Iraq and Iraqi Kurdistan



العراق

  
  العراق
الحالة الوحيدة التي تستثنيها منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" من حيادها إزاء قرار شن الحرب هي حالة التدخل الإنساني - أي الغزو العسكري لبلد ما بهدف حماية شعبه؛ فنحن نؤيد التدخل العسكري في ظروف محدودة حينما يتعرض شعب بلد ما للإبادة الجماعية أو أي قتل جماعي مشابه لها؛ ورغم بشاعة سجل صدام حسين في مجال حقوق الإنسان، فلا يبدو أنه قد بلغ اليوم هذا الحد المرتفع - بالمقارنة مثلاً مع سلوكه أثناء الإبادة الجماعية في إطار عملية "الأنفال" عام 1988 ضد الأكراد العراقيين
بيان منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بشأن العراق

لقد عملت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" في مناطق الحروب منذ أكثر من عشرين عاماً؛ وتعتقد أن أهم مساهمة لها في تخفيف المحن التي كثيراً ما تجلبها ويلات الحرب هي رصد امتثال كافة الأطراف المتحاربة للقانون الإنساني الدولي وحضها على الالتزام به. فالغاية التي يرمي إليها هذا القانون - وفي المقام الأول اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الملحقة بها - هي حماية المدنيين وغير المقاتلين بقدر الإمكان من مخاطر الحرب.

وإذا ما أقدمت الولايات المتحدة على شن حرب على العراق، فسوف نصرَّ على أن تلتزم الولايات المتحدة وحلفاؤها العسكريون، وكذلك العراق، بالقانون الإنساني الدولي؛ ومثلما فعلنا مراراً في الماضي، فسوف نرصد أموراً من قبيل القرارات التي يتخذها كل طرف بشأن ما قد يختاره من الأهداف، واستخدامه لأنظمة الأسلحة التي تفتقر إلى التمييز، ومعاملته للأسرى والمدنيين. وسوف نسلط الضوء على الاحتياجات الإنسانية لمن شردوا بسبب الحرب أو من وقعوا ضحايا لويلاتها، ونطالب بحمايتهم. وسوف نحث الولايات المتحدة على إحكام الرقابة والسيطرة على عملائها وحلفائها داخل العراق، والتحقق من معاملتهم للأسرى بصورة إنسانية، وامتناعهم عن القيام بأعمال انتقامية ضد المدنيين. وسوف نسلط الضوء على ضرورة اتخاذ الاستعدادات اللازمة تحسباً للفظائع التي قد ينزلها الرئيس صدام حسين بشعبه سعياً للبقاء في السلطة. وحالما تضع الحرب أوزارها، فسوف نسعى لتقديم المسؤولين عن الإبادة الجماعية أو جرائم الحرب أو الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية إلى ساحة القضاء، أو استبعادهم من أي مناصب حكومية. وسوف نطالب برصد الموارد الضرورية لمساعدة العراقيين على بناء بلد تحظى فيه حقوق الناس جميعاً بالاحترام الواجب.

ومنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" لا تصدر أي أحكام بشأن جواز شن الحرب أو عدمه - أي ما إذا كانت حرب ما تتمشى مع أحكام القانون الدولي ضد العدوان؛ فنحن نولى اهتماماً بالغاً للعواقب الإنسانية للحرب، ولكننا نتحاشى إصدار أي أحكام بشأن مشروعية الحرب ذاتها لأن ذلك من شأنه أن يضعف الحياد اللازم لكي نرصد بأعلى درجة من الفعالية الكيفية التي تُشن بها الحرب - أي الالتزام بالقانون الإنساني الدولي - ولأن إصدار هذه الأحكام كثيراً ما يتطلب تقييماً أمنياً وسياسياً يتجاوز خبرتنا. وسواء أكان المرء يؤيد أم لا يؤيد شن حرب ماً، وسواء أكانت لتلك الحرب مبررات قانونية أم لا، فنحن نعتقد أن بالإمكان الاتفاق على ضرورة شن الحرب على نحو يقلل الأضرار التي تلحق بغير المقاتلين إلى أدنى الحدود، وفقاً لما يقضي به القانون الإنساني الدولي.

وكما هو الحال في الصراعات المسلحة الأخرى، فإن منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" من ثم لا تؤيد أو تعارض الحرب التي يجري تهديد العراق بها؛ ولا تبدي رأياً أو آخر عما إذا كانت الأخطار التي تهدد المدنيين في العراق والبلدان المجاورة من جراء شن الحرب أكبر أو أصغر من الأخطار التي تهدد المدنيين من مواطني الولايات المتحدة أو الدول المتحالفة معها - أو تهدد في نهاية المطاف الشعب العراقي - من جراء عدم شنها. ونحن لا نصدر أي تعليق على الجدل المحتدم حول مشروعية مبدأ "الدفاع الوقائي عن النفس" المقترح من جانب الرئيس جورج بوش أو ضرورة موافقة مجلس الأمن الدولي على الحرب.

والحالة الوحيدة التي تستثنيها منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" من حيادها إزاء قرار شن الحرب هي حالة التدخل الإنساني - أي الغزو العسكري لبلد ما بهدف حماية شعبه؛ فنحن نؤيد التدخل العسكري في ظروف محدودة حينما يتعرض شعب بلد ما للإبادة الجماعية أو أي قتل جماعي مشابه لها؛ ورغم بشاعة سجل صدام حسين في مجال حقوق الإنسان، فلا يبدو أنه قد بلغ اليوم هذا الحد المرتفع - بالمقارنة مثلاً مع سلوكه أثناء الإبادة الجماعية في إطار عملية "الأنفال" عام 1988 ضد الأكراد العراقيين.

كما أننا ندرك أن الحرب المهدد بها في العراق ليست من قبيل التدخل الإنساني، وإنما الغاية منها، استناداً للبيانات العلنية للحكومة الأمريكية، هي تجريد الحكومة العراقية من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية التي يزعم أنها تمتلكها، ومنعها من تطوير أسلحة نووية، والإطاحة بصدام حسين. ولئن كان الرئيس جورج بوش قد أشار، أثناء عرضه الحجج والحقائق التي تبرر شن الحرب، إلى القمع الوحشي الذي تمارسه الحكومة العراقية، فمن الجلي أن هذه حجة ثانوية مكملة لدعوته إلى التصدي لمسألة حيازة العراق المزعومة لأسلحة الدمار الشامل، وفرض "تغيير في النظام". وليس من شك في أنه إذا ما أطيح بصدام حسين وتم تسليم أي أسلحة للدمار الشامل، على نحو موثوق به، فلن تنشب أي حرب، حتى لو خلفته حكومة لا تقل عنه قمعاً.

وقد قامت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بأبحاث مستفيضة لتوثيق السجل المروع لصدام حسين وحكومته في مجال حقوق الإنسان؛ وجمعنا أدلة مفصلة بدرجة لم يسبق لها مثيل على حملة الإبادة الجماعية المعروفة باسم "الأنفال"، ومازلنا نرصد ما يرتكبه من انتهاكات حقوق الإنسان ونصدر التقارير عنها. كما دأبنا على المطالبة بمحاكمة صدام حسين وغيره من المسؤولين العراقيين الضالعين في هذه الانتهاكات على دورهم في عملية "الأنفال" وغيرها من الفظائع. وكما هو الأمر في عملنا كله، فإننا نعتقد أن فضح انتهاكات حقوق الإنسان التي تقترفها حكومة ما هو خطوة ضرورية أولى نحو الضغط على هذه الحكومة لحملها على وضع حد لتلك الانتهاكات. وهذه الجهود الرامية لكبح القمع العراقي لا يمكن تأويلها على أنها تأييد للحرب.

وعلى غرار ذلك، فإن منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" قد أصدرت التقارير عن انتهاكات الولايات المتحدة للقانون الإنساني الدولي، في بنما وحرب الخليج ويوغوسلافيا وأفغانستان، ونددت بها. وقد انتقدنا الحكومة الأمريكية بسبب ما تختاره من الأهداف، وتقاعسها عن اتخاذ احتياطات معينة لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين إلى أدنى حد ممكن، واستخدامها لأسلحة معينة تفتقر إلى التمييز، وعدم اتباعها للقواعد التي تحكم أسرى الحرب. ولا ينبغي تأويل انتقاد مسلك الحكومة الأمريكية في حرب محتملة في العراق على أنه معارضة لتلك الحرب.