Skip to main content

"لجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان": جلسة إحاطة حول المدافعات حقوق المرأة في السعودية

 

ملاحظات سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، "هيومن رايتس ووتش"

في البداية أود أن أشكر "لجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان" (لجنة لانتوس) لتنظيمها جلسة الإحاطة هذه حول المدافعين عن حقوق المرأة في السعودية.

مر عام تقريبا على احتجاز الحكومة السعودية حوالي 15 مدافعا عن حقوق المرأة مباشرة قبل رفعها الحظر على قيادة النساء للسيارات في يونيو/حزيران 2018.  ما كان ينبغي الإشادة به كتدبير إصلاحي مهم لمعالجة الإخضاع والتمييز المنصوص عليهما قانونا ضد النساء في السعودية، والتي هي بلا شك الأكثر تطرفا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، شكّل إعلانا جديدا لاستبداد الحكومة: قادة السعودية غير المنتخبين هم وحدهم من يقررون ما هي التغييرات الواجبة في المملكة، وإنزال أقصى العقوبات بحق أي مواطن تجرأ على الدعوة لتلك التغييرات ذاتها. بالتالي، يجب أن يُنظر إلى اعتقال الرجال والنساء الذين دعوا لسنوات عديدة لرفع الحظر المفروض على قيادة النساء وإلى إنهاء نظام "الولاية" البالي على النساء والسماح لهن بالتصويت في انتخابات المجالس البلدية عديمة التأثير - وهي كلها أمور قامت بها الحكومة الآن أو قالت إنها ستقوم بها - على أنه ضمن سياق المَلَكية المطلقة التي لا يوجد بالنسبة إليها أمر أكثر تهديدا من الأصوات الحرة الداعية إلى الإصلاح لمواطنيها.

لم يبدأ اعتقال المدافعين عن حقوق المرأة السعودية واضطهادهم في عهد الملك سلمان الحالي ونجله الأمير محمد بن سلمان، الحاكم بحكم الأمر الواقع، وستسمعون المزيد مثل الاعتقال المستمر لـرائف بدوي منذ 2012 في عهد الملك السابق. لكنها تزايدت وبلغت درجة من الضخامة والوحشية لم نوثقها قَط في المملكة.

أريد بداية أن أذكر أسماء الناشطات المحتجزات في هذه الاعتقالات الجماعية لأن ذكر أسمائهن في جلسة إحاطة  في الكونغرس يمثل إعلانا من جانبنا بأننا سنكافح ضد اضطهادهن الظالم وسنتضامن معهن: لجين الهذلول، عزيزة اليوسف، إيمان النفجان، نوف عبد العزيز، مياء الزهراني، هتون الفاسي، سمر بدوي، أخت رائف بدوي ولا تزال محتجزة بلا أي تهمة، نسيمة السادة، شادن العنيزي، وأمل الحربي. ذكرت جماعات حقوقية أخرى أسماء سجينات أخريات مثل عبير نمنكاني ونوف الدوسري. ثمّة رجال سجناء أيضا كالمحامي إبراهيم المديميغ والناشط محمد الربيع ورجل الأعمال عبد العزيز المشعل. هم من أنبغ الرجال والنساء في السعودية، تحلوا بالشجاعة وناضلوا من أجل القيم التي نعتز بها عالميا، لصالح جميع مواطنيهم.

وثقنا ادعاءات خطيرة للغاية حول تعذيب شديد لعدة ناشطات، مثل الضرب والجَلد والصدمات الكهربائية؛ حاولت إحداهن الانتحار نتيجةً لذلك. لجين الهذلول، التي كرّمتها مجلة "تايم" مؤخرا كواحدة من أكثر 100 شخصية تأثيرا في العالم، وصفت لعائلتها عندما زارتها كيف تعرضت للضرب، والإغراق بالمياه، والصعق بالصدمات الكهربائية، والمضايقة الجنسية، والتهديد بالاغتصاب والقتل. وصفتُ لجين في مقالتي عنها لمجلة التايم كـ "نموذج للمرأة السعودية" لنضالها الشجاع من أجل حقوق المرأة والذي دفعت ثمنه غاليا.

علينا أن نذكر هنا أن ثمة امرأتين ذكرتا أن سعود القحطاني أشرف على تعذيبهما. ولمن لا يتذكر الاسم، دعوني أذكركم بأن السيد القحطاني سيئ الصيت كان على ما يبدو الذراع الباطشة لولي العهد، فضلا عن تورطه في الإشراف على خطف جمال خاشقجي وقتله وتقطيعه العام الماضي، ومراقبة نشطاء سعوديين عديدين يعيشون في الخارج وتهديدهم. يبدو أنه لا يزال يتجول حرا في المملكة بلا أي مساءلة.

قد لا تفاجئكم تبرئة الحكومة السعودية نفسها من مسؤولية تعذيب النساء المحتجزات عبر "تحقيقَين"؛ واحد للجنة حقوق الإنسان التي تسيطر عليها الحكومة والآخر للنائب العام، الذي يرفع تقاريره مباشرة إلى الديوان الملكي. أكد المتحدث باسم النيابة العامة هذا في 1 مارس/آذار عندما ذكر لوسائل إعلام محلية عدم وجود أدلة تدعم التحقيقات في مزاعم التعذيب.

شنّت وسائل الإعلام الموالية للحكومة أيضا حملة مقلقة ضد أولئك النشطاء، واصفة إياهم "بالخونة"، رغم أن قائمة التهم الموجهة ضدهم تتضمن مزاعم سخيفة مثل "التقدم لوظيفة في الأمم المتحدة" والتحدث إلى وسائل إعلام ومنظمات حقوقية أجنبية. هذه هي الأدلة التي قُدمت على قيام النشطاء بما وصفه النائب العام "بأنشطة منسقة ومنظمة ... تهدف إلى تقويض أمن المملكة واستقرارها ووحدتها الوطنية".  على عكس تصريحات ولي العهد، تبدو التهم الموجهة ضد النشطاء متصلة كلها تقريبا بعملهم الحقوقي السلمي. أفرجت الحكومة مؤقتا عن بعض النساء مع استمرار محاكمتهن، لكن لا زالت 3 نساء محتجزات، و2 محتجزتان بلا تهمة المحكمة التي نظرت في القضايا المركزية ضد معظم النشطاء، أجلّت أحكامها في 17 أبريل/نيسان وفي 24 نيسان/أبريل؛ نتوقع صدور الأحكام النهائية في حزيران/يونيو بعد رمضان.

لدى الكونغرس عدة نصوص تشريعية تقترح تدابير مساءلة مهمة، منها فرض عقوبات محددة على المسؤولين الحكوميين السعوديين المتواطئين في مقتل جمال خاشقجي، وكذلك جرائم الحرب والانتهاكات الخطيرة الأخرى لقوانين الحرب في اليمن. يمكن للكونغرس، بل وحتى عليه، أن يتأكد من أن يتضمن أي مشروع قانون يتحول إلى قانون، المساءلة عن اضطهاد نشطاء حقوق المرأة. هناك مشروع قانون يُدعى "قانون حقوق الإنسان والمساءلة في السعودية" (HR 2037)، قدمه النائب توم مالينوفسكي، زميلي السابق وحاليا عضو الكونغرس عن الدائرة السابعة في نيوجيرسي، يتناول موضوع اضطهاد المرأة، ويستحق الدعم. ويبقى السؤال هنا إن كان سيتم تطبيق هذه القوانين في ضوء المناخ السياسي الحالي والذي أوضح فيها رئيسنا مليا أنه يعطي الأولوية للمكاسب الاقتصادية من مبيعات الأسلحة على حساب أي انتهاك يرتكبه قادة المملكة بغض النظر عن بشاعته. لكن ذلك ليس سببا لكي يمتنع الكونغرس عن التحرك.

وما لا يقل أهمية هو أن تدرك السلطة التنفيذية - وتحديدا البيت الأبيض - أن كلماتها وبياناتها التي تؤكد للمملكة أنه لن يكون هناك فعليا عواقب لانتهاكاتها وأن الإدارة ستقف في الواقع إلى جانبها بغض النظر عن تصرفاتها الفاسدة والسادية، تؤدي دورا هاما في تشجيع استمرار الانتهاكات. أقل ما يمكن لإدارة ترامب فعله هو إيقاف التباهي بتأييد الأفعال المشينة، إذا لم تستطع التباهي بتأييد الفضيلة. نسمع تأكيدات مفادها بأنهم أخبروا السعوديين في القاعات المغلقة بأن عليهم إطلاق سراح هؤلاء النشطاء ولو كان ذلك لمجرد الضرر الذي لا تزال تصرفاتهم تُلحقه بسمعتهم وتقوّض باقي بنود جدول أعمالهم في المنطقة؛ من الواضح أن السعوديين لا يستمعون. في حال لم يكن هناك أمر آخر، ينبغي لهذه الإدارة قبل أي شيء آخر أن تدرك إلى أي مدى لا تزال الحكومة السعودية متهورة وغير موثوقة وغير استراتيجية، وأنها غير قادرة على الامتناع عن ارتكاب حتى أكثر الهجمات تسببا بالأذى لها وغير ضرورية. من دون عواقب، يمكننا أن نتوقع ارتكاب الحكومة السعودية انتهاكات متمادية وبغيضة أخرى.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة