Egypt



مصر Egypt
  
28 اغسطس 2003
فخامة الرئيس حسني مبارك
رئيس جمهورية مصر العربية
قصر عابدين
القاهرة
جمهورية مصر العربية
فخامة الرئيس

تكتب منظمة هيومن رايتس ووتش إلى فخامتكم للإعراب عن قلقها الشديد بشأن استمرار سجن المهندس أشرف إبراهيم، الناشط المعارض للحرب على العراق، وبشأن قرار السيد/ أسامه عبد المنعم علي، القائم بأعمال المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا الصادر بتاريخ السابع من أغسطس/آب 2003، بإحالة قضيته إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ؛ إذ نخشى أن يكون أشرف إبراهيم، وأربعة آخرون متهمون معه في هذه القضية ولكن لم يحتجزوا بعد، يتعرضون للاضطهاد بسبب محاولتهم ممارسة حقوقهم الأساسية في حرية التعبير عن الرأي، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، وتلقي المعلومات وتبادلها حول الدفاع عن حقوق الإنسان وحرياته. ومما يثير انزعاجنا بنوع خاص أن هؤلاء المتهمين الخمسة سيخضعون للمحاكمة على نحو يخرق المعايير المعترف بها دوليا للإجراءات القضائية العادلة.

ومن ثم فإننا ندعو فخامتكم إلى اتخاذ خطوات فورية ضمانا لإطلاق سراح أشرف إبراهيم بدون إبطاء، وإسقاط التهم الموجهة إليه وإلى المتهمين الأربعة الآخرين. كما نحث حكومتكم على إلغاء أو تعديل بعض مواد قانون العقوبات المصري، وخصوصا المادة 80 (د) والمادة 86 مكرر للتوفيق بين القوانين المصرية والالتزامات الدولية الواقعة على عاتق مصر فيما يتعلق بحقوق الإنسان. وأخيرا ندعو فخامتكم إلى العمل على إلغاء قانون الطوارئ المصري ونظام محاكم أمن الدولة طوارئ المصاحب له.

إن قرار النائب العام بإحالة هؤلاء المتهمين إلى إحدى محاكم أمن الدولة العليا طوارئ لا يمكن اعتباره سوى تأكيد على أن حكومتكم تستخدم هذه المحاكم بالأساس لمعاقبة النشاط السياسي والمعارضة السياسية، حتى وإن كانت معارضة سلمية. والمعروف أن محاكم أمن الدولة العليا طوارئ هي نتاج لحالة الطوارئ التي تُحكَم مصر في ظلها منذ صدور القانون رقم 162 لسنة 1958، باستثناء فترات متفرقة، وأن هذا القانون الذي يعطي الحكومة سلطات واسعة لتعليق الحريات الأساسية، بما في ذلك القبض على المشتبه فيهم حينما وكيفما تشاء، واحتجازهم بدون محاكمة لمدد طويلة، يسمح بإحالة المدنيين إلى محاكم أمن الدولة العسكرية أو الاستثنائية. وجدير بالذكر هنا أن استخدام الحكومة لمحاكم أمن الدولة طوارئ، التي تعد بمنزلة نظام قضائي موازٍ، معرض إلى حد كبير للوقوع تحت نفوذ الحكومة بدون الحق في الاستئناف أمام هيئة قضائية أعلى درجة، يمثل انتهاكاً للمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تضمن لكل متهم الحق في محاكمته أمام محكمة مختصة مستقلة ومحايدة، بالإضافة إلى حقه في مراجعة قضائية للأحكام الصادرة ضده.

وقد داهم رجال أمن الدولة منزل أشرف إبراهيم في غيابه يوم 17 أبريل/نيسان 2003، وصادروا جهاز الكمبيوتر الخاص به وبعض المعدات الإلكترونية الأخرى وكمية من الأوراق بعد تفتيش المكان دون إبراز إذن التفتيش. (وقد ورد أن إذن التفتيش الذي أدرج في آخر الأمر في ملف القضية كان مؤرخا بتاريخ 18 أبريل/نيسان). وفي 19 أبريل/نيسان سلم أشرف إبراهيم نفسه إلى مباحث أمن الدولة، وظل مسجونا منذ ذلك التاريخ، وهو الآن في سجن طرة المحكوم. وعلى مدى أكثر من ثلاثة أشهر ونصف الشهر، ظلت نيابة أمن الدولة تجدد حبسه بدون استدعاء الشهود لاستجوابهم، أو توجيه الاتهام إليه بصفة رسمية. وورد أن محققي النيابة أخبروا أشرف إبراهيم أثناء هذه الاستجوابات أن التحقيق يجري معه بسبب تنزيله معلومات عن حقوق الإنسان من الإنترنت على جهاز الكمبيوتر وتنزيله مواد أخرى من موقع الخدمة الإخبارية لقناة "الجزيرة" الفضائية. وفي 30 يوليو/تموز بدأ أشرف إبراهيم إضرابا عن الطعام احتجاجا على تمديد حبسه، ومع ذلك لم يعرض على طبيب طوال الأيام الخمسة الأولى من الإضراب، ولم يزره أي مسؤول من النيابة، التي يخولها القانون سلطة التأكد من حالات الإضراب عن الطعام ورصدها، إلا في اليوم السابع. وأثناء إضرابه عن الطعام، ورد أن أشرف إبراهيم كان محبوسا حبسا انفراديا في زنزانة عقابية سيئة التهوية مليئة بالحشرات والهوام.
ولئن كان قد أنهى إضرابه عن الطعام الآن كما أفادت الأنباء، بعد أن تم توجيه الاتهام إليه بصفة رسمية، فإن منظمة هيومن رايتس ووتش لا تزال تشعر بالقلق البالغ بشأن حالته الصحية، وتدعو إلى نقله فورا إلى منشأة يمكن أن يتلقى فيها الرعاية الطبية المناسبة، وإلى السماح لأطباء مستقلين بزيارته لتقييم حالته الجسمانية والنفسية.

وفي 14 أغسطس/آب وجهت النيابة الاتهام إلى أشرف إبراهيم والمتهمين الأربعة الآخرين، وهم ناصر فاروق البحيري، الباحث بمركز الأرض لحقوق الإنسان، ويحيى فكري أمين زهرة، مهندس، ومصطفى محمد البسيوني، عاطل، وريمون إدوارد جندي مرجان، طالب؛ حيث اتهم المتهمون جميعا بموجب المادة 80 (د) من قانون العقوبات التي تفرض عقوبة السجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات على "كل مصري أذاع عمداً في الخارج أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة حول الأوضاع الداخلية للبلاد" أو "باشر بأية طريقة كانت نشاط من شأنه الإضرار بالمصلحة القومية للبلاد". كما اتهموا أيضا بموجب المادة 86 مكرر من قانون العقوبات التي تعاقب بالسجن "كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار على خلاف أحكام القانون، جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة، يكون الغرض منها الدعوة بأي وسيلة إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها، أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي". وقد اتهم المتهمون الثلاثة الأوائل على وجه التحديد بأنهم "تولوا مسؤولية اللجنة القيادية لجماعة الاشتراكيين الثوريين"، بينما اتهم المتهمان الرابع والخامس بالانضمام إلى عضوية هذه الجماعة. كما اتهم أشرف إبراهيم أيضا بأنه "حاز مطبوعات تتضمن ترويجاً وتحبيذاً لأغراض الجماعة"، وبأنه "أرسل معلومات كاذبة لجهات خارجية ـ منظمات أجنبية لحقوق الإنسان ـ على خلاف الحقيقة تتضمن انتهاك حقوق الإنسان بالبلاد، وكان من شأن ذلك إضعاف هيبة الدولة واعتبارها."

ويلاحظ أن هذه التهم والمواد التي تستند إليها تمثل انتهاكا واضحا للحقوق الأساسية لهؤلاء الأفراد، وخطرا يتهدد الحريات الأساسية. فالصياغة الفضفاضة والمبهمة لهذه القوانين المذكورة تجعل معظم أشكال المعارضة السلمية لسياسات الحكومة تندرج تحت عباءة ما يمكن أن يُعدَّ إجراماً. وتنص المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي أصبحت مصر طرفا فيه عام 1982، على ضمان الحق في حرية التعبير عن الرأي، بما في ذلك حرية "التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها"؛ كما يكفل العهد الحق في التجمع وفي حرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها في المادتين 21 و22. ومن ثم فإن تحريك الدعوة القضائية ضد هؤلاء المتهمين بسبب ما زعم عن تعبيرهم عن آرائهم وممارستهم أنشطتهم السياسية يمثل انتهاكا صارخا لكل هذه النصوص.

ومما يبعث على الانزعاج بوجه خاص اتهام أشرف إبراهيم بالاتصال "بمنظمات أجنبية لحقوق الإنسان"؛ فالحق في الحصول على المعلومات وتبادلها حول حقوق الإنسان أمر ضروري لا للدفاع عن الحريات الفردية فحسب، بل أيضاً لبقاء المجتمع المدني ونهوضه بوظيفته. وجدير بالذكر أن إعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان (الذي اعتمدته الجمعية العامة في عام 1999) ينص في المادة الخامسة منه على أن "لكل شخص الحق، بمفرده وبالاشتراك مع غيره، على الصعيدين الوطني والدولي، في (أ) الالتقاء أو التجمع سلمياً؛ (ب) تشكيل منظمات أو رابطات أو جماعات غير حكومية أو الانضمام إليها والاشتراك فيها؛ (ج) الاتصال بالمنظمات غير الحكومية، أو بالمنظمات الحكومية الدولية. كما تكفل المادة 6 من الإعلان حق كل شخص في "معرفة المعلومات المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية"؛ و"نشر الآراء والمعلومات المتعلقة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية ونقلها إلى الآخرين وإشاعتها بينهم"؛ و"دراسة ومناقشة وتكوين واعتناق الآراء بشأن مراعاة جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية في مجال القانون وفي التطبيق على السواء، وتوجيه انتباه الجمهور إلى هذه الأمور، بهذه الوسائل، وبغيرها من الوسائل المناسبة". ومن ثم فإن التهمة الموجهة إلى أشرف إبراهيم تمثل انتهاكاً لهذه المبادئ كلها.

إن قانون الطوارئ المصري، الذي يتعين تمديد العمل به كل ثلاث سنوات، كان من المفترض أن ينتهي العمل به في مايو/أيار 2003. غير أن حكومتكم عمدت في 23 فبراير/شباط إلى استخدام سلطتها القاهرة في مجلس الشعب لفرض تمديد العمل بالقانون قبل انتهاء مدة سريانه، وذلك دون إخطار سابق وبعد مناقشة لم تستغرق أكثر من يوم واحد. وبعد ذلك، تقدمت حكومتكم باقتراح لإلغاء محاكم أمن الدولة التي أنشئت بمقتضى القانون رقم 105 لسنة 1980، ووافق مجلس العشب على هذا الاقتراح، إلا أن إلغاء هذه المحاكم لا يقيد عمل محاكم أمن الدولة طوارئ، حيث لا تخضع أحكامها للاستئناف القضائي ولا يمكن مراجعتها إلا من قبل مكتب رئيس الجمهورية.

ومن ثم فإننا ندعو فخامتكم إلى استخدام سلطتكم لضمان قيام الحكومة فورا بإنهاء الإجراءات القضائية التي تم اتخاذها ضد أشرف إبراهيم وناصر فاروق البحيري ويحيى فكري أمين زهرة ومصطفى محمد البسيوني وريمون إدوارد جندي مرجان بسبب محاولتهم ممارسة حقوقهم الأساسية في تكوين الجمعيات والانضمام إليها وحرية التعبير عن الرأي. كما تحث منظمة هيومن رايتس ووتش حكومتكم على إلغاء أو تعديل المادة 80 (د) والمادة 86 مكرر من قانون العقوبات ضمانا للتوفيق بين القوانين المصرية والأحكام الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، التي تحمي حرية التعبير عن الرأي وحرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها، والحق في التماس المعلومات والآراء وتلقيها ونقلها. كما تحث المنظمة حكومتكم على إلغاء القانون رقم 162 لسنة 1958، وإنهاء حالة الطوارئ ونظام محاكم أمن الدولة طوارئ المصاحب لها.

وختاماً، نأمل أن نتلقى من فخامتكم ردا بشأن هذه القضايا الهامة.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
جو ستورك
مدير مكتب واشنطن /قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا