.

180  مقابلة هيومن رايتس ووتش، نهاريا، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2006. بموجب القانون الإنساني، فوجود الجنود الجرحى في مستشفى ما لا يحول المنشأة إلى هدف عسكري. انظر، على سبيل المثال، اتفاقية جنيف الأولى، المادة 19، والبروتوكول الأول، مادة 12.

181  مقابلة هيومن رايتس ووتش، الناصرة، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

182  مقابلة هيومن رايتس ووتش، الناصرة، 20 يوليو/تموز 2006.

183  مقابلة هيومن رايتس ووتش، الناصرة، 20 يوليو/تموز 2006.

185  مقابلة هيومن رايتس ووتش، مستوطنة سار، 3 أغسطس/أب 2006.

186  مقابلة هيومن رايتس ووتش، القدس، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

187  مقابلة هيومن رايتس ووتش، الصفد، 18 يوليو/تموز 2006.

188  مقابلة هيومن رايتس ووتش، الصفد، 18 يوليو/تموز 2006.