Skip to main content

ليبيا: مدّعي المحكمة الجنائية الدولية يُعلن أول المشتبه بهم

القضية تقرب الضحايا من نيل العدالة

(نيويروك) - قالت هيومن رايتس ووتش إن طلب مدّعي المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف على الجرائم الجسيمة المرتكبة في ليبيا يعتبر خطوة أولى نحو تحقيق العدالة. في 16 مايو/أيار طلب مدعي المحكمة من القضاة إصدار أوامر توقيف بحق ثلاثة مشتبهين بجرائم ضد الإنسانية، منهم القائد الليبي معمر القذافي.

وقال ريتشارد ديكر، مدير العدل الدولي في هيومن رايتس ووتش: "طلب مدعي المحكمة الجنائية الدولية يعتبر بمثابة جرس إنذار للآخرين بأن الجرائم الجسيمة لن تمر دون عقاب. إنها رسالة لأولئك المسؤولين عن الإساءات الجسيمة، بأنهم سيُحاسبون على أعمالهم".

طلب المدعي العام للمحكمة إصدار أوامر توقيف بحق معمر القذافي وابنه سيف الإسلام وعبد الله سنوسي، على جرائم ضد الإنسانية.

بدأت التظاهرات المعارضة للحكومة في شرقي ليبيا في 15 فبراير/شباط، إثر تظاهرات كبرى مطالبة بالديمقراطية أدت لتغيير الحكومات في مصر وتونس المجاورتين. ردت القوات الأمنية الحكومية الليبية بالاعتقالات والهجمات على المتظاهرين السلميين في مدن بنغازي ودرنا وطبرق، ثم العاصمة طرابلس، وفي بعض مدن غربي ليبيا. وثقت هيومن رايتس ووتش الاعتقالات التعسفية وأعمال الإخفاء بحق عدد من الأفراد، وكذلك حالات فتحت القوات الحكومية النار على المتظاهرين السلميين.

وقال ريتشارد ديكر: "المدنيون الليبيون الذين عاشوا كابوساً على مدار الشهور الماضية يستحقون الإنصاف من خلال عملية قضائية مستقلة ونزيهة. إعلان اليوم عن أوامر التوقيف يوفر هذه الفرصة".

المسؤولية الجنائية أمام المحكمة الجنائية الدولية نافذة بحق من يرتكبون الجرائم بأنفسهم وضد كبار المسؤولين ومنهم من أصدروا القرارات ومن يحتلون مناصب قيادية كان من المفترض بموجب شغلها أنهم يعرفون بوقوع انتهاكات ثم فشلوا في منعها أو الإبلاغ عنها أو مقاضاة المسؤولين عنها. نظام روما المنشئ للمحكمة، المنطبق بالتساوي على جميع الأفراد، يُطبق على رؤساء الدول والمسؤولين الحكوميين بغض النظر عن أي حصانة قد يدّعون بأنهم مستحقين لها.

إذا أصدرت المحكمة أمر توقيف بحق القذافي، فلن يكون أول أمر صادر ضد رئيس دولة حالي من قبل المحكمة. في عام 1999 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة قرار اتهامها الأول ضد الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسوفيتش بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في كوسوفو. في عام 2003 كشفت المحكمة الخاصة بسيراليون عن اتهامها لتشارلز تايلور، الرئيس الليبيري في ذلك الحين. مؤخراً أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمري توقيف بحق الرئيس السودان عمر البشير بناء على اتهامات بأعمال إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

وقال ريتشارد ديكر: "السعي لإصدار مذكرة توقيف بحق معمر القذافي على الجرائم المرتكبة في ليبيا يُظهر أن لا أحد فوق القانون". وأضاف: "مسؤولية المدعي أن يتابع خيط الأدلة حتى لو كانت بحق رئيس دولة".

يأتي طلب الادعاء بعد شهرين ونصف الشهر من صدور قرار من مجلس الأمن بالإجماع، قرار رقم 1970، بإحالة الوضع في ليبيا إلى المحكمة الجنائية الدولية. إثر إحالة الوضع في ليبيا في 26 فبراير/شباط إلى المحكمة، أعلن المدعي العام للمحكمة في 3 مارس/آذار أنه سيفتح تحقيقاً في الجرائم المحتمل وقوعها ضد الإنسانية، في ليبيا منذ 15 فبراير/شباط.

على الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية أن تراجع الآن المعلومات التي قدمها المدعي، كي تحدد ما إذا كانت ستصدر الأمر. قضاة الدائرة التمهيدية يُصدرون أوامر التوقيف إذا استوفت مطلب وجود "أسس معقولة للاعتقاد" بأن الأشخاص المعنيين قد ارتكبوا الجرائم المدعى عليهم بها.

وإذا صدرت الأوامر، فإن أي مشتبه يتم القبض عليه أو يسلم نفسه للمحكمة يحظى بفرصة الاعتراض على الاتهامات والطعن في الأدلة في جلسة تخصص لـ "تأكيد الاتهامات". وقتها، على الدائرة التمهيدية للمحكمة أن تقرر ما إذا كانت توجد أدلة كافية لإثبات "وجود أسس يعتد بها للاعتقاد" بأن الشخص ارتكب كل من الجرائم المنسوبة إليه، من أجل المضي قدماً إلى مرحلة المحاكمة.

بينما تنظر المحكمة في أوامر التوقيف الأولى، تدعو هيومن رايتس ووتش مدعي المحكمة الجنائية الدولية إلى الاستمرار في التحقيق في الجرائم الجسيمة التي ربما قد ارتكبتها جميع الأطراف في ليبيا، بما في ذلك جرائم الحرب المرتكبة أثناء النزاع المسلح. قرار مجلس الأمن 1970 يمنح المحكمة الجنائية الدولية الاختصاص القضائي فيما يخص جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في الأراضي الليبية منذ 15 فبراير/شباط.

وقال ريتشارد ديكر: "المساءلة في ليبيا يجب أن تشمل التحقيق في الجرائم المحتمل قيام الحكومة وقوات المعارضة بارتكابها". وتابع: "إننا نتطلع إلى المدعي العام كي ينفذ تكليفه بشكل محايد بحيث يمثل المسؤولون عن الانتهاكات الجسيمة أمام العدالة، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية".

وثقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب من قبل القوات الحكومية الليبية، منها الهجمات العشوائية المتكررة على أحياء سكنية في مصراتة وفي بلدات غربي ليبيا بمنطقة نافوسة الجبلية.

على المحكمة أن تعتمد على تعاون الدولة في المزيد من التحقيقات، بما في ذلك عن طريق تيسير جمع الأدلة وحفظها، وكذلك المساعدة في تنفيذ أوامر التوقيف. قرار مجلس الأمن 1970 يُلزم السلطات الليبية بالتعاون بالكامل مع المحكمة. في أبريل/نيسان، وعدت سلطة المعارضة الليبية - المجلس الوطني الانتقالي - بالتعاون مع المحكمة، في رسالة قدمها إلى مكتب المدعي العام".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة