E-mail بريدالكتروني WR 2000 Mena  Campgn HR-Global  حقوق المرأة والطفل والعدالة والأسلحة والألغام Countries Mena Home
 
تعليق موجه للجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية
الدولية مقتطفات
أركان الجريمة والقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات
يونيو/حزيران 2000
سوف تمثل الدورة القادمة للجنة التحضيرية، المزمع عقدها في يونيو/حزيران، باعتبارها الجولة الأخيرة للمفاوضات، تحدياً عسيراً بوجه خاص، لاسيما مع ضيق الوقت وجسامة المهام الماثلة أمام اللجنة. ومنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" مهتمة وملتزمة، شأنها شأن الغالبية العظمى من الوفود، بالانتهاء من إعداد هذه الوثائق واستكمال المهام المنوطة باللجنة التحضيرية. ومع هذا، فالأمر الذي يكتسي نفس القدر من الأهمية، على أقل تقدير، بالنسبة لمستقبل المحكمة الجنائية الدولية هو التصدي للمحاولات الرامية لتقويض فعالية النظام الأساسي للمحكمة ورفض مثل هذه المحاولات برمتها، على الأقل من أجل تأمين مستقبل المحكمة الجنائية الدولية. وعلينا أن نحرص كل الحرص على ألا تنحرف "الأركان والقواعد" عن النظام الأساسي، أو تكون خطوة إلى الوراء في تطور القانون الدولي، أو تضع عقبات غير ضرورية في سبيل الملاحقة القضائية السريعة والعادلة والفعالة. ويتعين تطبيق هذه المبادئ على السواء على جميع القضايا التي لم تبتها اللجنة التحضيرية بعد. وسوف يتطلب الأمر يقظة شديدة لضمان التصدي للجهود الرامية لغل يد المحكمة الجنائية الدولية عن الملاحقة القضائية الفعالة لمرتكبي جرائم العنف الجنسي.

وتتطلع منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" إلى التعاون الوثيق مع الوفود في هذه المهمة.
القسم "أ": أركان الجريمة
الجرائم ضد الإنسانية
جميع الإشارات الواردة هنا بشأن النص قيد التعديل تتعلق بوثيقة الأمم المتحدة رقم: PCNICC/1999/L.5/Rev.1/Add.2 التي صدرت عقب دورة ديسمبر/كانون الأول للجنة التحضيرية، ما لم يُشر إلى غير ذلك.
الفقرات الافتتاحية: اشتراط قيام الدولة أو المنظمة بدور نشط في التشجيع على ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية أو في الترويج لها
عرّف النظام الأساسي عبارة "هجوم موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين"، التي تمثل شرطاً لاعتبار فعل ما بأنه جريمة ضد الإنسانية، على أنها تعني "نهجاً سلوكياً… عملاً بسياسة دولة أو منظمة تقضي بارتكاب هذا الهجوم، أو تعزيزاً لهذه السياسة1." ولكن النص قيْد التعديل الخاص بأركان الجريمة يقول: "ومن المفهوم أنه لكي تكون هناك سياسية لارتكاب ذلك الهجوم، لا بد للدولة أو المنظمة أن [تدعم أو] تشجع هذا السلوك [بصورة فعلية] بوصفه هجوماً على مجموعة من السكان المدنيين".
توصية: يجب أن يُحذف من الفقرات الافتتاحية شرط وجود تشجيع فعلي من دولة أو منظمة على السلوك المشار إليه. ويجب أن يكون أي توضيح مفصل للمعنى المقصود من كلمة "السياسة" متفقاً مع النظام الأساسي للمحكمة والقانون الدولي؛ ومن ثم، يتعين أن يشمل معناها سياسات التسامح بشأن الفعل، أو التغاضي عنه، أو قبوله أو إقراره، صراحةً أو ضمناً، أو التشجيع عليه أو دعمه بشكل مباشر أو غير مباشر.
تعليق:
· التعارض مع نص وروح النظام الأساسي
يمثل تفسير كلمة "سياسة" في النص قيد التعديل انحرافاً خطيراً عن النظام الأساسي نصاً وروحاً؛ فالغاية المتوخاة من صياغة أركان الجريمة، كما سبق أن ذكرنا مرات عديدة، هي مساعدة المحكمة على تطبيق أحكام النظام الأساسي 2، وليس تغيير مضمونه. والمبدأ الذي يجب أن يُهتدى به في هذا المقام هو الحرص على الاتفاق مع النظام الأساسي؛ ولكن النص الحالي خرج على هذا المبدأ، ويجب أن يرفض رفضاً تاماً. وفي هذا المقام، نذكر الوفود بأن الإشارة لكلمة "السياسة" في النظام الأساسي جاءت هي نفسها نتيجة حل وسط دقيق تم التوصل إليه في مؤتمر روما، حيث أدرجت كلمة "السياسة" في المراحل النهائية للمؤتمر باعتبار أنها تنطوي على مفهوم مرن من شأنه أن يقدم تأكيداً إضافياً على أن الأفعال المنفردة لن تُعتبر جرائم ضد الإنسانية. 3 ولم يكن المقصود من إدراجها فرض حد جديد صارم لاختصاص المحكمة، على نحو ما تفعله عبارة "لا بد للدولة أو المنظمة أن تشجع هذا السلوك"، ولا يوجد أي مبرر منطقي لتفسير كلمة السياسة على هذا النحو. 4
إن فرض حد أدنى جديد لاختصاص المحكمة بلا مبرر، وتمريره على أنه محاولة "لفهم" الطريقة التي يجب أن يُؤول بها النظام الأساسي ضرب من المراوغة والخداع. ونحن نهيب بالوفود ونحثهم بشدة على الإصرار على حذف هذا التفسير أو وضع تفسير بديل يشمل السياسات التي تنتهجها الدول أو المنظمات والتي تنطوي على التقاعس أو القبول الضمني.
· "… أن تشجع أو تدعم هذا السلوك بصورة فعلية…"
إن محاولة قصر ولاية المحكمة القضائية بالنسبة للجرائم المرتكبة ضد الإنسانية على الحالات التي يمكن فيها للمدعي العام أن يثبت أن دولة أو منظمة ما قامت بتشجيع أو دعم الهجوم بصورة فعلية أمر من شأنه أن يحد بشدة من قدرة المحكمة على ملاحقة مرتكبي أخطر الجرائم الدولية. فالتاريخ يحفل بالعديد من الشواهد على مثل تلك الحالات التي ارتكبت فيها جرائم ضد الإنسانية، وتغاضت السلطات الرسمية عنها، أو أقرتها، أو وافقت عليها، أو شجعت عليها ضمناً أو بصورة غير مباشرة. 5 وعلينا أن نضع نصب أعيننا أن نظام القضاء الوطني في هذه الحالات كثيراً ما يعكس هو نفسه سياسة الموافقة أو التغاضي هذه، ومن ثم يكون عاجزاً أو عازفاً عن ملاحقة مرتكبي تلك الأفعال. 6 وإذا أردنا أن نتجنب إفلات المجرمين من العقاب وردعهم عن جرائمهم، فمن الأهمية بمكان أن تكون المحكمة قادرة على التصرف في مثل هذه الحالات على وجه التحديد.
كذلك ينبغي للوفود أن يضعوا نصب أعينهم المشقة التي ينطوي عليها العبء الثقيل المتمثل في تقديم الأدلة التي تثبت أن الدولة أو المنظمة تنتهج سياسة مؤداها التشجيع "الفعلي" على ارتكاب الفظائع؛ وينطبق هذا بوجه خاص في الحالات غير القليلة التي تمارس فيها الدولة أو المنظمة هذه السياسة في الخفاء، ثم تظل تقيم العراقيل في طريق جمع الأدلة التي تثبت تورطها. ولو أردنا ألا يصبح شرط وجود مثل هذه "السياسة" عقبة كأداء، فيجب أن يكون بالإمكان الاستدلال على وجود مثل هذه السياسة من طبيعة الهجوم 7 ؛ ولو أنه يكاد يكون من المحال في كثير من الأحيان أن تستنتج المحكمة وجود تشجيع "فعلي"، في مقابل التشجيع "الضمني". 8
· المعيار الدولي الصحيح: السلطات القانونية
لقد فسر فقهاء القانون الدولي منذ زمن بعيد الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية على أنها تشمل الجرائم المرتكبة في إطار سياسة تنتهجها الدولة أو المنظمة تنطوي على التغاضي عنها أو قبولها،وليس فقط دعمها بصورة فعلية. فمحاكم نورمبرغ لم تشترط سوى إثبات المشاركة في "إجراءات منهجية نظمتها أو أقرتها حكومة". 9 وبالمثل، فإن "مشروع قانون الجرائم ضد السلم وأمن البشرية"، الذي وضعته "لجنة القانون الدولي" في عام 1954 عرف بوادر الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية بأنها تلك "الأفعال اللاإنسانية ... التي ترتكبها سلطات دولة ما أو يرتكبها أفراد عاديون يعملون بتحريض من هذه السلطات أو تتسامح هذه السلطات معهم" (التأكيد مضاف). 10
كذلك، تشير الاختصاصات القضائية للمحكمتين الجنائيتين الدوليتين الخاصتين بيوغوسلافيا السابقة ورواندا إلى معيار أشد مرونة من ذلك المنصوص عليه في مسودة الفقرات الافتتاحية. ويتعين على الوفود أن يسترشدوا، بوجه خاص، بأحدث حكم للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة في هذا الصدد؛ ففي حكمها في قضية كوبريسكيتش الصادر في 14 يناير/كانون الثاني 2000 قالت المحكمة: "إن قانون السوابق والأحكام القضائية الوطني والدولي يؤكدان على أنه من الضروري على أقل تقدير وجود تسامح من جانب دولة أو حكومة أو كيان بشأن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية " 11(التأكيد مضاف). ويمضي منطوق الحكم، فيقول: "إن قانون السوابق والأحكام القضائية المتاح تشير فيما يبدو إلى ضرورة وجود موافقة أو إقرار صريح أو ضمني من جانب الدولة أو السلطات الحكومية" (التأكيد مضاف). 12
وبالمثل، أكدت المحكمتان الجنائيتان الدوليتان في قضيتي أكاييسو 13 وتاديتش 14 أنه لكي يرقى السلوك إلى مستوى الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، يجب أن يتصل بسياسة "قائمة سلفاً" أو "متوخاة عن قصد" من جانب دولة أو منظمة؛ غير أن أياً منهما لم تشترط انتهاج هذه السياسة "بصورة فعلية".
القسم "ب": القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات
الباب التاسع
تطبيق المادة 98
توصية: يجب إبداء رفض قاطع وصريح للقاعدة التي اقترحها الوفد الأمريكي في الدورة السابقة للجنة التحضيرية بشأن المادة 98، ويجب حذف الحاشية التي تشير إلى جواز أن يقترح أحد الوفود إدخال إضافة على القاعدة.
التعليق:
لقد تم الوصول إلى حل وسط دقيق بشأن صياغة القاعدة 9/18 المتعلقة بالمادة 98 15 في دورة ديسمبر/كانون الأول للجنة التحضيرية. ورغم هذا، أدرجت حاشية في دورة مارس/آذار تشير إلى أنه "يجوز لأي وفد أن يقدم مقترحات أخرى في المستقبل" بشأن المادة 98.
وقد وزع وفد الولايات المتحدة مقترحاً ذا شقين خلال دورة مارس/آذار. ويتألف الشق الأول من نص أعد لكي يُدرج في الاتفاقية التي سوف تنظم العلاقة بين المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة، ومن شأنه أن يدخل تغييرات جذرية في نظام الولاية القضائية للمحكمة الذي تم الاتفاق عليه في روما 16 . وتمنع اتفاقية العلاقة المقترحة المحكمة من السعي لتسلم المتهم أو قبول احتجازه عندما يكون ذلك المتهم قد عمل بتوجيه عام من دولة غير طرف، ما لم توافق الدولة أو مجلس الأمن على المضي في إجراءات الدعوى القضائية. وهذا انتهاك صارخ للكثير من مواد النظام الأساسي، ومن بينها المادة 12 (الشروط المسبقة لممارسة الاختصاص)، والمادة 16 (دور مجلس الأمن)، والمادة 27 (عدم الاعتداد بالصفة الرسمية).
ويحتوي الشق الثاني من المقترح على قاعدة تتعلق بالمادة 98 أعدت لكي تُدرج ضمن القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات. وإن قُبل نص هذه القاعدة، فمن شأنه أن يلزم المحكمة بالامتثال لأي تعديل يطرأ بحكم الواقع على نظام الولاية القضائية الذي حدده النظام الأساسي للمحكمة في إطار الاتفاقية المقبلة الخاصة بتنظيم العلاقة بين المحكمة والأمم المتحدة (اتفاقية العلاقة). وينص المقترح على الآتي: "لا يجوز للمحكمة أن تمضي في طلب تسليم أي شخص أو تقبل وضع أي شخص قيد الحجز لديها إلا على النحو الذي يتفق مع التزاماتها بموجب الاتفاقية الدولية ذات الصلة."
والقاعدة المقترحة تتعارض بوضوح مع المادة 98؛ فهي، بحجة وضع قاعدة إجرائية، تسعى إلى تعديل القانون الأساسي من خلال القواعد الإجرائية. وهذا ينتهك نص المادة 51(4) حيث تقول: "تكون القواعد الإجرائية... متسقة مع هذا النظام الأساسي" وإجراءات التعديل الواردة في المادة 121.
تنص المادة 98 على أن تمتثل المحكمة للاتفاقيات التي تعقد فيما بين الدول لمنع تسليم المتهمين لها. ولكن المقترح الأمريكية بشأن المادة 98 يتخطى ذلك بكثير، حيث يلزم المحكمة بالإذعان لجميع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة التي قد تبرم فيما بينها وبين الأمم المتحدة وفيما بينها وبين الدول 17 . وعلاوة على أن هذا سوف يفتح الباب لتقييد الأحكام الرئيسية للنظام الأساسي من خلال استغلال "اتفاقية العلاقة" كأداة لتحقيق هذا المأرب، فإن القاعدة المذكورة قد تفتح الباب أمام محاولات لا نهاية لها من جانب الدول لكي تفرض شروطاً تلائم أغراضها من خلال إبرام "اتفاقيات دولية" لاحقة مع المحكمة.
وهناك نقطة أخرى تمثل خروجاً على أحكام المادة 98، وإن كانت أقل شططاً من سابقتها؛ فبينما تمنع المادة 98 المحكمة من تقديم طلب بتسليم المشتبه فيه في حالة وجود اتفاقيات من النوع المشار إليه، فإن القاعدة المقترحة تزيد على ذلك، فتمنعها من أن "تقبل احتجاز المتهم لديها." ومن ثم، فالأوضاع المحددة في اتفاقية العلاقة المقترحة من الولايات المتحدة تجعل المحكمة عاجزة عن تسلم المشتبه فيه دون موافقة الدولة التي يحمل جنسيتها أو مجلس الأمن حتى عندما تتطوع دولة بتسليمه إليها.
وتسعى هذه القاعدة إلى أن تفتح الطريق أمام تعديل النظام الأساسي من الباب الخلفي، بدايةً بالمادة 98، ثم بالأحكام المتعلقة بالولاية القضائية للمحكمة التي تمثل جوهر النظام الأساسي. ومن ثم فإن قبول هذا المقترح سوف يمهد الطريق أمام تقويض الأحكام الرئيسية في النظام الأساسي من خلال "اتفاقية العلاقة" أو من خلال اتفاقية أخرى تبرم مع المحكمة في الفترة اللاحقة؛ وهو أمر يجب رفضه رفضاً قاطعاً من أجل الحفاظ على فعاليتها واستقلالها.

الهوامش
 
E-mail بريدالكتروني WR 2000 Mena  Campgn HR-Global  حقوق المرأة والطفل والعدالة والأسلحة والألغام Countries Mena Home