Skip to main content

العراق: تقرير "هيومن رايتس ووتش" إلى "الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي"

الدورة 121 – مايو/أيار 2020

بحسب "اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، يوجد واحد من أكبر أعداد الأشخاص المفقودين في العالم في العراق. تقدّر "اللجنة الدولية للمفقودين"، التي تعمل بالشراكة مع الحكومة العراقية للمساعدة في استرداد المفقودين وتحديدهم، أن العدد قد يتراوح بين 250 ألف ومليون شخص. منذ عام 2016، توثّق "هيومن رايتس ووتش" عمليات الإخفاء القسري المستمرة على أيدي قوات الأمن العراقية. على حد علم المنظمة، لم تفعل السلطات في بغداد وإقليم كردستان ما يكفي لمعاقبة الضباط والعناصر المتورطين في حالات الإخفاء.

حالات الإخفاء القسري من 2014 إلى 2017

في 2018، أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريرا وثق 78 حالة إخفاء قسري لرجال وفتيان في العراق بين أبريل/نيسان 2014 وأكتوبر/تشرين الأول 2017. اعتُقل غالبية هؤلاء عام 2014، وآخرهم في أكتوبر/تشرين الأول 2017. في ثلاث حالات، أطلِق سراح الرجال الذين اعتُقلوا وأخفُوا في 2014 و2015 فيما بعد. قالوا إنهم احتُجزوا لفترات تتراوح بين 34 و130 يوما من قبل "قوات الحشد الشعبي" (وهي رسميا تحت سيطرة رئيس الوزراء)، أو "جهاز الأمن الوطني" في مواقع احتجاز غير رسمية. قال الجميع إنهم تعرضوا للضرب طوال فترة احتجازهم.

أوقفت القوات العسكرية والأمنية 34 من الرجال والفتيان الـ 78 عند نقاط التفتيش كجزء من إجراءات مكافحة الإرهاب المتعلقة بتنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ "داعش") و37 آخرين في منازلهم. جميع حالات الإخفاء عند نقاط التفتيش باستثناء شخص واحد استهدفت أشخاصا من مناطق خاضعة لسيطرة داعش أو يعيشون فيها. في معظم هذه الحالات، لم تُقدم قوات الأمن إلى عائلات المعتقلين أي سبب للاعتقال، رغم أن العائلات تفترض ارتباط الاعتقالات بهويتهم كعرب سُنة. في ست من هذه الحالات على الأقل، تُشير ظروف الاعتقال أو ما قاله الضباط أو العناصر الذين أجروا الاعتقال للعائلات، إلى أن الاعتقالات كانت على الأرجح متصلة بالقتال ضد داعش.

من أصل الـ 78 عائلة التي تمت مقابلتها، طلبت 38 عائلة معلومات عن أقاربها المفقودين من السلطات العراقية لكنها لم تتلقَّ أي معلومات. لم تطلب عائلات أخرى معلومات، خشية أن تؤدي التحقيقات إلى تعريض سلامة أقاربها لخطر جسيم. لم يكن لدى أي من العائلات فكرة واضحة عن السلطة التي يجب أن يتصلوا بها لمعرفة مكان أقربائها.

في ثلاث حالات، قال أفراد الأسرة إن الضباط والعناصر الذين نفذوا الاعتقالات استخدموا القوة المفرطة، ما أدى في إحدى الحالات إلى وفاة قريب آخر.

في يونيو/حزيران 2018، أرسلت هيومن رايتس ووتش أسئلة وقائمة بالأشخاص المختفين والتواريخ والمواقع التقريبية التي شوهدوا فيها آخر مرة إلى السيد حيدر عقيلي، مستشار حقوق الإنسان في "المجلس الاستشاري لرئيس الوزراء" في بغداد، وإلى د. ديندار زيباري، رئيس لجنة التقييم والرد على التقارير الدولية. في 18 سبتمبر/أيلول 2018، ردت حكومة إقليم كردستان بمعلومات عن عدد الأفراد الذين احتجزتهم قواتها بسبب انتمائهم إلى داعش وإجراءات القبض عليهم. ولم ترد على أي استفسار من هيومن رايتس ووتش، بما فيه ما يتعلق بمكان الأفراد المدرجين في التقرير. لم تقدم سلطات بغداد أي رد. على حد علم هيومن رايتس ووتش، لم تتلق العائلات التي ورد أسماء أقاربها في التقرير أي معلومات عن مكانهم.

هجوم الفلوجة 2016

وقع أبرز إخفاء جماعي منذ العام 2003 خلال العمليات العسكرية التي قامت بها قوات الأمن العراقية من يونيو/حزيران إلى يوليو/تموز 2016 ضد داعش في مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار. في ذلك الوقت، أفادت هيومن رايتس ووتش اعتمادا على ادعاءات موثوقة أنه خلال أسبوعين من القتال، نفذت القوات الحكومية إعدامات دون محاكمة، وضربت رجالا عُزلا، وارتكبت الإخفاء القسري، ومثّلت بالجثث.

في 5 يونيو/حزيران 2016، أفرجت قوات الأمن عن أكثر من 600 رجل كانوا قد احتُجزوا في منطقة حي الشهداء في الصقلاوية أثناء العملية، معظمهم من عشيرة المحامدة. قال الرجال الذين أفرِج عنهم لمسؤول في محافظة الأنبار تحدثوا فيما بعد مع هيومن رايتس ووتش إنهم رأوا مقاتلي قوات الحشد الشعبي يأخذون على الأقل 600 من رجال المحامدة.

قال شيخ محلي من بلدة الكرمة التي تقع شمال شرق الفلوجة لـ هيومن رايتس ووتش في أواخر مايو/أيار 2016، إنه خلال الأيام القليلة الأولى من العملية العسكرية، أجبرت قوات الأمن العراقية المدنيين المقيمين هناك على المغادرة. وقال إنه خلال النزوح، اختفى 70 شابا على الأقل، ولم يكن لدى العائلات معلومات عن أماكنهم. قال الشيخ إنه في 1 يونيو/حزيران 2016 وصل رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري إلى المنطقة للتحدث إلى الشيوخ المحليين والجيش. أكد أحد أعضاء مجلس محافظة الأنبار، الذي قدم أيضا معلومات حول بدء تحقيق رئيس الوزراء، عدد الرجال المفقودين لـ هيومن رايتس ووتش، وقال إن الحكومة فتحت تحقيقات لتحديد مكانهم.

في 4 يونيو/حزيران 2016، ردا على مزاعم الانتهاكات، بدأ رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي تحقيقا في الانتهاكات في الفلوجة وأصدر أوامر باعتقال المسؤولين عن "التجاوزات" ضد المدنيين. في 7 يونيو/حزيران، أعلن العبادي عن "إيقاف وإحالة المتهمين بارتكاب تجاوزات الى القضاء لينالوا جزاءهم وفق القانون". وجّهت هيومن رايتس ووتش أسئلة حول تشكيل لجنة التحقيق وسلطتها، وعلاقتها بالسلطة القضائية إلى خمس مؤسسات حكومية عراقية بالإضافة إلى قسم حقوق الإنسان في "بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق". قال عضو في لجنة حقوق الإنسان البرلمانية لـ هيومن رايتس ووتش إن اللجنة بدأت تحقيقاتها الخاصة وكانت على اتصال مع التحقيق الذي أجراه مكتب رئيس الوزراء، والذي ظل سريا. لم يستجب المسؤولون الآخرون لطلبات التعليق المتعددة. تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى عضو لجنة التحقيق التابعة لرئيس الوزراء في أوائل 2017، وقال إنه بسبب حساسية نتائجهم، لن يُصدروا أي منها.

في ديسمبر/كانون الأول 2019، أعلنت السلطات العراقية اكتشاف أكثر من 500 جثة في مقبرة جماعية على تخوم الفلوجة. تكهّنت العائلات بأن هذه كانت رفات رجال المحامدة المختفين. على حد علم هيومن رايتس ووتش، لم تخرج السلطات بعد جثثا من الموقع، أو تؤكد لعائلات المختفين أن هذا هو مكان جثث أقاربهم.

اختفاء المشتبه بانتمائهم إلى داعش

في مارس/آذار 2017، أفادت هيومن رايتس ووتش أن وزارة الداخلية العراقية تحتجز 1,269 على الأقل، بينهم صِبية لا تتجاوز أعمارهم 13 عاما، بدون تهمة في ظروف رهيبة في ثلاثة سجون مستحدثة، ولديهم إمكانية محدودة للحصول على الرعاية الطبية. يقع اثنان من هذه السجون في بلدة القيارة، على بعد 60 كيلومتر جنوب الموصل، والثالث في مركز شرطة محلي في حمام العليل، على بعد 30 كيلومتر جنوب الموصل.

قال وزير العدل حيدر الزاملي، الذي اجتمع مع هيومن رايتس ووتش في 2 فبراير/شباط 2017، إن معتقلي القيّارة لم يُسمح لهم بالاتصال بأسرهم، وإن المعتقلين المحتجزين بتهم تتعلق بالإرهاب ليس لهم الحق بموجب قانون مكافحة الإرهاب (القانون رقم 13/2005) بالتواصل مع أسرهم خلال فترة التحقيق. منذ 2016، قالت مئات العائلات في البلدات ومخيمات النازحين في العراق لـ هيومن رايتس ووتش إن أقاربهم محتجزون بتهم الانتماء إلى داعش، وبعد ذلك لم يتمكنوا من الحصول على أي معلومات حول مكانهم.

في فبراير/شباط 2017، أفادت هيومن رايتس ووتش بأن مجموعات داخل الجيش العراقي تقوم بالتدقيق واحتجاز الرجال الفارين من الموصل في مركز احتجاز سري وتقطع اتصالهم بالعالم الخارجي. في 10 يناير/كانون الثاني 2017، قال جندي يعمل في موقع للتدقيق الأمني على بعد كيلومترين جنوب شرق الموصل، كان تحت سيطرة الجيش، لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان متمركزا هناك لعدة أسابيع وإن كل ليلة يأتي مقاتلو الحشد من المنطقة إلى الموقع ويأخذون مجموعات من الرجال، سواء كانوا أو لم يكونوا على قوائم السلطات الخاصة بـ "المطلوبين" للانتماء إلى داعش. أكد مقاتل من قوات الحشد الشعبي متمركز في الموقع لـ هيومن رايتس ووتش في يناير/كانون الثاني أن قواته تحتجز رجالا كل ليلة، لأنهم واثقون أن هؤلاء الرجال ينتمون إلى داعش. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد أي من الرجال أو عائلات الرجال المحتجزين في الموقع.

أطفال محتجزون في إقليم كردستان العراق

في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، قابلت هيومن رايتس ووتش 20 صبيا تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاما، اتهموا أو أدينوا بانتمائهم إلى داعش، في إصلاحية النساء والأطفال بأربيل، وثلاثة صبيان مفرج عنهم مؤخرا. الإصلاحية مركز احتجاز مغلق محاط بجدران عالية وأسلاك معدنية شائكة، وهو واحد من ثلاث منشآت تضم أطفالا في إقليم كردستان العراق. في وقت الزيارة، أفاد العاملون الإصلاحيون أنه تم احتجاز 63 طفلا بسبب جرائم تتعلق بالإرهاب، أدِين 43 شخصا منهم. كما قابلت هيومن رايتس ووتش عاملين، وأقارب بعض الأطفال، واثنين يبلغان من العمر 18 عاما تم اعتقالهم واحتجازهم أيضا.

قال جميع الصبية إنه لم يُسمح لهم بالتواصل مع أسرهم أثناء احتجازهم لدى قوات الأمن التابعة لحكومة إقليم كردستان، "الآسايش". بمجرد دخولهم الإصلاحية، سُمح للأطفال بزيارات عائلية قبل المحاكمة، لكن معظمهم قالوا إنهم حرموا من المكالمات الهاتفية حتى بعد صدور الحكم. بالنسبة إلى بعض المحتجزين، كان عدم القدرة على إجراء مكالمات هاتفية يعني أن عائلاتهم لم يكن لديها أدنى فكرة عن مكانهم. قال أحد الصبية إنه كان قد احتجز منذ عامين تقريبا دون الاتصال بأسرته. قال العاملون في الإصلاحية إن الآسايش يحددون ما إذا كان بإمكان المعتقلين استقبال الزيارات أو المكالمات الهاتفية.

كتبت هيومن رايتس ووتش إلى د. ديندار زيباري، رئيس لجنة التقييم والرد على التقارير الدولية، طالبة التعليق على النتائج الجديدة. رد زيباري في 18 ديسمبر/كانون الأول 2018 بأنه يتم إخطار العائلات إذا تم احتجاز طفل، وأنه يمكن للأطفال المحتجزين الاتصال بعائلاتهم بوجود عناصر من الآسايش، قوات الأمن التابعة لحكومة إقليم كردستان.

إخفاء المعتقلين في كركوك

عام 2017، أفادت هيومن رايتس ووتش عن أكثر من 350 معتقلا لدى حكومة إقليم كردستان في مدينة كركوك يُخشى أن يكونوا قد أُخفوا قسرا. كان المختفون بالغالب من العرب السنة الذين نزحوا إلى كركوك أو من سكان المدينة، واحتجزتهم الآسايش للاشتباه بانتمائهم إلى داعش بعد سيطرة قوات الإقليم على كركوك في يونيو/حزيران 2014. قال مسؤولون محليون لـ هيومن رايتس ووتش إن السجناء لم يكونوا في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية في كركوك وحولها عندما استعادت القوات الاتحادية العراقية سيطرتها على المنطقة في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2017.

في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، تظاهر العشرات في كركوك مطالبين بمعلومات عن أقاربهم الذين يُزعم أن قوات الآسايش قد احتجزتهم، ما دفع رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى إصدار بيان وجه فيه إلى إجراء تحقيق في حالات الاختفاء. في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، في أعقاب المظاهرة، أُفيد بأنّ آزاد جباري، الرئيس السابق للجنة الأمنية في مجلس محافظة كركوك، نفى أن تكون قوات الآسايش قد أخفت أحدا، وألقى باللوم على القوات الأمريكية، حيث قال إن معظم المختفين تعود ملفاتهم إلى 2003 لغاية 2011 ولم تكن حديثة.

لكن، قال محافظ كركوك بالوكالة راكان سعيد، وأحد قادة الشرطة في كركوك لـ هيومن رايتس ووتش إنه بعد المظاهرات بأيام عدّة، سلمت قوات الآسايش إلى القوات الاتحادية العراقية في كركوك 105 محتجزين آخرين اعتُقلوا أولا في كركوك ونُقلوا بعد ذلك إلى مرافق في السليمانية. قال سعيد إن مكتب رئيس الوزراء العراقي أرسل وفدا للتحقيق. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الوصول إلى أعضاء الوفد بشأن النتائج التي توصلوا إليها.

في 12 ديسمبر/كانون الأول، قال أحد أعضاء "المفوضية العليا لحقوق الإنسان" العراقية في كركوك لـ هيومن رايتس ووتش إنّ العائلات قدمت شكاوى إلى اللجنة ضد سلطات حكومة إقليم كردستان بشأن اختفاء 350 رجلا آخرين على الأقل زُعم أن الآسايش احتجزتهم في کرکوك وحولھا.

في 12 نوفمبر/تشرين الثاني و17 ديسمبر/كانون الأول، قابلت هيومن رايتس ووتش 26 شخصا قالوا إنهم شاهدوا قوات الآسايش تلقي القبض على 27 من أقاربهم، جميعهم من العرب السنة، بين أغسطس/آب 2015 وأكتوبر/تشرين الأول 2017 في كركوك أو جنوب المدينة. قال الشهود إنهم لم يتمكنوا من التواصل مع أقاربهم منذ اعتقالهم، ولم يتلقوا أي معلومات رسمية عن وضعهم ومكانهم، وأعربوا عن قلقهم بشأن مكانهم لأن المسؤولين العراقيين لم يتمكنوا من العثور عليهم.

 في جميع الحالات الـ 27 التي تمت مناقشتها مع هيومن رايتس ووتش، قال أقارب إنهم سألوا قوات الآسايش أو الشرطة المحلية عن أقاربهم، ولكنهم لم يتلقوا اعترافا رسميا بالاحتجاز أو معلومات عن مكان احتجاز أقاربهم أو سبب ذلك. في بعض الحالات، قال أفراد العائلة إنهم استطاعوا الحصول علی معلومات من قنوات غیر رسمیة تشیر إلی أن أقاربھم کانوا محتجزین من قبل الآسایش في أجزاء أخرى من إقلیم کردستان.

قال أقارب أربعة من المخفيين لـ هيومن رايتس ووتش إنه خلال ديسمبر/كانون الأول 2017، تواصل معهم معتقلون أفرج عنهم حديثا من قاعدة السلام العسكرية لقوات "البشمركة" العسكرية التابعة لحكومة إقليم كردستان في السليمانية، حيث تدير قوات الآسايش عددا من مرافق الاحتجاز غير الرسمية، وأخبروهم أنهم كانوا محتجزين في نفس الزنزانة مع أقاربهم.

إخفاءات مرتبطة بمظاهرات أكتوبر/تشرين الأول 2019 – مارس/آذار 2020

اندلعت المظاهرات في بغداد ومدن أخرى في وسط العراق وجنوبه في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2019، وكانت قوات الأمن تعتقل المتظاهرين في الشوارع. أُفيد عن اختفاء سبعة أشخاص على الأقل، بينهم صبي عمره 16 عاما، فُقدوا من ساحة التحرير أو بالقرب منها منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول أثناء مشاركتهم في المظاهرات المستمرة في العاصمة العراقية. كان ما يزال أربعة مفقودين حتى 2 ديسمبر/كانون الأول. قالت عائلاتهم إنها زارت مراكز الشرطة والمقرات الحكومية طلبا للمعلومات من دون جدوى، وإن الحكومة لم تتخذ إجراءات ملموسة لمعرفة مواقع أقاربهم. ليس واضحا إن كانت قوات الأمن الحكومية أو الجماعات المسلحة نفذّت الاعتقالات.

في تسع حالات أخرى، قالت عائلات وأصدقاء ومحامو المختطَفين أو المحتجَزين خلال أو بعد مشاركتهم في المظاهرات في بغداد وكربلاء والناصرية لـ هيومن رايتس ووتش إنّ أقاربهم اعتُقلوا في المظاهرات واختفوا، لكنهم كانوا شديدي الخوف أو القلق من عواقب تقديم التفاصيل بشأن أقاربهم المحتجزين.

أفادت هيومن رايتس ووتش عن اختطاف صبا فرحان حميد (36 عاما) في 2 نوفمبر/تشرين الثاني بينما كانت في طريقها إلى المنزل لتوفير الغذاء والماء ومواد الإسعافات الأولية للمتظاهرين في ساحة التحرير. قالت عائلة حميد إنها بقيت معصوبة العينين طوال فترة اختطافها، وأُطلق سراحها بتاريخ 13 نوفمبر/تشرين الثاني، لكنها لم تستطع تقديم تفاصيل أخرى. كما وثقت هيومن رايتس ووتش اختطاف ميثم الحلو، أحد سكان بغداد، في 7 أكتوبر/تشرين الأول خلال الموجة الأولى من المظاهرات. أُطلق سراحه في 24 أكتوبر/تشرين الأول ولم يتمكن من تقديم أي تفاصيل حول اختطافه.

قال شقيق عمر كاظم كاظع في 26 نوفمبر/تشرين الثاني إن كاظع كان يعيش في ساحة التحرير منذ بدء الموجة الثانية من المظاهرات في 25 أكتوبر/تشرين الأول. قال إن كاظع عاد إلى منزله في 20 نوفمبر/تشرين الثاني ليستحم. ثم غادر ولم تستطع العائلة أن تتصل به أو تعثر عليه منذئذ. قال شقيقه إنه في 25 نوفمبر/تشرين الثاني، اشتغل هاتفه مرة أخرى، إذ ظهرت لديه فجأة أن رسائله لأخيه قُرئت، لكنهم اتصلوا مرات عدّة من دون تلقّي رد. قال إن شقيق كاظع الأكبر قدم طلبا للبحث عن مفقود في مركز شرطة محلي في بغداد، لكنهم أبدوا اهتماما ضئيلا، وإلى حدّ علمه، لم يحققوا بالطلب. أطلق سراح كاظع في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة الاتحادية كانت قد اعتقلته عند نقطة تفتيش وهو في طريقه إلى المظاهرات في 20 نوفمبر/تشرين الثاني ومَثل، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، أمام قاضٍ أخبره أن لا اتهامات ضدّه.

قال رجل في بغداد بتاريخ 22 أكتوبر/تشرين الأول إنه تحدث آخر مرة إلى أخيه عباس ياسين كاظم عبر الهاتف يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول الساعة 5 مساء، وإن أخيه كان في مظاهرة في ساحة التحرير يومها. عندما حاول الأخ الاتصال بكاظم الساعة 8 مساء، كان الهاتف مغلقا. قصد الشقيق أربعة مراكز للشرطة، وطلب المعلومات دون نتيجة. لم تقدم الشرطة المساعدة للعثور على كاظم، الذي كان ما يزال مفقودا حتى ديسمبر/كانون الأول 2019.

قال رجل آخر إن قريبه، سيف محسن عبد الحميد، كان قد جاء إلى بغداد بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين الأول للتظاهر وكان ينام في خيمة مع أصدقائه في ساحة التحرير. قال إنه تحدث إلى عبد الحميد الظهر تقريبا يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول. أخبره عبد الحميد إنه كان على جسر الجمهورية، الخط الأمامي للمظاهرات، ولكن بعدها أُغلق هاتفه. قال الرجل إنّه قصد مراكز الشرطة والمكاتب الحكومية لكنه لم يحصل على أي معلومات، وقالت الشرطة إنها لا تملك ما يكفي من المعلومات لمتابعة القضية. كان عبد الحميد ما يزال مفقودا حتى ديسمبر/كانون الأول 2019.

قالت قريبة لماري محمد حرج، وهي امرأة من بغداد، في 13 نوفمبر/تشرين الثاني، إن حرج نشرت بتاريخ 29 أكتوبر/تشرين الأول فيديو لها على "فيسبوك" تنتقد فيه رئيس الوزراء وتدعم المتظاهرين. قالت قريبتها إن الفيديو انتشر بشكل واسع، فبدأ مستخدمو فيسبوك، الذين لا تعرفهم العائلة، باتهام حرج بعلاقاتها بالسعودية وتهديدها بالقتل. قالت قريبة حرج إنها تحدثت إليها، وكانت في ساحة التحرير، المرّة الأخيرة في الساعة 5 مساء يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني، ولكن عندما عاودت الاتصال بها الساعة 9 مساء، كان هاتفها مغلقا. قالت إن والد حرج وعمها ذهبا إلى مركزَي شرطة في بغداد، لكنهما لم يحصلا على أي معلومات. طلبا من الشرطة استخراج بيانات برج الهاتف الخليوي للمساعدة في معرفة مكانها وتقديم بلاغ عن مفقود، لكنهما يعتقدان أن الشرطة لم تحقق في الأمر. أُطلق سراح حرج بتاريخ 12 نوفمبر/تشرين الثاني، لكنها لم تُدلِ لـ هيومن رايتس ووتش بتفاصيل اختطافها.

قالت شقيقة مصطفى منذر علي، الذي كان يساعد في ساحة التحرير يوميا كمسعف عند الحاجة، من 1 أكتوبر/تشرين الأول إنه توقف عن الرد على مكالماتها الساعة 3 صبيحة 15 نوفمبر/تشرين الثاني. قالت إنها ذهبت إلى ساحة التحرير في وقت لاحق من صباح ذلك اليوم ولم تجده، كما لم تعثر عليه في مراكز الشرطة أو أي قوائم سجناء راجعتها. قالت إنها لا تعرف كيف تقدم بلاغا عن مفقود وإن الشرطة لم تساعدها. تمكّن علي من الاتصال بأسرته بتاريخ 17 نوفمبر/تشرين الثاني، كما قال والده، الذي تمكن من زيارته يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني في معتقل في المثنى، وهي قاعدة عسكرية قديمة في بغداد تضم الآن مراكز احتجاز تابعة لمختلف الأجهزة الأمنية الحكومية.

أخبر علي والده أنه في منتصف ليلة 14 نوفمبر/تشرين الثاني، سحبه رجل يرتدي ملابس مدنية من المظاهرة نحو مجموعة من العناصر الذين قبضوا عليه واقتادوه إلى مقر قيادة عمليات بغداد، وضربوه. قال علي إنه بتاريخ 16 نوفمبر/تشرين الثاني، عرضه العناصر على قاضٍ، أخبره أنه لم يتم توجيه تهم إليه، لكن القاضي لم يستطع الإفراج عنه حتى "تستقيل الحكومة أو تنتهي المظاهرات". قال الأب إن علي أكد أن محتجين آخرين يقبعون في المثنى. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التحقق من روايته مباشرة.

قال ابن عم سنان عادل إبراهيم في 25 نوفمبر/تشرين الثاني إنه تحدث يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني مع إبراهيم، الذي كان في ساحة التحرير. اتصل بإبراهيم مرة أخرى الساعة 2 صباح 22 نوفمبر/تشرين الثاني ليجد هاتفه مغلقا. خشيت الأسرة من شرح الخطوات التي اتبعتها لتأمين الإفراج عنه. 

قال والد حسن أحمد حاتم (16 عاما) إن ابنه ذهب إلى ساحة التحرير في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، ولم تستطع أسرته الاتصال به أو العثور عليه منذئذ. ذهب والده إلى ثلاثة مراكز للشرطة لكنه لم يحصل على أي معلومات ولم يعرض أي من المراكز عليه تقديم طلب للبحث عن مفقود أو أي مساعدة أخرى. كان حاتم لا يزال مفقودا حتى ديسمبر/كانون الأول 2019

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.