Skip to main content

التقرير العالمي 2013: المغرب/الصحراء الغربية

أحداث عام 2012

كانت أوضاع حقوق الإنسان مختلطة تماما في المغرب، إذ أن دستور 2011 الذي تضمن مواداً قوية متعلقة بحقوق الإنسان، لم يُترجم إلى تحسن الممارسات على الأرض. وبينما مارس المغاربة حقهم في التظاهر بالشوارع، كثيراً ما لجأت الشرطة إلى تفريق المتظاهرين باستخدام العنف، وتعرض قيادات التظاهر والمعارضين للحبس بعد محاكمات غير عادلة، أحياناً بناء على قوانين عدّة تقمع حرية التعبير ولم تُراجع بعد على ضوء الدستور الجديد.

في يناير/كانون الثاني 2012 وللمرة الأولى، تولى إسلامي منصب رئيس الحكومة، بعد فوز حزب العدالة والتنمية بأغلبية المقاعد في الانتخابات التشريعية. وأصبح مصطفى الرميد– محامي حقوق الإنسان المعروف – وزير العدل. في 31 يوليو/تموز أعلن الرميد في لقاء متلفز أنه ليس من بين سجناء المغرب البالغ عددهم 65 ألفاً أي "سجناء رأي"، وهو التصريح المتناقض مع حبس مغني الراب "الحاقد" والطالب عبد الصمد الهيدور لتعبيرهما عن آراء سلمية.

حرية التجمع وتكوين الجمعيات والتعبير

في إطار الاحتجاجات الشعبية التي عمت المنطقة، دأب المغاربة منذ فبراير/شباط 2011 على تنظيم مسيرات مطالبة بإصلاحات سياسية شاملة. سمحت الشرطة بالعديد من هذه التظاهرات، التي قادتها حركة 20 فبراير الشبابية، غير محكمة التنظيم، لكن في بعض الحالات قامت الشرطة بمهاجمة المتظاهرين والتعرض لهم بالضرب الغاشم.

قضى الصديق كبوري – رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المستقلة في بوعرفة ثمانية أشهر في الحبس إثر إدانته في محاكمة غير عادلة جراء دوره المزعوم في مظاهرة شهدها شهر مايو/أيار 2011 انتهت بالتراشق بالحجارة والإضرار بالممتلكات. صدر عفو ملكي عن كبوري وتسعة من المتهمين معه في 4 فبراير/شباط 2012. وحكمت محكمة بالدار البيضاء في 12 سبتمبر/أيلول على خمسة متظاهرين بالحبس لمدد تتراوح بين ثمانية وعشرة أشهر لاتهامهم بالاعتداء على الشرطة في مظاهرة بتاريخ 22 يوليو/تموز، رغم أن المحكمة اعتمدت على اعترافات للمتهمين ادعوا أنهم أدلوا بها تحت تأثير الضرب.

الإرهاب ومكافحة الإرهاب

تم القبض على مئات من المشتبه في كونهم متطرفين إسلاميين في أعقاب تفجيرات مايو/أيار 2003 في الدار البيضاء. وتمت إدانة العديد منهم في محاكمات غير عادلة بعد أن تم إخضاعهم للاعتقال السري، وسوء المعاملة، وأحيانًا إلى التعذيب. ومنذ الهجمات الإرهابية التي وقعت سنة 2007، قامت الشرطة باعتقال مئات آخرين ممن يشتبه في كونهم من المتشددين، وتمت إدانة العديد منهم، وصدرت أحكام بالسجن في حقهم ليس لأنهم ارتكبوا أعمالا إرهابية وإنما بسبب انتمائهم إلى "شبكة إرهابية" أو الاستعداد للالتحاق "بالجهاد" في العراق أو في أماكن أخرى.

سلوك الشرطة والتعذيب ونظام العدالة الجنائية

تستمر المحاكم المغربية في فرض أحكام الإعدام، لكن لم يتم إعدام أحد في المغرب منذ مطلع التسعينيات.

ذكر مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب خوان مينديز أنه حصل على حق زيارة سجون وسجناء بلا قيود. وأشار إلى وجود "إرادة سياسية" لدى السلطات "لبناء ثقافة مؤسسية تحظر وتمنع التعذيب والمعاملة السيئة" لكنه أشار أيضاً إلى تلقيه "تقارير قابلة للتصديق بأعمال ضرب [من قبل الشرطة] (باللكمات والعصي)، واستخدام الصدمات الكهربية والحرق بالسجائر". انتهى مينديز إلى أن: "من حيث الممارسة، فإن الضمانات ضد التعذيب لا تجدي بشكل فعال بسبب عدم وجود أدلة على وقوع التعذيب، ومن ثم تبقى الاعترافات أو أقوال السجناء معمولاً بها ولا تُبذل جهود جادة للتحقيق أو الملاحقة القضائية أو العقاب بحق الجناة".

حرمت المحاكم متهمين في قضايا سياسية من الحق في المحاكمة العادلة، وتجاهلت في عدة قضايا طلباتهم بإجراء فحوصات طبية إثر ادعائهم بالتعرض للتعذيب، ورفضت استدعاء شهود النفي، وأدانت متهمين على ما يبدو بناء على اعترافات منتزعة بالإكراه.

يواجه 25 مدنياً صحراوياً المحاكمة أمام محكمة عسكرية بالرباط بسبب دورهم المزعوم في المصادمات التي أدت إلى سقوط ضحايا من الجانبين في العيون وحولها في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2010، بين قوات الأمن وصحراويين. وإلى حدود كتابة هذه السطور لم تكن المحاكمة قد بدأت بعد، رغم أن 22 من المتهمين أمضوا نحو عامين رهن الاعتقال الاحتياطي.

تناقلت تقارير أن الأوضاع في السجون قاسية، ويرجع هذا إلى حد كبير إلى ازدحام السجون بالنزلاء، وتتفاقم المشكلة بسبب لجوء القضاة إلى الاعتقال الاحتياطي في حالات كثيرة ، كما هو موثق في تقارير ظهرت مؤخراً عن الأوضاع في السجون. وقال سجناء سابقين لـ هيومن رايتس ووتش إن أوضاع السجناء الإسلاميين في سجن سلا 2 مشدد الحراسة قد تحسنت مقارنة بالأوضاع اللاإنسانية شديدة التقييد التي عانوا منها خلال عام 2011.

أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان – وهو هيئة بتمويل حكومي مسؤولة أمام الملك – تقريراً رائداً في سبتمبر/أيلول عن المؤسسات الاستشفائية الخاصة بمعالجة الأمراض العقلية والنفسية، انتقد فيه أوجه قصور المؤسسات القائمة. في نوفمبر/تشرين الثاني أصدر المجلس تقريراً عن الأوضاع في السجون ذكر فيه وجود أعمال ضرب ممنهجة وسياسات تعسفية فيما يخص العقاب ونقل السجناء واستخدام القضاة بشكل مفرط للاعتقال الاحتياطي.

في عام 2012 ظهرت عدة تقارير عن انتهاكات الشرطة بحق المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، يعيش العديد منهم في ظروف صعبة على امتداد ساحل المتوسط. على سبيل المثال تناقلت التقارير مداهمة الشرطة في 24 أغسطس/آب لبيت مهجور يسكنه مهاجرون على مشارف مدينة الناضور، فقامت الشرطة بتدمير ومصادرة الممتلكات، ووضعت المهاجرين على متن حافلات وألقت بالعديدين منهم علىالحدود مع الجزائر دون التحقق رسمياً من حالتهم. بشكل عام، امتنع المغرب عن طرد المهاجرين الذين تثبت وثائقهم الرسمية أنهم تقدموا بطلبات أو تلقوا وثائق تفيد بالاعتراف بهم كلاجئين من طرف المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

حرية تكوين الجمعيات

يحمي دستور 2011 للمرة الأولى الحق في تكوين الجمعيات. لكن يستمر المسؤولون في عرقلة الاعتراف القانوني  بالعديد من الجمعيات تعسفاً، مما يعيق حريتها في العمل. وتشمل هذه الممارسات المنظمات المدافعة عن حقوق الصحراويين، والأمازيغ، والمهاجرين القادمين من جنوب الصحراء، وخريجي الجامعات العاطلين عن العمل، والجمعيات الخيرية والثقافية والتربوية التي يوجد من بين قياداتها أعضاء في جماعة العدل والإحسان، وهي حركة قوية في كامل أنحاء البلاد وتدعو إلى دولة إسلامية وتطرح تساؤلات حول سلطة الملك الدينية. ورغم أن الحكومة لا تعترف بجماعة العدل والإحسان كجمعية قانونية، إلا أنها تسامحت مع عدد من نشاطاتها ومنعت عددا آخر. وفي الصحراء الغربية، منعت السلطات تسجيل جميع منظمات حقوق الإنسان المحلية التي يدعم قادتها استقلال تلك المنطقة، حتى تلك الجمعيات التي نالت أحكاماً من المحاكم الإدارية بأنها حرمت بشكل غير سليم من الاعتراف القانوني.

حقوق المرأة

يضمن الدستور الجديد المساواة للمرأة "في نطاق أحكام الدستور وقوانين المملكة وهويتها الوطنية الراسخة". وأفضت التعديلات الكبيرة التي أدخلت على مدونة الأسرة المغربية سنة 2004 إلى رفع سن الزواج من 15 إلى 18 عاماً وتحسين حقوق المرأة في الطلاق وحضانة الأطفال. ولكن المدونة الجديدة حافظت على بعض الأحكام التمييزية المتعلقة بالميراث وحق الزوج في تطليق زوجته بشكل أحادي.

في 10 مارس/آذار انتحرت، على ما يبدو، أمينة الفيلالي البالغة من العمر 16 عاماً بعد أن تعرضت للضرب على يد زوجها، وفقاً لأسرتها. كان والدا الفيلالي اللذان يعيشان قرب مدينة العرائش شمالي المغرب قد تقدما بشكوى في عام 2011 ذكرا فيها أن خطيب ابنتهما وزوجها المستقبلي قام باغتصابها، وفيما بعد قبلت المحكمة طلبهما بأن تسمح لهما المحكمة بالزواج. ارتبطت القضية بالأساس بالفصل 475 من القانون الجنائي الذي ينص على الحُكم بالسجن على كل من "اختطف أو غرر" بقاصر، لكن تُمنع مقاضاته إذا تزوج بالقاصر. ويسمح هذا الفصل، على حد قول نشطاء حقوق المرأة، للمغتصبين بالإفلات من المتابعة القضائية.

عاملات المنازل

رغم القوانين التي تحظر عمل الأطفال تحت سن 15 عاماً، فإن آلاف الأطفال تحت هذه السن – أغلبهم من الفتيات – يعملون في المنازل. وفقا ً للأمم المتحدة ومنظمة غير حكومية ومصادر حكومية، فإن عدد عاملات المنازل القاصرات انحسر على مدار السنوات الأخيرة، لكن فتيات في  سن 8 أعوام مستمرات في العمل بالمنازل لمدة تصل إلى 12 ساعة يومياً مقابل أجر هزيل يبلغ  11 دولاراً في الشهر. في بعض الحالات يقوم أصحاب العمل بضرب الفتيات وسبهن، مع حرمانهن من التعليم، ويرفضون منحهن طعاماً كافياً. في عام 2012 حكمت محكمة استئناف على سيدة بالسجن لمدة 10 أعوام بتهمة ضرب عاملة منازل تبلغ من العمر 10 أعوام، مما أدى إلى وفاة الطفلة.

تستبعد مدونة الشغل المغربية عاملات المنازل من نطاق تدابير الحماية التي يوتفرها، ومنها الحد الأدنى للأجر، والحدود المفروضة على ساعات العمل، ويوم العطلة الأسبوعية. في عام 2006 عرضت السلطات مشروع قانون بتنظيم العمل المنزلي عززت فيه الحظر المفروضة على تشغيل عاملات منازل دون سن 15 عاماً. تم تعديل المشروع ولكن وحتى كتابة هذه السطور لم يتم بعد تبنيه.

حرية التعبير

تقوم الصحافة المكتوبة والالكترونية في المغرب بإجراء تحقيقات صحفية وانتقاد المسؤولين الحكوميين وسياسات الدولة، ولكنها تتعرض إلى المحاكمات والمضايقات إذا تجاوزت بعض الخطوط. وينص قانون الصحافة على عقوبات بالسجن للتهم المتعلقة  بـ "تعمد نشر معلومات مغلوطة" عن "سوء نية" من شأنها المسّ بالنظام العام، أو الخطاب التشهيري أو المسيء لأشخاص من العائلة الملكية، أو الذي يمس بـ "الدين الإسلامي أو النظام الملكي أو الوحدة الترابية"، والمقصود بذلك  مطالب المغرب بشأن الصحراء الغربية.

ويسمح التلفزيون الحكومي المغربي بهامش من التقارير البحثية دون توجيه انتقادات إلى الحكومة أو معارضة القضايا الكبرى. وفي أبريل/نيسان أتم رشيد نيني الصحفي البارز ورئيس تحرير جريدة المساء، عاماً في السجن بناء على اتهامات مرجعها مقالاته، تتعلق بمحاولة التأثير على قرارات القضاء، وعدم احترام المقررات القضائية، وتوجيه تهم باطلة إلى مسؤولين عموميين بارتكاب جرائم

سحبت السلطات المغربية اعتماد صحفي وكالة الأنباء الفرنسية عمر بروكسي في 5 أكتوبر/تشرين الأول بسبب مقال وصف فيه ذلك اليوم حزباً سياسياً له مرشحون في الانتخابات بأنه مقرب من القصر. أعلنت السلطات في نوفمبر/تشرين الثاني أنها ستسمح لقناة الجزيرة بإعادة فتح  مكتبها في المغرب، بعد عامين من إغلاقه إبان انتقاد السلطات تغطية القناة لنزاع الصحراء الغربية.

في مايو/أيار أدانت محكمة بالدار البيضاء مغني الراب معاذ بلغوات (المعروف باسم "الحاقد") وحكمت عليه بالسجن عاماً بتهمة إهانة الشرطة في كلمات إحدى أغنياته. وأيدت محكمة الاستئناف الإدانة والحُكم من طرف في يوليو/تموز.

حكمت محكمة في تازة في فبراير/شباط على عبد الصمد الهيدور، 24 عاماً من مدينة تازة، بثلاثة سنوات سجنا نافذا لمهاجمة الملك ووصفه بـ "الكلب" و"القاتل" و"الديكتاتور" في فيديو نُشر على موقع يوتيوب. ويجرم القانون الجنائي "المس بشخص الملك".

الأطراف الدولية الرئيسية

في 2008، منح الاتحاد الأوروبي المغرب مرتبة "الشريك المتقدم"، وجعله يتبوأ مرتبة متقدمة في "سياسة الجوار" التي تعتمدها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ويعتبر المغرب أكبر مستفيد من مساعدات الاتحاد الأوروبي للشرق الأوسط بعد الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويبلغ حجم المساعدات المرصودة للمغرب 580 مليون يورو (757 مليون دولار) في الفترة الممتدة من 2011 إلى 2013. وفي تقرير سياسة الجوار الصادر عن الاتحاد الأوروبي، دعا الاتحاد المغرب إلى حماية الحق في حرية التعبير، وذلك من خلال عدة إجراءات منها لإقرار مدونة جديدة للصحافة، و"تطبيق مبادئ الدستور الجديد، لا سيما تبني قوانين تنظيمية... ووضع خطة استراتيجية لإصلاح قطاع العدالة بغية دعم استقلاله".

وتعتبر فرنسا أهم شريك تجاري للمغرب وأهم مصدر لمساعدات التنمية العامة والاستثمار الخاص. و زادت فرنسا من حجم مساعدات التنمية لمنطقة ما وراء البحار إلى 600 مليون يورو (783 مليون دولار) خلال الفترة الممتدة من 2010 إلى 2012. ونادرًا ما تقوم فرنسا بانتقاد انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب وعبرت بشكل صريح عن مساندة فكرة الحكم الذاتي في الصحراء الغربية. في 9 مارس/آذار أشاد وزير خارجية فرنسا آنذاك ألان جوبيه تقدم المغرب "النموذجي" باتجاه التحول الديمقراطي ووصفه بأنه "نموذج يحتذى به" أثناء الربيع العربي. في 24 مايو/أيار كان الملك محمد السادس أول قائد لدولة يستقبله فرانسوا هولاند الرئيس الفرنسي، بعد انتخابه رئيساً.

كما توفر الولايات المتحدة الأمريكية، وهي أيضًا حليف قوي، مساعدات مالية للمغرب، ومنها منحة تقدر بـ 697 مليون دولار وتمتد على خمس سنوات منذ 2008 في إطار مؤسسة تحدي الألفية  للتقليص من الفقر وتحفيز النمو الاقتصادي. أما في مجال حقوق الإنسان، فواصلت الولايات المتحدة إشادتها العلنية بجهود المغرب في الإصلاح. ولم تبد وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، في تصريح لها في أول "حوار استراتيجي" ثنائي مع المغرب في 13 سبتمبر/أيلول، أي تحفظات بخصوص حقوق الإنسان.

وفي عام 2012 لم يوسع قرار مجلس الأمن القاضي بتجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصحراء الغربية (مينورسو)، من اختصاصات البعثة بحيث تشمل مراقبة حقوق الإنسان، وهي المطلب الذي تدعمه البوليساريو ويعارضه المغرب. وتعد بعثة مينورسو الوحيدة ضمن بعثات حفظ السلام المنشئة منذ عام 1990 التي ليست لها صلاحية مراقبة حقوق الإنسان. وقد رحب القرار 2044 بـ "الخطوات التي اتخذها المغرب لضمان الوصول بلا قيود أو إعاقة [إلى الصحراء الغربية] بالنسبة للآليات الخاصة بمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة" والمتعلقة بزيارة المغرب. وفي سبتمبر/أيلول اختتم مقرر الأمم المتحدة المعني بالتعذيب بعثة إلى المغرب والصحراء الغربية (انظر أعلاه).