Skip to main content

الجزائر

أحداث عام 2011

في فبراير/شباط، قام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة برفع حالة الطوارئ القائمة منذ 19 عامًا، وأعلن عن إصلاحات قانونية وسياسية في خضمّ اضطرابات اقتصادية متصاعدة، ومظاهرات في الشوارع تطالب بالإصلاح، وإضرابات عمالية. ولكن، حتى كتابة هذه السطور، لم تُعطي الإجراءات المتخذة للجزائريين حرية ممارسة حقوقهم في التعبير عن الرأي، والتجمع، وتكوين الجمعيات.

واصلت قوات الأمن والمجموعات المسلحة التمتع بالإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة خلال الحرب الأهلية في التسعينات. وقامت الدولة بدفع تعويضات لعائلات الأشخاص المختفين بشكل قسري في التسعينات دون أن توفر أجوبة عن مصير هؤلاء. كما واصلت المجموعات المسلحة شنّ هجمات قاتلة استهدفت بشكل خاص قوات الأمن الحكومية.

حرية التجمع

شهد شهر يناير/كانون الثاني 2011 مظاهرات عنيفة وأعمال شغب في عدد من المدن ناجمة عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية. ومع هدوء أعمال الشغب، بدأ الجزائريون منذ 22 يناير/كانون الثاني، متأثرين بالأحداث في تونس ومصر، في محاولة تنظيم مسيرات سلمية في الجزائر العاصمة للمطالبة بالإصلاح. وتم نشر قوات كبيرة من الشرطة، وهو ما تسبب في منع المتظاهرين من التظاهر أو تطويقهم داخل فضاء ضيق. كما تم تنظيم مظاهرات عمالية واسعة النطاق، بما في ذلك مسيرة ضمت آلافًا من عناصر الحرس البلدي في الجزائر العاصمة يوم 7 مارس/آذار مطالبين بزيادات في الأجور. 

في 24 فبراير/شباط، قام الرئيس بوتفليقة برفع حالة الطوارئ. وكان قانون الطوارئ يعطي وزير الداخلية صلاحيات واسعة لاحتجاز الأشخاص الذين يمثلون تهديدًا "للنظام العام"، وإغلاق أماكن الاجتماعات، وحظر التجمعات. كما تواصل العمل بالقيود المفروضة على الحريات المدنية من خلال اعتماد الدولة على قوانينها القمعية. على سبيل المثال، لا يزال حظر المظاهرات الذي فُرض سنة 2001 على العاصمة الجزائر ساري المفعول. أما خارج العاصمة، فيتواصل العمل بمرسوم سنة 1991 الذي يستوجب الحصول على موافقة مسبقة لتنظيم تجمعات عامة. وبينما سمحت السلطات ببعض المظاهرات المنتقدة للحكومة خارج الجزائر العاصمة، فإن هذه المظاهرات كانت تمثل الاستثناء وليس القاعدة.

في 16 مارس/آذار، اعتقلت السلطات في مدينة مستغانم دليلة طواط، من اللجنة الوطنية للدفاع عن حقون المعطلين عن العمل غير المعترف بها، واحتجزتها لمدة ليلة واحدة بسبب توزيع مناشير، وتم اتهامها بمخالفة المادة 100 من القانون الجنائي التي يمنع "كل تحريض مباشر على التجمهر غير المسلّح بخطابات تُلقى علنًا أو بكتابات". وفي 28 أبريل/نيسان، قامت محكمة في مستغانم بتبرئة دليلة طواط. كما قامت السلطات بممارسة شتى أشكال المضايقات على عدد من قادة النقابات المستقلة غير المعترف بها.

حرية التعبير عن الرأي وتكوين الجمعيات

تراقب الدولة بث جميع وسائل الإعلام الموجودة داخل البلاد، التي تقوم بتغطية مباشرة لجلسات البرلمان دون أن تبث أي تغطية ناقدة للسياسات الحكومية. وتتمتع الصحف الخاصة بقدر أوسع من الحرية، ولكن قوانين الصحافة القمعية واعتماد هذه الصحف على الموارد المتأتية من إشهار القطاع العمومي يحدان من حريتها في انتقاد الحكومة والجيش. كما قامت الحكومة بمنع قناة الجزيرة من اعتماد مكتب لها داخل البلاد.

وفي يوليو/تموز، قام البرلمان بمراجعة مادتين اثنتين من قانون الصحافة لإلغاء عقوبة السجن، دون إلغاء الغرامات المالية، بسبب التشهير أو ذم رئيس الدولة أو مؤسساتها أو المحاكم. وفي سبتمبر/أيلول، وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون للصحافة. وإذا ما تم تبني هذا المشروع، فانه سيتم إلغاء عقوبة السجن بسبب جرائم التعبير التي لا زالت موجودة في قانون الصحافة الحالي.

كما تبنى مجلس الوزراء في 12 سبتمبر/أيلول مشروع قانون متعلق بالجمعيات يسمح للسلطات بمعارضة تكوين جمعية يمكن أن تتعارض مع "النظام العام" أو "الأخلاق الحميدة". كما يُسهل هذا المشروع حلّ جمعية دون الحاجة إلى أمر قضائي ويُصعب من حصول الجمعية على تمويل من الخارج. وعملا بنص القانون المقترح، فإن إدارة جمعية "غير مصرّح لها" يبقى عملا إجراميا.

وطالبت السلطات الجمعيات بضرورة الحصول على موافقة والي الجهة قبل عقد أي اجتماع لها. وفي يونيو/حزيران، حظرت الحكومة اثنين من فعاليات الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان: محاضرة بمناسبة يوم الطفولة في 1 يونيو/حزيران في ولاية تل الطرف ومحاضرة أخرى حول الفساد في العالم العربي كانت مقررة ليوم 10 يونيو/حزيران في الجزائر العاصمة.

الحريات الدينية

ينص الدستور الجزائري على أن الإسلام هو دين الدولة وعلى أن يكون رئيس الدولة مسلمًا. وصدر قانون سنة 2006 يجرم التبشير الذي يقوم به غير المسلمين، دون تجريم العكس، ويمنع غير المسلمين من العبادة خارج الأماكن التي وافقت عليها الدولة. وعلى مستوى الممارسة، قلما تسمح السلطات للمجموعات البروتستانتية باستعمال دور العبادة. وفي مايو/أيار، أصدر والي بجاية أمرًا إلى الكنيسة البروتستانتية في الجزائر يقضي بغلق سبعة أماكن عبادة "غير مرخص لها" في الولاية. وفي أكتوبر/تشرين الأول، قال مصطفى كريم، رئيس الكنيسة البروتستانتية في الجزائر،  إن الكنائس واصلت عملها في الوقت الذي رفعت فيه قضية استئناف في الغرض. وفي 25 مايو/أيار، أدانت محكمة في وهران عبد الكريم صياغي، متحول إلى المسيحية، بتهمة "الاعتداء على" الرسول محمد، وعملا بالقانون الجنائي تم الحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات مع غرامة مالية. وتم بعد ذلك إطلاق سراحه في جلسة استئناف عُقدت يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني.

 

الإفلات من العقاب عن الانتهاكات السابقة

تسبب الصراع السياسي الذي عاشته الجزائر في التسعينات إلى مقتل ما يفوق مائة ألف شخص. كما اختفى آلاف الأشخاص بشكل قسري على يد قوات الأمن أو المجموعات المسلحة التي تحارب الحكومة. ووفر قانون 2006 حول السلام والمصالحة الوطنية إطارا قانونيا يوفر حصانة لمرتكبي الجرائم التي حصلت خلال هذه الفترة. كما جرّم القانون تشويه سمعة مؤسسات الدولة وقوات الأمن من خلال الحديث عن سلوكها أثناء الصراع السياسي، وبذلك تم تجريم كل شخص يزعم أن قوات الأمن ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان.

ووعد القانون بالتعويض لعائلات الأشخاص "المختفين"، ولكن المنظمات التي تمثل عائلات "المختفين" انتقدت الدولة بسبب فشلها في توفير معلومات دقيقة حول مصير هؤلاء والضغوطات التي ما فتئت تمارسها على عائلاتهم للقبول بالتعويض والعدول عن المطالبة بكشف الحقيقة.

وفي 2011، أصدرت محاكم جزائرية عدة أحكام بالإعدام، ولكن الجزائر أوقفت فعليا تنفيذ أحكام الإعدام منذ سنة 1993.

حقوق المرأة

تواجه المرأة الجزائرية تمييزا تحت أحكام قانون الأحوال الشخصية. ويحق للرجل تطليق زوجته دون سبب، ولكن المرأة لا تستطيع المطالبة بالطلاق إلا في ظروف محددة مثل الإهمال. ويبقى الخُلع الإمكانية الوحيدة المتوفرة للمرأة لكي تطالب بالطلاق دون توفير أسباب مقبولة، ولكن ذلك يحرمها من المطالبة بأي حق مالي.

الإرهاب ومكافحة الإرهاب

تراجعت وتيرة الهجمات التي تشنها المجموعات المسلحة بشكل ملحوظ مقارنة مع منتصف التسعينات، ولكن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لا يزال يشن هجمات قاتلة تستهدف في معظمها، وليس كلها، أهدافا عسكرية وأخرى للشرطة.

في 24 فبراير/شباط، نفس اليوم الذي رفع فيه الرئيس حالة الطوارئ، أصدر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مرسومًا يسمح للجيش الجزائري بشن عمليات لمكافحة الإرهاب، وهو نفس الدور الذي لعبه الجيش تحت قانون الطوارئ. وكان قسم الاستخبارات والأمن، التابع للجيش الجزائري، قد تورط في البعض من أسوأ الانتهاكات التي حصلت أثناء مكافحة الإرهاب منذ التسعينات.

وفي 24 فبراير/شباط أيضًا، أعلن الرئيس بوتفليقة المادة 125 ثانيًا من إجراءات القانون الجنائي التي تسمح للقضاة بوضع المشبه فيهم رهن "الإقامة المحمية". ويسمح نص القانون بهذا النوع من الاحتجاز في أماكن سرية كما يسمح بمقاضاة من يفصح عن أماكن وملابسات الاحتجاز. وعوضت عبارة "الإقامة المحمية" عبارة "الإقامة الجبرية" التي كان معمولا بها أثناء حالة الطوارئ والتي كانت تطبق على عدد محدود ممن يشتبه في ضلوعهم بالإرهاب. وكانت "الإقامة الجبرية" تقتضي إبعاد الأشخاص عن المنظومة القضائية واعتقالهم لأجل غير معلوم في أماكن مجهولة دون تمكينهم من الاتصال بعائلاتهم ومحاميهم.

وبعد رفع حالة الطوارئ، تم تقديم المعتقلين الذين كانوا رهن "الإقامة الجبرية" إلى المحاكمة ومن ثمة نقلهم إلى أماكن اعتقال رسمية، ولكن السلطات واصلت منع بعضهم من الظهور أثناء المحاكمات. وعلى سبيل المثال، انسحب محامو عمر فرّاح وياسين عيساني، المتهمين بالإرهاب، من قاعة المحكمة عندما لم تقم المحكمة بجلب  عمار صايفي، المتهم الآخر والقائد المزعوم، خلال عدة جلسات جرت بين مارس/آذار ويونيو/حزيران، وهو ما تسبب في تأجيل المحاكمة إلى نوفمبر/تشرين الثاني.

وفي قضية تعود إلى تسعينات القرن الماضي، تم جلب مليك مجنون وعبد القادر شناوي للمحاكمة يوم 18 يوليو/تموز بسبب اغتيال المغني والناشط القبايلي لونس ماتوب سنة 1999، بعد أن قضّى المتهمان 12 سنة في السجن قبل المحاكمة. وزعم المتهمان أنهما بريئان وأنهما تعرضا للتعذيب أثناء الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي. وقامت المحكمة بإدانة المتهمين وحكمت عليهما بالسجن لمدة 12 سنة.

الأطراف الدولية الرئيسية

يربط الجزائر بالاتحاد الأوروبي اتفاق شراكة واتفاق يمنح الجزائر 172 مليون يورو (ما يقارب 234 مليون دولار أمريكي) كمساعدات بين 2011 و2013. وفي سبتمبر/أيلول، تم عقد اجتماع للجنة التعاون الثنائي المنبثقة عن مجلس "الحوار السياسي والأمن وحقوق الإنسان".

واستنادًا إلى الولايات المتحدة، فإن الجزائر "شريك محوري في مكافحة شبكات التطرف والإرهاب مثل القاعدة، وهي ثاني أكبر شركائنا التجاريين في العالم العربي." وبينما لا تقدم الولايات المتحدة تقريبًا أي دعم مالي للجزائر، فإنها أهم مستورد من الجزائر وخاصة في مجال الغاز والنفط. وفي 24 فبراير/شباط، هنأ الرئيس باراك أوباما الحكومة على رفع حالة الطوارئ قائلا "نحن نتطلع إلى خطوات إضافية من الحكومة تمكن الجزائريين من الممارسة الكاملة لحقوقهم الكونية، بما في ذلك حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع".

في 2011، لم تستدع الجزائر أيًا من المؤسسات الخمسة التابعة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي طالب بزيارة الجزائر، بما في ذلك الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، والمقرر الخاص بالتعذيب وحقوق الإنسان أثناء مكافحة الإرهاب. ويُذكر أن الجزائر استقبلت المقرر الخاص بالحق في المسكن اللائق.