Skip to main content

اليمن ـ الحوثيون يرسلون الأطفال إلى القتال

استخدام مقاتلين من الأطفال ينتهك القانون الدولي

(بيروت) ـ  إن جماعة الحوثيين المسلحة في اليمن كثفت من عملياتها لتجنيد الأطفال وتدريبهم ونشرهم، في انتهاك للقانون الدولي. فمنذ سبتمبر/أيلول 2014، عند استيلاء الحوثيين، المعروفين أيضاً باسم أنصار الله، على العاصمة صنعاء، تزايد استخدامهم للأطفال ككشافة وحراس وسعاة ومقاتلين، مع تعريض بعض الأطفال للإصابة والقتل.

وعلى الحوثيين وغيرهم من الجماعات المسلحة التي تستخدم الجنود الأطفال في اليمن التوقف الفوري عن تجنيد الأطفال، بمن فيهم "المتطوعين"، وتسريح جميع الأطفال من صفوفهم، بحسب هيومن رايتس ووتش.

قال فريد آبراهامز، المستشار الخاص في هيومن رايتس ووتش: "مع اشتداد القتال في اليمن، صعد الحوثيون من عمليات تجنيد الأطفال. وعلى القادة من الحوثيين وغيرهم من الجماعات المسلحة أن يتوقفوا عن استخدام الأطفال وإلا فهم يخاطرون بالملاحقة على جرائم الحرب".

وعلاوة على الحوثيين، تقوم المليشيات الإسلامية والقبلية، وجماعات مسلحة مثل القاعدة في جزيرة العرب، بنشر جنود أطفال، بحسب هيومن رايتس ووتش.

وبحسب اليونيسيف، يشكل الأطفال في صفوف الحوثيين وجماعات مسلحة أخرى ما يصل إلى ثلث جميع المقاتلين في اليمن. وقد جندت الجماعات المسلحة ما لا يقل عن 140 طفلاً في الفترة من 26 مارس/آذار  إلى 24 أبريل/نيسان 2015 وحدها، بحسب الوكالة الأممية.

وقد أفاد صحفيون في اليمن في الشهور الأخيرة بمشاهدة صبية بين الرابعة عشرة والسادسة عشرة يحملون البنادق والمسدسات ويقاتلون لحساب الحوثيين وغيرهم من الجماعات المسلحة. ووصف أحدهم رؤية صبي في السابعة في نقطة تفتيش تابعة للحوثيين في صنعاء ومعه بندقية هجومية عسكرية. كما قال ناشطان محليان يتابعان القضية في مدينة عمران، على بعد 50 كيلومتراً شمالي غرب صنعاء، قالا لـ هيومن رايتس ووتش إنهما شاهدا ما يصل إلى 30 جندياً طفلاً بأحد مراكز الحوثيين هناك، وبينهم بعض الصبية الذين تصل أعمارهم إلى 12 عاماً.

وفي مارس/آذار في عمران، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلة مع الناشطين الاثنين، ومع مسؤول تجنيد حوثي، ومع سبعة من الصبية كان عمر أصغرهم 14 عاماً. وقال الصبية إنهم قاتلوا أو قاموا بمهام عسكرية أخرى لحساب الحوثيين على مدار العام السابق. وأجمع الصبية على أنهم تطوعوا، لكن أربعة منهم تركوا الحوثيين بعد ذلك لأسباب مختلفة. وجُرح اثنان منهم في القتال.

وقال مسؤول التجنيد، وكان في أواخر الثلاثينات من عمره، لـ هيومن رايتس ووتش إنه نشط في تجنيد الأطفال لحساب الحوثيين في عمران لما يزيد على العام. وقال إن الأطفال الذين لم يحصلوا على تدريب عسكري لا يشاركون في القتال الفعلي، بل يقومون في الأغلب بأدوار الحراسة أو حمل الذخيرة والطعام إلى مقاتلي الجبهة الأمامية. كما يستعيدون المقاتلين القتلى والمصابين ويقدمون الإسعافات الأولية.

وقال مسؤول التجنيد إنه كان ينوي العودة إلى الجبهة مع اثنين من الجنود الأطفال، وكلاهما في الرابعة عشرة، وبينهما ابن أخيه. وقال ابن الأخ لـ هيومن رايتس ووتش إنه انضم إلى الحوثيين في مايو/أيار 2014 وهو حالياً حارس مسلح. وقد أصيب في صدره في يوليو/تموز الماضي أثناء قتال بين الحوثيين ولواء الجيش اليمني رقم 310، لكن الجراح التأمت.

وقال من أجريت معهم المقابلات لـ هيومن رايتس ووتش إن الحوثيين يبدأون بمنح الأطفال تدريباً أيديولوجيا وإسلامياً على المذهب الشيعي الزيدي لما لا يقل عن شهر، ثم يعقبه التدريب العسكري في واحدة من قواعدهم بعرض البلاد. وقال الأطفال إنهم لم يتلقوا أجراً لكنهم كانوا يحصلون على الطعام والقات، وهو نبات يشيع مضغه في اليمن كمنشط خفيف. وكان معظمهم قد أحضروا أسلحتهم الخاصة ـ فالأسلحة النارية العسكرية شائعة لدى العائلات اليمنية ـ لكنهم كانوا يزودون بالذخيرة.

وقال إبراهيم، 16 سنة، إن عائلته شجعته على الانضمام إلى الحوثيين وأعطته بندقية كلاشنيكوف هجومية. وزوده الحوثيون بالذخيرة. قاتل إبراهيم مع الحوثيين حينما دخلوا عمران في يوليو/تموز وتعرض لطلق ناري في الساق. وهو يلتحق الآن بالدوريات التي ترافق مقاتلي الحوثيين في انتقالهم بين عمران وسفيان القريبة. وقال إبراهيم إن خمسة من أصدقائه في سن السادسة عشرة انضموا بدورهم إلى قوات الحوثيين.

ولدى الحوثيين سجل طويل فيما يتعلق باستخدام الجنود الأطفال، وهو ما قامت هيومن رايتس ووتش بتغطيته منذ 2009. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2012 تعهد زعيم الحوثيين، عبد الملك بدر الدين الحوثي، بالعمل على وقف استخدام الجماعة للأطفال.

ومنذ سبتمبر/أيلول، حينما استولى الحوثيون على صنعاء، شاهدت هيومن رايتس ووتش العشرات من المقاتلين الحوثيين المسلحين الذين يبدون في سن أصغر من 18 عاماً يعملون في نقاط تفتيش في المدينة، وفي محافظة عمران. كما تم نشر مراهقين مسلحين اثنين أمام وزارة حقوق الإنسان في ديسمبر/كانون الأول.

وبحسب القائمة السنوية للانتهاكات بحق الأطفال أثناء نزاعات مسلحة، التي تعدها الأمانة العامة للأمم المتحدة، وكان أحدث إصدار لها في مايو/أيار الماضي، لجأت القوات المسلحة اليمنية، بما فيها الفرقة الأولى المدرعة التي تم تفكيكها حالياً، وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وجماعات مسلحة أخرى، إلى استخدام الأطفال ضمن قواتها.

وفي 2014 أفادت الأمم المتحدة بتجنيد ما يبلغ مجموعه 156 صبياً، تتراوح أعمارهم بين 9 و17 عاماً، واستغلالهم في النزاع المسلح، وقد قام الحوثيون بتجنيد 140 منهم. وشوهد الصبية يعملون في نقاط تفتيش، وعلى عربات مدرعة، وفي حراسة المباني. وبسبب صعوبة التحقق، لم تتمكن الأمم المتحدة من التأكد إلا من قسم يسير من الحالات الفعلية.

وفي مايو/أيار 2014 وقعت الحكومة اليمنية على خطة عمل مع الأمم المتحدة لإنهاء تجنيد الأطفال من جانب القوات الحكومية، بهدف تحقيق سحب جميع الأطفال من قوات الحكومة الأمنية وإعادة دمجهم في المجتمعات المحلية، وإنهاء أي تجنيد مستقبلي. كما دعت الخطة إلى توفيق القانون اليمني مع المعايير الدولية التي تحظر استخدام الجنود الأطفال. وفي القانون اليمني الحالي، تحددت سن 18 عاماً كحد أدنى للخدمة العسكرية النشطة.

إلا أن اندلاع الأعمال العدائية أوقف تنفيذ خطة العمل. وفي يناير/كانون الثاني قامت قوات الحوثيين بخلع حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، واستولت على العديد من البلدات. واستمر القتال العنيف في مدينة عدن الساحلية الجنوبية بين الحوثيين ولجان المقاومة الشعبية، المكونة من مقاتلين ينتمون إلى الحراك الجنوبي المطالب بانفصال جنوب اليمن، وعدد ضئيل من الوحدات العسكرية الموالية للرئيس السابق.

وفي 26 مارس/آذار، بدأ تحالف تقوده السعودية، ويضم البحرين ومصر والأردن والكويت والمغرب وقطر والسودان والإمارات العربية المتحدة، في شن غارات جوية على قوات الحوثيين في أرجاء اليمن. وبحسب اليونيسيف فقد لقي ما لا يقل عن 115 طفلاً حتفهم وجرح 172 في الغارات الجوية والقتال البري، حتى 24 أبريل/نيسان. وتعرض ما يصل إلى 30 مدرسة لتلفيات أو للاحتلال من أطراف النزاع.

ويقرر البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل، بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة، واليمن طرف فيه، أنه "لا يجوز أن تقوم المجموعات المسلحة المتميزة عن القوات المسلحة لأي دولة في أي ظرف من الظروف بتجنيد أو استخدام الأشخاص دون سن الثامنة عشرة في الأعمال الحربية". كما يحدد البروتوكول سن الثامنة عشرة كحد أدنى لأية مشاركة في النزاع المسلح من جانب قوات مسلحة وطنية.

أما تجنيد الأطفال دون سن 15 عاماً واستخدامهم من جانب الأطراف في نزاع فهو جريمة حرب بموجب القانون الدولي، بما فيه نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية. والقادة الذين كانوا يعلمون، أو كان يجب أن يعلموا بهذا الانتهاك ولم يتخذوا أي إجراء فعال، تجوز مساءلتهم جنائياً على سبيل مسؤولية القيادة.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن على زعيم الحوثيين، عبد الملك بدر الدين الحوثي، أن ينفذ تعهده لسنة 2012 بإنهاء استخدام الجنود الأطفال. كما يجب على سائر الجماعات المسلحة في اليمن أن تحظر بدورها تجنيد واستخدام الأطفال، وأن تسرّح جميع الذين هم دون سن 18 ويقومون بأدوار قتالية أو مساندة. وعلى الحكومات التي تقدم العون المالي أو العسكري للحوثيين وغيرهم من الجماعات اليمنية المسلحة أن تدعو تلك الجماعات إلى حظر استخدام الأطفال والتحقق من أعمار المجندين كافة.

وقال فريد آبراهامز: "يتعين على جميع الجماعات المسلحة في اليمن أن ترفض إرسال الأطفال إلى القتال أو استخدامهم لمساندة القتال. إن الثمن الذي يدفعه هؤلاء الصغار ـ الصدمة والإصابات والتعليم الضائع ـ هو ثمن هائل، يعادل الثمن المقتطع من مستقبل اليمن".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة