HRW Logo HRW in Arabic
Human Rights Watch
الجزائر
E-mail بريدالكتروني WR 2000 Mena  Campgn HR-Global  حقوق المرأة والطفل والعدالة والأسلحة والألغام Countries Mena Algiria Home
  20 ديسمبر/ كانون الأول ‏2000‏
فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة
رئيس جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية
المرادية ـ الجزائر

فخامة الرئيس،
تحية طيبة وبعد،

أكتب إلى فخامتكم والعام 2000 يدنو من نهايته معرباً لكم عن تقديري لارتفاع مستوى التعاون بين حكومتكم ومنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" خلال هذه العام. وأود أن أشير هنا بارتياح خاص إلى تمكن المنظمة من إيفاد بعثة من ستة أفراد لأغراض بحثية في شهر مايو/أيار، وهي أول مرة يتسنى فيها للمنظمة دخول الجزائر منذ شهر أبريل/نيسان 1997. وقد لمسنا تعاوناً كبيراً من جانب كثيرين من كبار المسؤولين في وزارات الخارجية والعدل والداخلية، وغيرها من الجهات الرسمية، ونود أن نعرب لهم عن تقديرنا لما أتاحوه لنا من وقتهم الثمين. وقد قدمت الجزائر على مدى هذا العام لطائفة أخرى من منظمات حقوق الإنسان الدولية تسهيلات أكبر بكثير مما كان متاحاً في السابق؛ كما سمحت حكومتكم للجنة الدولية للصليب الأحمر باستئناف زياراتها للسجناء المحتجزين في منشآت تديرها وزارة العدل.

وإننا لنأمل أن يستمر مثل هذا الانفتاح ويتسع مداه؛ فقد عبر وزير العدل أحمد أويحيى وغيره من المسؤولين الذين قابلناهم في مايو/أيار عن رسالة واحدة فحواها أن تلك الزيارة لا ينبغي أن تكون الوحيدة من نوعها، وأن العلاقات بين منظمتنا ودولة الجزائر يجب أن تأخذ طابعاً روتينياً. ومن هذا المنطلق، فإننا نلتمس الإذن من حكومتكم لإرسال وفد من منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" للقيام بزيارة ثانية إلى الجزائر في فبراير/شباط 2001؛ وتهدف هذه البعثة، مثلها مثل سابقتها التي تمت في عام 2000، إلى إجراء بحوث ومقابلة طائفة متنوعة من الجزائريين المعنيين بحقوق الإنسان، ومن بينهم عدد من مسؤولي الحكومة.
وفي هذا الصدد أود أيضاً أن أنتهز فرصة هذه الرسالة الخاصة لأطلع فخامتكم على أحد بواعث القلق البالغ لدى منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" فيما يتعلق بأوضاع حقوق الإنسان في بلدكم، وهي مشكلة الإفلات من المساءلة والعقاب. وقد سبق لنا أن عبرنا عن قلقنا هذا للمسؤولين الذين تكرموا بمقابلتنا أثناء زيارتنا في شهر مايو/أيار، ونأمل أن تولي حكومتكم اهتماماً لهذه القضية خلال العام المقبل.

وترى منظمتنا، باعتبارها من المنظمات التي رصدت أوضاع حقوق الإنسان في الجزائر طيلة التسعينيات، أن تراجع بعض انتهاكات حقوق الإنسان التي تتواتر أنباؤها منذ عام 1998 يعد ظاهرة مشجعة. كما سرَّنا أيضاً اتخاذكم بعض الإجراءات التي كان لها أثر إيجابي على أوضاع حقوق الإنسان، إذ أصدرتم عفواً عن الآلاف من السجناء وأطلقتم سراحهم، ومنهم كثيرون كانوا قد حُبسوا دون وجه حق بعد مقاضاتهم لارتكاب جرائم غير عنيفة اعتُبرت من قبيل مناصرة "الإرهاب" أو "التخريب"، وخضوعهم لمحاكمات لم تفِ بالمعايير الدولية. كما اعترفتم بشجاعة بأن قضية الأشخاص "المختفين" قضية خطيرة تتطلب اهتماماً رسمياً، وهو اعتراف الذي كانت البلاد في مسيس الحاجة إليه.

وكما سبق أن أعلنا في مناسبات أخرى، فقد شجعنا قانون الوئام المدني لعام 1999 الذي منح عفواً عاماً لأعضاء الجماعات المتشددة الذين استسلموا، لكنه استثنى من العفو العام بصورة ملائمة الأفعال ذات الطبيعة النكراء، وهي على وجه التحديد القتل العمد وإحداث العاهات المستديمة والاغتصاب وزرع المتفجرات في الأماكن العامة. وهكذا بيَّنت حكومتكم باستثنائها تلك الجرائم أن المصالحة الوطنية يمكن أن تقوم على التساهل، ولكن ليس على الإفلات من العقوبة في حالة الانتهاكات الأشد خطورة.
ولئن كانت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" تؤيد هذا المبدأ، فإن قلقها يتزايد باطِّراد لأن الإفلات من العقوبة في حالة الانتهاكات الفادحة هو في واقع الأمر قاعدة أكثر منه استثناء، الأمر الذي يهدد الهدف بعيد المدى المتمثل في تحقيق المصالحة الوطنية. وفيما يلي بعض المؤشرات التي تكشف عن صور الإفلات من العقوبة، والموضحة بإسهاب في الفصل المخصص للجزائر في "التقرير الدولي لعام 2001" الجديد الصادر عن منظمة "مراقبة حقوق الإنسان":
1- منح مرسوم العفو الرئاسي الذي أصدرتموه في 10 يناير/كانون الثاني 2000 عفواً عاماً كاملاً وغير مشروط لجميع أعضاء جماعتين مسلحتين استسلمتا للسلطات، هما "الجيش الإسلامي للإنقاذ" و"الرابطة الإسلامية للدعوة والجهاد"، بغض النظر عن أية أعمال ارتكبتها هاتان الجماعتان. وكان مسؤولون في وزارة العدل قد ذكروا لبعثتنا أن المادة 10 من قانون الوئام المدني، والتي تنص على أن الحقائق المثبتة حديثاً والحقائق التي لم يسبق الإعلان عنها بشأن الأعمال الإجرامية التي ارتكبها المستفيدون من القانون تعد مسوغاً لتحريك الدعوى الجنائية، لا تأخذ أولوية على المادة 41 من القانون والتي تعفي من التحري أو المسؤولية الأفراد المنتمين إلى المنظمات التي قررت وقف أعمال العنف، ووضعت نفسها تحت تصرف الدولة تماماً ـ أي الأفراد الذين يشملهم العفو الشامل. ومعنى هذا أن أعضاء هذه الجماعات المشتبه في قيامهم بقتل المدنيين عمداً أو اختطاف النساء والفتيات واغتصابهن قد عُفي عنهم بدون أي نوع من أنواع التحقيق في ماضيهم، أو حتى مطالبتهم بالإقرار بمسؤوليتهم عن عدد من الجرائم الشنيعة. وهكذا فإن هذا العفو الشامل ينطوي على الإخلال بأحد المبادئ الأساسية في قانون الوئام المدني، والذي يقر بوجوب محاسبة مرتكبي الجرائم الفادحة.
2- يبدو أن "لجان الإرجاء" التي تأسست بموجب قانون الوئام المدني، للفصل في التماسات العفو المقدمة من أعضاء الجماعات المسلحة الذين سلموا أنفسهم بصورة فردية، تعمل دون أي شفافية على الإطلاق؛ إذ تجتمع هذه اللجان في جلسات مغلقة، ولا يشارك الضحايا أو عامة الجماهير في مداولاتها. ويتهم بعض دعاة حقوق الإنسان الجزائريين هذه اللجان بأنها توافق على التماسات العفو بسرعة وبصورة آلية بدون بذل جهد ملائم للتأكد من أن مقدم الالتماس لم يرتكب جرائم فادحة تحرمه بموجب نصوص القانون من التمتع بالعفو من العقوبة الجنائية. وقد صرَّح مسؤولو وزارة العدل لوفدنا في 23 مايو/أيار أن حوالي 340 شخصاً قد تمت مقاضاتهم بموجب قانون الوئام المدني؛ ولكن من المتعذر تقدير قيمة هذا التصريح في غياب أسماء أو تفاصيل محددة.

3- ما يزال أفراد قوات الأمن يتمتعون بحصانة شبه تامة من المساءلة والعقاب على ما ارتكبوه من انتهاكات حقوق الإنسان؛ فقد أبلغ مسؤولو وزارة العدل وفدنا في 23 مايو/أيار أن 348 شخصاً ممن لهم صلة بقوات الأمن، ومنهم أعضاء في ميليشيات "الدفاع الذاتي"، قد تمت ملاحقتهم قضائياً بشأن انتهاكات حقوق الإنسان منذ 1992. وبصرف النظر عن أن هذا الرقم يبدو ضئيلاً نسبياً بالمقارنة بعدد أعمال التعذيب، والإعدام دون محاكمة، وأعمال "الاختفاء" التي زُعم أن قوات الأمن وميليشيات الدفاع الذاتي ارتكبتها منذ عام 1992، فليس من الممكن التحقق من هذا الرقم أو تقييمه في غياب معلومات محددة. وعلى الرغم من الطلبات الكتابية والشفهية التي قدمتها منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" لحكومتكم، سواء قبل زيارة وفد المنظمة أو في أثنائها، فقد رفض المسؤولون موافاتنا بأي تفاصيل عن أسماء المتهمين أو التهم التي أدينوا بها أو العقوبات التي فرضت عليهم، أو أي معلومات أخرى يمكن أن تمكن الجزائريين وغيرهم من تقييم مدى إخضاع قوات الأمن للمساءلة. ومثل هذه المعلومات ينبغي نشرها على الملأ مثلما يحدث عندما يكون المتهمون من المواطنين العاديين.

4- مما يعزز ظاهرة الإفلات من المساءلة والعقاب عدم إجراء تحقيقات منهجية في أعقاب انتهاكات حقوق الإنسان. فقد أكد لنا خبير الطب الشرعي الذي شارك في بعثتنا ما سبق أن فهمناه من المحامين الجزائريين المدافعين عن حقوق الإنسان، وهو أن سلطات تنفيذ القانون لا تقوم بصفة معتادة بجمع الأدلة الشرعية في مواقع الجرائم العنيفة والاحتفاظ بها، وأنها لا تحاول بصورة منهجية تحديد هوية الضحايا في حالات القتل العمد قبل دفنهم. ومثل هذه الهفوات تجعل من السهل على منتهكي حقوق الإنسان، سواء أكانوا من رجال الجماعات المسلحة أو قوات الأمن، أن يعملوا في مناخ يهيئ لهم الإفلات من أي مساءلة أو عقاب.
5- لم تُبذل أي جهود تذكر للتحقيق في الانتهاكات الماضية مهما كانت بشاعتها. فعلى سبيل المثال، خلال السنوات الثلاثة التي مرت منذ المذابح الواسعة التي ارتكبت في مناطق مثل بن طلحة وريس (البراقي) وبني مسوس، وفي المناطق النائية من ولاية رليزان، لم يتم فيما نعلم تحديد هوية أي من الجناة أو تقديم أحد منهم للعدالة. وفي فصل الخريف الماضي استنكر مسؤولون جزائريون كتاباً جديداً أصدره أحد الناجين من مذبحة بن طلحة الذي قدم أدلة مزعجة، ولو أنها غير قاطعة، عن تواطؤ قوات الأمن في هذه المأساة. ونحن نتفق مع السفير محمد غوالمي مبعوث الجزائر إلى فرنسا فيما كتبه في جريدة "لموند" في 20 نوفمبر/تشرين الثاني من أن ما حدث في بن طلحة "أخطر من أن يتم التحقيق فيه على أساس المزاعم والافتراضات غير المدعمة التي تأتي من فرد واحد". إلا أن الحكومة من جانبها لم تجر تحقيقاً يُعتدُّ به لإعلام الجماهير بهوية مرتكبي هذه المذابح، وكيف نجح القتلة في تنفيذ فعلتهم أكثر من مرة دون أن يتعرض لهم أحد، ثم فروا بعد عدة ساعات دون أن تعترضهم قوات الأمن المتمركزة على مقربة من موقع الحادث. كما لم تسمح الحكومة بأي تحقيق متواصل ووافٍ في هذه الأحداث من جانب أي منظمة مستقلة، جزائرية كانت أو دولية أو مختلطة. واتهم المسؤولون الجماعة الإسلامية المسلحة بارتكاب مذبحة بن طلحة، ولكنهم في حدود علمنا لم يحددوا هوية فرد واحد ولم يقدموا فرداً واحداً للعدالة بتهمة الاشتراك فيها، على الرغم من أن الناجين، كما قال السفير غوالمي في مقاله المذكور، شهدوا بأنهم تعرفوا على جيران لهم من بين الجناة.
إن مرور الوقت لا يقلل من الحاجة إلى إجراء تحقيق عام ووافٍ في هذه المذابح وغيرها، وينبغي أن تسعى هذه التحقيقات إلى تحديد هوية الأفراد المعتدين ووضعهم القانوني الحالي، وإلى وضع قائمة كاملة بالضحايا، واستجلاء الدروس المستفادة فيما يتعلق بفشل قوات الأمن في التدخل في مناسبات متكررة رغم علمها بأن المدنيين على مقربة منها يتعرضون للمذابح. إننا نعتقد أن تقديم صورة كاملة عن هذه الأحداث هو بمثابة ضمان يحول دون تكرارها؛ والحث على إجراء التحقيقات لا ينطوي على أي ظن أو افتراض مسبق بخصوص هوية مرتكبيها؛ وهو ليس محاولة مقنَّعة، كما يردد المسؤولون الجزائريون كثيراً، لإثارة الشبهات حول القوات المسلحة وإبراء ذمة الجماعات الإسلامية التي يُزعم أنها هي الجاني الحقيقي.
6- درج مسؤولو الحكومة على رفض البوح بالمعلومات الأساسية المتعلقة بالانتهاكات الخطيرة التي وقعت، معلِّلين رفضهم في كثير من الأحيان بأن "التحقيقات لا تزال جارية". وعندما استفسرت بعثتنا من مسؤولي وزارة العدل عن سبب عدم إقامة الدعوى القضائية في قضايا اثنين من العمد وعدد من قادة ميليشيات الدفاع الذاتي في منطقة رليزان الذين اعتقلوا لفترة وجيزة في أبريل/نيسان 1998 بزعم قيامهم بعمليات اختطاف وإعدام، قيل لنا إن القضية لا تزال "قيد التحقيق". وبينما كنا في الجزائر، اعتُقل محمد سمعان رئيس مكتب الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في رليزان، إثر قيامه بتصوير شريط فيديو لأحد المقابر الجماعية المرتبطة بتلك القضية، وتمت مصادرة الشريط بدعوى أنه "تدخل في التحقيق".
وبالمثل عندما طلبنا من المسؤولين إطلاعنا على أسماء الأشخاص الذين زُعم "اختفاؤهم"، والذين تم الاستدلال على أماكن تواجدهم، قيل لنا إن هذه المعلومات لا يمكن الإدلاء بها بسبب "التحقيقات الجارية". والواقع أن "التحقيق" يبدو في كثير من الحالات وكأنه لا يعدو أن يكون مراسلات تتم من آن لآخر بين المكاتب الحكومية المختلفة؛ ويبدو أو مقولة "قيد التحقيق" في الجزائر اليوم وسيلة لطمس الحقيقة بدلاً من الكشف عنها.
7- في أعقاب تصريحكم الذي قوبل بالترحاب حول محنة الأسر التي "اختفى" بعض أفرادها، لم يحدث أي تقدم ملموس في الكشف عن مصير أو مكان أكثر من أربعة آلاف جزائري "اختفوا" على أيدي قوات الأمن منذ عام 1992، وفقاً للأدلة التي وثقتها المنظمات غير الحكومية. وقد أدلى المسؤولون خلال العام الماضي بشتى الإحصائيات المتعلقة بمصير "المختفين"؛ فذكر مسؤولو وزارة العدل لوفد منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" في 23 مايو/أيار أن الوزارة فتحت ملفات 3019 من حالات "الاختفاء" المبلغ عنها، من بينها ـ فيما ذكر المسؤولون ـ 833 شخصاً تبحث عنهم قوات الأمن، وثلاثة وتسعون قُتلوا في مصادمات مع قوات الأمن، واثنان وثمانون رهن الاعتقال، وتسعة قتلوا في مصادمات بين الجماعات المسلحة، وتسعة وأربعون أطلق سراحهم من المعتقلات "وربما يكونون قد "انضموا للإرهابيين"، وسبعة وأربعون في منازلهم.

لكن هؤلاء المسؤولين أنفسهم رفضوا مع الأسف طلباً من منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" للكشف عن أسماء الأفراد المنتمين لأي فئة من هذه الفئات، الأمر الذي يجعل من المستحيل التثبت من معلومات الوزارة بمضاهاتها بقوائم الحالات التي جمعها المحامون ومنظمات حقوق الإنسان، أو بالرجوع إلى الأسر لمعرفة ما إذا كانت الحكومة قد قدمت لهم نفس هذه المعلومات بشأن ذويهم. ورفض محمد كامل رزق بارة رئيس المرصد الوطني لحقوق الإنسان إعطاء أي نوع من المعلومات أو قوائم بحالات "الاختفاء" من قاعدة بيانات المرصد لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" أثناء الاجتماعات التي تمت في مكتبه في 22 و27 مايو/أيار.
وتؤكد المنظمات التي تمثل أسر "المختفين" على أن أقارب تلك الأسر لم يُعثر عليهم، باستثناء حالات قليلة جداً، وأن الحكومة لم تقدم معلومات جديرة بالتصديق بشأن أماكنهم أو وضعهم. وليس لدينا ما يدعونا إلى الشك في صدق ما تقوله هذه المنظمات ما دامت الحكومة ترفض الكشف عما تعرفه عن كل حالة من هذه الحالات التي أُبلغت عنها.
8- تواجه المنظمات الجزائرية التي ترصد قضايا حقوق الإنسان، وتسعى لحشد التأييد من أجلها، طائفة من القيود التي تكبل حقها في حرية التجمع وتكوين الجمعيات. فقد رُفض طلب تقدمت به كل من الجمعية الوطنية لعائلات المفقودين وجمعية عائلات المفقودين في قسنطينة من أجل الاعتراف الرسمي بهما، الأمر الذي يمنعهما من استئجار المكاتب والقاعات العامة لعقد الاجتماعات والندوات. وفي إحدى المناسبات لجأت الشرطة لاستخدام القوة لتفريق المظاهرات السلمية التي تنظمها هاتان المنظمتان بصفة دورية، على الرغم من أن هذه المظاهرات يُسمح بها في معظم الأوقات. ولا تزال منظمة أخرى تسمى "صمود" في انتظار الاعتراف القانوني بها منذ ثلاث سنوات، وهي من المنظمات التي تعارض إفلات أعضاء الجماعات المسلحة من العقاب.

وكثيراً ما رُفض السماح للمنظمات المعنية بحقوق الإنسان التي تتمتع بالاعتراف القانوني بها، مثل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمة "تجمع ـ عمل ـ شبيبة"، بعقد مؤتمرات واجتماعات عامة على الرغم من تقديم الطلبات اللازمة قبل توقيت الانعقاد بوقت طويل.
وإننا نعترض على هذه القيود لأنها تنتهك الحقوق الأساسية، كما أنها تعزز مناخ الإفلات من العقاب إذ تجعل من الأصعب على المواطنين مطالبة الحكومة بتحقيق مبدأ المساءلة في مجال حقوق الإنسان.
9- لم توضع أي آليات لضمان التعامل مع الشكاوى والتحريات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان على نحو أسرع وأكثر جدية من ذي قبل. وعلى الرغم من أن عدد حالات الانتهاكات الجديدة التي يتم الإبلاغ عنها إلى الشرطة والجهاز القضائي الآن أقل مما كان عليه في السنوات الماضية، فإن الملتمسين يواجهون نفس الصعوبات في الحصول على المعلومات. ومن أمثلة الحالات التي وقعت منذ وقت قريب اعتقال سمير حمدي باشا في ديسمبر/كانون الأول 1999 بعد عودته من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أودع معتقلاً سرياً حتى مايو/أيار 2000؛ وفشلت التحريات التي قام بها أفراد أسرته ومحاموه ومنظمات حقوق الإنسان في أثناء اعتقاله في التوصل إلى أي معلومات عن وضعه القضائي أو مكان تواجده.

فإذا ما ظلت السلطات تبدو مقصرةً في إقرار مبدأ المساءلة أو الاستجابة للشكاوى الخاصة بالانتهاكات في الوقت الذي أصبحت فيه هذه الشكاوى أقل مما كانت عليه فيما مضى، فإن هذا سيكون بمثابة مؤشر على أن المشكلة لا ترجع إلى نقص الموارد بقدر ما ترجع إلى عدم رغبة السلطات في ذلك.
وختاماً، فإننا ندعو فخامتكم إلى الأخذ بالتوصيات التالية ضماناً لتحقيق المصالحة الوطنية التي تعملون من أجلها وإرسائها على أساس احترام حقوق الإنسان ومبدأ المساءلة:
(1) إبطال قرارات العفو العام مثل العفو الشامل الصادر في 10 يناير/كانون الثاني 2000، الذي يسمح بالتغاضي عن انتهاكات فادحة لحقوق الإنسان، مثل قتل المدنيين والاعتداءات الجنسية على النساء، وعدم معاقبة مرتكبيها، الأمر الذي يمثل خرقاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
(2) ضمان خضوع كل فرد من أفراد أي جماعة مسلحة سلم نفسه لتحقيق وافٍ على نحو يسمح بمشاركة العامة، وضمان تقديم كل شخص مسؤول عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان إلى العدالة وفقاً للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
(3) ضمان التحقيق على وجه السرعة وعلى نحو محايد في كل الشكاوى المتعلقة بانتهاك قوات الأمن لحقوق الإنسان، ومواصلة إطلاع الشاكين على وضع التحقيقات ونتائجها، وتقديم من تثبت مسؤوليته عن انتهاكات حقوق الإنسان إلى العدالة.
(4) ضمان توفير كل الموارد وإصدار التوجيهات اللازمة للمسؤولين الذي يتولون التحقيق ليتمكنوا بصفة منتظمة من جمع الأدلة المادية وحفظها وتقييمها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان على نحو يساعد التحقيقات القضائية في الأحداث التي وقعت وتحديد هوية مرتكبيها.
(5) مواصلة المسيرة الجريئة التي بدأتموها بشأن حالات "الاختفاء" بمطالبة الأجهزة الحكومية بالكشف عما لديها من معلومات عن مكان ووضع كل الأشخاص الذين زُعم أنهم فقدوا بعد قيام السلطات باحتجازهم. وينبغي أن تتجاوز هذه المعلومات مجرد سرد الإحصائيات التي تخلو من الأسماء كما كان يحدث في السابق، ومحاولة تحديد وضع كل فرد يبلغ عن اختفائه.
(6) إلغاء كافة القيود المفروضة على حق أعضاء المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان في حرية التجمع وتكوين الجمعيات، فلا ينبغي حرمان هذه الجماعات من الاعتراف القانوني بها، إذا كان هذه الاعتراف ضرورياً لقيامها بأنشطة مشروعة بعينها مثل استئجار قاعات الاجتماع والمكاتب.
(7) الترحيب بالبعثات التي ستوفدها في مطلع العام القادم إلى الجزائر آليات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان التي طلبت المجيء للجزائر، وهي تحديداً آليات المقرر الخاص المعني بالتعذيب والمقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام الفوري أو التعسفي.

إن منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" إذ تترقب سماع رأيكم بشأن هذه القضايا وغيرها من القضايا ذات الاهتمام المشترك، فإنها تؤكد مرة أخرى على امتنانها للحفاوة التي أبدتها حكومتكم لوفدنا في مايو/أيار 2000، ونأمل أن تتفضل الحكومة بالموافقة على طلبنا للقيام بزيارة أخرى إلى الجزائر في فبراير/شباط 2001؛ كما نأمل أن نتشرف بلقاء فخامتكم في أثناء تلك الزيارة.
وأخيراً، نتقدم بخالص الشكر لفخامتكم على اهتمامكم بهذا الأمر، ونتطلع إلى تلقي ردكم.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير،،،
هاني مجلي
المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
منظمة "مراقبة حقوق الإنسان"
ساهم في الدفاع عن حقوق الإنسان
 
E-mail بريدالكتروني WR 2000 Mena  Campgn HR-Global  حقوق المرأة والطفل والعدالة والأسلحة والألغام Countries Mena Algiria Home