استخدام الحكومة السودانية للميليشيات العرقية في مناهضة التمرد
· عبدالله أبو شنيبات، وهو من أمراء قبيلة بني حلبة، وقائد الجنجويد في منطقة هبيلة - مورني. وله مقران للإقامة في جنينة وهبيلة. · العمدة سيف، وهو عمدة لقبيلة أولاد زيد وقائد الجنجويد في المنطقة من جنينة إلى المستيري. وله مقر إقامة في جنينة. · عمر بابوش، عمدة قبيلة المسيرية وقائد الجنجويد في المنطقة من هبيلة إلى فور برانغا، وله مقر إقامة في فور برانغا. · أحمد دخير، عمدة قبيلة معاليا وقائد الجنجويد في مورني. وقال إدريس، وهو قائد مجموعة محلية للدفاع عن النفس من طائفة مساليت في بلدة قطب الدين بالقرب من هبيلة، وهو في الثالثة والأربعين، إن المدفوعات للجنجويد في منطقته تأتي من الحكومة: في أغسطس/آب 2003 قالت الحكومة إن كل عربي يأتي على ظهر فرس أو جمل سوف يتقاضى راتباً قدره 300 ألف جنيه سوداني وينال بندقية. ولم يكن العرب منظمين من قبل، بل كانوا لا يتعدون الجماعات التي يتراوح عددها بين الثلاثين والأربعين وتقوم بمهاجمة المدنيين للاستيلاء على أبقارهم. وعندما كنت في هبيلة، رأيت مكتباً لتنظيم الجنجويد. وكان يخفق فوقه العلم السوداني. وكان مكتباً لقوات الشرطة من قبل(133). وقال شخص آخر، وكان من رجال الشرطة السابقين، إن كبار ضباط الجنجويد يتقاضون رواتب ضخمة تبلغ 600 ألف جنيه سوداني (233 دولاراً أمريكياً) وهو مبلغ محترم في بلد فقير: قال لي أحد أصدقائي من الجنجويد إنه يتقاضى 300 ألف جنيه سوداني، وإنه يتسلمه من مكتب بالقرب من أحد المساجد في جنينة. ويقول بعض الجنود إن كبار ضباط الجنجويد يتقاضون ضعف ذلك المبلغ ...(134). وهكذا فإن الرواتب المنتظمة التي يتلقاها الآن، فيما يبدو، كثير من أفراد الجنجويد، توحي بدرجة من التنظيم والتوجيه لم يتمتع بها من قبل "العرب الرُّحّل" أبداً. ويبدو أن موظفي الإدارة الحكومية من ذوي المناصب الرفيعة، ولو أنهم ليسوا من الجنجويد، يقومون بدور ما في تجنيد الجنجويد. فلقد حصلت هيومن رايتس ووتش على وثيقة يأمر فيها والي ولاية جنوب دارفور رؤساء المحليات "بتجنيد 300 فارس للخرطوم"(135) والخطاب يحمل تاريخ 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2003، وهو صادر من مكتب الوالي إلى رئيسي وحدتين محليتين، الأولى هي نيالا والثانية هي كاس، ونيالا هي عاصمة جنوب دارفور، وكاس من مدنها الكبرى. والخطـاب يقدم الشكر إلى هذين الرئيسين باسم وزير الداخلية في الولاية وحاكمها (أي الوالي) على "جهودهـما في مناهضة المتمردين" التي تلقى "التقدير الرفيع". وهو يؤكد من جديد الالتزام باتفاق عُقد بين الوزير وهذين الرئيسين "بشأن جميع الإجراءات اللازمة لمناهضة المتمردين" ويطلب منهما تنفيذها. وبعد ذلك يقدم الخطاب قائمة بما وعدت الحكومة بتقديمه من هبات ومشروعات، بحيث تعود بالفائدة، فيما يبدو، على أفراد الجنجويد، ومن بينها حملة لتطعيم الجمال والخيول، وبناء ثلاثة فصول دراسية، وتقديم منحة من الكتب، والمكاتب والملابس للطلاب، وبناء وحدة صحية ومنح أربع وعشرين مضخة يدوية لثماني قرى(137). تجنيد المجرمين لقيادة الجنجويدوتلجأ الحكومة في دارفور، أيضاً، إلى تجنيد المجرمين واستخدامهم رأس حربة لعملية مناهضة التمرد المذكورة، ونتائج ذلك متوقعة. فأبرز قواد الجنجويد في ولاية غربي دارفور هو عبدالرحيم أحمد محمد، وهو ضابط سابق في الجيش اشتهر في كل مكان باسمه المستعار "شكرتالله"(138). وقد أصبـح رئيساً للجنجويد في دار مساليت بعد اعتقاله بتهمة قتل المدنيين. وينتمـي شكرتالله إلى طائفة المهارية العرقية، من قرية أربوكني، التي تقع على مشارف مدينة جنينة. وقيل إنه قضى سنوات خدمة طويلـة في الجيش السوداني، في جوبـا، في أواخر التسعينيـات قبل نقله وعودته إلى جنينة. ويقول أفراد طائفة مساليت في جنينة إن أقارب الرجال الذين اتهم بقتلهم أحالوه إلى المحاكمة في عام 1999، وحكم عليه بالسجن عشر سنوات، ولكنه أطلق سراحه وسرعان ما ظهر على رأس قوات جنجويد في دار مساليت.وقال فلاح يدعى أحمد، من طائفة مساليت في منطقة جنينة، إن أسرته التقت بشكرتالله مرتين أثناء خدمته بالجيش، في عام 1994 و1999: في عام 1994 جاء الجيش إلى قريتي، واسمها هبيلة كنار، مع شكرتالله. وكان رجلاً بالغ الطول، نحيلاً وقاسياً، وفي شفته ندوب، فضربني وألقاني في الحبـس شهرين، قائلاً "أنت من المتمردين!" وفي عام 1999 ساقني من قرية نقـا، بالقرب من موطني، ووضعني في الحبس خمسة وثلاثين يوماً(139). وفي عام 2003 استوقف الجنجويد أحد إخوة أحمد، ويدعى محيي الدين، عند أحد الطرق المؤديـة إلى جنينة، وطلبـوا منه مبلغاً كبيراً من المال كضريبـة على زيت الفـول السوداني الذي كـان يحمله. وعندما قال إنه لا يملك نقوداً أرسلوه إلى "رئيسهم" في مكاتب الجنجويد في مدينة الحجاج - وهي ساحة الجمرك القديم في جنينة. وهناك وجد نفسه أمام شكرتالله: سألني 'كيف عرفت مكاني؟' فقلت له إن رجاله أرسلوني إليه. فكتب خطاباً إلى الجنجويد يقول فيه 'أطلقوا سراحه'. لقد كانت أعمال الحرق كلها، وأعمال النهب كلها، من تدبير شكرتالله. كان له مكتب في ثكنات الجيش ومكتب آخر في مدينة الحجاج. كنا نراه أحياناً في سيارات الجيش وأحياناً مع الجنجويد على ظهور الخيل. كان بالغ القسوة(140). وإذ كان كثير من الزعماء الذين استطاعوا أن يجمعوا حولهم عدداً من رجال القبائل يطلقون على أنفسهم لقب "القائد" فإن أفراد طائفة المساليت العاديين يسمونهم "المجرمين الراكبين" أو يشيرون إليهم بتعبير أبسط وهو "اللصوص". ويقول عليّ، وهو من طائفة المساليت وكان قد ترك الشرطة بعد أن عمل فيها اثني عشر عاماً، إن عدداً كبيراً منهم كان قد قبض عليه وحُبس بتهمة السرقة: كنت من رجال الشرطة. وأما الجنجويد فهم عرب مجرمون. بعضهم يخرج من السجن ويتلقى التدريب على أيدي الجيش في جنينة - في ساحة الجمرك القديم، أي في مدينة الحجاج. إن شنيبات وحامد ضواي من قادة الجنجويد، ولكنهما من اللصوص! تماماً مثيل الكثيرين الذين يأتمرون بأمرهم: عدمان ... بريمة لبيد - علي منزول ... جميعهم لصوص! وكلهم خرجوا من السجن(141). وأما عقيد يونس، أحد قادة الجنجويد في هبيلة، فقد ذاع عنه في المنطقة أنه من لصوص المواشي. ويقول فلاح من قرية أبون القريبة واسمه يوسف: إن يونس قد اشتهر بسمعته السيئة في المنطقة سنوات عديدة: إنه لص، ولكنهم لم يحبسوه أبداً، وكان من العرب الرُّحّل قبل ذلك، وكان يعيش في الغابة، لكنه انتقل في عام 2003 إلى هبيلة. وقد شاهدناه وهو مسافر في عربات الجيش إلى جنينة(142). الحصانة للجنجويد: منع الشرطة من معاقبتهملا يقتصر تفرد الجنجويد على العفو عن ماضيهم الإجرامي، بل يتضمن تمتعهم بضمان عدم محاكمتهم جنائياً على المستوى المحلي على أي جريمة يرتكبونها أثناء مطاردة الطوائف العرقية التي يُزعم انحيازها إلى المتمردين، وإجلائها عن ديارها، ونهبها وسلبها.وقد استقال شخص من قرية مستيري، يدعى نور الدين، من قوات الشرطة في عام 2003 بعد أن "احتضنت الحكومة القبائل العربية وسمحت لهم أن يصبحوا القانون، فوضعتهم فوق الجميع". ويقول أباكار إن القائد العسكري في مستيري، وهو من طائفة الدنكا في جنوب السودان، واسمه أنغو، أمر الشرطة "بألا تتدخل في شؤون الجنجويد. وأن تدعهم يفعلون ما يحلو لهم"(143). وقال فلاح في الخامسة والثلاثين من عمره يدعى أحمد إن أصدقاءه في شرطة جنينة قد صدر لهم الأمر بألا يتخذوا أي إجراءات، مهما تكن، ضد الجنجويد: قضينا شهرين في جنينة في أوائل هذا العام بعد إحراق قريتنا. وجاء بعضنا بأبقاره معه، ولكن الجنجويد سرقوها داخل جنينة. وقال لي أصدقائي في الشرطة إنهم قد أُمروا بألا يتقدموا بأية شكاوى من الجنجويد، وألا يتدخلوا في شؤونهم بأي صورة من الصور(144). والجنجويد لا يحاولون إخفاء جرائمهم، ولكنهم حاولوا إخفاء مدى تنظيم واتساع نطاق عملياتهم العسكرية ونظام الدعم لها بالنقل والتموين، وذلك، على الأقل، في المدن الكبرى. ويبدو أنهم يتلقون العلاج سراً في العيادات الطبية في جنينة، عاصمة ولاية غربي دارفور. وقالت ممرضة تعمل في المستشفى الحكومي إنها دخلت هذه العيادات ذات يوم فأُمِرَتْ بأن تخرج على الفور: سألني الجنجويد "ماذا تفعلين هنا؟ ليس من المسموح لك أن تدخلي" وقال لي الأطباء في مستشفانا إنهم يعملون هنا سراً أثناء الليل. وقالوا إنه عمل مُربح(145). وأما المستشفى المذكور فكان من قبل منزلاً لأحد الأشخاص، ولا توجد عليه لافتات تقول إنه عيادة طبية أو مستشفى، ويقال إن استعماله مقصور على الجنجويد وحدهم. |