Skip to main content

المملكة العربية السعودية

أحداث في 2009

ما زالت أوضاع حقوق الإنسان متدهورة في المملكة العربية السعودية. في فبراير/شباط 2009 استبدل الملك عبد الله العناصر المحافظة في المؤسسة الدينية والقضاء والتعليم بمسؤولين أكثر تفتحاً، لكن الضغوط الداخلية والدولية من أجل تحسين أوضاع حقوق الإنسان ضعيفة للغاية.

وتستمر السلطات في القمع المنهجي وعدم حماية حقوق 14 مليون امرأة وفتاة سعودية، و8 ملايين عامل أجنبي، ونحو 2 مليون شيعي. والآلاف من الناس تلقوا محاكمات غير عادلة. والقيود على حرية تكوين الجمعيات والتعبير والتنقل وكذلك النقص المزمن في محاسبة المسؤولين، تعتبر جميعاً من بواعث القلق الجدية. وفي مايو/أيار ألغت الحكومة الانتخابات البلدية التي كان من المقرر عقدها.

حقوق النساء والفتيات

قالت الحكومة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في يونيو/حزيران إنها ستلغي نظام وصاية الرجال على النساء، لكنها مستمرة في معاملة النساء كقاصرات قانوناً بالسماح لأولي الأمر الرجال بتقرير حق المرأة في العمل والدراسة والزواج والسفر بل وحتى الحصول على أوراق الهوية الرسمية. ورفض المسؤولون السماح لهبه نجيب، المصرية البالغة من العمر 27 عاماً والمقيمة مع أسرتها في السعودية، بالعودة إلى مصر دون إذن والدها، الذي رفض. والنساء اللاتي يقعن ضحايا للعنف الأسري يواجهن معوقات مجتمعية وحكومية كثيرة في وجه حصولهن على الانتصاف.

وفي فبراير/شباط، تم تعيين نورا الفايز نائبة لوزير التعليم، أعلى منصب تحصل عليه امرأة في السعودية إلى الآن. وفي سبتمبر/أيلول تم افتتاح أول مؤسسة تعليمية مشتركة للذكور والإناث، وهي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا. لكن الفصل بين الجنسين مطبق بصرامة في شتى أنحاء المملكة ويعيق مشاركة المرأة الكاملة في الحياة العامة. والنساء يُحظر عليهن العمل في المكاتب الحكومية أو دخول المكاتب التي لا يوجد فيها أقسام للنساء، أو السعي لنيل درجات علمية في حقول دراسية لا يتم تعليمها في كليات النساء. ولا يمكن للمرأة العمل كقاضية أو في النيابة أو كمحامية يمكنها الترافع في المحكمة. وفي مارس/آذار أدانت محكمة بالحائل امرأة تبلغ من العمر 75 عاماً بتهمة "الاختلاط غير المشروع" مع ابن أخيها وصديق له قاما بتسليم طعام لها.

ولم تحدد الحكومة بعد سناً دنيا للزواج، على خلفية توصية من هيئة حقوق الإنسان الحكومية. وفي أبريل/نيسان حكمت محكمة في عنيزة بتأييد حكم سابق قضى برفض استئناف في قرار رفض إلغاء زواج فتاة تبلغ من العمر 8 أعوام من رجل في منتصف العمر. وفي مارس/آذار طالب رجل يبلغ من العمر 70 عاماً بمبلغ 130 ألف دولار أميركي لكي يُطلق عروسه البالغة من العمر 13 عاماً، وكانت قد فرت منه. وفي مايو/أيار تمت خطبة فتاة تبلغ من العمر 10 أعوام لرجل يكبرها بخمسة عشرة عاماً، من المنطقة الشرقية.

حقوق العمال الوافدين

هناك ما يُقدر بثمانية ملايين عامل آسيوي وعربي يشغلون وظائف يدوية ومحاسبية وخدمية. والعديد منهم يتعرضون للإساءات وأوضاع العمل الاستغلالية، وأحياناً ترقى الإساءات إلى مستوى المعاملة الشبيهة بالاستعباد. وقد صدر قانون جديد لمكافحة الإتجار بالبشر في يوليو/تموز يحدد عقوبة الحبس جراء الإجبار على العمل بخمسة عشرة عاماً. إلا أن السعودية لم تحرز إلا أقل التقدم فيما يخص إصلاح نظام الكفالة الذي يربط تأشيرات إقامة العمال بأصحاب عملهم، مما يزيد كثيراً من إساءات من قبيل مصادرة أصحاب العمل لجوازات السفر ومنع الأجور وإجبار المهاجرين على العمل ضد إرادتهم.

وفي يوليو/تموز 2009 مد مجلس الشورى الاستشاري من بعض تدابير الحماية إلى 1.5 مليون عاملة منازل وافدة، لكنه استبعد من مظلة الحماية حق العاملات في مغادرة المنزل أو الاحتفاظ بجوازات السفر، مع إلزامهن بطاعة أصحاب العمل. وتصل للسفارات الأسيوية آلاف الشكاوى كل عام من عاملات منازل يضطررن للعمل 15 إلى 20 ساعة يومياً، سبعة ايام في الأسبوع، مع حرمانهن من أجورهن. وكثيراً ما تتعرض عاملات المنازل لتحديد الإقامة قسراً والحرمان من الطعام والإساءات النفسية والبدنية والجنسية الشديدة.

ويتعرض المهاجرون أحياناً للتأخير البالغ أثناء نظر شكاواهم في نظم العدالة والهجرة، والمعوقات من قبيل عدم إتاحة الترجمة الفورية والمساعدة القانونية وقناصلة بلدانهم. وتنجح قلة من المهاجرين في رفع قضايا جنائية ضد أصحاب العمل المسيئين. وإثر خلاغف مع كفيله، قام المسؤولون في 26 أكتوبر/تشرين الأول باحتجاز أسامة حجازي على ذمة الترحيل، وهو استشاري قانوني مصري مقيم في السعودية منذ 16 عاماً. وكان حجازي قد ربح لتوه حُكم قضائي لصالحه ضد الكفيل، يأمر بمنحه 155 ألف ريال (41 ألف دولار) مع السماح له بتغيير كفالته. وأعادت السلطات كيني بينتي كاردا، عاملة المنازل الأندونيسية، في أواخر 2008 قبل أن تشتكي رسمياً صاحب عملها الذي ألحق بها حروق جسيمة وخلع لها بعض أسنانها. وعادت إلى الرياض لتوجيه الاتهامات، لكن حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2009 لم تكن مجريات التقاضي الجنائية قد بدأت بعد. وفي أغسطس/آب داهمت شرطة الأمر بالمعروف السعودية مأوى تديره مجموعة مساعدة فلبينية، لكن الادعاء أسقط الاتهامات فيما بعد عن 18 شخصاً كانوا في المأوى.

العدالة الجنائية والاحتجاز التعسفي والتعذيب والمعاملة السيئة

المحتجزون، ومنهم الأطفال، يقعون كثيراً ضحايا الانتهاكات المنهجية والمتعددة لحقوق إجراءات التقاضي السليمة والمحاكمة العادلة، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والتعذيب والمعاملة السيئة رهن الاحتجاز. ويلجأ القضاة السعوديون بشكل متكرر إلى الحكم على المدعى عليهم بآلاف الجلدات. ونفذت المملكة نحو 53 حكماً بالإعدام حتى سبتمبر/أيلول 2009، بما في ذلك بحق امرأة واحدة، أي أقل قليلاً من عام 2008.

ويمكن للقضاة أن يأمروا باعتقال واحتجاز الأطفال على هواهم. ويمكن محاكمة الأطفال والحُكم عليهم كبالغين في أي سن إذا تحدد أن المدعى عليه قد بلغ، وهو مفهوم يستند إلى البلوغ البدني للطفل. الشيخ سلمان العودة، رجل الدين البارز، انتقد في سبتمبر/أيلول إعدام الأطفال، ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إعدام بحق أي أطفال في السعودية عام 2009.

وقلما تخطر السلطات المشتبهين بالجريمة المنسوبة إليهم، أو بأدلة الثبوت. ولا يوجد في المملكة العربية السعودية قانون عقوبات، ويُعرّف الادعاء والقضاة إلى حد كبير الجرائم على هواهم. وأثناء استجواب المحتجزين لا يلقون المساعدة من المحامين ويتعرضون لتأخيرات مفرطة في الاحتجاز على ذمة المحاكمة، والصعوبة في اختبار الشهود أو عرض الأدلة أثناء المحاكمة. وقامت المباحث عام 2009 باحتجاز وتجديد حبس نحو 2000 شخص دون محاكمة أو اطلاع على محامي - في بعض الحالات منذ سنوات - وكانوا هؤلاء مشتبهين بالتعاطف مع الإرهاب أو التورط فيه، أو جراء آرائهم السياسية السلمية. وتمت محاكمة محمد العتيبي وخالد العمير، الناشطان الحقوقيان، في يناير/كانون الثاني جراء محاولة تنظيم مظاهرة سلمية للتضامن مع غزة، واستمر احتجازهم في سجن الحائر دون محاكمة لأكثر من مدة الستة أشهر المسموح بها بموجب القانون السعودي.

وفي يوليو/تموز أعلنت السعودية عن أن محكمة متخصصة انتهت إلى أن 330 شخصاً مذنبين بجرائم على صلة بالإرهاب، لكن لم تقدم تفاصيل إضافية. وتم إغلاق المحاكمات ولم يُتح للمدعى عليهم مقابلة المحامين حسب اختيارهم. وتمت إحالة 991 مشتبهاً إرهابياً إلى المحكمة في أكتوبر/تشرين الأول 2008.

وفي 28 أغسطس/آب 2009، قام حراس سجن الحائر بضرب سجين يمني ضرباً مبرحاً. وفي قضية أخرى، بدأ الادعاء في النظر فيما إذا كان حارس من الحائر قد ضرب السجين عبد الكريم الدهامشي في يوليو/تموز. وأفاد المحتجزون بالتعرض للضرب في سجون البريمان وملاذ والأوضاع اللاإنسانية في مركز ترحيل جدة.

حرية التعبير

تحملت السلطات السعودية أقل القليل من الانتقاد العلني للمسؤولين والسياسات الحكومية في عام 2009. وظل الإعلام المطبوع والتلفزيوني عرضة للرقابة الثقيلة والانتقادات الداخلية تُواجه بالاعتقالات. وتحملت الحكومة خطاب الكراهية، بما في ذلك تصريحات بعض المسؤوين، بينما تُجرم المحاكم التعبير الحر.

وانتقد وزير الداخلية الأمير نايف في يونيو/حزيران مراسل لصحيفة الوطن لطرحه لسؤال عن سبب وجود شرطة دينية أكثر من النظامية في الرياض. جمال خشوجي، رئيس تحرير الوطن، نشر مقالاً اعتذارياً يطري فيه على نايف ويعد بإعادة النظر في عمل الصحيفة. وفي سبتمبر/أيلول ألغت محطة الإم بي سي 1 حلقتين من مسلسل طاش ما طاش الرمضاني الشهير، الذي يسخر من السلوكيات المحافظة والمتحررة على حد سواء، حلقة عن زيادة مكبرات الصوت في الآذان والدعوة للصلاة، والأخرى تصور باراك أوباما ينشأ ويترعرع في المملكة. وفي أغسطس/آب أغلقت السلطات مقر محطة الإل بي سي بعد أن تحدث رجل سعودي في القناة عن مغامراته الجنسية في أحد البرامج في شهر يوليو/تموز، وتلقى الرجل الحُكم بالسجن خمس سنوات و1000 جلدة بتهمة التحريض على المعصية. وتقدم قاضي في مايو/أيار برفع قضية تشهير يمكن أن تنتهي بالحُكم بالسجن، ضد حياة الغامدي، من صحيفة آراب نيوز، جراء تغطيتها لمؤتمر عن العنف الأسري تحدث فيه القاضي مستحسناً صفع الرجل لزوجته جراء تبذيرها النقود. وقبلت محكمة في أبها القضية، رغم أن وزارة الإعلام هي الوحيدة ذات الاختصاص في النظر في المحتوى الإعلامي.

واعتقلت المباحث السعودية في 29 يوليو/تموز المدون رأفت الغانم، الذي وقع على عريضة تدعو إلى إطلاق سراح العتيبي والعمير، الناشطان الحقوقيان اللذان تم اعتقالهما في يناير/كانون الثاني.

وفي مطلع عام 2009 رفعت السلطات السعودية الحظر على السفر إلى الخارج بحق محمد سعيد تايب، وعبد الرحمن اللاحم ونجيب الخنيزي، المفروض منذ عام 2003 إثر دعوتهم لإصلاحات دستورية، لكن ما زال الحظر على علي الدوميني ومتروك الفالح وعبد الله الحميد ومحمد باجعدي سارياً، وهم من أصحاب نفس المطالب.

حرية المعتقد الديني

تميز المملكة العربية السعودية بشكل منهجي ضد الأقليات الدينية - لا سيما الشيعة في المنطقة الشرقية وحول المدينة المنورة، والإسماعيلية (فرع من الشيعة) في نجران. والتمييز الرسمي ضد الشيعة يشمل الممارسات الدينية والتعليم الديني ونظام القضاء. ويستبعد المسؤولون الحكوميون الشيعة من الوظائف الحكومية ودوائر صناعة القرار، ويستخفون علناً بمعتقدهم الديني.

وقد أدت المصادمات بين الزوار الشيعة وحراس الأمن في المدينة في فبراير/شباط 2009 إلى أسوأ توترات طائفية منذ سنوات. فاعتقلت السلطات الكثير من الزوار والمتظاهرين المتضامنين معهم، وأفرجت عن أغلبهم دون نسب اتهامات إليهم في يوليو/تموز. وفي ذلك الشهر اعتقلت السلطات في الخبر شيعة أقاموا شعائر جماعية في منازلهم، وفي 4 سبتمبر/أيلول أغلقت مسجد الإسماعيلية الوحيد في المدينة. وفي الإحسا اعتقلت السلطات بحلول سبتمبر/أيلول 42 زعامة دينية ومجتمعية شيعية على الأقل، في عام 2009.

وفي نجران، أعلن الحاكم الجديد، الأمير مشعل، ابن الملك في يونيو/حزيران عن توزيع الأراضي على السكان المحليين، وفي أغسطس/آب أصدر عفواً عن السجناء السبعة عشرة المتبقين المحكومين في مصادمات طائفية في أبريل/نيسان 2000. وفي سبتمبر/أيلول أفرج الملك عبد الله عن الزعيم الإسماعيلي شيخ أحمد بن تركي الصعب، المحتجز دون نسب اتهامات إليه منذ مايو/أيار 2008 جراء الشكوى من التمييز ضد أقليته. لكن حكمت محكمة في أغسطس/آب 2009 على هادي المطيف، الإسماعيلي، الذي ينتظر تنفيذ حكم الإعدام بحقه منذ 1994 بتهمة إهانة النبي محمد، بالسجن خمس سنوات إضافية جراء انتقاده تعرضه للاحتجاز في تسجيل فيديو تم بثها على محطة الحرة التلفزيونية في يناير/كانون الثاني 2007.

الأطراف الدولية الرئيسية

المملكة العربية السعودية حليف أساسي للولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وكانت ضغوط الولايات المتحدة من أجل تحسين السعودية لسجل حقوق الإنسان غير قوية بالمرة. وجهود بريطانيا عبر حوار المملكتين حول حماية حقوق الإنسان لم تتمخض عن نتائج ملموسة، إن كان قد تم بذل مثل هذه الجهود من الأساس.