Skip to main content

الإيرانيات يشجعن إيران في روسيا، لكن لا يستطعن ذلك في وطنهن

نُشر في: Women in the World
السفر إلى سان بطرسبرغ في روسيا، وفقدان الأمتعة والانتظار الطويل – كل هذا لم يفقدني الإثارة بحضوري كأس العالم لأول مرة.

باحثة هيومن رايتس ووتش، تارا سبهري فر، تقف أمام ملعب سان بطرسبرغ قبل مباراة إيران والمغرب في كأس العالم 2018 في روسيا. © 2018 خاص
 

بعد أن نشرتُ في وسائل التواصل الاجتماعي صورة لي وأنا أرتدي بطاقة هوية المشجع التي أصدرتها الفيفا حول رقبتي، بدأت التعليقات تتدفق من صديقاتي في إيران. علق بعضهن، ومنهن مشجعات كرة قدم عتيدات كن يحاولن الدخول إلى الملاعب لسنوات في إيران: "رائع! أتمنى لو كنت هناك ... فكري بي عندما تكونين هناك!". كيف لا! وأنا التي أردت لسنوات عديدة أيضا أن أتمكن من مشاهدة مباريات كرة القدم في الملاعب، وهو الأمر الذي لا يزال محظورا على النساء في إيران.

بصفتي امرأة إيرانية تبلغ من العمر 31 عاما، شعرت بسعادة غامرة في أول فرصة لي لأشاهد شخصيا فريق بلادي يلعب في ملعب.

عندما فازت إيران 1-0 على المغرب، احتفلت حشود من الرجال والنساء في الملعب. لم يكن هذا ممكنا في إيران.

أتذكر المرة الأولى التي توسلت فيها أبي كي يأخذني خلسة إلى مباراة لكرة القدم. كان ذلك عام 2002، حيث واجه إيران غريمه التقليدي العراق في مباراة التأهل لكأس العالم في ملعب آزادي في طهران. لم يكن هناك شك في أن الملعب سيمتلأ عن بكرة أبيه. ذهب والدي وجميع أصدقائنا الذكور لمشاهدة المباراة، وكنت على استعداد لفعل أي شيء للانضمام إليهم.

حتى أنني أحضرت قبعة وسترة معي بينما كنا نوصل والدي إلى الملعب، على أمل أن أقنعه بأن يسمح لي بأن أرتدي سترتي التنكرية المؤقتة لتشجيع فريق بلادي. لكن للأسف، كان والدي، حذرا بحكمة كعادته، وخائفا جدا من مخاطرة السماح بحضوري. بدلا من ذلك، مثل كل الفتيات والنساء الأخريات شاهدت تلك المباراة، وعديد من مباريات كرة القدم الإيرانية الأخرى على شاشات التلفزيون فقط.

لكنني اليوم تمكنت من مشاهدتهم في الملعب في سانت بطرسبرغ بروسيا. على مدى السنوات الـ 16 الماضية، كافحت النساء الإيرانيات ضد هذا التمييز من خلال الحملات والضغط على المشرعين، وحتى بالتنكر كرجال للوصول إلى الملاعب.

في الأيام التي انقضت منذ وصولي إلى المدينة، كان بوسعي سماع الإيرانيين - رجالا ونساء - وهم يهتفون بسعادة لدعم الفريق في جميع أنحاء المدينة. قابلت عشرات النساء اللاتي جئن من إيران وخارجها مع عائلاتهن وأصدقائهن لتجربة حقّ سلب منهن في وطنهن.

من بين الفرق الوطنية التي تلعب في كأس العالم في روسيا، إيران هي الدولة الوحيدة التي تحظر على النساء مشاهدة مباريات رياضية معينة للرجال في الملاعب، بما فيها كرة القدم وكرة الطائرة. على مدى السنوات الـ40 الماضية، تذرعت السلطات الإيرانية بمجموعة من المبررات الضعيفة للحظر، تتراوح بين الأسس الدينية ومشاكل ضمان الأمن والمرافق الخاصة بالنساء.

في مارس/ آذار، ألقت الشرطة القبض على 35 امرأة تجمعن أمام ملعب آزادي لمشاهدة مباراة بين فريقي "استقلال" و"برسيبوليس" الشعبيين في طهران، واحتجزتهن لعدة ساعات. في بداية مشؤومة لسياسة حقوق الإنسان الجديدة الخاصة بالفيفا، كان رئيس الاتحاد جياني إنفانتينو حاضرا في هذا الملعب بالذات أثناء المباراة، عندما اعتقلت الشرطة الإيرانيات خارجه بسبب رغبتهن في التمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها 100 ألف رجل في الملعب.

بعد انتقادات من النشطاء الحقوقيين ومجموعة من النساء الإيرانيات اللواتي يقمن بحملات لإلغاء الحظر، أعلن رئيس الفيفا في بيان لاحق أن الرئيس روحاني قال له إن هناك خططا للسماح للنساء بحضور مباريات كرة القدم في البلاد "قريبا". ومع ذلك، مرت أكثر من 3 أشهر، ولم تفعل إيران أي شيء للسماح للنساء بدخول الملاعب لمشاهدة المباريات.

رغم التعنت المتصلب للمتشددين في الحكومة الإيرانية للحفاظ على الحظر المفروض على النساء في الملاعب الرياضية للرجال، إلا آن الآراء المجتمعية الإيرانية حوله تأرجحت في الاتجاه المعاكس. لا يقتصر الأمر على دعم الناشطين لرفع الحظر، بل يدعم الرفع أيضا شرائح كبيرة من المجتمع الإيراني، وعديد من الرياضيين الكبار، بمن فيهم قائد الفريق الوطني الإيراني، مسعود شجاعي، وتحدث العديد من أعضاء البرلمان الإيراني والرئيس روحاني نفسه عن ضرورة السماح للنساء بالعودة إلى الملاعب.

لكن عندما كنت في سان بطرسبرغ أستعد لدخول الملعب، نشر ناشطون إيرانيون في تويتر بأن السلطات ألغت الخطط المعلنة للسماح أخيرا للنساء بالدخول إلى إستاد آزادي لمشاهدة المباراة الإيرانية المغربية على شاشات العرض، محطمة بذلك مرة أخرى أمل عشرات الإيرانيات اللواتي يرغبن في التشجيع مع عائلاتهن.

يتحمل الفيفا الذي تعهد بتأييد عدم التمييز كمبدأ أساسي في البطولات التي يشرف عليها، مسؤولية استخدام نفوذه ودفع إيران في الاتجاه الصحيح. يحق للمرأة الإيرانية المشاركة في فرحة ترديد شعار الفريق: "80 مليون شخص، أمة واحدة، ضربة قلب واحدة" أمام فريقهن!

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة