Saudi


السعودية
Saudi
  
حقوق الإنسان

مايو/أيار 2003

"نظام الإجراءات الجزائية" في المملكة العربية السعودية:
توصيات لحماية حقوق الإنسان الأساسية

يمثل احتجاز مجموعة من الرعايا الغربيين والادعاء عليهم بتهمة القيام ببعض أعمال العنف في المملكة العربية السعودية في عامي 2000 و2001 (المشار إليها فيما بعد بتعبير "قضية التفجيرات") دليلا قويا على أن جوانب معينة في نظام الإجراءات الجزائية في المملكة تحتاج إلى الإصلاح بصورة عاجلة لتوفير الحماية الكاملة لحقوق جميع المشتبه فيهم جنائيا من المواطنين والأجانب على حد سواء.

وتركز منظمة هيومن رايتس ووتش على "قضية التفجيرات" في هذه المذكرة لأن بعض الحقائق المهمة الخاصة بهذه القضية قد ثبتت بشكل واضح، وقد سنحت لنا الفرصة للحصول على معلومات إضافية من بعض المشتبه فيهم السابقين ومن أفراد أسرهم ومن هيئة دفاع المتهمين وعدد من الدبلوماسيين. وعلى الرغم من أن الضحايا المظلومين في هذه القضية مواطنون غربيون فإن مدار اهتمامنا بوجه عام هو إصلاح المعاملة التي يلقاها أي فرد - سعوديا كان أم غير سعودي - عندما يتعرض للتوقيف والاستجواب والمحاكمة في المملكة.

لقد أصدرت وزارة الخارجية السعودية في عام 2000 تقريرا مطولا بعنوان "حماية حقوق الإنسان في الإجراءات الجزائية وفي تنظيم النظام القضائي". ومن الجوانب التي تستحق الإشادة في هذا التقرير أنه أشار إلى أن المملكة "شديدة الحرص" على أن تؤدي التحقيقات في الجرائم الجنائية وعملية تحديد هوية مرتكبيها إلى إثبات "الحقيقة الكاملة بدون أدنى شك حتى لا يضار أي شخص بريء نتيجة لقرار تعسفي، وحتى لا يتمكن أي مجرم من الفرار من العدالة بسبب التراخي أو الإهمال". كما أكد التقرير على كفالة قرينة البراءة كمبدأ من مبادئ الشريعة الإسلامية، وأشار إلى أن "أحكام الإدانة يجب أن تستند إلى اليقين المطلق في ضوء الأدلة المقدمة، والتي يجب أن يقتنع بها القاضي".

وتنطوي "قضية التفجيرات" على أمثلة مزعجة للغاية على التقاعس المتكرر من جانب وزارة الداخلية والمحاكم - بما في ذلك سلطات القضاء العالي - عن ضمان إقامة العدل على نحو يتمشى مع القوانين والنظم التي تحمي حقوق الإنسان في المملكة، ومع التزامات الحكومة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. ويثير تحليل هيومن رايتس ووتش للقضية قلقا عميقا من استمرار الانتهاكات والتجاوزات التي أشير إليها في السنوات الماضية، والتي تتضمن على وجه التحديد ما يلي:
  • عدم وجود سياسة ثابتة للإخطار الفوري لأقارب المقبوض عليهم عقب توقيفهم واحتجازهم
  • استجواب المشتبه فيهم بصورة تنطوي على انتهاكات أثناء احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي لمدد طويلة
  • غياب الإشراف القضائي المستقل على الاعتقال
  • تقاعس القضاء عن اتخاذ أي إجراء إزاء الشكاوى الخاصة بانتزاع الاعترافات بالإكراه
  • حرمان المعتقلين من الاتصال الفوري بالمحامين
  • عقد المحاكمات وغيرها من الإجراءات القانونية دون علم المحامين ودون حضورهم
  • ندرة المعلومات العامة عن المحاكمات والمراجعة القضائية للأحكام التي تصدرها المحاكم الدنيا
  • إرغام السجناء على التزام الصمت كشرط للإفراج عنهم
    ويجب على السلطات المختصة في المملكة العربية السعودية التعامل مع هذه القضايا وغيرها باعتبارها مسألة ذات أولوية كبرى، مع النظر في التوصيات التالية:

    1. تنفيذ سياسة موحدة للإخطار الفوري بجميع حالات التوقيف والاعتقال

    كثيرا ما تسود فترة تعتيم في المملكة عقب توقيف الأفراد أو اعتقالهم؛ وفي تلك الآونة يصعب أو يستحيل الحصول على تأكيد رسمي بأماكن اعتقالهم، الأمر الذي يدفع الأهل والأصدقاء للإبلاغ عن اختفاء ذويهم، أو التوجه لأقسام الشرطة وغيرها من مراكز الاعتقال بحثا عنهم.

    وفي "قضية التفجيرات" حدث تأخير كبير في بعض المرات قبل أن يتلقى المسؤولون القنصليون وأفراد أسر المشتبه فيهم إخطارا رسميا من مسؤولي الحكومة السعودية باحتجاز المشتبه فيهم لدى وزارة الداخلية. فالسلطات البريطانية مثلا لم تعلم بتوقيف ألكسندر ميتشل في ديسمبر/كانون الأول 2000 إلا عندما أبلغتها زوجته في يناير/كانون الثاني 2001 بأنه اعتقل منذ ثلاثة أسابيع. وحدثت مشاكل مماثلة عقب الاعتقالات اللاحقة لآخرين من المشتبه فيهم؛ إذ لم تؤكد السلطات السعودية توقيف المواطن الأيرلندي جيمس كينغ، الذي تم توقيفه في 25 فبراير/شباط 2001، إلا في 18 مارس/آذار 2001. وأعلن مسؤولون بالحكومة الكندية أنهم حاولوا مرارا التأكد من مكان مواطن كندي أبلغ عن اختفائه في 16 مارس/آذار 2001، لكن وزارة الداخلية لم تؤكد أن هذا الشخص قد تم توقيفه إلا في 27 مارس/آذار 2001؛ ولا تزال السلطات الكندية تحجب اسمه حتى الآن. وقد ورد أنه احتجز لمدة 60 يوما وتعرض للتعذيب؛ وقال مسؤول رفيع بالحكومة الكندية لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن ولي العهد الأمير عبد الله أُخطر شخصيا بما تعرض له هذا المعتقل من سوء المعاملة. وأثناء زيارة وفد من هيومن رايتس ووتش للمملكة في يناير/كانون الثاني 2003، شكا عدد من الدبلوماسيين بسفارات أجنبية عديدة في الرياض من أن إخطار القنصليات والسماح لها بالاتصال بالمعتقلين لا يزال دون المستوى المطلوب.

    وجدير بالذكر أن المادة 35 من نظام الإجراءات الجزائية بالمملكة، الذي بدأ سريانه في مايو/أيار 2002، تنص على أن أي موقوف أو محتجز "يجب إخباره بأسباب إيقافه، ويكون له الحق في الاتصال بمن يرى إبلاغه". كما تنص المادة 116 على ضرورة الإبلاغ بأسباب الاحتجاز فوراً: "يبلغ فوراً كل من يقبض عليه أو يوقف بأسباب القبض عليه أو توقيفه، ويكون له حق الاتصال بمن يراه لإبلاغه، ويكون ذلك تحت رقابة رجل الضبط الجنائي". ومن أسف أن كلتا المادتين لا تحددان متى يحق للمشتبه فيه أن يبلغ العالم الخارجي بمكانه وأسباب اعتقاله. ولكي يتحقق المعنى العملي للضمان الهام الوارد في المادة 35 فلا بد من توافر الفرصة الفورية لممارسة حق الاتصال بطرف خارجي، كما يجب تحديد الإطار الزمني لذلك في لوائح المملكة وإعلانه على الملأ وتطبيقه على نسق واحد.

    وتوصي منظمة هيومن رايتس ووتش بأنه فور اعتقال أي مشتبه فيه من جانب أي سلطة في المملكة، يجب سريعا تقديم معلومات عن توقيفه لأفراد أسرته ومحاميه وغيرهم من الوكلاء، وللمسؤولين القنصليين متى كان هؤلاء الأفراد من الرعايا الأجانب. ولا يجب في أي حال من الأحوال إخفاء الحقيقة عن أي طرف من هذه الأطراف المعنية فيما يتعلق بمكان الشخص، أو منع التأكيد الرسمي لهذه المعلومات.

    2. اتخاذ خطوات مجدية لحماية المعتقلين من أي معاملة تهدر حقوقهم أثناء التحقيقات الجنائية

    في السنوات الأخيرة أبلغ عدد من المشتبه فيهم جنائيا عن استخدام محققي وزارة الداخلية وسائل استجواب تنتهك حقوق هؤلاء المشتبه فيهم، مثل الضرب، بما في ذلك الضرب على باطن القدم واللكم والركل، وتعليق المعتقلين من الرسغين وهم مقيدون بالأغلال على الأبواب أو من الأسقف، والحرمان من النوم لمدة تصل إلى عشرة أيام، والتهديد بقتل المشتبه فيهم أو أقرب أقاربهم - وكل ذلك بهدف انتزاع الاعترافات منهم. كما علمنا بتواتر الأنباء التي تفيد بأن بعض المشتبه فيهم جنائيا والسجناء قد طلب منهم توقيع أقوال تفيد أنهم لم يتعرضوا لسوء المعاملة كشرط لإطلاق سراحهم.

    وفي "قضية التفجيرات" احتُجز ثلاثة من الرجال المدانين بمعزل عن العالم الخارجي مدداً طويلة؛ فقد ألقي القبض على المواطن البريطاني ألكسندر ميتشل يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2000 واحتُجز في عزلة عن العالم الخارجي حتى يوم 28 يناير/كانون الثاني 2001. أما الكندي ويليام سمبسون فقد ألقي القبض عليه يوم 16 ديسمبر/كانون الأول 2000، ولم يره المسؤولون القنصليون لأول مرة إلا يوم 27 يناير/كانون الثاني 2001. أما المواطن البلجيكي راف شيفينز فقد قبض عليه في التاسع من ديسمبر/كانون الأول 2000، ولم يُسمح له بتلقي أول زيارة من ممثلي القنصلية البلجيكية إلا يوم 25 يناير/كانون الثاني 2001. ولم يمضِ وقت طويل حتى ظهر الثلاثة على قناة التليفزيون السعودية الرسمية في الرابع من فبراير/شباط 2001 "معترفين" بارتكاب عدة أعمال العنف. ولم يتمكن أي منهم من الاتصال بمحاميه أو من الحصول على مساعدة قانونية في أثناء هذه المدة الطويلة التي انتزعت فيها الاعترافات المزعومة منهم.

    وفي يوليو/تموز 2002 قدمت هيئة الدفاع السعودية عن ستة من المتهمين في "قضية التفجيرات" - ومن بينهم ألكسندر ميتشل وويليام سمبسون - مذكرة مطولة إلى المجلس الأعلى للقضاء أشارت فيها إلى أن موكليها زعموا أن اعترافاتهم "انتزعت منهم تحت وطأة التعذيب". وطبقا لهذه المذكرة فقد كان من ضمن أساليب الإيذاء البدني الأخرى "إجبار الرجال على الوقوف بينما كانت أيديهم مقيدة بسلسلة مربوطة في أعلى الباب"، و"تقييد أقدامهم وأيديهم وتعليقهم في وضع مقلوب". كما زُعم أنهم تلقوا وعدا "بالعفو عنهم وإطلاق سراحهم سريعا إذا اعترفوا بالتفجيرات بالطريقة التي يمليها المحقق".

    وتمثل هذه المعاملة انتهاكا واضحا لقوانين المملكة، ومنها المادة 2 من نظام الإجراءات الجزائية التي تنص في الجزء الخاص منها بهذا الموضوع على حظر "إيذاء المقبوض عليه جسدياً، أو معنوياً، كما يحظر تعريضه للتعذيب، أو المعاملة المهينة للكرامة"؛ كما تنص المادة 102 من القانون على ضرورة "أن يتم الاستجواب في حال لا تأثير فيها على إرادة المتهم في إبداء أقواله". كما يمثل التعذيب وغيره من صنوف الإيذاء في أثناء التحقيق خرقا للالتزامات القانونية للمملكة بوصفها طرفا في اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من أنواع المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة . فالمادة 2(2) من الاتفاقية تحظر صراحة التعذيب في جميع الظروف، كما تطالب المادة 4(1) كل دولة من الدول الأطراف في الاتفاقية بأن تضمن "أن تكون جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائي".

    وتوصي منظمة هيومن رايتس ووتش بعدم احتجاز أي مشتبه فيه جنائي احتجازا انعزاليا أو حرمانه من الاتصال بمحاميه، وفي حال كونه من الرعايا الأجانب بعدم حرمانه من الاتصال بالمسؤولين القنصليين والمحامين. وتقضي المعايير الدولية لحقوق الإنسان بمنح أي شخص متهم بتهمة جنائية الحق الفوري في الاتصال بأفراد أسرته ووكيله القانوني خلال بضعة أيام. فالسماح بهذا الاتصال، والسماح للمعتقلين بحرية الحديث إلى المحامين وغيرهم، من شأنه أن يمثل تدبيرا هاما للحماية من المحققين الذين يستخدمون سبلاً غير قانونية لانتزاع الاعترافات. كما يجب على السلطات أن تنظر في توصية المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين التابع للأمم المتحدة بمطالبة الحكومة بتسجيل كل جلسة من جلسات الاستجواب أو تصويرها بالفيديو كاملة.

    3. توفير الظروف اللازمة للإشراف القضائي المستقل على الاعتقال

    إن إيذاء المحتجزين على ذمة التحقيق، كما تقدم، يؤكد ضرورة الإشراف القضائي المستقل على عملية الاحتجاز. فلا توجد حاليا أي نصوص في قوانين المملكة لحماية الأفراد حماية فعالة من الاعتقال التعسفي أو غير القانوني. وتعطي المادة 39 من نظام الإجراءات الجزائية لمسؤولي هيئة التحقيق والادعاء العام سلطة التحقيق فيما إذا كان الاعتقال قانونيا، وسلطة الأمر بالإفراج عن المعتقل في هذه الحالة. لكن المادة 114 من القانون تجيز أيضا لنفس الهيئة الأمر بمد اعتقال المشتبه فيه لمدة تصل إلى ستة أشهر من تاريخ توقيفه، بناء على طلب المحققين الجنائيين. وهكذا فإن نفس الهيئة تتمتع بسلطة الاعتقال وسلطة التحقيق في قانونية الاعتقال، بمنأى عن أي إشراف قضائي أو رقابة قضائية مستقلة.

    وقد ذكر المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين التابع للأمم المتحدة في تقريره الذي قدمه في يناير/كانون الثاني 2003 أن السلطات السعودية أبلغته بأنه "نظرا لاستقلال رجال الادعاء المنصوص عليه في القانون، فإنه من المناسب تخويلهم سلطة مد فترة الاعتقال". إلا أن المقرر الخاص لاحظ أن مهام المدعين يجب أن تبقى منفصلة انفصالاً صارماً عن المهام القضائية، وأن "البت في حقوق المتهمين وقانونية ممارسة التقدير من جانب هيئة الادعاء أمر من الواضح أنه يدخل في نطاق المهام القضائية". وأوصى المقرر الخاص بضرورة "تعديل قانون المملكة ضمانا لسرعة تقديم المتهمين إلى المحكمة عقب توقيفهم أو اعتقالهم، وضرورة الحصول على إذن من المحكمة عند مد فترة اعتقالهم بعد ذلك". وتؤيد منظمة هيومن رايتس ووتش هذه التوصية وتحث على تنفيذها.

    4. تنبيه القضاة إلى الالتزام القانوني بالتحقيق في ادعاءات التعذيب

    من دواعي القلق الشديد لدى منظمة هيومن رايتس ووتش أن القضاة، طبقا لما ذكرته هيئة الدفاع في "حاث التفجير"، تجاهلوا شكاوى المدعى عليهم بأن اعترافاتهم انتزعت منهم تحت وطأة التعذيب، ولم يتخذوا أي خطوات للنظر في مدى صدق هذه الاعترافات. وقد ذهبت مذكرة الدفاع المرفوعة إلى المجلس الأعلى للقضاء إلى أن عملية التوثق من الاعترافات شابتها عيوب فادحة.

    فقد أشارت المذكرة إلى أن القضاة اكتفوا بالتحقق من أن الاعترافات كتبت بخط المدعى عليهم وتحمل توقيعاتهم، بدون النظر في فحوى الاعترافات أو ملابسات الحصول عليها؛ وهذان عاملان أساسيان بالنظر إلى مزاعم التعذيب التي طرحها المدعى عليهم. وزعم محامو الدفاع أن "القضاة الذين توثقوا من الاعترافات لم يتجاوزا حد سؤال موكلينا عما إذا كانت الخطوط المكتوبة بها الاعترافات هي خطوطهم أم لا، وعما إذا كانت التوقيعات الممهورة بها هي توقيعاتهم أم لا". ودفع المحامون بأن القضاة "كان يجب أن يسألوا المتهم عن اعترافاته"، وأن "يركزوا على شروط الاعتراف، وعلى ما إذا كان ينطوي على عناصر الجريمة أم لا". وقد أصبحت هذه العملية تأخذ الآن شكلا رسميا من خلال المادة 162 من نظام الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه "إذا اعترف المتهم في أي وقت بالتهمة المنسوبة إليه فعلى المحكمة أن تسمع أقواله تفصيلاً وتناقشه فيها· فإذا اطمأنت إلى أن الاعتراف صحيح، ورأت أنه لا حاجة إلى أدلة أخرى فعليها أن تكتفي بذلك وتفصل في القضية، وعليها أن تستكمل التحقيق إذا وجدت لذلك داعياً".

    ويبدو أن القضاة لم يعبؤوا بمزاعم التعذيب ولم يتخذوا أي خطوات للتحقيق في الشكاوى؛ فكتبت هيئة الدفاع تقول:

    لم يطرح القضاة أية أسئلة عن مضمون الاعترافات وعما إذا كانت قد جاءت طوعا وبمحض إرادة المتهمين؛ وباستثناء إعادة موكلينا إلى الحجز لمدة قصيرة، لم يكترث القضاة بزعمهم أنهم أجبروا على الاعتراف وتعرضوا للتعذيب. فتم إثبات الاعترافات سريعاً عندما مثل موكلونا مرة أخرى [أمام القضاة] بعد أن تعرضوا للتهديد والتخويف؛ بل ربما كان ذلك من قبل المحقق نفسه.
    وخلصت المذكرة إلى أنه لم يكن من الواجب على القضاة أن يستوثقوا من الاعترافات، بل كان عليهم أن "يعدوا تقارير" عن ادعاءات المدعى عليهم، و"أن يطلبوا من السلطات المختصة التحقيق في هذه الادعاءات". وتوصي منظمة هيومن رايتس ووتش بتوجيه التعليمات لجميع القضاة في المملكة لإصدار الأمر بالتحقيق متى كانت هناك ادعاءات يعتد بها عن لجوء المحققين إلى التعذيب أو غيره من صور الإيذاء وانتزاع الاعترافات قسرا، وهذا أمر ذو أهمية بالغة في الحالات التي لم يسمح فيها للمشتبه فيهم بالاتصال بالمحامين أو وكلائهم القانونيين أثناء الاستجواب، أو حيثما لا توجد أدلة مستقلة على سير عملية الاستجواب والأسلوب الذي تتم به.

    وتقضي الالتزامات القانونية للمملكة العربية السعودية، بوصفها طرفا في اتفاقية مناهضة التعذيب، أن تقوم السلطات القضائية باتخاذ مثل هذا الإجراء لمنع أعمال التعذيب. إذ تنص المادة 12 من الاتفاقية على "أن تضمن كل دولة طرف قيام سلطاتها المختصة بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملا من أعمال التعذيب قد ارتكب في أي من الأقاليم الخاضعة لولايتها القضائية". وتكفل المادة 13 "لأي فرد يدعي بأنه قد تعرض للتعذيب ... الحق في أن يرفع شكوى إلى سلطاتها المختصة، وفي أن تنظر هذه السلطات في حالته على وجه السرعة وبنزاهة. وينبغي اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان حماية مقدم الشكوى والشهود من كافة أنواع المعاملة السيئة أو التخويف نتيجة لشكواه أو لأي أدلة تقدم".

    وتمثل هذه وغيرها من أحكام اتفاقية مناهضة التعذيب جزءا من القانون المحلي، ومن ثم يمكن الاستشهاد بها في ساحات المحاكم.

    كما توصي منظمة هيومن رايتس ووتش بضرورة اتخاذ خطوات فورية لإبلاغ جميع القضاة في المملكة بأحكام الاتفاقية، وخصوصا الالتزام المؤكد بالتحقيق في الادعاءات المتعلقة بالتعذيب بصورة فورية ومستقلة.

    5. ضمان حق جميع المشتبه فيهم جنائيا في الاتصال الفوري والمستمر بالمحامين وغيرهم من الوكلاء القانونيين

    لم يتمكن المدعى عليهم في "قضية التفجيرات" من الحصول على مساعدة قانونية أثناء مرحلة التحقيق، وأخضعوا للاستجواب على نحو يهدر حقوقهم في عامي 2000 و2001، ولم يرافقهم أي محامين عند مثولهم أمام المحكمة، وأخبروا القضاة أن اعترافاتهم انتزعت منهم قسرا. كما أن هيئة الدفاع السعودية الموكلة عن المتهمين الذين "اعترفوا" على شاشات التليفزيون الرسمية في فبراير/شباط 2001 وأغسطس/آب 2001 لم تتمكن من الاتصال بهم إلا في أكتوبر/تشرين الأول 2001.
    كما منع آخرون من المشتبه فيهم - الذين اعتقلوا وتعرضوا لضغوط لإجبارهم على الاعتراف ثم أفرج عنهم لاحقا - من الحصول على المساعدة القانونية. ومنهم جيمس كينغ الذي أشرنا إلى قضيته آنفاً، والذي ظل رهن الاعتقال لمدة تسعة أشهر في عام 2001 بدون أن يلتقي خلالها بمحامٍ قط. وقد أخبر كينغ منظمة هيومن رايتس ووتش أنه عندما استعلم لأول مرة عن حقه في الاستعانة بمحامٍ، سخر منه المحقق قائلاً "لا تكن سخيفا! ليس لك أي حقوق". وذكر كينغ أنه قد قيل له مرارا، أثناء الأسابيع الثمانية الأولى من استجوابه، إنه قد يظل محتجزا لأي مدة تريدها السلطات، ولو لسنوات إن اقتضى الأمر. أما رون جونز الذي احتجز لمدة 67 يوما في عام 2001 فلم يتمكن من الاتصال بأي محام على الإطلاق، وقال إنه في الأيام الأولى من اعتقاله قيل له مرارا إنه ليس له أي حقوق ولن يسمح له بالاتصال بمحام أو بمسؤولي القنصلية البريطانية. وأخبر جونز منظمة هيومن رايتس ووتش أنهم أنذروه أن يتوقف عن المطالبة بذلك، وذكروه بأن أحدا لا يعرف مكانه على الإطلاق.
    وبصفة عامة تشعر منظمة هيومن رايتس ووتش بالقلق البالغ من ارتفاع عدد الأفراد المسجونين في المملكة العربية السعودية دون إدانة من القضاء، والذين ربما لم يتمكنوا من الاتصال بأي محامين أو الاستعانة بأي شكل من أشكال التوكيل القانوني في أثناء التحقيقات والمحاكمات الجنائية. وفي يناير/كانون الثاني 2003 كان هناك حوالي سبعة آلاف مواطن سعودي وستة آلاف أجنبي تقريبا في السجن دون أي إدانة من القضاء، حسبما أفاد اللواء د.علي بن حسين الحارثي مدير عام مصلحة السجون. ونظرا لقلة عدد من يزاولون مهنة المحاماة في المملكة - 300 حسب تقدير محام سعودي كبير - فليس من الواضح ما إذا كان من الممكن من الناحية العملية ضمان حق هؤلاء السجناء في الاستعانة بالمحامين.

    وينص نظام الإجراءات الجزائية الجديد على الحق في الاستعانة بالمساعدة القانونية في أثناء التحقيق والمحاكمة، إذ تنص المادة الرابعة صراحة على أنه "يحق لكل متهم أن يستعين بوكيل أو محام للدفاع عنه في مرحلتي التحقيق والمحاكمة"· أما المادة 70 فتقدم على ما يبدو أساسا قانونيا واضحا لضمان عدم إجراء جلسات التحقيق وراء الأبواب المغلقة مثلما كان يحدث من قبل، وإنما في حضور محامٍ: "ليس للمحقق أن يعزل المتهم عن وكيله أو محاميه الحاضر معه في أثناء التحقيق·وليس للوكيل أو المحامي التدخل في التحقيق إلا بإذن من المحقق، وله في جميع الأحوال أن يقدم للمحقق مذكرة خطية بملاحظاته وعلى المحقق ضم هذه المذكرة إلى ملف القضية". ومن ثم ففي القضايا التي يوكل فيها المشتبه فيهم محامين أو غيرهم من الوكلاء، يجب أن يسمح للمشتبه فيهم بالاتصال بهؤلاء في أسرع وقت ممكن عقب القبض عليهم، وعدم حجب هذا الحق لأي سبب كان.

    إلا أن منظمة هيومن رايتس ووتش تشعر بالقلق لأن المادة الرابعة من القانون لا تضمن لكل شخص مشتبه فيه الحق في الاستعانة بمحام، خصوصا في الحالات التي لا يقدر فيها الفرد على تحمل أتعاب المحاماة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ما يبدو من تفاوت حاد بين آلاف السجناء الذين لم يُحاكموا وقلة عدد المحامين في المملكة يوحي بأن الكثيرين من المشتبه فيهم قد يخضعون لإجراءات التحقيق والمحاكمة دون أن يعرفوا ما لهم من حقوق يكفلها القانون وبدون أي شكل من أشكال المساعدة القانونية؛ ولا بد من تصحيح هذا الوضع بصورة عاجلة.
    وقد أشار المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين التابع للأمم المتحدة إلى "غياب ثقافة التوكيل القانوني" في المملكة، وأشار إلى "تصور العديد من القضاة أن وجود المحامي يتعارض مع تحقيق نتائج صادقة في قضية بعينها"، وهو ما اعتبره المقرر الخاص أمرا "يقوض الوظيفة الوقائية للتوكيل القانوني". وأوصى المقرر "بضرورة بذل المزيد من الجهد ضمانا لتمكين المشتبه فيهم من الاستعانة بمحامين في جميع مراحل التقاضي". وقدم المقرر الخاص عددا من المقترحات لمعالجة هذا الوضع، منها السماح لخريجات الحقوق بمزاولة المحاماة، وإنشاء هيئة لمحامي الدفاع العام، ووضع نظام للمحامين الراغبين في تقديم خدماتهم مجانا، وتوفير المساعدة المالية للمشتبه فيهم ليتمكنوا من الاستعانة بالخدمات القانونية. وتؤيد منظمة هيومن رايتس ووتش هذه المقترحات وتحث السلطات السعودية على اتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذها.

    6. الامتناع عن إجراء المحاكمات في غياب المحامين

    لا تزال منظمة هيومن رايتس ووتش تشعر بالقلق الشديد بشأن إجراءات المحاكمات السرية والاستئناف في "قضية التفجيرات". فقد شكت هيئة الدفاع السعودية إلى المجلس الأعلى للقضاء أنها لم يكن لها أي دور على الإطلاق في الإجراءات القضائية، وأن فرصتها الوحيدة للدفاع عن موكليها جاءت في صورة المذكرة الكتابية التفصيلية التي رفعتها إلى المجلس في يوليو/تموز 2002. وكشفت هذه المذكرة عن الأمر التالي الذي يبعث على الانزعاج:

    نظرت هذه القضية أمام المحكمة المختصة، وقامت محكمة النقض والمجلس الأعلى للقضاء بإعادة النظر فيها بدون إخطارنا وبدون معرفة موكلينا الذين أخبرونا في مرات لا حصر لها أنهم لم يكونوا يدركون أنهم خاضعون للمحاكمة.
    كما أشارت المذكرة إلى أن المدعى عليهم ظنوا أنهم دخلوا في نوع من الإجراءات التحضيرية التي ستؤدي في آخر الأمر إلى عقد محاكمة، ولم يكونوا مدركين أنهم يحاكمون بالفعل.

    ومن الجلي أن السرية التامة وعدم توافر فرصة المشورة القانونية أصابت الحكومة الكندية بالإحباط، واعترفت علنا بأنها لبثت شهوراً لا تدري شيئا عن نتيجة الدعوى القضائية التي حُكم فيها بالإعدام على مواطنها ويليام سمبسون. وفي أواخر أبريل/نيسان 2002، أفادت متحدثة باسم وزارة الخارجية الكندية أن "معلومات غير مؤكدة تشير إلى انعقاد المحاكمة سراً، وإلى أن المحامي [محامي سمبسون] نفسه لم يبلغ بها، وأنه لم يكن هناك وكيل قانوني عن السيد سمبسون عند استئناف الحكم مرتين فيما بعد. بينما أكدت السلطات السعودية لنا أن السيد سمبسون سوف يتسنى له توكيل محامٍ، وأنه لا يوجد ما يوحي بأن المحاكمة ستتم سرا". وعلى مدى الأشهر الثلاثة التالية سعت الحكومة الكندية للحصول على إخطار رسمي بشأن سير الدعوى ولكنها دون جدوى؛ وذكرت وزارة الخارجية الكندية أنها لم تعلم رسميا من الحكومة السعودية حتى 30 يوليو/تموز 2002 أن "المحاكمة انعقدت وأن الحكم صدر واستؤنف أمام محكمتين من المحاكم العليا، وأن حكما بالإعدام صدر على السيد سمبسون وأحد البريطانيين المتهمين معه في القضية [ألكسندر ميتشل]".

    وتوصي منظمة هيومن رايتس ووتش بأن تكون المعلومات المتعلقة بأماكن المحاكمات الجنائية في المملكة ومواعيدها علنية، لا أن تبقى في طي الكتمان. ويجب أن يكون ذلك هو المعيار المتعارف عليه حتى لو قررت السلطات إغلاق جلسات الدعوى أمام العامة لأسباب متعلقة بالأخلاق العامة أو النظام العام أو الأمن الوطني، حسبما يقتضي الأمر في كل حالة على حدة وفقا للقانون الدولي. ولا يجوز بأي حال من الأحوال عدم إطلاع محامي الدفاع أو غيرهم من الوكلاء القانونيين على مكان محاكمة موكليهم وميعادها؛ ولا بد بالضرورة القاطعة من وجودهم فيها بلا استثناء، وذلك حرصاً على تحقيق العدالة والإنصاف القضائي.
    كما توصي منظمة هيومن رايتس ووتش بأن المحاكمات الجنائية يجب أن تكون مفتوحة للجمهور كقاعدة عامة، وأن تكون المحاكمات المغلقة هي الاستثناء. كما قالت وزارة الخارجية في تقريرها المشار إليه آنفاً: "إن الطبيعة العلنية للجلسات تؤدي بلا شك إلى رفع مستوى ثقة المتقاضين وغيرهم من الأشخاص في عدالة القضاء، وتمثل شكلا من أشكال الرقابة العامة على القضاة من حيث أنها تعطيهم حافزا قويا على تحري المزيد من الدقة والامتثال التام لمتطلبات النزاهة والحيدة". وقد وجد هذا الرأي صداه في تقرير المقرر الخاص التابع للأمم المتحدة الصادر في يناير/كانون الثاني 2003، حيث قال: "إن الطبيعة العلنية للجلسات ضرورية لعدالة المحاكمة ولضمان المساءلة الديمقراطية في إطار النظام القضائي... أما إمكانية إغلاق جلسات المحاكم في الظروف التي يعتبر ذلك فيها ضروريا للوقوف على الحقيقة، وفقا لما تنص عليه المادة 155 من نظام الإجراءات الجزائية، فهو إجراء فضفاض أكثر من اللازم يقوض من شفافية نظام القضاء".

    7. توفير المعلومات العلنية ذات الصلة بالمحاكمات والأحكام القضائية في الوقت المناسب

    لا يزال هناك نقص ملحوظ في الشفافية بشأن إجراءات المحاكمات الجنائية ونتائجها. فالسلطات تعلن بصورة روتينية أن المحاكمات تجري أو أنها قد انتهت بدون إعطاء التفاصيل المتعلقة بها. وفي "قضية التفجيرات" بلغ الوضع حداً مفرطاً حيث ظل المدعى عليهم ومحامو الدفاع عنهم وغيرهم من الأطراف المعنية، بما في ذلك أفراد أسرهم، لا يعلمون شيئا على الإطلاق عن سير الدعوى القضائية الخاصة بهم.
    ويقضي نظام الإجراءات الجزائية على نحو واضح بنشر المعلومات الخاصة بالمحاكمات على الملأ؛ إذ تنص المادة 182 على أنه حتى في حالة نظر دعوى ما في جلسة سرية، فلا بد من تلاوة حكم المحكمة في جلسة علنية. كما تطالب المادة أيضا بأن يدرج القاضي أهم المعلومات المتعلقة بوقائع الجلسات، وهي "اسم المحكمة التي أصدرته، وتاريخ إصداره، وأسماء القضاة، وأسماء الخصوم، والجريمة موضوع الدعوى، وملخص لما قدمه الخصوم من طلبات، أو دفاع، وما اُستُنِد عليه من الأدلة والحجج، ومراحل الدعوى، ثم أسباب الحكم ونصه ومستنده الشرعي، وهل صدر بالإجماع، أو بالأغلبية".

    ويعتبر الكشف عن الأدلة ونشرها علناً أمرا ذا أهمية خاصة؛ وتنص المادة 180 من نظام الإجراءات الجزائية على أن "تعتمد المحكمة في حكمها على الأدلة المقدمة إليها في أثناء نظر القضية". وقد شكت هيئة الدفاع في "قضية التفجيرات" إلى المجلس الأعلى للقضاء أنها لم تتلق صورة من منطوق الحكم، فكتبت في هذا الصدد تقول "لم يُسمح لنا بالاطلاع على وثيقة الحكم إلا في مكتب النائب العام، ولم يسمح لنا بأخذ صورة أو مقتطفات من الوثيقة لمناقشتها مع موكلينا. فكيف يمكن للمحامي في هذه القضية التي تكتنفها السرية أن يدافع عن المتهم في مثل هذه الظروف؟"

    وتوصي منظمة هيومن رايتس ووتش وزارة العدل بشدة بأن تضع إجراءات لنشر أحكام جميع أجهزة النظام القضائي على الملأ، بما في ذلك محاكم القضاء المستعجل والمحاكم العامة ومحكمة النقض والمجلس الأعلى للقضاء، ولا يجب بأي حال من الأحوال حجب صور الأحكام عن المحامين وغيرهم من الوكلاء القانونيين.

    8. وضع حد لإجبار السجناء على الصمت كشرط لإطلاق سراحهم

    تشعر منظمة هيومن رايتس ووتش بالقلق بشأن الأنباء التي تفيد أن وزارة الداخلية ترغم المعتقلين والسجناء على التوقيع على أقوال يتعهدون فيها بعدم الإدلاء بأي معلومات عن سوء المعاملة كشرط للإفراج عنهم.
    وقد قدم مواطن سعودي، أفرج عنه في عام 2002 بعد احتجازه ست سنوات بدون تهمة لدى وزارة الداخلية، معلومات إلى هيومن رايتس ووتش عن التعذيب في أثناء الاعتقال، فتحدث في وصفه عن "الضرب بالعصي والسياط والأسلاك الكهربية؛ واستخدام كرسي كهربي دوار حتى يفقد الضحايا الوعي ويبدؤوا في التقيؤ؛ والحرمان من النوم لفترات طويلة تصل إلى أسبوع؛ وإجبار الضحية على الوقوف على رجل واحدة ورفع ذراع واحدة لمدد طويلة". وقال هذا السجين السابق إنه أرغم على توقيع تعهد بألا يتحدث أو يكتب لأحد عما شهده وذلك كشرط لإطلاق سراحه.
    وقال ثلاثة من الرعايا الأجانب الذين اعتقلوا للاشتباه في ضلوعهم في "قضية التفجيرات" ثم أفرج عنهم لاحقا إنهم أجبروا على توقيع أقوال عديدة قبل الإفراج عنهم.
  • فقد أخبر جيمس كينغ، وهو مواطن أيرلندي اعتقل من 25 فبراير/شباط 2001 حتى الرابع من ديسمبر/كانون الأول 2001، منظمة هيومن رايتس ووتش أنه أجبر على كتابة خطاب وتوقيعه بما يفيد أنه لم يتعرض لمعاملة سيئة، وأن نص الخطاب "اقترحه" عليه المحقق. وعلى الرغم من أن السيد كينغ، كما جاء على لسانه، لم يتعرض للتعذيب في الحجز، فقد قال إنه "تعرض مرارا للضغط عليه" للاعتراف بضلوعه في حادث التفجير الذي وقع في الخبر في ديسمبر/كانون الأول 2000، وأنه احتجز في الحبس الانفرادي لمدة شهرين، وحرم من النوم. وقال كينغ لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن مستجوبيه هددوا بضربه ضربا مبرحا وبتعليقه في وضع مقلوب وبالقبض على زوجته.
  • وقال المواطن البريطاني ديفيد مورنين، الذي قبض عليه في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2000، ولم يُفرج عنه حتى أواخر عام 2001، إنه تعرض للضرب واللكم والركل وعلق من معصميه مقيدا بالأغلال أربع مرات وتعرض للحرمان من النوم لمدة عشرة أيام تقريبا لإجباره على الاعتراف. وذكر مورنين أنه أجبر على توقيع خطاب يفيد أنه لم يتعرض لسوء المعاملة قبل الإفراج عنه.
  • وقال المواطن البريطاني رون جونز، الذي قبض عليه في 16 مارس/آذار 2001، إنه تعرض بالمثل للتعذيب بالإضافة إلى الضرب مرارا على باطن قدميه. وأخبر السيد جونز منظمة هيومن رايتس ووتش أن الأقوال التي أجبر على توقيعها تتضمن تعهدا بألا يكشف لأحد عما حدث له في أثناء التحقيق، وتفيد أنه لو أفشى هذه المعلومات لأعيد القبض عليه واتهم بالتفجيرات. وعندما أفرج عن السيد جونز في 21 مايو/أيار 2001، قال إنه أُبلغ أن جواز سفره سيظل محجوزا لمدة ستة أشهر ضمانا لأن يفي بتعهده بالتزام الصمت. ويمثل هذا الضغط على ضحايا أو شهود التعذيب وغيره من صور الانتهاكات خرقا لأحكام المادة 13 من اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تنص على أن "تضمن كل دولة طرف لأي فرد يدعي بأنه قد تعرض للتعذيب
  • الحق في أن يرفع شكوى إلى سلطاتها المختصة وفي أن تنظر هذه السلطات في حالته على وجه السرعة وبنزاهة". كما أن محاولات إرغام الضحايا على التزام الصمت تمثل خرقا للمادة 14 من الاتفاقية التي تضمن لأي ضحية من ضحايا التعذيب الحق في المطالبة بالإنصاف، وتعطيه الحق النافذ في التعويض العادل والكافي. وتوصي منظمة هيومن رايتس ووتش باتخاذ خطوات فورية للتحقيق في ممارسات وزارة الداخلية التي تهدف إلى إسكات المعتقلين والسجناء بعد الإفراج عنهم، وإنهاء هذه الممارسات.
    -------------
    1- انضمت المملكة العربية السعودية إلى الاتفاقية في 23 سبتمبر/أيلول 1997، وأصبحت الاتفاقية سارية في المملكة في 22 أكتوبر/تشرين الأول 1997. وفي تقريرها المقدم في فبراير/شباط 2001 إلى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، أشارت الحكومة إلى أن الاتفاقية بعد أن تمت المصادقة عليها بمرسوم ملكي أصبحت تشكل جزءا من التشريع المحلي، ونتيجة لذلك فإن نصوصها يمكن الاحتكام إليها في المحاكم وغيرها من السلطات القضائية والإدارية في المملكة، وفقا لما تنص عليه المادة 70 من القانون الأساسي للحكومة.

  •