التقرير السنوي لعام 2000
يتناول الفترة من نوفمبر 98حتى أكتوبر99
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا :نظرة عامة
عمل منظمة مراقبة حقوق الإنسان دور المجتمع الدولي الدفاع عن حقوق الإنسان التطورات في مجال حقوق الإنسان

إصدارات أخري
التقرير السنوي لعام 1999
قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
مواقع أخرى ذات صلة
شبكة مؤسسات حقوق الإنسان
المنظمة العربية لحقوق الانسان
العالم العربي على الانترنت
تقرير منظمة العفو الدولية 99
التطورات في مجال حقوق الإنسان
تصدى مواطنون مستقلون ومنظمات محلية في شتى بلدان المنطقة، من المغرب إلى إيران، للقوانين التي لا تتفق مع روح العصر ونظم الحكم غير الديمقراطية، ورصدوا انتهاكات حقوق الإنسان، وأماطوا اللثام عنها، مطالبين بوضع حد لإفلات المسؤولين عن تلك الانتهاكات من العقاب. ومُنيت جهودهم ببعض الانتكاسات وأحرزت كذلك شيئاً من التقدم، لكن أصوات دعاة حقوق الإنسان في أرض الواقع كانت مسموعة على الصعيدين المحلي والدولي. ففي الجزائر كان لدأب أسر "المختفين" والمدافعين عنهم ومثابرتهم أبلغ الأثر في إبراز قضيتهم خلال حملة انتخابات الرئاسة وإدراجها على جدول أعمال الرئيس الجديد. وفي تونس نشط دعاة حقوق الإنسان الذين يعانون من القمع نشاطاً مطرداً في 1999 على الرغم من استمرار المضايقات الحكومية. وتلقت منظمات حقوق الإنسان المصرية دعماً واسعاً من نظيراتها في شتى أنحاء العالم، في معارضتها لإقرار قانون يشوبه الكثير من القصور بدا أن الهدف منه هو تقييد أنشطة الجمعيات الأهلية. وبالمثل حشد الناشطون الفلسطينيون التأييد لممارسة ضغوط على الجهاز التنفيذي بالسلطة الفلسطينية، ليضع في حيز التنفيذ قانوناً تقدمياً للجمعيات الأهلية ساهم دعاة حقوق الإنسان في إعداده
واستطاعت المنظمات غير الحكومية الفلسطينية والإسرائيلية أن تحقق بعض النتائج من خلال استراتيجيتها القائمة على توجيه سيل من الالتماسات إلى المحكمة العليا الإسرائيلية؛ إذ قضت المحكمة في سبتمبر/أيلول، في قرار يُعدّ بمثابة علامة بارزة، بأن إعتياد جهاز الأمن العام على استخدام التعذيب خلال التحقيقات غير مشروع، ووافقت في يناير/كانون الثاني وإبريل/نيسان على نظر التماسات تطعن في شرعية السياسات الإسرائيلية القائمة على احتجاز مواطنين لبنانيين رهائن لاستخدامهم في عمليات مبادلة السجناء مستقبلاً، وإلغاء حقوق السكان الفلسطينيين في القدس في الإقامة في المدينة. ونظم دعاة حقوق المرأة في الأردن حملة لم يسبق لها مثيل على المستوى الوطني، شارك فيها غيرهم من المواطنين المعنيين بحقوق المرأة، وتهدف إلى توعية الجماهير والقضاء على ظاهرة "القتل بدافع الشرف"، التي راح ضحيتها 22 امرأة في الأردن في عام 1998، و16 أخريات في الفترة التي انقضت من عام 1999 حتى وقت كتابة هذا التقرير. وبلغ عدد التوقيعات التي تم جمعها في إطار الحملة على عريضة شعبية تطالب بإلغاء الأحكام الواردة في قانون العقوبات التي تجيز الرأفة بالجناة من الأقارب الذكور الذين يزهقون أرواح قريبات لهم بدعوى الحفاظ على الشرف، 8000 توقيع في الشهر الأول للحملة. وواصل دعاة حقوق المرأة في أنحاء أخرى بالمنطقة التصدي للقوانين والممارسات التي تنطوي على تمييز ضد النساء، وتنظيم حملات لمكافحة العنف الأسري
Press mena algeria bahrain egypt iran iraq israel saudi sudan syria tunisia yemen introdution women's rights International Criminal Court
وختان الإناث (انظر باب الحقوق الإنسانية للمرأة أدناه). وجاءت تلك المبادرات المحلية في تباين صارخ مع الوضع الكئيب والمتجمد في البلدان التي لا تطيق سلطاتها بأي شكل من أشكال المعارضة السياسية؛ ففي المملكة العربية السعودية والبحرين وسوريا والمناطق التي تسيطر عليها الحكومة العراقية وليبيا ظل تطور المجتمع المدني رهينة للقيود التي تعاقب على ممارسة حرية التعبير والاجتماع وتكوين الجمعيات أو الانتماء إليها. وبعد الإفراج في عام 1999 عن رشيد مسلي في الجزائر وخميس فسيلة في تونس، ظلت سوريا البلد الوحيد في المنطقة الذي يرزح فيه مدافعون عن حقوق الإنسان وراء القضبان حيث يقضون عقوبات بالسجن لمدد طويلة. ومن الأحداث السياسية الرئيسية التي شهدتها المنطقة تغيير رئيس الدولة أو الحكومة في كل من لبنان، والأردن، والمغرب، والبحرين، والجزائر، وإسرائيل، والفوز الساحق غير المفاجئ في الانتخابات والاستفتاءات الرئاسية للرؤساء الذين يتولون الحكم منذ أمد طويل في كل من سوريا، ومصر، واليمن، وتونس. وتولى ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز الإدارة الفعلية لشؤون الحكم في البلاد، بدلاً من أخيه المريض الملك فهد، وأدت تصريحاته عن الحاجة إلى إصلاحات اجتماعية واقتصادية إلى فتح باب النقاش من جديد حول دور المرأة. وبدا أن التنافس السياسي بين أجنحة القيادة في إيران يدفع إلى وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان، بل ويوسع دائرة مثل هذه الانتهاكات. وفي ديسمبر/كانون الأول 1998 تولت السلطة في لبنان حكومة جديدة، في أعقاب انتخاب البرلمان بالإجماع لقائد الجيش السابق العماد إميل لحود في أكتوبر/تشرين الأول 1998 رئيساً لولاية تمتد ست سنوات. وفي أعقاب وفاة الملك حسين عاهل الأردن، وأمير البحرين الشيخ عيسي بن سلمان آل خليفة، والعاهل المغربي الملك الحسن في عام 1999، تولى الحكم أولياء العهد من أبنائهم كل في بلده دون منازع في إطار تقاليد توارث العرش. وأقر استفتاء على الرئاسة، لا يتضمن الاختيار بين أكثر من مرشح، في كل من سوريا ومصر ولاية جديدة لقائدي السلاح الجوي السابقين حافظ الأسد وحسني مبارك. أما حملة انتخابات الرئاسة في الجزائر، التي تميزت بحيوية النقاش، ووجود فرصة حقيقية للاختيار بين سبعة مرشحين، فقد شابها انسحاب ستة من المرشحين في اللحظة الأخيرة، متهمين السلطات بتزوير الانتخابات لصالح عبد العزيز بوتفليقة. وكانت الانتخابات الحرة والنزيهة الوحيدة في المنطقة هي تلك التي أجريت في إسرائيل في مايو/ أيار حيث لاقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الهزيمة على يدي رئيس أركان الجيش السابق اللفتنانت جنرال إيهود باراك الذي وعد بالوصول إلى نهاية سريعة في مفاوضات الوضع النهائي مع الفلسطينيين والانسحاب من جنوب لبنان. وفي سبتمبر/أيلول أسفرت أول انتخابات رئاسية مباشرة في اليمن عن فوز ساحق للرئيس علي عبد الله صالح؛ وكانت أحزاب المعارضة السياسية الرئيسية قد قاطعت الانتخابات بعد أن رفض البرلمان قبول مرشحيها. وتعهد معظم رؤساء الدول الذين تولوا الحكم حديثاً، وبعض المسؤولين الحكوميين الآخرين الذين عُيِّنوا في مناصبهم في الآونة الأخيرة، بدعم عملية الإصلاح فيما يتعلق بحقوق الإنسان، أو اتخذوا بعض الخطوات المشجعة لمعالجة المشاكل الخاصة بحقوق الإنسان التي طال عليها الأمد؛ ومن بينها ما يلي
ــــرفع مجلس الوزراء اللبناني الجديد في 21 ديسمبر/كانون الأول 1999 الحظر المثير للجدل الذي كان مفروضاً على التظاهر بموجب مرسوم صدر في سبتمبر/أيلول 1993.
ـــأصدر الملك عبد الله عاهل الأردن توجيهاته لرئيس الوزراء الجديد عبد الرؤوف الراوبدة، في 4 مارس/آذار، بتشكيل حكومة "ترسخ الديمقراطية" و"تصون حقوق الإنسان". وأقر الملك أيضاً تعديل القوانين التي تنطوي على ظلم للنساء وإهدار لحقوقهن.
ـــأجرت قطر أول انتخابات بلدية في مارس/آذار، وكان للمواطنين فوق سن الثامنة عشرة بمن فيهم النساء حق التصويت. وخاضت ست مرشحات الانتخابات، لكن لم تفز أي منهن. وفي يوليو/تموز عين الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لجنة إعداد الدستور الدائم المؤلفة من 32 عضواً؛ وأُمهِلَت اللجنة ثلاث سنوات لوضع مشروع الدستور الذي سوف يتضمن موادَّ تقضي بإنشاء برلمان منتخب.
ـــتحدث ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز مراراً عن الحاجة لتوسيع دور المرأة في المجتمع، وقال في إبريل/نيسان إن السعودية لن تسمح لأحد أياً كان بالحط من قدر المرأة أو تهميش دورها النشط في خدمة دينها وبلدها.
ـــأصدر أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح في مايو/أيار مرسوماً يسمح للنساء بالإدلاء بأصواتهن في الانتخابات العامة بدءاً من عام 2003. وصدر المرسوم بعد حل البرلمان، ومن ثم فهو يخضع لمراجعة البرلمان الجديد؛ وعارض بعض النواب الطريقة التي صدر بها المرسوم، لكنهم تقدموا بمشروع قانون مستقل يؤيد حق المرأة في التصويت.
ـــوعد وزير العدل الإسرائيلي الجديد يوسي بيلين، في يوليو/تموز، بالعمل على وضع حد لأحكام الطوارئ التي تستند إليها إسرائيل في وضع مواطنين لبنانيين رهن الاعتقال الإداري باعتبارهم رهائن تساوم بهم في أي مفاوضات تجري مستقبلاً.
ـــتعهد النائب العام المصري الجديد المستشار ماهر عبد الواحد، في أغسطس/آب، بأن يمارس مكتبه رقابة أشد من ذي قبل على الأحوال في السجون، وهي مسؤولية منصوص عليها في القانون المصري درج النائب العام السابق على تجاهلها منذ أمد طويل.
· تخلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عن الخطاب الرسمي السائد الذي كان يسعى لتصغير حجم الخراب الناجم عن الصراع الداخلي في البلاد، فأعلن في يونيو/حزيران أن عدد القتلى من أبناء الجزائر الذين سقطوا في خضم الصراع هو في حقيقة الأمر 100 ألف؛ كما تخلى عن الإصرار على أن الدولة لم يكن لها دور في ظاهرة "الاختفاء".
ـــبدأ العاهل المغربي الملك محمد السادس تنفيذ تعهداته بالإصلاح فسمح بعودة أبراهام سرفاتي الذي كان أبرز سجين سياسي سابق إلى البلاد من المنفى؛ وكان سرفاتي اعتُقِلَ عام 1974 وعُذِّب ثم حُكم عليه بالسجن المؤبد عقاباً له على أنشطته السياسية اليسارية. ورفض سرفاتي التماس الرأفة من الملك الحسن الثاني أو الرضوخ لمطلبه الاعتراف بأن الصحراء الغربية المتنازع عليها جزء من المغرب. وأُفرِجَ عن سرفاتي عام 1991، لكنه طُرِدَ من البلاد على الفور إلى فرنسا استناداً لادعاء واضح الزيف بأنه ليس مواطناً مغربياً. ولم تسفر حملته التي استمرت ثماني سنوات من أجل العودة إلى البلد الذي ولد فيه عن أي نتيجة خلال حياة الملك الحسن الثاني.
وشهد العام المنصرم قيوداً مخيبة للآمال على حرية التعبير، بما في ذلك حرية البحث الأكاديمي وحرية الصحافة. وبدت أنماط مضايقة واعتقال الصحفيين المستقلين وكأنها صور قاتمة عفا عليها الزمان في عصر يتزايد فيه بشكل مطرد تداول الأخبار والمعلومات والآراء من كل نوع على النطاق العالمي من خلال شبكة الإنترنت، وفي وقت تحظى فيه البرامج السياسية غير الخاضعة للرقابة التي تذيعها قناة "الجزيرة" التلفزيونية الفضائية القطرية بشعبية كبيرة في المنطقة. وتعرضت حرية البحث الأكاديمي للهجوم من جديد في مصر والأردن والكويت؛ فقد حظرت الرقابة الحكومية كتباً متنوعة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة ذات المكانة الرفيعة، منها "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ، و"امرأة في نقطة الصفر" لنوال السعداوي، و"التطرف الإسلامي في مصر" لجايلز كيبل. واتهم رئيس إدارة الصحافة والمطبوعات الحكومية الجامعة الأمريكية بتعمد طلب كتب لا يمكن السماح بها في البلاد "لأنها تتنافى مع ديننا وثقافتنا وتقاليدنا". وطالب رئيس جامعة الأردن، في 14 يوليو/تموز، باستقالة مصطفى الحمارنة الذي كان آنذاك مديراً لمركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة، في خطوة ورد أنها جاءت خضوعاً لضغط من رئيس الوزراء ورئيس دائرة المخابرات العامة. وكان المركز حظي في ظل الحمارنة باعتراف إقليمي ودولي كمركز مستقل للبحوث، ونشر استطلاعاً للرأي يوم 20 يونيو/حزيران يظهر تراجعاً في شعبية الحكومة. وفي 4 أكتوبر/تشرين الأول، قضت محكمة استئناف في الكويت بحبس أحمد البغدادي رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت شهراً بسبب مقال كتبه عن النبي محمد في إحدى الصحف الطلابية عام 1996. وقال البغدادي إنه لم يكتب عن شخص النبي وإنما عن أسلوبه في الدعوة؛ وعلى الرغم من ذلك أدانته المحكمة، بموجب قانون المطبوعات والنشر الكويتي، بتهمة "الطعن في ثوابت العقيدة الإسلامية". وأضرب أساتذة في جامعة الكويت احتجاجاً على الحكم الذي نددت به أيضاً نقابة الصحفيين الكويتيين وأعضاء في مجلس الأمة. وفي أكتوبر/تشرين الأول أعاد أحد قضاة التحقيق في لبنان فتح ملف قضية ضد الموسيقار والمطرب اللبناني البارز دولياً مارسيل خليفة، وأوصى بإحالته إلى المحاكمة بتهمة "تحقير الشعائر الدينية" من خلال غنائه قصيدة تتضمن عبارة قرآنية من سورة يوسف؛ وكان الشريط الغنائي الذي أصدره خليفة عام 1995 يتضمن أغنية "أنا يوسف يا أبي"، وهي قصيدة للشاعر الفلسطيني محمود درويش وردت بها الجملة التالية من سورة يوسف: "إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين." وقال مفتي السنة في لبنان الشيخ محمد قباني إن تلحين وغناء آيات من القران محرم شرعاً. ويواجه خليفة احتمال سجنه مدة تتراوح بين ستة أشهر وثلاثة أعوام إذا وُجِّهَت إليه هذه التهمة وأُدين بها. وسارع مثقفون وسياسيون وشخصيات دينية من المسلمين والمسيحيين على السواء في لبنان إلى استنكار الإجراء الذي اتخذه قاضي التحقيق، والتفوا حول خليفة دفاعاً عنه وتضامناً معه، وصفقوا له وقوفاً عندما أدى الأغنية في بيروت يوم 5 أكتوبر/تشرين الأول. ويسمح قانون المطبوعات اللبناني الصادر عام 1962 لوزير الإعلام بإصدار مرسوم يحظر أي مطبوعة أجنبية تعكر صفو الأمن وتؤذي المشاعر الوطنية وتبث الفتنة بين الناس وتثير حزازات عقائدية. وفي مايو/ أيار حظرت الوزارة كتاب "من إسرائيل إلى القدس" الذي صدر في الولايات المتحدة عام 1999؛ والكتاب من تأليف روبير حاتم الذي كان في السابق مساعداً لقائد ميليشيا القوات اللبنانية السابق إيلي حبيقة، ويتضمن مزاعم عن جرائم ارتكبها حبيقة ومعاونوه خلال الحرب الأهلية اللبنانية. وحظرت وزارة الإعلام أيضاً نشر أي مقتطفات من الكتاب، وصادرت عدة أعداد من صحيفة "الاتحاد" التي تصدر في الإمارات العربية المتحدة لأنها نشرت أجزاء من الكتاب؛ وكان الكتاب متاحاً للقراء في لبنان بنصه الكامل من خلال شبكة الإنترنت. واستهدفت السلطات في شتى أنحاء المنطقة الصحف والصحفيين المستقلين؛ فحظرت سوريا دخول صحيفة "القدس العربي" التي تصدر في لندن، ومنعت السلطات التونسية توزيع أعداد مختارة من صحيفتي لوموند وليبراسيون الفرنسيتين. وفي إيران أُغلقت أربع صحف مستقلة بين نوفمبر/تشرين الثاني 1998 وسبتمبر/أيلول 1999. وأمرت محكمة كويتية في مايو/أيار بوقف صدور مجلة "الحدث" لمدة شهر، وغرمت اثنين من صحفييها عقاباً على نشرها مقالاً تضمن ما وصفته وزارة الإعلام بأنه عبارات وكلمات غير لائقة؛ وجاءت هذه القضية في أعقاب حكم أصدرته إحدى محاكم الاستئناف في يناير/كانون الثاني بإلغاء حكم سابق بإغلاق صحيفة "القبس" والسجن ستة أشهر لرئيس تحريرها محمد الصقر بتهمة التجديف؛ وكانت المحكمة الدستورية الكويتية قد رفضت في تلك القضية النظر في دستورية قانون المطبوعات والنشر الكويتي لسنة 1961. وتعرض صحفيون مستقلون للمضايقة والاعتقال والسجن خلال العام المنصرم؛ ففي مصر، حيث لا تزال جريمة القذف تعتبر جناية بموجب قانون العقوبات، حُكِمَ على ثلاثة صحفيين من صحيفة "الشعب" المعارضة التي تصدر مرتين في الأسبوع بالسجن عامين في أغسطس/آب عقاباً على مقالات تضمنت انتقادات شديدة لوزير الزراعة. وأُلقي القبض في سبتمبر/أيلول على رئيس تحرير صحيفة "العرب اليوم" الأردنية المستقلة عزام يونس لنشره مقالات تنتقد حملة الحكومة على قيادات حركة "حماس" في الأردن. واحتُجِزَ الصحفي التونسي توفيق بن بريك لفترة قصيرة وتعرض للمضايقات طوال العام؛ وهو من الصحفيين التونسيين القلائل الذين لا يحجمون عن الكتابة عن المناخ القمعي السائد في البلاد. ووجد الصحفيون الفلسطينيون صعوبة في القيام بعملهم بسبب القيود المفروضة على الانتقال نتيجة لمنع إسرائيل الدخول إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والانتقال بينهما. وعمد الجيش الإسرائيلي في بعض الأحيان إلى فرض "مناطق عسكرية مغلقة" الأمر الذي يمنع دخول الصحفيين المناطق التي تقع بها المظاهرات أو هدم المنازل أو توسيع المستوطنات. ولجأت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية إلى الاعتقال والاستجواب والإغلاق لترهيب الصحفيين المنتقدين للسلطة. وفي اليمن تعرض صحفيون مستقلون للمضايقات والملاحقة القضائية أمام محاكم الجنايات، وأُغلِقَت بعض الصحف. وفي إيران تعرض صحفيون أيضاً للاعتقال والملاحقة القضائية؛ فعلى سبيل المثال قضت إحدى المحاكم الثورية في يونيو/حزيران بإغلاق صحيفة هويت خويش الطلابية التي تصدر مرتين في الأسبوع، واعتُقِلَ رئيس تحريرها ومديرها بتهمة "نشر دعاية مناهضة للإسلام." وفي يوليو/تموز أمرت محكمة الصحافة باحتجاز محرر في صحيفة صبح إيمروز اليومية ذات التوجه المناصر للإصلاح، في أعقاب نشر مقال قال المدعي العام في طهران إنه يشوه الإسلام ويسيء إليه. وأعاد البرلمان في كل من الأردن وإيران النظر في قانون الصحافة؛ وعبر الصحفيون وغيرهم في الأردن عن قلقهم من قانون 1998 داعين إلى سن قانون أكثر تقدمية. وفي سبتمبر/أيلول ألغى البرلمان المادة 37 المثيرة للجدل في القانون التي كانت تحظر الكتابة عن 14 موضوعاً منها كل ما من شأنه الانتقاص من قدر الملك والأسرة المالكة، أو ينتقد زعماء "دول عربية أو إسلامية أو صديقة." وقرر البرلمان أيضاً في تصويت أجراه خفض الحد الأدنى المطلوب لرأس مال الصحف غير اليومية، وخفض الغرامات التي تُفرَض على الصحفيين، والسماح للصحف بالاستمرار في الصدور أثناء محاكمتها بتهم تتعلق بانتهاك قانون المطبوعات والنشر. وعلى الرغم من إلغاء المادة 37 ظل الصحفيون الأردنيون يخشون التعرض للملاحقة القضائية بسبب الكتابة عن موضوعات من المحظور تناولها بموجب قانون العقوبات. وفي أكتوبر/تشرين الأول شدد الملك عبد الله هذا الخوف بتحذيره الصحفيين من أن حرية الصحافة يجب ألا تُستَغَّل في "الإضرار بصورة الأردن" و"علاقاته مع الدول الشقيقة" و"الوحدة الوطنية". وفي إيران اجتازت تعديلات لقانون الصحافة لسنة 1985، من شأنها أن تضعف الضمانات المحدودة لحرية الصحافة، القراءة الأولى في البرلمان في يوليو/تموز. وعلى الرغم من هذه الانتكاسات، واصلت حرية التعبير تحقيق إنجازات من خلال القنوات التلفزيونية الفضائية والإنترنت؛ فقد استمرت البرامج السياسية الصريحة التي تذيعها قناة "الجزيرة" التلفزيونية الفضائية القطرية للأخبار والمعلومات في اجتذاب جمهور كبير وإثارة حفيظة الحكومات في شتي أنحاء المنطقة؛ وكانت القناة، التي مولتها الحكومة القطرية للسنوات الخمس الأولى بمبلغ 137 مليون دولار، بدأت بث برامجها للعالم العربي عام 1996. واستضافت المحطة معارضين سياسيين، وأذاعت مناقشات دون رقابة حول موضوعات تتراوح من تعدد الزوجات إلى حقوق الإنسان. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1998، أغلقت السلطات الأردنية مكتب "الجزيرة" في عمان من خلال إلغاء الاعتمادات الصحفية للعاملين بالمحطة؛ وجاءت هذه الخطوة في أعقاب إذاعة حلقة من برنامج "الاتجاه المعاكس" ذي الشعبية الكبيرة، أدلى خلالها مقدم البرنامج فيصل القاسم وأحد الضيوف، ومشاهدون خاطبوا البرنامج بالهاتف، بتعليقات اعتبرتها الحكومة "قدحا" في الأردن؛ وسُمِحَ للمكتب باستئناف نشاطه في مارس/ آذار 1999. كذلك أغلقت وزارة الإعلام الكويتية مكتب "الجزيرة" في الكويت يوم 19 يونيو/حزيران، وألغت تصاريح العمل للعاملين في المكتب، بعد أن انتقد متحدث عبر الهاتف أمير الكويت خلال برنامج يُذاع على الهواء؛ ورُفِعَ الحظر في 31 يوليو/تموز بعد مفاوضات مع المحطة. وفي 29 يونيو/حزيران طردت البحرين مقدم البرنامج حمد الأنصاري، أستاذ القانون الإسلامي في جامعة قطر، الذي كان في البحرين لإلقاء محاضرة؛ وورد أن قوات الأمن أبلغت الأنصاري بأن قرار طرده يرجع لإهانته أمير الكويت. وزاد عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي إلى ما يُقدَّر بمليون مستخدم، إضافة إلى 600 ألف آخرين في إسرائيل. وتيسر للمواطنين السعوديين لأول مرة دخول شبكة الإنترنت محلياً. وظل العراق وليبيا البلدين الوحيدين بالمنطقة اللذين لا توجد بهما اتصالات بالإنترنت، في حين أصبح الاتصال بالإنترنت ممكناً في سوريا، وإن كان السماح باستخدامه اقتصر على قطاعات مختارة من المجتمع. وكانت المملكة العربية السعودية، والبحرين، وتونس، والإمارات العربية المتحدة من الدول التي منعت الاتصال بواحد أو أكثر من مواقع شبكة الإنترنت المعنية بالشؤون السياسية أو بحقوق الإنسان والتي تثير استياء السلطات. أما في الأردن، ومصر، والمغرب، والجزائر، وبلدان أخرى، فلم يرد ما يفيد بأن السلطات قيدت المحتوى السياسي للاتصالات بالإنترنت، وبذلك سمحت للمستخدمين المحليين بالاطلاع على معلومات محظورة في وسائل الإعلام المحلية سواء المطبوعة أم المذاعة. غير أن مستخدمي الشبكة في بعض البلدان، مثل تونس والبحرين، أعربوا عن توجسهم من احتمال وجود رقابة حكومية على البريد الإلكتروني و"غرف الدردشة" السياسية.
وفي الوقت الذي نظم فيه مواطنون أنفسهم في شتى أنحاء المنطقة، ونادوا علناً بالإصلاح، ظهرت دلائل على أن حكومتين على الأقل سعتا لتقويض استقلال وحيوية منظمات المجتمع المدني. ففي مايو/أيار وقع الرئيس المصري حسني مبارك على القانون رقم 153 لسنة 1999 الذي يتضمن بنوداً تسمح للدولة بفرض ضوابط جارفة على كل جانب تقريباً من جوانب أنشطة الجمعيات الأهلية، بدءاً من الحصول على تمويل إلى الارتباط بجمعيات أهلية أخرى محلياً ودولياً. وأثار القانون جدالاً من اللحظة التي بدأ فيها تداوله كمشروع قانون عام 1998 بسبب السلطات الواسعة التي يمنحها لوزارة الشؤون الاجتماعية في الرقابة والتدخل، بما في ذلك اتخاذ خطوات لحل الجمعيات الأهلية وحرمانها من الوضع القانوني. وحدد القانون أيضاً عشر "جرائم" من شأنها أن تعرض الناشطين في هذه الجمعيات للتغريم والسجن لمدة قد تصل إلى عام عقاباً على القيام بأنشطة محظورة مصاغة بصورة مبهمة. وكان من أثر تأييد المجلس التشريعي الفلسطيني لتوسيع دور الجمعيات الأهلية المحلية أن جعل منها هدفاً لحملة السلطة الفلسطينية على منظمات حقوق الإنسان. فبعد أن فشلت السلطة الفلسطينية في ديسمبر/كانون الأول 1998 في الحصول على موافقة المجلس على بند في مشروع قانون الجمعيات الأهلية يتطلب من المنظمات غير الحكومية أن تسجل نفسها لدى وزارة الداخلية، رفض الرئيس ياسر عرفات توقيع القانون وأصر على إجراء تصويت إضافي في مايو/أيار خروجاً على الأصول المرعية. وعندما تمسك أعضاء المجلس والجمعيات الأهلية بموقفهم في حزم، لجأت السلطة التنفيذية إلى القيام بحملة دعائية ضد المنظمات غير الحكومية متهمة إياها بالفساد والخيانة، ومررت التعديلات التي تريد إقرارها في تصويت مدبر في المجلس التشريعي يوم 12 أغسطس/آب.
وظل سائداً في المنطقة مناخ يقوم على التمييز ضد النساء، والتسامح مع مرتكبي العنف ضدهن. ولم تغير من هذه الصورة العامة بعض التطورات الإيجابية مثل حظر الزواج بتوكيل في مصر، وإلغاء النص القانوني الذي كان يسمح بإفلات المغتصب من الملاحقة القضائية إذا تزوج من ضحيته، وكذلك مشاركة النساء في أول انتخابات بلدية في قطر. واستمر تعرض النساء في شتى أنحاء المنطقة للتمييز القانوني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي على نحو ينتهك حقهن في المساواة والمواطنة الكاملة. ففي سوريا على سبيل المثال لا تزال النساء تعتبرن قاصرات بموجب قانون الأحوال الشخصية، ومن ثم تحتاج المرأة لولي أمر من الذكور لعقد قرانها؛ ولا يمكن للمصريات المتزوجات من أجانب أو أشخاص دون جنسية أن ينقلن جنسيتهن لأطفالهن؛ ولا تستطيع النساء في الأردن استخراج جواز سفر دون موافقة ولي أمر من الرجال. وكان من شأن وضع النساء الثانوي في الأسرة والمجتمع، وتهميشهن وضعف تمثيلهن في الحياة العامة، أن جعلهن أكثر عرضة للعنف السياسي والأسري. ومما أدى إلى تفاقم مشكلة المعدلات المرتفعة للعنف الأسري أن كثيراً من حوادث العنف ضد النساء لا يُبلَّغ عنها، وأن الضحايا يُحَرمن من حقهن في إجراء تحقيقات وافية، ويعانين من تحيز تلك التحقيقات ضدهن، وقلة إنصافهن في القوانين، وعدم كفاية الميزانيات المرصودة للملاجئ ولتقديم الخدمات الاستشارية للنساء. أما بالنسبة للعنف السياسي فقد استمر استهداف النساء في الجزائر من جانب الجماعات الإسلامية المتشددة؛ فقد تعرضت بعض النساء للخطف، والاسترقاق، والاغتصاب، ثم أُعدِمَت كثيرات منهن في وقت لاحق.
وخلال العام المنصرم قامت ناشطات بحملات لكشف الانتهاكات أمام الرأي العام والقضاء على العنف والتمييز، والمطالبة بحقوقهن. فعلى سبيل المثال واصلت الفلسطينيات في الضفة الغربية وقطاع غزة المطالبة بتحسين وضع النساء وقانون الأحوال الشخصية من خلال "برلمان نموذجي". وحشدت الإسرائيليات التأييد لمشروع قانون في البرلمان يمكن النساء من الاختيار بين المحاكم الدينية والمدنية في شؤون الطلاق وحضانة الطفل. وصادقت 11 دولة في المنطقة على "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، لكن أغلبية تلك الدول أبدت تحفظات على الاتفاقية تقوِّضها وتتعارض معها نصاً وروحاً. وتراجعت إلى أدنى مستوياتها هذا العقد حوادث قتل وجرح المدنيين المصاحبة للعنف السياسي الداخلي في كل من الجزائر، ومصر، وإسرائيل، والضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين، لكن العمليات العسكرية في العراق ولبنان وشمال إسرائيل أدت إلى سقوط قتلى وجرحى من المدنيين. وما زالت العقوبات الاقتصادية الشاملة التي يفرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على العراق قائمة، واستمرت أيضاً آثارها التي تخلق ظروفاً تعرض حياة المدنيين للخطر؛ ولم ينجح برنامج "النفط مقابل الغذاء "الموسع إلا في التخفيف من وطأتها بعض الشيء. وما زال لبنان المسرح الأساسي للمواجهة العسكرية الدائرة بين إسرائيل والمقاتلين اللبنانيين، الذين يسعون لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجزء من جنوب لبنان تسميه إسرائيل "المنطقة الأمنية"؛ وفي لبنان أيضاً سقط العدد الأكبر من الضحايا المدنيين لهذا الصراع. فعلى سبيل المثال قُتِلَت امرأة لبنانية وأبناؤها الستة يوم 22 ديسمبر/كانون الأول 1998، عندما أصابت صواريخ أطلقتها مقاتلة إسرائيلية من طراز إف 16 منزلهم في وادي البقاع. ووصف رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال شاؤول موفاز سقوط القتلى بأنه "حادث مؤسف" نتج عن "خطأ بشري"؛ وقيل إن هدف الهجوم كان محطة إذاعية قريبة تابعة لحزب الله. ورد المقاتلون بإطلاق نحو 60 صاروخ كاتيوشا على شمال إسرائيل دون تمييز مما أدى إلى إصابة 12 إسرائيلياً. وقال حزب الله في بيان أعلن فيه مسؤوليته أنه لا رد على العنف إلا العنف وأنه لا بد من إراقة دماء إسرائيليين لما سفكوه من دماء اللبنانيين. وأطلق المقاتلون صواريخ أخرى على شمال إسرائيل يوم 18 مايو/أيار 1999 بعد مقتل اثنين من المدنيين اللبنانيين في قرية زوطر الشرقية في غارة جوية إسرائيلية يوم 17 مايو/أيار.
وفي 24 يونيو/حزيران أصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي كان آنذاك بانتظار تسليم السلطة لرئيس الوزراء المنتخب الجديد، أوامره لسلاح الجو الإسرائيلي بقصف البنية الأساسية المدنية في شتى أنحاء لبنان، مما أسفر عن مقتل عشرة مدنيين. وجاءت تلك الهجمات انتقاماً من إطلاق حزب الله صواريخ على شمال إسرائيل الذي وُصِفَ بدوره بأنه انتقام من هجمات سابقة أدت إلى سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين اللبنانيين شنها الجيش الإسرائيلي وميليشيا "جيش لبنان الجنوبي" التي تمولها إسرائيل وتسلحها. وأدى تدمير المحولات في محطة "جمهور" للكهرباء في ضواحي بيروت، والهجمات التي أعقبت ذلك بعدة ساعات على محطة بصاليم، إلى انقطاع التيار الكهربائي في العاصمة اللبنانية وعدم وصوله لأسابيع بعد ذلك إلا بصفة متقطعة. وتعرضت للهجوم أيضاً محطتان للكهرباء تمدان بعلبك وبنت جبيل ومحطة التقوية الكهربائية شمالي صيدا. وقال الميجور جنرال دان هالوتز الضابط بالجيش الإسرائيلي، في مؤتمر صحفي يوم 25 يونيو/حزيران، إن منشآت البنية الأساسية اللبنانية التي تعرضت للهجوم "وقع عليها الاختيار منذ فترة طويلة"، وإن "الحكومة قررت تنفيذ هجوم على البنية الأساسية اللبنانية لا على الأهداف [العسكرية] الخاصة بحزب الله فحسب... للتشديد على أن كل أصحاب النفوذ في لبنان الذين يدعمون الأنشطة الفتاكة لحزب الله معرضون للهجوم". ورد حزب الله بإطلاق مزيد من صواريخ الكاتيوشا على شمال إسرائيل مما أدى إلى مقتل اثنين من الإسرائيليين
وواصلت ميليشيا "جيش لبنان الجنوبي" طرد المدنيين اللبنانيين قسراً من المنطقة المحتلة في جنوب لبنان؛ وجاء طرد هؤلاء الضحايا، ومنهم أطفال ومسنون، دون إخطار مسبق، ولم يُسمَح لهم بأخذ متعلقاتهم الشخصية معهم. وأدت عمليات الطرد التي نُفِّذَت منذ عام 1985 إلى تجريد مئات اللبنانيين من ممتلكاتهم عقاباً لهم لأن أقارباً لهم فروا من صفوف "جيش لبنان الجنوبي"، أو رفضوا الانضمام إليه، أو كان يُشتبه في أنهم أعضاء في جماعات المقاتلين. وطُرِدَ آخرون لرفضهم العمل كمرشدين لجهاز المخابرات التابع لميليشيا "جيش لبنان الجنوبي". وتتنافى عمليات الطرد من المنطقة التي تحتلها إسرائيل في جنوب لبنان مع القانون الإنساني الدولي وتمثل انتهاكات خطيرة لاتفاقيات جنيف. وفي سبتمبر/أيلول اعترفت وزارة الدفاع الإسرائيلية لأول مرة بأن جهاز الأمن العام درب محققي "جيش لبنان الجنوبي" في سجن "الخيام" في المنطقة المحتلة بجنوب لبنان، حيث يُمارس التعذيب بصورة منتظمة فيما يبدو. ورداً على التماس قدمته منظمات إسرائيلية لحقوق الإنسان إلى المحكمة العليا، كتب الجنرال دان هالوتز بالجيش الإسرائيلي في شهادة خطية: "يتعاون أفراد جهاز الأمن العام مع أعضاء جيش لبنان الجنوبي، بل ويقدمون لهم المساعدة من خلال الإرشاد المهني والتدريب". وأضاف هالوتز أن جهاز الأمن العام لم "يشارك في الاستجواب المباشر" للمعتقلين في "الخيام"، إلا إنه سلم بأنه "يتم فحص بعض المعتقلين قيد الاستجواب بجهاز كشف الكذب من قبل الجانب الإسرائيلي في إطار التعاون" بين "جيش لبنان الجنوبي" والجيش الإسرائيلي
وفي العراق كان لبرنامج "النفط مقابل الغذاء" الموسع بموجب قرار مجلس الأمن 1153 (الصادر عام 1998) بعض الأثر الإيجابي على الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحظر الشامل الذي يفرضه مجلس الأمن وسياسات الحكومة العراقية؛ غير أن الوضع الإنساني على وجه العموم ظل حرجاً. ومن المؤشرات التي تدل على تفاقم الوضع الدراسة التي أجراها "صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة" (يونيسيف) على وفيات الأطفال والأمهات التي صدرت في أغسطس/آب، وأظهرت أن معدل الوفيات بين الرضع والأطفال دون الخامسة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة العراقية يزيد على ضعفي نظيره قبل عشر سنوات، أي قبل فرض الحظر. وحذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مايو/أيار من "التدهور المطرد لظروف المعيشة"، وشددت على أن "العمل الإنساني وحده لا يمكن أن يكون كافياً لسد احتياجات البلاد". وأضاف بيان اللجنة، مشيراً إلى برامجها الخاصة بمياه الشرب ومرافق الصرف الصحي والقطاع الصحي: "لئن كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقدم العمل الفعلي على ما سواه، فإن من واجبها أيضاً، بصفتها الحارسة على القانون الإنساني، أن تلفت انتباه المجتمع الدولي إلى الوضع الإنساني السائد في العراق". وفي 16 ديسمبر كانون/الأول شنت القوات الأمريكية والبريطانية هجمات صاروخية وجوية على العراق على مدى أربع ليال، في أعقاب صدور تقرير رئيس لجنة الأمم المتحدة الخاصة (أنسكوم) المكلفة بنزع السلاح في العراق، الذي جاء فيه أن العراق تقاعس من جديد عن التعاون الكامل مع اللجنة. ووفقاً لما ذكرته مصادر عسكرية أمريكية، نفذت الطائرات الحربية الأمريكية والبريطانية 27000 طلعة جوية في الفترة من 28 ديسمبر/كانون الأول 1998 إلى 3 أكتوبر/تشرين الأول 1999، وألقت 1650 قنبلة على 385 هدفاً يتمثل معظمها في منشآت الدفاع الجوي التي يزعم البلدان أنها تتحدى "الحظر الجوي" الذي يرصدانه في شمال العراق وجنوبه. وورد أن القوات المسلحة الأمريكية نفت ما زعمه العراق من أن نحو 200 مدني قُتِلوا وجُرِحَ نحو 500 آخرين في هذه الهجمات، ووصفت تلك المزاعم بأنها "مبالغ فيها".

عن مراقبة حقوق الإنسان

الصفحة التالية
next اكتب لنا بالعربية أو الإنجليزية
mena@hrw.org
الصفحة السابقة
back

الصفحة الرئيسية