الولايات المتحدة الأمريكية
USA
Report



الولايات المتحدة
  

مختفيين الولايات المتحدة :
أشباح المخابرات الأمريكية المحتجزين لفترات طويلة الأمد

الملخص التنفيذي

تم اعتقال السجين في منتصف الليل قبل 19 شهراً. وتم تقنيع رأسه ونقله الى مكان غير مُذاع ولم تعرف أخباره منذ ذلك الحين. واستعمل المحققون مستويات متدرجة من القوة ضده تضمنت إسلوب "الإغراق بالماء" - المعروف في امريكا اللاتينية بإسم "submarino" - وفيه يتم ربط المعتقل ودفعه بالقوة تحت الماء كي يشعر بأنه سيغرق. كذلك تم اعتقال إبنيه اللذان يبلغان من العمر 7 و 9 سنين، على ما يبدو لإرغامه على الإعتراف.

استعمال الإختفاءات القسرية والحجز الإنفرادي السري تنتهك أهم المبادئ الأساسية لأي مجتمع حر. فعندما عذبت الأرجنتين ومارست "الإختفاء" القسري ضد المشتبه بانتمائهم للمعارضة بحجة محاربة من أسمتهم بـ"الإرهابيين" كانت مخطئة. وعندما تعذب الولايات المتحدة و"تخفي" المشتبه بكونهم إرهابيين- حتى هؤلاء المتهمين بتدبير أفظع الهجمات- فإنها أيضاً تكون مخطئة. وكون الولايات المتحدة تحارب إرهاباً من نوع آخر،لا يغير ذلك من طبيعة الأساليب المحظورة التي توظفها في مكافحة الإرهاب.

The United States’ “Disappeared”
The CIA’s Long-Term “Ghost Detainees”


هذه الأساليب مألوفة بين الدكتاتوريات القمعية. لكن المحققين ليسوا من بلد دكتاتوري وإنما من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ، السي آي إيه.
هذا السجين هو خالد شيخ محمد، الذي يزعم بأنه المخطط الرئيسي وراء هجمات 11 سبتمبر/أيلول. وهو واحد من بين حوالي 12 من أعلى مسئولي تنظيم القاعدة الذين "اختفوا" في الحجز الأمريكي.

وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 ضد الولايات المتحدة انتهكت إدارة الرئيس بوش المعايير القانونية الأساسية في تعاملها مع المعتقلين الأمنيين. فقد تم احتجاز الكثيرين في سجون خارج الولايات المتحدة وأشهرها سجن جوانتانامو في كوبا. وبناءاً على المعلومات المتوفرة لدينا الآن، تعرض السجناء المتهمين بالإرهاب- ولا تتوفر أدلة على ذلك ضد الكثير منهم- لسوء المعاملة والإهانة والتعذيب. وربما أكثر نهج شكَّلَ تحدي جذري لمرتكزات القانون الأمريكي والقانون الدولي هو الاعتقال الانفرادي وطويل الأمد في مواقع غير مُصَّرَح بها للمشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة.

"الإختفاءات" كانت علامة الإنتهاك المميزة للدكتاتوريات العسكرية في أمريكا اللاتينة في "الحرب القذرة" ضد التآمر المزعوم. والآن أصبحت تكتيك الولايات المتحدة في صراعها مع القاعدة.
ويضم سجناء السي آي إى "المختفين"
أبو زبيده، مساعد مقرب لأسامه بن لادن،
ورمزي بن الشيب الذي ربما كان أحد المختطِفين في 9/11 لولا فشله في الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة،
وحمبلي وهو أحد حلفاء القاعدة الأساسيين في جنوب شرق آسيا
وعبد الرحمن الناشري الذي يزعم بأنه العقل المدبر وراء تفجير المدمرة كول.

ووفقاً لـ"الفريق المستقل لتقييم عمليات السجن لوزارة الدفاع" الذي يترأسه وزير الدفاع السابق جيمس شلسينجر، فقد صُرح للسي آي أى "بالعمل وفقاً لقواعد مختلفة" عن تلك السارية على الجيش الأمريكي. وانبثقت هذه الأنظمة جزئياً من مذكرة من وزارة العدل في آب/أغسطس 2002 رداً على طلب من السي آي إى لتلقي إرشادات، حيث نصت المذكرة على أن تعذيب معتقلي القاعدة "قابل للتبرير" وأن القوانين الدولية ضد التعذيب "قد تكون غير دستورية إذا تم تطبيقها في عمليات التحقيق" التي تتم في سياق الحرب ضد الإرهاب.

ويذكر بأنه ورد أن بعض المعتقلين مثل خالد شيخ محمد تعرضوا بالفعل للتعذيب خلال الحجز. ويزعم بأن العديد منهم قدموا معلومات سرية ومهمة أدت لإفشال مؤامرات وأنقذت حياة الكثيرين. ويقال بأن البعض كذبوا تحت الإكراه لإرضاء محتجزيهم. (وعلى ما يبدو فإن إبن الشيخ الليبي إختلق الإدعاء الذي قدمه وزير الخارجية كولن باول للأمم المتحدة بأن العراق قد درب القاعدة على استعمال "السموم والغازات المميتة"). واعترفت الولايات المتحدة باحتجاز الكثيرين لكنها لم تعترف أيضا باحتجاز غيرهم. والقاسم المشترك بين جميع المحتجزين هو ان الولايات المتحدة رفضت الكشف عن أماكن حجزهم، ورفضت السماح لعائلاتهم ومحاميهم ولجنة الصليب الأحمر الدولية برؤيتهم.

وأقل ما يمكن قوله، هو أن هؤلاء ليسوا رجالاً طيبين. حيث يزعم أنهم ارتكبوا أعمال إجرام شريرة. وتسائل البعض، لماذا يجب علينا أن نقلق تجاه ما يحصل لهم؟
أولاً، لأنه بالرغم من المعلومات المنقذة للحياة التي يبدو أنها انتزعت من بعضهم، فإن المعاملة الأمريكية لسجنائها بشكل عام كانت عوناً وليس عقبة لتنظيم القاعدة، وبالتالي جعلت العالم أقل أمناً من الإرهاب. وكما سلمت لجنة تحقيقات 9/11 فإن "الاتهامات بأن الولايات المتحدة أساءت لحقوق السجناء المحتجزين لديها يجعل من الصعب على الحكومة أن تبني التحالفات الدبلوماسية والسياسية والعسكرية التي هي بحاجة إليها". ثانياً، لأن قيام الولايات المتحدة بتعذيب و"إخفاء" أعدائها يشجع جميع الحكومات البغيضة في العالم بأن تفعل الشيء ذاته-بالفعل فإن بلدان كثيرة كالسودان وزيمبابوي استشهدت بمثال أبو غريب وغيره من الممارسات الأمريكية لتبرير ممارساتها أو لتهميش النقد الموجه ضدها.

لكن القلق يجب أن ينبع ، أولا وبصورة أساسية من تقبل أساليب تتعارض جوهرياً مع الديمقراطية التي تميز هوية الولايات المتحدة كدولة قانون. ويبدو بالنسبة لتنظيم القاعدة بأن الغايات تبرر وسائل التنظيم، حيث شملت الوسائل تفجير طائرات مختطفة بالبنايات وتفجير محطات قطار وأماكن عبادة. وليس من الجدير بالولايات المتحدة أن تقر وتجيز هذا المنطق.

إن الولايات المتحدة منشغلة، كما يجدر بها ان تكون، بالدفاع عن نفسها وشعبها ضد هجمات القاعدة وحلفاءها. وتقر هيومن رايتس ووتش طبعاً بأهمية جمع المعلومات الإستخبارية بصورة فعالة وسريعة لملاحقة القاعدة وغيرها من الشبكات والقبض على الإرهابيين والتدخل للحيلولة دون وقوع هجمات إرهابية اخرى.

لكن استعمال الإختفاءات القسرية والحجز الإنفرادي السري تنتهك أهم المبادئ الأساسية لأي مجتمع حر. فعندما عذبت الأرجنتين ومارست "الإختفاء" القسري ضد المشتبه بانتمائهم للمعارضة بحجة محاربة من أسمتهم بـ"الإرهابيين" كانت مخطئة. وعندما تعذب الولايات المتحدة و"تخفي" المشتبه بكونهم إرهابيين- حتى هؤلاء المتهمين بتدبير أفظع الهجمات- فإنها أيضاً تكون مخطئة. وكون الولايات المتحدة تحارب إرهاباً من نوع آخر،لا يغير ذلك من طبيعة الأساليب المحظورة التي توظفها في مكافحة الإرهاب.

يقدم هذا التقرير استعراضاً شاملاً لما نعرفه عن الذين "اخفتهم" الولايات المتحدة، ويشمل ملحق يفصل الحقائق حول 11 حالة توفرت عنها بعض المعلومات المعلنة. وقد يكون هناك بعض أو الكثير من المحتجزين الإضافيين. ويفصل التقرير سياقاً تاريخياً لظاهرة "الإختفاء" حيث يتعقب هذا النهج إلى أصوله في ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية، ويعدد المواد المحددة في القانونين الأمريكي والدولي التي تحظر ممارسته.