Skip to main content

المملكة العربية السعودية: سياسات ولاية الرجل تضر بالمرأة

الفصل بين الجنسين يُبعد المرأة عن مجال الحياة العامة

قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم إن نظام ولاية الرجل على المرأة وسياسات الفصل بين الجنسين في المملكة العربية السعودية تحول دون استمتاع المرأة بحقوقها الأساسية. إذ يتعين على المرأة السعودية الحصول على تصريح من ولي أمرها (الأب أو الزوج أو حتى الابن) لكي تتمكن من العمل أو السفر أو الدراسة أو الزواج أو حتى الحصول على الرعاية الصحية.

وفي تقرير "قاصرات إلى الأبد: انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن نظام الولاية والفصل بين الجنسين في المملكة العربية السعودية" الذي جاء في 44 صفحة، تستند هيومن رايتس ووتش إلى أكثر من 100 مقابلة أجرتها مع نساء سعوديات لتوثيق آثار هذه السياسات التمييزية على حقوق المرأة الأساسية.

وقالت فريدة ضيف، باحثة حقوق المرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تضحي الحكومة السعودية بحقوق الإنسان الأساسية لكي تُبقي على سيطرة الرجل على المرأة". وأضافت قائلة: "لكن المرأة السعودية لن تحرز أيّ تقدم قبل أن تضع الحكومة حداً للانتهاكات الناجمة عن هذه السياسات الخاطئة".

وتعامل السلطات المرأة البالغة كمعاملتها للقاصرات اللاتي لا يحق لهن أية سلطة على حياتهن أو معيشتهن. كما يتم حرمان النساء السعوديات من الحق القانوني في اتخاذ أقل القرارات شأناً بخصوص أطفالهن. ولا يجوز للنساء فتح حسابات بنكية لأطفالهن أو إلحاقهم بالمدارس أو الحصول على ملفاتهم المدرسية أو السفر مع الأطفال دون إذن كتابي من والد الطفل.

ويتم حرمان المرأة السعودية من دخول الهيئات الحكومية التي لا يوجد فيها أقسام خاصة للمرأة، ما لم تكن في صحبة رجل يمثلها. ويمثل الاحتياج لإنشاء أقسام خاصة للمرأة عائقاً أساسياً يحول دون توظيف النساء، وعادة ما تُتاح للطالبات الجامعيات منشآت تعليمية وفرصاً أكاديمية أقل شأناً من مثيلاتها المُتاحة للطلاب.

كما تسهم ولاية الرجل على المرأة البالغة في زيادة خطر تعرض النساء للعنف الأسري، إذ يصبح من الصعب على ضحايا العنف اللجوء لتدابير الحماية أو إجراءات الانتصاف. وذكر اختصاصيون اجتماعيون وأطباء ومحامون لـ هيومن رايتس ووتش شبه استحالة إلغاء الولاية، حتى إذا كان ولي الأمر يقوم بأعمال تنطوي على الإساءة.

حتى عندما لا يكون إذن ولي الأمر إلزامياً طبقاً للأوامر الحكومية أو هو مذكور فيها، يطلب بعض المسؤولين الإذن. كما تطلب بعض المستشفيات إذن ولي الأمر للسماح للمرأة بدخول المستشفى، وكذلك الإذن في الموافقة على الإجراءات الطبية الخاصة بالمرأة أو أطفالها، أو بالخروج من المستشفى، وهذا على النقيض مما يرد في الأنظمة الوطنية المُدونة.

ولا يتبع المسؤولون دائماً القيود المفروضة على الولاية والتي فرضتها الحكومة مؤخراً. وعلى الرغم من قرار وزارة الداخلية بالسماح للنساء الأكبر من 45 عاماً بالسفر دون إذن، فإن مسؤولي المطارات مستمرون في مطالبة كل النساء بتوفير إثبات كتابي على سماح ولي الأمر لهن بالسفر. كما يمكن أن تكون قيود السفر مهينة بالنسبة لكثير من النساء.

على سبيل المثال، لا يمكن لفاطمة أ. السعودية البالغة من العمر 40 عاماً وتقيم بالرياض، أن تستقل طائرة دون إذن كتابي من ولي أمرها، وهو ابنها. وقالت فاطمة لـ هيومن رايتس ووتش: "ابني يبلغ من العمر 23 عاماً وقد حضر في رحلة طويلة من المنطقة الشرقية لكي يمنحني الإذن بالسفر من البلاد".

كما تخضع قدرة المرأة السعودية على اللجوء للعدالة لقيود كثيرة. إذ تستمر النساء في المعاناة من المشكلات أثناء رفع الدعاوى القضائية أو حتى الحضور والتحدث في المحكمة دون تواجد ولي أمر. ويُطلب إلى النساء ارتداء النقاب في المحاكم وأن يكنّ بصحبة قريب من الرجال يمكنه التعرف إليهنّ. ولم تضع المملكة العربية السعودية سناً دنياً للمسؤولية الجنائية على الفتيات، فيما تعتبر السلطات عموماً البلوغ الجسدي بمثابة بداية معاملة الأطفال كأشخاص بالغين.

وقالت فريدة ضيف: "من المدهش أن الحكومة السعودية تحرم النساء السعوديات من الحق في اتخاذ القرارات الخاصة بهن، لكنها تُحمِلهُنّ المسؤولية الجنائية عن تصرفاتهن لدى البلوغ". وتابعت: "بالنسبة للمرأة السعودية لا يحمل بلوغ سن الرشد أي حقوق، بل مجرد مسؤوليات".

وبعدم إبطالها لهذه الممارسات التمييزية، فإن الحكومة السعودية قد فشلت في التزامها بضمان حقوق النساء والفتيات في التعليم والعمل وحرية التنقل والرعاية الصحية والمساواة في الزواج. وبهذا فإن الحكومة السعودية لا تتجاهل فقط القانون الدولي، بل حتى عناصر من الشريعة الإسلامية تنص على المساواة بين الرجل والمرأة ومنح الأهلية القانونية الكاملة للمرأة.

وتدعو هيومن رايتس ووتش المملكة العربية السعودية إلى التحرك الفوري للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن سياسات ولاية الرجل على المرأة. وعلى الحكومة السعودية أن تفي بالتزاماتها الدولية وأن تُبطل العمل بموجب هذا النظام التمييزي للغاية. ويجب على الملك أن يسن آلية للإشراف لضمان أن الهيئات الحكومية لا تطلب إذن ولي الأمر للسماح للنساء البالغات الراشدات بالعمل أو السفر أو الدراسة أو الزواج أو تلقي الرعاية الصحية، أو الحصول على أية خدمة عامة. وعلى السلطات إنشاء أقسام للنساء أو غيرها من المنشآت في كل مكتب حكومي ومحكمة لضمان اطلاع النساء على كافة مستويات الحكومة على قدم المساواة مع الرجال.

للاطلاع على تقرير هيومن رايتس ووتش: "قاصرات إلى الأبد: انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن نظام الولاية والفصل بين الجنسين في المملكة العربية السعودية"، يُرجى زيارة:
https://www.hrw.org/arabic/reports/2008/saudiarabia0408/

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.