Skip to main content

بعد مقتل الآلاف، الخارجية البريطانية تتراجع عن نفيها وقوع جرائم حرب في اليمن

خلال الأشهر الـ 16 الماضية، قمت بعدة رحلات إلى اليمن لتوثيق الحرب المدمرة الدائرة هناك، حيث ارتكب المقاتلون على الأرض والتحالف الذي تقوده السعودية جوّا جرائم حرب وانتهاكات خطيرة أخرى لقوانين الحرب.

أشخاص يقفون حول حفرة تسببت فيها غارة جوية لقوات التحالف بقيادة السعودية في ضواحي العاصمة اليمنية صنعاء، 9 ديسمبر/كانون الأول 2015. 2015 © رويترز

وثّقت كل من "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية" أكثر من 69 ضربة جوية غير قانونية خلّفت أكثر من 900 قتيل مدني، و19 هجوما آخر باستخدام ذخائر عنقودية محرمة دوليا.

بعد كل من تلك الرحلات، توجّهت إلى واشنطن، ولندن، وباريس، وبروكسل، وجنيف، وعواصم أخرى، لتشجيع صناع السياسات على حث حلفاء السعودية على وقف انتهاكاتهم.

أكثر اللقاءات إحباطا كانت تلك التي عقدتها مع المسؤولين البريطانيين. ففي أغسطس/آب من السنة الماضية، وبعد تقديم تقرير لـ هيومن رايتس ووتش يوثق 12 ضربة جوية غير قانونية في اليمن، خلفت 59 قتيلا مدنيا على الأقل، أخبرني مسؤولون في وزارة الخارجية والكومنويلث أنهم قرأوا التقرير باهتمام، لكن تحليلهم للوضع مختلف.

قال مسؤولو الخارجية البريطانية إنهم راجعوا كل الأحداث التي وثقناها، وإنهم يرون أن التحالف بقيادة السعودية لم يرتكب أي خرق لقوانين الحرب منذ دخوله النزاع في مارس/آذار العام الماضي.

أن يقول المسؤولون البريطانيون إنه لا يمكنهم تأكيد ما توصلنا إليه أمر مفهوم، فسفارتهم في العاصمة اليمنية صنعاء مغلقة، وتم إجلاء كل رعاياهم باستثناء بعض عمال الإغاثة، ومعاينة الأحداث على الميدان أمر صعب للغاية.

لكن هؤلاء المسؤولين ذهبوا إلى أبعد من ذلك بكثير، قائلين إنهم قيّموا نفس الأحداث التي بحثناها، ولم يجدوا خرقا واحدا. كان تصريحا مُذهلا، بالنظر إلى الكم الهائل من الأدلة التي وثقناها نحن، والأمم المتحدة، ومنظمات أخرى ووسائل الإعلام.

منذ ذلك الحين، تزايدت الأدلة والمعلومات عن شن التحالف هجمات غير قانونية، واستخدامه قنابل بريطانية، وذخائر عنقودية، بما في ذلك أسلحة استُلمت بعد بدء الحرب. خلفت هجمات التحالف قتلى مدنيين في المنازل والأسواق والمستشفيات والمدارس والشركات والمساجد.

أصدرت الخارجية البريطانية الأسبوع الماضي فقط 6 تصحيحات لتصريحات وزارية صدرت في البرلمان، تؤكد أن التحالف بقيادة السعودية لم يخرق قوانين الحرب في اليمن. والآن، وبدل أن تدّعي أنه "لم يتم خرق القانون الإنساني الدولي من طرف التحالف"، تقول بتواضع أكثر: "[نحن] لم نجد في تقييمنا أن التحالف خرق القانون الانساني الدولي."

من الصعب التوفيق بين فكرة كون وزارة الخارجية لم تتوصل بعد إلى استنتاج في الموضوع، وبين التقييم الواثق لمسؤولي الوزارة الذين تحدّثوا إلينا في 2015، قائلين بأنه لم تقع خروقات قطّ.

تكذّب هذه التصحيحات الشهادات التي أدلى بها مسؤولون حكوميون للجنة البرلمانية الخاصة بالتنمية الدولية في وقت سابق من هذا العام. كما ذكر رئيس اللجنة ستيفن تويغ: "في الأسبوع الماضي فقط، وفي معرض ردّها على تقريرنا، أكدت الحكومة أنه حسب المعلومات المتوفرة لديها، فإن أهم شرط لخرق القانون الانساني الدولي لم يتوفر، حسب تقييمها." وفي رسالة إلى وزير الخارجية الجديد بوريس جونسون، يدعو السيد تويغ الآن وزارة الخارجية إلى تصحيح الشهادات التي قدمتها إلى اللجنة.

من الصعب ألّا أستنتج من نقاشاتي مع المسؤولين البريطانيين خلال السنة والنصف الماضية أن الأمر محاولة لحفظ ماء الوجه ومحو موقف الحكومة البريطانية الذي لا يمكن الدفاع عنه، والذي اتخذته بينما كان حلفاء السعودية يستخدمون ذخائر بريطانية الصنع بشكل عشوائي، دون أي اعتبار لأرواح المدنيين وأملاكهم، ومساهمين في مقتل ما يزيد عن 3500 مدني.

هذه التصحيحات هي خطوة إلى الأمام، لكن الطريق نحو الحقيقة مازال طويلا. لم يعد المسؤولون البريطانيون يدّعون أن التحالف الذي يساهمون في تسليحه لم يخرق قوانين الحرب، لكنهم ما زالوا يرفضون أنه خرقها بالفعل. على الحكومة البريطانية الآن أن تفعل المزيد وتتخذ الخطوات اللازمة لحث التحالف على وقف تجاوزاته الفظيعة، وضمان مثول مرتكبيها أمام العدالة.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.