Iraq and Iraqi Kurdistan




العراق

  
مناخ من الخوف:
النساء والفتيات ضحايا للعنف الجنسي والاختطاف في بغداد

ملخص ، المنهج ، والتوصيات

ملخص

في الوقت الذي يتصاعد فيه الإحساس بعدم الأمان في بغداد قالت مجموعة من النساء والفتيات في بغداد لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن الإحساس بعدم الأمان والخوف من العنف الجنسي أو الاختطاف يبقيهن في بيوتهن ويحرمهن من الذهاب إلى المدارس ويمنعهن من الذهاب إلى العمل أو البحث عن فرص العمل. وتقاعس سلطة الاحتلال عن حماية النساء والفتيات من العنف، وعن معالجته عند حدوثه، يخلف آثاراً سلبية فورية وطويلة الأجل على أمن النساء والفتيات وعلى مشاركتهن في الحياة في مرحلة ما بعد الحرب في العراق.
ويرجع كثير من المشاكل المتعلقة بالتصدي للعنف الجنسي ضد النساء والفتيات واختطافهن إلى عجز قوات التحالف التي تتزعمها الولايات المتحدة وعجز الإدارة المدنية عن توفير الأمن العام في بغداد؛ فنتيجة للفراغ الأمني العام في بغداد أصبحت النساء والفتيات نهباً للعنف الجنسي والاختطاف. وأصبحت قوة الشرطة الآن أصغر حجماً وأسوأ إدارة بكثير مما كانت عليه قبل الحرب؛ فصار وجود الشرطة محدوداً في الشوارع، وقلت الموارد المتاحة للشرطة لإجراء تحقيقاتها؛ ولا تكاد تحفظ أي سجلات، إن وجدت أصلاً؛ وكثيراً ما تضيع شكاوى المواطنين.

البيان الصحفي

العراق: انعدام الأمن يجبر النساء على البقاء داخل منازلهن
وتكثر في بغداد أنباء العنف الجنسي واختطاف النساء والفتيات، حيث وثق العاملون في المهن الطبية والضحايا والشهود والسلطات المسؤولة عن تنفيذ القانون بعض هذه الجرائم؛ وتشعر منظمة هيومن رايتس ووتش بالقلق من أن الكثير من هذه القضايا يمر دون أن يبلغ عنها أو يحقق فيها أحد، إذ تخشى بعض النساء والفتيات أن يؤدي الإبلاغ عن جرائم العنف الجنسي إلى وقوع أعمال القتل بدافع الدفاع عن الشرف، وإلى وصمهن بالعار في المجتمع. وثمة أخريات يواجهن عقبات تثنيهن عن تقديم بلاغات للشرطة ومتابعتها أو الخضوع لفحص طبي شرعي يتمخض عن دليل قانوني على حدوث العنف الجنسي، الأمر الذي يمنعهن عن تلقي العناية الطبية والسعي للإنصاف وتحقيق العدل. ولا تستطيع النساء والفتيات تلقي الفحوص الطبية الشرعية إلا إذا أحالتهن الشرطة الشرطة للجهات المختصة؛ وفي بعض الحالات التي طلبت فيها بعض النساء والفتيات العون إثر تعرضهن للعنف الجنسي، منعن من تلقي الرعاية الطبية لأن بعض العاملين في المستشفيات لا يعتبرون معالجة ضحايا العنف الجنسي جزءا من مسؤوليتهم، أو يعطون هذه الرعاية أولوية متأخرة نظرا لمواردهم المحدودة من جراء الحرب وعواقبها. وأياً كان السبب فإن الروايات الموثقة أو التي ترددها الشائعات عن العنف الجنسي والاختطاف تسهم في إثارة مناخ ملموس من الخوف.

ويرجع كثير من المشاكل المتعلقة بالتصدي للعنف الجنسي ضد النساء والفتيات واختطافهن إلى عجز قوات التحالف التي تتزعمها الولايات المتحدة وعجز الإدارة المدنية عن توفير الأمن العام في بغداد؛ فنتيجة للفراغ الأمني العام في بغداد أصبحت النساء والفتيات نهباً للعنف الجنسي والاختطاف. وأصبحت قوة الشرطة الآن أصغر حجماً وأسوأ إدارة بكثير مما كانت عليه قبل الحرب؛ فصار وجود الشرطة محدوداً في الشوارع، وقلت الموارد المتاحة للشرطة لإجراء تحقيقاتها؛ ولا تكاد تحفظ أي سجلات، إن وجدت أصلاً؛ وكثيراً ما تضيع شكاوى المواطنين. ولم يعد بمقدور كثير من المستشفيات ومعهد الطب الشرعي العمل أربعاً وعشرين ساعة يومياً مثلما كانت تفعل قبل الحرب، الأمر الذي يمنع النساء من الحصول على العلاج الطبي وتلقي فحوص الطب الشرعي اللازمة لتوثيق حالات العنف الجنسي في التو واللحظة.

وقد أعلنت سلطة التحالف المؤقتة عن التزامها بتدريب الشرطة وتوعيتها، بما في ذلك إجراء التدريب المتعلق بمعايير حقوق الإنسان. وفي الوقت الحاضر تقع مسؤولية ضمان الأمن العام وتلبية احتياجات العراق في مجال تنفيذ القانون على عاتق قوات التحالف التي تتزعمها الولايات المتحدة باعتبارها سلطة الاحتلال.

وثمة مشاكل أخرى في سياق التصدي للعنف الجنسي والاختطاف في بغداد، وفي العراق بوجه عام، وهي مشاكل قديمة ظلت بحاجة للعلاج منذ سنوات طويلة. فالنساء والفتيات يعشن في مناخ لا يجدن فيه أي سبل قانونية ناجعة للإنصاف إذا ما تعرضن للاغتصاب، أو حتى إذا ظن أحد أنهن اغتُصبن، وتساورهن مخاوف لها ما يبررها من التعرض للعزلة الاجتماعية والنبذ من جانب الأسرة أو حتى التعرض للعنف الجسدي. وعلى الرغم من أن الاغتصاب والاختطاف يعتبران جريمتين خطيرتين في ظل القانون العراقي، فإن الاغتصاب يرتبط بالوصمة والعار على المستوى الثقافي منذ قديم الزمان، على نحو يصور الضحية على أنها هي المخطئة وكثيرا ما ينتحل المعاذير للجاني أو يتهاون في التعامل معه.

كما أن هناك نصوصا في القانون العراقي تتناول العنف الجنسي والاختطاف، لكنها لا تنطوي على الحماية الكافية لحقوق النساء والفتيات من هذه الانتهاكات. ومن أبرزها النصوص الواردة في قانون العقوبات التي تسمح للرجل بالإفلات من العقاب على جريمة الاختطاف بالزواج من الضحية، والنصوص التي تسمح بإصدار أحكام مخففة جدا في حالة ما يسمى بالقتل حفاظاً على الشرف، وفي حالات الاغتصاب وغير ذلك من صور العنف الجنسي. وبالإضافة إلى هذه العراقيل القانونية، بحثت منظمة هيومن رايتس ووتش في مسألة القضايا التي أحجمت فيها الشرطة عن التحقيق في قضايا العنف الجنسي والاختطاف وغيرها، حيث أنحت الشرطة باللائمة على الضحية أو شكّت في مصداقيتها أو لم تكترث بها أو أجرت تحقيقات غير وافية؛ ولهذه الأسباب تحجم نساء كثيرات عن تقديم أي شكوى بهذا الشأن.

وفي أثناء كتابة هذا التقرير بدأت تتبلور خطط إعادة بناء العراق، بينما لا تزال حقوق النساء والفتيات عرضة للخطر؛ ولذلك فمن الضروري أن تعمل كل الأطراف المشاركة في وضع هذه الخطط على معالجة أوجه القصور في الحماية التي توفرها الدولة لحقوق النساء والفتيات. وعلى كل من له دور في عملية إعادة البناء العمل على التصدي لأي اتجاهات حالية أو جديدة تحض على معاملة النساء والفتيات دون مساواة مع الذكور أمام القانون، أو تؤدي إلى ثني النساء والفتيات عن الإبلاغ عن العنف الجنسي، أو تفضي إلى معاقبة النساء والفتيات لأنهن وقعن ضحايا لجرائم العنف الجنسي.

المنهج

يستند هذا التقرير إلى بحوث أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش في العاصمة العراقية بغداد فيما بين 27 مايو/أيار 2003 و 20 يونيو/حزيران 2003. وقد أجرت باحثة من المنظمة أكثر من 70 مقابلة شخصية مع ضحايا العنف الجنسي والاختطاف، ومع ضباط الشرطة العراقية، وضباط الشرطة العسكرية الأمريكية، وموظفي الشؤون المدنية الأمريكيين والعاملين في المجال الصحي والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الحكومية وأعضاء سلطة التحالف المؤقتة. ووجدت هيومن رايتس ووتش 25 بلاغا يعتد بها عن نساء وقعن ضحية للعنف الجنسي أو الاختطاف، وأخذت شهادات مباشرة من أربع ضحايا. ونظرا للظروف القاسية التي تواجه ضحايا العنف الجنسي فإن كل أسماء الضحايا الواردة في هذا التقرير هي أسماء مستعارة، كما تم حذف بعض التفاصيل الأخرى حماية لخصوصية النساء والفتيات اللاتي وافقن على حكي تجربتهن لمنظمة هيومن رايتس ووتش.

التوصيات

إلى سلطة التحالف المؤقتة والسلطات العراقية · التمسك بالمعايير الدولية ومنع العنف الجنسي والتمييز ضد النساء والأطفال، وخصوصا في إطار اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل.

· في إطار الإصلاح القضائي عموما يجب دراسة التشريعات التي تعامل النساء والفتيات معاملة غير متساوية مع الذكور سواء على المستوى النظري أو التطبيقي، والتشريعات المتعلقة بالاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي ضد النساء والفتيات ضمانا لتوافقها مع المعايير الدولية. وينبغي على وجه الخصوص إلغاء المادتين 398 و427 من قانون العقوبات العراقي.
  • اتخاذ التدابير اللازمة لإدخال المرأة في قوات الشرطة، ومنها إنشاء وحدات خاصة بالشرطة النسائية للتعامل مع الجرائم الجنسية.
  • وضع بروتوكول واضح للتحقيق في العنف الجنسي، على أن يحدد هذا البروتوكول كيفية العناية الطبية الشرعية ومكانها لصالح ضحايا العنف الجنسي، إلى غير ذلك من الأمور، وتعميم هذا البروتوكول على كل المعنيين من المسؤولين العراقيين وغيرهم.
  • ضرورة قيام وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بتعزيز خدمات الدعم الموجهة لصالح ضحايا الاغتصاب والعنف الجنسي، مثل الاستشارات وإجراء الفحوص والخدمات الصحية والطبية والخدمات القانونية والمالية.
  • ضرورة تحقق وزارة الداخلية ومستشاريها من قوات التحالف من أن الضباط المحققين الذين يتعاملون مع قضايا العنف الجنسي والاختطاف والاغتصاب هم من المتخصصين في هذا النوع من التحقيقات، وتدريبهم على القضايا المحيطة بالعنف ضد المرأة واستخدام الأدلة الطبية وغيرها من الأدلة الطبية الشرعية.

    إلى القوات العسكرية للتحالف الذي تتزعمه الولايات المتحدة

  • على الولايات المتحدة أن ترسل وحدة تحقيقات خاصة للتحقيق في الجرائم القائمة على الجنس أو جرائم المتاجرة بالأعراض التي تتعرض لها النساء والفتيات، وذلك إلى أن تصبح الشرطة العراقية قادرة تماما على القيام بهذا المهمة. ويجب أن تضم هذه الوحدة أفرادا من ذوي الخبرة والدربة على هذا اللون من العمل، ويجب أن يعمل بها محققون ومترجمون من الجنسين.
  • تدريب الشرطة العسكرية والشرطة العراقية بشأن حاجة ضحايا العنف الجنسي إلى تلقي الرعاية الطبية والشرعية فورا حتى يمكن جمع الأدلة.
  • توضيح خطوط الاتصال بين موظفي الشؤون المدنية، الذين قد تتصل بهم كثير من النساء أو الفتيات أو أقاربهن للإبلاغ عن جرائم العنف الجنسي، وبين الشرطة العسكرية والشرطة العراقية ضمانا لتحقيق أقصى حد من التنسيق وتبادل المعلومات حول القضايا والأدلة والأنماط في هذا الصدد.
  • نشر الإحصائيات الخاصة بالجريمة وتوزيعها على نطاق واسع، إلى أن تتمكن قوات الشرطة العراقية من القيام بهذه المهمة، بحيث تتضمن هذه الإحصائيات البلاغات المقدمة عن الجرائم إلى جانب معلومات عن الجناة المقبوض عليهم. والعمل مع الشرطة العراقية ضمانا للتوفيق بين طريقة تدوين السجلات العراقية وسجلات قوات التحالف.

    إلى الجهات المانحة

    ضرورة إعطاء أولوية خاصة للبرامج التي تعنى بما يلي:
  • مراجعة القوانين الحالية وتعديلها ضمانا للتوفيق بينها وبين التزامات العراق في ظل المعايير الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وعدم التمييز على أساس الجنس أو النوع ومنح النساء والفتيات المساواة وتكافؤ الفرص.
  • تدريب المسؤولين عن تنفيذ القانون والمسؤولين بالسلطة القضائية على التعرف على جرائم العنف الجنسي والتحقيق فيها وتحريك الدعوى القضائية بشأنها، بما في ذلك العنف الجنسي الذي يتعرض له الأطفال، ومساعدة الجهات المختصة بتنفيذ القانون على اكتساب المهارات والمعدات الضرورية في مجال الطب الشرعي للتحقيق في قضايا العنف الجنسي.
  • تقديم المساعدات المالية والفنية لمنظمات المجتمع المدني التي تقدم الخدمات للنساء والفتيات اللاتي يتعرضن للعنف الجنسي، والمتاجرة بأعراضهن والزواج القسري، أو اللاتي يخشين التعرض للانتقام من جانب أسرهن في صورة القتل بدافع الحفاظ على الشرف. ويمكن أن تتضمن هذه الخدمات توفير المأوى والخدمات القانونية والاستشارية وإجراء الفحوص والمساعدة الطبية، ويجب أن تتسم بالحساسية للاحتياجات الخاصة لأطفال الشوارع والنازحين الداخليين واللاجئين وأفراد الفئات الاجتماعية المحرومة.

  •