Skip to main content

القيود المفروضة على اللاجئين في لبنان قد تؤذي صحة الجميع

المخاوف تُعيق التصريح عن الإصابة بفيروس "كورونا"

نُشر في: Executive Magazine
لاجئون سوريون في مبنى قيد الإنشاء يستخدمونه كمأوى في مدينة في جنوب لبنان، في 17 مارس/آذار، بعد أن حثّت السلطات اللبنانية الناس على البقاء في منازلهم لمدة أسبوعين لتفادي تفشي فيروس كورونا. © محمود زيات/وكالة فرانس برس عبر غيتي إيمدجز

كشفت استجابة الحكومة لانتشار فيروس "كورونا" العوائق الإضافية التي تعترض حصول اللاجئين والمهاجرين في كافة أرجاء العالم على الرعاية الصحية. لكن التمييز ضد غير المواطنين، المهمشين أصلا، لا يؤدي فقط إلى تراجع قدرتهم على تجنب العدوى أو النجاة منها، لكنه أيضا يؤثر سلبا على صحة المجتمع ككل.

هذا هو الحال بلا شك في لبنان، الذي يستضيف حوالي مليون ونصف مليون لاجئ – ربع عدد سكانه تقريبا. عانى اللاجئون الفلسطينيون والسوريون على حد سواء من تمييز وتهميش طويلي الأمد نتيجة السياسات اللبنانية التي تحرمهم الحصول على الحقوق الأساسية، ومن ضمنها السكن والعمل والتعليم والرعاية الصحية. انتشار مرض فيروس كورونا في لبنان أدى إلى زيادة تهميش المجموعتين. فرضت عدة بلديات قيودا تمييزية وغير مبررة على الحركة وحظر تجوّل على اللاجئين السوريين، والتي لا تشمل السكان اللبنانيين وذلك في إطار من محاولتها مكافحة فيروس كورونا. أجج سياسيون لبنانيون المشاعر المعادية للاجئين بإيحائهم أن اللاجئين السوريين والفلسطينيين سيكونون مسؤولين عن انتشار الفيروس.

مع ذلك، خطة الاستجابة الوطنية التي وضعتها الحكومة اللبنانية لمواجهة فيروس كورونا تعتمد على التبليغ الذاتي. يُنصَح الأشخاص بالاتصال بالخط الساخن التابع لوزارة الصحة للمشورة حول إجراء الفحص والعلاج. "مفوّضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" (المفوضية)، المسؤولة عن اللاجئين السوريين، و"وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى" (الأونروا)، المسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين، قالتا إنهما ستغطيان تكاليف الاختبار والعلاج للاجئين فقط في حال اتصل اللاجئ أولا بالخط الساخن واتبع الإرشادات.

بينما من المسّلم به على نطاق واسع أن الفحص ورصد الاحتكاك أساسيان لمواجهة هذا الفيروس، ترتكز خطة الاستجابة في لبنان على افتراض أن الشخص الذي يعاني من أعراض تشبه أعراض فيروس كورونا سيكون مرتاحا كفاية لفكرة الاتصال بخدمة تديرها الحكومة، والتنقل لإجراء الفحص وتلقي العلاج، وربما مشاركة معلومات حول مكان إقامته ومع من يعيش والأماكن التي سافر إليها ومكان عمله.

إلّا أنّ لاجئين سوريين أخبروا "هيومن رايتس ووتش" ووكالات إغاثة عن خوفهم من التعرض لمزيد من التمييز والوصم إذا أصيبوا بفيروس كورونا. بعض اللاجئين السوريين أعربوا عن خوفهم من الترحيل إذا ظهرت عليهم أعراض الإصابة بالفيروس. أضافوا أن هذه المخاوف تمنعهم من طلب الرعاية الصحية حتى لو كان لديهم أعراض.

المقابلات التي أجريناها مع اللاجئين السوريين أظهرت تقاعس الحكومة عن تزويدهم بمعلومات مُحدثة ودقيقة عن الفيروس وخدمات الرعاية الصحية المتوفرة لهم – وهي من الالتزامات الحقوقية للحكومة اللبنانية. بعد أكثر من شهر على تفشي فيروس كورونا في لبنان، قال معظم اللاجئين السوريين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنهم لا يعرفوا ماذا عليهم فعله في حال شعروا بالأعراض، كما يجهلون وجود الخط الساخن لوزارة الصحة. ذكرت المنظمات الإنسانية نتائج مشابهة.

في الوقت الذي تزداد فيه الحاجة للثقة، تمارس السلطات اللبنانية أعمالها كالمعتاد وتُقِرّ السياسات التي لا تُخفف عدم ثقة مجموعات اللاجئين فيها. فقدان الثقة هذا قد يقوّض الجهود للسيطرة على المرض ومنع انتشاره. ينبغي للسياسات اللبنانية ضمان حصول اللاجئين على الرعاية الصحية، بما يشمل إجراء فحص فيروس كورونا وتلقي العلاج. في الوقت نفسه، ينبغي للحكومة إطلاق حملة إعلامية لتزويد اللاجئين بكل الحقائق التي يحتاجونها لحماية أنفسهم من العدوى وطلب الرعاية الصحية في الوقت المناسب. على السلطات أيضا طمأنتهم مسبقا بأنهم لن يواجهوا أي عقاب أو وصم في حال طلبوا الحصول على فحص فيروس كورونا وتلقي العلاج منه.

على المجتمع الدولي التدخل أيضا. لدى لبنان أعلى عدد من اللاجئين بالنسبة إلى عدد السكان في العالم. رغم أن هذا لا يشكل تبريرا مقبولا للتدابير التمييزية والتعسفية التي تُهمّش اللاجئين أو تُعرّض صحتهم للخطر، ينبغي للمجتمع الدولي المساعدة على تحمل هذا العبء.

عانت الأونروا من عدة تخفيضات في التمويل، بما في ذلك عندما قطعت الولايات المتحدة، أكبر مانحيها، تمويلها بالكامل، وهي اليوم تعمل بعجز يتخطى 120 مليون دولار أمريكي. في 2019، بلغت نسبة تمويل "خطة الاستجابة للأزمة في لبنان" 55% فقط. ربما تمكنت بعض الدول من وقف تدفق اللاجئين عبر بعض الحدود، أحيانا باتباع أساليب جائرة، لكنها لا تستطيع فعل الأمر نفسه مع الفيروس.

على لبنان والجهات الدولية المانحة بذل جهودا أفضل لمساعدة اللاجئين في تطوير قدرتهم على الصمود عبر إنهاء الممارسات التمييزية وضمان قدرتهم على الحصول على الرعاية الصحية والسكن المناسب. ينبغي ألا يتطلب الأمر وباء عالميا لكي تفعل ذلك، لكن مع إعلان أول حالة إصابة بفيروس كورونا في مخيم للاجئين في البقاع في 21 أبريل/نيسان، قد تُدرك السطات قريبا أنها لا تملك خيارا آخر.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.