‎‎
HRW Logo HRW in Arabic
Human Rights Watch
البحرين
E-mail بريدالكتروني WR 2000 Mena  Campgn HR-Global  حقوق المرأة والطفل والعدالة والأسلحة والألغام Countries Mena Home
 
الاستفتاء على الميثاق الوطني في البحرين
خلفية عامة أعدتها منظمة "مراقبة حقوق الإنسان"
فبراير/شباط 2001

يصوت مواطنو البحرين في 14 و15 فبراير/شباط بـ"نعم" أو "لا" على الميثاق الوطني الذي تمت صياغته أواخر العام الماضي بتوجيهات من الأمير الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة. وينص الميثاق، وهو وثيقة مطولة يتوقع معظم المراقبين أن تحظى بتأييد شعبي ساحق، على إنشاء برلمان يتألف من مجلسين يختار أحدهما بالتصويت الشعبي، وعلى المناداة بالشيخ حمد أول ملك للبلاد.

إلا أنه يشوب لغة مسودة الميثاق الوطني إبهام باعث على القلق يوحي بأن الغرض من الميثاق قد يكون تأمين الدعم الشعبي للإجراءات الهادفة لتوطيد حكم آل خليفة وامتيازاتهم، وليس إقامة شكل من أشكال "الملكية الدستورية".

ويمكن القول إجمالا إن هذه الخطوات جديرة ببالغ الترحيب باعتبارها تحولاً عما اتسم به نظام دولة البحرين في السنوات الأخيرة من عدم تسامح إزاء الانتقاد والمعارضة


ولم يثر جدل يذكر حول الكثير من بنود الميثاق الوطني، بما في ذلك اقتراح تنصيب الأمير ملكاً. كما تعزز التأييد الشعبي للاقتراح الرئيسي الذي يتضمنه الميثاق الوطني، وهو إنشاء مجلس منتخب بالاقتراع الشعبي، بعد إعلان الأمير في 5 فبراير/شباط العفو عن أكثر من 400 شخص من المعتقلين أو ممن يواجهون تهماً بارتكاب جرائم تتعلق بأمن الدولة - وتشمل هذه الفئة معظم من تبقى من السجناء السياسيين في البحرين - والسماح بعودة حوالي 108 أشخاص ممن يقيمون في المنفى. ومن الأمور التي تكتسي نفس القدر من الأهمية الصراحة النسبية التي تميزت بها المناقشات حول مبادرات الأمير في الصحافة وفي الكثير من اجتماعات النوادي الاجتماعية والنقابات المهنية. ولئن كانت هذه المناقشات قد هيمنت عليها الأصوات الموالية للحكومة، فإنها قد أتاحت لمنتقدي الحكومة، لأول مرة منذ ربع قرن، فرصة التعبير عن آرائهم جهراً، وتكرار ذلك يوماً بعد يوم دون أن يمسهم سوء.

ويبدو من الوهلة الأولى أن هذا القبول بمبدأ المشاركة السياسية الشعبية يضع البحرين في مرتبة متقدمة جداً بالنسبة لأي دولة عربية أخرى في الخليج. ذلك أن المشاركة الشعبية، بالاقتراع أو الترشيح للمناصب العامة، حتى في الكويت تقتصر على فئة صغيرة ـ أي الرجال الذين يشكلون مواطني "الدرجة الأولى". أما في البحرين فإن جميع المواطنين رجالاً ونساءً الذين تجاوزت أعمارهم العشرين يحق لهم التصويت في الاستفتاء القادم ـ أي ما يُقدَّر بنحو 217 ألف نسمة ـ ويفترض أن هذا الحق سوف يشمل كذلك انتخابات المجلس الوطني المقترح.

ويمكن القول إجمالا إن هذه الخطوات جديرة ببالغ الترحيب باعتبارها تحولاً عما اتسم به نظام دولة البحرين في السنوات الأخيرة من عدم تسامح إزاء الانتقاد والمعارضة. إلا أنه يشوب لغة مسودة الميثاق الوطني إبهام باعث على القلق يوحي بأن الغرض من الميثاق قد يكون تأمين الدعم الشعبي للإجراءات الهادفة لتوطيد حكم آل خليفة وامتيازاتهم، وليس إقامة شكل من أشكال "الملكية الدستورية".
وينص الدستور الذي سن عام 1972، فور استقلال البحرين عن بريطانيا، على إنشاء مجلس وطني ينتخب عدد من أعضائه بالتصويت الشعبي. إلا أنه قد تم حل المجلس عام 1975 بمرسوم أميري، وعُلِّقت من طرف واحد مواد الدستور التي تنص على وجوب عقد انتخابات لتشكيل مجلس جديد في غضون شهرين. ولا يحدد الميثاق الوطني دور المجلس المنتخب الجديد المقترح بالمقارنة مع المجلس المعين الذي شكل عام 1972، أو دور السلطة التشريعية بوجه عام بالنسبة للسلطة التنفيذية.

كما يخلو الميثاق من أي ذكر للتشريعات القائمة، وبخاصة قانون أمن الدولة لعام 1974 الذي يجيز الاعتقال التعسفي واعتقال الأشخاص بمعزل عن العالم الخارجي، والمحاكمات الفادحة الجور، والتعديلات التي أدخلت عام 1976 على قانون العقوبات، ودأبت السلطات على استخدامها لحرمان المواطنين البحرينيين من الممارسة السلمية لحقهم في حرية التعبير والاجتماع وتكوين الجمعيات والانتماء إليها.
وأخيراً، فإن هيئات مثل مصلحة التحقيقات الخاصة، وإدارة التحقيقات الجنائية وقوة الأمن العام لا تزال قائمة تحت إمرة الشيخ خليفة بن سلمان، عم الأمير، الذي يتولى رئاسة الوزراء منذ حوالي ثلاثة عقود. وتعتقد كثير من الأوساط في البحرين أن الشيخ خليفة يناهض بشدة أي إصلاح سياسي حقيقي، وترى أنه وأفراد أسرته سيكونون أكبر الخاسرين إذا ما أُجري أي تحقيق برلماني جاد في قضايا الفساد وإساءة استخدام النفوذ.
وترحب منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بالخطوات التي اتخذتها الحكومة للإفراج عن السجناء السياسيين والسماح للبحرينيين المقيمين في المنفى القسري بالعودة إلى بلادهم. إلا أن الحاجة ماسة الآن لاتخاذ مزيد من الإجراءات العاجلة لتأمين قدرة مواطني البحرين على ممارسة الحقوق المدنية والسياسية الأساسية التي يقرها الميثاق الوطني، والتي يضمنها دستور البلاد والقانون الدولي. وتشمل هذه الإجراءات:

1. إلغاء محكمة أمن الدولة والكف عن عادة محاكمة المعتقلين أمام محاكم مغلقة لا تضمن المعايير الأساسية للإنصاف القضائي.
2. إعلان حرية جميع من يقيمون في المنفى القسري في العودة إلى البلاد دون شروط.
3. وضع حد لأسلوب احتجاز الأشخاص مدداً طويلة أو غير محددة بأجل، دون تهمة أو محاكمة، وذلك بسبب "أفعال" أو "تصريحات" غامضة التعريف تفسر على أنها تهدد "أمن الدولة".
4. السماح لدعاة حقوق الإنسان البحرينيين بإنشاء جمعيات غير حكومية مستقلة وبممارسة الحقوق الضرورية للدفاع عن حقوق الإنسان، بما فيها حرية تكوين الجمعيات والانتماء إليها، وحرية البحث عن المعلومات والحصول عليها ونشرها داخل البحرين وخارجها.

خلفية
الاحتجاجات ضد تعليق الدستور
تمثل دولة البحرين، وهي جزيرة صغيرة يبلغ تعداد سكانها نحو 700 ألف نسمة يشكل العمال المهاجرون حوالي الثلث منهم، الميناء الرئيسي للقوات البحرية الأمريكية في الخليج. وقد شهدت اضطرابات داخلية خطيرة خلال معظم سنوات التسعينيات؛ ولجأ آل خليفة إلى التعذيب، والنفي القسري، والاعتقال التعسفي والمحاكمات السرية أمام محاكم الأمن بهدف احتواء الاضطرابات، كما استغلوا مخاوف الأقلية السنية التي تسيطر على البلاد من أن تؤدي مطالبات الأغلبية الشيعية بالمشاركة في السلطة السياسية والاقتصادية إلى قيام نظام ثيوقراطي قمعي.
ويتمثل المطلب الرئيسي الذي تكاد تتفق عليه جميع أوساط المعارضة في إحياء المجلس الوطني الذي أنشئ بموجب دستور 1972، والذي يُختار عدد من أعضائه عن طريق الانتخاب. وكانت الحكومة قد حلت المجلس الوطني في أغسطس/آب 1975 بمرسوم أميري؛ وعلقت مادة الدستور التي تنص على عقد انتخابات لإنشاء مجلس جديد في غضون شهرين؛ وقد اتُّخذ قرار الحل بعد أن رفض المجلس الوطني إقرار مشروع قانون يجيز الاعتقال والسجن التعسفيين عقاباً على ارتكاب "أفعال" أو الإدلاء "بأقوال" يمكن أن تفسر على أنها تهدد "أمن الدولة".

وصدرت مراسيم إضافية وسعت من صلاحيات محكمة أمن الدولة، وألغت عملياً جل الحقوق المدنية والسياسية التي ينص عليها الدستور، مما جعل من البحرين بلداً يتعرض مواطنوه لخطر التفتيش والاعتقال والحبس لفترات طويلة دون محاكمة لمجرد انتقادهم للحكومة. وكانت الاتصالات والمراسلات تخضع للمراقبة بينما تخضع وسائل الإعلام للرقابة الشديدة.
وقيدت حرية الاجتماع وتكوين الجمعيات والانتماء إليها تقييداً صارماً، وحُظرت الأحزاب السياسية. ودرجت السلطات على ممارسة انتهاكات يحرمها الدستور البحريني تحريماً مطلقاً، كما يحرمها القانون الدولي، مثل التعذيب والنفي القسري، باعتبارها أمراً تقره سياسة الدولة. وكانت المحاكمات التي تعقدها محكمة أمن الدولة مغلقة دون الجمهور. ودأب القضاة على إصدار أحكام الإدانة بشكل اعتيادي على أساس اعترافات منتزعة من المتهمين بالإكراه أثناء اعتقالهم فترات طويلة في عزلة عن العالم الخارجي، ولم يستوفوا أبسط المقتضيات والمعايير الدولية للإنصاف القضائي.
وقد اندلعت "انتفاضة" البحرين في نهاية عام 1994 بعد أن حبطت، على ما يبدو، المساعي الرامية للتظلم السلمي إلى الحكومة بشأن مسائل تتعلق بالإصلاح السياسي وبالسياسات الاجتماعية التي تنطوي على التمييز. ورفضت المعارضة الاعتراف بمجلس الشورى المعين الجديد بديلاً عن المجلس الانتخابي. وأدت الاشتباكات التي وقعت في الشوارع بين المتظاهرين وقوات الأمن إلى اعتقال آلاف الأشخاص، وفرض حصار على الأحياء والقرى الشيعية امتد لفترات طويلة. واحتجز بعض الأشخاص الذين اعتبرتهم الحكومة متزعمين للمظاهرات فترات امتدت في بعض الحالات أكثر من خمسة أعوام دون محاكمة، بينما رحل عدد آخر منهم قسراً خارج البلاد. وفي مارس/آذار 1996 وسعت محكمة أمن الدولة من غرفة واحدة إلى ثلاث غرف حتى يصبح في الوسع عقد المحاكمات للأعداد المتزايدة من الأشخاص الذين توجه لهم تهم بموجب قانون أمن الدولة. وبحلول منتصف 1997 أرغم آخر مكتب وكالة أنباء دولية تبقى في المنامة، وهو مكتب وكالة الأنباء الألمانية، على الإغلاق ومغادرة البلاد.
وبحلول أوائل 1998 هدأت حدة الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن، ولو أن عدة آلاف من الأشخاص ظلوا في السجون بتهم مبهمة تتعلق بأمن الدولة. كما استمرت الاعتقالات وأحكام الإدانة التي تصدرها محكمة أمن الدولة، ولكن عددها انخفض.

أمير جديد ومبادرات جديدة
تولى الشيخ حمد منصب أمير دولة البحرين في مارس/آذار 1999، وقد كان في الخمسين من العمر، عقب وفاة والده. وسارع إلى الإيحاء بأنه يؤيد بشكل عام طموحات الإصلاح السياسي؛ وكانت أهم مبادراته الملموسة في هذا الصدد الإفراج عن أكثر من 800 معتقل سياسي وسجين مدان، وذلك على عدة مراحل من يونيو/حزيران 1999 إلى أواخر 2000. كما وقع، بعد توليه الحكم، انخفاض ملحوظ في اللجوء إلى محاكم أمن الدولة. ويبدو أن آخر أحكام الإدانة المسجلة هي الأحكام القليلة التي صدرت أوائل عام 2000.
ولكن الحكومة استمرت، حتى بداية حملة الميثاق الوطني، في منع الاجتماعات العامة وفي مضايقة أكثر منتقديها جرأة واعتقالهم كلما حاولوا المجاهرة برأيهم. وظل رهن الاعتقال العديد من الزعماء الشيعة الذين أُلقي القبض عليهم مع الشيخ عبد الأمير الجمري في يناير/كانون الثاني 1996، مثل الأستاذ والناشط الاجتماعي عبد الوهاب حسين علي، لأنهم رفضوا التوقيع على اعتذارات مكتوبة أو تعهدات بالامتناع عن العمل السياسي. وتعرض المحامون للمضايقة بسبب سعيهم للاضطلاع بواجبهم دفاعاً عن موكليهم في القضايا السياسية، وحظر عليهم تزويد الصحافة أو المنظمات الدولية لحقوق الإنسان بأي معلومات عن الاعتقالات والمحاكمات الجارية أمام محكمة أمن الدولة. وفي سبتمبر/أيلول الأخير ألقي القبض على جاسم علي الأستاذ الجامعي في الاقتصاد والكاتب عن الشؤون الخليجية في وحدة الاستعلام الخاصة بمجلة "الإيكونومست"، وصودرت ملفات الكومبيوتر التي وجدت لديه، وذلك، فيما يبدو، نتيجة لكتاباته واتصالاته بالمعارضة البحرينية في الخارج.

وكانت بعض حدود برنامج الأمير الجديد واضحة جلية لا سيما في المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان. فقد رفضت الحكومة السماح للمواطنين البحرينيين برصد مسائل حقوق الإنسان في البحرين والإبلاغ عنها، ومنعت المنظمات الدولية لحقوق الإنسان من زيارة البلاد للتحقيق في أية انتهاكات. وفي أكتوبر/تشرين الأول 1999 سمح الأمير بتشكيل لجنة لحقوق الإنسان داخل مجلس الشورى، ولكن اللجنة لم تتخذ أي مبادرات علنية، وليس هناك ما يشير إلى أنها قامت وراء الكواليس بأكثر من إيصال الشكاوى الفردية إلى الوزارات المعنية، دون بذل أي جهد لمتابعة هذه الشكاوى. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2000 رفض وزير العمل والشؤون الاجتماعية طلب الترخيص الذي قدمه اثنا عشر مواطناً لإنشاء منظمة غير حكومية مستقلة لرصد أوضاع حقوق الإنسان، وذلك بدعوى أنها ستقوم بنفس العمل الذي تقوم به لجنة حقوق الإنسان التابعة لمجلس الشورى.
وفي أواخر 1999 أعلن الأمير أنه سيتم عقد انتخابات بلدية محلية، وأنه سيسمح فيها للنساء بالترشيح والتصويت، ولكن لم يتم تحديد أي موعد لهذه الانتخابات. وفي مايو/أيار 2000 أعلن الأمير أن مجلس الشورى سيصبح مجلساً منتخباً في عام 2004. وفي سبتمبر/أيلول عين مجلساً جديداً للشورى أبقى فيه على بعض الأعضاء القدامى، ولكنه ضم إلى عضوية المجلس الجديد عدداً من النساء وممثلي الطوائف غير الإسلامية. وفي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني عين لجنة وطنية عليا تتألف من ستة وأربعين عضواً، برئاسة وزير العدل الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة، وهو من أفراد الأسرة الحاكمة، لوضع ميثاق وطني يعرض على "مؤتمر عام" يتألف من ألفي مواطن يمثلون جميع قطاعات المجتمع، وتتولى الحكومة أيضاً تعيينهم. وقد استقال ستة من أعضاء اللجنة العليا في أوائل ديسمبر/كانون الأول؛ وورد أن سبب الاستقالة هو إصرار الأمير على أن يعكس الميثاق رغبته في أن ينصب ملكاً. وقد تسربت بعض المقاطع من مسودة الميثاق إلى الصحافة في أعقاب تزايد الانتقادات ضد سرية جلسات لجنة الصياغة.
وفي خطاب العيد الوطني يوم 16 ديسمبر/كانون الأول، أعلن الأمير الخطوط العريضة لخطته المتعلقة بإنشاء برلمان ذي مجلسين يشكل أحدها بالانتخاب والآخر بالتعيين. وقد أثارت هذه الخطة انتقادات قوية من المعارضين البحرينيين، سواء في الداخل أم في الخارج، تركزت على التنبيه إلى أن البرلمانات التي تتألف من مجلسين في البلدان الديمقراطية إما أن يختار كلا مجلسيها بالانتخاب أو يكون المجلس غير المنتخب، مثلما هو الشأن في بريطانيا، ذا صلاحيات محدودة ومحددة بدقة.
ويبدو أن قرار عرض الميثاق الوطني على الاستفتاء الشعبي قد اتخذ في إطار الاستجابة لهذه الانتقادات؛ ذلك أن المعارضين أعلنوا أن تأييدهم للميثاق يتوقف على تلبية الأمير لثلاثة مطالب؛ وقد تمت، على ما يبدو، تلبية اثنين منها إلى حد كبير ـ وهما الإفراج عن جميع من تبقى من السجناء السياسيين والسماح بعودة المنفيين السياسيين ـ وذلك بصدور العفو المذكور آنفا والذي أعلنه الأمير في 5 فبراير/شباط. ولم يشمل العفو عدداً يتراوح بين عشرين وثلاثين شخصاً أدينوا بالقتل العمد أو ارتكاب اعتداءات أسفرت عن إصابات بالغة، إلا أنه شمل عبد الوهاب حسين وثلاثة آخرين من الزعماء الشيعة كانوا قضوا أكثر من خمس سنوات في الحبس دون محاكمة. وقبل ذلك بأسبوع خففت السلطات من القيود والمراقبة الشديدة المفروضة على منزل الرجل المسن العليل الشيخ عبد الأمير الجمري الذي كان قد أفرج عنه من قبل لكنه ظل قيد الإقامة الجبرية في منزله. كما لم يشمل العفو مئات من المنفيين السياسيين الآخرين. وأشار المسؤولون إلى ترحيبهم بعودة هؤلاء المنفيين أيضا إذا هم أعربوا عن قبولهم بنظام الحكم والتشريعات القائمة؛ إلا أن كثيراً من المنفيين يتمسكون بوجوب إلغاء قانون أمن الدولة، الذي يعتبرون أنه مناف للدستور، كشرط لتقديمهم أي تعهد من هذا القبيل.

كما طلب المعارضون من الحكومة تقديم تأكيدات بأن الميثاق الوطني لن يحل محل دستور 1972. والواقع أن نص الميثاق يبدو واضحاً بما فيه الكفاية: حيث تنص الديباجة على أن تطبيق بعض الأفكار الرئيسية التي يتضمنها الميثاق يستوجب تعديلات دستورية، وتخص بالذكر البنود المتعلقة بتشكيل البرلمان.
غير أن المشكلة الحقيقية تتمثل في أن الميثاق غامض غموضاً يبعث على القلق فيما يتعلق بدور البرلمان وصلاحياته؛ فهو يخلو من أي اقتراح أو تعيين لعدد أعضاء أي من المجلسين ومن أي إشارة إلى طريقة حل الخلافات بينهما؛ كما أن الميثاق لا يحدد موعدا للانتخابات. ورغم أنه ينص على الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية فصلاً يكرس نظام الضوابط والموازنة بين السلطات، فإنه ينص أيضا على أن الأمير الذي سينادى به ملكاً هو المسؤول عن جميع السلطات، بما في ذلك تعيين وإقالة رئيس الحكومة ومجلس الوزراء. ولا يُعرف إن كان المجلس الوطني سيتمتع بأي سلطة، وما عساها أن تكون؛ ويخشى دعاة الإصلاح ألا يحصل مواطنو البحرين أساساً إلا على مجلسين استشاريين، أحدهما منتخب والثاني معين.
وفي رد على هذه الانتقادات، أدلى نجل الأمير ولي العهد سلمان بن حمد يوم 4 فبراير/شباط بتصريح، ليس قابلا بالضرورة للتصديق الكامل، قال فيه إنه ليس هناك أي بلد في العالم يكون فيه للمجلس المعين سلطة عرقلة إرادة المجلس المنتخب. وحث ولي العهد المواطنين على التصويت بالموافقة على الميثاق الوطني بهدف إتاحة الفرصة لإرساء أسس هيكل سياسي جديد في البحرين. وقال إن الموافقة الشعبية ستمنح الأمير تفويضاً ببدء تطبيق الأفكار التي يتضمنها الميثاق، بحيث يستكمل تنفيذها على مراحل، في غضون عام 2004. وأضاف أنه لم يتم الخوض بعد في التفاصيل العملية لمباشرة تنفيذ الميثاق.
 
E-mail بريدالكتروني WR 2000 Mena  Campgn HR-Global  حقوق المرأة والطفل والعدالة والأسلحة والألغام Countries Mena Home