Skip to main content

رسالة من "هيومن رايتس ووتش" إلى وزيرة الدفاع الأسترالية باين

الموضوع: الخسائر المدنية وحماية المدنيين في العراق وسوريا

السيدة الوزيرة باين،

نكتب إليكم لحث الحكومة الأسترالية على اتخاذ جميع التدابير الممكنة لضمان حماية المدنيين والأهداف المدنية خلال العمليات العسكرية التي تقوم بها الحكومة الأسترالية في العراق وسوريا. ويشمل ذلك المحافظة على المعايير والإجراءات الدولية الرامية إلى الحيلولة دون وقوع إصابات بين المدنيين، والإبلاغ بصرامة وشفافية عن الغارات الجوية والإصابات بين العدو والمدنيين، على نحو فوري ونزيه، وإجراء تحقيقات دقيقة في العمليات التي قد تكون أوقعت إصابات بين المدنيين؛ وتقديم تعويضات عن الوفيات والإصابات غير المشروعة في صفوف المدنيين وتعويضات "تعزية" مناسبة أو هبات عن الضرر اللاحق بالمدنيين. نحن قلقون بشكل خاص من تقارير إخبارية أفادت مؤخرا بأن التماسا رُفع بموجب "قانون حرية المعلومات" ذكر أن أستراليا لا تكشف – وربما لم تجمع أي معلومات – عن الإصابات بين المدنيين في العراق وسوريا.

حماية المدنيين في العراق وسوريا أمر بالغ الأهمية، خاصة وأن المدنيين محاصرون بين قوات تنظيم "الدولة الإسلامية" ("داعش") والقوات المتقدمة المكلفة بهزمه. وقد أدى القتال العنيف إلى تفاقم الأوضاع المأساوية بالفعل لمئات آلاف المدنيين في كل من العراق وسوريا.

في حين تزداد الحالة الإنسانية سوءا، أدت الضربات الأخيرة التي قام بها أعضاء التحالف بقيادة الولايات المتحدة، والتي تعمل في إطار قوة المهام المشتركة – "عملية العزم الصلب" – إلى ارتفاع حاد في عدد الضحايا المدنيين المزعومين في كل من العراق وسوريا. ونحن نشعر بقلق عميق إزاء التغييرات الأخيرة في الطريقة التي يمنح بها التحالف بقيادة الولايات المتحدة تراخيص، وينفذ بعض غاراته الجوية. يحتفظ كل بلد في التحالف بقواعد الاشتباك الخاصة به، ونحن نفهم أن استراليا مقتنعة بأن قواعد الاشتباك الخاصة بها مصمَّمة لتقليل المخاطر على المدنيين إلى أدنى حد. ولكن مع ازدياد الإصابات بين المدنيين مؤخرا، تحث هيومن رايتس ووتش بشدة الحكومة الأسترالية على اتخاذ خطوات عديدة لضمان حماية المدنيين والأعيان المدنية بشكل أفضل.

إجراءات الغارات الجوية

أولا، على الحكومة الأسترالية المحافظة على تدابير تتطلب مستويات قصوى من التحقق من الهدف وإصدار الترخيص قبل تنفيذ الضربات (الجوية والبرية). كما يجب إنشاء خلية مركزية لاتخاذ القرار مثل "خلية الضربات" في قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب – المكوّن البري في بغداد، بتقييم والموافقة على كل ضربة وإعطاء معلومات إضافية وتوصيات عند الضرورة. اتخاذ هذه الخطوة حيث يمكن هو أحد الطرق لضمان تزويد ضباط الاستهداف بقدر أكبر من المعلومات حول الهدف والمخاطر المحتملة على المدنيين قبل الموافقة على الضربة. علاوة على ذلك، يمكن أن تساعد نظم الموافقة متعددة المستويات التي تجمع وتحلل كميات كبيرة من المعلومات من ساحة المعركة على ضمان تقليل الخسائر في صفوف المدنيين إلى أدنى حد ممكن.

نتيجة للتغييرات الإجرائية التي أفادت تقارير بأنها اتُخذت في ديسمبر/كانون الأول 2016، أزالت الولايات المتحدة شرط موافقة "خلية الغارات" في بغداد على بعض الضربات. رسميا "خلية الغارات" في بغداد هي أحد مكونات القوات المشتركة – قيادة المكون البري – لعملية العزم الصلب. تجمع الخلية المعلومات من قوات التحالف والقوات العراقية وتقيّم الأهداف المقترحة وتقدّم توصيات للقيام بالضربات ونوع الأسلحة. وهي تتألف من عدة أعضاء من التحالف؛ حسب تقارير الجيش الأمريكي إن عناصر الاستهداف الأستراليين يعملون في خلية بغداد. تغيير القواعد في ديسمبر/كانون الأول يعني أن الولايات المتحدة تشن حاليا هجمات بدون المعلومات وتوصيات الاستهداف التي تقدمها خلية بغداد. على أعضاء التحالف الآخرين حث الولايات المتحدة على إعادة الإجراءات السابقة أو إقرار إجراءات مماثلة. هذا أمر عالي الأهمية في ظل الخطر الكبير على المدنيين في مناطق غرب الموصل المكتظة سكانيا ومئات آلاف المدنيين في الرقة.

ينبغي على الحكومة الأسترالية أيضا، لدى القيام بغارات جوية، استخدام كل الوسائل المتاحة للتأكد من وجود المقاتلين ومواقعهم بالإضافة إلى وجود المدنيين في المناطق المجاورة. أي تقديرات لإصابات محتملة بين المدنيين سابقة لغارة جوية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار أن العديد من المدنيين محاصرون في مناطق سيطرة داعش وربما لا تكون ملاحظتهم سهلة من الجو أو باستخدام معدات الاستهداف المتطورة. لهذا، يجب أن تركّز عمليات المراقبة والاستخبارات والاستطلاع بقيادة الحكومة الأسترالية وأعضاء التحالف بقيادة الولايات المتحدة، حيث يمكن، على تحليل نمط الحياة وتحديد مواقع المدنيين وتعقب تحركاتهم إلى داخل وخارج المناطق المستهدفة المحتملة والمستقبلية قبل العمليات للحد من خطر وقوع إصابات بين المدنيين.

قبل تنفيذ الضربات على الحكومة الأسترالية التأكد بدقة وبطريقة صارمة من المعلومات الواردة من القوات الحليفة، بما في ذلك أعضاء آخرين في التحالف بقيادة الولايات المتحدة باستخدام جميع الوسائل المتاحة (الرصد الجوي والمعلومات المجمَّعة من قِبَل الأفراد والمعدات العسكرية، إلخ). هذه الخطوة مهمة لتفادي التصرف استنادا إلى معلومات استهداف خاطئة. وبالفعل يبدو أن معلومات الاستهداف الخاطئة أدت بالحكومة الأسترالية إلى قتل عشرات الجنود السوريين عن طريق الخطأ في 16 سبتمبر/أيلول 2016 قرب دير الزور في سوريا. على الحكومة الأسترالية القيام بكل ما في وسعها لعدم تكرار هكذا أخطاء.

الشفافية

تفتقر أستراليا إلى الشفافية في تقاريرها عن الضربات في العراق وسوريا وفي التحقيقات في الضربات التي يُزعَم أنها أوقعت إصابات بين المدنيين. قالت منظمة "إيروارز" (Airwars)غير الحكومية ومقرها المملكة المتحدة والتي تراقب الضربات الجوية، في تقرير المساءلة المحدودة في ديسمبر/كانون الأول 2016، إن الحكومة الأسترالية هي "واحدة من أعضاء التحالف الدولي الأقل شفافية في الحرب ضد ما يسمى بالدولة الإسلامية".[1]

إضافة إلى عدم الكشف عن معلومات وتوقيت وموقع ضرباتها، فإن تقارير إعلامية[2] وردّ بموجب قانون حرية المعلومات أفادوا بأن عدم كشف الحكومة الأسترالية (وربما عدم جمع) بيانات عن إصابات المدنيين في العراق وسوريا أمر مقلق. وحقيقة أن التحالف يجري تحقيقات أولية، ويجمع وينشر بيانات متعلقة بإصابات بين المدنيين لا يعفي الحكومة الأسترالية من الحاجة إلى جمع هذه المعلومات وإتاحتها للجمهور. وبدون معلومات عن توقيت وموقع الضربات، يصعب أيضا على المراقبين المستقلين تأكيد عدم مشاركة أستراليا في الضربات التي يُزعَم أنها أوقعت إصابات بين المدنيين. ونحن نحثكم على الإفراج فورا عن تفاصيل عن الخسائر في صفوف المدنيين الناجمة عن الضربات الجوية الأسترالية، وإن كنتم لا تجمعون هذه المعلومات، نحثكم على البدء في القيام بذلك دون تأخير.

ذكرت الحكومة الأسترالية أن سبب افتقارها للشفافية حاجتها إلى حماية الأمن، محذرة من خطر استخدام داعش هذه المعلومات للدعاية.[3] حماية الأمن القومي هي قيد معترف به على الحق في حرية التعبير المعترف به دوليا (الذي يشمل مسؤوليات الحكومة في تقديم المعلومات).[4] ولكن يجب أن يكون هذا القيد مصمما بشكل خاص لمنع تهديد محدد، وأن يكون متناسبا مع التهديد. والأهم من ذلك، على الحكومة الالتزام بضمان إتاحة المعلومات ذات المصلحة العامة، حيثما أمكن، للجمهور، بما في ذلك في إطار الالتماسات المقدمة بموجب قانون حرية المعلومات، واستعراض المعلومات التي يتم الاحتفاظ بها داخليا بصورة دورية بهدف إتاحتها للجمهور. نحن نعتقد أن المعلومات المتعلقة بالغارات الجوية الأسترالية والإصابات بين المدنيين الناجمة عن هذه الضربات هي بالفعل مصلحة عامة.

في حين هناك مخاوف أمنية مشروعة في ما يتعلق بالكشف عن المعلومات حول العمليات العسكرية، فإن أعضاء آخرين من التحالف بقيادة الولايات المتحدة، وخاصة المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا والدنمارك (الذين زادوا الشفافية مع تقدم حملتهم) أثبتوا أن بإمكانهم توفير هذه المعلومات دون المساس بالأمن القومي.

كما أن الحكومة ملزمة بموجب القانون الدولي بإجراء تحقيقات شاملة وسريعة ونزيهة في الانتهاكات المزعومة للقانون الإنساني الدولي، ومعاقبة أو محاكمة المسؤولين عنها بطريقة مناسبة، وتوفير سبل الإنصاف الكافية لضحايا الانتهاكات. على الحكومة ألا تعتمد على تقارير التحالف عن الضحايا والتحقيقات الأولية بدلا من جمع معلومات عن الأشخاص – سواء من المدنيين أو من المقاتلين – الذي قُتلوا خلال عملياتها. وقد اعترفت وزارة الدفاع في رد على التماس قُدّم بموجب قانون حرية المعلومات بأن عمليات تقييم أضرار المعركة، التي عادة ما تقوم بتشكيلها مباشرة عقب الضربات، لا تعبر إلا عن "الأضرار الجانبية المقدرة" ولا تلحظ الإصابات. وإذا لم تقم الحكومة بجمع أو طلب معلومات تتعلق بالإصابات، فإن قدرتها على إجراء تحقيقات شاملة في غاراتها الجوية بعد وقوعها – وتحديدا في الحالات التي تظهر فيها معلومات جديدة – من المحتمل أن تتدهور بشكل كبير. وقد يجعل ذلك أيضا من المستحيل على أستراليا أن تفي بالتزاماتها في إجراء تحقيق شامل في أي مخالفة مزعومة أو تقديم الإنصاف.

وبناء على ذلك، على الحكومة الأسترالية أن تحقق بشكل فردي وصارم وشفاف في التقارير الموثوقة عن جميع الضحايا المدنيين، وأن تقدم نتائج مفصلة عامة عن جميع تحقيقاتها. ينبغي أن تشمل هذه التحقيقات استخدام مجموعة كاملة من الأدوات، بما في ذلك إجراء مقابلات مع الضحايا وأسرهم، والتشاور مع منظمات حقوق الإنسان، وفيديوهات المراقبة والاستهداف وتحليلات الطب الشرعي. الاعتماد على تقییمات الفیدیوهات المُصوَّرة فقط من الجو لن يوفر في کثیر من الأحیان صورة کاملة عن الإصابات الناجمة عن الضربات، خاصة في المناطق المکتظة بالسکان. على الحكومة السعي بفعالية إلى الحصول على هذه المعلومات وعدم انتظار نشرها قبل بدء التحقيق. وينبغي أن تتضمن نتائج التحقيقات المنشورة تفسيرا لتدابير المساءلة التي اتخذتها، والإنصاف المقدَّم إلى الضحايا أو أسرهم، والعملية التي تقرر من خلالها ضرورة المساءلة أو الإنصاف. وينبغي أن يشمل الإنصاف التعويض عن وفيات وإصابات المدنيين غير المشروعة والتعويض المناسب في إطار "نظام المدفوعات التكتيكية" لضرر المدنيين. إذا تبيّن في التحقيق وقوع انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب، ينبغي أن يُحال المسؤولون إلى الملاحقة الجنائية المناسبة.

نحن نعتقد بقوة أن في هذا المنعطف الحاسم لشعبَي العراق وسوريا، على الحكومة الأسترالية أن تكون نموذجا في ما يتعلق بالتدابير التي تتخذها لضمان حماية المدنيين، وجعل عملياتها أكثر شفافية.

يسعدنا لقاؤكم أو لقاء أحد موظفيكم لمناقشة هذه القضايا أكثر.

مع فائق الاحترام والتقدير،

 

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

هيومن رايتس ووتش ‏

 

 إيلاين بيرسن

مديرة أستراليا، قسم آسيا

هيومن رايتس ووتش

 

نسخة إلى:

جولي بيشوب، وزيرة الشؤون الخارجية

دنيس ريتشاردسون، سكرتير وزارة الدفاع

برندن سارجانت، سكرتير مشارك، وزارة الدفاع


[1] Airwars, ‘Limited Accountability: A transparency audit of the Coalition air war against so-called Islamic State,’ December 2016 https://airwars.org/wp-content/uploads/2016/12/Airwars-report_Web-FINAL1...  (تم الاطلاع في 1 مايو/أيار 2017).

[2] أنظر:Sophie M’Neill, ‘Questions raised over Australian Defence Force's tracking of suspected civilian casualties from air strikes,’ ABC, March 15, 2017  http://www.abc.net.au/news/2017-03-14/adf-tracking-civilian-deaths-in-sy...  (تم الاطلاع في 1 مايو/أيار 2017).

[3] ' Antony Loewenstein, ‘Australia against Isis: how much do we actually know?’ Guardian, August 6, 2015, https://www.theguardian.com/commentisfree/2015/aug/06/australia-against-... (تم الاطلاع في 1 مايو/أيار 2017)؛ Airwars, ‘Limited Accountability: A transparency audit of the Coalition air war against so-called Islamic State,’ December 2016 https://airwars.org/wp-content/uploads/2016/12/Airwars-report_Web-FINAL1...  (تم الاطلاع في 1 مايو/أيار 2017).

[4] "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية "، اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200ألف (د-‏‏21) المؤرخ في 16 ديسمبر/كانون الأول 1966 تاريخ بدء النفاذ: 23 مارس/آذار 1976، وفقا لأحكام المادة 4‏، https://www.unicef.org/arabic/crc/files/ccpr_arabic.pdf

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة