Skip to main content

السودان

أحداث عام 2020

متظاهر يرفع علامة النصر خلال مظاهرة في الخرطومن السودان، 19 ديسمبر/كانون الأول 2020. 

© 2020 أسوشيتد برس/مروان علي

اتّسم العام الأول من انتقال السودان إلى الحكم الديمقراطي، وهو انتقال على مدى ثلاثة أعوام بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 2019 التي كان لها وقع كبير، باقتصاد ضعيف وتوترات سياسية واستمرار الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالعدالة والإصلاحات. تفاقمت هذه التحديات بسبب تفشي فيروس "كورونا".

قامت الحكومة ببعض الإصلاحات لكنها لم تُنفّذ بعد معظم الإصلاحات المؤسسية والقانونية التي دعت إليها "الوثيقة الدستورية" في أغسطس/آب 2019.

لم تنشر السلطات نتائج تحقيق وطني في القمع العنيف ضد المتظاهرين في الخرطوم في 3 يونيو/حزيران 2019، والذي قُتل فيه أكثر من 120 شخصا. احتجزت "المحكمة الجنائية الدولية" في يونيو/حزيران أول مشتبه بارتكابه جرائم خطيرة في دارفور.

في 31 أغسطس/آب، وقعت الحكومة وائتلاف من قادة حركات التمرد اتفاق سلام في جوبا من شأنه إنهاء النزاعات المسلحة الداخلية في البلاد والنص على التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في تحقيقها في دارفور، وإنشاء محكمة وطنية خاصة بجرائم دارفور.

زاد العنف بين المجتمعات المحلية المختلفة في دارفور وشرق السودان، وواصلت "البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لعمليات السلام في دارفور" (اليوناميد) انسحابها، بينما بدأت بعثة جديدة لدعم الانتقال السياسي في الانتشار.

مع انتشار فيروس كورونا، اضطُر قرابة ستة ملايين طفل للتوقف عن الدراسة بسبب إغلاق المدارس، بينما أبلغت منظمات حقوقية عن تزايد حالات العنف الأسري.

تعهد المانحون بمئات ملايين الدولارات الأمريكية لدعم السودان، في حين أعلن الرئيس الأمريكي رفع بلده السودانَ من لائحة الدول الراعية للإرهاب. اتفق السودان وإسرائيل رسميا على تطبيع العلاقات.

الإصلاحات

ألغت السلطات قانون النظام العام التعسفي، وحظرت تشويه الأعضاء التناسلية للإناث )الختان(، وألغت عقوبة الإعدام والجلد كعقوبات على السلوك الجنسي المثلي بالتراضي والعديد من الجرائم الأخرى، وألغت تجريم الردة. مع ذلك، لم تُنفَّذ العديد من الإصلاحات الأخرى التي مهدت لها الوثيقة الدستورية لعام 2019. لم تشكل الحكومة بعد مجلسا تشريعيا أو لجانا انتقالية رئيسية، ولم تشرع في إصلاح قطاع الأمن باستثناء تغيير اسم "جهاز الأمن والمخابرات الوطني" إلى "جهاز المخابرات العامة" وإلغاء سلطات الاعتقال والاحتجاز التي كانت بحوزته.

المساءلة

اللجنة المعنية بالتحقيق في التدخل العنيف لتفريق الاحتجاجات في الخرطوم في 3 يونيو/حزيران، والتي قُتل فيها أكثر من 120 شخصا، لم تنشر نتائج تحقيقها بعد. انتقد النشطاء وأهالي الضحايا بشدة الوتيرة البطيئة التي تعمل بها لجنة التحقيق، فضلا عن عدم توفيرها حماية للشهود وافتقارها للخبرة في مجال العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.

شكّل مكتب النائب العام عدة لجان للتحقيق في الجرائم وانتهاكات الحقوق السابقة بما في ذلك في دارفور، لكن لم يُفضِ أي تحقيق بعد إلى ملاحقات قضائية. أعلنت السلطات عن اكتشاف مقبرتين جماعيتين خلال العام قالت إنها تحتوي على رفات عسكريين قُتلوا في عهد البشير.

في 11 فبراير/شباط، أعلن أحد أعضاء "مجلس السيادة"، هيئة رئاسية جماعية تتألف من مدنيين وعسكريين، التزام الحكومة بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما أكده المسؤولون على مدار السنة.

في 9 يونيو/حزيران، أعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية أن زعيم ميليشيا "الجنجويد" علي محمد علي ("كوشيب") سلّم نفسه للمحكمة الجنائية الدولية في جمهورية أفريقيا الوسطى ويواجه حاليا تهما في لاهاي. مازالت أوامر التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية في حق البشير ومسؤولَين سابقين وزعيم من المتمردين معلقة. البشير والمسؤولان السابقان مُحتجزون حاليا في الخرطوم.

زارت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية الخرطوم في أكتوبر/تشرين الأول وناقشت مع المسؤولين السودانيين سبل التعاون، بما في ذلك تنفيذ أوامر التوقيف المعلقة.

يحاكَم الرئيس السابق عمر البشير حاليا إلى جانب المسؤولين السابقين الآخرين بتهمة تقويض النظام الدستوري من خلال دورهم في انقلاب 1989 ضد آخر حكومة منتخبة في السودان.

قمع المتظاهرين

واصل المتظاهرون المطالبة بإصلاحات ومساءلة أسرع. في بعض الحالات، فرّقتهم قوات الأمن الحكومية بعنف.

في 30 يونيو/حزيران، الذكرى السنوية الأولى للاحتجاج الضخم الذي أعقب الإطاحة بالبشير، ردت الشرطة بالعنف وقتلت متظاهرا وجرحت العديد في الخرطوم. في 17 أغسطس/آب، في ذكرى اتفاق تقاسم السلطة، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والسياط ضد المتظاهرين الذين تجمعوا أمام مكتب رئيس الوزراء، واعتقلت وجرحت الكثيرين.

في 13 يوليو/تموز، هاجمت مليشيات مسلحة اعتصاما في مخيم فاتا بورنو للنازحين بالقرب من كتم، شمالي دارفور، فقتلت تسعة على الأقل. قال شهود لـ"هيومن رايتس ووتش" إن القوات الحكومية كانت قد فرّقت مظاهرة في كتم قبلها بيوم، واعتقلت وضربت واحتجزت عشرات المشتبه في تنظيمهم الاحتجاجات.

في 15 أكتوبر/تشرين الأول، قتلت قوات الأمن ثمانية أشخاص على الأقل وأصابت آخرين في ولاية كسلا الشرقية خلال احتجاجات دعا إليها قادة قبائل بني عامر بعدما أقال رئيس الوزراء والي كسلا. قُتل متظاهر على أيدي قوات الأمن في الخرطوم في 21 أكتوبر/تشرين الأول.

الاعتقالات التعسفية

واصل المسؤولون الأمنيون احتجاز المدنيين تعسفيا. أفادت تقارير على مدار السنة بأن "قوات الدعم السريع" احتجزت العديد من أفراد قبيلة المحاميد لصلتهم بموسى هلال، زعيم الميليشيا الموالي للحكومة سابقا، والذي فرضت عليه "الأمم المتحدة" عقوبات لدوره في فظائع دارفور.

اعتقل مسؤولو قوات الدعم السريع عبد المالك موسى صالح، ناشط سياسي وأحد أقارب موسى هلال، عدة مرات خلال العام في الخرطوم، والناشط أسامة محمد الحسن (40 عاما) من 5 يوليو/تموز حتى 17 سبتمبر/أيلول. لم يكن أي من الرجلين محتجزا وقت كتابة هذا الملخص، كما لم توجه إلى أي منهما أي تهم ولم يقدَّما إلى محكمة طوال فترة اعتقالهما.

هلال معتقل منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2017 ويواجه بحسب تقارير اتهامات من محكمة عسكرية بارتكاب جرائم ضد القوات الحكومية في دارفور.

في 29 يونيو/حزيران، أمر الحاكم العسكري السابق لغرب دارفور بحبس 72 رجلا وصبيا لستة أشهر بموجب قانون الطوارئ، الذي يسمح باحتجاز الأشخاص دون إشراف قضائي. كانوا ضمن مجموعة من 122 شخصا اعتقلتهم قوات الدعم السريع في الأسابيع السابقة خلال عمليات لمكافحة الهجرة في دارفور.

اتهمتهم السلطات بارتكاب جرائم من بينها النهب، والهجرة غير الشرعية، والحيازة غير القانونية للأسلحة النارية، رغم أنهم لم يمثلوا أمام محكمة قط.

في كتم شمالي إقليم دارفور وفي كاس جنوبي الإقليم، اعتقلت قوات الأمن الحكومية مدنيين واحتجزتهم بعد احتجاجات اندلعت في كلتي المنطقتين. قال واحد على الأقل من المحتجزين المُفرَج عنهم في كتم لـ هيومن رايتس ووتش إن المسؤولين العسكريين الذين احتجزوه عاملوه معاملة سيئة قد ترقى إلى مستوى التعذيب أثناء الاحتجاز.

حرية التعبير والتجمع

في سبتمبر/أيلول، حُكم على 11 فنانا بالسجن شهرين بتهمتي "الإخلال بالسلامة العامة" و"الإزعاج العام"، بسبب ترديدهم شعارات مؤيدة للديمقراطية في مركز الشرطة.

في يوليو/تموز، عدلت الحكومة الانتقالية قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2007، وشددت العقوبات الواردة فيه بدلا من إلغاء الجرائم ذات الصياغة الغامضة التي تجرم "نشر أخبار كاذبة" ونشر "محتوى مخل بالحياء أو مناف للآداب". في 18 يوليو/تموز، عيّن الجيش السوداني مفوضا خاصا لرفع دعاوى قضائية ضد الأفراد الذين "يسيئون" إلى القوات المسلحة على الإنترنت، داخل البلاد وخارجها.

في 7 يناير/كانون الثاني، حظرت "اللجنة العليا لتفكيك نظام الثلاثين من يونيو وإزالة التمكين" التي شُكلت لمعالجة الفساد واستعادة الأصول والممتلكات المسروقة من الحزب الحاكم السابق، صحيفتي "الرأي العام" و"السوداني" وقناتين تلفزيونيتين خاصتين بدعوى أن لها صلات مالية مع نظام البشير. تفتقر اللجنة إلى الرقابة القضائية وتتعرض لانتقادات باعتبارها أداة سياسية.

النزاع في دارفور وشرق السودان

تصاعدت حدة العنف الطائفي الذي تفاقم بسبب تدخل قوات الأمن الحكومية.

في ديسمبر/كانون الأول 2019، اندلع القتال بين القبائل العربية وقبيلة المساليت في الجنينة غربي دارفور بعد ستة أشهر من انسحاب قوات اليوناميد من قاعدتها هناك. هاجمت مجموعات الميليشيات المسلحة، ومن بينها عناصر من قوات الدعم السريع، مخيما للنازحين وقتلت عشرات الأشخاص منهم أطفال، واغتصبت النساء والفتيات، ودمرت المدارس، وأحرقت المنازل، مما دفع عشرات الآلاف إلى الفرار.

في 25 يوليو/تموز، هاجمت ميليشيا عربية مسلحة بلدة مستري غربي دارفور مستهدفةً قبيلة المساليت، بحسب وسائل الإعلام. قالت الأمم المتحدة إن 60 على الأقل قتلوا في الهجوم.

في شرق السودان، قُتل 25 شخصا على الأقل بعد اشتباكات عنيفة بين البني عامر وجماعات عرقية نوبية في بور سودان. قُتل العشرات أيضا بعد اشتباكات عنيفة في مدينة كسلا في أغسطس/آب بين البني عامر والهدندوة.

الأطراف الدولية الرئيسية

في يونيو/حزيران، استضاف "الاتحاد الأوروبي"، وألمانيا، والإمارات، والسودان مؤتمر "شركاء السودان" في برلين، حيث تعهد المانحون بتقديم أكثر من 1.8 مليار دولار.

خلال العام، شجع الاتحاد الأوروبي جهود السلام والتحول الديمقراطي في السودان ودعمها. كرر الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء الدعوات إلى السلطات السودانية لتأمين العدالة في جرائم الماضي الفظيعة، بما في ذلك من خلال التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، واتخاذ خطوات تشريعية وسياساتية ملموسة لتعزيز حماية الحقوق. رحب الاتحاد الأوروبي بقرار السودان حظر ختان الإناث.

في 3 يونيو/حزيران، أقر "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة" إنشاء بعثة سياسية جديدة، وهي "بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان"، بينما واصلت بعثة حفظ السلام في دارفور (اليوناميد) تقليص حجمها.

في فبراير/شباط، مدّد مجلس الأمن ولاية فريق الخبراء المعني بالعقوبات الدولية على السودان لعام آخر. في يوليو/تموز، أشار "مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" إلى أن مكتبه القُطري في الخرطوم جاهز لمزاولة مهامه. في أكتوبر/تشرين الأول، أنهى "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" ولاية الخبير المستقل المعني بحقوق الإنسان في السودان، لكنه أبقى السودان على جدول أعماله من خلال تقارير المفوض السامي لحقوق الإنسان.

في 19 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن الرئيس الأمريكي ترامب عزم الإدارة الأمريكية رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. يحتاج هذا القرار إلى موافقة "الكونغرس الأمريكي" بعد إخطاره رسميا من قبل الرئيس. جاء إعلان ترامب بعد أشهر من المفاوضات وافق إثرها السودان على دفع 335 مليون دولار لضحايا الهجمات الإرهابية التي استهدفت مواطنين أمريكيين في الخارج وأدت إلى تصنيف السودان دولة راعية للإرهاب عام 1993.