Skip to main content

مصر ـ ينبغي للإفراج عن الصحفيين أن يكون علامة على فصل جديد

يجب أن ينال سائر المشتغلين بالإعلام نفس الاهتمام الدولي

(نيويورك) ـالسلطات المصرية إسقاط كافة التهم عن الصحفيين الاثنين العاملين بقناة "الجزيرة إنجليش"، اللذين أفرج عنهما بكفالة يوم 12 فبراير/شباط 2015، والإفراج عن سائر الصحفيين الذين سجنوا ظلماً، حيث لم تقدم النيابة أدلة على ارتكاب خطأ من جانب صحفيي الجزيرة، كما أن ملاحقة الصحفيين بصفة عامة هي انتهاك للحقوق الأساسية التي يكفلها الدستور المصري والقانون الدولي على السواء. ما زال 9 صحفيين على الأقل، وما قد يصل إلى 67 صحفياً، في السجون المصرية، بحسب منظمات حقوقية ومنظمات معنية بحرية الإعلام، بمن فيهم أشخاص احتجزوا طوال شهور بغير محاكمة.

وقد سمحت إحدى محاكم الجنايات بالقاهرة بالإفراج عن صحفيي الجزيرة الاثنين محمد فهمي وباهر محمد، في أعقاب قرار صدر في 1 يناير/كانون الثاني من أرفع محاكم الاستئناف المصرية، وهي محكمة النقض، يقضي بإلغاء إدانتهما وإعادة محاكمتهما. أفرجت المحكمة عن فهمي، الكندي الذي تنازل مؤخراً عن جنسيته المصرية، بكفالة قدرها 250 ألف جنيهاً مصرياً (حوالي 32800 دولار أمريكي) وألزمته هو ومحمد، المصري الذي أفرج عنه بدون كفالة، بالحضور إلى قسم الشرطة يومياً في انتظار إعادة محاكمتهما، بحسب تقارير إعلامية. وكانت السلطات قد أفرجت عن صحفي ثالث من العاملين بالجزيرة، هو الأسترالي بيتر غريستي، ورحّلته في الأول من فبراير/شباط.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "يمثل الإفراج عن فهمي ومحمد خطوة إيجابية، وإن كانت متأخرة، لكن ما كان يجب سجنهما من الأصل. وعلى السلطات إسقاط جميع التهم عنهما هما وغيرهما من الصحفيين المصريين المسجونين لمجرد قيامهم بعملهم".

وقد قامت محكمة النقض، في إلغائها لأحكام الإدانة والعقوبات ـ 10 سنوات لـ محمد و7 لـ فهمي وغريستي ـ بتوجيه انتقاد شديد اللهجة إلى أحكام المحكمة الأصلية. وبعد شهر قامت السلطات بترحيل غريست بموجب مرسوم رئاسي صادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 يسمح بترحيل المتهمين الأجانب حيثما اقتضت "المصلحة القومية العليا" ذلك. وبعد هذا تنازل فهمي عن جنسيته المصرية لالتماس الترحيل بموجب نفس المرسوم، إلا أن شروط الإفراج عنه تحول على ما يبدو بينه وبين مغادرة مصر، كما قال أحد محاميه لموقع "آراب21" الإخباري.

وفي أثناء جلسة المحكمة في 12 فبراير/شباط، أوضح فهمي كيف تم دفعه إلى التنازل عن جنسيته. وقال إن "مسؤولاً أمنياً رفيع المستوى" لم يسمه طلب منه مرتين أن يتنازل عن جنسيته، قائلاً له إن "الجنسية في القلب وليست مجرد ورقة" وإن السلطات تريد إنهاء القضية، بحسب تقرير عن الجلسة على موقع "أصوات مصرية".

وقد أدى اعتقال صحفيي الجزيرة وسجنهم ظلماً إلى إدانة دولية، عن حق، لكن سائر الصحفيين المسجونين في مصر يستحقون نفس الاهتمام، بحسب هيومن رايتس ووتش. ذكرت لجنة حماية الصحفيين أسماء تسعة صحفيين آخرين محتجزين بتهم من قبيل "نشر أخبار كاذبة"، أو يقضون أحكاماً بالسجن على خلفية تغطيتهم الصحفية، وهذا منذ استيلاء الجيش على السلطة في 3 يوليو/تموز 2013 وعزل الرئيس محمد مرسي. وبحسب لجنة حماية الصحفيين، قتل سبعة صحفيين آخرين أثناء تأدية عملهم، إلا أن السلطات المصرية لم تجر تحقيقات مستقلة في أية واقعة من وقائع وفاتهم. وصنفت اللجنة مصر الثالثة ضمن أخطر البلدان على الصحفيين في 2013، كما ذكرتها منظمة "مراسلين بلا حدود" كواحدة من أسوأ خمسة بلدان فيما يتعلق بسجن الصحفيين في 2014.

وتقول منظمات الرصد المصرية إن أعداد الصحفيين المسجونين أعلى بكثير، ففي نوفمبر/تشرين الثاني قال المرصد المصري للحقوق والحريات إنه وثق اعتقال 92 صحفياً منذ استيلاء الجيش على السلطة، وإن 67 منهم ما زالوا في السجون. وقالت المنظمة إنها وثقت ستة محاكمات عسكرية لصحفيين في الشهور التي أعقبت عزل مرسي.

وقد جرى احتجاز محمود أبو زيد المعروف بشوكان، الصحفي الذي اعتقل أثناء تغطيته لتفريق اعتصام رابعة بالقوة في أغسطس/آب 2013، لحساب وكالة الأنباء الفرنسية الدولية "ديموتيكس"، جرى احتجازه بغير محاكمة لما يزيد على 550 يوماً. وفي توقيت أسبق في فبراير/شباط، عقب الإفراج عن غريستي وترحيله، كتب شوكان خطاباً بعنوان "أنقذوني"، يعبر فيه عن إحباطه من ممانعة السلطات في الإفراج عن صحفيين من غير الحاملين لجنسيات أجنبية، أو من غير الحاصلين على دعم المنافذ الإعلامية الدولية.

كما اعتقل صحفي آخر، هو أحمد جمال زيادة الذي يعمل كمصور لحساب الموقع الإلكتروني الإخباري "يقين"، بيد الشرطة في 28 ديسمبر/كانون الأول 2013 أثناء تغطيته لاحتجاجات طلبة جامعة الأزهر في القاهرة. قال موقع "يقين" للجنة حماية الصحفيين إن السلطات اتهمت زيادة في أبريل/نيسان 2014 بالمشاركة في مظاهرة غير مشروعة والاعتداء على رجل شرطة. وقالت "مراسلون بلا حدود" إن الشرطة اتهمته أيضاً بحيازة سلاح ناري. وفي أغسطس/آب دخل زيادة في إضراب عن الطعام، وهو يخضع حالياً للمحاكمة مع 76 طالباً، كما قال محاميه لوكالة "فرانس24".

وقالت سارة ليا ويتسن: "يتعين على الحكومة المصرية أن تنتبه إلى الضرر الذي تلحقه بسمعة البلاد من خلال سجن الصحفيين وغيرهم من المشتغلين بالإعلام لمجرد قيامهم بعملهم، فالاعتداء على ناقل الرسالة لا يمثل سياسة مفيدة في أي وقت، وهي سياسة ينبغي للسلطات المصرية أن تتخلى عنها". 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة