Egypt



Egypt Iraq
  

<<   الصفحة السابقة  |  الصفحة الرئيسية  |  الصفحة التالية  >>

IV. القبض والاعتقال التعسفي

بدأت الاعتقالات واسعة النطاق في مدينة العريش وحولها في حدود 13 أكتوبر/تشرين الأول، حيث انتقلت التحقيقات في الهجمات من منطقة وسط سيناء المحيطة بطابا إلى الشمال. ويبدو أن أغلب الاعتقالات الجماعية قد تركزت خلال شهر رمضان، أي من منتصف أكتوبر/تشرين الأول إلى منتصف نوفمبر/تشرين الثاني. ولكن بعض الاعتقالات التي يفترض ارتباطها بهجمات طابا استمرت في الوقوع حتى منتصف ديسمبر/كانون الأول وربما منتصف يناير/كانون الثاني. وحتى نهاية يناير/كانون الثاني كان عدد من لا يزالون قيد الاعتقال يناهز المئات إن لم يكن بضعة آلاف.39

وباستثناء بيان وزارة الداخلية الصادر في 25 أكتوبر/تشرين الأول والذي حدد أسماء تسعة أشخاص قال إنهم منفذو الهجمات، فإن السلطات المصرية لم تقدم أية معلومات بشأن من ألقت القبض عليهم في إطار التحقيقات في هجمات طابا، أو هوياتهم، أو أماكن احتجازهم، أو الأساس القانوني للقبض عليهم واستمرار احتجازهم. ولم تقم الحكومة بتأكيد أو نفي تقارير منظمات حقوق الإنسان المصرية التي قدرت عدد المحتجزين بما بين 2500 و3000 شخص. وقد قال أحد النشطاء السياسيين في العريش الذين بذلوا جهداً للفت الانتباه إلى انتهاكات حقوق الإنسان هناك لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن هذه الأرقام قد خرجت عن اجتماع عقده مسئول أمني رفيع في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني مع مشايخ القبائل.40

وقام شادي عبد الكريم المحامي بالمنظمة المصرية لحقوق الإنسان بإطلاع منظمة هيومن رايتس ووتش على تفاصيل اجتماع عام حضره في منطقة العريش في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني بحضور محافظ شمال سيناء اللواء أحمد عبد الحميد. وقد قال إن المحافظ لم يكشف عن أية أرقام خلال الجزء الذي حضره من الاجتماع، ولكن عدد العائلات التي حضرت ومستوى سخونة المناقشات كانا مؤشرين على ضخامة عدد المحتجزين. وأضاف شادي عبد الكريم أن المحافظ كان قد دعا إلى هذا الاجتماع استجابة لـ"اللغط العام" بهدف "امتصاص الغضب".41

وأخبر مسئول أمني رفيع المستوى رفض الإفصاح عن اسمه صحافياً مصرياً أن رقم 2500-3000 محتجز مبالغ فيه، وأن "800 شخص على الأكثر تم اعتقالهم في المحافظة بعد تفجيرات طابا".42 كما قال دبلوماسي غربي في القاهرة لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن اللواء عبد الحميد قد أشار في اجتماعات مغلقة إلى أن عدد المعتقلين يقدر بالمئات وليس بالآلاف.43 غير أنه لم يكن من الواضح ما إذا كانت هذه التقديرات المنخفضة تشير إلى العدد الإجمالي للمحتجزين في إطار التحقيقات في هجمات طابا أم إلى عدد من كانوا لا يزالون رهن الاحتجاز بحلول أواسط ديسمبر/كانون الأول، أي بعد شهرين من بدء الاعتقالات الجماعية.

وقد ذكر مركز هشام مبارك للقانون، والذي يمثل أكثر من مائة من المعتقلين في إطار تفجيرات طابا، يوم 23 يناير/كانون الثاني 2005 أن مباحث أمن الدولة كانت قد قامت قبلها بنقل مجموعة من المحتجزين غير المسجلين من العريش إلى السجون في القاهرة في أواسط يناير/كانون الثاني. وإما أن يكون هؤلاء معتقلون جدداً أو أنهم كانوا قد اعتقلوا من قبل وتعرضوا للاحتجاز غير القانوني في مقر مباحث أمن الدولة في العريش لفترة مطولة.44 وقد أخبر مركز هشام مبارك للقانون منظمة هيومن رايتس ووتش أن المركز كان قد تقدم حتى يوم 27 يناير/كانون الثاني بـ106 تظلماً من قرارات اعتقال، حصل 27 بموجبها على أحكام بالإفراج، ولكن هذه الأحكام لم تنفذ بالفعل إلا بحق ستة منهم.45

وكما ورد أعلاه فقد أعلنت الحكومة في 4 فبراير/شباط 2005 أن وزارة الداخلية قد أفرجت عن 90 من المعتقلين المقبوض عليهم في إطار التحقيق في هجمات طابا وأن هناك آخرين يتوقع الإفراج عنهم.46

أنماط القبض والاعتقال

تفيد إقرارات الشهود الذين التقت بهم منظمة هيومن رايتس ووتش أن الاعتقالات كانت تتم على يد ضباط مباحث أمن الدولة، وكان أغلبهم يرتدون ملابس مدنية. ووقعت معظم الاعتقالات في الساعات القليلة قبيل الفجر، بين الثالثة والثالثة والنصف صباحاً، أي قبيل موعد استيقاظ أهل المنزل لتناول وجبة السحور. وكما ورد أعلاه فقد ذكر مراقبو حقوق الإنسان المصريون أن بعض الأقارب تعرضوا للاعتقال لضمان تسليم بعض المطلوبين لأنفسهم، أي كرهائن. وفي بعض الحالات التي تحققت منها منظمة هيومن رايتس ووتش تعرض أفراد العائلة للاعتقال بصحبة الشخص المطلوب، وإن كانوا لم يحتجزوا كرهائن. وفي حالة واحدة تعرض أحد أفراد العائلة للتعذيب.

وفي جميع الحالات التي تحققت منها منظمة هيومن رايتس ووتش لم تقم قوات الأمن بتقديم إذناً بالقبض أو أمراً قضائياً ولم تفصح عن سبب الاعتقال. وفي أغلب الحالات فإن من سألوا عن أسباب الاعتقال قيل لهم إن "الباشا" ـ في إشارة إلى مدير مباحث أمن الدولة ـ "يريد توجيه بعض الأسئلة إليه. مجرد خمس دقائق". وفي كثير من الحالات كانت هذه آخر مرة ترى فيها العائلة الشخص المعتقل أو تسمع منه. واتفق جميع من التقت بهم منظمة هيومن رايتس ووتش على أنه لم يوجه لهم أي اتهام أو يطلعوا بشكل رسمي على سبب القبض عليهم.

واصطحبت قوات الأمن المقبوض عليهم في البداية إلى أقرب مقر لمباحث أمن الدولة، أي في العريش أو ـ في حالة المقبوض عليهم من منطقة الشيخ زويد ـ في رفح المصرية. وبعد ثلاثة أو أربعة أيام، وفي بعض الحالات أكثر من أسبوع، كان ضباط أمن الدولة يقومون خلالها باستجواب المحتجزين وتعذيب وإساءة معاملة العديد منهم، قامت السلطات بنقل معظمهم إلى السجون في القاهرة أو منطقة الدلتا، أو قامت بالإفراج عنهم في حالات قليلة. وقد أخبر المحتجزون السابقون منظمة هيومن رايتس ووتش أنه في أي يوم من أيام شهر رمضان كان عدد المحتجزين في مقر مباحث امن الدولة في العريش يتجاوز بضعة مئات، أغلبهم محتجزون في ممرات المبنى أو في المسجد المجاور. وكان مقر الاحتجاز مكتظاً بشدة مما خلق أوضاع احتجاز غير صحية. وقد أخبر محتجزون سابقون منظمة هيومن رايتس ووتش أنه في بعض الحالات لم يكن هناك أكثر من دورتين للمياه أو ثلاث مخصصة لاستعمال المئات من المحتجزين.

وقال أفراد العديد من العائلات التي تحدثت إليها منظمة هيومن رايتس ووتش إنهم لا يعرفون مكان احتجاز من لا يزالون رهن الاعتقال. وكان معظم من يعرفون أماكن احتجاز أقاربهم قد توصلوا إلى هذه المعلومات بوسائل غير رسمية، كأن يتلقوا اتصالاً هاتفياً من محتجز سابق بعد الإفراج عنه يخبرهم بمكان احتجاز قريبهم.

وعى أقل تقدير، فإن هناك فرقاً زمنياً كبيراً بين التاريخ الفعلي للقبض وبين التاريخ المسجل الذي ربما يتحدد عنده الأساس القانوني للاحتجاز. ويحتاج الأقارب والمحامون الذين يمثلون المعتقلين إلى ذلك التاريخ الثاني ليحصلوا على مساعدة مكتب شئون المعتقلين بوزارة العدل في تحديد أماكن احتجاز ومصائر أقربائهم المعتقلين. وقد أخبر محسن بشير المحامي بمركز هشام مبارك للقانون منظمة هيومن رايتس ووتش أن على الأهالي الراغبين في معرفة مكان احتجاز أقربائهم أن يسافروا من العريش إلى القاهرة ويقوموا بـ"زيارات استكشافية" لمختلف سجونها على أمل العثور عليهم.47

وعادة ما تجهل أسرة المعتقل التاريخ المسجل لاعتقاله، ما لم يحالفهم الحظ بمعرفته من سجين سابق بعد إطلاق سراحه. وقد أخبر الأهالي منظمة هيومن رايتس ووتش أنهم يخشون أن "التسبب في مشاكل" إذا ضغطوا على المسئولين للحصول على معلومات بشأن أماكن احتجاز أقاربهم.

يعد القطاع العام جهة توظيف أساسية في شمال سيناء. والعديد من المقبوض عليهم كانوا يعملون في أجهزة حكومية أو مؤسسات عامة. وفي بعض الحالات قامت جهة العمل بوقف صرف رواتبهم بسبب عدم حضورهم للعمل. وفي هذه الحالات عندما ذهب الأهالي إلى جهة العمل لإيضاح أن أقاربهم قد تم اعتقالهم، وبالتالي أن إيقاف صرف رواتبهم تم عن طريق الخطأ، كانت جهة العمل تطالبهم بتقديم صورة من قرار الاعتقال تحمل تاريخه. وقد عجزت العائلات التي تحدثت إليها منظمة هيومن رايتس ووتش عن الحصول على هذه القرارات.

وتتضمن آخر مقابلتين في الجزء التالي معلومات من أقارب لأفراد قالت الحكومة المصرية إنهم من المسئولين عن تنفيذ الهجمات، بشأن اعتقال أفراد من العائلة بخلاف المطلوبين أنفسهم. أما في جميع الحالات الأخرى فإن المعتقلين أو المطلوبين لم يكونوا من بين المشتبه فيهم المعلن عنهم ولم تقدم السلطات أي أسباب لاعتقالهم.

حالات لضحايا القبض والاعتقال التعسفي

مصطفى أ.، 27 عاماً

يعيش مصطفى في مدينة الشيخ زويد القريبة من رفح المصرية والحدود مع قطاع غزة. وقد قال لمنظمة هيومن رايتس ووتش أنه في العاشر من رمضان (25 أكتوبر/تشرين الأول) في حوالي الثالثة صباحاً حضرت إلى منزله عدة عربات تحمل قوات أمن وسألوا إن كان بالمنزل أي شخص يدعى مصطفى. وعندما أفصح عن هويته طلبوا منه الخروج للتحدث إلى "الباشا" (الضابط المسئول). 48 ويقول مصطفى "سألوني عما إذا كنت في السابق ملتحياً وإن كنت عضواً بالجماعة الإسلامية. قلت له لا، أنا صوفي". وبعدها سأل الضابط ثلاثة من المحتجزين بإحدى السيارات إن كانوا يعرفون مصطفى. وعندما أجابوا بالنفي رحلت سيارات الشرطة.

ويقول مصطفى إنهم عادوا بعدها بليلتين، مرة أخرى في الثالثة والنصف صباحاً، وقالوا له إن "الباشا" يريد مقابلته في مقره برفح على بعد حوالي 15 دقيقة. وكان بصحبته بسيارة الشرطة ابن عمه حامد (ليس اسمه الحقيقي)، وهو مدرس بالتعليم الفني يبلغ من العمر 35 عاماً. وفي رفح أخبره أحد الضباط أنهم يبحثون عن شخص يدعى مصطفى ويبلغ من العمر 40 عاماً تقريباً – أي أكبر سناً بكثير من مصطفى أ.- وملتحٍ. تم وضع مصطفى في غرفة تبلغ مساحتها حوالي تسعة أمتار مربعة دون نوافذ أو فتحات تهوية وبصحبة سبعة رجال آخرين. ويقول مصطفى أنهم لم يكن معهم أكثر من بطانية واحدة ولم يكن هناك مساحة تكفي لنومهم. كان يسمح لهم بدخول الحمام ثلاث مرات فقط كل يوم. لم يتم استجوابه. وقد قال مصطفى لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن الضابط المسئول الذي كانوا يدعونه باسم "أكرم" قال له في إحدى المناسبات "أنا أعرف أنك لست المطلوب. ولكنهم يريدون [أفراداً اسمهم] مصطفى، فماذا أفعل؟"

وبعدها بأربعة أيام وضع ضباط مباحث امن الدولة مصطفى في عربة صغيرة وقاموا بنقله إلى مقر مباحث أمن الدولة في العريش. ويقول مصطفى إنه وجد الردهتين مزدحمتين بأربعين أو خمسين محتجزاً في كل منهما. وبالإضافة إلى ذلك فقد كانت هناك ثلاث زنازين في كل واحدة منها حوالي خمسون شخصاً. كما رأى ما بين خمسين وستين امرأة محتجزات في مسجد ملحق عندما سُمح له باستعمال دورة مياه المسجد. ويقول مصطفى إنه بعد وصوله هناك بحوالي ساعة قام ضباط أمن الدولة باستدعائه ورجل آخر يدعى أيضاً مصطفى، وقاموا بتعصيب أعينهما واقتيادهما بخشونة إلى الطابق الأعلى حيث تم دفعه وحده إلى داخل حجرة.

سألوه إن كان ينتمي إلى الجماعة الإسلامية أو إذا كان يعرف أحداً ممن ينتمون إليها. "قرءوا علي بعض الأسماء ولكنني لم أتعرف عليها. فقالوا إن ذلك ليس من مصلحتي لأنهم جميعاً من نفس مدينتي وإن التعرف عليهم هو السبيل إلى إنقاذ نفسي. ولكني فعلاً لم أتعرف على أي من الأسماء”. وبعدها جذبه ضابط إلى خارج الغرفة وتركه واقفاً برفقة محتجز آخر خارج غرفة الاستجواب.

ورغم أنه لم يتعرض للتعذيب، فقد قال إنه سمع عدة مرات أصوات صراخ خمسة أو عشرة أشخاص. كما سمع أوامر من أربعة أو خمسة أصوات مختلفة تقول "علقوه" أو "أحضروا الكهرباء". وكان مصطفى قد سمع صراخاً من بعيد عندما كان في الأسفل، ولكنه عندما صعد إلى الطابق الثاني سمعه بوضوح أكثر.

وبعد حوالي ساعتين قاموا بإعادته إلى الطابق الأسفل وأجبروه على الجلوس في ردهة مزدحمة. كانت العصابة قد انزاحت من على عينيه واستطاع التعرف على بعض الأقارب من الشيخ زويد. وقد قال له رجل يبلغ من العمر 22 عاماً ويعمل في صناعة الطوب إنه قد مضى عليه أسبوع هناك. كما كان من بين المحتجزين حوالي خمسة فتيان في حدود الخامسة عشر من عمرهم.

تم احتجازه هناك حوالي ستة أيام. كانوا يقدمون لهم كميات ضئيلة جداً من الطعام، وكانت هناك ثلاث دورات للمياه، واحدة للنساء واثنان لحوالي 350 رجلاً. كان الضباط كل يوم يأتون بالكثير من المحتجزين إلى المقر ويأخذون الكثير منهم إلى الخارج.

ويقول مصطفى إن الاستجواب المصحوب بالتعذيب وإساءة المعاملة كان يتم في الليل فقط على ما يبدو، حيث كانوا يستدعون حوالي عشرة رجال في كل مرة. ويضيف: "لم نكن ننام في هذه الليالي. كانوا يعيدونهم عراة وكنا نقوم بتدليك أجسادهم وإزالة الأسلاك من على أصابع أيديهم وأقدامهم”. ويعتقد مصطفى أنه لم يتعرض للتعذيب لأن الشيخ الصوفي الذي ذكر اسمه قد شهد بالفعل بأن مصطفى كان يحضر جلساتهم وأنه بالتالي ليس من الإسلاميين. ويقول مصطفى إنه في أغلب الأحيان لم يكن المحتجزون يتم استدعائهم للاستجواب مرة ثانية.

ويقدر مصطفى فترة احتجازه بأمن الدولة بحوالي أربعة أيام في رفح و ثمانية أيام في العريش، قبل أن يتم إطلاق سراحه. وقد أخبر منظمة هيومن رايتس ووتش إنه ظل يخشى الخروج من منزله لمدة أسبوعين بعد ذلك. وأضاف أن العديد قد تعرضوا للقبض عليهم من الشيخ زويد: "عائلتنا [الممتدة] صغيرة، وقد ألقي القبض على 22 منا، خمسة منهم ألقي القبض عليهم في نفس الليلة التي أطلق فيها سراحي وتم ترحيلهم إلى القاهرة". كما قال إن السلطات استمرت في تنفيذ اعتقالات متفرقة في الشيخ زويد، كان أحدثها قبل يومين من لقاءه بمنظمة هيومن رايتس ووتش.

ويقول مصطفى إنه وعائلته قد واجهتهم صعوبات في استخراج أوراق إثبات شخصية، وأنهم يواجهون كثيراً الاتهام بكونهم فلسطينيين، وهو ما يعد إهانة بالنسبة لكثير من المصريين المقيمين في المنطقة. ويضيف: "كانوا في السابق يتهموننا بالعمالة لإسرائيل. والآن [يقولون] إننا إرهابيون ضد إسرائيل. إنهم لا يريدون سوى التخلص منا".

مراد أحمد، في الخامسة والثلاثين، مهندس كهرباء؛

فتحي أحمد، في الثامنة والستين، معلم على المعاش:

أخبر فتحي أحمد منظمة هيومن رايتس ووتش بأن حوالي خمسين من أفراد جهاز مباحث أمن الدولة حضروا إلى منزله بالعريش في حوالي الساعة الثالثة صباحا يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول للقبض على ابنه مراد، وهو مهندس كهرباء يعمل بإحدى الشركات التابعة للدولة.49 كان بعضهم يرتدون الزي الرسمي ومسلحون، وبعضهم لم يكونوا كذلك. قال فتحي أنهم "لم يذكروا سببا لحضورهم"، كما أنهم "لم يبرزوا أي تصريح". قال فتحي أن مراد كان "بلحية طويلة" وكان يرتل القرآن، لكنه لم يكن عضوا في "حزب إسلامي". كان مراد ما زال محتجزا حين تحدثت منظمة هيومن رايتس ووتش مع والده. كان الوالد قد سمع من بعض المحتجزين الذين أطلق سراحهم أن مرادا موجود في مجمع سجون طرة الكبير الذي يقع خارج القاهرة.

أخبر أصدقاء مراد الذين كانوا محتجزين معه والده أنهم قد علموا في 12 نوفمبر/تشرين الثاني تقريبا، بعد شهر من الاعتقال، أن وزارة الداخلية قد أمرت بإطلاق سراحهم. لكن حين نودي على أسماء المفرج عنهم، أخبر القائمون على السلطة مرادا بأنه سيظل محتجزا. وقال فتحي لمنظمة هيومن رايتس ووتش: "كنت أسأل دائما في القاهرة عما إذا كان أحد قد قابل ابني، لكنهم قالوا أنهم منعوهم من مقابلته".

تعيش زوجة مراد وأطفالها الثلاثة (طفلة في السادسة من عمرها، وطفلان أحدهما في الرابعة والآخر عمره تسعة أشهر) في منزل فتحي أيضا. قال فتحي أن زوجته (والدة مراد) سيدة معاقة في الستين من عمرها، تتطلب رعاية دائمة. أما الشركة الحكومية التي يعمل بها مراد فقد قطعت راتبة، فصارت الأسرة بلا دخل.

قال فتحي أن حوالي عشرة ضباط من قوات مباحث أمن الدولة عادوا إلى منزله في حوالي 23 نوفمبر/تشرين الثاني. ولم يكونوا يحملون تصريحا في هذه المرة أيضا. قال فتحي أنه فتح لهم البوابة الأمامية وأدخلهم، وأنهم "كانوا يصرخون قائلين: "أنزل، أنزل"، و: "أين غرفة مراد؟”، “واتجهوا إلى غرفته وفتشوها". قال فتحي أن الضباط أخذوا جهاز الكمبيوتر الخاص بمراد. ثم عادوا في اليوم التالي وأخذوا التليفون –جهاز تليفون أرضي وليس هاتفا محمولا- وبعد يوم أو يومين عادوا مرة أخرى، في 26 نوفمبر/تشرين الثاني، وأعادوا تفتيش غرفة مراد، وأخذوا معهم ديسكات الحاسوب، قال فتحي أنها تحتوي على مواد دينية.

قال فتحي لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن بالطابق الثاني من منزله غرفة تخص ابنا آخر من أبنائه، هو رامي، الذي يبلغ التاسعة والثلاثين من عمره، ويعمل معلما بالمملكة العربية السعودية، ولا يعيش في البيت. في هذه المرة، فتش الضباط هذه الغرفة أيضا. وقال فتحي أنهم لم يأخذوا شيئا، لكنهم حطموا النوافذ. وأضاف فتحي "انتشر الجنود في كل مكان، وهم يتصايحون. كان جوا رهيبا. نحن مواطنون. لنا حقوق. لست عدوا. أنا مصري. قلت لهم: وأنا مثل والدكم، كيف تفعلون هذا بالمواطنين؟، لكنهم لم يبالوا بما قلت".

في تلك المرة الأخيرة، حضر ضباط مباحث أمن الدولة إلى المنزل، وطلبوا من فتحي الذهاب إلى مكتب مباحث أمن الدولة "لمدة خمس دقائق". وقال فتحي: "ذهبت".

استمر التحقيق أربع ساعات. "من هم أصدقاء مراد؟ ماذا يقرأ؟  من هم المشايخ الذين يستمع إليهم؟". قلت أني لا أعرف شيئا عن هذا. لقد كبر أبنائي. وبعد أربع ساعات حبسوني في زنزانة، ظللت بها لمدة ثلاثة أيام أخرى، لم يسألوني خلالها أي أسئلة أخرى، فسألتهم: "هل استدعيتموني إلى هنا بسبب لحية ابني الطويلة؟” قالوا: "نعم، أنت والدهم، ونريد أن نسألك عن سلوكهم، وقراءاتهم" وطلبوا مني أن أرسل في استدعاء رامي [من المملكة العربية السعودية]. فقلت لهم أنه كبير، ولن يأتي بناء على أمري.

وقال فتحي أنه كان هناك حوالي مائتي شخص في الزنزانة التي احتجز فيها. وبعد أن أدلى بهذا التقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش سألهم عما إذا كان يمكنه الانصراف الآن. "لقد أخبرتكم بكل شيء. لكن من فضلكم، لا تستخدموا أسماءنا. نحن خائفون جدا منهم. إنهم لا يعرفون الرحمة".

فؤاد يحيى، في السادسة والأربعين، موظف حكومي في مجال الصيانة:

وفقا لأقوال عنايات دياب عطوة يحيى، شن ضباط الأمن المصريين غارة على بيتها في حوالي الساعة السادسة صباحا في الخامس من رمضان (20 أكتوبر/تشرين الأول). كانت بالداخل مع زوجها، فؤاد يحيى، وهو مهندس أمن صناعي يعمل لحساب مكتب صيانة حكومي بالعريش، ومعهما ابنتهما ذات الإثنى عشر ربيعا. قالت عنايات أن رجال الشرطة طوقوا المنزل، وقفزوا من فوق سور الحديقة. وحين خرج لهم فؤاد، وضع رجال الشرطة غمامة على عينيه ودفعوه داخل سيارة. وقالت عنايات أنهم فتشوا المنزل، وأخذوا كتبا دينية. وقالت أن من دخلوا المنزل كانوا ضباطا مسلحين يرتدون ملابس عادية، وأنهم قالوا أنهم يعملون في جهاز مباحث أمن الدولة. وفي اليوم التالي، أحضر أخوة طعاما له وهو في مقر جهاز مباحث أمن الدولة بالعريش، وتمكنوا من تركه له هناك، مما يشير إلى أن هذا كان أول مكان احتجز فيه فؤاد. لكنه لم يكن هناك بعد ثلاثة أيام، وقال رجال الشرطة أنهم رحلوه إلى القاهرة. قالت عنايات "حدث هذا منذ خمسين يوما، ولم يره أحد منذ ذلك الحين، ولا نعرف أين هو".50

أحمد سليمان سالم المصلح، في بداية العشرينيات من عمره، عاطل:

سليمان سالم المصلح عضو بمجلس بالحي، وهو هيئة استشارية منتخبة، قال أن السلطات اعتقلت ابنه أحمد في الأول من رمضان (16 أكتوبر/تشرين الأول). يسكن أحمد بمنزل والده بالعريش، ولم يكن والده موجودا عند وصول قوات الأمن في حوالي الساعة الثانية بعد منتصف تلك الليلة، كما قال لـ هيومن رايتس ووتش، لكن زوجته وابنته كانتا موجودتين.. وقال: "اقتحم رجال الشرطة المنزل، وسألوا عن أحمد، ثم أخذوه وذهبوا. كان احمد ما زال يرتدي ملابس النوم، وأخذوا كتبا دينية كان أحمد قد اشتراها من معرض القاهرة الدولي للكتاب. لو كانت هذه الكتب ممنوعة ما باعوها".51 وقال أن عدد رجال الشرطة قد بلغ عشرة أفراد، وأن بعضهم كان يرتدي الزي الرسمي.

قال المصلح أنه لا يعرف أسماء من اخذوا ابنه. لقد مر الآن حوالي شهرين منذ أخذوه، ولم يسمع مؤخرا أي أنباء عن أحواله ولا لماذا بقى محتجزا. وقال أن ابنه ملتح، وأنه كان "شديد التدين". وقال أن أحمد لم يسبق له الاحتكاك بالضباط.

محمد الأزرق، في الرابعة والأربعين، معلم:

أخبر مصطفى، شقيق محمد الأزرق، منظمة هيومن رايتس ووتش أن محمدا ذهب في يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول إلى مسجد صغير في العريش وأَمَّ رجلين آخرين في صلاة الظهر. وقال مصطفى الأزرق أنه قد نما إلى علمه أن رجال الشرطة قد أخذوا محمدا من هناك عندما انتهت الصلاة، وقال مصطفى: "سألت عنه، لكن لم تكن هناك أي أخبار".

ثم اتصل بي عسكري لأحضر له غيارا، وعرفنا أنه كان في مقر جهاز مباحث أمن الدولة بالعريش لمدة عشرة أيام. كنت أذهب إلى هناك يوميا، وفي كل مرة كانوا يخبرونني أنهم لا يعرفون مكانه، بينما كان بالداخل طوال هذا الوقت. 52

وقال مصطفى أنهم علموا فيما بعد من أناس سبق احتجازهم أن محمدا قد رُحِّل إلى معسكر الأمن المركزي ببور سعيد. وقال مصطفى أن محمدا –على حد علمه- لم يتعرض للتعذيب.  وقال مصطفى أن جهاز مباحث أمن الدولة قد سبق له استدعاء محمد منذ أربع سنوات "لأنه كان ملتحيا" وذلك "ليتعرفوا عليه"، لكن محمد لم يحدث بينه وبين قوات انفاذ القانون ولا قوات الأمن خلاف فيما قبل.

أشرف محمد محمود أحمد، في الثالثة والثلاثين، مبرمج كمبيوتر:

قالت سوزان إبراهيم، زوجة أشرف محمد محمود أحمد، لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن قوات الأمن حضرت للقبض على زوجها بمنزلهما بالعريش في حوالي الساعة الثانية صباحا في السادس من رمضان (21 أكتوبر/تشرين الأول). وكان طفلاهما (ثلاثة سنوات وسنة ونصفا) هناك أيضا في هذا الوقت. "كنا نائمين، وسمعنا طرقا على الباب. ولما قام أشرف ليرى من الطارق، اشتد الطرق، واقتحموا المنزل".53 وكان بعض رجال الأمن –الذين بلغ عددهم حوالي عشرة- يرتدون ملابس عادية. وقالت سوزان: "كانوا من رجال مباحث أمن الدولة ".

سألوه هل هو أشرف، وعندما رد بالإيجاب، طلبوا منه أن يرتدي ملابسه ويذهب معهم. وفتشوا البيت. سألتهم عن السبب، فقالوا أنهم يريدونه لمجرد أن يلقوا عليه بعض الأسئلة وسيعود حالا. وأخذوا جهاز الكمبيوتر الخاص به وبعض ألعاب الكمبيوتر، ولم يأخذوا أي كتب. سألهم إن كان يستطيع الذهاب إلى الحمام، فقالوا لا، يمكنك دخول الحمام حيث سنأخذك. وذهب والده في اليوم التالي، يوم الجمعة، ومعه بعض الملابس والأطعمة، وقبلوها. ثم ذهب في اليوم التالي، فأخبروه بأنه قد تم ترحيله، ولم يره أحد منذ ذلك الحين.

وقالت سوزان إبراهيم أن زوجها لم يسبق له الخلاف مع قوات الأمن ولا قوات تطبيق القانون؛ كما قالت: "ليس عندنا أي فكرة عن مكانه".

حسام الدين صالح، في الثانية والعشرين، صاحب محل أدوات مكتبية ومعلم:

قالت سماح عبد الله حمدان، زوجة حسام، لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن حسام خريج كلية الآداب، وأنه يعطي دروسا في اللغة الإنجليزية كمعلم غير متفرغ.

يوم الجمعة الماضي (3 ديسمبر/كانون الأول)، سمعت ضوضاء في الشرفة. خيل إلي أن الريح تخبط في الباب. كانت الساعة حوالي الثانية والنصف صباحا. ثم سمعت شخصا يصرخ: "افتحي يا امرأة!” وكسروا النافذة. رددت على صراخهم بصراخ: "انتظروا حتى أرتدي ملابسي". أيقظت حسام، واتجه نحو الباب، وما أن وصل إليه حتى كانوا قد حطموه. فتشوا المنزل، وسألوني عن أخوتي. 54

قالت سماح لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن أحد الضباط طلب من حسام أن يرتدي ملابسه ويذهب معه، لكن ضابطا آخر قال: "لا، أنا أريده كما هو".

فتشوا المطبخ، وأخذوا سكينا من سكاكين المطبخ وقالوا [لحسام]: "هل هذا هو ما تستخدمه في الجهاد؟" فرد: "لو كان الأمر كذلك لما احتفظت به في المنزل". وفتشوا بعض الحقائب التي تحتوي على بضائع كان قد اشتراها [للمحل] وأخذوها. وقالوا أنهم سيردونها. وطلبوا مني أن ارتدي ملابسي وأذهب معهم. وعندما فتشوا غرفة نومنا، ركع أحدهم على ركبتيه لينظر تحت السرير، بجوار طفلي الرضيع بالضبط. ووقف عندما صرخت. وخرجوا، واستقلوا سيارة، تحمل لوحة ملاكي العريش. وكانت عربات الشرطة مليئة برجال ملتحين.

وفي صباح اليوم (7ديسمبر/كانون الأول) حضروا في الساعة التاسعة والنصف. قال لي شرطي: "الباشا يريد أن يراك الليلة في الساعة الثامنة والنصف. لو لم يكن موجودا لابد أن تنتظريه حتى يحضر، حتى لو انتظرت حتى الفجر" فقال له جاري: "قل للباشا أنها لديها طفل، ستحضر عندما تستطيع".

أشرف محمد، في الخامسة والأربعين، محاسب بمصلحة حكومية:

قال عبد القادر محمد (وهو رجل في السبعين من عمره) لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن قوات الأمن شنت غارة في فجر يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول 2004 على منزل أخيه أشرف بالعريش، حيث يعيش مع زوجته وأطفالهما الستة.55 قال عبد القادر: "اقتحموا المنزل ودخلوا غرفة النوم، وأخرجوه وفتشوا المنزل، وأخذوا كتبه وجهاز الكمبيوتر الخاص به".56 قال عبد القادر أن ضباط الأمن كانوا في ملابس "مدنية"، وأنهم لم يبرزوا أي تصريح باحتجاز أشرف.

قال عبد القادر أنه ظل يحمل طعاما لأشرف في مقر جهاز مباحث أمن الدولة لمدة يومين بعد اعتقاله. وقال أن "اسمه كان على قوائمهم. وفي اليوم الثالث، قالوا أنه قد تم ترحيله ولا يعرفون إلى أين. وكان هذا آخر ما سمعناه عنه منذ هذا اليوم (24 أكتوبر/تشرين الأول).

كان أشرف هو العائل الوحيد للأسرة، وفقدت زوجته مصدر الدخل منذ احتجازه. وقال عبد القادر أن السلطات قد أخذت أيضا اثنين من زملاء أشرف في العمل واحتجزتهما، لكنه لا يعرف ماذا حدث لهما.

وقال عبد القادر لمنظمة هيومن رايتس ووتش أنه قبل حدوث تفجيرات طابا في بداية أكتوبر/تشرين الأول، كان أفراد جهاز مباحث أمن الدولة "يترددون على أشرف كل حوالي ثلاثة شهور، ويستدعونه، حتى يعرف أنهم قابضون على زمام الأمور" وقال عبد القادر أنهم منذ عامين "احتجزوه لمدة ثلاثة أو أربعة أيام وطلبوا منه أن يحلق لحيته".

نور محمود راشد، في الثلاثين، بدون عمل:

قالت والدة نور محمود راشد لمنظمة هيومن رايتس ووتش أنه تخرج في جامعة الأزهر بالقاهرة، وحصل على شهادة في العلوم الدينية، وكان يبحث عن عمل. وقالت أن ضباط الأمن حضروا للقبض عليه في يوم 23 رمضان (7 نوفمبر/تشرين الثاني)، بعد منتصف الليل بقليل. وقالت (وهي تشير إلى الطابق الذي يعلو الطابق الذي كانت تجلس فيه): "صعد رجلان إلى فوق وقالا: "نريد ابنك لمدة خمس دقائق فقط". لكن مر ما يزيد عن شهر ولم نجده بعد".

حضرت زوجة نور محمود اللقاء، وقالت: "دق الجرس وأيقظنا، فتح نور الباب. سمعنا كلاما، لكننا لم نستطع تحديد ما يقال. عاد نور وقالت: 'إنهم مباحث أمن الدولة ، وهم يريدونني لمدة خمس دقائق'". وقالت زوجته أنها رأته يركب سيارة مع رجلين، ولم تسمع بعدها أي أخبار عنه ولا عن أحواله. قالت أم محمود: "هذا حرام. يجب عليهم أن يحاربوا إسرائيل لا أن يحاربونا نحن".57

منير كامل:

منير كامل له لحية طويلة داكنة اللون، وهو يلبس طاقية بيضاء، وأعرب عن رغبته في ألا تذكر منظمة هيومن رايتس ووتش اسمه الحقيقي. قال أنه قد اعتقل في 9 رمضان (24 أكتوبر/تشرين الأول) واحتجز في مقر جهاز مباحث أمن الدولة بالعريش لمدة تسعة عشرة يوما. وقد قال لـ هيومن رايتس ووتش: "طلبوني بالتليفون، وطلبوا مني الحضور، فذهبت".58 وقال لـ هيومن رايتس ووتش انه قد رأى نور محمود راشد (انظر عليه) في صلاة فجر اليوم الذي أحضروه فيه إلى مقرهم (7 نوفمبر/تشرين الثاني). وقال منير أن نور بدا في هذا المساء غير قادر على الحركة، وفهم أنهم قد أرسلوا نور إلى مبنى احتجاز خارج العريش "للتحقيق".

وقال منير أن ضباط جهاز مباحث أمن الدولة قد استجوبوه ثلاث مرات: في اليوم الأول، والثالث، والسادس عشر من احتجازه بمقر جهاز مباحث أمن الدولة بالعريش. وضع المحققون غمامة على عينيه لكنهم لم يعذبوه. وقال أن المحققين سألوه عن ماذا يقول للناس حين يأمهم للصلاة، وما إذا كان يحرضهم سياسيا. قال منير أن التحقيقين الأولين كانا قصيرين، كل منهما أقل من نصف ساعة. لكن الجلسة الثالثة استمرت لما يزيد عن الساعة، لكنهم سألوه فيها نفس الأسئلة. قال منير: "قالوا لي: 'أنت تتحدث عن الجهاد'".

لم تقدم السلطات لمنير أي تفسير عن احتجازه. وقال أنه لم يطلب محام "لم أستطع، كنت اعرف أن هذا بحث عن المتاعب".

أخبر منير منظمة هيومن رايتس ووتش أن أحد معارفه ممن يعملون بوزارة الداخلية أخبره أن أربعة أشخاص قد ماتوا متأثرين بالتعذيب، لكنه قال أنه لا يعرف أسماءهم.

فريد عبد الله، في الرابعة والعشرين، موظف بمحل سوبرماركت؛

أحمد عبد الله، في الثانية والعشرين، عامل بناء:

قالت ليلى حماد لمنظمة هيومن رايتس ووتش أنها استيقظت على أصوات لقوات الأمن في منزلها في حوالي الساعة الواحدة وخمسة وأربعين دقيقة في يوم الخميس الماضي   (2 ديسمبر/كانون الأول).59 وعندما سمعتهم يسألون هل يوجد بالبيت نساء، ارتدت ملابسها، وفتحت باب حجرتها، لترى رجال مسلحين ببنادق آلية في غرفة الاستقبال بمنزلها، ولم يكونوا يرتدون ملابس رسمية. قالت ليلى: "كان الضابط يجلس حيث نجلس الآن، يقرأ ملفا عن فريد".

قالت ليلى: "بدأت أدعو عليهم: "ربنا يجازيكم". قالوا: "لماذا تقولين هذا؟ سنأخذهم لمدة خمس دقائق فقط ونعيدهم". قلت: "لا، من تأخذونهم لا تردونهم أبدا". كانوا يعرفون من يريدونهم. كانت معهم ملفات، وسألوا: "من منكم فريد عبد الله؟"60

قالت ليلى أن فريدا لم يسبق له الالتقاء بضباط مباحث أمن الدولة، رغم أنه تورط مرة في مشاجرة، وتعامل مع "الشرطة العادية". ثم صعد معها ضابط أمن، وفتش غرفتها وغرفة ابنتها، التي لم تكن موجودة. قالت ليلى: "ثم أخذوا الأولاد وغادروا المنزل. حدث هذا منذ ستة أيام". ولم تكن ليلى تعرف ما إذا كانوا في العريش أم تم ترحيلهم إلى مكان آخر، فهي تقول: "لا يجرؤ أحد على الذهاب والسؤال عنهم". ثم أذنت لمنظمة هيومن رايتس ووتش في الاستفهام عن أحوالهم في مكتب جهاز مباحث أمن الدولة بالعريش. وطلبت منظمة هيومن رايتس ووتش مقابلة مع العقيد عصام عامر من جهاز مباحث أمن الدولة بالعريش، لكنه اعتذر عن اللقاء.61

أسد أمين خيري البيك، في الثانية والخمسين، مهندس زراعي:

أخبر عبد الرحمن أسد أمين منظمة هيومن رايتس ووتش أن قوات الأمن احتجزت والده في الساعات الأولى من صباح يوم 6 رمضان (21 أكتوبر/تشرين الأول). وقال أن خمسة أو ستة من رجال الشرطة الذين يرتدون ملابس عادية واثنين يرتديان الزي الرسمي طرقوا الباب في حوالي الساعة الثانية والنصف صباحا، وفتح لهم والده.

فتشوا البيت، لكنهم لم يوضحوا عما يبحثون. كنت أعرف بعضهم، إذ أراهم في السوق. قالوا لوالدي: "نريدك لمدة خمس دقائق". والآن لا نعرف أين هو. من ثلاثة أسابيع، قال لنا ناس أفرج عنهم من دمنهور أنهم رأوه هناك، وأنه كان بصحة طيبة.62

وقال عبد الرحمن أن والده فصل بعد ذلك من عمله، فتوقف صرف مرتبه لأسرته: "قلنا لهم أنه محتجز، فطلبوا منا دليلا على احتجازه".

سيد حسن محمد حسن، في السابعة والعشرين، سائق؛

سلامة حسن محمد حسن، في الثانية والعشرين، طالب:

قالت ياسمين بيومي محمد، أم سيد وسلامة، لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن حوالي ثمانية من رجال مباحث أمن الدولة حضروا إلى بيتهم في منتصف رمضان، وكانوا مسلحين و: "سألوا سلامة عن اسمه".

ثم صعدوا للطابق العلوي ونزلوا ومعهم سيد. وسألوهما عن عائلة أبو شتا: "هل رأيتما حمادة؟  هل رأيتما إسماعيل؟". أجاب أحد الولدين بالنفي، لكن الآخر قال أنهما تناولا معهما الطعام منذ ثلاثة أيام ولم يرونهما منذ ذلك. وأخذوهما للعريش، ولم نسمع أخبارهما بعد ذلك. وفي يوم قبل العيد [في نهاية رمضان] أرسلا لي خطابا من سجن برج العرب بالإسكندرية، وطلبا مني ضرورة الحضور حالا. ذهبت إلى المحامي، واستصدر لي إذنا [بزيارة السجن]. قابلتهما لحوالي عشرون دقيقة، بعد أن انتظرت هناك لمدة ثلاث ساعات. أعطيناهم طعاما وملابس، وقالوا أنهم ضُربوا ليعترفوا بعلاقتهم بأولاد أبو شتا. وقالوا أنهم رُحِّلوا إلى هناك من العريش مع حوالي 450 شخص.63

محمد عبد الله رِبعة، في الحادية والأربعين، صاحب ورشة معادن بالعريش؛

إسماعيل عبد الله رِبعة، في الثالثة والخمسين، يعمل بورشة أخيه؛

أحمد عبد الله رِبعة، في التاسعة والثلاثين:

محمد عبد الله رِبعة أحد الأشخاص التسعة الذين ذكرت أسماؤهم في التصريح الذي أصدرته وزارة الداخلية في 25 أكتوبر/تشرين الأول بصفتهم متورطين في تفجيرات طابا. ولم يذكر أي من أخويه، إسماعيل وأحمد، في سياق العلاقة بالهجوم. ووفقا لما قاله والدهم، عبد الله رِبعة سليمان عبد الله، حضر إلى منزلهم بالعريش عدد كبير من عربات الشرطة في حوالي الساعة العاشرة صباحا في السابع من رمضان (22 أكتوبر/تشرين الأول)، وفيها ما بين عشرة إلى خمسة عشرة من رجال الشرطة يلبسون خوذات، واقتحموا المنزل، وقيدوا أيدي أحمد خلف ظهره، وأرغموه على الرقاد على وجهه على الأرض. كما قبضوا على محمد. وفي هذا الوقت احتجزوا محمد، لكنهم لم يحتجزوا أحمد.

وبعد يومين، في 24 أكتوبر/تشرين الأول، قبضت قوات الأمن على إسماعيل في ورشة المعادن التي يملكها محمد. وبعد عدة أسابيع، في 16 نوفمبر/تشرين الثاني، احتجزوا أحمد، بعد أن تحدث مع وفد مصري زائر معني بحقوق الإنسان.64

وقال الأب لمنظمة هيومن رايتس ووتش أنه ذهب إلى مقر جهاز مباحث أمن الدولة بالعريش عقب اعتقال أبنائه: قلت لهم: "انظروا من أخذتم. من الذين تركتموهم؟ النساء فقط".65 وقال أن شخصا ممن أفرج عنهم من مقر جهاز مباحث أمن الدولة بالعريش قد أخبره أن أحمد ظل هناك لمدة ثلاثة أيام قبل ترحيله، لكنهم لم يعرفوا إلى أين رحلوه. "لم نسمع شيئا منذ ذلك الوقت. إذا ذهبنا للسؤال لست متأكدا من عودتنا". وقال الأب أن أسرته لم يسبق لها الاحتكاك بقوات الأمن قبل هذه الأحداث، وقال أن محمدا قد خدم في الجيش المصري في وحدة من وحدات الصاعقة.

سالم سلمان أبو فليفل؛

صلاح أحمد صلاح فليفل، في الخامسة والثلاثين:

الحاج أحمد هو كبير قرية ميدان، التي تبعد حوالي خمسة وثلاثين دقيقة بالسيارة عن جنوب غرب العريش. وقد حددت وزارة الداخلية المصرية اثنين من أبنائه كمتورطين في الهجمات. وقد صرحت الحكومة أن فحص الحامض النووي أسفر عن أن سليمان أحمد صلاح فليفل قد قتل في الانفجار الذي تم في فندق هيلتون طابا؛ وقال التصريح أن شقيقه، محمد أحمد سلمان فليفل، البالغ الثلاثين من عمره، متورط هو الآخر.66 وحتى 8 فبراير/شباط لم يعرف علنا ما إذا كان محمد فليفل ضمن من قتلوا في الصدامات مع قوات الأمن في الأسبوع السابق قرب مدينة رأس سدر بسيناء.

وقد أخبر الحاج أحمد منظمة هيومن رايتس ووتش أن ضباط الأمن حضروا إلى قريته في 5 رمضان (20 أكتوبر/تشرين الأول)، وفتشوا منزله، بحجة أنهم يبحثون عن محمد. وأخذوا الحاج أحمد، وولديه صلاح وسالم، واثنتين من بناته، واحتجزوهم. أفرج عن البنتين في نفس اليوم. وقال الحاج أحمد أنهم لم يفرجوا عنه وعن ولده سالم إلا بعد ثلاثة أسابيع، في 30 رمضان (14 نوفمبر/تشرين الثاني).67 وقال الحاج أحمد أنه بعد أن استجوبوه في اليوم الأخير بالقاهرة، عاد إلى زنزانته ليجد سالم هناك، لكن صلاح لم يكن معه. وعندما التقى الحاج أحمد بمنظمة هيومن رايتس ووتش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004 قال انه لا يعرف مكان صلاح، وأنه سمع أن صلاح قد يكون في سجن أبو زعبل خارج القاهرة.

ويقول الحاج أحمد أنه منذ أفرج عنه في نهاية رمضان أخذوه ثلاثة أو أربعة مرات في منتصف الليل إلى العريش واحتجزوه في كل مرة لعدة أيام واستجوبوه. كما أخذت منه السلطات عينات دم. وأخذوا سالم أيضا إلى مقر مباحث أمن الدولة عدة مرات، لكنهم أخذوه وحده.

قال الحاج أحمد أنهم لم يعذبوه ولم يسيئوا معاملته. وهو عضو من أعضاء الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم، ويتمتع بسمعة حسنة من حيث علاقته بجهاز المباحث المصري.

لم يجادل الحاج أحمد فيما نسب إلى ابنه محمد من تورط في هجمات طابا. وقال أنه قد تبرأ من محمد في ثلاث مناسبات سابقة على الهجمات: "لأنه انتهك التقاليد. الجميع هنا يعرفون هذا، بما فيهم السلطات. ويعرفون أنني لم أعد مسئولا عنه".

تمت المقابلة مع الحاج أحمد في باحة مسقوفة بالخيام ملحقة بمنزله، بحضور ما يقرب من خمسة عشرة من أقربائه الذكور وسكان القرية. وبعد المقابلة، أخبر أحد الرجال الذين حضروها منظمة هيومن رايتس ووتش أن عددا ممن حضروا الحوار الذي جرى مع الحاج أحمد قد أخذوا هم أيضا لاستجوابهم، لكنهم لا يرغبون في الإعلان عن أنفسهم "والمخاطرة بمواجهة المتاعب".

القبض التعسفي في ظل القوانين الدولية والمصرية

يضمن العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية –التي صدقت مصر علية - أن لا يحرم "أحد من حريته إلا على الأسس التي ينشئها القانون، لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه".68 كما أن المادة 9 تندب إعلام الشخص المعتقل بأسباب اعتقاله في وقت اعتقاله، وبالتهم الجنائية الموجهة له، في حالة وجودها. ولابد من إحضار الشخص المعتقل "سريعاً" أمام قاض أو غيره من موظفي السلطة القضائية، ويكون له الحق في الاعتراض أمام محكمة على قانونية احتجازه. كما أن لضحايا الاحتجاز أو الاعتقال غير القانوني "حق في الحصول على تعويض".69 والغرض من هذا الضمان ليس حظر الحرمان من الحرية كلية، بل إلزام الدولة "بأن تحدد بدقة الحالات التي يسمح فيها بالحرمان من الحرية، والإجراءات التي ستطبق لتنفيذ ذلك" وأن تضمن ألا يكون "القانون نفسه تعسفياً" بهذا الخصوص.70

والدستور المصري أيضا به ضمانات ضد الاعتقال والاحتجاز التعسفي، فالمادة 41 تنص على أنه: "فيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقا لأحكام القانون”. 71 وتنص المادة 44 على أن "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقا لأحكام القانون”. 72

ووفقا لما قاله محامو الدفاع الذين استشارتهم منظمة هيومن رايتس ووتش، يمكن للشرطة أو لمباحث أمن الدولة أن تحتجز الأشخاص لمدة تصل إلى 24 ساعة، عليهم بعدها إما أن يفرجوا عنهم أو يحصلوا على إذن باحتجازهم. 73 أما قانون الطوارئ المصري، وهو القانون رقم 162 لسنة 1958، والذي دأبت الحكومة على تجديد العمل به كل ثلاث سنوات دون توقف منذ أكتوبر/تشرين الأول 1981، فيسمح بالاعتقال التعسفي، وتجديد الاحتجاز لمدة خمسة عشرة يوما دون محاكمة. والمادة 3 من القانون تمنح السلطة لوزارة الداخلية الأمر باحتجاز أي شخص دون تهمة على أسس متسعة إلى أبعد الحدود، كالشك في تهديد النظام أو الأمن العام. 74 وقد أصدرت وزارة الداخلية في أكتوبر/تشرين الأول 1981، استنادا إلى القانون 162/1958، سلسلة من أوامر الاعتقال والاحتجاز والسجن في حق الأشخاص الذين يحرضون بأي طريقة" أي شخص يظهر ضده برهان مبين أو يشك في قيامه بأي نشاط يضر بالأمن العام أو النظام العام أو يهدد الوحدة الوطنية أو الاستقرار الاجتماعي..."75 والقانون رقم 97/1992، المعروف باسم قانون مكافحة الإرهاب، يتيح احتجاز الأشخاص في بعض الظروف دون إحالتهم إلى مكتب المدعي العام76. كما أن الحكومة تعتبر بعض أجزاء شبه جزيرة سيناء، خاصة على طول الحدود مع إسرائيل وقطاع غزة، أجزاء تستدعي اهتماما أمنيا خاصا، مع وضع قيود مشددة على دخولها، وخضوعها لتنظيم المباحث العسكرية.77

 ويضاف إلى آلاف الأشخاص الذين أعلن عن احتجازهم في شمال سيناء منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2004 ما يقدر بأربعة عشرة إلى خمسة عشرة ألفا آخرين محتجزين حاليا دون محاكمة، بلغت مدة احتجاز بعضهم عشرون عاما. 78

والأشخاص الذين يحتجزون لأكثر من 24 ساعة، سواء بموجب أمر قضائي أو تشريع الطوارئ، لابد من ترحيلهم إلى أماكن احتجاز معلومة لاستجوابهم. واستمرار احتجازهم بمكاتب جهاز مباحث أمن الدولة، سواء لاستجوابهم أو لغرض آخر، لا يتفق مع هذا المطلب.

تسمح المادة 4 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لأي دولة بأن تعلن رسميا حالة الطوارئ، التي تسمح للحكومة باتخاذ تدابير تحلها من بعض التزاماتها بموجب المادة 9 من العهد، وهي إحدى المواد التي تسمح بالإخلال بتلك الالتزامات. 79 لكن المادة 4 تنص على أن حالة الطوارئ العامة يجب أن تكون حالة "تهدد حياة الأمة"، وأن الإخلال بالالتزامات غير مسموح به إلا "في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع".80 كتب مانفريد نوواك في تعليقه الحجة على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أن هذا يعبر عن مرجعية تستند إلى مبدأ النسبية، بمعنى أنها "تدابير استثنائية، يمكن فرضها فقط لمدة محدودة، ولا يمكن مد العمل بها إلا في حالة الضرورة القصوى".81

وبقدر ما أديرت حملات الاعتقال والاحتجاز في شمال سيناء بناء على قانون الطوارئ، فأن تصرفات رجال مباحث أمن الدولة انتهكت هذا القانون أيضاً، حيث أن يوفر لكل شخص:

اعتقل أو احتجز بموجب المادة السابقة لابد من إعلامه كتابة على الفور بأسباب اعتقاله أو احتجازه. وللشخص الحق في الاتصال بكل من يرى أنه مناسب، والسعي للحصول على عون من محام. ويجب أن يعامل معاملة محتجز إداري. وللمحتجز، وغيره ممن يهمهم الأمر، التظلم من أمر الاعتقال أو الاحتجاز إذا مر عليهما 30 يوما دون الإفراج عنه.82

ولم توضح السلطات القائمة بالاعتقال أسباب الاحتجاز لم يحدث في أي حالة من حالات الاحتجاز التي فحصتها منظمة هيومن رايتس ووتش. وفي العديد من الحالات، حين يصر الشخص المحتجز أو أحد أقرباؤه على معرفة السبب، يخبرونهم بأن السبب هو أن قائد مكتب مباحث أمن الدولة بالمنطقة "الباشا" يرغب في محادثة الشخص "لمدة خمس دقائق" فقط. ولم يتلق أي من الأشخاص المحتجزين أو المفرج عنهم الذين تحدثت معهم منظمة هيومن رايتس ووتش أي تبرير تحريري أو شفهي لاحتجازهم. كما وقال جميع الشهود الذين وصفوا اعتقال أقاربهم لمنظمة هيومن رايتس ووتش، بلا استثناء، أن السلطات لم تبرز أمرا بالاعتقال، ولم تبد أي سبب لحدوثه. وحتى حين كانت توجه بعض التهم للمحتجزين عند ترحيلهم من مكتب مباحث أمن الدولة بالعريش أو رفح إلى سجن معروف في القاهرة أو غيره من الأماكن، فإن الأيام التي يقضيها هؤلاء المحتجزين في مقار مباحث أمن الدولة، غالبا في ظروف غير صحية وازدحام شديد، تمثل انتهاكا للقانون المصري، ولالتزامات مصر بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

كما أن عدم إبلاغ السلطات لأهالي المحتجزين عن أحوال أبنائهم يتعارض مع هذه المعايير الدولية لحقوق الإنسان، التي يجب أن تسير الدولة على هديها. تقرر مجموعة المبادئ التي تحمي كل الأشخاص الموجودين في جميع حالات الاحتجاز أو السجون أن:

يكون للشخص المحتجز أو المسجون، بعد إلقاء القبض عليه مباشرة وبعد كل مرة ينقل فيها من مكان احتجاز أو من سجن إلى آخر، الحق في أن يخطر، أو يطلب من السلطة المختصة أن تخطر أفرادا من أسرته أو أشخاصا مناسبين آخرين يختارهم، بالقبض عليه أو احتجازه أو سجنه أو بنقله وبالمكان الذي هو محتجز فيه.83

وينص المبدأ 16 (4) على أن "يجوز للسلطة المختصة أن ترجئ الإخطار لفترة معقولة عندما تقتضي ذلك ضرورات استثنائية في التحقيق"، لكنه ينص، عدا ذلك، على أنه "لا يجوز حرمان الشخص المحتجز أو المسجون من الاتصال بالعالم الخارجي، وخاصة بأسرته أو محامية، لفترة تزيد عن أيام".84

وقد عبرت القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء للأمم المتحدة عن هذا المطلب أيضا. توفر هذه القواعد أساسا للإجماع على المبادئ والممارسات التي تحظى بالقبول العام فيما يخص معاملة السجناء. وتنص القاعدة 92 على أن:

يرخص للمتهم بأن يقوم فورا بإبلاغ أسرته نبأ احتجازه، ويعطى كل التسهيلات المعقولة للاتصال بأسرته وأصدقائه وباستقبالهم، دون أن يكون ذلك مرهونـا إلا بالقيود والرقابة الضرورية لصالح إقامة العدل وأمن السجن وانتظام إدارته.85



39 قال محسن بشير المحامي بمركز هشام مبارك للقانون والمكلف بمتابعة هذه القضايا في 23 يناير/كانون الأول 2005 إن المركز يقدر عدد الأفراد الذين كانوا وقتها لا يزالون قيد الاعتقال في إطار التحقيق في الهجمات بحوالي 2400. رسالة بالبريد الإلكتروني لمنظمة هيومن رايتس ووتش من حسام بهجت، 23 يناير/كانون الثاني 2005. 

40 مقابلة منظمة هيومن رايتس ووتش مع أشرف أيوب، القاهرة، 4 ديسمبر/كانون الأول 2004. لم تتمكن منظمة هيومن رايتس ووتش من مقابلة أي شخص كان حاضراً في هذا الاجتماع ليقوم بتحقيق هذه الرواية. 

41 مقابلة منظمة هيومن رايتس ووتش مع شادي عبد الكريم، القاهرة، 12 ديسمبر/كانون الأول 2004.

42 مصطفى المنشاوي، "منظمات حقوقية تستجوب تحقيقات طابا"، صحيفة الأهرام ويكلي، 2-8 ديسمبر/كانون الأول 2004، ص 3.

43 مقابلة منظمة هيومن رايتس ووتش، تم حجب الاسم بناء على طلب صاحبه، القاهرة، ديسمبر/كانون الأول 2004.

44 رسالة بالبريد الإلكتروني لمنظمة هيومن رايتس ووتش من حسام بهجت، 23 يناير/كانون الثاني 2005.

45 رسالة بالبريد الإلكتروني لمنظمة هيومن رايتس ووتش من جمال عيد، 27 يناير/كانون الثاني 2005.

46 ماهر إسماعيل، "الإفراج عن 90 من معتقلي سيناء"، صحيفة المصري اليوم، 5 فبراير/شباط 2005، ص 1.

47 حصلت منظمة هيومن رايتس ووتش على هذه المعلومات في رسالة إليكترونية تلقتها من حسام بهجت، 23 يناير/كانون الثاني 2005.

48 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

49 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

50 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

51 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

52 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

53 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

54 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

55 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

56 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

57 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

58 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

59 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

60 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

61 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

62 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

63 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

64 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

65 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

66 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

67 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

68 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

69 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

70 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

71 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

72 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

73 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

74 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

75 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

76 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

77 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

78 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

79 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

80 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

81 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

82 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

83 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

84 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.

85 مقابلة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش مع والدة وزوجة نور محمود راشد بالعريش في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004.


<<   الصفحة السابقة  |  الصفحة الرئيسية  |  الصفحة التالية  >> February 2005