Skip to main content

الولايات المتحدة: عودة اللجان العسكرية ضربة للعدالة

القواعد الجديدة لن تضمن المحاكمات العادلة

(واشنطن، 15 مايو/أيار 2009) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن قرار إدارة أوباما بإعادة اللجان العسكرية كي تنظر في أمر المحتجزين في غوانتانامو سوف يطيل من عهد الظلم في غوانتانامو. ومن المُقدر أن اللجان ستوفر عدالة أقل من المستوى المفترض، ويُرجح أن تَحُفّ بالدعاوى القضائية المضادة والتأخير في النظر في القضايا.

وقال كينيث روث، المدير التنفيذي لـ هيومن رايتس ووتش: "نظام اللجان العسكرية معيب بشكل لا يجدي معه إصلاح". وتابع قائلاً: "واستعادة هذه الفكرة الفاشلة من عهد إدارة بوش، تعني أن الرئيس أوباما يتراجع بشكل خطير على مسار أجندته الإصلاحية".

وفيما كان مرشحاً رئاسياً، نعت أوباما وعن حق اللجان العسكرية في غوانتانامو بأنها "فشل ذريع". وفي يومه الثاني كرئيس، أوقف عمل اللجان لمدة 120 يوماً وأعلن عن خطط لإغلاق مركز الاحتجاز في غوانتانامو خلال عام.

واليوم، أعلنت الإدارة عن أنها ستستأنف محاكمة محتجزي غوانتانامو على يد اللجان العسكرية بموجب قواعد جديدة توفر للمدعى عليهم قدراً أكبر من تدابير الحماية الخاصة بالدفاع. وطبقاً للإدارة فإن القواعد الجديدة ستحظُر الأخذ بالأدلة المستخلصة بالإكراه، وسوف تشدد من استخدام الأدلة غير المؤكدة أكثر من الوارد في قواعد اللجان العسكرية الحالية، وستسمح للمحتجزين بقدر أكبر من الاختيار في انتقاء محاميّ الدفاع.

ورغم أن التغييرات المقترح إدخالها على اللجنة ستكون بمثابة تحسينات، إلا أنها لا تتناول بواعث القلق الأساسية الخاصة بالطبيعة المعيبة لهذه المحاكم، حسب ما قالت هيومن رايتس ووتش. فغرض اللجان في حد ذاته هو السماح بمحاكمات يعوزها تدابير حماية إجراءات التقاضي السليمة المتوفرة للمدعى عليهم في المحاكم الفيدرالية.

وبعض أكثر المشكلات فداحة في اللجان العسكرية جاءت نتيجة إعداد نظام جديد من لا شيء. لأن القواعد الإجرائية الخاصة بالمحكمة أُعدت لها خصيصاً على عجل ودون أن تخضع للاختبار، فقد أصبح من الصعب تحضير الدفاع فيها. على سبيل المثال، النظام المُطبق لتوفير الاستكشاف للمدعى عليهم خلّف الدفاع بلا قدرة على الاطلاع على أدلة أساسية – وفي بعض القضايا هي أدلة تبرئة محتملة. وأصبحت الكثير من الموضوعات عرضة لطعون قضائية لا حصر لها، مما يؤدي إلى التأخير لفترات طويلة بلا ضرورة.

ومن المشكلات الأساسية في اللجان عدم استقلاليتها. فكونها جزء من النظام العسكري الأكبر، يجعلها عرضة لتأثير وسيطرة السلطة التنفيذية على نحو غير ملائم.

ومن بواعث القلق الأخرى استمرار اللجان في الاعتماد على الأدلة غير المؤكدة. فرغم أن بعض المدعى عليهم في اللجان أشاروا إلى استعانة المحاكم الدولية بقواعد تسمح بشكل نسبي بالأدلة غير المؤكدة، إلا أن الفارق الأساسي بين الاستخدامين هي أن من يثبت أو ينفي الحقائق المعروضة في تلك المحاكم هم قضاة، ويعرفون كيف يقللون من وزن الدليل غير المؤكد، وليس أشخاص غير متفقهين في القانون لا يعرفون كيف يزنون الأدلة. ولا تعرف هيومن رايتس ووتش بنظام عدالة جنائية في العالم سوى النظام الرواندي الخاص بمحاكم الـ جاساسا التي لا تتمتع بالمصداقية، يتم فيه استخدام الأدلة غير المؤكدة أمام هيئة مخلفين من غير المحامين، كما هو الحال في اللجان العسكرية المُعادة.

والقواعد المُقترحة بالأدلة غير المؤكدة تفتح الباب أمام وقوع إدانات (وربما أحكام إعدام) بناء على شهادات شهود مشكوك في أمرهم، وهم أشخاص لا تحتاج الحكومة لأن تجعلهم يمثلون في المحكمة، لأن شهادتهم يمكن أن يذكرها آخرون بناء على ما سمعوه منهم.

وقال كينيث روث: "ستكون اللجان العسكرية العائدة مشوبة كثيراً بميراث اللجان القديمة من العيوب الأخلاقية والسياسية". وأضاف: "والتاريخ التعيس لهذه اللجان يضمن بشكل شبه مؤكد في اللجان المستقبلية أن إجحاف مجريات التقاضي فيها سيشتت الانتباه عن جسامة الجرائم التي تنظرها".

وقالت هيومن رايتس ووتش أنه بغض النظر عن الامتيازات الهامشية التي ربما تسعى الإدارة لربحها عبر استخدام نظام تقاضي أقل من المستوى المعياري، ستذهب بها التبعات السلبية للاعتماد على اللجان. ويمكن للولايات المتحدة أن تتوقع استمرار الإدانة الدولية لها على التضييق على إجراءات التقاضي السليمة، وعلى عدم التبرؤ من ميراث غوانتانامو. كما سيُجهض هذا التعاون الدولي المطلوب لإفساد المخططات الإرهابية ولتوقيف المشتبهين بالإرهاب.

ولطالما دعت هيومن رايتس ووتش الحكومة الأميركية إلى نقل قضايا غوانتانامو إلى محاكم فيدرالية أميركية، حيث نجحت الإجراءات المطبقة في اختبار الزمن والقضايا العديدة التي نظرتها. ورغم أن النقاد يؤكدون على أن المحاكمات في المحاكم الأميركية تعرض الأمن الوطني للخطر بكشف معلومات استخباراتية حساسة، إذ يحكم هذه المحاكم قواعد مُصاغة بعناية كي لا تنكشف المعلومات الحساسة علناً. وقد تمت محاكمة وإدانة كل من الشيخ عمر عبد الرحمن – المتواطئ في تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993 – وزكريا موسوي – المتواطئ في هجمات 11 سبتمبر/أيلول – أمام المحاكم الفيدرالية.

وقال كينيث روث: "لا يوجد سبب جيد يبرر عدم نقل قضايا غوانتانامو إلى محكمة فيدرالية". وأضاف: "فخلال أكثر من سبع سنوات انقضت على الإعلان عن اللجان العسكرية، لم يُحاكم فيها غير ثلاثة مشتبهين. أما المحاكم الفيدرالية، فعلى النقيض، فقد نظرت في أكثر من 145 قضية إرهاب في الفترة نفسها".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.