Skip to main content

رأي - العنف يطرق الأبواب في بيروت

لمى فقيه 

 

أثناء تغطية الحروب، تكون عُرضة لخطر الانفصال عن الألم الذي يُعاني منه مَن يتعرضون لانتهاكات تقوم بتوثيقها ونشرها. تفعل ذلك لتحمي نفسك. لكني تعرضت بالأمس إلى ما جعلني أتذكر بشكل مُزعج مذاق ذلك الألم.

فلقد شهدت منطقة الجناح جنوبي بيروت تفجيرين انتحاريين، بدراجة نارية وسيارة ملغومتين، هزا المنطقة صباح الثلاثاء، في تذكير آخر للمُقيمين في لبنان بأن الحرب في سوريا لا تحترم الحدود.

لقد وصلت إلى موقع الانفجارين في غضون ساعة من الهجوم، وهو أمر مألوف بالنسبة لي بعد سنتين من تغطية الحرب في سوريا لـ هيومن رايتس ووتش. لكني لم أكن هناك من أجل العمل لـ هيومن رايتس ووتش، بل لأنه تصادف وقوع الانفجارين أمام منزل أحد أقاربي، في منطقة يعيش فيها أغلب أفراد عائلتي. كنت هناك كغيري من اللبنانيين، لأخرج أهلي من القبو الذي احتموا به، وأساعدهم في حمل القليل من أغراضهم الضرورية من منزلهم الذي تم تدميره، وأنقلهم إلى مكان آمن.

لقد وقع الهجومان المتواليان ما بين الساعة التاسعة والنصف والعاشرة صباحاً، واستهدفا السفارة الإيرانية على ما يبدو، ولكنهما تسببا في مقتل 23 شخصاً وجرح 147 آخرين على الأقل. وبعدها بوقت قصير، أعلن الشيخ سراج الدين زريقات، القيادي الديني لكتائب عبد الله عزام في لبنان التابعة لتنظيم القاعدة، عبر حسابه على تويتر عن مسؤولية الجماعة عن الهجوم. كما أشار في تبريره للهجوم، إلى قتال قوات حزب الله إلى جانب الحكومة السورية واحتجاز الإسلاميين في لبنان. ولقد جاء هذا الهجوم عقب عدة هجمات بسيارات مُفخخة في ضواحي بيروت وطرابلس هذا الصيف، على خلفية الصراع السوري أيضاً.

ضحايا هذا الهجوم كغيرهم من ضحايا التفجيرات الآخرى في لبنان هذا العام، وكذلك الضحايا في سوريا الذين يعانون من انتهاكات من قِبل الحكومة ومقاتلي المعارضة على السواء، هم من الأبرياء الذين يدفعون ثمناً باهظاً لهذه الحرب التي تبدو بلا نهاية، والتي تتميز، إن كانت هذه ميزة، بالإفلات التام من العقاب وعدم الاكتراث بمُعاناة المدنيين. ولم تفعل الحكومات المعنية ما يكفي لوقف الدعم، والبدء في معاقبة مجرمي الحرب من جميع أطراف النزاع في سوريا. وهناك خطوة واحدة واضحة يُمكن أن تتخذها هذه الحكومات وهي إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما يمنح الأمل في تحقيق العدالة ذات يوم، ويمنع ارتكاب انتهاكات في المستقبل. وإن لم تفعل الحكومات المعنية المزيد، فسوف تستمر جولات العنف العبثية، الواحدة تلو الأخرى.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد

الأكثر مشاهدة