"جاءوا للقتل"

تصاعد الجرائم الوحشية في جمهورية أفريقيا الوسطى

"جاءوا للقتل"

تصاعد الجرائم الوحشية في جمهورية أفريقيا الوسطى

الملخص
التوصيات
إلى حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى الانتقالية
إلى قوات سيليكا المنحلة وميليشيا مكافحة بالاكا
إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة
إلى مجلس السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي
إلى ادعاء المحكمة الجنائية الدولية
إلى فرنسا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والحكومات المعنية الأخرى
منهج التقرير
. خلفية
. انتهاكات ميليشيا "مكافحة بالاكا" بحق تجمعات سكانية مسلمة قرب بوسانغوا
زيري
جباكوراباندوروك
أوهم-باك
بودورا
فوتوفو
بوسانغوا
الهجمات على مخيمات ماشية رعاة مبورورو
III. انتهاكات متمردو سيليكا المنحلة بحق المسيحيين
الهجمات داخل بوسانغوا
الهجمات خارج بوسانغوا
كارثة إنسانية: "نعيش ونموت كما الحيوانات"
أزمة التشريد
الأزمة الصحية
أزمة التعليم
. شكر وتنويه

 

الملخص

في سبتمبر/أيلول 2013 شهد الوضع الإنساني وحقوق الإنسان في جمهورية أفريقيا الوسطى حالة من التدهور السريع. بعد شهور من الفظاعات التي ارتكبتها قوات ("تحالف") سيليكا التي يعد أغلب عناصرها من المسلمين، والتي قامت بانقلاب على حكومة الرئيس فرانسوا بوزيزي في مارس/آذار، فقد بدأت الميليشيات المسيحية المعروفة بمسمى "مكافحة بالاكا" في تنظيم هجمات مضادة. مكافحة بالاكا التي بدأت كجماعات محلية للدفاع عن النفس في عهد الرئيس بوزيزي، استهدفت تجمعات سكانية مسلمة وارتكبت العديد من الانتهاكات.

تبين استشراء الأعمال الوحشية التي ارتكبتها جماعات "مكافحة بالاكا" تحديداً في مقاطعة أوهم، شماليّ العاصمة بانغي. في 6 سبتمبر/أيلول شن مقاتلو مكافحة بالاكا هجمات منسقة على تجمعات سكانية إسلامية وعزلوا نقاط تجمع السيليكا المنحلة في بلدات السوق المحيطة بالعاصمة الإقليمية بوسانغوا. قتلت قوات مكافحة بالاكا المئات من السكان المسلمين، وأحرقت بيوتهم، وسرقت وقتلت ماشيتهم، وهي مصدر ثمين للدخل والثروة.

اشتملت العديد من الهجمات على قدر صادم من القسوة. فهناك سيدة مسلمة، من رعاة الماشية الرحل، قالت لـ هيومن رايتس ووتش إنها أُجبرت على مشاهدة مقاتلي مكافحة بالاكا وهم يذبحون ابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات، وولدين آخرين يبلغان من العمر 10 و14 عاماً، وقريب بالغ لها – وهم جميعاً من المسلمين في مخيم لرعاة الماشية. وصف رجل يبلغ من العمر 55 عاماً وهو يبكي كيف هرب من رجال مكافحة بالاكا، ليشاهد في رعب من حيث اختبأ كيف مضوا يذبحون زوجتيه وأبنائه العشرة وإحدى حفيداته، وكذلك مدنيين مسلمين آخرين تم أسرهم. تناقل بعض الناجين سماعهم مقاتلي مكافحة بالاكا وهم يقولون إنهم يعتزمون قتل "جميع المسلمين".

تراجعت قوات السيليكا المنحلة بمقاطعة أوهم – بعد أن تكبدت خسائر كبيرة جراء هجمات جماعة "مكافحة بالاكا" – إلى بوسانغوا. وهناك ارتكبوا فظائع بحق السكان المسيحيين، فقتلوا العديد من الأفراد وأشعلوا النار في بيوتهم. وفي أغسطس/آب تم رسمياً تنصيب ميشيل دجوتوديا – قائد السيليكا – رئيساً انتقالياً حتى انتخابات 2015، ثم أعلن في سبتمبر/أيلول عن حل جماعة سيليكا. لكن متمردو سيليكا المنحلة مستمرون في العمل في شتى أنحاء البلاد، ويستمرون في انتهاكاتهم. شن مقاتلو السيليكا المنحلة هجمات عديدة ضد مزارعين يعملون في حقولهم. يبدو أن أعمال القتل هذه تمت بدعم من بعض كبار قادة السيليكا المنحلة في بوسانغوا. في 18 نوفمبر/تشرين الثاني أمر العقيد صالح – قائد السيليكا في بوسانغوا – وفي حضور العشرات من ضباطه ومنهم من كان يرأسه وقتها اللواء يايا (وقد مات في أعمال قتال في 5 ديسمبر/كانون الأول في بانغي)، أمر بإغراق سبعة مزارعين اتهموا بالخطأ بأنهم من ميليشيا مكافحة بالاكا. تم ربط المزارعين ورميهم أحياء في نهر أوهم، وقد نجا ثلاثة منهم.

قام الجانبان بإحراق العشرات من القرى في المقاطعة. هُجرت قطع كبيرة من الأرض لا لشيء إلا خوفاً من هجمات متمردي سيليكا، ومن المحتمل أن يتنقل المرء بالسيارة بالساعات في أرجاء بوسانغوا دون أن يرى شخصاً واحداً في بيته. التمس نحو 40 ألفاً من المسيحيين المشردين اللجوء في كنيسة كاثوليكية في بوسانغوا، في حين يعيش نحو 4 آلاف مسلم مشرد في الطرف المقابل من البلدة، وهو ما يعد رمزاً مريراً على تقطع الصلات بين السكان.

في مطلع ديسمبر/كانون الأول بلغ هذا التشظي ذروته. طاردت ميليشيات مكافحة بالاكا قوات من السيليكا المنحلة من أغلب أنحاء بوسانغوا، وذبحت ما لا يقل عن 11 مدنياً مسلماً في حي بورو المسلم بالمدينة. في الصباح التالي أخذ العقيد صالح القيادي في متمردي سيليكا مقاتليه بعد أن قام بجمعهم، إلى مشارف الكنيسة الكاثوليكية، حيث أطلق رجاله العديد من قذائف الأر بي جيه على المخيم المزدحم وهددوا مراراً بمهاجمة المخيم ما لم تنسحب ميليشيا مكافحة بالاكا من بوسانغوا. وأملاً في تفادي وقوع مذبحة، تفاوض عناصر حفظ السلام الأفارقة على إنهاء الأزمة، فأقنعوا ميليشيا مكافحة بالاكا بالتراجع، وهو ما منع مجزرة محتملة.

أعمال القتل المروعة التي وقعت بعد ذلك في منطقة بورو في بوسانغوا لا تمثل إلا قدر زهيد من مأساة أكبر بكثير تتكشف في جمهورية أفريقيا الوسطى في الوقت الحالي. مع مقتل ما بين 400 إلى 500 شخص في مصادمات على قدر موازي من القسوة ومذابح في مطلع ديسمبر/كانون الأول في بانغي، لم يبق كثير من الشك في أن جمهورية أفريقيا الوسطى تسقط في دوامة من العنف الطائفي الدموي. أعلنت فرنسا عن صعوبة الموقف هناك وأرسلت المئات من القوات الفرنسية لمساعدة قوة حفظ السلام الأفريقية في توفير الحماية للمدنيين، لكن ما زالت تحاول العثور على الدعم لتوفير قوة حفظ سلام دولية أكبر تحت إشراف الأمم المتحدة.

دون توفر قدر من تدابير الأمن، سوف يبقى من الصعب التصدي للكارثة الإنسانية الكبرى في جمهورية أفريقيا الوسطى. في هذه الدولة التي تعاني من فقر مدقع وتعدادها أقل بقليل من خمسة ملايين نسمة، فإن نحو 450 ألفاً قد اضطروا للفرار من بيوتهم، بينهم 170 ألفاً من مقاطعة أوهم وحدها. هناك 70 ألفاً آخرين أصبحوا في عداد اللاجئين في جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة وفي الكاميرون ودول أخرى.

واجه عمال الإغاثة الإنسانية شماليّ جمهورية أفريقيا الوسطى صعوبات في توفير المساعدات، لا سيما الإسعافات الطبية الأولية، مع عرقلة العنف – الذي استهدف أيضاً عمال الإغاثة أنفسهم – للتعامل الفعال مع الأزمة. في سبتمبر/أيلول قام مقاتلو سيليكا المنحلة بشكل ممنهج بنهب المراكز الطبية في شتى أنحاء بوسانغوا، ومنعوا السكان من الحصول على رعاية طبية. ضاعفت الوفيات جراء الإصابة بالملاريا وأمراض أخرى من حصيلة القتلى. في شمال جمهورية أفريقيا الوسطى، ما زالت ألواح الكتابة في المدارس المهجورة مكتوب عليها بالطبشور تاريخ آخر درس حضره الأطفال، وكان في شهر مارس/آذار.

يتناول هذا التقرير الأحداث التي شهدتها بلدة بوسانغوا ومقاطعة أوهم من سبتمبر/أيلول حتى مطلع ديسمبر/كانون الأول 2013، وهي الأحداث المؤدية إلى جولة العنف الدموي القائمة. أمضى فريق بحثي من هيومن رايتس ووتش أسبوعين في جمهورية أفريقيا الوسطى في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني بالإضافة إلى أسبوعين آخرين منذ بداية ديسمبر/كانون الأول، وأجرى الفريق تحقيقات في أعمال العنف الطائفي الدموي والصادم الذي ارتكبه الجانبان، سواء متمردو سيليكا أو ميليشيا مكافحة بالاكا. وثقت هيومن رايتس ووتش أكثر من 120 وفاة على يد مكافحة بالاكا وما لا يقل عن 37 وفاة على يد متمردي سيليكا في بوسانغوا وحولها. تستمر الأعمال الوحشية والفظائع التي يرتكبها الطرفان في التصاعد، ومن المرجح أن يزيد خروجها عن السيطرة مع غياب رد فعل دولي أقوى.


 

التوصيات

 

إلى حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى الانتقالية

  • يجب توجيه أوامر واضحة وعلنية لقوات الأمن بحظر الهجمات على المدنيين، وحظر أعمال تدمير ونهب الممتلكات المدنية، وقتل وإساءة معاملة الأسرى، بمن فيهم مقاتلي مكافحة بالاكا الأسرى أو من يدعمونهم.

  • نزع سلاح مقاتلي جماعة سيليكا المنحلة التي تم إعفاء عناصرها من واجباتهم بموجب قرار الرئيس دجوتوديا في سبتمبر/أيلول بحلّ القوات، واتخاذ إجراءات ضد من يستمرون في العمل خارج نطاق القانون. توفير قائمة بأسماء القادة التي يتولون مناصبهم تحت إشراف سلطة الحكومة المؤقتة.

  • التعاون الكامل مع القوات الفرنسية وقوات الاتحاد الأفريقي المنتشرة بموجب قرار مجلس الأمن 2127 لحماية المدنيين، مع إبداء الدعم لبعثة حفظ سلام الأمم المتحدة.

  • تيسير وصول منظمات الإغاثة الإنسانية لكي توفر الغذاء والدواء والمأوى والضروريات الأخرى للمشردين والسكان المعرضين للخطر.

  • حماية جميع المدنيين المعرضين لخطر هجمات مقاتلي سيليكا المنحلة وميليشيا مكافحة بالاكا.

  • بعد إجراء عملية فرز لاستبعاد الأفراد المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، يجب إعادة أفراد الشرطة والدرك والجيش النظامي بعد توفير تدريب كافي بمجال حقوق الإنسان. يجب منع المناصب الحكومية عن مقاتلي سيليكا المنحلة الذين تتبين مسؤوليتهم عن انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة.

  • يجب التحقيق والملاحقة القضائية – بموجب المعايير الدولية للمحاكمة العادلة – مع جميع الأفراد الذين تظهر أدلة بحقهم عن مسؤولية جنائية عن جرائم كبرى، بمن فيهم من يتحملون مسؤولية القيادة، جراء إخفاقهم في منع الجرائم أو الملاحقة القضائية لمرتكبيها.

  • اتخاذ جميع الخطوات اللازمة والملائمة للسماح للأطفال في سن التعليم بالعودة إلى المدارس، وإعادة بناء المدارس وإصلاحها في المناطق المتضررة من العنف.

 

إلى قوات سيليكا المنحلة وميليشيا مكافحة بالاكا

  • يجب على الفور وقف جميع الهجمات بحق المدنيين والأعيان والمرافق المدنية، بما في ذلك المراكز الطبية والمدارس.

  • يجب تسليم السلاح إلى السلطات المختصة.

  • يجب وقف جميع أعمال التجنيد والاستخدام للأطفال كجنود.

  • يجب السماح للمنظمات الإنسانية بتوفير المساعدات للمدنيين في شتى أنحاء البلاد.

إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة

  • يجب التصريح بنشر قوة حفظ سلام أممية متعددة الأبعاد بموجب أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، مع إمدادها بولاية قوية وسبل لحماية المدنيين وتعزيز حقوق الإنسان وتهيئة الأجواء لتسليم المساعدات الإنسانية.

  • يجب فرض تجميد للأصول وحظر سفر على الأفراد الذين يتبين تورطهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

  • إذا طلب الأمين العام للأمم المتحدة، فمن الواجب التصريح بإعادة النشر في حالات الطوارئ لقوات وأصول من بعثات حفظ سلام مجاورة تابعة للأمم المتحدة، من أجل حماية المدنيين الأكثر عرضة للخطر.

إلى مجلس السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي

  • يجب ضمان توفر الدعم اللوجستي والمالي الكافي لبعثة الدعم الدولية بقيادة أفريقية في جمهورية أفريقيا الوسطى، بما يكفل حماية جميع السكان المدنيين.

  • يجب النظر في أمر نشر قوات من دول أعضاء أخرى في الاتحاد الأفريقي من أجل دعم قدرات البعثة في جمهورية أفريقيا الوسطى.

  • يجب نزع أسلحة مقاتلي مكافحة بالاكا وسيليكا المنحلة.

  • يجب حماية التجمعات المدنية المعرضة للخطر في البلدات والمناطق الريفية.

  • يجب إعداد خط ساخن لتمكين المدنيين من الإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان.

 

إلى ادعاء المحكمة الجنائية الدولية

  • يجب الاستمرار في متابعة التطورات في جمهورية أفريقيا الوسطى لتحديد ما إذا كانت قد وقعت جرائم فيها تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.

  • يجب تذكير جميع الأطراف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وإذا أمكن يمكن إصدار بيانات علنية حول جسامة الجرائم المرتكبة في جمهورية أفريقيا الوسطى.

 

إلى فرنسا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والحكومات المعنية الأخرى

  • يجب دعم إنشاء بعثة حفظ سلام أممية بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ذات ولاية قوية لحماية المدنيين وتعزيز حقوق الإنسان وتهيئة الأجواء لتوصيل المساعدات الإنسانية.

  • يجب توفير الدعم اللوجستي والمالي والفني على الفور اللازم لقوات حفظ سلام الاتحاد الأفريقي، بما في ذلك قدرات نقل جوي وتدابير تأمين وقدرات طبية ومعدات اتصال.

  • يجب زيادة الدعم المقدم للمساعدات الإنسانية، من أجل حماية السكان المعرضين للخطر، ومنهم المشردين واللاجئين.

  • يجب دعم برامج الحماية والتسريح وإعادة التأهيل الخاصة بالجنود الأطفال، والمساعدة في إعادة بناء المدارس وإصلاحها.

  • يجب مساعدة السلطات الوطنية في جهودها الرامية إلى استعادة سيادة القانون.

 


 

منهج التقرير

يستند هذا التقرير إلى بحوث ميدانية أجريت في جمهورية أفريقيا الوسطى أثناء بعثتين مدة كل منهما أسبوعين، في أكتوبر/تشرين الأول  ونوفمبر/تشرين الثاني ومطلع ديسمبر/كانون الأول 2013 من قبل فريق بحثي من هيومن رايتس ووتش، وكان الفريق مصحوباً بمصور فوتوغرافي ومصور فيديو مستقلين. أجرى الفريق البحثي مقابلات في العاصمة بانغي وفي بوسانغوا والعاصمة الإقليمية أوهم، وفي بلدات وقرى حول بوسانغوا، منها ندجو وزيري وويكامو وأوهم-باك.

قابلت هيومن رايتس ووتش أكثر من 60 شاهداً وناجياً من الانتهاكات، التي ارتكبها مقاتلو سيليكا المنحلة ومكافحة بالاكا على السواء. تم إجراء المقابلات باللغات الفرنسية والسانغو والعربية بمساعدة مترجمين فوريين. لم يتم دفع نقود لأي من الأفراد الذين أجريت معهم مقابلات في هذا التقرير، أو أية حوافز أخرى لكي يقدموا معلومات.

كذلك قابلت هيومن رايتس ووتش قيادات دينية مسيحيين ومسلمين، وكذلك قيادات من ميليشيا مكافحة بالاكا وسيليكا المنحلة، ومسؤولين من "القوة متعددة الجنسيات في أفريقيا الوسطى التابعة للتجمع الاقتصادي لدول وسط أفريقيا" (FOMAC) ، ومسؤولين من الأمم المتحدة، ودبلوماسيين، وعمال إغاثة إنسانية، والرئيس المؤقت ميشيل دجوتوديا

ونظراً لاحتمالات التنكيل والانتقام، فقد تم حجب أسماء بعض الشهود وأقاربهم وأصدقائهم من الضحايا ممن تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش.


 

I . خلفية

في 10 ديسمبر/كانون الأول 2012 قامت جماعة سيليكا وهي تحالف يغلب عليه جماعات المتمردين المسلمين، من منطقة شمال شرق أفريقيا الوسطى المهمش، بتنظيم حملة عسكرية ضد حكومة الرئيس فرانسوا بوزيزي. [1] في 24 مارس/آذار 2013 سيطر متمردو سيليكا على بانغي العاصمة وخلعوا الرئيس بوزيزي. قام ميشيل دجوتوديا – أحد قادة سيليكا – بتجميد العمل بالدستور ونصب نفسه رئيساً انتقالياً – وهو المنصب الذي تم تعيينه فيه بعد ذلك من قبل الحكومة الانتقالية. من المقرر عقد انتخابات وطنية جديدة في مطلع 2015.

أكدت جماعة سيليكا على أنها ستجلب السلم والأمن لجمهورية أفريقيا الوسطى التي ابتليت بالنزاع، لكن تحت حكم سيليكا، غرقت البلاد في موجة من العنف وانتهاكات حقوق الإنسان. قامت قوات سيليكا بنهب تجمعات سكانية من مختلف أنحاء البلاد، وقتلت العديد من الناس، واغتصبت نساء وفتيات بلا حصر، وأحرقت قرى عن بكرة أبيها. [2] العدد الدقيق غير معروف، وهناك مناطق كثيرة في جمهورية أفريقيا الوسطى يصعب الوصول إليها بسبب العنف القائم وتدهور حالة الطرق.

أمر الرئيس دجوتوديا بحلّ سيليكا في سبتمبر/أيلول 2013، لكن العديد من مقاتلي "سيليكا المنحلة" مستمرون في العمل في شتى أنحاء البلاد. [3] متمردو جماعة سيليكا المنحلة الذين تم ضمهم إلى الجيش ظاهرياً، ما زالوا يمارسون نفوذهم من خلال أعمال العنف في شتى أنحاء البلاد، ويقومون بإرهاب السكان المحليين. زادت المعارضة التي صادفوها من ميليشيات يغلب عليها المقاتلين المسيحيين معروفة باسم "مكافحة بالاكا" (أو "ضد حملة المناجل" بلغة السانغو) وقامت في سبتمبر/أيلول بالبدء في الرد على هجمات قوات سيليكا المنحلة.

عرض مقاتلو مكافحة بالاكا أنفسهم في الأساس كجماعات محلية للدفاع عن النفس، لكن زاد استهدافهم للتجمعات السكانية الإسلامية مع الوقت، وزعموا أنهم ينتقمون من انتهاكات السيليكا المنحلة. ميليشيا مكافحة بالاكا التي ليست لها قيادة مركزية قوية، تعد حالياً في أقوى حالاتها في شمال غرب جمهورية أفريقيا الوسطى، لكن في 5 ديسمبر/كانون الأول شنت هجمات موسعة على بانغي وبوسانغوا. هذه الجماعات تضم في صفوفها بعض الجنود السابقين المنشقين عن القوات المسلحة التابعة للرئيس بوزيزي المخلوع، وهي "القوات المسلحة لأفريقيا الوسطى" ومنهم عناصر من الحرس الجمهوري التابع للرئيس بوزيزي، والمعروفون بالإنجليزية بمسمى Red Berets أو القبعات الحمراء.

يبلغ تعداد سكان جمهورية أفريقيا الوسطى نحو خمسة ملايين نسمة، نحو 80 في المائة منهم مسيحيون. يشكل المسلمون حوالي 15 في المائة فقط من السكان، ويتركزون بالأساس في الطرف الشمالي الشرقي من البلاد. وفي المناطق الأخرى، يشكل المسلمون نسبة أصغر من السكان، وهم مرتبطون في العادة بالتجارة في المراكز التجارية وبرعي الماشية كرُحّل.

من بين المسلمين طائفة بيول العرقية، والكثير منهم يشتغلون في تجارة الماشية. وطائفة مبورورو هي فئة فرعية من البيول، وهم مسلمون رُحل يمكن العثور عليهم في العديد من دول غرب ووسط أفريقيا. يستمرون في تحري حياة الرعاة الرحل، وأسلوب حياتهم التقليدي القديم، إذ يتنقلون برفقة أعداد كبيرة من الماشية عبر مختلف المراعي، من مرعى إلى مرعى، رغم أن الكثير من الماشية يملكها حالياً تجار مسلمون ويقتصر عمل المبورورو على رعي الماشية فحسب وحراستها. بسبب حياة الرحل هذه يتنازع المبورورو كثيراً مع المزارعين المستقرين (وأغلبهم من طائفة غبايا المسيحية) الذين تأكل الماشية المتنقلة في بعض الأحيان محاصيلهم.  السمات العرقية المميزة والزي المميز للمبورورو يسهل من التعرف عليهم، وكثيراً ما يدخل أفراد من المبورورو الرحل والمزارعين الغبايا في أعمال عنف، ولكل طائفة منهم آراء منحازة ضد الطائفة الأخرى.

لغتا السانغو والفرنسية هما اللغتان الرسميتان في جمهورية أفريقيا الوسطى. العديد من مقاتلي سيليكا مسلمين ويتحدثون العربية، وينحدرون في الأغلب من شمال شرق البلاد، من المنطقة الواقعة بين تشاد ودارفور في السودان.


 

 

II . انتهاكات ميليشيا "مكافحة بالاكا" بحق تجمعات سكانية مسلمة قرب بوسانغوا

 

بعد استيلاء تحالف متمردي سيليكا على السلطة في مارس / آذار 2013، تولوا الحكم دون معارضة تُذكر لأشهر، مع شن هجمات قاتلة متكررة، مع بث الخوف في أوساط السكان المدنيين. [4] في سبتمبر / أيلول، نظمت ميليشيا "مكافحة بالاكا" اعتداءات متزامنة ضد نقاط متباعدة وضعيفة الإمكانات لمتمردي سيليكا المنحلة في المراكز التجارية الكبيرة في الريف. حول بلدة بوسانغوا، على مسافة 300 كيلومتر شمال بانغي، قاموا باستهداف المجتمعات المسلمة، وكذلك نقاط تجمع لسيليكا المنحلة.

خلال تلك الفترة، هاجمت ميليشيا مكافحة بالاكا مخيمات رعاة الماشية الرحل من طائفة "بيول" المسلمة؛ مما تسبب في العديد من الوفيات وسرقة ما لا يقل عن 5 آلاف رأس من الماشية، وخسائر مالية وحضارية واسعة النطاق.

وقال إريك زالو، من قادة ميليشيا "مكافحة بالاكا" في ويكامو لـ هيومن رايتس ووتش:

تم تشكيلنا في الأصل لمحاربة قطاع الطرق في ويكامو، ولدينا لجنة من 8 قادة و213 مقاتلاً. هدفنا هو محاربة متمردي سيليكا؛ بسبب انتهاكاتهم ضد السكان المدنيين.. لدينا أسلحة يدوية الصنع. قمنا بصناعة تلك الأسلحة ونستخدم الخرطوش.. ميليشيا مكافحة بالاكا بالأساس مسيحية، وهدفنا هو تحرير السكان المسيحيين من نير المسلمين. نحن لسنا جماعة متمردة. نحن نقاتل فقط ضد متمردي سيليكا لحماية السكان. ] نحن الشباب [ ونظمنا أنفسنا للدفاع عن أنفسنا. [5]

في حين تصف ميليشيا "مكافحة بالاكا" نفسها بأنها قوات دفاع عن النفس بهدف حماية قراهم، فإن سلوكهم وخطابهم الفعلي في كثير من الأحيان يتسم بالعدائية البالغة للمسلمين، وكانت هذه الميليشيا مسؤولة عن العديد من المجازر ضد المسلمين. وأخبر ناجون مسلمون من تلك المجازر هيومن رايتس ووتش بتصريحات متطرفة أدلى بها زعماء من "مكافحة بالاكا" خلال الهجمات، بما في ذلك أنهم عازمون على قتل جميع المسلمين. في الوقت الذي يتم فيه تسليح معظم مقاتلي "مكافحة بالاكا" تسليحاً متواضعاً بالبنادق يدوية الصنع والمناجل والسكاكين، فإن بعض الهجمات التي حققت هيومن رايتس ووتش فيها اشتملت على وجود مهاجمين يرتدون زيا عسكريا ويحملون بنادق كلاشينكوف وغيرها من الأسلحة الأوتوماتيكية، ويعتقد أن من المتورطين فيها عسكريون سابقون مسلحون ظلوا موالين للرئيس المخلوع بوزيزي، بما في ذلك عناصر من حرسه الرئاسي.

شهدت هيومن رايتس ووتش وجود أعداد كبيرة من الجنود الأطفال في صفوف "مكافحة بالاكا". واعترف قيادي بميليشيا "مكافحة بالاكا" لـ هيومن رايتس ووتش بأنه يستخدم الأطفال الصغار، حتى 15 عاماً، كمقاتلين، ولكنه لا يستعين بأطفال دون سن الـ15 عاما. وعلى الرغم من ذلك، خلال مقابلة مع قيادي "مكافحة بالاكا" المذكور، رأت هيومن رايتس ووتش أطفالاً مسلحين، ظهر أنهم أصغر من سن الـ15 عاما . [6] لاحظت هيومن رايتس ووتش، في زيارة لمعقل "مكافحة بالاكا" في بوايي في أوائل ديسمبر / كانون الأول، أن مئات الأطفال المسلحين من بين مقاتلي "مكافحة بالاكا"، وكثير منهم تقل أعمارهم عن 15 عاما بوضوح.

يوضح الجزء التالي انتهاكات مكافحة بالاكا في المنطقة المحيطة بـ بوسانغوا.

زيري

تعد زيري مركز تجاري رئيسي على طريق بوسانغوا-بوكا، يوجد به تجمع سكاني يعيش فيه أكثر من 100 مسلم بجانب المسجد الواقع في وسط البلدة. وقال شاهدان كل منهما على انفراد لـ هيومن رايتس ووتش إن 56 على الأقل من السكان المسلمين، سواء تجار ورعاة الماشية من "مبورورو" أو من "البيول"، تم قتلهم خلال هجوم نفذ في 6 سبتمبر / أيلول من قبل ميليشيا "مكافحة بالاكا" في الحي المسلم من البلدة. [7]

ووفقا لإمام المسجد، فإن حدة التوتر تصاعدت في الأسبوع الذي سبق هجوم 6 سبتمبر / أيلول، عندما قتل أعضاء "مكافحة بالاكا" راعي ماشية مبورورو في قرية قريبة من بوبو في 31 أغسطس / آب، ورفضوا تسليم الجثة إلى عائلته . [8] حاول مقاتلو "سيليكا المنحلة" الحصول على الجثة بالقوة، ولكن تعرضوا لكمين من قبل "مكافحة بالاكا"، وتراجعوا إلى زيري، حيث كان لديهم نقطة مسلحة بها خمسة من مقاتلي "سيليكا". [9] تسبب وجود مقاتلي "سيليكا المنحلة" في مغادرة معظم المسيحيين البلدة، وظل السكان المسلمون فقط. [10]

 

وقال الإمام لـ هيومن رايتس ووتش إنه في صباح 6 سبتمبر / أيلول سيطر 100 من مقاتلي "مكافحة بالاكا" سريعاً على معسكر سيليكا المنحلة، وقتلوا اثنين من مقاتلي سيليكا وأجبروا الثلاثة الباقين على الفرار. ثم تحولوا بعد ذلك إلى التجمعات المسلمة في زيري:

في الساعة الرابعة صباحا، تم مهاجمتنا من قبل عناصر مسلحة من "مكافحة بالاكا"، وسمعنا الطلقات النارية. في البداية اعتقدت أن متمردي سيليكا هم من يطلقون النار، لكن بعد ذلك سمعناهم يصرخون "تقدموا! تقدموا!". كنا في المسجد، نصلي. وسمعناهم يصرخون "ألقوا القبض عليهم! ألقوا القبض عليهم!". رأيتهم يطلقون النار على عبد الله، وهو راعي مبورورو، ثم ذهبوا إلى بيت عبد اللهي جيبو – وقتلوه هو وزوجته وابنه وابنته وخمسة من رعاة مبورورو كانوا يعيشون معهم. ثم ذهبوا إلى منزل كبير المنطقة، بوبا جاي، وقتلوه وابنه هاليدو. أحرقوا جثثهم وألقوا بها في المراحيض.. نهبوا منازلنا ثم أحرقوها. أحصينا عدد القتلى وقد بلغ 57 شخصا بينهم 17 مسلما من سكان البلدة والباقي من رعاة مبورورو تم قتلهم في الأدغال مع ماشيتهم. [11]

أكدت زوجة كبير المنطقة المقتول تصريحات الإمام حول الهجوم في مقابلة منفصلة مع هيومن رايتس ووتش:

كانت الساعة حوالي الخامسة صباحا، عندما هاجموا منزلنا، كنت مشغولة في الطهي بالخارج. جاء مقاتلو "مكافحة بالاكا" وهاجمونا. بدأوا في طعن زوجي بالمناجل من جانبه وظهره، وقطعوا حنجرته. بعدما قتلوه، أضرموا في منزلنا النار، وألقوا جثته في النار، وألقوا جثة أبني أيضاً. أمروا ابني "هاليدو بوبا" البالغ من العمر 13 عاما أن يخرج ويستلق أرضا، ثم طعنوه مرتين بالمناجل وقتلوه.. وقتلوا أيضا بوبامانا عثمان. كان على دراجته بالقرب من زيري، عندما قاموا بقتله بالمناجل. وجدنا جثته... لقد قتلوا زعيم القرية عبداللهي جيبو، مع ثلاثة من أفراد أسرته.

قالت زوجة كبير المنطقة، إنه في أعقاب الهجوم، خاف المسلمون الباقون على قيد الحياة من الهجمات؛ ففروا إلى الأدغال:

هربت مع أطفالي إلى الأدغال، ومكثنا هناك لمدة شهرين، لقد عدت للتو إلى بوسانغوا قبل بضعة أيام. تعرض ابني البالغ من العمر ثلاث سنوات إلى طعنة منجل. أنا قلت للمهاجمين إني ] مسيحية [ ، وتوسلت لهم أن يتركوني لحالي، وصدقوني. غيرت لابني ملابسه وجعلته يرتدي ثياباً توحي بأنه فتاة كي أجنبه القتل. [12]

قالت السيدة لـ هيومن رايتس ووتش إن ابنتها البالغة من العمر 14 عاما، بوبا كاندي، اختطفت من قبل مقاتلي "مكافحة بالاكا"، ولا تزال في عداد المفقودين، كما أن الأمر ذاته حدث من زوجة زوجها الثانية وابنتها البالغة من العمر 3 سنوات. [13]

بعد يومين، عاد مقاتلو "سيليكا المنحلة" لزيري. ووجد السكان المسلمون الذين عادوا مسجدهم ومنازلهم محترقة، مع تعرض العديد من المسلمين للقتل، بعدما تم إلقاء جثثهم من قبل "مكافحة بالاكا" في لهيب المنازل المحترقة. [14] خلال زيارة نوفمبر/تشرين الثاني إلى زيري، أحصت هيومن رايتس ووتش احتراق أكثر من 340 منزلاً في البلدة، مع عدد قليل من المنازل التالفة المتبقية.

كان إمام زيري حريصا على التأكيد لـ هيومن رايتس ووتش على أنه لم ير أن العنف في البلدة يستند إلى أساس ديني:

إنه ليس عنفاً بين مسلمين ومسيحيين، بل كان هجوماً من قبل الموالين لبوزيزي. كان هناك أكثر من 100 من المهاجمين جاءوا من جميع الجهات، وكان لديهم أسلحة عسكرية، ومن ضمنها تلك الأسلحة التي كان يستخدمها جيش أفريقيا الوسطى، وقد انشقوا ونظموا "مكافحة بالاكا". إنهم يقومون بتضليل القرويين المسيحيين ويقولون لهم إن.. ينبغي ألا يتواجد المسلمون في هذا البلد من الآن فصاعداً. [15]

جباكورا / باندوروك

تعد جباكورا وباندوروك قرى صغيرة على طريق بوسومبيليه-بوسانغوا، وتقع على بعد حوالي 45 كيلومترا إلى جنوبي بوسانغوا. ووفقا لشخص مسلم شهد على الهجوم، فإنه كان يسكن في المنطقة حوالي 11 عائلة مسلمة، ولم يكن بينها أي من متمردي سيليكا المنحلة. بدأ السكان يسمعون شائعات أن "مكافحة بالاكا" تستعد لمهاجمة تجمعهم، وأرسل السكان المسلمون ممثلا عنهم إلى بوسانغوا يوم 10 سبتمبر / أيلول؛ ليطلب من متمردي "سيليكا المنحلة" أن يأتوا لحمايتهم، ولكن متمردو سيليكا لم يلبوا الطلب، قائلين إنهم ليس لديهم مقاتلين أو مركبات كافية. [16]

في 11 سبتمبر / أيلول، هاجم مقاتلو "مكافحة بالاكا"، المسلحين ببنادق صيد يدوية الصنع والمناجل، القرويين المسلمين في جباكورا وباندوروك، وقال شاهد عيان مسلم إن سكان القرى المسيحيين ساعدوا "مكافحة بالاكا" في العثور على منازل المسلمين. [17]

وقال أحد رعاة مبورورو والمقيم  في باندوروك، ويبلغ من العمر 20 عاما، لـ هيومن رايتس ووتش كيف قتل المهاجمون 11 مسلما:

بدأوا في مهاجمة المسلمين. والقرويون المسيحيون الذين كانوا لا يزالون باقين في القرية ساعدوا "مكافحة بالاكا" في العثور على بيوت المسلمين. رأيتهم يطلقون النار على اثنين أمامي مباشرة. كانوا يطلقون النار من بنادق صيد يدوية الصنع. كان إدريس آديف، كبير قريتنا، ويبلغ من العمر 75 عاما، وزكريا إبراهيم، 80 عاما، لديهما المناجل للدفاع عن أنفسهم، ولكنهما قتلا رميا بالرصاص. تم قتل 11 شخصا في المجمل. لقد قتلوا أيضا عمر إدريس، البالغ من العمر 40 عاما، ابن كبير القرية، والشقيقين حسن وإبراهيم راما، البالغين من العمر 42 و35 عاما على التوالي، وإيسين وادي، البالغ من العمر 75 عاما، نائب الإمام، ونجله شايبو، البالغ من العمر 30 عاما، وثلاثة من رعاة مبورورو، الذين كانوا يزورون قريتنا، ولا أعرف اسمائهم. [18]

وقال إنه تمكن من الهرب إلى الأدغال، حيث اختبأ حتى وصلت قافلة من مقاتلي "سيليكا المنحلة" من بوسومبيليه؛ ما جعل مقاتلو "مكافحة بالاكا" والقرويين المسيحيين يلوذون بالفرار. لقد ساعد في تحديد أماكن ودفن جثث من سكان القرية المسلمين، قبل أن يلوذوا بالفرار إلى بوسانغوا التماساً للأمان. [19]

وقال شخص مقيم في باندوروك إن العديد من السكان المسلمين أصبحوا في عداد المفقودين، وأن هذا يشمل خديجة عبد الله، زوجة عمر إدريس (نجل كبير القرية الذي قتل في الهجوم) وأطفالها الأربعة، بالإضافة إلى سيسيل دجومال زوجة أخيه الذي ظل على قيد الحياة، جمال إدريس، البالغة من العمر 30 عاما، وأطفالها الثلاثة. [20]

أوهم-باك

تعد أوهم-باك مركزاً تجارياً رئيسياً على طريق بوسانغوا-بوزوم، ويملك التجار المسلمون العديد من المتاجر في سوق البلدة، وقالت إحدى سكان أوهم-باك، البالغة من العمر 54 عاما، لـ هيومن رايتس ووتش إنها كانت في المنزل عندما هاجم مقاتلو "مكافحة بالاكا" معسكراً صغيراً تابعاً لمتمردي سيليكا المنحلة في البلدة يوم 6 سبتمبر / أيلول. قتلت "مكافحة بالاكا" اثنين من مقاتلي "سيليكا المنحلة" قبل مهاجمة منازل المسلمين. أطلق مقاتلو "مكافحة بالاكا" النار على حسن آبكر، ابن عمها البالغ من العمر 21 عاما، أمام منزله، وقتلوا كذلك هارون، وهو مسيحي، يبلغ من العمر 30 عاما، والذي كان قد اعتنق الإسلام. وهي ذهبت إلى الاختباء بعد رؤية مقتل الاثنين. [21]

بودورا

كان أحد سكان بودورا، البالغ من العمر 55 عاما، في منزله بالقرية الواقعة شمالي بوسانغوا على طريق بيرزامبيه، عندما استيقظ في حوال الساعة الخامسة من صباح يوم 6 سبتمبر / أيلول على صوت إطلاق النار. بالخارج، وجد مرأتين نصف عاريتين في حالة من الذعر، وعرفت إحداهن نفسها بوصفها زوجة عقيد سابق من متمردي "سيليكا المنحلة" يسكن في مكان قريب، وقالت له المرأة إن مقاتلي "مكافحة بالاكا" هاجموهم.

في الوقت الذي استعدت فيه الأسرة للفرار، وصل مقاتلو "مكافحة بالاكا"، وقال إنهم تمكنوا من الفرار إلى منطقة عشبية مرتفعة بالقرب من منزله، ولكنه بعد ذلك شاهد حالة من الذعر، في الوقت الذي كان مقاتلي مكافحة بالاكا يقطعون رقاب أفراد عائلته والآخرين، بجانب الجسر، الذي يربط بين بن زامبييه وبودورا. وقال لـ هيومن رايتس ووتش:

كان ] المهاجمون [ كثيرون، وكانوا يحملون بنادق كلاشينكوف ومسدسات ومناجل وسكاكين، وأمسكوا جميع أولادي، أنا تمكنت من الفرار والاختباء في الحشائش الطويلة. رأيتهم يقطعون رقاب أولادي، واحدا تلو الآخر، بالسكين. ذهبوا بالأطفال لذلك الذي كان يحمل السكين، واحدا تلو الآخر، وبعدما انتهوا من الأطفال قتلوا زوجاتي، ومن ثم قتلوا المزيد من الناس، أولئك الذين كانوا يسكنون في الحي، كانت الجثث متناثرة في كل مكان، وتركوهم هناك. [22]  

من بين من تعرضوا للقتل زوجتيه، بالي غورو، البالغة من العمر 37 عاما، وموداري مودجولو، 37 عاما، وأطفاله الـ11 وحفيده: روحة، 25 عاما، وأبو، 20 عاما، ومينيكو، 16 عاما، وابنتها حواء، 6 شهور، وسوليه، 15 عاما، وحليمة، 14 عاما، ومايارو، 13 عاما، وسيدو، 13 عاما، وبيبا، 10 أعوام، وصاليح 10 أعوام، ودجولي، 8 أعوام. [23] يبدو أن هذا الشاهد هو الناجي الوحيد من هذا الهجوم. تعرف في بعض قادة "مكافحة بالاكا" على قرويين يعيشون بالقرب من منزله. وكان بينهمراعي ماشية مسيحي من بوندورا، خسر كل ماشيته على يد متمردي سيليكا المنحلة، وكانوا يتوعدهم بالثأر. [24]

بعد مشاهدة أفراد عائلته مقتولين، قال إنه اختبأ في الأدغال لمدة يومين قبل أن يبحث عن مأوى لدى أحد الأثرياء المسيحيين في قرية مجاورة كان يعرفه جيدا، وقال الرجل المسيحي له إنه يستطيع البقاء معه. وكان بإمكان الشاهد أن يرى من نافذة المنزل النشاط القائم في القاعدة المجاورة لميليشيا مكافحة بالاكا:

من نافذة منزل ] صديقي المسيحي [ ، كان يمكنني رؤية القاعدة الخاصة بمكافحة بالاكا، في مبنى مغطى بالأقمشة البيضاء، ويمكنني أن نراهم وهم يعودون في المساء مع الكثير من اللحوم، والتي يتقاسمها جميع الناس في القرية، وكانوا يحضرون ] الناس المخطوفين [ لقائدهم، الذي كان أحيانا يرتدي ملابس مدنية، وأحيانا يكون مرتديا ثياباً عسكرية – كانوا يحضرون له المسلمين ] المخطوفين [ . في بعض الأحيان، كنت أسمع صراخهم، ثم يتلاشى الصوت تماما، ويسمح لهم أحيانا بأن يعيشوا، ولكن لم أستطع أن أرى كيف يتم قتلهم؛ بسبب كثرة الناس في المكان، ورغم ذلك، فأعتقد أنهم قتلوا الكثير من الناس خلال أيام اختبائي الخمسة. [25]  

في اليوم السادس من الاختباء، وصل مقاتلو "سيليكا المنحلة"، وأجبروا قوات "مكافحة بالاكا" على الفرار من القرية. [26]  

فوتوفو

قال راعي ماشية مسلم، يبلغ من العمر 24 عاما، ويقيم في فوتوفو، لـ هيومن رايتس ووتش إن العشرات من مقاتلي "مكافحة بالاكا" هاجموا المناطق المسلمة في قريته فوتوفو، الواقعة على بعد 15 كيلومترا جنوبي بوسانغوا في حوالي الساعة الخامسة صباح يوم 26 سبتمبر / أيلول:

كنت في بيتي عندما سمعت أصواتا مدوية وإطلاق نار في الخارج، لقد كانوا "مكافحة بالاكا" التابعة لقبيلة جبايا. كانوا بالعشرات ومسلحون ببنادق الكلاشينكوف والمناجل وبنادق الصيد يدوية الصنع. جاءوا سيرا على الأقدام، ودخلوا جميع المنازل. في بيتي، قاموا بنهب ملابسي ومتاعي وأواني المطبخ، ثم اجتمعوا جميعا بساحة القرية، وقالوا لنا: "سنقتل كل المسلمين، وسنقتل كل ما تربونه من ماشية". ثم قاموا بفصل الرجال ] المسلمين [ بجانب، والنساء والأطفال على الجانب الآخر. [27]

بعد فصل الرجال عن النساء، تجمع عشرات المهاجمين على شقيق راعي الماشية، أمادو هيرواي، البالغ من العمر 27 عاما، وقطعوا حنجرته بسكين؛ مما أدى إلى وفاته، ثم فتحوا النار منالبنادق يدوية الصنع على بقية الرجال المسلمين الذين كانوا هناك، وقتلوا اثنين من الرجال المسلمين وصبي مسلم، وهم أمادو دجيبو، 20 عاما، وآدم بوبا، 18 عاما، وآدي دجيبو، 13 عاما، وفر الباقون. [28]

وقال شخص ثان من فوتوفو، يبلغ من العمر 32 عاما، بشكل منفصل لـ هيومن رايتس ووتش:

لقد اقتادونا جميعا ] المسلمين [ إلى ساحة القرية، وقالوا: "سنقوم بقتلكم جميعاً"، وأنا سألتهم: "لماذا؟"، فقال رئيسهم: "من قال لك أن تتكلم؟ نحن سنقوم بقتل كل رعاة مبورورو لأنكم كلكم مسلمون، وسنقتل كل ما تربونه من ماشية". شاهدتهم وهم يقطعون حلق أمادو هيرواي، وبعد ذلك قتلوا ] أطلقوا النار على [ شقيقي الصغيرين، في الوقت الذي كنا نلوذ فيه بالفرار – أمادو دجيبو، 20 عاما، وآدي دجيبو، 13 عاما. [29]  

هرب هو والرجال الآخرون الباقون على قيد الحياة إلى الأدغال، لكنهم عادوا ليلا ليروا ماذا حل بقريتهم. وجدوا كل منازلهم قد احترقت، وتم ذبح كل الماشية، ولم يتبق من المواشي المذبوحة إلا الرؤوس غير الصالحة للأكل. [30] أصبح 21 امرأة وطفلاً مسلمين، الذين تم فصلهم عن الرجال، في عداد المفقودين. لم يتم العثور عليهم حتى وقت زيارة هيومن رايتس ووتش في مطلع نوفمبر / تشرين الثاني، بعد ما يقرب من شهرين من الهجوم تم اعتبارهم قتلى من قبل ذويهم. [31]   قضى الرجال المسلمون الباقون على قيد الحياة خمسة أيام مختبئين في الأدغال حول القرية، قبل أن يتم إنقاذهم بواسطة متمردي "سيليكا المنحلة" بقيادة اللواء علي، الذي أتى من بوسانغوا عقب وصول التقارير حول الهجوم على القرية. [32]    

بوسانغوا

في 5 ديسمبر / كانون الأول، شنت ميليشيا "مكافحة بالاك" هجوما كبيرا على بوسانغوا نفسها، وقامت بالسيطرة على المدينة لفترة وجيزة. خلال الهجوم، قتلت "مكافحة بالاكا" المدنيين المسلمين في الحي الخاص بالمسلمين في بوسانغوا؛ مما أسفر عن مقتل 11 مدنيا على الأقل بالمناجل وعن طريق إطلاق النار. من بين القتلى عثمان أباكار، 26 عاما، شاب من رعاة الماشية "البيول"، والذي نقلته هيومن رايتس ووتش للمستشفى في صباح اليوم ذاته لكي يحصل على العلاج من إصابة بطلق ناري تعرض لها قبل ثلاثة أسابيع خلال هجوم لمكافحة بالاكا على مخيم للأبقار، حيث كان يعيش في شمالي بوسانغوا. لم يكن عثمان أباكار قادرا على الفرار بسبب إصابته، وتم احتجازه وقتله عن طريق قطع حنجرته. [33] وقتلت أيضا والدته، التي بقيت معه لترعاه. [34]    

فقد تسعة مسلمون آخرون حياتهم، بمن فيهم خديجة آنيه، 35 عاما، زوجة التاجر المسلم جارا آنيه، وشقيقها آديي أباكار، 38 عاما، الذين تم القبض عليهم وقطع رقابهم قرب منزل الإمام، حيث ذهبوا إلى هناك التماساً للأمان. [35]  

كان هجوما مفاجئا؛ لذلك هرب الجميع إلى بيت الإمام التماساً للأمان، وهذا قد يكون سبب هذا العدد الكبير ممن لقوا مصرعهم. من بين الناس الذين قاموا بمهاجمتنا جنود تابعون للقوات المسلحة لأفريقيا الوسطى والحرس الرئاسي، وكانوا مسلحين بمدافع أيه كى-47، وآر بي جى. وكانوا يرتدون زيا عسكريا ويعتمرون قبعات حمراء ] الخاصة بالحرس الرئاسي السابق [ . [36]   

تضمن القتلى الآخرين جراء تلك الحادث، قورسي عبد الرحيم، تاجر بالغ من العمر 50 عاما، وعلي الطاهر، تاجر بالغ من العمر 40 عاما، وجيمي الطاهر، تاجر بالغ من العمر 42 عاما، وآشيتا عمر، أم لثلاثة أطفال تبلغ من العمر 38 عاما، ونامي يواو، أم لأربعة أطفال من رعاة مبورورو، وشقيقتها حواء ياما، أم لستة أطفال من رعاة مبورورو، وحميدو، وهو سائق دراجة نارية تاكسي معروف في المنطقة. [37]

الهجمات على مخيمات ماشية رعاة مبورورو

في نفس توقيت الهجمات على نقاط وقواعد متمردي سيليكا المنحلة والتجمعات المسلمة في بيرزامبيه، وزيري، وأوهم-باك، وكورومبوكو، نفذت قوات "مكافحة بالاكا" أيضا هجمات على مخيمات الماشية المملوكة للمسلمين من رعاة مبورورو في المناطق ذاتها، فقاموا بسرقة الآلاف من رؤوس الماشية؛ الأمر الذي أسفر عن مقتل العديد من أسر رعاة مبورورو، الذين كانوا يحرسون الماشية.

كانت امرأة من رعاة مبورورو، في آخر الثلاثينات، في مخيم للماشية يحوي نحو 500 بقرة تقع على بعد 13 كيلومترا من بيرزامبيه، عندما تعرضت للهجوم من قبل ميليشيا "مكافحة بالاكا" يوم 6 سبتمبر / أيلول، وكان يمتلك المهاجمون كلا من التسليح الخفيف لمقاتلي "مكافحة بالاكا"، وذوي التسليح الجيد من المنشقين من الجيش. [38] أطلق المهاجمون النار على زوجها، أبو بكر بوبا، وزوجته الثانية آداما يحيى، وشهدت مقتل ثلاثة أطفال، عمر وزيتونة وجامبريلا، وخمسة أطفال أبناء الزوجة الثانية لزوجها عباسي، وآيساتو، وفادي، ورحمة، وآدامور. [39] أصيبت هي نفسها بطلق ناري في مؤخرة رأسها، وفقدت الوعي أثناء الهجوم. ووجدها مالك الماشية وهي بالكاد على قيد الحياة، بعد مرور أكثر من أسبوع، وسط الأشلاء المتحللة لعائلتها، وأتى بها إلى بوسانغوا لتلقي العلاج الطبي. [40] وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن ميليشيا مكافحة بالاكا قتلت من ستة إلى تسعة من الحراس رعاة مبورورو، وسرقوا 747 رأس ماشية في مخيم مجاور للماشية، التي ترجع ملكيته لشقيقه محمد نزال، وقال آسفا إن كافة الـ500 رأس ماشية الخاصة به قد سُرقت. [41]  

سمع النور آديم، البالغ من العمر 52 عاما، وهو رجل أعمال ثري مسلم، عن الهجمات على المخيمات، وطلب من متمردي "سيليكا المنحلة" أن يرافقوه إلى مخيمات ماشيته بالقرب من بيرزامبيه للتحقق من الأمر. وعلى الطريق، تم نصب كمين للقافلة من قبل "مكافحة بالاكا"، وقد قتل في هذا الهجوم النور آديم واثنين من أصل سبعة مقاتلين من متمردي "سيليكا المنحلة المرافقين له. [42] عندما تمكن شقيق آديم الصغير أخيرا من الوصول إلى موقع المخيم بعد ما يقرب من شهر، قال إنه عثر على بقايا هياكل عظمية لجميع أفراد الأسرة الـ12 من رعاة مبورورو: خمسة لرعاة مبورورو بالغين، وأطفالهم السبعة، الذين كانوا يحرسون المخيم. ووجد جميع رؤوس الماشية الـ407 مفقودة. [43]  

كانت امرأة من رعاة مبورورو، تبلغ من العمر 32 عاما، مع 10 آخرين من رعاة مبورورو في مخيم للماشية تابع لرجل الأعمال المسلم، جارالنيه، الذي فقد زوجته وشقيق زوجته خلال هجوم لمكافحة بالاكا في 5 ديسمبر / كانون الأول في بوسانغوا (انظر أعلاه). كانت في طريق عودتها لمخيم الماشية في حوالي الساعة الرابعة مساء، في 6 سبتمبر / أيلولعندما تعرض المخيم لهجوم من مجموعة كبيرة من مقاتلي "مكافحة بالاكا". "كانت أعداد مكافحة بالاكا كبيرة، وكأنها قرية بأكملها منهم". [44]   وقالت لـ هيومن رايتس ووتش إن مقاتلي مكافحة بالاكا فاجئوا واعتقلوا جميع رعاة مبورورو الـ11 الموجودين في المخيم، شرعوا في فصل الرجال عن النساء، قبل أن يقوموا بقتل الرجال: 

وضعونا على الأرض، ثم قالوا إنهم سيقتلون الذكور فقط، وطلبوا منا أن ننزع أحذيتنا. كان هناك الكثير منهم ] مكافحة بالاكا [ ، ثم طرحوا أربعة ذكور أرضا وقطعوا رقابهم في مواجهتنا. كان واحدا منهم زوجي، يايا دوكا، وكان الآخرين مجرد أطفال: بوبا كيريو، 14 عاما، وثيرو كيريو، 10 أعوام، وخاليدو نجادجو، 3 أعوام. قطعوا رقاب الأطفال أيضاً. ضربوا ابنتي حبيبة، 3 أعوام، على رأسها بمنجل، وقطعوا ظهرها بالسكاكين – كانت بين يدي والدها فظنوها صبيا. [45]  

أكدت امرأة، تدعى هالاليدو ناداجو، من رعاة مبورورو في الأربعينيات من عمرها، وهي أم لصبي يبلغ من العمر 3 أعوام تم قتله في الهجوم، تفاصيل الحادث في مقابلة منفصلة مع هيومن رايتس ووتش. وقالت لـ هيومن رايتس ووتش:

كان هناك الكثير من المهاجمين. كانت معهم بنادق كلاشينكوف، وكذلك مناجل وبنادق يدوية الصنع. كان بعضهم يرتدي الزي العسكري، وقاموا بمحاصرتي أنا وطفلي. قاموا بقتل ابني وثلاثة أخرين، كان لديهم أربعة من الأسرى، وأعدموهم واحدا تلو الآخر، بجانب النهر. قالوا إن المسلمين هم من عزلوا بوزيزي، لذا فسوف يعاني المسلمون ويهلكون.. لقد قتلوا طفلي أمامي.

 

ثم جاء الليل، وقال بعضهم إنهم لن يقتلوا النساء، وسمحوا لنا بالذهاب. واتجهنا للاختباء في الأدغال، ولكن بعد ذلك وقف خلاف، وقال بعضهم إنهم سيضطرون إلى قتلنا بدورنا؛ لذلك جاؤوا للبحث عنا، ولكننا ظللنا مختبئين، أنا وشقيقتي. [46]  

كان قورسي محمد، التاجر المسلم، البالغ من العمر 46 عاما، مع 156 من الماشية الخاصة به في مخيم بالقرب من زيري، جنبا إلى جنب مع رعاة الماشية مبورورو، في يوم 7 سبتمبر / أيلول، وهاجم مقاتلو مكافحة بالاكا المخيم، وقتلوا قورسي رمياً بالرصاص ومعه راعي ماشية مبورورو وسرقوا الماشية. في اليوم التالي، وجدت قوات سيليكا المنحلة والتجار المسلمون الجثتين. [47] ووفقا للمالك، تم نهب مخيم الماشية المجاور الموجود به 176 رأس ماشية في الوقت ذاته، وتم إطلاق النار على رعاة مبورورو هناك أيضاً. [48]  

وجدت هيومن رايتس ووتش العديد من الحالات المشابهة في مخيمات الماشية المملوكة للمسلمين في جميع أنحاء بوسانغوا، التي تمت مهاجمتها من قبل عناصر مكافحة بالاكا، في سبتمبر / أيلول 2013، بما في ذلك حالات إضافية حيث تعرض رعاة مبورورو في مخيمات للقتل. أعد رجال الأعمال المسلمون في بوسانغوا قائمة بـ21 مخيم ماشية مملوك لمسلمين تمت مداهمته، وتم حصر ما يقرب من 5 آلاف رأس ماشية تم نهبها؛ ما عرض مُجتمع الرُحّل إلى  خسائر مالية واجتماعية وحضارية ضخمة. [49]


III . انتهاكات متمردو سيليكا المنحلة بحق المسيحيين

الهجمات التي وقعت في سبتمبر/أيلول من قبل ميليشيا "مكافحة بالاكا" على جماعة متمردي سيليكا المنحلة في بلدة بوسانغوا، أسفرت عن خسائر كبيرة لحقت بمتمردي سيليكا. اجتاحت العديد من قوات مكافحة بالاكا عدة نقاط ومراكز صغيرة في مناطق مثل أوهم ـ باك، وزيري، وبوالي، وبير زامبي. نتيجة لذلك انسحب مقاتلو سيليكا من معظم أنحاء الريف حول بوسانغوا وركزوا بقية المقاتلين في المركز السكاني في بوسانغوا.  

في أعقاب هذه الانتكاسات، ردت قوات سيليكا المنحلة بهجمات قاتلة على القرى التي وقعت فيها الهجمات وأحرقوا بعض القرى. حاولت قوات مكافحة بالاكا حماية التجمعات السكانية للمسيحيين وميليشياتها من أعمال مقاتلي سيليكا الانتقامية. على سبيل المثال، دمرت قوات مكافحة بالاكا الجسور على الطرق في أنحاء بوسانغوا، مانعة تماما حركة قوات سيليكا هناك.

واصلت قوات سيليكا المنحلة بث الذعر في بعض المناطق عن طريق تنفيذ هجمات مفاجئة تستهدف مجموعات صغيرة من المسيحيين. هناك 40 ألف مسيحي فروا من الريف وسعوا إلى الأمان النسبي في الكنيسة الكاثوليكية في بوسانغوا، حيث يعيشون في ملاجئ مزدحمة وضيقة. لكن أي ارتحال خارج المخيم لأجزاء أخرى من المدينة أو إلى حقولهم، محفوف بالخطر، خاصة بالنسبة للرجال.

الهجمات التي شنت ضد المسيحين في بوسانغوا جرت مع إفلات كامل من العقاب، وفي بعض الحالات شهدت المشاركة المباشرة مع أرفع الرتب في قوات سيليكا المنحلة. في 18 نوفمبر/تشرين الثاني، حوالي الخامسة مساءً، احتجزت قوات سيليكا سبعة مزارعين مسيحيين بالقرب من مطار بوسانغوا وهم عائدون من العمل في حقولهم. تم تقييد الرجال وتقديمهم إلى معسكر اللواء يايا، قائد قوات سيليكا المنحلة في بوسانغوا. [50] وفقا لأحد الناجين، فإن الرجال الذين تم ربطهم مثلوا أمام اللواء يايا، والعقيد صالح نائبه آنذاك، بالإضافة إلى نحو 12 قائدا آخرين، وتم عرضهم وقتئذ بصفتهم مقاتلين أسرى من ميليشيا "مكافحة بالاكا". أمر نائب القائد العقيد صالح، في حضور اللواء يايا، رجاله بـ "رميهم في النهر" [51] . قُتل القائد يايا خلال الاقتتال الدائر يوم 5 ديسمبر/كانون الأول في بانغي، وأصبح نائبه السابق العقيد صالح هو قائد متمردو سيليكا في بوسانغوا.

قال أحد الناجين لـ هيومن رايتس ووتش:

في الثالثة صباحا جاؤوا في عربة. قيدونا بإحكام شديد وألقوا بنا في العربة، ووضعوا غطاء بلاستيكي فوقنا، واقتادونا إلى قاعدتهم الرئيسية، المجاورة لمجمع اليونسيف. عرضونا على العقيد صالح الذي جاء ليرانا. صرح لهم بأن يأخذوننا للنهر لقتلنا. كانوا يتكلمون مع بعضهم بالعربية، التي أفهم منها القليل. كان اللواء يايا هناك أيضا، مع العقيد صالح.... استغرق الاجتماع لتقرير مصيرنا نحو 25 دقيقة. كان النور قد بدأ يتكشف، لذا كانوا في عجلة من أمرنا [52] .

اقتاد مقاتلو سيليكا الرجال موثقين إلى نهر أوهم ورموا اثنين منهم قريبا من محطة الراديو، ولكنهما تمكنا من تحرير أنفسهما والسباحة إلى البر بعد أن غادر مقاتلو سيليكا. تم نقل الرجال الخمسة الآخرين الموثقين بالعربة إلى الجسر الرئيسي فوق نهر أوهم، وتم إلقاءهم في تيار النهر المتدفق.

قال أحد الناجين لـ هيومن رايتس ووتش:

اقتادونا إلى جسر أعلى نهر أوهم. أخذوا ثلاثة منا وبدأوا في ضربهم. ثم ربطوهم ببعضهم، وضربوهم بعنف على الأرضية الأسمنتية قبل رميهم في النهر. ثم أخذوا الشخص الرابع؛ ضربوه إلى أن نزف من أذنيه وأنفه. كانوا منشغلين في توثيقه حين تحرك قليلا، ولذا أدركوا أنه كان لا يزال واعيا بحيث لا يمكن أن يغرق. رفعوه ورموه لأسفل على الأسمنت ليفقد وعيه. ثم ألقوا به في النهر.

كنت الشخص الخامس، آخر واحد فيهم. بدأوا في ضربي على رأسي وجسدي بأعقاب بنادقهم، كان وجهي مغطى بالدماء. ظنوا أنني فقدت الوعي. لم يكن لديهم مزيدا من الحبال، لذا قيدوني بملابسي الداخلية ورموني في النهر، في البداية ألقوا بي على الأرض الأسمنتية ثم دحرجوني إلى النهر. طفوت على السطح وتمكنت من رؤيتهم وهم يتابعونني ببنادقهم. غطست ثلاث مرات وانفك رباطي، ثم تمكنت من السباحة إلى الشاطئ. [53]

في 26 نوفمبر/تشرين الثاني، عثر عاملون في الإغاثة الإنسانية المحلية على جثث الرجال الأربعة مقيدين على ضفاف النهر. [54]

الهجمات داخل بوسانغوا

في 10 سبتمبر/أيلول، توجه دوناكين نداكوزو، مساعد سائق، إلى محطة أتوبيس بوسانغوا لحراسة سيارة صاحب عمله، والتي كانت متوقفة هناك. وفقا لزوجة نداكوزو، التي تحدثت إلى شهود عيان على الحادث، اقترب ثلاثة مقاتلين من متمردي سيليكا منه في المحطة وطلبوا منه إعطاءهم وقود من السيارة. أوضح نداكوزو لمقاتلي سيليكا أن العربة ليس بها وقود كاف، لكنهم هددوه بالقتل إن لم يمنحهم الوقود بأي طريقة. ثم أطلقوا النار ثلاث مرات عليه، ما أدى لقتله، ثم عادوا إلى قاعدتهم وقد تركوا جثته. [55]

في صباح يوم 14 سبتمبر/أيلول، كان نستا نجيبو، 38 عاما، جزار، في طريقه إلى سوق بوسانغوا مع اثنين مسلمين من مساعديه، حاملين لحوم بقرة مذبوحة للتو. على الطريق أوقفهم ثلاثة من مقاتلي سيليكا المنحلة، الذين اتهموا نجيبو بانتمائه لميليشيا مكافحة بالاكا. سمح مقاتلو سيليكا لمساعديه الاثنين بالهروب، لكن نجيبو اختفى وتعتقد زوجته وموظفوه أنه قتل على أيديهم. [56]

في 15 سبتمبر/أيلول، كانت إحدى سكان بوسانغوا، 35 عاما، تغسل ملابسها في نهر أوهم مع زوجها وطفلتها الرضيعة، حين اقترب خمسة من مقاتلي سيليكا منها. قالت لـ هيومن رايتس ووتش كيف أن مقاتلي سيليكا فتحوا النار عليهم، ليقتلوا زوجها بينما كان يحمل طفلته على يديه:

كنت مشغولة في غسل ملابسنا في النهر، وكان زوجي يحمل طفلنا. قال لي، "أسرعى، السيليكا قادمون!" كنا قد تأخرنا كثيرا بالفعل. أطلقوا أول رصاصة على ابنتي التي أصيبت في ذراعها، ثم أطلقت الثانية التي كانت قريبة جدا من رأسها. رفع زوجي ابنتنا فوق رأسه حتى يريهم أنه يحمل طفلة، ثم أطلقوا النار مجددا عليهما، فأصابوه في معدته.... تصنعت أنني ميتة. كانوا يريدون المجيء للتأكد من أنني قتلت، لكن اثنين من مقاتلي سيليكا قالوا إنه لا داع للعناء. اضطررت للبقاء على هذا النحو عدة ساعات، لأنهم كانوا فوقي مباشرة. كانت طفلتي الصغيرة تنزف بشدة وتبكي. أخيرا، خرجت، وسمحوا لي بأخذها إلى المستشفى. [57]

في 17 سبتمبر/أيلول، اندلعت اشتباكات داخل بوسانغوا بين قوات سيليكا وميليشيا مكافحة بالاكا، وكانت الاشتباكات مفاجئة للسكان ودفعت العديد منهم للمغادرة. خلال الاشتباكات، وقع إطلاق نار عشوائي في كثير من مناطق بوسانغوا، ما أسفر عن مقتل عدد غير معروف من السكان. وقال عدة أشخاص لـ هيومن رايتس ووتش إن مقاتلي سيليكا ردوا على هجوم ميليشيا مكافحة بالاكا في مواقع بوسانغوا عن طريق إطلاق النار على المدنيين.

في حي سيمبي المجاور، أطلق مقاتلو سيليكا النار بشكل عشوائي ما أسفر عن مقتل إستر كاندونا، 35 عاما، التي كانت حاملا في شهرها الثامن، وهي تعمل في حقلها مع زوجها. [58] قالت صهرة كاندونا لـ هيومن رايتس ووتش: "مقاتلو سيليكا كانوا يطلقون النار في جميع الاتجاهات، وقتلتها واحدة من الرصاصات (هي والجنين)". وأضافت "هربنا إلى مخيم الكنيسة في اليوم نفسه". [59]

إحدى سكان بوسانغوا، 23 عاما، كانت أيضا في حي سيمبي ، حين بدأت قوات سيليكا المنحلة في إطلاق النار. اختبأت داخل منزلها لفترة ثم هربت إلى مخيم الكنيسة. ظل شقيقها ألفونس موندوكا، 53 عاما، داخل المنزل، مختبئا تحت سريره. في صباح اليوم التالي، وجدت جوستين جسد ألفونس ميتا بطلق ناري في ظهره أمام منزله. [60]

أحد سكان بوسانغوا، 65 عاما، كان في منزله مع أحد أقاربه ويدعى جانوت في 17 سبتمبر/أيلول حين اندلعت النيران في حي تيبويير ببلدة بوسانغوا. اختبئا في الداخل لأكثر من يوم. قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه: "في نحو الخامسة مساء، حين بدأ المسلمون (قوات سيليكا المنحلة) في إطلاق النار، فررنا لنلتمس اللجوء في الكنيسة". [61] وهما يهربان، انفصل الاثنان عن بعضهما، وسمع إطلاق النار وراء ظهره. "لم يصل جانوت أبدا لمخيم الكنيسة. كان من الخطر جدا على الرجال العودة مجددا إلى الحي، لكن السيدات عُدن ووجدن جثته. طلبن من الصليب الأحمر وقوات الاتحاد الأفريقي دفن الجثة". [62]

في نحو 5 مساء يوم 17 سبتمبر/أيلول، حاول جيرمان نجايسونا، 37 عاما، وهو أب لسبعة أبناء، العودة من حقله خارج البلدة، ظنا منه أن إطلاق النار قد انتهى. وهو يعبر الجسر الرئيسي إلى بوسانغوا، طلب مقاتلو سيليكا منه ومن ثلاثة آخرين التوقف. بينما حاول الثلاثة الفرار، ألقى مقاتلو سيليكا القبض على نجايسونا على الجسر وقتلوه طعنا. [63] بحلول الليل، طعن خمسة رجال حتى الموت على أيدي قوات سيليكا على الجسر. في اليوم التالي، طفت جثث أربعة في نهر أوهم. استخرجت قوات الاتحاد الأفريقي، بطلب من زوجته، جثة نجايسونا. [64]

في 1 نوفمبر/تشرين الثاني، ذهب رجل مسيحي، 23 عاما، للبحث عن خنازيره المفقودة بالقرب من مدرسة بوسانغوا، حيث يسكن المسلمون النازحون. عند المدرسة، بدأت سيدة مسلمة في الصراخ في وجهه، ثم طلبت من مقاتلي سيليكا عند نقطة التفتيش المجاورة قتله، قائلة إن والديه من ميليشيا مكافحة بالاكا. بدأ مقاتلو سيليكا في ضربه بأعقاب البنادق، ثم أحضروا سكينا لقطع عنقه. تمكن من تحرير نفسه، وأثناء فراره أفلت من الرصاص الذي أطلق عليه من قبل مقاتلي سيليكا. وقع الحادث بأكمله في وضح النهار، على بعد 100 متر فقط من فريق من الصحفيين الأجانب المقيمين في دار الضيافة الرئيسية التابع للأمم المتحدة والعاملين في الإغاثة الإنسانية في بوسانغوا [65] .

في 24 أكتوبر/تشرين الأول، كان تيري ديموكوساي، 40 عاما، يعمل مع جيرانه في حقلهم في بلدة بالي المجاورة لبوسانغوا. روت زوجته، 30 عاما، لـ هيومن رايتس ووتش ما حدث عندما جاء مقاتلو سيليكا إلى المنطقة في نحو الثالثة مساء:

جاء مقاتلو سيليكا مترجلين، كانوا أربعة. اختبأوا في الأدغال ثم فتحوا النار علينا. كنا ستة في الحقل، وقتل ثلاثة منا: زوجي، واثنين من الجيران. لم يقع شجار أو أي شيء. فقط جاؤوا من الأدغال حيث كانوا مختبئين وفتحوا النار علينا دون سابق إنذار. قتل زوجي بطلق في رأسه من الخلف، واخترقت الرصاصة وجهه ودمرته بالكامل. [66]

السيدة، التي كانت حاملا وقت مقتل زوجها، أنجبت طفلا في اليوم التالي. [67]

في نحو العاشرة من صباح 8 أكتوبر/تشرين الأول، قامت مجموعة من مقاتلي سيليكا بتفتيش البيوت في منطقة بونجيلي لتقتل وتحرق ما تجده في طريقها. قالت إحدى سكان منطقة بونجيلي، 25 عاما، لـ هيومن رايتس ووتش أنه عندما اقتربت قوات سيليكا من منزلها، حاول زوجها ألفريد فينجيرو، 32 عاما، الاختباء تحت سريره، بينما فرت خارج المنزل. وهي مختبئة على القرب من المنزل، شاهدت كيف قتله مقاتلو سيليكا:

جاء ثلاثة من مقاتلي سيليكا داخل المنزل، وجريت إلى الأدغال بينما بقي زوجي في المنزل. قتلوه بسكاكين ثم أحرقوا المنزل، رأيت ذلك بعيني، وكان بمقدوري سماع صراخ زوجي بالداخل.

قتل اثنان آخران من بونجيلي بنفس الطريقة، وفقا لأقوالها:

قتل ثلاثة رجال في ذلك الصباح في بونجيلي. كانت هذه هي المرة الأولى التي يأتي فيها مقاتلو سيليكا للمنطقة، وقد جاؤوا للقتل. لا أعرف لماذا لم تتواجد ميليشيا مكافحة بالاكا في منطقتنا.

عادت في اليوم التالي إلى بونجيلي ووجدت جثة زوجها بداخل المنزل المحترق، وقد أصيب بطعنات في المعدة والظهر والعنق. [68]  

الهجمات خارج بوسانغوا

في أواخر سبتمبر/أيلول أو بداية أكتوبر/تشرين الأول، وصل مقاتلو سيليكا إلى بلدة بوغونا، على بعد 18 كليو متراً شمال شرقي بوسانغوا. [69] بمجرد وصولهم، في حوالي الثالثة عصراً، أطلقوا النار في الهواء لإجبار الفلاحين على الفرار، ثم بدأوا في إحراق منازل القرية. [70] حين عاد الفلاحون بعد الهجوم، عثروا على جثة ليون أوديدان، 64 عاما، أمام منزله مصابا بطلق ناري في ظهره. [71]

في 22 أكتوبر/تشرين الأول، كان فلانتين نامبوبونا، 46 عاما، كبير قرية تامكورو، يعمل في حقله مع زوجتيه. في نحو 11 صباحا، تحركت مجموعة من رعاة البقر المسلمين المسلحين بأبقارهم في الحقل. هربت زوجتاه، لكن نامبوبونا حاول أخذ دراجته. سمعت الزوجتان ثلاث رصاصات من المكان الذي اختبأتا فيه، وعندما عادتا إلى الحقل بعد ساعات قليلة، وجدتا جثة نامبوبونا مضروبة بطلق ناري في الرأس. نتيجة لمقتل كبير القرية، فر الجميع من منازلهم خوفا من مزيد من الهجمات. [72]

في 10 أكتوبر/تشرين الأول، توجهت أربع عربات تابعة لمقاتلي سيليكا من بوسانغوا إلى أوهم باك، حيث تمت مهاجمة قاعدة مقاتلي سيليكا بالإضافة إلى السكان المحليين المسلمين وذلك في بدايات سبتمبر/أيلول (انظر أعلاه). وهم يقودون السيارات في طريقهم نحو أوهم باك، أطلق مقاتلو سيليكا النار مرارا على المدنيين الفارين بامتداد الطريق في قرية ويكامو، قتل مهاجمو سيليكا بالرصاص صموئيل دينامجورا، 12 عاما، وثلاثة قرويين آخرين. [73] عقب أن فر القرويون من ويكامو، ترجل مقاتلو سيليكا عن عرباتهم ونهبوا المستشفى المحلي والمدرسة، أفرغوا كلا المبنيين. ثم شرعوا في إحراق قرية ويكامو من الداخل بأكملها. [74]

وهم ينتقلون إلى أوهم باك، مر مقاتلو سيليكا على منزل نيكول فارانجاندا، 34 عاما، التي كانت قد أنجبت طفلة قبل يوم واحد. كانت منهكة من الولادة، وبطيئة في فرارها من مقاتلي سيليكا. أطلقوا عليها الرصاص لتسقط قتيلة فور خروجها من منزلها. [75]

حين وصل مقاتلو سيليكا إلى أوهم باك، نزلوا بسرعة من عرباتهم وحاولوا محاصرة أكبر قدر ممكن من السكان بأسرع وقت ممكن، قبل قتلهم. [76] قتل جين ماري سيندامانو، 50 عاما، أمام زوجته، فيلومين، قبل إطلاق النار عليها بعده. [77] قتلت مارسيليان جاندابوي، 35 عاما، بالرصاص وهي تسعى للهرب مع طفلها المربوط في ظهرها. [78] وقتلت هيلار ريدبونا، 55 عاما، بالرصاص في منزلها. [79] لم يتمكن جيرفاس بيرونفي، 28 عاما، من الفرار بسبب فقدانه إحدى ساقيه في حادث؛ قتل بالرصاص أيضا. [80] جاستون سابوجاي، 22 عاما، كان كفيفا وحاول الاختباء في الحشائش العالية بجوار كوخه؛ وجده مقاتلو سيليكا، وأخرجوه، وأعدموه. [81] أعدمت قوات سيليكا أيضا أليس جانداكو، 60 عاما، زوجة عمدة أوهم باك، أمام منزلها. [82] قتلت ماري كونامينا، 50 عاما، وشاب يدعى باستور، 28 عاما، أثناء فرارهما. غرق طفلان وشخص بالغ في نهر أوهم أثناء فرارهم مذعورين من المهاجمين: مارسيل ريدابون، 8 سنوات، ديان فاكون، عامين، ووالد ديان أرماند فاكون، 38 عاما، الذي قفز في النهر وهو يحاول إنقاذ حياته. [83]

قال فلاحون من أوهم باك إن مقاتلي سيليكا الذين هاجموهم في 10 أكتوبر/تشرين الأول رافقهم ثلاثة تجار مسلمين على الأقل من أوهم باك، حيث حددوهم بالاسم لـ هيومن رايتس ووتش. وأشار التجار إلى مقاتلي سيليكا أي منازل ستحرق، مستخدمين معرفتهم العميقة بالقرية. [84] أحرق مقاتلو سيليكا 35 منزلا في أوهم باك، قبل وصول مجموعة أخرى من مقاتلي سيليكا من بوزوم ووأقنعوا الجماعة المنتمية لبوسانغوا بالانسحاب جزئيا. [85]


IV . كارثة إنسانية: "نعيش ونموت كما الحيوانات"

 

أزمة التشريد

أسفرت انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها مقاتلو جماعة سيليكا المنحلة وميليشيات مكافحة بالاكا في شمال جمهورية أفريقيا الوسطى عن دمار موسع والتشريد في المنطقة، ما تسبب في وقوع كارثة إنسانية. اضطر نحو 450 ألف شخص للفرار من منازلهم بسبب العنف، بينهم 170 ألف شخص في مقاطعة أوهم باك وحدها. [86]

من بين هؤلاء المشردين من مقاطعة أوهم، التمس نحو 40 ألف مسيحي اللجوء حول الكنيسة الكاثوليكية في مخيمات مزدحمة في بوسانغوا، بينما لجأ نحو أربعة آلاف نازح مسلم في الجانب الآخر من بوسانغوا في مدرسة ليبرتيه والمباني الحكومية القريبة.

أزمة التشريد هي نتيجة مباشرة لانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في المقام الأول من قبل مقاتلي سيليكا. كانت طريقة عملها في مهاجمة القرى هي وصول بعربات دفع رباعي بسرعة، على الفور تبدأ في إطلاق النار على السكان الهاربين، ثم تحدد قرى لتحرقها بأكملها. معظم القرى في جمهورية أفريقيا الوسطى قريبة جدا من الطرق الرئيسية، ما يجعلها عرضة لمثل هذه الهجمات المفاجأة بسهولة، وهو تكتيك كان يستخدم من قبل الحرس الرئاسي للرئيس السابق بوزيزي خلال عمليات مكافحة التمرد. [87]

هجمات الحرق العمدي من قبل مقاتلي سيليكا أسفرت عن حرق عدد لا يحصى من القرى والبلدات في شمال جمهورية أفريقيا الوسطى، خاصة في مقاطعتي أوهم وأوهم بند. عبر الزيارات الميدانية وتحليل صور الأقمار الصناعية، وثقت هيومن رايتس ووتش هجمات حرق متعمدة على امتداد شاسع من القرى المتضررة من النزاع في الأقليم، ما يوضح منهجية الهجمات ونطاقها الواسع. [88]

الأزمة الصحية

التمس عشرات الآلاف من المشردين اللجوء في مراكز ذات كثافة سكانية عالية، مثل بوسانغوا، حيث تتواجد بعض المراكز الطبية البدائية، بالإضافة إلى مرافق صرف صحي وإمدادات المياه الصالحة للشرب التي تهدف لمنع تفشي الأمراض المعدية. حتى في مراكز الكثافة السكانية العالية تلك، لا تتوفر العديد من الاحتياجات الطبية. على سبيل المثال، وثقت هيومن رايتس ووتش حالات في المخيم الرئيسي في بوسانغوا للأشخاص المشردين داخليا في الكنيسة الكاثوليكية لفتيات مراهقات وضعن حملهن بلا مساعدة في الولادة، ما يعرض حياتهن وحياة أطفالهن للخطر.

تتكشف أزمة صحية أكبر خارج المراكز السكانية الرئيسية في جمهورية أفريقيا الوسطى، في المناطق الريفية حيث فر عشرات الآلاف من قراهم المحترقة أو المهجورة ويعيشون في مخيمات بدائية، في كثير من الأحيان قريبا من حقولهم في الريف. العديد من هؤلاء القرويين يعيشون بعيدا جدا عن المراكز المأهولة بالسكان بما يحول دون انتقالهم إليها، ويشعرون بعدم الأمان في المرور عبر نقاط التفتيش التابعة لمقاتلي جماعة سيليكا المنحلة، أو يفضلون البقاء قريبا من حقولهم حيث يتوافر الطعام.

 وجدت هيومن رايتس ووتش أنه في سبتمبر/أيلول، نهبت قوات سيليكا المتمركزة في بوسانغوا ودمرت بشكل منهجي مراكز طبية وصيدليات مهمة للغاية في المراكز السكانية الثانوية حول بوسانغوا، خاصة في ندجو، وأوهم باك، وزيري. هذه المراكز الطبية والصيدليات تقع في المراكز التجارية الرئيسية، والتي تخدم القرى المحيطة بها، وبالتالي يؤثر النهب على الرعاية الصحية في المنطقة بأكملها.

في بلدة ندجو المهجورة المعروفة بتعدين وتسويق الذهب، طلبت هيومن رايتس ووتش من بعض المشردين اصطحاب فريق البحث إلى ملاجئهم في الأدغال. مشي الفريق نحو أربعة كيلومترات، عبورا بالنهر، للوصول إلى المنطقة التي التمس فيها نحو 14000 لاجئ المأوى في ملاجئ بدائية صغيرة. أول شخص واجهنا كان رفائيل نيوان، 55 عاما، عمدة قرية ندجو، الذي أوضح لـ هيومن رايتس ووتش مكان قبور اثنين من أحفاده، كما قال، والذين توفيا بسبب الملاريا منذ أسبوع واحد فقط: فردينان نيوان، 9 شهور، وأورلي نيوان، 6 أشهر. [89]

التقت هيومن رايتس ووتش أيضا بممرض من المركز الطبي في ندجو، 32 عاما، الذي فقد لتوه شقيقته دلفين ياميني، 37 عاما، بسبب الملاريا. أطلع هيومن رايتس ووتش على حقيبته الطبية ـ وتحتوي على ضمادة واحدة، وبعض الأدوات الطبية التي تمكن من إنقاذها من العيادة التي تم تدميرها. قال لـ هيومن رايتس ووتش: 

توفيت أختي من 48 ساعة فقط. كانت مصابة بعدوى الملاريا، وفقر في الدم. لم يكن ثمة شيء باستطاعتي فعله. نحن نعيش ونموت هنا مثل الحيوانات. القدرة على التمريض تعتمد على قدرتنا على الوصول إلى الأدوية... المشكلة الأكبر هي الملاريا. لدينا خمسة أو ستة متوفين أسبوعيا في هذه المنطقة. جاءت أم مريضة بالملاريا منذ بضع دقائق قبل وصولك، واضطررت لإبعادها.

كل هؤلاء الناس يموتون في الأدغال بسبب مشاكل صحية، والتي بدأت عقب استيلاء مقاتلو سيليكا على العيادة والصيدلية في 16 سبتمبر/أيلول. جاءوا في أربع عربات. سمعنا إطلاق رصاصهم وهربنا إلى الأدغال. في يوم 17 من الشهر ذاته، ذهبنا مع عمدة القرية لمعرفة حجم الدمار. وجدنا صبيا واحدا، سيلاس ديوان، 14 عاما، مقتول رميا بالرصاص. لم يبق شيئا في عيادتنا. استولوا على كل شيء ـ أخذوا حتى المراتب، لكن الخسارة الأكبر بالنسبة لنا كانت الأدوية التي نهبت. قبل ذلك اليوم، كان لدي دواء كافيا لمعالجة الناس. [90]

 

أزمة التعليم

مدون على معظم السبورات في المدارس المهجورة التي زارتها هيومن رايتس ووتش في أكتوبر/تشرين الأول 2013 حول بوسانغوا، تاريخ آخر درس تلقاه التلاميذ وهو غالبا في مارس/آذار ـ الشهر الذي استولت فيه قوات سيليكا على السلطة في بانغي. منذ مارس/آذار 2013، أصبح تقريباً كل السكان في سن الدراسة خارج المدارس. على المستوى الوطني، أكثر من 70 في المائة من الصبية في عمر الدراسة  ـ على الأقل 450 ألف طفل ـ أصبحوا حالياً خارج المدارس، وهي أزمة تعليمية هائلة. [91]   حتى في مراكز التكدس السكاني، مثل بوسانغوا، وجدت هيومن رايتس ووتش أن المدارس لا تعمل، وغالبا يشغلها الأشخاص المشردون الذين يلتمسون مأوي. مدرسة ليبرتي في بوسانغوا، على سبيل المثال، تأوى حاليا نحو 4 آلاف نازح مسلم في فصولها الدراسية.

بينما أغلقت العديد من المدارس لأن القرى التي تقع فيها المدارس قد أحرقت أو هُجرت نتيجة للاقتتال، وجدت هيومن رايتس ووتش أن مدارس ندجو، وزيري، وأوهم باك، قد نهبت بشكل ممنهج من كتبها وغيرها من اللوازم الأساسية من قبل قوات سيليكا المنحلة. ووجد التقرير المشترك الصادر عن وكالات الأمم المتحدة حول جمهورية أفريقيا الوسطى، الصادر في سبتمبر/أيلول 2013، أنه على الصعيد الوطني فإن 64 في المائة من المدارس تعرضت للنهب على نطاق واسع (من قبل جماعات ومدنيين مسلحين)، وهي النسبة التي ارتفعت لأكثر من 90 بالمائة في اثنين من المقاطعات الخاضعة للتقييم. [92] من بين العناصر التي تم نهبها أو تدميرها هي أسطح المدارس المعدنية، والكتب المدرسية، والمقاعد، وأدوات المقاصف، والسجلات الرسمية للمدارس. [93]


V . شكر وتنويه

 

كتب هذا التقرير بيتر بوكارت مدير قسم الطوارئ في هيومن رايتس ووتش، بناء على بحوث أجراها أثناء بعثتين: في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، برفقة فيليب بولوبيون، مدير الالأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش، ثم بعثة ثالثة في مطلع ديسمبر/كانون الأول 2013. انضم إلى البعثتين البحثيتين المصور ماركوس بليسدال. وقام بتحليل صور القمر الصناعي لجمهورية أفريقيا الوسطى جوش ليونز، محلل صور القمر الصناعي في قسم الطوارئ.

راجعت التقرير رونا بليغال نائبة مدير قسم أفريقيا، وراجعه أيضاً كل من فيليب بولوبيون، ولويس مدج، باحث في قسم أفريقيا، وجان ماري فاردو، مدير مكتب فرنسا، وبيد شيبرد نائب مدير قسم حقوق الطفل، ولايزل غيرنهولتز المديرة التنفيذية لقسم حقوق المرأة، وجيمس روس مدير الشؤون القانونية والسياسات وباباتوندى أولوغبوجي نائبة مدير قسم البرامج. ساعد في التحرير كل من كاتيا سالمي، الباحثة في قسم أفريقيا وجويس بوكورو المنسقة في قسم أفريقيا.

أعد التقرير للنشر كل من غريس تشوي مديرة المطبوعات، وفيرونيكا ماتوشاج مديرة الوثائقيات والصور، وآيفي شين منسقة إنتاج المالتي ميديا وفيتزروي هوبكنز المدير الإداري.

تتقدم هيومن رايتس ووتش بالشكر للعديد من الضحايا والشهود وآخرين، عرضوا تجاربهم الشخصية وأدلة ومعلومات استفاد منها هذا التقرير.



[1]  كلمة سيليكا تعني "تحالف" في لغة السانغو، وهي اللغة الوطنية لجمهورية أفريقيا الوسطى.

[2]  انظر هيومن رايتس ووتش:

Human Rights Watch “I Can Still Smell the Dead”: The Forgotten Human Rights Crisis in the Central African Republic.”

[3]  انظر هيومن رايتس ووتش:

“Central African Republic: Horrific Abuses by New Rulers. Ex-Rebel Coalition Should Restore Security, Provide Aid,” Human Rights Watch http://www.hrw.org/news/2013/09/18/central-african-republic-horrific-abuses-new-rulers

يطلق السيليكا على أنفسهم حالياً اسم "سيليكا المنحلة"، وهو المسمى المستخدم بهذه الجماعة في التقرير.

[4]  هيومن رايتس ووتش:

Human Rights Watch, “I Can Still Smell the Dead”: The Forgotten Human Rights Crisis in the Central African Republic (September 2013).

[5]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إريك زالو، عضو اللجنة التنفيذية في ميليشيا مكافحة بالاكا في ويكامو، 2 نوفمبر / تشرين الثاني، 2013.

[6]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إريك زالو، عضو اللجنة التنفيذية في ميليشيات "مكافحة بالاكا" في ويكامو، ويكامو، 2 نوفمبر / تشرين الثاني 2013.

[7] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إمام زكريا ميكائيل، إمام زيري، بوسانغوا، 2 نوفمبر / تشرين الثاني 2013 (زعم أن 57 مسلما تم قتلهم في الهجوم). مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حامد عمر، رئيس بلدية الحي الخاص بالمسلمين في البلدة، بوسانغوا، 31 أكتوبر / تشرين الأول 2013 (زعم أن 56 مسلما تم قتلهم في الهجوم. بالنسبة لـ مبورورو، طالع هيومن رايتس ووتش : "لا زلت استطيع شم رائحة الموت": أزمة حقوق الإنسان المنسية في جمهورية أفريقيا الوسطى (سبتمبر / أيلول) 2013، ص 34. أو للاطلاع على خلفية أنثروبولوجية لمجتمع مبورورو، طالع فيليب بورنهام: 

Philip Burnham, The Politics of Cultural Difference in Northern Cameroon (Edinburg: Edinburg University Press, 1996).

[8] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الإمام زكريا ميكائيل، إمام زيري، بوسانغوا، 2 نوفمبر / تشرين الثاني 2013. .

[9]  السابق .

[10] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إمام زكريا ميكائيل، إمام زيري، بوسانغوا، 2 نوفمبر / تشرين الثاني 2013، ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع حامد عمر، رئيس بلدية الحي الخاص بالمسلمين في زيري، بوسانغوا، 31 أكتوبر / تشرين الأول 2013.

[11] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الإمام زكريا ميكائيل، إمام زيري، بوسانغوا، 2 نوفمبر / تشرين الثاني 2013.

[12] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان قرية زيري، بوسانغوا، 1 نوفمبر / تشرين الثاني 2013 .

[13] السابق .

[14] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الإمام زكريا ميكائيل، إمام زيري، بوسانغوا، 2 نوفمبر / تشرين الثاني 2013، ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع حامد عمر، رئيس بلدية الحي الخاص بالمسلمين في زيري، بوسانغوا، 31 أكتوبر / تشرين الأول 2013.

[15] السابق .

[16] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ] تم حجب الاسم [ ، بوسانغوا، 1 نوفمبر / تشرين الثاني 2013.

[17] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان باندوروك، بوسانغوا، 1 نوفمبر / تشرين الثاني 2013.

[18]  السابق.

[19]  السابق.

[20] السابق، ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع ] تم حجب اسمه [ ، بوسانغوا، 1 نوفمبر / تشرين الثاني 2013.

[21] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان أوهم-باك، بوسانغوا، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

[22] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان بودورا، بوسانغوا، 3 نوفمبر / تشرين الثاني 2013.

[23] السابق.

[24] السابق.

[25]  السابق.

[26]  السابق. .

[27] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان فوتوفو، بوسانغوا، 3 نوفمبر / تشرين الثاني 2013. وتم التأكيد على شهادته للهجوم من قبل عدد من سكان فوتوفو أخرين، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات معهم، سكان فوتوفو، بوسانغوا، 3 نوفمبر / تشرين الثاني 2013.

[28]  السابق. .

[29] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان فوتوفو، بوسانغوا، 3 نوفمبر / تشرين الثاني 2013.

[30] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان فوتوفو، بوسانغوا، 3 نوفمبر / تشرين الثاني 2013.

[31]  يشتمل المفقودون الـ21 على 17 طفلا: زكريا بركة، 7 أعوام، وشايبو بوبا، 7 أعوام، وهاليدو بركة، 5 أعوام، وحامادو سييني، 8 أعوام، وموسى سييني، 5 أعوام، وعباسي بوبا، 13 عاما، وكالتومي دجيبو، 16 عاما، ودجولي بوبا، 10 أعوام، وسلمى بيلا، 17 عاما، ودجالا بوبا، 13 عاما، وفادي بوبا، 10 أعوام، وحواء سييني، 13 عاما، وشقيقتيها هامينا سييني 4 أعوام، وفاني سييني 8 أشهر، وفادي بركة 7 أعوام، وكالتوما بركة عامين، وآدي دجيبو 5 أعوام. ولا تزال في عداد المفقودين أيضا 4 سيدات بالغات: لادي سانكارا، 50 عاما، وابنتيها جويبا دجيبو، 25 عاما، ودجيدجا دجيبو، 20 عاما، ودجيدجيا بوبا، 30 عاما (زوجة آدم بوبا، الذي قتل بالرصاص).

[32] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان فوتوفو، بوسانغوا، 3 نوفمبر / تشرين الثاني 2013 .

[33] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عثمان أباكار، بوسانغوا، 5 ديسمبر / كانون الأول 2013. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مقيم في بورو، بوسانغوا، 6 ديسمبر / كانون الأول 2013.

[34]  السابق.

[35] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مقيم من بورو، بوسانغوا، 6 ديسمبر / كانون الأول 2013 .

[36]  السابق.

[37]  السابق. .

[38] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع خديجة عمر، بوسانغوا، 31 أكتوبر / تشرين الأول 2013، ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد داوود، بوسانغوا، 31 أكتوبر / تشرين الأول 2013.

[39] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ] تم حجب الاسم [ ، بوسانغوا، 31 أكتوبر / تشرين الأول 2013. تلك السيدة، التي لا تزال تتعافى من طلق ناري في الرأس، وكانت ضعيفة جدا، بحيث لا يمكن أن تذكرأعمار القتلى خلال مقابلة هيومن رايتس ووتش.

[40] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ] تم حجب الاسم [ ، بوسانغوا، 31 أكتوبر / تشرين الأول 2013.

[41]  السابق.

[42] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ] تم حجب الاسم [ ، بوسانغوا، 31 أكتوبر / تشرين الأول 2013 .

[43]  السابق. .

[44]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ] تم حجب الاسم [ ، بوسانغوا، 1 نوفمبر / تشرين الثاني 2013، ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع ] تم حجب الاسم [ ، بوسانغوا، 31 أكتوبر / تشرين الأول 2013 .

[45] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ] تم حجب الاسم [ ، بوسانغوا، 1 نوفمبر / تشرين الثاني 2013 .

[46] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ] تم حجب الاسم [ ، بوسانغوا، 2 نوفمبر / تشرين الثاني 2013 .

[47]  مقابلة هيومن رايتس ووتش مع [تم حجب الاسم]، بوسانغوا، 31 أكتوبر/تشرين الأول 2013. لم يعرف الشاهد اسم راعي الماشية من المبورورو الذي قُتل في الحادث.

[48] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ] تم حجب الاسم [ ، بوسانغوا، 31 أكتوبر / تشرين الأول 2013 .

[49]  قائمة قدمت إلى هيومن رايتس ووتش، 1 نوفمبر / تشرين الثاني 2013.

[50] قتل الجنرال يايا في 4 ديسمبر/كانون الأول خلال هجوم شنه قوات مكافحة بالاكا في بانغي.

[51] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع (تم حجب اسمه) 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

[52]   مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع أحد الناجين من الغرق (تم حجب اسمه)، 5 ديسمبر/كانون الأول 2013. هيومن رايتس ووتش أجرت مقابلات مستفيضة مع الناجين الثلاثة.

[53]  السابق.

[54]  السابق.

[55]  مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع (تم حجب اسمها)، بوسانغوا، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

[56]  مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع (تم حجب اسمها)، بوسانغوا، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

[57] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع (تم حجب اسمها)، بوسانغوا، 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2013

[58] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع (تم حجب اسمها)، بوسانغوا، 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2013. .

[59] السابق.

[60] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان حي سيمبي في بوسانغوا، 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

[61] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع أحدى سكان حي تيبوير، بوسانغوا، 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 .

[62]  السابق.

[63]  مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع (تم حجب الاسم)، بوسانغوا، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2013

[64]  السابق.

[65]  مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع (تم حجب الاسم)، بوسانغوا، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، ومقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع صحفي أجنبي شهد الحادث، بوسانغوا، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

[66]  مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع إحدى سكان حي بالي في بوسانغوا، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

[67]  السابق.

[68] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع إحدى سكان حي بونجيلي ببوسانغوا، بوسانغوا، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

[69] لم يذكر الشاهد تاريخ الهجوم بالضبط، ويقدر بأنه وقع منذ "ثلاثة أسابيع أو شهر" قبل إجراء المقابلة معها في 3 نوفمبر/تشرين الثاني. على كل حال، وفقا لبيانات الكشف عن الحرائق بالقمر الصناعي، فالعديد من القرى احترقت على نفس الطريق يوم 27 سبتمبر/أيلول، أكثر قليلا من شهر واحد قبل مقابلة شهود العيان مع هيومن رايتس ووتش.

[70]  مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان بونجونا، بوسانغوا، 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

[71]  السابق.

[72]  مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع إحدى سكان تامكورو، بوسانغوا، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

[73] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان ويكامو، 3 نوفمبر/تشرين الثاني، 2013.

[74] السابق؛ مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع إريك زالو، ويكامو، 3 نوفمبر/تشرين الثاني، 2013.

[75] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع إحدى سكان ويكامو (والدة الضحية نيكو فاراجندا)، ويكامو، 3 نوفمبر/تشرين الثاني، 2013.

[76] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع سكان أوهم باك، أوهم باك، 3 نوفمبر/تشرين الثاني، 2013.

[77] السابق.

[78] السابق.

[79] السابق.

[80] السابق.

[81] السابق.

[82] السابق.

[83] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان أوهم باك (والد الضحية مارسيل ريدانونا)، أوهم باك، 3 نوفمبر/تشرين الثاني، 2013.  

[84] السابق.

[85] السابق؛ كان مقاتلو سيليكا في بوزوم قد حضروا اجتماعا مع السكان المحليين القرويين في مكان ليس ببعيد عن أوهم باك أثناء الهجوم.

[86] وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، تم تشريد 394979 شخص داخليا بسبب الصراع اعتبارا من 30 سبتمبر/أيلول 2013، وفر 64717 لاجئ آخر من جمهورية أفريقيا الوسطى إلى بلدان مجاورة. انظر تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية، جمهورية أفريقيا الوسطى:

UN Office for the Coordination of Humanitarian Affairs (OCHA), Central African Republic: Situation Report No. 30 (as of 8 November 2013, available at https://car.humanitarianresponse.info/fr/system/files/documents/files/Situation%20Report%2030_EN.pdf

[87]  انظر تقرير هيومن رايتس ووتش:

Central African Republic “State of Anarchy Rebellion and Abuses against Civilians” September 2007, http://www.hrw.org/reports/2007/09/14/state-anarchy.

[88]   انظر:

Josh Lyons, “What a War Crime Looks Like From Space” Human Rights Watch dispatch, November 26, 2013, http://www.hrw.org/news/2013/11/26/dispatches-what-war-crime-looks-space.

[89]   مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش ما رافئيل، نيوان، ندجو، 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

[90] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد سكان ندجو، 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

[91] لتقييم أكثر تفصيلا، انظر:

UN Interagency Education Cluster, “A Step Back: The Impact of the Recent Crisis on Education in the Central African Republic,” September 2013, available at https://car.humanitarianresponse.info/fr/system/files/documents/files/EC%20CAR%20-%20Impact%20crisis%20on%20education%20-%20Evaluation%20Report%20EN.pdf.

التقييم تم قبل تجدد القتال في أوهم، وأوهم بند، وغيرها من المقاطعات، وبالتالي فإن العدد الفعلي للطلاب خارج المدارس في الوقت الراهن من المرجح أن يكون أعلى من 70 في مائة بتقدير تقرير التقييم.

[92]  انظر: “A Step Back” ص 20.

[93]  السابق.

الموضوع