تونس: الحبس الانفرادي الطويل الأمد للسجناء السياسيين
ملخصما برحت الحكومة التونسية تودع بعض السجناء السياسين، الذين يتجاوز عددهم 500 سجين سياسي، رهن الحبس الانفرادي الصارم لفترات طويلة، وتعد هذه السياسة واحدة من أقسى مخلفات نظام السجن الذي كان سائداً في التسعينيات، حينما كانت الأوضاع في السجون أسوأ في مجملها؛ وهي سياسة تهدد الصحة العقلية للسجناء، وتحرمهم من سبل الطعن في مشروعية عزلهم على هذا النحو، فضلاً عن أنها تشكل انتهاكاً للمعايير الدولية التي تستوجب معاملة جميع المعتقلين على نحو إنساني يصون آدميتهم ويحترم الكرامة الأصيلة في كافة البشر.
توصياتتؤكد منظمة هيومن رايتس ووتش من جديد دعوتها للإفراج عن جميع السجناء الذين أدينوا في تونس بسبب أفعال تتعلق بالتعبير عن الرأي، والتجمع، وتكوين الجمعيات أو الانتماء إليها، ممن لا يمتون بصلة للعنف أو لأي نشاط جنائي معترف به. أما بالنسبة لسائر السجناء الذين أدينوا بأفعال ذات دوافع سياسية، في سياق إجراءات قضائية لا تتفق مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، فنحن نحث السلطات على إصدار عفو عنهم أو الإفراج عنهم ريثما يتم تقديمهم لمحاكمات جديدة وعادلة. وتحث هيومن رايتس ووتش سلطات السجون التونسية على تحسين الأوضاع المعيشية لجميع السجناء والمعاملة التي يلقونها في السجون، تمشياً مع كافة المعايير الدولية ذات الصلة بهذا الأمر، بما في ذلك تلك المنصوص عليها في القواعد النموذجية لمعاملة السجناء (التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، المنعقد في جنيف عام 1955، وأقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بقراريه 663 جيم (د-24) المؤرخ في 31 يوليو/تموز 1957، و2076 (د-62) المؤرخ في 13 مايو/أيار 1977).ونحث السلطات بوجه خاص على وضع حد فوري للعزل الطويل الأمد للسجناء السياسيين، على نحو ما يُمارس حالياً. ولا يجوز عزل أي شخص إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك باعتباره الملاذ الأخير. وحينما ترى السلطات مبررات لهذا العزل، فلا بد أن يكون الإجراء المفترض هو إيداع السجناء المعنيين في زنزانات أو أجنحة مع بعضهم البعض، بدلاً من الحبس الانفرادي. وتمشياً مع المعايير الدولية، فلا يجوز إيداع أي سجين رهن الحبس الانفرادي إلا لفترات قصيرة نسبياً، على نحو فردي، وتحت إشراف صارم، بمشاركة طبيب، على ألا يتخذ هذا الإجراء إلا لأسباب عقابية مشروعة على سبيل التأديب، أو لأسباب تتعلق بالأمن الاحترازي. وحينما يستخدم إجراء العزل لأسباب "احترازية"، فلا يجوز فرضه بهدف منع السجناء من تبادل الآراء والمعلومات السياسية، بل لا ينبغي فرضه إلا إذا أتى الفرد سلوكاً يظهر جنوحه المزمن للعنف أو خطورته بدرجة تشكل تهديداً بيناً وخطيراً لأمن السجن وسلامته. ويجب على السلطات التونسية أن تعلن المعايير التي يخضع لها إيداع السجناء في الحبس الانفرادي أو عزلهم عن سائر السجناء، وجميع القواعد والأوامر التنظيمية المتعلقة باستخدام هذا الإجراء. وحينما يصدر أمر بعزل السجناء، سواء لأسباب عقابية أو احترازية، فلا بد من تبيان الأسباب المحددة لذلك خطياً لكل فرد على حدة، وأن تُتاح له فرصة كافية للطعن في هذا الأمر بصفة دورية. ويجب على كبار المسؤولين عن التدابير الإصلاحية إعادة النظر بصفة دورية في مبررات عزل كل سجين، ثم تخضع قراراتهم بدورها للمراجعة من قبل سلطة مستقلة محايدة. ويجب على السلطات التونسية التحقق من أن الظروف التي يواجهها السجناء المعزولون احترازياً لا تنطوي على قيود تتجاوز ما تستوجبه الاعتبارات الأمنية المشروعة. ولا بد أن تسمح السياسات المتبعة للسجناء بأن يحيوا حياة بناءة، بل وتشجعهم على ذلك، وأن تقر بضرورة صون كرامتهم وقيمتهم الأصلية باعتبارهم بشراً. وحينما تقدم سلطات السجن على عزل سجين ما لأسباب احترازية، فمن واجبها إيجاد السبل الكفيلة بتحسين أوضاع هذا السجين تعويضاً له عن المشقة التي تنطوي عليها تلك القيود الإضافية على حرية حركته واتصالاته مع غيره من البشر. ويجب على السلطات التونسية الوفاء بما تعهدت به من الالتزام بجميع المعايير الواردة في قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا، ويشمل هذا ضمان ما يلي: |