Saudi


السعودية
Saudi
   بيان صحفي (للنشر فوراً)
السعودية: انتقاد دور الشرطة الدينية في حريق مدرسة البنات


(نيويورك، 15 مارس/آذار 2002) -- حثت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" السلطات السعودية اليوم على إجراء تحقيق مستقل يتسم بالدقة والشمول والشفافية في الحريق الذي شب في مدرسة حكومية متوسطة للبنات في مدينة مكة المكرمة في 11 مارس/آذار الجاري، والذي أودى بحياة ما لا يقل عن 14 طالبة. وقد أدى الحادث المأساوي إلى تركيز الأنظار على دور كل من الشرطة الدينية والهيئة الحكومية المسؤولة عن تعليم البنات والفتيات في المملكة.

فقد ذكر شهود عيان، ومن بينهم بعض ضباط الدفاع المدني، أن العديد من أفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو "المطوعين" قد أعاقوا جهود فرق الإنقاذ لأن الطالبات اللاتي حاولن الفرار من النيران المستعرة لم يكنَّ يرتدين الزي العام الإجباري للفتيات والنساء (العباءة السوداء الطويلة وغطاء الرأس)؛ وتُعدُّ هذه الهيئة من الهيئات المكلفة بتنفيذ القانون في المملكة، وتسعى لتطبيق القواعد الصارمة للفصل بين الجنسين، والقواعد الخاصة بزي المرأة، وكانت محل انتقاد بسبب الممارسات التعسفية من قبيل المضايقات، والإيذاء البدني، والاعتقال التعسفي.

وقال هاني مجلي، المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط و شمال إفريقيا بمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان":
    "من الجائز أن يكون بعض النساء والفتيات قد لقين حتفهن بدون داعٍ بسبب التأويلات المتطرفة للقواعد الخاصة بالزي الإسلامي؛ ولا بد من محاسبة السلطات التي تتحمل المسؤولية المباشرة وغير المباشرة عن هذه المأساة".
وكانت 835 طالبة و55 امرأة داخل المدرسة المتوسطة رقم 31 عندما اندلعت النيران في حوالي الثامنة صباحاً، وفقاً للأنباء الواردة في الصحف السعودية؛ وألمحت الصحف السعودية إلى أن المدرسة، الواقعة في مبنى مستأجر، كانت مكتظة بالطالبات، وربما كانت تفتقر إلى مرافق ومعدات الأمان الأساسية، مثل سلالم النجاة من الحرائق وأجهزة الإنذار.
وأضافت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" قائلةً إن تحقيق الحكومة يجب أن يشمل أيضاً الظروف المنافية لمعايير الأمان والسلامة في المدرسة التي تديرها الرئاسة العامة لتعليم البنات.
وقد أشارت جريدة "آراب نيوز" (جدة) في عددها الصادر أمس إلى تقرير أعدته هيئة الدفاع المدني في مكة عن جهود فرق الإنقاذ بالمدرسة؛ وقال التقرير إن المطوعين كانوا عند البوابة الرئيسية و"اعترضوا عن قصد الجهود المبذولة لإخلاء المبنى من الطالبات، مما أسفر عن زيادة عدد الضحايا". وورد أن الشرطة الدينية حاولت منع ضباط الدفاع المدني من الدخول إلى المبنى؛ ونقلت جريدة "آراب نيوز" عن بعض ضباط الدفاع المدني قولهم: "لقد قلنا لهم إن الوضع خطير، وليس الوقت مناسباً لمناقشة قضايا دينية، ولكنهم رفضوا وبدأوا يصرخون فينا".

كما نقل عن ضباط الدفاع المدني قولهم: "كلما خرج الفتيات من البوابة الرئيسية، أرغمهم هؤلاء الأشخاص على العودة من بوابة أخرى؛ وبدلاً من تقديم يد المساعدة في جهود الإنقاذ، كانوا يستخدمون أيديهم في ضربنا". كما قال الضباط إنهم رأوا ثلاثة أشخاص يضربون الفتيات اللاتي خرجن من المدرسة في زي غير ملائم. وقال صحفي سعودي لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" إن المطوعين في الموقع صرفوا الآباء والمقيمين الآخرين الذين جاؤوا لتقديم المساعدة، ومنعوهم من الدخول.

وقد حدت المأساة بالصحفيين السعوديين للمطالبة بمزيد من الصراحة والمكاشفة من جانب الرئاسة العامة لتعليم البنات، رداً على استفسارات أجهزة الإعلام عن سياسات هذه الهيئة وممارساتها. وجدير بالذكر أن جميع جوانب تعليم البنات الذي تموله الدولة، بما في ذلك استئجار المباني للمدارس، تخضع لسلطة الرئاسة العامة لتعليم البنات، وهي هيئة حكومية تتمتع بالاستقلال الذاتي وتخضع منذ أمد طويل لسلطة رجال الدين المحافظين. وكتب جمال خاشقجي، نائب رئيس تحرير "آراب نيوز"، في العدد الصادر أمس: "إن التدفق الحر للمعلومات... من شأنه أن يساعد الصحفيين على إعداد تحقيق صحفي عن المدارس الأخرى في المملكة التي قد تهدد الظروف السائدة فيها أيضاً أرواح الطلاب والمدرسين".
وحث خاشقجي الرئاسة العامة لتعليم البنات على تقديم معلومات عن احتياطات الأمان والوقاية من الحرائق في مدارس البنات، بما في ذلك وجود عدد من أجهزة إطفاء الحرائق، ومعدل إجراء تمرينات على مكافحة الحرائق، وكذلك معلومات مفصلة عن العقود الخاصة بالآلاف من المباني المستأجرة للمدارس في المملكة، بما في ذلك الشروط الخاصة بإنشاء مخارج الطوارئ وأجهزة الإنذار بنشوب الحرائق.
وتقدم المدارس الحكومية المتوسطة في المملكة، التي يتم فيها الفصل بين البنين والبنات، ثلاث سنوات من التعليم المتوسط للأطفال الذين تترواح أعمارهم بين 12 و15، عقب مرحلة التعليم الابتدائي التي تستغرق ست سنوات.
وجدير بالذكر أن السعودية إحدى الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، وفي اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
وأضاف مجلي قائلاً إنه لمما يبعث على التفاؤل، وسط هذا الحادث المفجع، أن يرى المرء نقاشاً حراً نسبياً يدور في الصحف السعودية، المعهود عنها خمودها الشديد، حول ضرورة التحقيق في الحادث.