Skip to main content

تعطلت عملية تحسين ضمانات حماية حقوق الإنسان ضمن قوانين الاتحاد الأوروبي في شهر يونيو/حزيران 2008، جراء رفض معاهدة لشبونة في أيرلندا. وكان من شأن المعاهدة أن تجعل الاتحاد الأوروبي طرفاً في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وميثاق الاتحاد الأوروبي للحقوق والحريات الأساسية المُلزمة بموجب قوانين الاتحاد الأوروبي. وفي الوقت الحالي لا تلتزم مؤسسات الاتحاد الأوروبي رسمياً بالاتفاقية، على النقيض من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

ويستمر الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء الرئيسية فيه في السعي لفرض إجراءات لمكافحة الإرهاب تنتهك حقوق الإنسان. وإبعاد الأفراد لأسباب الأمن القومي رغم خطر التعرض للمعاملة السيئة لدى العودة، وعدم كفاية الضمانات أثناء الاحتجاز، والقيود على حرية التعبير والحق في الخصوصية، هي من بين بواعث القلق الأساسية في هذا الصدد.

وسياسات الهجرة واللجوء ما زالت تركز على إبعاد المهاجرين غير الشرعيين، ومنهم الأطفال، خارج الاتحاد الأوروبي، مع إبعاد الموجودين في الوقت الحالي بدلاً من ضمان حماية حقوقهم. وقد وقعت حوادث عرقية وتنطوي على الخوف من الغرباء وتم فرض سياسات من هذا النوع، وتأثر بها طوائف الروما والسينتي واليهود والمسلمين، وكذلك المهاجرين، وهذا في عدة بلدان تابعة للاتحاد الأوروبي.

إجراءات مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان

وافق مجلس الاتحاد الأوروبي في أبريل/نيسان على تعديل قرار الاتحاد الأوروبي الإطاري الخاص بمكافحة الإرهاب، وقد وردت فيه اتهامات جديدة شملت التحريض (بنية إنفاذ الأحكام الخاصة باتفاقية المجلس الأوروبي للوقاية من الإرهاب)، وتجنيد وتدريب الإرهابيين، ويشمل هذا ما يتم من مثل هذه الأنشطة على الإنترنت. وتثير اتهامات التحريض القلق إزاء تجريم حرية التعبير في أمور لا علاقة لها بالإرهاب. وفي سبتمبر/أيلول أوصى البرلمان الأوروبي بتضييق هذا التعديل، بحيث لا يُجرم إلا ما يصدر من كلام بقصد مباشر هو التحريض على الأعمال الإرهابية.

وغياب الضمانات في تنفيذ الاتحاد الأوروبي للإجراءات المالية الخاصة بالأمم المتحدة لمناهضة الإرهاب كما تبين في سبتمبر/أيلول، عندما حكمت محكمة العدل الأوروبية في قضية "كادي" بأن عدم قدرة المواطنين غير الأوروبيين الذين تجمدت أصولهم على الطعن بشكل حقيقي في القرار ينتهك الحق في المحاكمة العادلة. وجاء هذا الحُكم على عكس قرار محكمة الابتداء الخاصة بالاتحاد الأوروبي، بأن الطبيعة الملزمة للإجراءات المفروضة من قبل المجلس الأوروبي تفوق وتسبق التزامات حقوق الإنسان.

واستمرت دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء في السعي لطرد المشتبهين الإرهابيين، وشمل هذا عبر استخدام الضمانات الدبلوماسية، مع تعريضهم للتعذيب ولغيرها من أشكال المعاملة السيئة لدى عودتهم، رغم معارضة المحاكم وهيئات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية. وفي فبراير/شباط 2008 أعادت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية التأكيد على الحظر المطلق على الإعادة إلى التعذيب أو غير ذلك من أشكال المعاملة السيئة، في حُكمها في قضية سعدي ضد إيطاليا، الخاصة بمحاولة إيطاليا طرد مشتبه إرهابي إلى تونس، باستخدام الضمانات. ورفضت تقرير من الحكومة البريطانية يطالب بالسماح بخطر المعاملة السيئة لدى العودة في مقابل التهديد المفروض على الأمن القومي. كما رفضت فكرة أن الضمانات الدبلوماسية تُشكل بالضرورة ضمانة ضد التعذيب.

وأخيراً وفي بولندا تم التصدي للمزاعم السابقة في المجلس البرلماني للاتحاد الأوروبي، وتقارير البرلمان الأوروبي عن برامج تسليم الاستخبارات المركزية التي استخدمت مراكز احتجاز سرية في بولندا ورومانيا، لكن رومانيا لم تتخذ الخطوات الواجبة على النحو الكافي. وفي أغسطس/آب وبناء على طلب رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، بادر المدعي العام بإجراء تحقيق في المزاعم. والمنتقدون قلقون من أن مجال وسلطات التحقيق لن تكون كافية للتصدي للمزاعم الجسيمة بالتعذيب وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان.

سياسة الاتحاد الأوروبي المشتركة الخاصة باللجوء والهجرة

قام المجلس الأوروبي في أكتوبر/تشرين الأول بتبني "الاتفاق الأوروبي الخاص بالهجرة"، وهو حجر أساس سياسة الهجرة أثناء فترة الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من عام 2008. والاتفاق غير المُلزم يفرض رقابة أشد على لم شمل أسر المهاجرين ويدعو دول الاتحاد الأوروبي إلى السعي لتبني الطرد ودفع النقود للمهاجرين لكي يعودوا إلى بلادهم، والعودة للدخول في اتفاقات مع دول الأصل، لإبعاد المهاجرين غير الشرعيين. ويثير الاتفاق المخاوف بشأن أثره المحتمل على الحق في الحياة الأسرية والحظر على الإعادة إلى خطر الاضطهاد أو المعاملة السيئة.

وانعكس التركيز المستمر ضمن سياسة الاتحاد الأوروبي الخاصة بالهجرة على تعزيز الحدود بدلاً من ضمانات حقوق الإنسان في زيادة بمعدل 30 مليون يورو في ميزانية عام 2008 الخاصة بوكالة الرقابة الأوروبية على الحدود، فرونتكس. وحتى كتابة هذه السطور، أدت عملية "هيرا" الخاصة بفرونتكس أثناء عام 2008 إلى "ردع" و"تشتيت" إلى غرب أفريقيا إجمالي 4373 مهاجراً غير موثقين كانوا مُتجهين إلى جزر الكناري.

وفي يونيو/حزيران تبنى البرلمان الأوروبي قراراً مثيراً للجدل عن المعايير والإجراءات المشتركة للدول الأعضاء الخاصة بإعادة مواطني الدول الثالثة المقيمين بصفة غير شرعية، والمعروف باسم قرار الإعادات. والإجراء الذي سينفذ في عام 2010 يسمح باحتجاز المهاجرين غير الموثقين وملتمسي اللجوء الذين لم يُوافق على طلباتهم، ومنهم الأطفال غير المصحوبين بالكبار، لمدة أقصاها 18 شهراً مع السماح بالحظر لمدة خمس سنوات على الدخول إلى الاتحاد. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2008 انتقد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فترات الاحتجاز الواردة في القرار ورآها مفرطة وتؤدي للإضرار بالحق في حرية المهاجرين.

حقوق الإنسان في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي

فرنسا

تبين من المراجعات التي أجراها مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في مايو/أيار بناء على المراجعة الدورية الشاملة، ومراجعة لجنة حقوق الإنسان في يوليو/تموز وجود بواعث قلق جسيمة لحقوق الإنسان في سياسة وقانون فرنسا لمكافحة الإرهاب. ودعت لجنة حقوق الإنسان فرنسا إلى إنهاء ممارسة منع المشتبهين الإرهابيين المحتجزين لدى الشرطة من مقابلة المحامين لمدة 72 ساعة من الاعتقال، وعدم إخطارهم بحقهم في التزام الصمت.

وغياب آلية للطعن في الطرد تنفذ بشكل تلقائي في القضايا التي توجد فيها اعتبارات أمن قومي ظهرت كمشكلة قائمة، بما أنها يمكن أن تؤدي إلى إبعاد المشتبهين المعرضين لخطر التعذيب والمعاملة السيئة قبل أن يتم البت في الطعن (وثمة اعتبارات مماثلة تنطبق على قضايا ملتمسي اللجوء المعرضين لإجراءات طرد). وفي أبريل/نيسان أمرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فرنسا بأن توقف الترحيل لاعتبارات الأمن القومي بحق كمال داوودي إلى الجزائر، بعد أن ذكرت الحاجة إلى إجراء فعال لمعالجة الموقف داخل البلاد.

وفي تطور يحظى بالترحيب، صدقت فرنسا على البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحد لمناهضة التعذيب، في يوليو/تموز، بعد تنصيب فرنسا في يونيو/حزيران كمفتش عام أول على أماكن الاحتجاز (للوفاء بالتزام بروتوكولي).

وتم تبني قانون في فبراير/شباط يسمح باحتجاز بعض الجناة السابقين في قضايا عنف لفترة عام قابلة للتجديد في الاحتجاز الوقائي بعد انتهاء مدة سجنهم. ويقوض هذا من افتراض البراءة، والحق في الحرية، والحق في عدم التعرض لعقاب مرتين على نفس الجرم.

وفي يونيو/حزيران، رفض مجلس الدولة - أعلى محكمة إدارية فرنسية - منح الجنسية لامرأة مغربية مسلمة تزوجت من رجل فرنسي، على أساس من ممارساتها الدينية "المتطرفة" (ومنها ارتداء النقاب) لا تتفق مع القيم الفرنسية، لا سيما المساواة بين الجنسين.

ألمانيا

أصدرت المحكمة الدستورية الألمانية أحكاماً هامة في فبراير/شباط ومارس/آذار بأن القوانين الخاصة بالمراقبة وتخزين بيانات الإنترنت والهاتف تقيد بشكل غير متناسب من الحق في الخصوصية. والتغييرات في القوانين الحاكمة لعمليات الشرطة الجنائية الألمانية الاتحادية التي تم تبنيها من قبل البوندستاغ (مجلس النواب) في نوفمبر/تشرين الثاني من شأنها أن تسمح للمحققين باستخدام تقنيات مراقبة تدخلية فيما يتعلق بالمشتبهين بالإرهاب بناء على الاشتباه العام، والتغييرات لن تنفذ من البوندسترات (غرفة البرلمان الأخرى) حتى لحظة كتابة هذه السطور. والقيود الخاصة بالتوظيف مستمرة على المعلمات وغيرهن من الموظفات العموميات اللاتي يرتدين الحجاب، رغم مخاوف من أن هذه الإجراءات تميز بناء على الدين، مع تأييد المحاكم في ثلاث ولايات للحظر على الحجاب للمعلمات منذ ديسمبر/كانون الثاني 2007.

وتقدم المركز الأوروبي للحقوق الدستورية، وهو منظمة غير حكومية، بقضية ضد الحكومة الألمانية في محكمة برلين الإدارية في يونيو/حزيران جراء إخفاق المحكمة في إصدار طلب بتسليم 13 عميلاً للـ سي آي آيه كانوا قد أتهموا في ألمانيا بالتورط في اختطاف خالد المصري، وهو مواطن ألماني من أصول لبنانية، تم توقيفه في مقدونيا ونُقل جواً إلى أفغانستان، حيث تم سجنه وتعذيبه لخمسة أشهر.

وجرت محاولة ألمانية لتسليم حسن أمتكا إلى تركيا، وهو لاجئ مشتبه بوجود صلات تربطه بحزب العمال الكردستاني، باستخدام الضمانات الدبلوماسية، والقضية ما زالت قيد الطعن أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وحتى كتابة هذه السطور لم يصدر الحكم في الطعون أمام محكمتين ألمانيتين بشأن ترحيل مواطنين تونسيين مشتبهين في قضايا أمن قومي وقد صدر بحقهما طلب الترحيل باستخدام الضمانات الدبلوماسية.

وإثر مراجعة في أغسطس/آب لألمانيا، ذكرت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري وجود زيادة في الحوادث المتعلقة بالعنصرية ضد عناصر من المجتمعات اليهودية والمسلمة والروما والسانتي، وكذلك ضد مواطنين ألمان من أصول أجنبية وملتمسي لجوء (لاسيما الأفغان)، ودعت إلى "تحرك أكثر حزماً" لمنع ومعاقبة الجناة. ومن المقرر خضوع ألمانيا للمراجعة في عملية المراجعة الدورية الشاملة أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فبراير/شباط 2009.

اليونان

في أبريل/نيسان شن المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين انتقاداً حاداً على سياسات اللجوء والاحتجاز اليونانية وأوصى بألا تعيد الدول الأوروبية الأخرى ملتمسي اللجوء إلى اليونان، وهي ضربة موجعة لقواعد الاتحاد الأوروبي لالتماس اللجوء، التي تفرض عامة نظر طلب اللجوء في أول دولة تابعة للاتحاد يدخلها اللاجئ، وأن تفي أوضاع الاستقبال وإجراءات اللجوء مع المعايير المشتركة. وقالت المفوضية السامية إن ملتمسي اللجوء في اليونان "كثيراً ما تغيب عنهم الحقوق الأساسية، مثل وجود مترجم فوري ومساعدة قانونية، لضمان أن طلباتهم تحظى بالتدقيق والفحص اللازمين من سلطات اللاجئين". وأقرت اليونان بـ 1.2 في المائة فقط من طلبات اللجوء المقدمة لأول مرة (بخلاف الطعون) في عام 2007.

وتقوم الشرطة اليونانية بشكل منهجي باعتقال المهاجرين على الأراضي اليونانية، ومنهم مجموعة كبيرة من العراقيين، وتحتجزهم لأيام دون مدهم بالتسجيل القانوني المطلوب، وفي بعض الحالات تضربهم أو تسيئ معاملتهم. ويتعرض المهاجرون بشكل منهجي للطرد القسري والسري إلى تركيا دون اعتبار لاحتياجهم إلى الحماية.

ويوجد زهاء 1000 طفل غير مصحوبين بكبار دخلوا اليونان في عام 2008، وأغلبهم من أفغانستان. وثمة أمثلة عديدة على هؤلاء الأطفال الذين تعرضوا للضرب والركل من قبل حرس الحدود اليونانيين والشرطة وعناصر شرطة المرافئ لدى استقبالهم على الحدود أو أثناء الاعتقال والاحتجاز. وكثيراً ما يتم احتجاز الأطفال برفقة البالغين. ويخفق أغلبهم في التماس اللجوء ولا يحصلون على وضع اللاجئ ويتعرضون لخطر الترحيل. والكثير منهم يعيشون بمعزل عن الرعاية ويتم استغلالهم في أوضاع عمل خطيرة. والفتيات غير المصحوبات بكبار على الأخص يتعرضن لخطر الوقوع في أيدي شبكات الإتجار بالبشر.

إيطاليا

أعيد انتخاب سيلفيو بيرلسكوني رئيساً للوزراء في أبريل/نيسان، وربح حزبه بأغلبية قوية في كل من غرفتي البرلمان. وفي يوليو/تموز أعلنت حكومته حالة طوارئ قومية فيما يتعلق بالهجرة غير الموثقة قانوناً. وبالنتيجة فإن التواجد دون توثيق قانوني في إيطاليا حالياً يُعد جريمة يُعاقب عليها بحد أقصى أربع سنوات في السجن، بالإضافة إلى اعتبارها تهمة تُعمق من جسامة الجرائم الأخرى، وتزيد من فترات الحكم بالسجن عن هذه الجرائم إذا كان الجاني مهاجراً غير شرعي.

وفي مذكرة تم تقديمها في يوليو/تموز انتقد مفوض المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان، توماس هامربرغ، زيادة حوادث العنصرية والخوف من الغرباء في إيطاليا وكذلك زيادة التمييز ضد الأقليات الروما والسينتي في السياسات الحكومية.

وعلى خلفية من تراجع جرائم الاقتصاص، وقع هجومان تم فيهما تدمير مخيمات للروما بواسطة قنابل نفطية في مايو/أيار، وازداد القلق العام بشأن عدة جرائم عنيفة يُزعم أن جناتها من أقلية الروما، وأعلنت الحكومة حالة الطوارئ بشأن "المجتمعات البدوية" (اسم آخر للروما) في كامبانيا ولاتسيو ولومباردي، مما أعطى السلطات المحلية سلطات خاصة بشأن إجراء عمليات الإحصاء ومداهمة وتفكيك مخيمات الروما.وتم رفع قضية في يوليو/تموز في إيطاليا للطعن في شرعية هذه الإجراءات وتبنى البرلمان الأوروبي قرار يدعو إيطاليا إلى وقف تسجيل بصمات أصابع الروما ومنهم الأطفال. وسكتت المفوضية الأوروبية عن انتقادها للسياسات إثر ضمانات من الحكومة الإيطالية بأنها لا تجمع بيانات ذات طبيعة إثنية.

وتم استئناف المحاكمة بحق 26 مواطناً أميركياً و7 مواطنين إيطاليين جراء اختطاف وتسليم رجل الدين المصري حسن مصطفى أسامة نصر - المعروف بـ "أبو عمر" - من ميلان في إيطاليا وتسليمه للسلطات المصرية، وسط مزاعم بأن الحكومة تصرفت بشكل "غادر" عندما زعمت في المحكمة الدستورةي بأن مكتب ادعاء ميلان انتهك قوانين السرية الحكومية في إجراءه للتحقيق. وفي أكتوبر/تشرين الأول وافقت المحكمة على النظر في الدعاوى الخاصة بالسرية الحكومية في جلسة مغلقة مقرر عقدها في مارس/آذار 2009. وفي أكتوبر/تشرين الأول أيضاً أيدت محكمة النقض إدانة ربيع عثمان بالتورط في عمليات تفجير قطار مدريد في مارس/آذار 2004.

ورغم الحُكم الصادر في قضية "سعدي ضد إيطاليا" طردت إيطاليا أسعد سامي بن خميس إلى تونس في يونيو/حزيران، في خرق للإجراءات المؤقتة الصادرة من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والمُطالبة بتجميد إيطاليا لعمليات الطرد إلى أن تنظر المحكمة في القضية. وأدى هذا لصدور انتقادات من المفوض هامربرغ. وبررت السلطات الإيطالية الطرد بأنها حصلت على ضمانات دبلوماسية من الحكومة التونسية كفلت فيها لبن خميس عدم التعرض للتعذيب والحصول على محاكمة عادلة. وحتى كتابة هذه السطور، كانت القضية لم يُنظر فيها بعد أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

ويستمر المهاجرون في الموت أثناء محاولة بلوغ إيطاليا بحراً في قوارب غير ملائمة للإبحار. وحتى كتابة هذه السطور كانت المحاكمة مستمرة بحق سبعة صيادين تونسيين بتهمة المساعدة على الهجرة غير المشروعة بعد إنقاذهم لـ 44 مهاجراً وجلبهم إلى بر الأمان في لامبيدوسا، وهي جزيرة قريبة من صقلية. وثمة مخاوف من أن مثل هذه المحاكمات قد تثبط عزم من يسعى لإنقاذ الضحايا في البحر وتفاقم من المخاطر في وجه المهاجرين الذين يحاولون العبور.

مالطا

استمر انتقاد مالطا جراء إخفاقها في إنقاذ المهاجرين في البحر وعدم استعدادها للسماح للسفن التي تحمل المهاجرين المُنقذين من قلب البحر بالدخول إلى مرافئها. وقد بلغ مالطا أكثر من 1000 مهاجر في عام 2008. وفي أغسطس/آب غرق 71 مهاجراً في البحر المتوسط بعد أن انقلب قاربهم، وتم إنقاذ ثماني ناجين على متن قارب صيد. وتمت دعوة الحكومة المالطية إلى "المشاركة في تحمل العبء" مع الدول الأوروبية فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية.

والمهاجرون - ومنهم الأطفال - الذين يبلغون مالطا يتم احتجازهم في مراكز احتجاز مغلقة لفترة تراوح 18 شهراً أثناء النظر في طلبات لجوئهم. ومراكز الاحتجاز في مالطا تعرضت للانتقاد في تقرير PACE الصادر في مايو/أيار. وأمرت الحكومة المالطية بالتحقيق في مزاعم المعاملة السيئة بحق المحتجزين المتورطين في وقائع شغب في مركز احتجاز سافي في مارس/آذار، وانتهى التحقيق إلى الاستخدام المفرط للقوة من قبل العاملين، لكنه لم يحدد المسؤولين عن هذه الخروقات.

هولندا

في مارس/آذار 2007 صدر عن مجلس النواب مشروع قانون بإجراءات إدارية للأمن القومي بغية منع أعمال الإرهاب، لكنه ما زال لم يصدق عليه مجلس الشيوخ حتى كتابة هذه السطور. ويضم المشروع أحكاماً تقيد كثيراً من حرية التنقل والحق في الخصوصية بالنسبة للأشخاص المشتبهين بكونهم "على صلة" أو يدعمون الأنشطة الإرهابية. وانتقدت الجماعات الحقوقية المشروع لغياب تعريفات واضحة فيه ولغياب الإشراف القضائي على الإجراءات الواردة فيه.

وفي يناير/كانون الثاني 2008 رفضت محكمة استئناف لاهاي وصف شبكة هوفستاد المسلحة بأنها "مجموعة إرهابية" حين قامت بتبرئة سبعة رجال، منهم محمد بويري، قاتل منتج الأفلام الهولندي ثيو فان غوخ، من تهمة الانتماء لمجموعة إرهابية. وفي أكتوبر/تشرين الأول أيدت محكمة استئناف أمستردام إدانة سمير عزوز وأربعة آخرين بنسب اتهامات بالإرهاب إليهم.

وفي تقرير صدر في فبراير/شباط أبدت اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة، أبدت قلقها إزاء وضع المشتبهين بالإرهاب في "أقسام للإرهاب" عالية الحراسة في السجون، وأوضاعها تُعتبر تقييدية بشكل يرقى للعزلة فعلياً.

وتم تقديم طعون ناجحة بحق القوانين والسياسات التمييزية التي تقيد قدرة السكان القانونيين على جلب أفراد أسرتهم إلى هولندا من دول غير غربية. وفي يوليو/تموز حكمت محكمة مقاطعة أمستردام بأنه من غير القانوني مطالبة المهاجرين من دولة مُعينة ممن يرغبون في الانضمام إلى أقاربهم في هولندا بالمرور باختبار دمج لإظهار المعرفة باللغة الهولندية والمجتمع الهولندي قبل السماح لهم بالدخول إلى البلاد، رغم أنها لم تحدد ما إذا كانت الشرطة تنتهك قانون حقوق الإنسان أم لا. والاختبار - الذي يؤثر بشكل غير متناسب بحق المغاربة والمسلمين الأتراك - انتقده المنظمات غير الحكومية الهولندية. وفي وقت سابق من الشهر نفسه، طعنت محكمة في رويرموند في قانون يطالب السكان الراغبين في جلب أقران غير هولنديين إلى هولندا بحسب 120 في المائة على الأقل من الحد الأدنى للدخل. وتطعن وزارة العدل حالياً في الحُكمين، وتخضع السياسات لمراجعة حكومية في الوقت الراهن.

بولندا

ما زال تعبير الحكومة عن الخوف من المثلية مشكلة قائمة. وفي مارس/آذار في خطاب على شاشات التلفزيون الوطني، هدد الرئيس ليش كازنسكي بمنع التصديق على معاهدة لشبونة، زاعماً أن ميثاق الاتحاد الأوروبي للحقوق والحريات الأساسية سيجبر بولندا على الاعتراف القانوني بالعلاقات الجنسية المثلية.

وما زالت الحقوق الإنجابية محدودة للغاية، مع غياب التعليم الجنسي واقتصار إتاحة محددات النسل. وثمة قصور شديد في الإجهاض الآمن والقانوني بموجب القانون، ويجرم القانون الإجهاض في أغلب الأحيان. ويحمي القانون أيضاً حق الطبيب في رفض خدمات الإجهاض لأسباب متعلقة بـ "الضمير". وبالنتيجة فثمة حوادث كثيرة من الإجهاض غير القانوني وغير الآمن بشكل عام، مما يُعرض صحة النساء وحياتهن للخطر.

إسبانيا

إثر إعادة انتخاب خوسيه لويس رودريجز ثباتارو رئيساً للوزراء في مارس/آذار، أصبح في الوزارة الإسبانية عدداً متساوياً من الرجال والنساء للمرة الأولى، بمن فيهم امرأة في منصب وزير الدفاع.

وفي سبتمبر/أيلول رفضت المحكمة العليا إدانة أربعة من بين 21 شخصاً تم في عام 2007 الحكم عليهم على صلة بتفجيرات قطار مدريد في عام 2004. كما أدانت رجلاً إسبانياً سبقت تبرئته بتوفير المتفجرات اللازمة للهجوم. وفي أكتوبر/تشرين الأول برأت المحكمة نفسها 14 من بين 20 رجلاً أدينوا في فبراير/شباط بالتخطيط للهجوم بالمتفجرات على الأودينسا ناسيونال، محكمة إسبانيا لمكافحة الإرهاب.

وبالإضافة إلى القضايا القائمة والخاصة بالإرهاب الدولي، فثمة عدد من الهجمات التي شنها جماعة إيتا الانفصالية واعتقالات لأشخاص يُفترض أنهم عناصر من إيتا، طيلة عام 2008، وكذلك مقاضاة بحق أفراد وجماعات يُزعم صلتها بإيتا.

وفي مايو/أيار أصدر مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحماية وتعزيز حقوق الإنسان في أثناء مكافحة الإرهاب، مارتن شينن، أصدر سلسلة من التوصيات للحكومة الإسبانية، ركز فيها على الحاجة إلى "القضاء بالكامل" على الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي ومراجعة اتهامات الإرهاب الفضفاضة بشكل مبالغ. وتردد صدى بواعث القلق هذه من قبل اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان في ملاحظاتها الختامية في أكتوبر/تشرين الأول.

كما انتقد شينن استخدام الضمانات الدبلوماسية في قضية تسليم لروسيا. وفي فبراير/شبا وافقت محكمة مكافحة الإرهاب على تسليم شيشن مورات أحميدوفيتش جاساييف بناء على الضمانات الدبلوماسية التي قدمها روسيا، من أنها ستعامله إنسانياً. وحتى كتابة هذه السطور ما زال جاساييف مُحتجزاً بانتظار قرار من مجلس الوزراء عما إذا كان سيتم المضي قدماً في التسليم أم لا.

وفي مايو/أيار أمر قاضي محكمة مكافحة الإرهاب الحكومة بتقديم معلومات تفصيلية عن توقف طائرات عسكرية أميركية في إسبانيا في طريقها إلى أو من خليج غوانتانامو بين عامي 2002 و2007. وردت وزارة الدفاع في سبتمبر/أيلول بأن الطائرات العسكرية الأميركية الذاهبة إلى غوانتانامو توقفت في إسبانيا لكنها أكدت أن أي منها لم تكن تحمل ركاباً أو بضائع يمكن أن تكون "مثيرة للخلاف" . وطلب القاضي معلومات إضافية.

وصدر طلب غير متصل بهذا من قاضي آخر في محكمة مختلفة طب فيه نقل جميل البنا وعمر دغايس من بريطانيا للمثول للمحاكمة في إسبانيا بتهم إرهابية إثر إخلاء سبيلهما من غوانتانامو في مارس/آذار.

واستمر التراجع الملحوظ في توافد المهاجرين غير الشرعيين بحراً - بنسبة 8 في المائة في الشهور الثمانية الأولى من عام 2008 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2007، وبنسبة 64 في المائة منذ عام 2006، طبقاً لوزارة الداخلية الإسبانية. إلا أنه في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، أوقفت السلطات الإسبانية قاربين بالقرب من جزر الكناري، كان على متنهما إجمالي 329 مهاجراً غير شرعياً ومنهم أطفال.

وأكد مُراجع الدولة الإسباني تقارير بالمعاملة السيئة وانتقد مراكز الرعاية غير الملائمة الأوضاع للأطفال المهاجرين غير المصحوبين بالكبار في جزر الكناري. واستمرت الحكومة الإسبانية في الدفع بإعادة الأطفال غير المصحوبين إلى السنغال والمغرب دون ضمانات حماية كافية. وورد في أكثر من ستة أحكام محاكم وقف قرارات تسليم الأطفال لأن قرارات التسليم لا تلتزم بالقانونين الإسباني أو الدولي.

المملكة المتحدة

أثيرت مصادر القلق الجسيمة الخاصة بحقوق الإنسان بشأن قانون مكافحة الإرهاب البريطاني والممارسات الخاصة بهذا القانون، من قبل الهيئات الدولية في أثناء عام 2008، ومنها لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة أثناء المراجعة الدورية الشاملة الخاصة به، والمجلس الأوروبي.

وإثر هزيمة نكراء في مجلس اللوردات، سحبت الحكومة مشروع قانون لمكافحة الإرهاب فيه إجراءات تمد من الاحتجاز على ذمة التحقيق بحق المشتبهين بالإرهاب من 28 إلى 42 يوماً. كما تم سحب اقتراح بالسماح بالتقصي والتحقيق بناء على أسباب السرية أو لحفظ المصلحة الوطنية. وقالت الحكومة إنها قد تعيد تقديم المشروعين، اللذين تم انتقادهما بصفتهما لا يتفقان بالمرة مع قانون حقوق الإنسان، في مشروعات قوانين مستقبلية. وحتى كتابة هذه السطور، كان مشروع القانون يشمل سلطة فرض متطلبات إخطار مدى الحياة بحق أشخاص أدينوا بالإرهاب في المملكة المتحدة أو خارجها، وخرق هذا المطلب يستوجب العقاب الجنائي.

ورفضت محكمة الاستئناف عدداً من الأحكام بالإدانة في جرائم متعلقة بالإرهاب. وفي فبراير/شباط رفضت إدانة في عام 2007 بحق خمسة طلاب بموجب القسم 57 من قانون الإرهاب لعام 2000 بتهمة تحميل ومشاركة محتوى يُعتبر على صلة بالإرهاب. وحكمت المحكمة بأن الجريمة لإقرارها تتطلب إثبات بتوفر النية بأن تُستخدم المواد لأغراض إرهابية. وفي يوليو/تموز رفضت المحكمة حُكماً بالإدانة صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2007 بحق سامينا ماليك بموجب القسم 58 من قانون الإرهاب لعام 2000 جراء حيازة معلومات مفيدة للإرهابيين. وتلى الحُكم حُكم آخر في فبراير/شباط 2008 لمحكمة الاستئناف رأى أن القسم 58 لا ينطبق على الأعمال الدعائية المحضة.

وفي مايو/أيار تم اعتقال أحد العاملين في جامعة نوتينغهام وطالب خريج، هما هشام يذا ورزوان صابر، لحيازة وثيقة ("دليل القاعدة") متوفرة مجاناً على الإنترنت. وتم احتجازهما ستة أيام قبل إخلاء سبيلهما دون نسب اتهامات. وتثير القضية الشكوك إزاء أثر القوانين الخاصة بالإرهاب على الحريات الأكاديمية.

وفي سبتمبر/أيلول تم فتح التحقيق في مقتل جين تشارلز دي مينيزيس، وهو رجل بريء، على يد ضباط الشرطة أثناء عملية لمكافحة الإرهاب في يوليو/تموز 2005.

واستمرت المحاكم البريطانية في منع محاولات ترحيل المشتبهين بالإرهاب بناء على الضمانات الدبلوماسية. وفي أبريل/نيسان 2008 حكمت محكمة الاستئناف بأن عمر عثمان (المعروف بأبو قتادة) لا يمكن ترحيله إلى الأردن، لأنه سيتم استخدام أدلة منتزعة تحت تأثير التعذيب ضده في المحكمة. وتم فيما بعد إخلاء سبيله مقابل كفالة، وإخراجه من سجن الحراسة القصوى بشروط أمنية حازمة تشمل حظر التجوال لمدة 22 ساعة يومياً. وفي أكتوبر/تشرين الأول نظر مجلس اللوردات في حُكم محكمة الاستئناف في قضية عثمان، وفي طعن ثان للإبعاد إلى الجزائر باستخدام الضمانات. ولم يصل المجلس إلى قرار في القضيتين حتى كتابة هذه السطور.

ومنعت محكمة الاستئناف ترحيل ليبيين اثنين إلى ليبيا في أبريل/نيسان، وقضت بأن مذكرة التفاهم مع ليبيا غير موثوقة، وارتأت أن الرجلين قد يواجهان حرماناً "كاملاً" من المحاكمة العادلة إذا تمت إعادتهما. ولم تطعن الحكومة البريطانية في الحُكم الصادر بشأن ليبيا.

وتم تأكيد استخدام إقليم بريطانيا في المحيط الهندي، في دييغو جارسيا، كجزء من برنامج التسليم الأميركي. وفي فبراير/شباط أقر مدير الـ سي آي آيه مايكل هايدن بأن الولايات المتحدة استخدمت دييغو جارسيا مرتين في إعادة ملء خزانات الطائرات بالوقود أثناء نقل مشتبهين إرهابيين إلى خليج غوانتانامو والمغرب في عام 2002. وتقول الحكومة البريطانية إنها لم تمنح موافقتها على استخدام دييغو جارسيا أو هي تم إخطارها بهذا الاستخدام.

وفي أغسطس/آب 2008 حكمت المحكمة العليا بأن مكتب الشؤون الخارجية والكومنولث مُلزم بالكشف عن معلومات في حيازته تساعد محاميّ بن يام محمد، وهو مقيم سابق في المملكة المتحدة يواجه المحاكمة أمام اللجان العسكرية في غوانتانامو، لإظهار أن الاعترافات المُستخدمة ضده كأدلة تم انتزاعها بالتعذيب ومن ثم غير مقبولة في المحاكمة. وحتى كتابة هذه السطور ما زالت هناك جلسة مؤجلة للنظر في اعتبارات الأمن القومي ضد إفشاء المعلومات، بانتظار نتاج الإجراءات على الجانب الأميركي وتتمثل في مطالبة الحكومة الأمريكية بتسليم المواد المطلوبة. وفي أكتوبر/تشرين الأول طلب وزير الداخلية من المحامي العام التحقيق في أعمال جنائية محتملة قام بها عناصر من الاستخبارات البريطانية والـ سي آي آيه في معاملة محمد.

وأثناء مراجعة لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل في سبتمبر/أيلول، أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستسحب تحفظها على الاتفاقية الخاصة بحقوق الطفل في قضايا الهجرة. ورحبت اللجنة بالإعلان لكنها أبدت أسفها من أن المصالح الفضلى للأطفال لا تُمنح الأولوية في النظر في قضايا عدالة الأحداث والهجرة وحرية التنقل وحرية التجمع.