Skip to main content

الإمارات: مشروع قانون حقوق العمالة المنزلية خطوة إلى الأمام

مطلوب آليات لإنفاذ القانون

الإمارات العربية المتحدة، دبي. عاملة منزلية وافدة مع طفل تحت لوحة إعلانية في الإمارات العربية المتحدة. © 2006 عباس/ماغنوم فوتوز

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن اعتماد الإمارات مشروع قانون جديد يضمن يوم راحة أسبوعية وإجازة مدفوعة الأجر للعاملات والعمال المنزليين هو إجراء تأخر كثيرا. بعد اعتماد المشروع كقانون، على وزارة الموارد البشرية والتوطين (الوزارة) إعداد لوائح تنفيذية تجعل الإمارات متسقة مع اتفاقية العمالة المنزلية الخاصة بمنظمة العمل الدولية عن طريق ضمان تمتع عاملات المنازل الوافدات بنفس تدابير الحماية العمالية المُقدمة لغيرهن من العمال والعاملات في الإمارات.

في 31 مايو/أيار 2017 اعتمد "المجلس الوطني الاتحادي" (المجلس) نسخة مُعدلة من مشروع قانون يعود لعام 2012 بشأن "عمال الخدمة المساعدة"، وافقت عليه الحكومة في مارس/آذار. يغطي مشروع القانون 19 فئة من العمال، بينهم عاملات المنازل، وينظم الاستقدام للعمل ويفرض شروطا ومواصفات للتوظيف. سوف يُرسَل إلى رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان للتصديق عليه قبل أن يصير قانونا.

قالت روثنا بيغم، باحثة حقوق المرأة المختصة بالشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "ما إن يتم التصديق على مشروع القانون، ستمتد حماية القانون أخيرا إلى مئات آلاف عاملات المنازل في الإمارات. هذه خطوة إيجابية مهمة، لكن دون آليات قوية لإنفاذ القانون، سيكون غير فعال إلى حد بعيد".

تتواجد في الإمارات 146 ألف عاملة منازل وافدة على الأقل، من الفلبين وإندونيسيا والهند وبنغلادش وسريلانكا ونيبال. تتولى العاملات أعمال التنظيف والطهي والرعاية لأفراد العائلات. عاملات المنازل مستبعدات من تدابير حماية قانون العمل الإماراتي. وثق تقرير أصدرته هيومن رايتس ووتش في 2014 جملة من الانتهاكات بحق عاملات المنازل. منها عدم تحصيل الأجور، إجبارهن على البقاء في البيت، امتداد يوم العمل حتى 21 ساعة أحيانا دون راحة ودون يوم راحة أسبوعي، وفي بعض الحالات التعرض لاعتداءات بدنية أو جنسية من أصحاب العمل. تواجه عاملات المنازل معوقات قانونية وعملية تعترض طريق الحصول على الانتصاف، وقد يعدن إلى بلادهن دون الحصول على العدالة.

أشار المجلس إلى بعض مواد مشروع القانون، لكن بما أن نص المشروع الكامل لم يتوفر علنا، فلا يمكن لـ هيومن رايتس ووتش التأكد مما إذا كانت تدابير حماية القانون الجديد متسقة مع القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

يطالب مشروع القانون أصحاب العمل بـ "معاملة العامل معاملة حسنة تحفظ له كرامته وسلامة بدنه". كما يطالبهم بمنح العاملين بالمنازل مكان إقامة لائق وطعام، مع النص على معايير دنيا مبهمة في هذا الشأن. ينص على إجازة سنوية 30 يوما مدفوعة الأجر، فترة راحة يومية لا تقل عن 12 ساعة وتشمل  8 ساعات متصلة على الأقل. كما يكفل مشروع القانون إجازة مرضية لـ 15 يوما مدفوعة الأجر، وأخرى غير مدفوعة لمدة 15 يوما، وتعويض عن الإصابات أو الأمراض اللاحقة بالعامل المتصلة بالعمل. كما يحدد مشروع القانون يوم راحة أسبوعي، لكن يسمح لصاحب العمل بحمل العامل على التنازل عن الراحة الأسبوعية مقابل بدل نقدي. لا ينص مشروع القانون على ضرورة أن يكون للعمال حرية مغادرة مكان العمل أثناء الساعات التي لا يعملون فيها.

هذه المواد أضعف من تلك المنصوص عليها في قانون العمل الإماراتي، الذي ينص على يوم عمل مدته 8 ساعات أو 48 ساعة أسبوعيا، وعلى إجازة مرضية لمدة 15 يوما مدفوعة الأجر، و15 يوما أخرى بنصف الأجر، وإجازة مرضية غير مدفوعة الأجر إذا استنفد العامل الإجازات المرضية المذكورة. تنص اتفاقية العمالة المنزلية الصادرة عن "منظمة العمل الدولية" – وهي المعاهدة العالمية حول حقوق العمال المنزليين – على ضرورة أن تُتاح لعاملات وعمال المنازل تدابير حماية مساوية لتلك المخصصة لغيرهم من العمال. قالت هيومن رايتس ووتش إن على الإمارات والدول الخليجية الأخرى التصديق على الاتفاقية وجعل القوانين الوطنية متسقة معها.

قالت بيغم: "ضمانات الراحة اليومية والأسبوعية والإجازة مدفوعة الأجر ضرورية لضمان ظروف عمل لائقة ومنع الانتهاكات في محل العمل. بعد التصديق على مشروع القانون، على الحكومة الإماراتية وضع لوائح تسد الثغرات القائمة التي يمكن لأصحاب العمل استغلالها بسهولة لتفادي إعطاء العاملين أيام راحة أسبوعية".

ينص مشروع القانون على التزامات جديدة مترتبة على مكاتب الاستقدام، باحترام حقوق عاملات المنازل والامتناع عن التمييز بحقهن. تشمل الالتزامات المذكورة حظر التحرش الجنسي والعمل الجبري والتمييز بناء على العرق أو اللون أو الجنس او الدين أو الرأي السياسي أو الأصل الوطني أو الأصل الاجتماعي. لكن مكاتب الاستقدام عادة ما تعلن عن رواتب للعاملات تتباين كثيرا بناء على الأصل الوطني؛ أحد الأسباب هو أن الإمارات لم تحدد حدا أدنى للأجر بالنسبة للعمالة المنزلية، وليس من الواضح إن كانت المادة الخاصة بحظر التمييز ستغير وحدها هذه الممارسة. مشروع القانون ينص أيضا على أن توظّف مكاتب الاستقدام عاملات المنازل بموجب "نظام التشغيل المؤقت"، ما يسمح لأصحاب العمل باستخدام عاملات المنازل بشكل مؤقت.

ما زالت لم تُصدر اللوائح الحاكمة لهذه العلاقة. هذا تطور مهم بما أن أصحاب العمل عادة ما يدفعون مقدما تكاليف الاستقدام قبل استخدام عاملات المنازل المقيمات في منازلهم. خلال السنوات الأخيرة قدمت بعض شركات النظافة هذه الخدمة، لكن دون لوائح حاكمة لهذا الشكل من الخدمات.

أعلنت الإمارات أيضا في مارس/آذار أنها ستستبدل مكاتب الاستقدام بحلول نهاية 2017 بما وصفته بـ "مراكز التدبير" وهي هيئات خاضعة للتنظيم الحكومي لكن تدخل في نطاق القطاع الخاص. سيكون الإشراف الفعال على هذه المراكز بالغ الأهمية. توصلت بحوث سابقة لـ هيومن رايتس ووتش إلى حالات حيث قامت شركات نظافة – وتُعدّ صاحب عمل عاملات المنازل المقيمات بالمنازل الذين يستخدمهم الأفراد بنظام التشغيل المؤقت – بدفع أجور للعاملات أدنى من المتفق عليها في عقودهن، وقامت مكاتب بإرسال عاملات عديدات لأصحاب عمل لهم تاريخ معروف من الإساءة للعاملات.

لا يذكر اعتماد المجلس مشروع قانون العمالة المنزلية ما إذا كان القانون سيضم متطلبات بأعمال تفتيش على مكاتب الاستقدام  وأماكن العمل، أو بعقوبات ضد أصحاب العمل والمكاتب الذين يخالفون القانون. على سبيل المثال، يحمي مشروع القانون حقوق العمال في الاحتفاظ بوثائق الهوية الشخصية، لكن يبدو أنه لا ينص على عقوبات بحق أصحاب العمل الذين يصادرون جوازات سفر العاملات، وهو انتهاك شائع في الإمارات ودول خليجية أخرى.

كما يعزز مشروع القانون نظام الكفالة، الذي يربط عاملات المنازل بأصحاب عملهن، ويمنعهن من ترك صاحب العمل أو تغييره دون موافقته. من يتركن صاحب العمل يُعاقبن بتهمة "الهروب" وتُفرض عليهن غرامات وقد يتعرضن لعقوبة السجن أو الترحيل. يطالب القانون أصحاب العمل بالإبلاغ عن العاملات المتغيبات عن العمل دون سبب مشروع في ظرف 5 أيام، وتقديم البلاغ إلى الوزارة.

لا ينص مشروع القانون على الحق في تكوين نقابة.

كما أن عدة دول خليجية تعكف على تحسين تدابير حماية عاملات المنازل ببطء. أصدرت الكويت قانونا بشأن حقوق العمالة المنزلية في 2015. يكفل القانون الكويتي للعاملة المنزلية الحق في يوم راحة أسبوعية، إجازة سنوية 30 يوما مدفوعة الأجر، ويوم عمل 12 ساعة تتخللها أوقات راحة ومكافأة نهاية الخدمة بواقع شهر عن كل عام بنهاية العقد، من بين جملة حقوق أخرى.

اعتمدت السعودية نظاما في عام 2013 يكفل لعاملات المنازل 9 ساعات راحة كل 24 ساعة، ويوم راحة أسبوعي وإجازة مدفوعة الأجر لمدة شهر كل عام، بعد مرور عامين على بداية العقد. لكن يمكن مطالبة عاملات المنازل بالعمل بحد أقصى 15 ساعة يوميا، في حين يحد نظام العمل السعودي من هذا الحد الأقصى بالنسبة لفئات العمال الآخرين بحيث تقتصر على 8 ساعات عمل يوميا.

يمنح قانون العمل البحريني لعام 2012 عاملات المنازل إجازات سنوية ويتيح لهن الوساطة في المنازعات العمالية، لكن لا يقدم تدابير حماية أساسية أخرى، مثل أيام الراحة الأسبوعية، أو الحد الأدنى للأجر، أو الحد الأقصى لساعات العمل.

ما زالت عاملات المنازل في كل من قطر وسلطنة عُمان مُستبعدات من قوانين العمل، رغم اعتماد الحكومة القطرية قانونا للعمالة المنزلية في فبراير/شباط 2017 لم يُعلن بعد على الملأ.

قالت بيغم: "التنظيم القوي والتفتيش وإنفاذ العقوبات هي مقومات مهمة لضمان إمكانية محاسبة مكاتب الاستقدام وأصحاب العمل وحملهم على اتباع القانون. لقد خطت الإمارات خطوة هامة بوضعها مشروع القانون هذا، ولا بد الآن من اعتماد إصلاحات موازية لنظام الكفالة".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة