Skip to main content

تقرير مشترك بين "هيومن رايتس ووتش"، و "مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي"، و"المساواة الآن" إلى لجنة "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)" حول دولة فلسطين، الدورة السبعون

يونيو/حزيران 2018

يأتي هذا التقرير قبل انعقاد الدورة السبعين للجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، ومراجعتها لالتزام دولة فلسطين باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو). يتطرق هذا التقرير إلى المواد 1 و2 و3 و5 و7 و10 و12 و15 و16 من الاتفاقية.

يستند هذا التقرير إلى المعلومات الواردة في منشورات "هيومن رايتس ووتش" و "مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي"، ومُقابلات مُباشرة مع نساء مُتضررات، ومُنظمات حقوق الإنسان، وخُبراء آخرين.[1]

  1. مُقدمة

انضمت فلسطين إلى سيداو في أبريل/نيسان 2014 من دون تحفظات أو تصريحات، وهي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي قامت بذلك. دعت مُنظمات حقوق المرأة السلطة الفلسطينية إلى نشر اتفاقية سيداو في جريدتها الرسمية، مما سيجعلها مُلزمة كقانون محلي. لم تُصادق دولة فلسطين على البروتوكول الاختياري لاتفاقية سيداو، والذي يُعتبر آلية مُهمة للمُساءلة.

هذه المراجعة الأولى لدولة فلسطين من قبل هيئات مُعاهدات حقوق الإنسان التابعة للأمم المُتحدة. بالتالي، نحث اللجنة على أن تُوضح بأن اتفاقية سيداو، بعد التصديق، ستُطبق في جميع أراضي دولة فلسطين. كما نحث اللجنة خلال مراجعتها أن تأخذ بعين الاعتبار الواقع الحالي للسلطة الحكومية على هذه الأراضي، بما في ذلك السلطة الفلسطينية، وحماس في غزة، وإسرائيل كقُوة مُحتلة، وأن تطبّق الاتفاقية بطريقة تعزّز حماية حقوق المرأة في جميع أنحاء دولة فلسطين. لدواعي هذا التقرير في تقييم امتثال دولة فلسطين لالتزاماتها بموجب الاتفاقية، راجعنا سجل السلطة الفلسطينية في أجزاء من الضفة الغربية الواقعة تحت سيطرتها، وحكومة الأمر الواقع التي تقودها حماس في غزة.

في عام 1995، قسمت اتفاقات أوسلو بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية الضفة الغربية (باستثناء القدس الشرقية) إلى 3 مناطق إدارية – أ، ب، ج. تسيطر السلطة الفلسطينية مدنيا وإداريا على المنطقة أ، ومدنيا على المنطقة ب. يحتفظ الجيش الإسرائيلي بالسيطرة الحصرية على المنطقة ج، التي تُشكل حوالي 60 بالمئة من الضفة الغربية. تُطبق إسرائيل القانون المدني الإسرائيلي في القدس الشرقية، رغم أنّ هذه الأخيرة تظل مُحتلة بموجب القانون الدولي. في عام 2005، انسحبت إسرائيل أحاديا من قطاع غزة. مع ذلك، لا تزال تُسيطر على حدود غزة، ومجالها الجوي، وبحرها، وتستطيع الوصول إلى الموارد، والإمدادات الطبية، والغذاء، والمياه، والكهرباء. بالتالي، فعلياً، تسيطر إسرائيل على غزة.

نحث اللجنة على النظر بعناية في الأثر الشديد للاحتلال الإسرائيلي المُستمر للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967، بما في ذلك الضم غير الشرعي للقدس الشرقية، والحصار المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007. تقوّض الانتهاكات المنهجية الناجمة عن 51 عاما من الاحتلال الإسرائيلي حقوق المرأة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة بشكل جوهري.[2] أشارت المُقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة في تقريرها لعام 2017 إلى أن "الاحتلال عقبة حقيقية أمام التزام الدولة [الفلسطينية] بالحرص على منع العنف ضد المرأة في المناطق التي لا تتمتع فيها بالصلاحيات الكاملة، بسبب خُضوع هذه المناطق لسيطرة مُختلفة وبسبب الانقسام السياسي بين سلطة الأمر الواقع في غزة وحكومة دولة فلسطين".[3]

تشمل القوانين في الضفة الغربية وغزة مجموعة من القوانين المُوحدة التي أصدرها المجلس التشريعي الفلسطيني وصادق عليها الرئيس. في غياب قانون مُوحد، تُطبّق القوانين الأردنية والمصرية القائمة وقوانين الانتداب البريطاني السابقة. يُطبّق كل من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 وقانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 16 لسنة 1976 في الضفة الغربية في حين يسري قانون العقوبات رقم 74 لسنة 1936 الصادر في عهد الانتداب البريطاني وقانون حقوق الأسرة المصري رقم 303 لسنة 1954 في غزة. تنطبق مجموعة قوانين مُنفصلة ومنظمة للأسرة على المسيحيين، بحسب الطائفة التي ينتمون إليها.

بما أن المجلس التشريعي الفلسطيني لم ينعقد منذ عام 2006، أصدر الرئيس الفلسطيني مراسيم رئاسية وفقا للمادة 43 من القانون الأساسي بانتظار أن يجتمع المجلس التشريعي مرة أخرى ويستطيع مراجعة جميع هذه التشريعات. تضمنت بعض المراسيم الرئاسية تعديلات على قوانين غزة، لكن حماس، باعتبارها السلطة بحكم الأمر الواقع هناك، لم تُطبقها وأصدرت بدلا منها مراسيم مُنفصلة.

  1. التمييز في الزواج، والطلاق، والقرارات المُتعلقة بالأطفال (المواد 1 و 2 و 13 و 15 و 16 من اتفاقية سيداو)

تُميز قوانين الأحوال الشخصية في فلسطين، والتي بموجبها تنظر المحاكم الدينية في المسائل المُتعلقة بقانون الأسرة، ضد المرأة في مجموعة من المسائل. القانونان اللذان ينطبقان على المُسلمين هما قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (16) لسنة 1976 المعمول به في الضفة الغربية، وقانون حقوق الأسرة المصري رقم (303) لسنة 1954 المعمول به في غزة.

يُميز قانونا الأسرة الإسلاميَين ضد المرأة في الزواج، والطلاق، والقرارات المُتعلقة بالأطفال، والإرث. بموجبهما ، يُمكن للرجل أن يتزوج 4 نساء ، في حين لا يُمكن للمرأة أن تتزوج من دون إذن ولي الأمر. لا يمكن إلا للنساء اللواتي سبق لهن الزواج أو اللواتي حصلن على موافقة من المحكمة أن يتزوجن من دون إذن ولي الأمر.[4] كما تطالب القوانين الزوجات بطاعة أزواجهن - بما في ذلك عندما يُغير الأزواج محل الإقامة أو يمنعونهن من العمل – مُقابل تأمين الزوج الإعالة والإقامة.[5]

ينفرد الرجال بحق الطلاق، في حين يجب على النساء أن يطلبن من الأزواج طلاقهن مُقابل قدر مال (من خلال عملية تُعرف باسم الخُلع) أو تقديم طلب الطلاق إلى المحاكم لأسباب مُحددة.[6] على سبيل المثال، قد تسعى النساء للحصول على الطلاق على أساس "النزاع والشقاق" (قانون الأحوال الشخصية الأردني في الضفة الغربية) أو "الضرر" (قانون حقوق العائلة المصري في غزة).[7] مع ذلك، فإن هذا يتطلب أن يخضع الزوجان لعملية وساطة إجبارية، حيث تكون المُصالحة النتيجة المفضلة. في الضفة الغربية، حتى إن ادّعت الزوجة العنف الأسري، على المحكمة محاولة الصُلح، وإذا لم تُفلح هذه المُحاولات، تُحال المسألة إلى مُحكمين في مجلس المشورة الأسرية  الذين عليهم أيضا مُحاولة الصلح. إذا لم ينجح الصلح، فإن القاضي يوجه مُحكِما لمُراجعة القضية، حيث يُمكن التوصية بالطلاق. يُمكن أن يستغرق إتمام هذه العملية حوالي عام أو أكثر، ولكن يُمكن أن تكون أسرع حسب القاضي.

تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى عائشة (30 عاما)، التي غيرنا اسمها لأسباب أمنية، من نابلس، والتي طلبت الطلاق عام 2016 بعد سنوات من العنف الأسري المزعوم. في وقت المقابلة في أبريل/نيسان 2018، لم يكُن القاضي قد منحها الطلاق ، وحاول الصلح بينها وبين زوجها.[8]

كما تُواجه المرأة المسيحية التمييز في الطلاق بموجب أحكام قانون الأسرة لدى مختلف الطوائف المسيحية في فلسطين التي لديها محاكم مستقلّة عن بعضها. تسمح الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية بالطلاق، لكنها تطلب من المرأة المثول أمام محكمتها في القدس، ويمكن أن يستغرق الأمر 3 إلى 4 سنوات، ما لا تستطيع معظم النساء تحمله. لا تملك النساء من الطوائف المسيحية الأخرى خيارا آخر سوى الانفصال المُؤقت أو الدائم. قد تسعى المرأة المسيحية إلى إلغاء الزواج في ظل ظروف محدودة، إلا أن هذا الإجراء في الواقع طويل الأمد ومُكلف.

ينص قانون الطفل الفلسطيني الصادر عام 2004 على أنه يُفترض بالدولة، بما في ذلك المحاكم، الحرص على مصلحة الطفل الفضلى في جميع الإجراءات.[9] لكن قوانين الأحوال الشخصية الإسلامية لا تركّز على المصلحة الفضلى للطفل عند تحديد أي من الوالدين يملك حق الحضانة وأي حقوق وصاية يتمتع بها كل من الوالدين. تُميز مثل هذه القرارات أيضا ضد المرأة.

في حالات الطلاق، تُمنح الأمهات حضانة الأطفال حتى يبلغوا سنا مُعينا وتعود الحضانة إلى الأب، ما لم يُمددها القاضي لمصلحة الطفل. في الضفة الغربية، تحتفظ النساء بحضانة الصبيان حتى يبلغوا 9 سنوات، والفتيات حتى يبلغن 11 سنة.[10] تُلغى حضانة الأم للطفل تلقائيا إذا تزوجت، ولكن لا تُلغى حضانة الأب في حال تزوج.[11] في غزة، تحتفظ النساء بحضانة الفتيات حتى يبلغن 9 سنوات، والصبيان حتى يبلغوا 7 سنوات.[12] في بعض الحالات، يتجاهل القضاة مزاعم الأمهات حول إساءة الوالد إلى طفلهما خلال جلسات الحضانة بدلا من التحقيق فيها.

بموجب كلا القانونين، يحتفظ الوالد فقط بحقوق الوصاية حتى عندما يعيش الطفل رسميا مع الوالدة. في حالة غياب الوالد أو وفاته، تنتقل وصاية أبنائه إلى الجد من جانب الوالد، ثم إلى أقارب ذكور آخرين وفق ترتيب مُحدد. في مارس/آذار 2018، أصدر مجلس الوزراء في الضفة الغربية قرارا بالسماح للنساء اللواتي يحتضنّ أطفالهن بفتح حسابات مصرفية لهم، ونقل أطفالهن إلى مدارس مُختلفة، والتقدم بطلب الحصول على جوازات سفرهم.[13] مع ذلك، وبما أن هذا القرار لم يُغير قاعدة احتفاظ الوالد بحقوق الوصاية، لا تزال المرأة التي تمتلك الحضانة تواجه عدة عقبات. لا يُسمح للمرأة بإدارة ميراث طفلها إذا توفي زوجها. بدلا من ذلك، يتولى قريب ذكر من أسرة الزوج المُتوفي إدارة ميراث الطفل، ما يُمكن أن يؤثر على نفقة الطفل.  كونه الوصي، يستطيع الوالد سحب الأموال من حساب مصرفي للطفل فتحته الأم حتى لو كان الطفل يعيش مع الأم، لكن لا تستطيع الأم أن تفعل الشيء نفسه إذا كان الطفل يعيش مع والده.[14] في الضفة الغربية، تحتاج المرأة إلى إذن ولي أمر طفلها (عادة الوالد) إن رغبت في السفر إلى الخارج مع طفلها.[15]

  1. زواج الأطفال (المادة 16 (2) من اتفاقية سيداو)

بموجب قانون الطفل الفلسطيني لعام 2004، سن الرشد هو 18 سنة.[16] مع ذلك، في الضفة الغربية، ينص قانون الأحوال الشخصية الأردني على أن الفتاة يُمكن أن تتزوج في سن 14.5 سنة والصبي في سن 15.5 سنة. في غزة، يُحدد قانون حقوق الأسرة المصري سن الزواج عند 18 سنة للذكور و 17 سنة للإناث. يحق لقضاة المحاكم الشرعية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة أن يسمحوا بزواج قاصر إذا اعتقدوا أنّ ذلك من مصلحته.

أشارت الحكومة في تقريرها الحكومي إلى وجود تشريع سارٍ يُعاقب كل من زوّج فتاة أو ساعد في إجراء مراسيم زواج فتاة دون سن الـ 15 عاما بالسجن لمدة تصل إلى عامين.[17] لسنا على علم بأي حالة مُحاكمة أو إدانة لفرد بموجب هذا القانون. وفقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، في عام 2016، بلغت نسبة زواج القاصرين 20.5 في المئة بين الإناث و 1 في المئة بين الذكور من مجموع السكان المتزوجين في فلسطين. كما أشار الجهاز إلى أنه بحلول نهاية عام 2016، 19.9 في المئة من مجموع السكان المتزوجين في الضفة الغربية و 21.6 في المئة من مجموع السكان المتزوجين في غزة تزوجوا قبل سن الـ 18 عاما.[18]

قالت فتيات ونساء في العديد من بلدان العالم لهيومن رايتس ووتش إن الزواج المبكر يعني أنهن فقدن السيطرة على حياتهن، بما في ذلك قدرتهن على اتخاذ قرار الإنجاب أو عدمه  وتاريخه، وأنه أوقف تعليمهن، وعرّضهنّ للعنف الأسري.[19]

  1. الاغتصاب والعنف الجنسي (المواد 1 و2 و3 و12 و15 و16 من اتفاقية سيداو)

يُعرفّ قانون العقوبات لعام 1960، الذي يُطبق في الضفة الغربية، الاغتصاب بطريقة محدودة، على أنه "علاقة جنسية تُمارس بالإكراه مع أنثى (غير الزوجة)"، وبالتالي يستبعد صراحة الاغتصاب الزوجي.[20]

قالت دارين صالحية، رئيسة نيابة حماية الأسرة من العنف في مكتب النائب العام، لهيومن رايتس ووتش إنه بما أن القانون يستثني الاغتصاب الزوجي، فلا يسعهم سوى مُحاولة مقاضاة العنف الجسدي الذي يُصاحبه حيث تُوجد إصابات ظاهرة.[21] العقوبات المفروضة على الاعتداء الجسدي الذي يسبب إصابات طفيفة أقل بكثير من حالات الاغتصاب.

في غزة، قالت سهير البابا من مركز شؤون المرأة لهيومن رايتس ووتش إنه في معظم حالات العنف الجنسي في إطار الزواج، تُحلّ القضايا من خلال "المصالحة أو اللجان القبلية"، لأنها تُعتبر "أسرارا" بين الزوجين.[22]

لا يُجرّم قانون العقوبات لسنة 1960 صراحة العنف الجنسي داخل الأسرة. يُجرّم سفاح القربى، لكنه يفرض عقوبات على الطرفين المشاركين في الفعل ولا يأخذ بعين الاعتبار موقع السلطة لدى إحداهما، مثلاً عندما يكون أحد الطرفين طفلا غير مُدرك لكونه ضحية عنف جنسي.[23] كما يُمكن استخدام هذا الحكم لمقاضاة النساء والفتيات اللواتي يقعن ضحية العنف الجنسي داخل الأسرة. علاوة على ذلك، يُمنح فقط أفراد الأسرة الذكور حتى الدرجة الرابعة من القرابة، الذين قد يكونون مُرتكبي الاعتداء، الحق في توجيه اتهامات سفاح القربى نيابة عن القاصرين.[24]

يُمكن للنساء والرجال الذين مارسوا علاقات جنسية بالتراضي خارج نطاق الزواج أن يُحاكموا، ما يُمكن أن يردع ضحايا الاغتصاب أو العنف الجنسي عن الإبلاغ عن هذه الجرائم. يُجرّم قانون العقوبات لسنة 1960 العلاقات الجنسية بالتراضي والزنا. لا يُقاضى الزنا إلا بعد أن يُقدم أحد الزوجين شكوى ضد الآخر. تجوز محاكمة النساء غير المُتزوجات، ولكن ليس الرجال، لإقامة علاقة توافقية خارج إطار الزواج إن تقدم ولي أمرهن بشكوى.[25] أشارت صالحية إلى أن النيابة العامة تُحقق في شكاوى الزنا لضمان عدم تقدّم الزوج بشكوى بسوء نية للاحتيال على زوجته.[26]

بسبب الوصمة المُرتبطة بالعنف الجنسي، تُعتبر النساء والفتيات اللواتي يُبلغّن عن الاغتصاب أو العنف الجنسي داخل الأسرة "غير صالحات للزواج"، ويواجهن خطرا أكبر بالتعرض إلى اعتداء وحتى قتل على أيدي أفراد الأسرة. في بعض الحالات، يُعتبر زواجهن من المُعتدي حلا للتستر على مثل هذه الانتهاكات، كما تنصّ المادة 308 من قانون العقوبات لعام 1960 في الضفة الغربية، والتي تسمح للمُغتصبين المزعومين بالتفلت من المقاضاة، وللمغتصبين المدانين بتجنب السجن، إن تزوجوا من ضحاياهم. على سبيل المثال، في أبريل/نيسان 2001، بعد صدور قرار من محكمة الاستئناف الفلسطينية في رام الله، طبقت المحكمة الابتدائية في بيت لحم المادة 308 وعلّقت عقوبة الاغتصاب بعد أن قدم الجاني شهادة زواج تُبيّن أنه تزوج من الضحية.[27] من غير الواضح عدد المُغتصبين المزعومين أو المُدانين الذين تمكنوا من الإفلات من المحاكمة أو السجن بمُوجب المادة 308.

في خطوة إيجابية، في 14 مارس/آذار 2018، وقّع الرئيس الفلسطيني محمود عباس على القانون رقم 5 لسنة 2018، الذي ألغى المادة 308 من قانون العقوبات لسنة 1960 المعمول به في الضفة الغربية.

رغم عدم نفاذ مثل هذا القانون في غزة، لاحظ نشطاء حقوق المرأة أنه في بعض حالات الاغتصاب المزعوم، تُعالج الأسر المسألة داخليا بالموافقة على زواج المُغتصب والضحية المزعومين. قالت غادة نعيم، محامية في مركز الأبحاث والاستشارات القانونية والحماية للمرأة، لهيومن رايتس ووتش، إنه في بعض الحالات التي يتم فيها إبلاغ الشرطة عن اغتصاب مزعوم، يحاول المسؤولون حل المشكلة مع الأسر بدلا من التحقيق والمُتابعة القضائية.[28] قالت سهير البابا من مركز شؤون المرأة لهيومن رايتس ووتش إن العديد من النساء لا يُبلّغن عادة عن العنف الجنسي للمؤسسات الرسمية خوفا من الانتقام.[29] على عكس الضفة الغربية، لا تمتلك الشرطة المدنية في غزة وحدات حماية العائلة للتعامل مع حالات العنف القائم على الجنس.

مع الاعتراف بأن العنف غالبا ما ترتكبه جهات غير تابعة للدولة، تتحمل دولة فلسطين التزامات قانونية باتخاذ الحرص الواجب على حماية جميع النساء من العنف وإلغاء المواقف الاجتماعية والمُمارسات الثقافية القائمة على الأدوار النمطية حول الرجال والنساء، وضمان عدم التمييز الجندري.

  1. الأطفال المولودون خارج الزواج وتجريم الإجهاض (المادتان 12 و 16 من اتفاقية سيداو)

يُجرّم كل من قانون العقوبات لسنة 1960 الساري في الضفة الغربية وقانون العقوبات لسنة 1936 الساري في غزة الإجهاض. بموجب المادة 321 من قانون العقوبات لسنة 1960، يُمكن سجن النساء لمدة 3 إلى 6 سنوات بسبب الإجهاض. إضافة إلى ذلك، يُسجن أي شخص يدعم عملية الإجهاض، على سبيل المثال طبيب، لمدة تتراوح بين 1 و3 سنوات بموجب المادة 322. يُجرّم الإجهاض بغض النظر عن ظروف الحمل، وما من استثناءات في حالات الاغتصاب، أو سفاح القربى، أو خطر على حياة المرأة الحامل. يُمكن أن تحصل النساء على عُقوبات مُخففة للإجهاض غير القانوني بموجب قانون العقوبات لسنة 1960 إذا ذكرن "الشرف" كسبب.[30]

ما من سياسات أو إجراءات تستطيع النساء الرجوع إليها في حالة الاغتصاب بهدف الإجهاض. من الناحية العملية، ونادرا، يجوز للمُفتي في الضفة الغربية أن يسمح بالإجهاض في حالات الاغتصاب أو سفاح القربى أو إذا كانت الأم تُعاني من إعاقة أو حياتها في خطر. مع ذلك، وفي الحالات النادرة التي يسمح فيها المُفتي بالإجهاض، لا يُمكن إجبار الطبيب على إجراء العملية. قالت صالحية لهيومن رايتس ووتش إن النيابة العامة حصلت على إذن لـ7 نساء بإجراء عمليات إجهاض في عام 2017، كلها حالات ادعت فيها النساء أن الحمل كان نتيجة للاغتصاب أو سفاح القربى، وفي مراحل مبكرة من الحمل.[31]

تطلب السلطات الفلسطينية من النساء شهادة الزواج للولادة في المستشفى وتسجيل الولادات. في الضفة الغربية، حين تلجأ امرأة حامل خارج الزواج إلى المستشفى، يُحيل المستشفى الحالة إلى وزارة التنمية الاجتماعية.[32] إذا صرحت الأم أنها تُريد الاحتفاظ بالطفل، تقيّم الوزارة قدراتها الاجتماعية والاقتصادية، وسلامة كل من الطفل والأم، قبل السماح لها بالاحتفاظ بالطفل. إذا لم تستوفِ المعايير، يُرسل الطفل إلى مؤسسة رعاية تديرها الدولة، والتي من خلالها يُمكن أن تكفله أسرة.

تمنح الدولة الأطفال المولودين خارج الزواج أسماء (الاسم الاول واسم الأب والكنية)، لكنهم لا يحصلون على اسم شهرة كامل. لا يُسمح لهم باستخدام اسم شهرة موجود، بما في ذلك شهرة أمهاتهم أو العائلة المُتكفلة، ويُشار إلى اسم الأم ورقم هويتها في وثائق تسجيل الطفل. يعرّض غياب اسم شهرة الأطفال، والأمهات اللواتي يحتفظن بأطفالهن، لوصمة عار، ولديه تداعيات على الميراث. أثّر هذا على 27 طفلا في رعاية وزارة التنمية الاجتماعية في الضفة الغربية حتى تاريخ أبريل/نيسان 2018، حسب مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي. في غزة، تُضيف السلطات كلمة "مولّى" إلى اسم الطفل قبل كنيته بدلا من "ابن". التبني غير مسموح في فلسطين.

قالت مديرة أحد ملاجئ ضحايا العنف في الضفة الغربية لهيومن رايتس ووتش إن امرأة (22 عاما) جاءت إلى المأوى في الشهر السادس من حملها وتزوجت من الأب للمُساعدة على تسجيل الطفل تحت شهرة والده، ثمّ طلّقته بعد أسبوع.

إلى أن تسمح السلطات بالإجهاض الآمن والقانوني، والتسجيل المتساوي للأطفال المولودين خارج الزواج، ستستمر الأسر في محاولة إجبار النساء والفتيات على الزواج بالمُغتصبين المزعومين أو الرجال الذين كانت لهن علاقة جنسية معهم خارج الزواج.

  1. حماية غير كافية من العنف الأسري (المواد 2 و3 و16)

لا تملك فلسطين قانونا بشأن العنف الأسري، ما يصعّب تأمين حماية كافية للناجيات أو مُقاضاة المُعتدين. أظهر المسح الذي أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 2011، والذي شمل 5811 أسرة معنية بالعنف القائم على الجنس، أن 30 في المئة من النساء المتزوجات في الضفة الغربية و51 في المئة في غزة قلن إنهن تعرضن على الأقل لنوع واحد من العنف - مثل العنف الجسدي، والجنسي، والنفسي، و/أو الاقتصادي - من قبل أزواجهن. وصرّح أقل من 1 في المئة منهن إنهن طلبن مُساعدة الشرطة.[33]

تطالب مُنظمات حقوق المرأة فعليا بقانون ضد العنف الأسري منذ عام 2006. تراجع لجنة التنسيق الوزارية في الضفة الغربية مشروع قانون لحماية الأسرة. علقت مُنظمات حقوق المرأة في فلسطين، بما في ذلك مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي (المُتخصص في حماية النساء ضحايا العنف)، مرارا على مشروع القانون، بما في ذلك مسودته الأخيرة، ولا تزال تنتظر لمعرفة ما إذا كانت تعليقاتها قد تم أخذها بعين الاعتبار وتضمينها في القانون.

يتضمن مشروع القانون عدة أحكام إيجابية، مثل وضع أوامر حماية لحظر الاتصال بين المُتهم والضحية، بما في ذلك إخراج المُتهم من المنزل؛ وتجريم أشكال العنف مثل الزواج القسري؛ وزيادة العقوبات على العنف الجسدي؛ وتكليف الشرطة ووحدات حماية الأسرة بقبول الشكاوى، والتحقيق، ومُساعدة وحماية الناجيات.

مع ذلك، لا يُحدد مشروع القانون بوضوح التزامات الدولة الرئيسية لمنع العنف وحماية الناجيات ومقاضاة المعتدين، كما أنه لا يُجرّم بشكل صريح الاغتصاب الزوجي، ويترك تعريف الاعتداء الجنسي غامضا، ولا يتضمن إرشادات مُحددة بشأن العقوبات على الاعتداء الجنسي. لا يتضمن مشروع القانون الشركاء غير المتزوجين ضمن تعريفه "للأسرة"، مثل الثنائي المخطوب للزواج. كما لا يُحدد مشروع القانون ترتيبات التمويل لإنفاذ أحكامه بالحماية.

لم تُوفر السلطات الفلسطينية ملاجئ كافية لضحايا العنف الأسري. تُدير الحكومة ملجأ واحدا فقط في غزة، وآخر في الضفة الغربية (في بيت لحم)، لكنها تُوفر تمويلا محدودا لمأوى تُديره منظمة غير حكومية في نابلس. أنشأ مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي مأوى إضافي للطوارئ في الضفة الغربية. لا تقبل الملاجئ جميع النساء والفتيات. على سبيل المثال، لا يقبل الملجأ في غزة النساء والفتيات اللواتي ربما خالفن العادات الاجتماعية. تتعرّض النساء والفتيات اللواتي تعتبر أسرهن أنهن ارتكبن تجاوزات "أخلاقية" لخطر عنف مُتزايد بحجة "الشرف"، وهن في أمسّ الحاجة لمأوى لحمايتهن.

أما النساء اللواتي يتعرضن للعنف الأسري في القدس الشرقية، التي تحتلها إسرائيل عسكريا وضمتها عام 1967، لكن لا تعترف أي دولة أخرى بهذا الضم، فيواجهن عقبات خاصة. قالت أهيلة شومر، مُديرة مؤسسة "سوا" غير الحكومية التي تدعم الناجيات من العنف الأسري والجنسي، لهيومن رايتس ووتش: "لا تريد كثير من الفلسطينيات التعاون [مع الشرطة الإسرائيلية] ويخشين ما سيحدث لهن، وكيف ستستغل الشرطة [الإسرائيلية] وضعهن للإضرار بالأسرة إذا تقدّمن بشكوى. إذا حاولت امرأة الذهاب إلى الشرطة [الإسرائيلية]، تلاحقها وصمة العار من الأسرة والمجتمع لأنها لجأت إلى المُحتل وأساءت لأسرتها."[34] غالبا ما يشجع مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي النساء ضحايا العنف على تقديم الشكاوى إلى وحدات الأسرة التابعة للشرطة الفلسطينية في ضواحي القدس لإحالة قضاياهنّ إلى الملاجئ في الضفة الغربية، أو إحالتها مُباشرة إلى ملاجئ المنظمات غير الحكومية الفلسطينية داخل إسرائيل.

  1. الأحكام المخففة لما يُعرف بـ "جرائم الشرف" (المواد 2 و3 و16)

أشار التقرير السنوي للنيابة العامة في الضفة الغربية لعام 2017 إلى أن 11 من أصل 14 جريمة قتل نساء عام 2017 في الضفة الغربية - باستثناء المنطقة ج والقدس الشرقية - ارتكبها أحد الأقارب. وثق مركز المرأة للإرشاد القانون والاجتماعي 23 حالة قتل نساء وفتيات فلسطينيات في عام 2016، و28 حالة قتل عبر الأراضي الفلسطينية. في حالات كثيرة، يبرّر القاتل جريمته بحماية "شرف" الأسرة.[35] ذكرت جمعية "تنمية وإعلام المرأة" (تام) في تقريرها لعام 2016 أن جرائم القتل تنمّ في الواقع عن طمع بالميراث أو رغبة بالانتقام أو أسباب أخرى، بينما القتلة يدّعون أن الدافع حماية "شرف الأسرة"، لنيل عقوبة أخف.[36]

قالت صالحية لهيومن رايتس ووتش إن الشرطة والنيابة العامة في الضفة الغربية حققتا في قضايا قتل النساء على يَد أزواجهن أو أسرهن وأحالتاها إلى المحاكم، إلا أن القضاة غالبا ما خفضوا العقوبات في حق المُدعى عليهم المُدانين. وجدت دراسة لمكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان لعام 2014، في عينة عشوائية من الحالات بين عامي 1993 و 2013، أن القضاة في المحاكم الابتدائية خفضوا الأحكام في قضايا "الشرف" في 29 حالة من أصل 37.[37]

حاولت العديد من الإصلاحات في السنوات القليلة الماضية مُعالجة استخدام القضاة لأحكام قانونية مُختلفة للحد من عقوبات الجرائم المُرتكبة بحجة "الشرف". مع ذلك، وفقا لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، ترتفع نسبة جرائم قتل النساء في الضفة الغربية وغزة بشكل ملحوظ.

في عام 2011، أصدر الرئيس عباس مرسوما يُلغي المادة 340 من قانون العقوبات لعام 1960، التي تسمح بتخفيض عقوبة رجل مُدان بقتل أو مُهاجمة زوجته أو قريبته إذا ادعى أنه وجدها في حالة زنا أو ممارسة للجنس خارج الزواج. في عام 2014، أصدر الرئيس مرسوما لتعديل المادة 98 من قانون العقوبات لعام 1960، التي تسمح بتخفيض عقوبة مُرتكب الجريمة جراء "نوبة غضب شديد أثارتها الضحية من خلال فعل غير شرعي أو خطير ارتكبته". منع التعديل استخدام هذا الدفاع "ضدّ امرأة بدواعي الشرف". كما عدل المرسوم المادة 18 من قانون العقوبات لسنة 1936 الذي يُطبق في غزة.

مع ذلك، فإن مُصطلح "الشرف" غير مُعرّف في القانون، ما يترك مجالا واسعا للقضاة للاجتهاد ويزيد إمكانية تأثير الأعراف الاجتماعية التمييزية على قرارات المحاكم. بالإضافة إلى ذلك، يثير استخدام مُصطلح "الشرف" كما هو مُشار إليه الآن في المادة 98 المعدّلة الجدل، لأنه يقتصر على النساء وسلوكهن وعلاقاتهن الجنسية في مثل هذه السياقات ويُستخدم لإخضاع المرأة والتحكم بها.

ثمة ثغرة أخرى أيضا، إذ أنه غالبا ما كان يلجأ القضاة في الضفة الغربية إلى المادة 99 من قانون العقوبات لسنة 1960 التي بموجبها تُخفّض العقوبة إلى النصف إذا تنازلت عائلة الضحية - التي قد تكون عائلة القاتل في الوقت نفسه - عن حقها في المقاضاة.[38] تنص المادة 99 على عقوبات مُخفضة لعوامل مُخففة، لكنها لم تُحدد هذه العوامل. عمليا، تعتبر المحاكم أن للضحايا وأسرهن الحق في التنازل عن المُقاضاة. وجدت دراسة للمفوضية سنة 2014 أن قُضاة المحاكم الابتدائية، في 14 حكما من أصل 37 من عينة عشوائية للحالات بين 1993 و 2013، استندوا إلى المادة 99 لتخفيف عقوبات قتل النساء عندما تنازلت الأسر عن حقها في المقاضاة.[39]

في خطوة إيجابية، أصدر الرئيس القانون رقم (5) لسنة 2018 الذي يغلق أساسا هذه الثغرة عن طريق تعديل المادة 99 من قانون العقوبات لسنة 1960 لمنع القضاة من تخفيض العقوبة على الجرائم الخطيرة ضد النساء والأطفال، مثل القتل. لكن التعديلات الجديدة لا تسري على القضايا العالقة والمتعلقة بالعنف ضد المرأة، التي حدثت قبل صدور القانون في مارس/آذار 2018.

قالت المُقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة في تقريرها لعام 2017 إنها أُبلغت بأن مُرتكبي الجرائم غالبا ما يستخدمون المادة 62 من قانون العقوبات لسنة 1960، التي تسمح للآباء "بتأديب" أطفالهم وفق ما يُبيحه العرف العام، كدفاع ضد اتهامات الإساءة إلى بناتهم أو قتلهنّ.[40]

  1. التوجه الجنسي، الهوية الجندرية (المادتان 2 و5)

يُعاني الفلسطينيون المثليون والمثليات ومزدوجو الميل الجنسي ومغايرو الهوية الجنسانية وأحرار الجنس من التمييز والاعتداء على نطاق واسع في الأماكن العامة وفي البيئة العائلية. أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 12 امرأة فلسطينية يعتبرن أنفسهن مثليات، أو مزدوجات الميل الجنسي أو أحرار الجنس.[41]

يُعاقب قانون العقوبات في غزة لسنة 1936 تحت المادة 152 (2) "العلاقات الجنسية المخالفة للطبيعة"، التي تشمل السلوك المثلي بالتراضي، بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات.[42] القوانين الجنائية التي تُجرم السلوك المثلي بالتراضي باستخدام مفاهيم غامضة وغير مُحددة مثل "علاقات جنسية مخالفة للطبيعة" أو "مخالفات غير طبيعية" تنتهك الحق في الخصوصية وعدم التمييز.

رغم من أن قانون العقوبات لسنة 1960 الساري في الضفة الغربية لا يحظر السلوك الجنسي المثلي بالتراضي بين البالغين، إلا أن مشروع قانون العقوبات الفلسطيني لسنة 2003 يحتوي على أحكام تُجرم السلوك الجنسي المثلي بالتراضي بين البالغين.[43]

مع ذلك، قالت نساء فلسطينيات مثليات ومزدوجات الميل الجنسي وأحرار الجنس لهيومن رايتس ووتش إن السياق الفلسطيني الممزوج بين التقليدي الشديد والمحافظ اجتماعيا له تأثير خادع على تعبيرهن عن ذواتهن. قُلن إنهن يشعرن أنهن لا يملكن خيارا سوى المراقبة الذاتية لتصرفاتهن، أو أسوأ من ذلك، إنكار ميولهن الجنسية أو هويتهن الجندرية لتفادي شكوك أفراد الأسرة والمجتمع الذي يعشن فيه. أفادت النساء المثليات ومزدوجات الميل الجنسي وأحرار الجنس اللواتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش أنهن يُعانين من الرفض الأسري والمُجتمعي والاجتماعي لاختيارهن المُستقل لحياتهن الجنسية. قلن إنهن يخشن تأثير الكشف عن توجههن الجنسي على سُمعة الأسرة وشرفها. في الحالات التي كشفت فيها نساء عن توجههن الجنسي لأفراد الأسرة، اعترفن بأن العنف غالبا ما يكون سيد الموقف.

على سبيل المثال، وصفت مثلية (24 عاما) لهيومن رايتس ووتش كيف غضب والدها حينما كشفت لأسرتها عن توجهها الجنسي. قالت: " كان يصرخ ويضربني لساعات، ثم قرر حبسي في المنزل لمدة شهر، من دون إنترنت أو هاتف".[44] كما أفادت عدة نساء أنهن خائفات من التعرض للتهديد أو الإكراه على الزواج من الرجال، أو تحمل نبذ الأسرة والمجتمع.

قالت العديد من المثليات وأحرار الجنس إنهن تعرضن للعنف الجنسي أو التهديد بالعنف الجنسي بسبب ميولهن الجنسية. على سبيل المثال، قالت مثلية (22 عاما)، من القدس الشرقية، إنها كشفت عن ميولها الجنسية لصديقها، ظنا منها أنها في أيدي أمينة. لكنه اغتصبها، بهدف تصحيح توجهها الجنسي "المُنحرف".[45] لم تُبلغ الشرطة عن الحادث لأنها تعتقد أنها ستضطر إلى الكشف عن توجهها الجنسي، مما سيجلب العار والخزي لأسرتها.[46]

كما هو مذكور، تتحمل دولة فلسطين التزامات قانونية باتخاذ الحرص الواجب على حماية جميع النساء من العنف، بما في ذلك من جهات غير حكومية، من أجل إلغاء الصور النمطية والمواقف التمييزية المُحيطة بالمُيول الجنسي والهوية والتعبير الجندري.

  1. توصيات

نُشجع اللجنة على أن تُعلن بوضوح أن مُعاهدة سيداو، كما صدّقت عليها دولة فلسطين من دون تحفظات، تُطبّق على جميع الأراضي الفلسطينية.

نُشجع اللجنة على تقديم التوصيات التالية للحكومة الفلسطينية:

  • نشر نص اتفاقية سيداو في الجريدة الرسمية، مما يجعلها مُلزمة كقانون محلي.
  • التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية سيداو كأداة للمساءلة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
  • السماح للجنة سيداو بإجراء مُراجعة استثنائية بعد عامين بدلا من المُراجعة الدورية المعتادة كل 4 سنوات، للسماح بمُراقبة صياغة وسن قانون حماية الأسرة.
  • تعديل قوانين الأحوال الشخصية الإسلامية والمسيحية لضمان تمتع المرأة بحقوق مُتساوية مع الرجل فيما يتعلق بالزواج، والطلاق، والحضانة، والوصاية على الأطفال والميراث.
  • رفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى 18 سنة.
  • السماح للنساء بالولادة في المستشفى، وتسجيل أطفالهن من دون شرط تقديم عقد الزواج، والسماح لهن بتسجيل أطفالهن باسم أسرة من اختيارهن، وضمان عدم تعرض الأطفال للتمييز بسبب الحالة الزوجية للوالدين.
  • تعديل قانون العقوبات لسنة 1960 الساري في الضفة الغربية وقانون العقوبات لسنة 1936 الساري في غزة، لإلغاء تجريم الإجهاض وضمان الحصول الآمن والقانوني على حق الإجهاض.
  • تعديل قانون العقوبات لسنة 1960 من أجل:
    • تعريف الاغتصاب باعتباره اعتداء ذي طبيعة جنسية على أي جزء من جسم الضحية بواسطة أداة أو عضو جنسي، من دون موافقتها أو بالإكراه، وتجريم الاغتصاب الزوجي بشكل صريح، مع الإشارة إلى أن الاعتداء الجنسي يتضمن أشكال الاعتداء غير الاختراقية. تعديل الفصل الخاص بالجرائم الجنسية بشكل يُفيد أن الجرائم الجنسية ارتُكبت في حق أشخاص عوضا عن "مُخالفات  ضد الأخلاق والآداب العامة".
    • إلغاء الحكم الوارد في المادة 62 الذي يسمح للآباء "بتأديب" أطفالهم حسب العرف العام.
    • إلغاء الحكم الوارد في المادة 286 الذي يمنح فقط أفراد الأسرة الذكور الحق في رفع دعوى سفاح القربى نيابة عن القاصرين.
    • تجريم العنف الجنسي داخل الأسرة.
    • إلغاء المادة 284 التي تحظر الزنا (العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج).
  • تعديل وتسريع تبني مشروع قانون حماية الأسرة لضمان حماية كاملة للناجيات، بما في ذلك تحديد التزامات الحكومة بشكل واضح لمنع العنف، وحماية الناجيات، ومقاضاة المعتدين؛ مُراجعة تعريف "الأسرة" في مشروع القانون ليشمل الشركاء غير المُتزوجين؛ تحديد الاغتصاب الزوجي والعنف الجنسي وفرض عقوبات عليه؛ وتمويل لإنفاذه.
  • مُراقبة الإدانة والحكم في قضايا العنف الجندري، بما في ذلك القتل، لضمان عدم استخدام القضاة للأحكام القانونية لتخفيض العقوبات في مثل هذه الحالات.
  • الاستثمار في تدريب القُضاة بشكل يُراعي النوع الاجتماعي، لا سيما فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة.
  • الإدانة العلنية لجميع التهديدات وأعمال العنف المُرتكبة ضد المثليات ومزدوجات الميول الجنسية وأحرار الجنس، بما في ذلك العنف الذي يرتكبه أفراد الأسرة.
  • اعتماد تشريع شامل يحظر جميع أشكال التمييز والعنف على أساس الميول الجنسية والهوية الجندرية.
  • إلغاء المادة 152 (2) من قانون العقوبات الجنائي البريطاني رقم (74) لسنة 1936 التي تجرّم "العلاقات الجنسية المخالفة للطبيعة".
  • اتخاذ تدابير لإلغاء المواقف الاجتماعية والممارسات الثقافية المبنية على الأدوار النمطية حول الرجال والنساء، وضمان عدم التمييز على أساس الميول الجنسية، والهوية والتعبير الجندريين.

     

     

 

[1] أنظر تقرير هيومن رايتس ووتش، "فلسطين: إلغاء قانون 'الزواج من المُغتصب'"، 10 مايو/أيار 2018، https://www.hrw.org/ar/news/2018/05/10/317698، و "مسألة أمن: العنف ضد النساء والفتيات الفلسطينيات"، نوفمبر/تشرين الثاني 2006، https://www.hrw.org/sites/default/files/reports/opt1106arwebwcover.pdf.

[2] هيومن رايتس ووتش، "مُشاركة هيومن رايتس ووتش في التقرير الدوري عن إسرائيل المُقدم إلى اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة (سيداو)، الدورة 68"، أكتوبر/تشرين الأول 2017، https://www.hrw.org/ar/news/2017/10/10/310260؛ هيئة الأمم المُتحدة للمرأة، تقرير فني، "آليات المُساءلة القانونية الدولية: النساء الفلسطينيات اللواتي يعشن تحت الاحتلال"، 2016، http://www2.unwomen.org/-/media/field%20office%20palestine/attachments/publications/2017/03/theinternationallegalaccountability2016arabic.pdf?la=en&vs=3816 (تم الاطلاع في 5 يونيو/حزيران 2018).

[3] Report of the Special Rapporteur on violence against women, its causes and consequences, “Mission to the Occupied Palestinian Territory/State of Palestine,” U.N.Doc. A/HRC/35/30/Add.2, June 2017, http://www.ohchr.org/EN/HRBodies/HRC/RegularSessions/Session35/Documents/A_HRC_35_30_Add_2_EN.docx (تم الاطلاع في 5 يونيو/حزيران 2018).

[4] قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (16) لسنة 1976، المادتين 6 و 13، http://arabic.dci-palestine.org/sites/arabic.dci-palestine.org/files/qanwn_al-ahwal_al-shkhsyh_lsnh_1976.pdf (تمت الاطلاع في 5 يونيو/حزيران 2018)؛ قانون حقوق الأسرة المصري رقم (303) لسنة 1954، المادة 9، http://www.plc.gov.ps/menu_plc/arab/files/sT%C2%BD%C3%9Fnd/%C6%92Tft%C6%92Pp%20%C6%92TsT%C2%BD%C3%9Fndn%C3%AD/0/t%C6%92dfd%20%C3%91tft%20%C6%92Tp%C6%92PT%C3%AD.htm (تم الاطلاع في 5 يونيو/حزيران).

[5] قانون حقوق الأسرة المصري رقم (303) لسنة 1954، المادتين 40-41، و قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (16) لسنة 1976، المادة 37.

[6] بالنسبة للخُلع أنظر قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (16) لسنة 1976، المواد 102-109. أنظر أيضا Norwegian Refugee Council, “The Shari’a Courts and Personal Status Laws in the Gaza Strip,”  https://www.nrc.no/globalassets/pdf/reports/the-sharia-courts-and-personal-status-laws-in-the-gaza-strip.pdf (تم الاطلاع في 5 يونيو/حزيران 2018).

[7] قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (16) لسنة 1976، المادة 132؛ قانون حقوق الأسرة المصري رقم (303) لسنة 1954، المادة 97.

[8] هيومن رايتس ووتش، مُقابلة، نابلس، 3 أبريل/نيسان 2018.

[9] قانون الطفل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2004، المادة 4، http://muqtafi.birzeit.edu/pg/getleg.asp?id=14674 (تم الاطلاع في 5 يونيو/حزيران 2018).

[10] قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (16) لسنة 1976، المادة 161.

[11] قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (16) لسنة 1976، المادة 156.

[12] المادة 118، قانون حقوق الأسرة المصري رقم (303) لسنة 1954.

[13] "فيديو: الحمد الله يُعلن رزمة إجراءات لصالح المرأة"، وكالة معا الإخبارية، 5 مارس/آذار 2018، http://www.maannews.net/Content.aspx?id=941467 (تم الاطلاع في 5 يونيو/حزيران 2018).

[14] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع صباح سلامة، منسقة منتدى المنظمات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة – ممثلا لتحالف يضم 17 منظمة غير حكومية، رام الله، 11 أبريل/نيسان 2018.

[15] قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (16) لسنة 1976، المادة 166.

[16] قانون الطفل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2004، المادة 1.

[17] تقرير دولة فلسطين، U.N.Doc. CEDAW/C/PSE/1، 24 مايو/أيار 2017، الفقرة 101، http://tbinternet.ohchr.org/_layouts/treatybodyexternal/Download.aspx?symbolno=CEDAW%2fC%2fPSE%2f1&Lang=en (تم الاطلاع في 5 يونيو/حزيران 2018).

[18] بيان الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، "أوضاع المرأة الفلسطينية عشية يوم المرأة العالمي الذي يصادف يوم الخميس 08/03/2018"، http://www.pcbs.gov.ps/postar.aspx?lang=ar&ItemID=3073 (تم الاطلاع في 7 يونيو/حزيران 2018).

[20] قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960، المادة 292.

[21] هيومن رايتس ووتش، مُقابلة مع دارين صالحية، رئيسة النيابة الفلسطينية لحماية الأسرة من العنف في رام الله، 9 أبريل/نيسان 2018.

[22] هيومن رايتس ووتش، مُقابلة مع سهير البابا من مركز شؤون المرأة، غزة، 25 أبريل/نيسان 2018.

[23] قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960، المادة 285.

[24] قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960، المادة 286.

[25] قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960، المادة 284.

[26] هيومن رايتس ووتش، مُقابلة مع دارين صالحية، رئيسة النيابة العامة في الضفة الغربية، رام الله، 9 أبريل/نيسان 2018

[27] WCLAC, “Report on the Obligations to Repeal Article 308 of Penal Code no.16 of 1960,” February 2018

[28] هيومن رايتس ووتش، مُقابلة مع غادة نعيم، غزة، 29 أبريل/نيسان 2018.

[29] هيومن رايتس ووتش، مُقابلة مع سهير البابا من مركز شؤون المرأة، غزة، 25 أبريل/نيسان 2018.

[30] قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960، المادة 324.

[31] هيومن رايتس ووتش، مُقابلة مع دارين صالحية، رئيسة النيابة العامة في الضفة الغربية، رام الله، 9 أبريل/نيسان 2018

[32] قرار مجلس الوزراء رقم 10 لسنة 2015 بشأن إجراءات رعاية الأسرة.

[33] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، مسح العنف في المُجتمع الفلسطيني، 2011، http://www.pcbs.gov.ps/Downloads/book1864.pdf (تم الاطلاع في 5 يونيو/حزيران 2018).

[34] هيومن رايتس ووتش، مُقابلة مع أهيلة شومر، مُديرة مؤسسة سوا، رام الله، 10 أبريل/نيسان 2018.

[35] WCLAC, Equality Now, and Al-Muntada joint submission, “Pre-Session Report on Palestine for Consideration During the 68th Session of United Nation Committee on the Elimination of Discrimination Against Women,” October 2017, http://tbinternet.ohchr.org/_layouts/treatybodyexternal/Download.aspx?symbolno=INT%2fCEDAW%2fNGO%2fPSE%2f29167&Lang=en (تم الاطلاع في 5 يونيو/حزيران 2018).

[36] Chemonics International in partnership with Women Media and Development (TAM)  “Comprehensive Analysis for Gender Based Violence and the Status of the National Referral System in the West Bank,” August 2016, http://www.awrad.org/files/server/NRS%20report%20english%202016.pdf (تم الاطلاع في 5 يونيو/حزيران 2018).

[37] Office of the UN High Commissioner for Human Rights, “Murder of Women in Palestine under the pretext of Honour Legislation and Jurisprudence Analytical Study,” April 2014,  http://www.ohchr.org/Documents/Issues/Women/WRGS/Executive_summary_study_called_honour_killings_Palestine.pdf (تم الاطلاع في 7 يونيو/حزيران 2018).

[38] خدمات النيابة العامة، مكتب النائب العام، "مُناقشة السُبل والوسائل الكفيلة بمنع جرائم قتل النساء والفتيات بدافع جنساني"، 2014، https://www.unodc.org/documents/justice-and-prison-reform/UNODC.CCPCJ.EG.8.2014.2-Arabic.pdf (تم الاطلاع في 7 يونيو/حزيران 2018).

[39] [39] Office of the UN High Commissioner for Human Rights, “Murder of Women in Palestine under the pretext of Honour Legislation and Jurisprudence Analytical Study,” April 2014.

[40] Report of the Special Rapporteur on violence against women, its causes and consequences, “Mission to the Occupied Palestinian Territory/State of Palestine,” U.N. Doc. A/HRC/35/30/Add.2, June 8, 2017

[41] في فبراير/شباط وأبريل/نيسان 2018، أجرت هيومن رايتس ووتش مُقابلات مع ما مجموعه 40 شخصا يُعرفون أنفسهم كمثليات ومثليين ومزدوجي الجنس ومتحولي النوع الاجتماعي، في رام الله ونابلس وبيت لحم والقدس الشرقية. هذا بحث معمق مستمر يجري بالتعاون مع "القوس" للتعددية الجنسية والجندرية في المجتمع الفلسطيني.

[42] British Criminal Code Ordinance No.74 of 1936, section 152(2) on sexual and unnatural offences provides “Any person who – a) has carnal knowledge of any person against the order of nature; or b) has carnal knowledge of an animal; or c) or permits a male person to have carnal knowledge of him or her against the order of nature is guilty of a felony, and is liable to imprisonment for ten years,” available at https://www.nevo.co.il/law_html/law21/PG-e-0633.pdf (تم الاطلاع في 5 يونيو/حزيران 2018).

[43] Draft Penal Code Palestine (2003), arts. 258 and 262, available at http://site.iugaza.edu.ps/kshaath/files/2010/12/Criminal-Law_Draft-1.doc (تم الاطلاع في 5 يونيو/حزيران 2018)، International Lesbian, Gay, Bisexual, Trans and Intersex Association (ILGA), “State-Sponsored Homophobia: A world survey of sexual orientation laws: criminalization, protection and recognition,” May 2017، https://ilga.org/downloads/2017/ILGA_State_Sponsored_Homophobia_2017_WEB.pdf (تم الاطلاع في 5 يونيو/حزيران 2018).

[44] هيومن رايتس ووتش، مُقابلة، 9 فبراير/شباط 2018.

[45] هيومن رايتس ووتش، مُقابلة، 13 فبرابر/شباط 2018.

[46] Report of the Special Rapporteur on violence against women, its causes and consequences, “Mission to the Occupied Palestinian Territory/State of Palestine,” UN Doc. A/HRC/35/30, June 8, 2017, para 26.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة