"لم يبق أحدٌ"

الإعدامات الميدانية على يد القوات السورية في البيضا وبانياس

Maps

ملخص

في صباح 2 مايو/أيار 2013، اشتبكت قوات نظامية سورية ومليشيات موالية لها مع جماعة من مقاتلي المعارضة في بلدة البيضا، وهي بلدة يسكنها قرابة سبعة آلاف نسمة وتقع على مسافة 10 كيلومترات من مدينة بانياس الساحلية. اندلعت الاشتباكات حين حاولت قوات الأمن، مدفوعة على الأرجح بمعلومات حصلت عليها من ناشط محلي كانت قد احتجزته حديثاً، أن تداهم منازل يختبئ بها بعض المنشقين عن الجيش.

في نحو الواحدة ظهراً انسحب مقاتلو المعارضة المحليون وقامت القوات النظامية والقوات الموالية لها بدخول البلدة ، ومضت تفتش منازلها. وعلى مدار الساعات الثلاث التالية تكرر نمط مألوف في معظم أرجاء البيضا: اقتحمت القوات النظامية وتلك الموالية لها البيوت، وفصلت الرجال عن السيدات، وجمعت الرجال من كل حي في مكان واحد، وأعدمتهم بإطلاق النار عليهم من مدى قريب.

تمت بعض عمليات الإعدام داخل منازل الناس، ووقع بعضها الآخر أمام أحد المباني أو في الساحة الرئيسية للبلدة. تم الإبقاء على حياة عدد من السيدات والأطفال، لكن غيرهم لم ينج. وثقت هيومن رايتس ووتش إعدام ما لا يقل عن 23 سيدة و14 طفلاً، بينهم بعض الرضع. في حالات كثيرة كانت القوات الموالية للحكومة تحرق جثث من أردتهم بالرصاص. وفي حالة تتسم بوحشية بالغة، قامت قوات الأمن بتكديس ما لا يقل عن 25 جثة في أحد متاجر الهواتف الخلوية بساحة البلدة، وأشعلت فيها النيران، وهذا بحسب شهادات شهود وأدلة مستمدة من مقاطع فيديو راجعتها هيومن رايتس ووتش.

من خلال العمل مع الناجين ومع نشطاء محليين، تمكنت هيومن رايتس ووتش من تجميع قائمة تضم 167 اسماً لأشخاص قتلوا في ذلك اليوم (انظر الملحق 1). واستناداً إلى شهادات الشهود والأدلة المستمدة من مقاطع الفيديو التي تمت مراجعتها، تبين أن الأغلبية الساحقة من هؤلاء قد أعدموا ميدانيا بعد أن انتهت المواجهات العسكرية في البلدة ؛ مما يجعل من وقائع القتل في البيضا إحدى عمليات الإعدام الجماعي الأكثر دموية في النزاع السوري. وتشير الأدلة التي جمعتها هيومن رايتس ووتش إلى أن جميع الذين تم إعدامهم كانوا من المدنيين غير المقاتلين ولم يمثلوا تهديداً لقوات الأمن. بحسب اثنين من مقاتلي المعارضة شاركا في المواجهات في البيضا، كان مقاتلو المعارضة إما قد فروا إلى المناطق الزراعية المجاورة أو لقى بعضهم حتفه في المواجهات.

عند توثيق وقائع القتل في البيضا، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات شخصية مع أربعة ناجين شهدوا كيفية فصل أقاربهم عنهم على يد القوات النظامية وتلك الموالية لها، وعثروا عليهم موتى بالرصاص فيما بعد. كان الأربعة جميعاً قد فروا إلى بلدان مجاورة. كما أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع سبعة من السكان وأربعة من أوائل المتواجدين بمسرح الأحداث الذين اكتشفوا الجثث بعد انسحاب القوات الموالية للحكومة من البلدة في نحو الخامسة من مساء 2 مايو/أيار. تم تأكيد أكثر المعلومات التي حصلنا عليها من الشهود بمقاطع الفيديو التي صورها شهود آخرون، علاوة على مقاطع فيديو للقوات النظامية العاملة داخل البلدة يوم 2 مايو/أيار، والتي يرجح أن يكون قد صورها بعض أفراد القوات النظامية أو القوات الموالية لها، ونشرت لاحقاً على موقع يوتيوب.

وفق العديد من الشهود، ومقاطع فيديو لقنوات إعلامية مقربة من الحكومة السورية وكانت متواجدة على مقربة من البيضا أثناء القتال وفي أعقابه مباشرة، كان المغيرون على البيضا من أفراد الجيش النظامي وكذلك قوات الدفاع الوطني، وهي مجموعة شبه عسكرية نظمتها الحكومة السورية في توقيت أسبق من عام 2013. قام ثلاثة من السكان المحليين أيضاً بتوجيه اتهام إلى سكان مسلحين من قرى مجاورة مؤيدة للحكومة يقضي بمشاركتهم في وقائع القتل.

لم تكتف القوات النظامية وتلك الموالية لها بقتل السكان؛ بل أقدمت أيضاً على حرق ونهب بعض المنازل وتعمدت تخريب ممتلكات، وهذا بحسب العديد من الشهود ومقاطع الفيديو التي صورها أفراد القوات النظامية وتلك الموالية لها، والتي صورها سكان محليون وتظهر فيها منازل وسيارات مشتعلة. وفق الأدلة التي جمعتها هيومن رايتس ووتش، وقع أكثر النهب والحرق يوم 3 مايو/أيار، وهو اليوم التالي لعمليات القتل، حين عادت القوات الموالية للحكومة إلى البيضا.

في نفس يوم الاشتباكات في البيضا - 2 مايو/أيار - اندلع القتال في راس النبع القريبة، التي تعد إحدى ضواحي بانياس الواقعة على بعد نحو 10 كيلومترات من البيضا. وبحسب خمسة من السكان المحليين، قامت القوات النظامية بقصف الضاحية يوم 2 مايو/أيار واقتحمتها في اليوم التالي. وفي نمط شديد الشبه بوقائع البيضا، قال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن القوات النظامية أعدمت عدداً من السكان بعد اقتحام المنطقة، وأشعلت النيران في منازل بعينها.

تعرفت هيومن رايتس ووتش على 30 رجلاً و22 سيدة و29 طفلاً قتلوا في راس النبع يوم 3 مايو/أيار وفي الساعات الأولى من صباح 4 مايو/أيار. كما تعرفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وهي مجموعة رصد سورية، على 188 مدنياً، بينهم 54 طفلاً و43 سيدة، يُزعم أن القوات النظامية أو الموالية لها أعدمتهم ميدانيا في راس النبع في تلك الفترة. قال الشهود المحليون الخمسة جميعاً لـ هيومن رايتس ووتش إنهم شاهدوا، أو شاهدوا أدلة على، قيام القوات النظامية بإحراق منازل، وشاهدوا في بعض الحالات جثثاً محترقة في راس النبع.

تسببت وقائع القتل والنهب والحرق في البيضا وبانياس في تصعيد إضافي للتوترات الطائفية في سوريا. تسكن البيضا أغلبية مسلمة سنية مع أقلية مسيحية صغيرة. وبإضافتها إلى أحياء معينة في بانياس، على رأسها راس النبع، تعد المنطقة جيباً سنياً معارضاً للحكومة في قلب محافظة طرطوس الموالية للحكومة في معظمها والتي يقطنها عدد كبير من العلويين. بحسب شهود محليين، لم تقتل القوات النظامية وتلك الموالية لها سوى السنة ولم تحرق سوى بيوتهم. قال اثنان من سكان البيضا المسيحيين لـ هيومن رايتس ووتش إن القوات الموالية للحكومة لم ترتكب أية جرائم قتل أو نهب في الجزء الذي يسكنونه من البلدة. دفعت الهجمات معظم سكان البيضا وراس النبع في بانياس من السنة إلى الفرار عقب الاعتداء، وبعضهم الآن من النازحين في مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال سوريا، بينما لاذ بعضهم الآخر ببلدان مجاورة. قالت إحدى الناجين، وهي تعيش الآن في تركيا، لـ هيومن رايتس ووتش إنها لا تتخيل العودة إلى البيضا مطلقاً: "لقد فقدت كل شيء. زوجي واثنين من أطفالي. منزلي. لم يبق أحدٌ".

يوحي نطاق القتل وإحراق المنازل والممتلكات بعد يوم من انتهاء القتال بأن الهجمات الحكومية ربما كان يقصد بها تهجير سكان مدنيين ينظر إليهم كمؤيدي للمعارضة من منطقة وصفها أحد وزراء الحكومة بأنها "شديدة الحساسية"، حيث يعتبرها الكثيرون قلب المنطقة العلوية.

اقرت الحكومة السورية بإجراء عمليات عسكرية في البيضا وبانياس، لكنها قالت إن قواتها كانت ترد على كمائن للمتمردين ولم تقتل سوى "إرهابيين". في تعليق على وقائع القتل في البيضا وبانياس، قال علي حيدر، وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية، لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن "بعض الأخطاء" قد تكون ارتكبت، وإن لجاناً حكومية تجري تحقيقات.

يفرض القانون الدولي لحقوق الإنسان حظراً لا لبس فيه على عمليات الإعدام بإجراءات موجزة وخارج نطاق القانون. وفي مواقف النزاع المسلح التي ينطبق عليها القانون الدولي الإنساني، يمثل القتل المتعمد للمدنيين والجرحى، أو الجنود المستسلمين أو الأسرى (العاجزين عن القتال) جريمة حرب.

سبق لـ هيومن رايتس ووتش توثيق وإدانة عمليات الإعدام الميدانية وخارج نطاق القانون التي تجريها القوات النظامية والموالية لها في أعقاب عملياتها على الأرض في أجزاء عديدة من سوريا، بما فيها داريا، ضاحية دمشق، ومحافظتي حمص وإدلب. كما وثقت هيومن رايتس ووتش وأدانت عمليات الإعدام التي نفذها مقاتلو المعارضة في مناطق تخضع لسيطرتهم في محافظتي حمص وحلب.

دعت هيومن رايتس ووتش مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى ضمان المحاسبة على هذه الجرائم بإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وبمطالبة سوريا بالتعاون التام مع لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، عن طريق إتاحة وصولها غير المشروط إلى البيضا وبانياس. كما دعت هيومن رايتس ووتش الحكومة السورية إلى نشر أية نتائج تتوصل إليها اللجنة الحكومية التي أعلن الوزير علي حيدر عن تشكيلها للتحقيق في وقائع القتل في البيضا وبانياس، وإتاحة حرية الدخول للجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان علاوة على منظمات حقوق الإنسان.


التوصيات

إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة

  • مطالبة سوريا فورا، ودون قيد أو شرط، بوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان واسعة النطاق التي ترتكبها القوات النظامية وتلك الموالية لها، بما في ذلك عمليات إعدام المدنيين ومقاتلي المعارضة الأسرى بإجراءات موجزة وخارج نطاق القانون.
  • إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
  • تبني جزاءات محددة الهدف تُفرض على المسؤولين، في الحكومة السورية وفي قوات الدفاع الوطني على السواء، ممن يثبت عليهم التورط في أخطر الانتهاكات.
  • إلزام الدول بتعليق كافة المبيعات والمساعدات العسكرية، بما فيها التدريب والخدمات الفنية، للحكومة السورية، بالنظر إلى المخاطرة الحقيقية باستخدام الأسلحة والتقنيات الواردة للحكومة السورية في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
  • المطالبة بتعاون سوريا التام مع لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عن طريق إتاحة وصولها إلى البيضا وبانياس دون قيد أو شرط.
  • المطالبة بحق الدخول لمنظمات حقوق الإنسان.

إلى الحكومة السورية

  • التوقف الفوري عن عمليات الإعدام الميداني وخارج نطاق القانون التي تجربها قوات الأمن والمليشيات الموالية للحكومة.

  • إتاحة حق الدخول الفوري ودون معوقات، والتعاون مع مراقبي حقوق الإنسان، بمن فيهم المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالات الإعدام بإجراءات موجزة أو خارج نطاق القانون أو تعسفاً؛ ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان؛ ولجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
  • إجراء تحقيقات سريعة ومستفيضة ومحايدة في مزاعم وقوع عمليات إعدام بإجراءات موجزة وخارج نطاق القانون، بما فيها تلك الموصوفة في هذا التقرير، وإعلان نتائج تلك التحقيقات وتقديم الجناة إلى العدالة في إجراءات تلبي معايير المحاكمة العادلة.
  • تطبيق الإيقاف عن العمل بحق أفراد قوات الأمن الذين توجد بحقهم مزاعم ذات مصداقية عن انتهاك حقوق الإنسان، في انتظار نتائج التحقيقات المستقلة.

إلى كافة البلدان

  • التحرك على نحو فردي أو مشترك من خلال آليات إقليمية حيثما أمكن، لتبني جزاءات محددة الهدف بحق المسؤولين السوريين المتورطين، بناء على مزاعم ذات مصداقية، في الخروقات الجسيمة المستمرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان في البيضا وبانياس.

  • بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية واتفاقاً مع القوانين الوطنية، يجب التحقيق مع أفراد الجيش السوري والقيادات المدنية المشتبه في ارتكابهم لجرائم دولية في البيضا وبانياس، أو تواطؤهم معها أو مسؤوليتهم القيادية عنها، وملاحقتهم قضائياً.
  • دعوة مجلس الأمن الأممي لإحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية بوصفها المحفل الأكثر قدرة على التحقيق الفعال والملاحقة القضائية لمن يتحملون أكبر المسؤولية عن الانتهاكات في سوريا.

منهج التقرير

يتسم توثيق انتهاكات حقوق الإنسان على الأرض في سوريا بالخطورة والصعوبة، في المناطق الخاضعة للحكومة أو للمعارضة على السواء. وقد عجزت هيومن رايتس ووتش منذ بدء الحرب في سوريا عن الوصول إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. لكننا زرنا مناطق خاضعة للمعارضة في محافظات اللاذقية وإدلب وحلب والرقة خلال العامين الماضيين.

ولا يستند هذا التقرير إلى زيارات للمواقع، لأن المناطق التي وقعت بها الانتهاكات الموثقة في هذا التقرير تخضع لسيطرة الحكومة ويتعذر وصول هيومن رايتس ووتش إليها. إلا أن التقرير يستند إلى معلومات تم جمعها من خلال مقابلات أجريت في تركيا ولبنان، ومن خلال مقابلات تم إجراؤها هاتفياً أو عبر "سكايب" مع شهود من داخل سوريا.

أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 15 شخصاً من البيضا و5 أشخاص من بانياس، بين مايو/أيار ويوليو/تموز 2013. أجريت 10 مقابلات مع شهود من البيضا، ومع 5 من بانياس، بصفة شخصية في بلدان مجاورة بعد مغادرتهم لسوريا. وتم إجراء المقابلات الخمس المتبقية هاتفياً أو عبر "سكايب". وقد قدمنا خريطة للبيضا أو بانياس كلما أمكن لمن أجرينا معهم المقابلات وطلبنا منهم تحديد مواضع جرائم القتل التي شهدوها بدقة.

في البيضا قامت هيومن رايتس ووتش بالتحقق من عمليات الإعدام التي جرت في ذلك اليوم استناداً في المقام الأول إلى شهادات شهود انتقلوا الى تركيا، ممن شهدوا كيف قامت القوات النظامية وتلك الموالية لها بأخذ أقاربهم، وشاهدوهم أو سمعوهم وهم يعدمونهم. في الحالات التي قتل فيها كافة أفراد العائلة بالرصاص، دون ترك شهود على جرائم القتل، قامت هيومن رايتس ووتش بجمع المعلومات من السكان وأوائل المتواجدين بمسرح الأحداث الذين اكتشفوا الجثث بعد انسحاب القوات الموالية للحكومة من البلدة.

في حالة وقائع القتل في راس النبع، قام أربعة شهود انتقلوا الى لبنان بتقديم أكثرية الأدلة. قال الشهود، الذين كانوا في المنطقة إلا أنهم لم يشهدوا وقائع القتل مباشرة، لـ هيومن رايتس ووتش إنهم يعتقدون أن القوات النظامية وتلك الموالية لها كانت مسؤولة عن وقائع القتل، وإن الجثث التي شاهدوها بدت وكأنها ضحايا لعمليات إعدام. وقالوا إن الضحايا قتلوا بالرصاص إما في الصدر أو الرأس، أو كانت بأجسامهم عدة طلقات نارية في مواضع عديدة منها.

تعتقد هيومن رايتس ووتش في مصداقية الشهود، بما في ذلك بسبب مستوى التفصيل الذي وصفوا به ما لاحظوه، وبسبب تعضيد الوقائع الواردة في الشهادات إلى حد كبير بمقاطع الفيديو التي صورها الشهود، علاوة على مقاطع الفيديو الملتقطة للقوات النظامية العاملة داخل البيضا وبانياس، والتي صورها على الأرجح بعض المقاتلين الحكوميين أو الموالين لهم، ونشرت لاحقاً على يوتيوب.

تم إجراء كافة المقابلات باللغة العربية وبواسطة باحثين يتحدثون العربية. شرحت هيومن رايتس ووتش للمتكلمين الغرض من المقابلات، وحصلت على موافقتهم على استخدام المعلومات التي يقدمونها في هذا التقرير. إلا أن كافة من تحدثوا طلبوا منا عدم استخدام أسمائهم الحقيقية بسبب مخاوف على سلامتهم أو سلامة أفراد أسرهم الباقين في سوريا. ومن ثم فقد حجبنا الأسماء الحقيقية لكافة الشهود واستخدمنا أسماء مستعارة بدلاً منها.

قامت هيومن رايتس ووتش أيضاً بمراجعة أكثر من 10 مقاطع فيديو منشورة على يوتيوب بواسطة ناشطين وسكان محليين من البيضا، تم تصويرها في أعقاب وقائع القتل مباشرة. في حالات ثلاث استطعنا التعرف على الأشخاص المسؤولين عن تصوير المقاطع وإجراء مقابلات معهم. وعرضنا مقاطع الفيديو على عدد من سكان البيضا وطلبنا منهم تأكيد المواقع الظاهرة فيها والتعرف على الضحايا الظاهرين في المقاطع. كما راجعنا مقاطع صورتها قنوات إعلامية مقربة من الحكومة السورية وكانت متواجدة في البيضا وبانياس أو بالقرب منهما أثناء القتال وفي أعقابه مباشرة.


I . خلفية: البيضا وبانياس

البيضا بلدة يسكنها قرابة سبعة آلاف نسمة بالقرب من مدينة بانياس الساحلية في محافظة طرطوس السورية. والغالبية العظمى من سكان البيضا مسلمون سنة، مع أقلية مسيحية صغيرة. بإضافة المنطقة إلى أحياء بعينها في بانياس، يمكن اعتبارها جيباً سنياً مناوئاً للحكومة في قلب محافظة طرطوس ذات الأغلبية العلوية الموالية للحكومة إلى حد بعيد.[1]

كانت البيضا وبانياس من أوائل البلدات التي انضمت إلى الاحتجاجات المناهضة للحكومة في سوريا في مارس/آذار 2011، كما كان بعض نشطاء المعارضة الذين ذاع صيتهم في بواكير الانتفاضة السورية، مثل أنس الشغري وأحمد بياسي، من المنتمين إلى البيضا.[2] في 12 أبريل/نيسان 2011، قامت قوات الأمن باقتحام البيضا وجمعت الكثير من سكانها في ساحة البلدة الرئيسية واعتدت عليهم بالضرب والركل. تم تصوير الاعتداء بالضرب في ساحة البلدة وحظي المقطع المصور سريعاً باهتمام واسع النطاق عند إذاعته على محطات التلفزة الإقليمية والدولية.[3]

في 6 مايو/أيار 2011 شن الجيش السوري هجمة لاستعادة السيطرة التامة على بانياس، التي كانت قد شهدت احتجاجات وكذلك اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن ومتظاهرين في أبريل/نيسان.[4] اجتاحت بانياس قوات سورية معززة بالدبابات واعتقلت عشرات المتظاهرين.[5]

في أعقاب القمع الأمني المكثف واعتقال أهم النشطاء، توقفت الاحتجاجات في بانياس والبيضا. ونصبت قوات الأمن عدداً من نقاط التفتيش على مدخل بانياس وبطول الطريق من بانياس إلى البيضا. ورغم عدم وجود حضور دائم لقوات الأمن داخل البلدة ، إلا أن قوات الأمن كانت ترسل دوريات منتظمة. وبحسب محمد، وهو ناشط معارض للحكومة من البيضا تحول لاحقاً إلى مقاتل معارض:

أدى غزو القوات النظامية لبانياس إلى وقف الاحتجاجات هناك. وصار من الطبيعي أن ترى قوات الأمن في كل مكان، بما في ذلك داخل البيضا. كانوا يأتون على دراجات نارية أو في سيارات، ويتجولون في المكان ثم يرحلون. إذا أرادوا قتل شخص فإنهم كانوا يفعلون. وإذا أرادوا سرقة شيء فإنهم كانوا يسرقونه أيضاً. كان هذا هو الجو العام إذن. كنا بلا حول ولا قوة. كانوا دائماً يأتون ويفعلون ما يحلو لهم. يضربون الناس ويسيئون إليهم ويقتلونهم، ويفعلون هذا في أي حي يروق لهم وبأية عائلة يختارون أن يفعلوا هذا بها. لم يكن بوسع أحد أن يقول "لا". وهكذا كانت المنطقة خاضعة لسيطرتهم بالكامل.[6]

بينما أدت قبضة قوات الأمن المحكمة على المنطقة، إضافة إلى انعزالها الجغرافي عن بقية معاقل المعارضة، إلى تقليص نشاط المعارضة في بانياس والبيضا، قال محمد وماجد، والأخير ناشط محلي معارض، لـ هيومن رايتس ووتش إنهما واصلا مساعدة الجنود المنشقين على الفرار من المناطق الساحلية عن طريق توفير المأوى وطرق الفرار الآمنة عبر أراضي المنطقة الزراعية والغابية.[7]

في أوائل 2013 شن مقاتلو المعارضة بعض الهجمات المتفرقة الخاطفة على القوات النظامية المحيطة ببانياس. [8] وفي مارس/آذار 2013 أعلنت جماعة مسلحة معارضة تطلق على نفسها اسم "كتائب نصر الإسلام" عن تكوينها في بانياس.[9] قال محمد لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان أحد أعضاء الجماعة، لكنه قال إن القوات النظامية حين شنت هجومها على البيضا في 2 مايو/أيار 2013، لم تكن الجماعة قد شاركت بعد في أية مواجهة مباشرة مع قوات نظامية:

تكونت تلك الكتائب وكنت جزءاً منها لكنها لم تخض أية معارك، ربما ذات يوم. في الوقت الحالي لا تمتلك نصر الإسلام ولا جبهة النصرة، إن كانت هناك، القدرة على خوض معارك في المناطق الساحلية.[10]

II . وقائع القتل في البيضا

الشرارة الأولى: نصب كمين لمداهمة أمنية واندلاع معركة بالأسلحة النارية

في نحو السابعة من صباح 2 مايو/أيار 2013، اتجهت قافلة من قوات الأمن السورية إلى البيضا، وهذا بحسب عدة شهود من البلدة .[11] قال ماجد إن القافلة كانت مكونة مما لا يقل عن ثلاث شاحنات نقل "بيك أب"، إحداها مسلحة بمدفع آلي ثقيل، وحافلتين تقلان جنود الأمن. وقال شاهد آخر، هو المقاتل المحلي محمد، إنه رأى شاحنتي "بيك أب" وحافلة تمر بجوار منزله.

وبحسب محمد، الذي كان مكلفاً باستطلاع تحركات القافلة، توقفت القافلة في البداية عند منزلين في وطى البيضا، وهي المنطقة الزراعية من البلدة ، ثم أكملت طريقها نحو البلدة نفسها.[12] وفق ثلاثة من الشهود، هم ماجد ولينا ولؤي، اتجهت القافلة إلى مجموعة من المنازل في حي يعرف محلياً باسم بيت خليل، على الطريق المنحدر من المدرسة الابتدائية.[13]

فيما بعد أفادت قنوات إخبارية مقربة من الحكومة السورية بأن قوات الأمن كانت قد ذهبت إلى البيضا للتفتيش عن أسلحة ومقاتلين.[14] بحسب محمد وماجد ولمى، قريبة حسان عثمان، كانت قوات الأمن على الأرجح تتحرك بناءً على معلومات حصلت عليها عقب اعتقال حسان عثمان، المعروف على مواقع التواصل الاجتماعي باسم "نسر البيضا"، قبل يومين، في 30 أبريل/نيسان.[15] قال الشهود إن عثمان كان من أبرز شخصيات المعارضة في البيضا، وكان مسؤولاً عن تنظيم الدعم اللوجستي للمنشقين الساعين إلى الفرار من الخدمة العسكرية في المناطق الساحلية.[16] وعلى حد تعبير عمر، أحد السكان المحليين: "كان عثمان يعرف مكان معظم الرجال المطلوبين في البلدة ".[17] بحسب محمد، الذي قال إنه شاهد القافلة الأمنية داخل البيضا، كانت قوات الأمن قد اصطحبت عثمان معها في عملية التفتيش.

أخبرني أحد الجيران لاحقاً بأنه شاهد قوات الأمن تخرج عثمان من إحدى السيارات لإرغامه على إرشادهم إلى المنازل التي يختبئ بها المنشقون. لقد رآه أحد السكان. كان مقيد اليدين. وكانت هناك مجموعة مكونة من ثلاثة منشقين في منزل مجاور، فشرعوا في المقاومة.[18]

بحسب علا، إحدى سكان المنطقة، وكذلك محمد، وهو مقاتل مسلح محلي كان يساعد المنشقين، اندلعت معركة بالأسلحة النارية قرب المنزل الذي كان يؤوي المنشقين.[19] وبحسب محمد، انتشر المقاتلون عند ثلاثة من مداخل البلدة لمنع أو إبطاء وصول التعزيزات الحكومية.

دعانا المنشقون إلى مساعدتهم. وما كنا لنتركهم يموتون بهذه البساطة. إنهم جنود منشقون. وسلامتهم مسؤوليتنا. كنا نعرف أن قوات الأمن ستطلب تعزيزات بدورها فانتشرنا على مداخل البلدة . وضعنا أربعة أشخاص على الطريق إلى مورد، وعشرة على الطريق إلى المراح. كنا عاجزين عن قطع طريق الجريسية. وكانت خطتنا تقضي بإبطاء أية تعزيزات بغرض إتاحة الفرار للمنشقين.[20]

وعند الساعة 10:20 صباحاً نشرت جماعة معارضة مسلحة تطلق على نفسها اسم "كتائب نصر الإسلام" على صفحتها بموقع فيسبوك أنها "قاتلت قافلة من أربعة عربات قادمة لاعتقال منشقين". كانت قوات الأمن قد أرسلت تعزيزات من طرطوس، بحسب زعم الجماعة، وفتح المتمردون النار عليها عند اقترابها من البيضا.[21]

أحاطت القوات الموالية للحكومة بالبلدة سريعاً، بحسب سكان محليين ومقاتلين للمعارضة علاوة على قنوات إعلامية موالية للحكومة. قال محمد وماجد لـ هيومن رايتس ووتش إن القوات النظامية قصفت البلدة من نقطة حصينة قرب مرقب، من موقع قريب من الطريق الساحلي السريع في القرير حيث تم نشر كتيبة، ومن قرية الجريسية المجاورة.[22] بحسب محمد، سقط معظم القصف على مساحات شجرية أو زراعية حول البلدة . وقال محمد إن القصف قتل ثلاثة من مقاتلي المعارضة ولم يقتل مدنيين.[23]

أفادت مواقع إخبارية إلكترونية مقربة من الحكومة السورية أيضاً بوقوع اشتباكات يوم 2 مايو/أيار. فاستشهد موقع "الشارع السوري" على سبيل المثال بمصدر عسكري يقول إن بعض المسلحين نصبوا كميناً للقوات النظامية في البيضا أثناء عملية مداهمة في أعقاب معلومات عن مستودع للسلاح، فقتلوا 6 جنود وجرحوا 23 آخرين.[24] قام صحفيون موالون للحكومة، كانوا قد ذهبوا إلى التلال المحيطة بالبيضا بعد ساعات قليلة من معركة الأسلحة النارية، بإجراء مقابلات مع مقاتلين على حواف البيضا فأشاروا إلى أن "الجيش والدفاع الوطني" بسبيلهم إلى السيطرة على الموقف.[25] في مقابلة أذيعت يوم 3 مايو/أيار، قال أحد جنود الجيش النظامي لقناة المنار، التابعة لحزب الله اللبناني المؤيد للأسد، إن القوات الموالية للحكومة زحفت على البيضا من ثلاثة اتجاهات. لم تنشر الحكومة أي تقرير رسمي عن الحصيلة النهائية للموتى في صفوف مقاتليها، إلا أن صحيفة "وول ستريت جورنال" أفادت يوم 30 يوليو/تموز بأن مسؤولين محليين أبلغوا مراسلها بمقتل تسعة جنود في القتال الناشب في البيضا يوم 2 مايو/أيار.[26]

بحسب محمد، كان القتال قد انتهى بحلول الساعة 1 ظهراً، وانسحب المقاتلون المحليون إلى الغابات القريبة.

في الواحدة ظهراً تسلل الجنود [المنشقون] الثلاثة هاربين، وانسحبنا بدورنا. فررنا إلى المناطق الغابية واختبأنا في الكهوف... من هناك، كنا نسمع طلقات نارية بين الحين والآخر. لم نكن ندري سبب إطلاق النار. كان كل المسلحون قد رحلوا. استمر إطلاق النيران من الواحدة إلى الخامسة مساءً. وفي نحو الثالثة عصراً جاء أحدهم ليخبرني بأنه سمع بمقتل عمي.[27]

أكد خمسة من السكان الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش مقابلات أن أصوات الطلقات النارية هدأت نحو الساعة الواحدة ظهراً. وظهر في مقاطع فيديو صورتها قنوات إعلامية موالية للحكومة كانت ترافق مقاتلي الحكومة على التلال المحيطة بالبيضا، ظهر جنود حكوميون يتحركون داخل البلدة تحت شمس الظهيرة.[28]

انتظار يشوبه القلق من قبل السكان المحليين

استيقظ سكان البيضا يوم 2 مايو/أيار على أصوات طلقات نارية كثيفة في البلدة . وأدى تبادل إطلاق النيران ومن بعده القذائف الساقطة على البلدة إلى إبقائهم داخل بيوتهم أو إرغامهم على البحث عن مأوى في أقبية جيرانهم. كانت علا، 38 سنة، تعيش قرب المنزل الذي اندلعت عنده الاشتباكات الأولية بين قوات الأمن والمنشقين:

استيقظنا على صوت الطلقات النارية. كنا نرى من منزلنا جنوداً على مقربة، وضابطاً يبدو عليه أنه يصدر الأوامر. حدث هذا في السابعة صباحاً. استمر القتال من السابعة صباحاً حتى الواحدة والنصف ظهراً.[29]

قالت لمى، التي كانت تقيم قرب مسجد الثريا، المشار إليه عادة بالمسجد الجديد، لـ هيومن رايتس ووتش:

كنت أشرب القهوة مع زوجي. وفجأة سمعنا انفجاراً عالياً. قال لي زوجي، وهو ضابط جيش متقاعد، إنها مجرد قنبلة صوتية. لقد جعلني الانفجار أوقع فنجان القهوة من يدي. ثم سمعنا طلقات نارية كثيفة. أرسلت الصغار إلى الطابق السفلي عند جديهم حيث أنهم سيكونون بمأمن في القبو. في شقتنا، بقي معنا أكبر أبنائنا سناً.[30]

لم توثق هيومن رايتس ووتش أية خسائر مدنية أثناء تبادل إطلاق النيران بين القوات النظامية والمعارضة الذي دام من السابعة صباحاً إلى الواحدة ظهراً.

عمليات الإعدام في البيضا

في نحو الواحدة ظهراً، بعد انسحاب المقاتلين المحليين، دخلت القوات النظامية وتلك الموالية لها البلدة ومضت تفتش البيوت، وهذا بحسب سبعة شهود كانوا في البلدة . وبحسب الشهود الذين كانوا يسكنون أجزاءً مختلفة من البلدة ، وكذلك مقاطع فيديو ملتقطة في ذلك اليوم، زحفت القوات النظامية وتلك الموالية لها من ثلاثة اتجاهات مختلفة بالتزامن. وبحسب الشهود ومقاطع فيديو من قنوات إعلامية موالية للحكومة، كان من دخلوا البلدة جنوداً في الجيش النظامي علاوة على قوات الدفاع الوطني (للمزيد من التفاصيل انظر الفصل الخامس أدناه).

على مدار الساعات الثلاث التالية، وصف شهود عدّة كيف قامت القوات النظامية وتلك الموالية لها، مرة تلو مرة، بدخول المنازل وفصل الرجال عن السيدات والأطفال الصغار، وتجميع الرجال من كل حي في مكان واحد، وإعدامهم بإطلاق النار عليهم من مدى قريب. وبحسب الشهود الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش مقابلات، لم يكن أي من الذين تم إعدامهم مسلحاً أو شارك في القتال الذي دار في موعد أسبق من ذلك اليوم. في حالات كثيرة، قامت القوات الموالية للحكومة بإحراق جثث من أطلقت عليهم النار للتو.

تحدثت هيومن رايتس ووتش مع أربعة من الناجين الذين شهدوا كيف أخذت القوات النظامية وتلك الموالية لها أقاربهم، وشاهدوا أو سمعوا المسلحين يطلقون عليهم النار. في حالتين على الأقل وثقتهما هيومن رايتس ووتش، تم قتل كافة أفراد عائلة واحدة بالرصاص فلم يتبق شهود على عمليات الإعدام التي جرت على ما يبدو بدم بارد. في مثل تلك الحالات كانت هيومن رايتس ووتش تجمع المعلومات عن عمليات الإعدام من السكان وأوائل المستجيبين الذين اكتشفوا الجثث بعد انسحاب القوات الموالية للحكومة من البلدة في نحو الخامسة مساءً.

إعدام أفراد عائلة سويد وجيرانهم

كانت أوائل المنازل عند مدخل البيضا الغربي تخص عائلة سويد. كان مصطفى سويد (المعروف محلياً بلقب "اللبناني"، بسبب إقامته الطويلة في لبنان) والذي يقترب سنه من 70 عاماً، يقيم هناك مع أبنائه الأربعة البالغين (أحمد وعثمان ومحمد وسعيد) وأسرهم. وصفت سميرة، زوجة أحد الأبناء، أحداث ذلك الصباح:

في السابعة صباحاً استيقظنا على أصوات طلقات نارية. كان زوجي يرتدي ثيابه للخروج للعمل. قلت له أن يبقى. اقترب صوت الطلقات النارية. فاقترح زوجي أن نذهب بالسيارة إلى الساحل. لكن القذائف بدأت تتساقط. سقطت قذيفة بالقرب من المنزل فقررنا البقاء في مكاننا. هدأت حدة القصف في نحو العاشرة صباحاً. وفي نحو الثانية ظهراً رأينا حوالي 50 جندياً يقتربون من المنزل. كانوا يقفون تحت شجرة. ذهبوا في البداية إلى منزل الجيران. لكنه كان خالياً. فجاءوا عندئذ إلى منزلنا. وكانت على أكتافهم شارة القوات الخاصة.[31]

صورة سعيد سويد. © خاص

صورة أحمد سويد. © خاص

قالت سميرة إن الجنود قاموا على الفور بفصل الرجال عن السيدات والأطفال وكبار السن، وحبسوا السيدات و7 أطفال ومصطفى سويد البالغ من العمر 70 عاماً في شقة أحد الإخوة الأربعة. ثم أخذت القوات الموالية للحكومة الإخوة الأربعة علاوة على مصطفى شعبان، وهو جار لهم كان يحتمي مع عائلة سويد، إلى الشقة المجاورة الخاصة بواحد آخر من الإخوة. وبحسب سميرة:
فجأة سمعنا طلقات نارية. بدأت أصرخ بحماي، "راح الرجال، الرجال يا أبو محمد". هرعت إلى النافذة ورأيت نحو 20 جندياً يغادرون الشقة المجاورة. وفور رحيلهم، كسرنا باب الشقة التي تركونا فيها وهرعنا إلى الشقة التي أخذوا الرجال إليها.
وكان أول ما رأيت جثة زوجي بجوار الباب. ثم وجدت جثة سعيد في الردهة. وكان الثلاثة الباقون في غرفة، مكومين الواحد فوق الآخر. كان بكل واحد من الرجال ثلاث رصاصات. لم يكن أحمد قد توفي بعد. لكننا كنا عاجزين عن نقله إلى مستشفى. وتوفي بعد ساعتين. نقلنا الجثث إلى إحدى الغرف وغطيناها. وتسرب الدم ببطء على السجادة.[32]

بحسب سميرة، اتجه المقاتلون الموالون للحكومة بعد ذلك إلى منزل زكريا حسين المجاور، وهو رجل في منتصف العشرينيات. سمعت سميرة طلقات نارية من منزل حسين. وظلت مختبئة بمنزلها لمدة ساعتين حتى تأكدت من رحيل القوات النظامية وتلك الموالية لها ثم ذهبت للاطمئنان على جيرانها. عثرت على جثتي زكريا وزوجته، منار بياسي، اللذين قتلا بالرصاص. وعثرت في المنزل التالي على جثتي مصطفى قدور، 35 سنة، وكرم سويد، 30 سنة. "كانت هناك سبعة منازل بحينا. وقد قتلوا سبعة رجال"، كما قالت سميرة لـ هيومن رايتس ووتش.[33]

في البداية بقيت سيدات عائلة سويد في منزلهن من فرط الرعب. لكن فيما بعد في المساء جاء شقيق منار بياسي، زوجة زكريا، ومعه بعض الشباب الآخرين من البلدة ، الذين كانوا قد فروا إلى الغابات القريبة، للاطمئنان عليهن. وساعدوهن على تكفين الجثث والفرار إلى قرية المراح القريبة، كما قالت سميرة إلا أن والد الإخوة الأربعة الطاعن في السن قرر البقاء في البلدة . قال أحد الشباب الذين ساعدوا عائلة سويد، وهو محمد، لـ هيومن رايتس ووتش:

كان أول منزل نبلغه هو منزل اللبناني. كان هذا أول منزل ندخله. وفوجئنا عند ذاك. فقد وجدنا أنهم قتلوا أربعة من أبنائه. قتلوا أبناءه الأربعة لكنهم تركوه حياً. إنه شيخ كبير. قتلوا كل أبنائه وقالوا له إنهم سيتركونه حياً حتى يتألم. قال لنا إن هذا هو ما قالوه. في المنزل المجاور عثرنا على زكريا حسين، كان حديث الزواج، تزوج منذ 15 يوماً فقط. قتلوه مع زوجته منار بياسي. وكان المنزل الثالث منزل مصطفى قدور، الشهير بحافظ.تتخيل ذلك!حافظ! قتل مصطفى قدور وكان كرم سويد بجواره. كنا قد عدنا إلى البلدة لتونا، ورأينا هذا العدد من القتلى.[34]

أطلعنا أفراد عائلة سويد الناجون على صور فوتوغرافية التقطوها للرجال الذين تم إعدامهم بهواتفهم الخلوية.

إعدام أفراد عائلة بياسي وجيرانهم

على تلة تشرف على منزل عائلة سويد يقع تجمع من المنازل التي تسكنها عائلة بياسي. وهناك عدة أفرع لعائلة بياسي في البيضا، وعادة ما يشير أهل المنطقة إلى هذا الفرع باسم عائلة فتوح، لتمييزه عن بقية أفرع آل بياسي.

وبحسب ثلاثة سكان محليين عثروا على الجثث بعد مغادرة القوات الموالية للحكومة للبلدة ، تم إعدام كافة أفراد العائلة الذين كانوا في بيوتهم يوم 2 مايو/أيار ـ ما لا يقل عن 9 رجال و3 سيدات و14 طفلاً ـ باستثناء طفلة عمرها 3 سنوات قالوا إنها أصيبت بثلاث طلقات نارية لكنها نجت. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد مكان الطفلة أو تأكيد نجاتها. وتستند المعلومات الواردة أدناه عن مقتل أفراد عائلة بياسي إلى أقوال السكان الثلاثة، علاوة على مقاطع فيديو التقطوها للجثث.

قال هؤلاء الذين عثروا على الجثث لـ هيومن رايتس ووتش إن جثث رجال العائلة كانت بشارع منحدر يؤدي إلى مسجد الثريا، ويعرف عادة بشارع طلعة عبود، على بعد نحو 150 متراً من تجمع بيوت العائلة. أما جثث السيدات والأطفال فقد وجدوها بإحدى غرف منزل مصطفى بياسي، المعروف أيضاً باسم أبو علي مصطفى.

قام الشهود الثلاثة ـ سيدة ورجلان ـ الذين شاهدوا الجثث عقب المذبحة بقليل باطلاع هيومن رايتس ووتش على ما رأوه. وكان محمد من أوائل الواصلين بعد انسحاب المقاتلين الموالين للحكومة، فوصف لنا المشهد:

بمجرد أن تبدأ صعود التل [من الساحة الرئيسية]، الـ15 متراً الأولى من الصعود، كانت الجثث تغطي المكان. كانت جثثاً لشباب، أكثر من 30 جثة. نظرت إليهم وتفحصتهم ملياً. كانوا جميعاً مصابين بالرصاص إما في الرأس أو في العين. لقد تم إعدامهم من مدى قريب.[35]

وقال رجل آخر، وصل إلى مسرح الأحداث بعد ذلك بقليل، وهو ماجد:

كان هناك نحو 35 جثة. وبدوا جميعاً كما لو كانوا قد أصيبوا بالرصاص من مسافة قصيرة. كان بالبعض طلقات نارية في الرأس، وآخرون في العنق. وكان أحدهم، أحمد إبراهيم الشغري، مصاباً في عينه. كان أحد الرجال ما زال على قيد الحياة، وهو أحمد بياسي. حاولنا إسعافه لكن الأوان كان قد فات.[36]

تظهر مقاطع فيديو التقطها محمد وماجد في عصر ذلك اليوم ما لا يقل عن 12 جثة ترقد على الأرض على الطريق الذي أكد السكان المحليون أنه هو الطريق الذي يسمونه طلعة عبود.[37]

لقطة ثابتة من مقطع فيديو تم تصويره مساء 2 مايو/أيار في طلعة عبود.[38]

عجز سكان البيضا عن نقل جثث الرجال في تلك الليلة الأولى. وفي اليوم التالي، 3 مايو/أيار، دخل مراسلو قناة "الإخبارية" التلفزيونية المنحازة للحكومة إلى البيضا وصوروا جثث عائلة بياسي. وحين أذاعت القناة التلفزيونية المقطع في نفس اليوم، أشارت إلى الضحايا بصفة "إرهابيين".

توحي آثار الدماء على مقاطع الفيديو المتاحة بإعدام الرجال بالقرب من الموضع الذي تم العثور عليهم فيه.

صورة ثابتة من مقطع فيديو تم تصويره وبثه في 3 مايو/أيار من قبل قناة تلفزيونية سورية موالية للحكومة هي الإخبارية، يظهر فيها أجساد أفراد عائلة بياسي.[39]

تم العثور على سيدات العائلة وأطفالها داخل منزل مصطفى بياسي. تمكن محمد وماجد، وهما الرجلان اللذان عثرا على الرجال وصوراهم، من زيارة المنزل والتصوير بداخله عقب رحيل القوات النظامية وتلك الموالية لها بقليل. قال ماجد، الذي كان ضمن أول مجموعة تعثر على الجثث، لـ هيومن رايتس ووتش:

كنت مشغولاً بمساعدة السكان الناجين على مغادرة البلدة، حين طلب مني خطيب إحدى فتيات عائلة بياسي الذهاب معه للاطمئنان عليها. ذهبنا إلى منزل مصطفى علي بياسي. دخلنا. ولم نر أحداً في الغرفة الأولى. مع توغلنا داخل المنزل، وصلنا إلى غرفة وجدنا بها الكثير من الجثث. أمهات وأطفال مكدسون فوق بعضهم البعض. كانت إحدى الأمهات ما زالت تغطي ابنها. ظننته ربما نجا، لكن بينما كنت أقلبها رأيته أنه أصيب بالرصاص بدوره. كانت خطيبة صديقي مقتولة بدورها. أغلقنا نوافذ المنزل حتى لا تدخله الحيوانات البرية.[40]

بعد ساعات قليلة دخل محمد ورجل آخر من البيضا المنزل. كانا قد احتميا بالجبال المحيطة أثناء القتال وعادا إلى البلدة بعد رحيل القوات النظامية لتفقد الناجين. قال محمد، الذي كان بدوره قد شاهد جثث رجال العائلة الذين تم إعدامهم، لـ هيومن رايتس ووتش:

عند وصولنا إلى هذا المنزل [منزل مصطفى بياسي] كانت الساعة قد بلغت العاشرة مساءً. وبحلول ذلك الوقت كنا قد تجولنا في مختلف الأحياء طيلة الساعات الثلاث الماضية. تمشينا عبر شوارع ضيقة وبحثنا بكل مكان. وفي كل ركن بحثنا فيه كنا نرى 7 أو 10 جثث. كنا نطوف على البيوت لتكوين صورة عن عدد القتلى في هذه المذبحة. كنا نحصي عددهم. فوصلنا إلى هذا المنزل بعد البحث في منازل عديدة أخرى. كانت كلها خاوية تماما. ولم نكن نعرف السبب...
كان الباب مفتوحاً على مصراعيه وكان بوسعك أن ترى آثار الدمار. دخلنا المنزل واتجهنا نحو إحدى الغرف. لم تكن تلك الغرفة قريبة من المدخل. كانت بعيدة قليلاً داخل المنزل. وما رأيناه هناك كان بالغ الفظاعة. دخلنا الغرفة ورأينا أكثر من 25 جثة، كلها لسيدات وأطفال. ليس بينها رجل واحد. كان بعضهم أطفالاً. والأعمار تتراوح بين 3 شهور و70 عاماً. مقتولين بالرصاص. أصيب بعضهم في الرأس وبعضهم في البطن. كأنهم [الجناة] كانوا يطلقون النار في فوضى. لعلهم وضعوهم في غرفة واحدة ثم أمطروها بالرصاص. كانوا فوق بعضهم البعض والدماء تتسرب من تحتهم جميعاً.
كان هناك شخص معي عند دخولنا. وبدأ رأسه يدور من رائحة الدم. كانت قوية جداً لأن نوافذ ذلك المنزل كانت كلها مغلقة. كان الليل قد حل، وبصراحة كانت الرائحة قوية جداً، تكفي لكي يصاب أي شخص بالدوار.
كانوا جميعاً موتى. كانت إحدى السيدات تحتضن طفلها. وربما كان عمره 3 شهور. كان عدد كبير من السيدات يحتضنّ أطفالهن. وكانوا جميعاً فوق بعضهم البعض. ماتوا جميعاً معاً.[41]

صور الرجلان مشاهد القتل بهاتفيهما الخلويين.[42]

صورة ثابتة من مقطع فيديو تم تصويره في 2 مايو/أيار يُظهر حجرة تم العثور فيها على جثث نساء وأطفال جرى إعدامهم، وقد عثر أول المستجيبين للحادث عليها.[43]

من أقوال الشهود، استطاعت هيومن رايتس ووتش التأكد من أسماء تسعة من الرجال الذين تم إعدامهم، وثلاث سيدات، و14 طفلاً من عائلة بياسي:

· مصطفى علي بياسي وزوجته عائشة عبد القادر بياسي

· محمد علي بياسي (شقيق مصطفى)

· عبد الله محمد بياسي (الشهير بعبد فتوح) وزوجته عائشة حسين، وبناتهما الخمس (نسيبة ورانيا وسامية وأحلام وولاء)

· أحمد محمد بياسي، 28 سنة، وابنه محمد

· محمد عبد الله بياسي (الشهير بأبو العابد) وزوجته صفا، وابنه عبد الله، وأطفاله الخمسة عائشة وسارة وشهيدة وحليمة وحمزة

· يوسف محمد بياسي وابناه مصطفى ومحمد

· أربعة أطفال لعبد المنعم بياسي: آمنة، 6 سنوات، وأيمن، 5 سنوات، وأفنان، 3 سنوات، ومعاذ، سنة واحدة.

إعدام أفراد عائلة الشغري وجيرانهم

يبعد حي الشغري في البيضا، القريب من مسجد الثريا (والمسمى على اسم عائلة معظم سكان الحي) نحو 300 متر من منازل عائلة بياسي. قالت إحدى السكان، وهي لمى، لـ هيومن رايتس ووتش "إذا وقفت بنافذتي فإن بوسعي التلويح بيدي لزوجة مصطفى بياسي".[44]

بحسب لمى، وشخص آخر من السكان، كان آل الشغري قد ظلوا محتمين بمنازلهم بعد القتال والقصف في الصباح. قالت لمى لـ هيومن رايتس ووتش إنها بحلول الظهيرة شاهدت رجال أمن يخرجون من منازل عائلة بياسي:

من النوافذ رأيت رجلين يخرجان من بيت عائشة [زوجة مصطفى بياسي] في زي عسكري أخضر. اتجه الرجلان إلى بناية عقبة [أحد المباني على الطريق]. وصعدا المبنى وهما يفتشان ويطلقان الرصاص. كانا ينظران إلى المنطقة ذات الأشجار والآكام. قلت لزوجي: "إنهم قادمون وعلينا أن نخفي أطفالنا". لكن زوجي رد بأنني لا يجب أن أقلق لأننا لم نرتكب أي خطأ.
بعد ربع ساعة أو نصف ساعة بدآ يتجهان إلى منزلنا. وفي تلك اللحظة قرر حماي وحماتي، اللذان كانا يسكنان على مقربة، العودة إلى بيتهما. كانا خائفين. وكانا ما يزالان يصعدان الدرج حين صاح أحد الجنود، "ضعوا السلاح من أيديكم".
كنت أريد التحدث معهما بنفسي، فهم يعاملون النساء بطريقة مختلفة أحياناً. وهكذا وقفت للتحدث معهما. قلت، "ليس لدينا أسلحة هنا يا بني". فقال، "أتجرئين على الحديث يا عاهرة!". وفي تلك اللحظة وقف زوجي قائلاً، "كيف تتكلم بهذه الطريقة؟ ليس لدينا أسلحة. نحن سلميون. أنا مثلك. أنا ضابط جيش متقاعد. وسوريا غالية عليّ كما هي غالية عليك. لا يصح أن تسيئوا إلينا بهذه الطريقة".
وفي تلك اللحظة ضرب زوجي على ظهره بكعب بندقيته. كان بها نصل من نوع ما. وبدأ زوجي ينزف على الفور. حاول ابني الأكبر الاحتجاج على هذه المعاملة، لكن المسلح قال: "أما زلت تتكلم؟" وأطلق عليه النار في كتفه، بين العنق والكتف.[45]

بحسب لمى، أطلقت قوات الأمن النار أيضاً على اثنين من أبناء إخوتها، عمرهما 14 و17 عاماً، أحدهما في الساق والآخر قرب الردف، قبل جرهما مع زوجها وابنيها على الدرج وخارج المنزل:

كان عددهم نحو 20 أو 22 من المسلحين [الموالين للحكومة] في الشارع، وكلهم منتشرون بين منزل عبد الله صقر ومنزل أم عبد السلام. وكان الرجال جميعاً إما بالزي المموه أو بزي الجيش.

في تلك المرحلة، كما تذكرت لمى، فصلت القوات الموالية للحكومة السيدات عن الرجال.

وضعونا [نحن السيدات] في منزل أم عبد السلام. بينما تم تجميع الرجال، وبعضهم شباب وبعضهم شيوخ، بطول أحد الشوارع الرئيسية للحي.
من منزل عبد الله صقر حتى منزل أم عبد السلام، بطول الطريق، كان هناك شباب في زهرة العمر، وكذلك شيوخ، بعضهم مصاب بالرصاص في الساق وبعضهم في البطن وبعضهم في الذراعين. كانوا جميعاً من معارفي، وكان أحدهم ابن عمي، وبعضهم أبناء إخوتي.
كان أربعة أو خمسة من المسلحين يحملون السواطير ويسيرون وسط الرجال ويضربونهم [بالسواطير]. وصلت كل مجموعة من الرجال على حدة حتى تم تجميعهم كلهم.

بحسب لمى، كان بعض الرجال مصاباً بطلقات نارية، بينما أصيب آخرون بضربات السواطير أو طعنوا بالسكاكين. كانوا ينزفون، لكن معظمهم كان ما زال على قيد الحياة، بحسب قولها. اقتربت لمى من باب منزل أم عبد السلام كي ترى ما يحدث:

تسللت للخارج. لم أكن أحتمل، لأن ابنيّ وأباهما كانوا بالخارج. أبناء إخوتي وأبناء عمومتي، كانوا جميعاً هناك. لم يكن بوسعي البقاء بمكاني. كان الرجال جميعاً يصرخون. كانوا يقولون، "لم نفعل شيئاً". وكان الصبية الصغار يصرخون طلباً لأمهاتهم. عبد الخالق [ابن هند آل الشغري] كان عمره 13 سنة. وابن سوسن، لقمان الحريص، كان عمره 14 سنة، وأحمد وممدوح كانا كذلك في الرابعة عشرة... وأحمد عثمان.[46]

وفي لحظة معينة رفع المقاتلون الموالون للحكومة بنادقهم وأطلقوا عليهم النار، بحسب لمى.

تم تهديد لمى بالاغتصاب، كما قالت، لكن الجنود لم ينفذوا تهديدهم في النهاية:

قال ضابط لأحد الجنود: "هاك، هذه من أجلك. تعامل معها. اسألها كم طفلاً تريد". فقال جندي آخر، "كم طفلاً تريدين؟". فقلت، "عندي ما يكفيني والحمد لله". فقال، "سأجعلك تحملين في أربعة. الأربعة الذين أخذناهم". كان يظن أن من ذبحهم هم كل أبنائي. ثم اقترب الجندي مني وقال، "يا خالة، أنا أطيع الأوامر لا غير". فقلت له، "تفضل، ستزيدني شرفاً على شرف". فقال، "يا خالة، سأتظاهر بأنني أفعل بك شيئاً فحركي ذراعيك. اجعلي الأمر يبدو حقيقياً. وإلا قتلوك وقتلوني".[47]

في النهاية رحلت القوات النظامية وتلك الموالية لها. وخرجت السيدات من المنازل. وعثروا على الرجال، وكان أكثرهم من أقاربهن، راقدين موتى في الشارع أو في منزل مجاور يخص فؤاد مطر، الشهير بفؤاد البطل. وبحسب لمى، كان معظمهم مقتولاً بالرصاص.

عثرت زوجة محمد شاكر على زوجها فوراً. كان مقتولاً بطريقة الإعدام، زوجها وحماها. وعثرت أنا على زوجي. كان مصاباً بطلقة في الرأس وفي الكتف. كان نصف رأسه من هذه الجهة مهشماً. وكانت أحشاؤه بارزة للخارج. تم هذا [إصابات البطن] بالسواطير.[48]

عثرت لمى على بعض الجثث المحترقة في الشارع وكانت على يقين من أن إحداها هي ابنها:

وجدنا 5 شباب لقوا حتفهم وهم مقيدون معاً. كانوا محترقين. لم يبق منهم سوى الفحم. وأنا على يقين من أن ابني أحدهم. قال أحد الأشخاص، "هذا ليس ابنك. هؤلاء الصبية أقصر قامة. وأبناؤك طوال القامة". فقلت، "السبب هو الحرق. لقد انكمش". تعرفت عليه من يده. لقد كسرها في طفولته فكانت تنمو على نحو معين. كانت أصابعهم متورمة من الحرق [لكنني كنت أعرف يده].[49]

عثرت لمى على أحد أقاربها، وهو أحمد عثمان، في موضع أبعد من الشارع، قرب بناية عقبة. كان عثمان، المراهق، من مشجعي فريق برشلونة لكرة القدم، وكان يرتدي قميصهم في ذلك اليوم.

التقط السكان المحليون صوراً فوتوغرافية لبعض الجثث المحترقة التي اكتشفوها، وأطلعوا هيومن رايتس ووتش عليها. لن تنشر هيومن رايتس ووتش هذه الصور بسبب طبيعتها الصادمة.

بحسب لمى، تم العثور على المزيد من الجثث المحترقة داخل منزل فؤاد مطر. وكان منزله قد احترق عن آخره.

قام الناجون من المنطقة بتزويد هيومن رايتس ووتش بالأسماء الـ17 التالية لأفراد عائلة الشغري أو جيرانهم الذين قتلوا.

· إبراهيم محمد الشغري

· أحمد محمد الشغري

· محمد محمد الشغري

· عثمان محمد الشغري

· ماهر الشغري

· محمد زاهر الشغري

· عبد الرازق الشغري

· أسامة عبد الرازق الشغري

· عبد الرحمن عبد القادر الشغري

· عبد المنعم عبد القادر الشغري

· عبد الخالق أحمد الشغري (حفيد عبد الرازق)

· إبراهيم حامد مصطفى الشغري

· أحمد إبراهيم الشغري

· لقمان يوسف الحرس

· عثمان أحمد عثمان

· أحمد محمد عثمان

· محمد حسين

عمليات الإعدام وإحراق الجثث في الساحة الرئيسية

باتباع نمط مشابه، قامت القوات النظامية وتلك الموالية لها أيضاً بتفتيش المنازل المحيطة بالساحة الرئيسية في البيضا. وفي عدد من الحالات، بحسب الشهود، فصلوا الرجال عن السيدات ثم أخذوا الرجال إلى ساحة البلدة الرئيسية وأعدموا الكثيرين منهم هناك. وبعد هذا كوموا العديد من الجثث في متجر للهواتف الخليوية بالساحة الرئيسية يملكه عزام بياسي، وأشعلوا فيها النيران، بحسب شاهدين تم أخذهما إلى الساحة إلا أنهما لم يعدما. تم تأكيد هذه الرواية بأدلة مستمدة من مقاطع فيديو راجعتها هيومن رايتس ووتش.

قال ماجد الذي كان يقيم بالقرب من الساحة الرئيسية، إن القوات الموالية للحكومة أخذته إلى الساحة نحو الساعة 3 أو 3:30 عصراً. وقال لـ هيومن رايتس ووتش:

دخلت قوات الأمن منزلنا في نحو الثانية مساءً. فصلونا [نحن الرجال] عن السيدات وأرغمونا، حوالي 15 منا، بينهم صبيّان في الثالثة عشرة، على الرقاد أرضاً على الحصباء تحت الشمس. ثم مضوا يفتشون منازل حينا الستة أو السبعة لكنهم لم يجدوا أسلحة. وفي نحو الثالثة أو الثالثة والنصف عصراً أخذونا إلى الساحة.[50]

ووصف ماجد ما رآه عند وصوله إلى الساحة:

كانت هناك متاجر تحترق وجثث راقدة على الأرض. جعلونا نتوقف أمام متجر عزام للهواتف الخليوية. لم يكن المتجر قد أحرق بعد. رأيت من خلال إحدى النوافذ جثثاً مكدسة فوق بعضها البعض. وسمعت أحد المسلحين يأمر الآخر برش الجثث، وآخر يقول انتظر.[51]

تؤيد مقاطع الفيديو مزاعم ماجد بقوة. قامت بعض أطقم التلفزة الموالية للحكومة بتصوير الساحة الرئيسية في البيضا في عصر يوم 2 مايو/أيار، فعلى سبيل المثال أذاعت القناة الفضائية الرسمية (الفضائية السورية) مقاطع في نشرتها الإخبارية المسائية يوم 2 مايو/أيار من البيضا، تظهر فيها جثث رجال راقدة على أرض الساحة الرئيسية. كانت قمصان الرجال مرفوعة فوق رؤوسهم، وهي ممارسة قال السكان إن قوات الأمن تستخدمها لمنع المحتجزين من الرؤية. كما أن برك الدماء بجوار رؤوسهم توحي بقوة بوفاتهم نتيجة طلقات نارية في الرأس. علقت مذيعة النشرة المتلفزة على الصورة قائلة إن "الجيش قتل عدداً من الإرهابيين" في البيضا.[52]

صورة ثابتة من مقطع فيديو بثته قناة الحكومة السورية الفضائية الرسمية، وهو من النشرة الإخبارية ليوم 2 مايو/أيار من البيضا، تظهر فيه جثث رجال ملقاة على الأرض في الساحة الرئيسية.[53]

كما أذاعت قناة المنار، وهي قناة تلفزيونية تابعة لحزب الله اللبناني المؤيد للأسد وتبث من بيروت، أذاعت مقاطع فيديو من ساحة البيضا الرئيسية يوم 2 مايو/أيار وتظهر فيها بوضوح جثث راقدة على أرض الساحة الرئيسية وقمصانهم مرفوعة فوق رؤوسهم.

صورة ثابتة من مقطع فيديو بثته قناة المنار التي بثت في 2 مايو/أيار لقطات لجثث في ساحة بلدة البيضا الرئيسية.[54]

وقد قام نشطاء محليون أيضاً باطلاع هيومن رايتس ووتش على مقطع فيديو يبين القوات النظامية أو الموالية لها وهي تكوم الجثث داخل متجر تعرف سكان محليون فيه على متجر عزام للهواتف الخليوية. ومن المرجح أن يكون المقطع من تصوير أفراد القوات الموالية للحكومة، وقد حصل عليه في النهاية شخص ما ونشره على موقع يوتيوب.[55] يبين المقطع رجالاً في أزياء عسكرية يجرون جثثاً إلى المتجر. وتشير آثار الدماء بمدخل المتجر إلى أن الجثث قد تم جرها إلى داخله. هناك 3 جثث خارج المتجر مباشرة، وما لا يقل عن 25 جثة بداخله، وبكثير منها بقع دماء على الثياب تدل على موضع الطلق الناري.[56]

صورة ثابتة من مقطع فيديو تم تصويره في متجر هواتف خليوية تظهر فيه جثث الرجال مصطفة داخل المتجر.[57]

قال ماجد لـ هيومن رايتس ووتش إنه نجا بحياته حين مرت سيارة فجأة بالساحة. وكان مكتوباً عليها "جيش الدفاع الوطني"، كما قال. خرج رجل من السيارة وبدا أنه ضابط من رد فعل المسلحين على وجوده. نادى الرجل على المسلحين كي يأتوه بمجموعة المحتجزين التي كان الشاهد واحداً منها:

سألنا عن أسمائنا. وكان الأمر وكأنه يعرف من نكون وهناك من اتصل به للإبقاء على حياتنا. أمر الرجال بإخلاء سبيلنا. ووضعنا في منزل لحمايتنا ووضع عليه اثنين من الحرس. وقال، "حين ترون الناس وقد تركوا الساحة عودوا إلى بيوتكم". وهذا ما فعلناه.
عند الساعة 4:30 مساءً لاحظت انصراف الجميع. فقلت للمجموعة إن بوسعنا الخروج من المنزل الذي احتمينا به. وفور خروجي من المنزل سمعت طلقة نارية. كان ما يزال هناك قناصة. سرت بجوار متجر عزام. كان مشتعلاً. لا بد وأنهم أحرقوا الجثث فيما بين 3 و4:30 مساءً. حاولنا إطفاء الحريق. كانت الجثث متفحمة تماماً. تمكنت من التعرف على قلة منها كانوا قريبين من الباب. محمد يوسف طه وياسر طه. لا بد وأن عدد الجثث كان يبلغ 45 جثة في المتجر. وبينما كنت في المتجر مرت سيارة من الدفاع المدني. اختبأت. نظروا من الخارج وقالوا، "لقد احترقوا". وجدوا جثتين في الساحة. تركوهما وقادوا السيارة مبتعدين.[58]

كما أخذت القوات النظامية أو الموالية لها مجموعة من السيدات إلى مسجد البلدة ، بحسب اثنتين من الشاهدات. قالت علا، وهي إحدى السكان وتقيم على بعد نحو 200 متر من الساحة، إن القوات النظامية جعلتها هي وقريباتها تمشين إلى الساحة الرئيسية حوالي الساعة 3:30 عصراً. ووصفت ما رأته:

عندما بلغنا الساحة كانت هناك رائحة جثث قوية. كما كنا نرى متاجر تحترق. كان محل البقالة الخاص بمحمد طه يحترق. وكان هناك أيضاً حريق في متجر الهواتف الخليوية الخاص بعزام بياسي. كانت جثة ياسر طه ترقد بجوار الباب الأمامي لمتجر عزام بياسي. كنت أشعر بخوف شديد.[59]

نجت علا والمجموعة التي كانت معها بحياتهن حين ظهر ضابط وأمر المسلحين بإعادة السيدات والأطفال إلى بيوتهم، كما قالت. في طريق العودة، قالت علا إنها شاهدت منزل جارها يحترق. وقالت إن المسلحين أرادوا التقاط صور مع سيدات البيضا وكانوا يرددون، "أحرقنا درعا وسوف نحرق البيضا".

في نحو الساعة 6 مساءً، بعد رحيل القوات النظامية وتلك الموالية لها، عاد إلى البلدة بعض رجالها الذين كانوا مختبئين في التلال القريبة. وصف محمد ما وجده عند وصوله إلى ساحة البلدة:

كانت جثة ياسر حسين أمام محل الحلاق. محمد حسين الشهير بمحمد الشاويش كان يرقد أمام باب المتجر. كان مصاباً بطلق ناري في عينه. وكان جزء من رأسه قد اختفى. كان المشهد كله لحم ودم. وكان متجر عزام بجوار متجره، عزام بياسي. ما رأيناه بداخله لا يمكنني وصفه. كان منظراً لا يصدق. كانت الغرفة بمساحة 4 أمتار في 4. وكان بداخلها أكثر من 60 جثة. كانوا متراصين بجوار بعضهم البعض ومحترقين تماماً. كان الدخان ما زال يتصاعد منهم. كانت النيران قد خبت لكنها لم تزل تدخن. وكانت الجثث مشوهة. لم نتبين ما إذا كانوا قد قتلوا بالرصاص أولاً أم أحرقوا. حاولت إلقاء نظرة عن كثب لتبين إطلاق النار على أي منهم. قلبت إحدى الجثث المحترقة فشعرت بيدي يغطيها الدهن. كانت الجثة قد ذابت.
كان هناك نحو 60 جثة لكننا لم نستطع إحصاءها بدقة. لم يكن هذا ممكناً. كانت كلها محترقة ومكومة فوق بعضها البعض. كان منظراً بشعاً بشكل لا يصدق. في الساحة بالخارج كان هناك الكثير من الدماء. ولهذا أعتقد أنهم قتلوهم أولاً ثم أخذوهم للداخل وأشعلوا في جثثهم النار.
أما عن الجثث فلم يكن ممكناً تبين هوياتها. لم يكن بوسعك التعرف على أي ملامح لها. وجدنا جثة علاء أحمد حسين، 25 سنة، بالقرب من متجر عزام، عند بداية الشارع المنحدر من الساحة. كان قد تم جر جثته إلى الطريق.[60]

قام محمد وأصدقاؤه بتصوير المشهد داخل المتجر ونشروه على موقع يوتيوب. وراجعت هيومن رايتس ووتش مقطع الفيديو الذي يبين الجثث المحترقة وما زال الدخان يتصاعد منها.[61]

مزاعم النقل والإعدام في قرى مجاورة

قال اثنان من سكان البيضا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم يعتقدون أن المسلحين الموالين للحكومة نقلوا بعض أقاربهم إلى قرى علوية مجاورة وأعدموهم هناك. وبحسب لينا، في منتصف العشرينيات، التي كانت تقيم قرب ساحة البلدة والمدرسة، دخل منزلها 20 رجلاً بزي عسكري وقالوا إنهم يريدون اعتقال الرجال.

أخذوا أبي، وعمي، وابن عمي، وجارنا [تم حجب أسماء الأقارب لأسباب تتعلق بالسلامة].[62]
هرعت أمي خلفهم تطلب منهم إعادة زوجها. فكرر المسلحون، "نصف ساعة ونعيدهم إليك". لا ندري إلى أين أخذوهم.
عاد زوجي [الذي أخذ إلى ساحة البلدة لكنه كان ضمن المجموعة التي أنقذها أحد الضباط] إلى البيت. وذهب يبحث عن أبي. اتجه إلى الساحة التي تبعد نحو 100 متر عن منزلنا. وذهب إلى متجر عزام، لكنه لم ير الجثة.[63]

فيما بعد تعرفت لينا على أبيها في مقطع على يوتيوب يظهر به ما لا يقل عن ثماني جثث لرجال يرقدون على الأرض ويقف فوقهم رجال بأزياء عسكرية. لم تكن الأرض تحت الجثث مرصوفة. تعرفت لينا على أبيها من ثيابه. وبحسب لينا وآخرين من سكان البيضا، لم يكن المشهد المحيط مألوفاً لهم، مما يدل على أن تصويره لم يتم في البلدة . لم تستعد العائلة جثة والد لينا قط.

صورة ثابتة من مقطع فيديو تُظهر ما لا يقل عن ثمانية رجال قتلى يرقدون على الأرض ويقع فوقهم رجال في ثياب عسكرية. هناك شاهدة، وهي لينا، تعرفت على أبيها من هذا الفيديو من ملابسه.[64]

قال ماجد، الذي كان يقيم بحي ليلى، لـ هيومن رايتس ووتش إنه يعتقد هو أيضاً أن بعض رجال حيهم قد نقلوا إلى قرى علوية مجاورة:

فتشت قوات الأمن الحي كله. وتم أخذ بعض الرجال إلى المدرسة الابتدائية، بينما نقل آخرون إلى الساحة الرئيسية. ونقل هؤلاء الذين كانوا في المدرسة الابتدائية بشاحنتين أو ثلاث إلى قرى علوية مجاورة. الجريسية وضهر الزوبة. رأيت شاحنة نصف نقل من طراز إيسوزو، كتلك المستخدمة لنقل الخضر، تنقل الرجال.[65]

عند الاستعلام منه عن كيفية علمه بالمكان الذي تم أخذ الرجال إليه، قال الشاهد إنهم تلقوا معلومات من سكان تلك القرى الذين لم يوافقوا على ما حدث لكن الخوف منعهم من التكلم.

لا يمكن لـ هيومن رايتس ووتش التحقق بشكل مستقل من مزاعم نقل السكان إلى قرى علوية مجاورة وإعدامهم هناك. هناك حاجة إلى المزيد من التحقيقات.

عملية إعدام متنازع عليها: مقتل الشيخ عمر بياسي وزوجته وابنه

يقع منزل الشيخ عمر بياسي، إمام البلدة السابق، عند مدخل الساحة الرئيسية للبيضا. وقد وصف لنا محمد، الذي كان قد اختبأ في الغابات المجاورة ثم دخل البلدة مباشرة عقب انسحاب القوات الموالية للحكومة منها عصر يوم 2 مايو/أيار، وصف لنا ما وجده:

فوصلنا إلى منزل الشيخ عمر. يتكون منزله من طابقين، وهناك شرفة بالطابق الأرضي، تطل على الطريق مباشرة، ولا ترتفع عن الأرض أكثر من مترين. ما رأيناه عندئذ فاجئنا تماماً. طوال اليوم كان هناك إطلاق نيران وقصف وقتل في البلدة ، إلا أنه [الشيخ] وزوجته وابنه حمزة [البالغ] كانوا جميعاً جالسين على مقاعد على الشرفة، بجوار بعضهم البعض في صف واحد.

صورة الشيخ عمر بياسي بعد إعدامه. © خاص.

صورة تُظهر زوجة الشيخ عمر بياسي وابنه حمزة. © خاص.

لقد قتل الثلاثة على مقاعدهم وهم جلوس. كان حمزة قد سقط من مقعده. كانت هناك رصاصة برأسه. كان على ظهره ويحمل بطاقة هويته في يده. لم تسقط أمه عن مقعدها. كان رأسها مائلاً للخلف. حين رأيتها في البداية ظننت أنها ذبحت لكن كلا، لا بد وأنها تلقت رصاصة شلت أعصابها. لذا مال رأسها للخلف.
أما الشيخ عمر فقد سقط للأمام. كان مصاباً برصاصة في الرأس بدوره. الثلاثة جميعاً أصيبوا في الرأس. كانوا يجلسون على مقاعد أحدهم بجوار الآخر والثلاثة موتى.[66]

راجعت هيومن رايتس ووتش صوراً فوتوغرافية التقطها سكان بعد انسحاب القوات الموالية للحكومة من البلدة . وتبين إحدى الصور بوضوح الشيخ بياسي راقداً على الأرض وعلى رأسه دماء جافة. كما تبين صورة أخرى زوجة الشيخ بياسي ميتة على مقعدها وجثة ابنها ترقد على الأرض بجوارها.

بحسب الكثير من سكان البيضا، كان الشيخ عمر بياسي، إمام البلدة السابق، من مؤيدي الحكومة وعضواً بلجنة المصالحة الوطنية التي أنشأتها الحكومة.[67] اتهمت الكثير من صفحات الفيسبوك المؤيدة للحكومة، وكذلك بعض القنوات الإعلامية السورية الموالية للحكومة بوجه عام، اتهمت مسلحين من المعارضة بقتله.[68] وفي زيارة حديثة إلى البيضا، قام مراسل صحيفة وول ستريت جورنال بإجراء مقابلة مع رجل قدم نفسه كأحد أقارب الشيخ بياسي، ووجه اللوم إلى مقاتلي المعارضة على إعدام الشيخ وعائلته قبل الانسحاب من البلدة .[69]

لكن سكاناً محليين وأحد مقاتلي المعارضة ينكرون هذا بشدة. وهم يقرون طواعية بأن الشيخ بياسي كان من مؤيدي الحكومة، وبأن تأييده سبب توترات مع العديد من السكان المحليين.[70] إلا أنهم يتهمون القوات الموالية للحكومة بقتله هو وعائلته إما بسبب كونه شاهد عيان على عمليات الإعدام التي وقعت قرب منزله، أو لمحاولة إلصاق تهمة عمليات الإعدام بمسلحي المعارضة.

لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من العثور على أي شهود عيان على إعدام الشيخ بياسي وعائلته وبالتالي فهي لا تملك أدلة تؤيد أياً من الروايتين المتنازعتين بشأن هوية من قتلوه.


III . في أعقاب الكارثة: فرار على عجل ونهب وحرق

في اليوم الذي شهد وقائع القتل، يوم 2 مايو/أيار، قام المسلحون الموالون للحكومة بحرق ونهب عدد من المنازل ودمروا بعض الممتلكات عمداً، وهذا بحسب 8 شهود ومقاطع فيديو صورتها القوات الموالية للحكومة وصورها سكان محليون، وتبين منازل وسيارات مشتعلة في ما يبدو وكأنها حرائق لم تنتج عن القصف بل عن أفعال عمدية. وصف مصطفى الذي كان قد اختبأ في التلال واتجه عائداً إلى البلدة في ساعة متأخرة من عصر 2 مايو/أيار عقب رحيل مسلحي الحكومة والموالين لها مباشرة، وصف لنا الدمار:

ربما كانت 100 سيارة. كلها محترقة. والكثير من المنازل المحترقة أيضاً. في منزلي، خزانة الثياب الكبيرة التي بها الثياب، والفراش.. احترقت تلك الغرفة تماماً. انصهرت الخزانة كلها، بما فيها بطاقات هويتنا. وهذا حال معظم الناس. من بقوا على قيد الحياة لم يكن معهم ما يثبت شخصياتهم.[71]

تذكرت علا، التي كانت تقيم بالقرب من الساحة الرئيسية، كيف أخذت القوات الموالية للحكومة سيارة عائلتها علاوة على دراجتين ناريتين عند رحيلهم، ودمروا الأجهزة المنزلية بإطلاق الرصاص على التلفاز والثلاجة.[72]

لم يتلكأ السكان طويلاً لتقييم الأضرار أو دفن الموتى، مخافة عودة المسلحين. قال محمد لـ هيومن رايتس ووتش:

لقد فر الجميع. بعد رحيل الأمن والشبيحة [المليشيات الموالية للحكومة]... بعد السادسة مساءً تقريباً... لم يكن هناك شخص واحد قد بقي بالبلدة . أقصد في مناطقنا السكنية. لقد فر الجميع. هرب الكثيرون إلى الكنيسة في الحي المسيحي بالبيضا. وفرت مجموعة أخرى إلى قرية المراح المجاورة حيث لاذ كثيرون بالكنيسة. قامت هاتان الكنيستان بدور الملجأ. بقي هناك الكثير من السيدات والأطفال لأنهم صاروا بلا بيوت. ونزلت مجموعة أخرى في مصنع لتعليب الطماطم.
لم نكن نعرف كيف ندفن الموتى من كثرة أعدادهم. فقلنا إننا سنقوم بهذا في اليوم التالي. وبما أننا لم نكن نستطيع دفن أحد فقد قررنا أن يبحث كل منا عن مأوى يختبئ فيه، كهف أو ما أشبه، لأنه كان من المحتمل أن يعودوا في اليوم التالي للإجهاز على بقيتنا.[73]

ووصفت لمى الفوضى التي سادت البلدة عصر ذلك اليوم:

كان الناس يركضون ويقفزون فوق الجثث. لم يكن أحد يجرؤ على النظر. لم يملك أحد الشجاعة للبحث عن أبناء أو أخوات أو إخوة. لا أحد. كان الناس يحاولون الفرار ليس إلا. وكان هناك حديث عن قناصة في الجبال ولذا كان الناس يحاولون الرحيل بسرعة. كانوا يحاولون الهرب إلى حيث يستطيعون. اتجه البعض إلى مناطق الغابات، والبعض إلى المراح. كانوا في خوف من إطلاق النار عليهم.
لم يدفنوا زوجي حتى. لقد تركوه. وهكذا سحبته طوال الطريق... كان على الأرض لكنني وضعته في سجادة بمساعدة شخص ما وأخذته إلى المسجد. وطلبت من أحد الأشخاص إبلاغ أمه كي تأتينا ببعض الثياب لأنه تجرد من ثيابه. فرتبت أمه هذا. ألبسناه ثيابه وغطيته بالسجادة. ثم ودعته. وأخذت حماتي الصغار ورحلت بينما بقي شقيق زوجي وزوجته معي. مشينا في الغابة حتى بلغنا القرية المدعوة المراح. إنها منطقة مسيحية. رآنا المسيحيون فقالوا، "تعالوا هنا، ادخلوا الكنيسة".
كان هناك مزارع على الطريق... رجل مصاب لكنه لم يمت. كان يستغيث ولكن لم يكن بوسع أحد أن يساعده. لم يكن أحد يقوي على حمله. كان مع كل شخص أطفال يعتني بهم. وفي اليوم التالي وجدوه ميتاً.[74]

في اليوم التالي، 3 مايو/أيار، حاول بعض السكان العودة إلى البلدة لتفقد ممتلكاتهم وتبين ما إذا كان بوسعهم دفن أقاربهم. إلا أن القوات الموالية للحكومة كانت قد عادت إلى البلدة ومضت تنهب وتحرق بيوتا إضافية. قالت لمى لـ هيومن رايتس ووتش:

حاول شقيق زوجي الذهاب يوم الجمعة [3 مايو/أيار]. لكنه أصيب بالفزع، فقد سمع رصاصة تنطلق فخاف، ولذا ذهب وعاد على الفور. كان هناك دخان كثيف وكأن شيئاً مصنوعاً من البلاستيك يحترق. كان دخاناً أسود يغطي البلدة . كنا نراه من المراح.[75]

أكد أحد سكان البيضا المسيحيين، وهو سامي الذي ظل بمنزله في الجزء الذي يعلو التل من البلدة ، أكد لـ هيومن رايتس ووتش أن معظم عمليات الإحراق في البلدة حدثت في اليوم الثاني:

في اليوم الثاني رأيت الكثير من الدخان. أعتقد أنهم في يوم 2 مايو/أيار حين وقعت المذبحة لم يحرقوا سوى بيوت قليلة.[76]

كان مصطفى قد تفقد منزله في الليلة الأولى ووجد أن غرفة واحدة فقط قد احترقت، لكنه اكتشف لاحقاً أن قوات الأمن قد عادت إلى منزله وأحرقته عن آخره:

أشعلت النيران في منزلنا في اليوم الثاني. في اليوم الأول لم تحترق سوى خزانة الثياب. في اليوم التالي احترق كله. لم تبق سوى جوازات سفر عائلتي والحمد لله على هذا، فهي أهم من المنزل.[77]

قالت رزان، إحدى السكان المحليين، لـ هيومن رايتس ووتش:

في اليوم التالي [3 مايو/أيار] أرسلنا بعض الشباب لتفقد المنزل. فعادوا قائلين إن منزلنا احترق. لم يبق منه شيء. لا ثياب ولا نقود ولا شيء. بقينا لمدة 15 يوماً في القرى المجاورة ثم غادرنا سوريا. اتجه البعض الذين كانت معهم أوراق إلى لبنان. أما من كانوا بلا أوراق فقد اتجهوا شمالاً. لم تكن معي أية أوراق ثبوتية. لا لي ولا لطفليّ الاثنين. فاضطررت للحصول على ورقة تفيد بأنني "فقدت هويتي".[78]

بحسب السكان الذين أجرت هيومن رايتس ووتش معهم المقابلات، لم يستهدف النهب وإحراق المنازل سوى البيوت السنية. قال اثنان من السكان المسيحيين لـ هيومن رايتس ووتش إن القوات الموالية للحكومة لم تقم بأية أعمال نهب أو إحراق في الحي المسيحي في البيضا.[79]

في 3 مايو/أيار أذاعت اثنتان من القنوات التلفزيونية الموالية للحكومة، وهما الإخبارية السورية والمنار التابعة لحزب الله، تقارير من البيضا، وظهر في مقاطع الفيديو الخاصة بهما إحراق منازل وحرائق مشتعلة في بعض المنازل والمتاجر. التقطت كاميرا الإخبارية صوراً لبعض الجثث التي كانت ما زالت راقدة على الأرض، بما فيها جثث تعرف فيها الشهود على أفراد عائلة بياسي الذين عُثر عليهم على الطريق المنحدر المتفرع من الساحة الرئيسية للبلدة . وقد وصفتها الإخبارية بأنها "جثث الإرهابيين".

صورة ثابتة من تقرير تم بثه في 3 مايو/أيار في محطة الإخبارية التلفزيونية الموالية للحكومة، يُظهر حرق بيوت ومتاجر في البيضا.[80]

صورة ثابتة من تقرير تم بثه في 3 مايو/أيار من قبل محطة الإخبارية التلفزيونية الموالية للحكومة يُظهر حرق البيوت والمتاجر في البيضا.[81]

صورة ثابتة من تقرير بثته قناة المنار التلفزيونية التابعة لحزب الله في 3 مايو/أيار يُظهر حرائق ما زالت مشتعلة في ساحة البيضا الرئيسية. [82]

صورة ثابتة من مقطع فيديو بثته في 3 مايو/أيار قناة الإخبارية التلفزيونية الموالية للحكومة، ويُظهر أجساد أفراد من عائلة بياسي.[83]

لم تأت قوات الأمن ومعها أطقم الدفاع المدني للبلدة إلا يوم 4 مايو/أيار، بعد يومين من وقائع القتل، لجمع الجثث ودفنها، كما قال سكان محليون. قال حبيب، وهو أحد السكان المسيحيين ممن بقوا في البلدة طيلة عمليات القتل وما أعقبها، لـ هيومن رايتس ووتش:

يوم السبت [4 مايو/أيار] أتت قوات الأمن وجمعت الجثث. وجاءت شاحنات وحفرت حفرة كبيرة في مقبرة البلدة ودفنت الجثث بعضها فوق بعض. المقبرة شديدة القرب من حينا. كان رئيس بلدية بانياس وأحد أئمة بلدة القرير ضمن الحضور. كما جاء الهلال الأحمر وعربات الإطفاء يوم السبت. وزع الهلال الأحمر المعونات على العائلات. وكان يفترض أن تخصص المعونات للعائلات السنية، لكن معظمها كان قد قتل أو ترك البلدة.[84]

وصف ساكن مسيحي آخر، هو سامي، ما رآه في ساحة البلدة يوم 4 مايو/أيار:

رأيت عربات إطفاء تنظف الساحة. كانت رائحة الدم تثير الغثيان. كانت مثل رائحة اللحم عند الجزار. وكان العسكريون بكل مكان. لم يكن بوسعنا التصوير أو التحدث مع الناس. لم ندخل أحياء المسلمين لأن القناصة كان بوسعهم رؤيتنا. ولم نر الكثير من الجثث في الساحة، لكننا رأينا الهلال الأحمر ينقل بعض الجثث. ثم ذهبت لأرى أين سيدفنون القتلى. نصبت [قوات الأمن] نقطة تفتيش جديدة عند المقبرة. تقع المقبرة بجوار المدرسة الابتدائية. رأيت جرافات تحفر حفرة في الأرض. كان العسكريون يعطون الجرافات تعليمات بما يلزم فعله. وبعد انتهائهم من الحفرة، دفعوا بالجثث إليها. تم دفن المئات من الجثث.[85]

قال عبد الحليم الشغري، أحد أئمة البيضا، لمراسل صحيفة وول ستريت جورنال إنه كلف من طرف الحكومة بإحصاء موتى البلدة ، وإنه أحصى 139 جثة من اعتداء 2 مايو/أيار، بما فيها واحدة عثر عليها في منتصف يونيو/حزيران في بستان قريب. وقال إن 31 جثة كانت محترقة لدرجة تجعل التعرف عليها مستحيلا.[86]

بالتعاون مع شهود ومع أقارب الضحايا، جمعت هيومن رايتس ووتش قائمة بأسماء 167 شخصاً يعتقدون أنهم قتلوا في ذلك اليوم (انظر الملحق). من بين الـ167، كان هناك ما لا يقل عن 23 سيدة و14 طفلاً. وبحسب الشهود، لم يتم العثور أو التعرف على الكثير من الجثث بسبب حروقها الجسيمة. قال ماجد لـ هيومن رايتس ووتش:

ما زال عندنا سيدات يرفضن حتى الآن تصديق مقتل أبنائهن أو أزواجهن. إنهن يقلن، "لا بد وأنه ما زال حياً لأنني لم أر جثته". وهناك أمهات ما زلن يعتقدن أن أبناءهن على قيد الحياة. و"الغريق يتعلق بقشة" كما تعرف.[87]

IV . وقائع القتل في راس النبع، بانياس

بينما كانت القوات النظامية وتلك الموالية لها تهاجم البيضا يوم 2 مايو/أيار، نشب القتال في راس النبع القريبة، وهي إحدى ضواحي بلدة بانياس الواقعة على بعد ما يقرب من 10 كيلومترات من البيضا.

قال وليد، وهو أحد سكان بانياس، لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان يقود سيارته من بانياس إلى البيضا صباح 2 مايو/أيار حين سمع صوت معركة بالأسلحة النارية يأتي من البيضا. فاستدار عائداً للرجوع إلى بانياس لكنه سمع تبادلاً للطلقات النارية يأتي أيضاً من راس النبع، مما أرغمه على تغيير طريقه مرة أخرى.[88]

قال محمد، مقاتل المعارضة من البيضا الذي استشهدنا به في الفصول السابقة، لـ هيومن رايتس ووتش إنه رغم عدم تأكده من اسباب اندلاع القتال في راس النبع، إلا أنه سمع بأن بعض مقاتلي المعارضة حاولوا تخفيف ضغط هجمة القوات النظامية على البيضا بمهاجمة بعض نقاط التفتيش في راس النبع.[89]

وأفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأن الهجوم على راس النبع وقع بعد أن "أطلق متمردون النار على نقطة تفتيش حكومية متمركزة على جسر قريب يمر فوق طريق سريع [في راس النبع]، وهذا بحسب بعض السكان، ونشطاء للمعارضة ومسؤولين أمنيين".[90]

أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع خمسة من سكان راس النبع، كانوا في الحي أو المناطق المتاخمة له للاحتماء أثناء العمليات الحكومية على الأرض يوم 3 مايو/أيار. ولم يكن هؤلاء السكان شهود عيان على وقائع القتل في راس النبع، لكنهم قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم يعتقدون أن القوات النظامية والموالية لها مسؤولة عن جرائم القتل، وإن الجثث التي رأوها تبدو وكأنها قتلت بطريقة الإعدام. وقالوا إن إطلاق النار على الضحايا كان إما في الصدر أو في الرأس، أو كانت بهم عدة طلقات نارية في مواضع متعددة من أجسامهم.

كان اثنان من السكان الذين تحدثت معهم هيومن رايتس ووتش، وهما أحمد وبسام، من أوائل الذين عثروا على الجثث بعد انسحاب القوات الموالية للحكومة من الحي. وشاهدت اثنتان أخريان من السكان، هما آية وسلوى، قوات نظامية أو موالية لها تعود للحي لإطلاق النار عليهما وعلى غيرهما من الجيران الذين بقوا على قيد الحياة عقب انسحاب القوات بقليل.

وبحسب أحمد وبسام وآية وسلوى، بدأت الحكومة السورية في قصف الحي في ساعة متأخرة من عصر 2 مايو/أيار وحتى مطلع المساء. وقالوا إن القصف استؤنف في عصر اليوم التالي، وإن نيران الدبابات والهاون والمدافع في اليومين كانت تأتي من جسري القوز وراس النبع ومن قرية القوز الواقعة إلى الشمال من راس النبع. لم يكن القصف مكثفاً، ولم تنتج عنه خسائر بشرية كبيرة، حسب قولهم.

لم تتعرف الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلا على مدني واحد قتل في قصف راس النبع بين 2 و4 مايو/أيار.[91] قال أحمد وبسام وآية وسلوى إن القتل العمدي من قبل القوات الموالية للحكومة بعد دخولها إلى الحي يوم 3 مايو/أيار وفي صباح 4 مايو/أيار، هو بالأحرى ما سبب معظم الوفيات، جراء طلقات نارية للرأس وأعلى الجسم في المقام الأول.

قالت آية وسلوى، وكلتاهما من نفس العائلة، وقال أحمد أيضاً لـ هيومن رايتس ووتش إنهم حين حاولوا مغادرة راس النبع يوم الخميس 2 مايو/أيار، بعد يوم من القصف، رفضت القوات النظامية عند نقطة تفتيش على جسر راس النبع السماح لهم أو لغيرهم من السكان بالمغادرة. وقال أحمد لـ هيومن رايتس ووتش:

هناك نقطة تفتيش على الجسر الواصل بين راس النبع وبقية نواحي بانياس، مما يعني اضطرار الراغبين في مغادرة راس النبع إلى بانياس للمرور من نقطة التفتيش... في يوم 2 مايو/أيار لم يسمحوا للناس بالخروج أو الدخول [عبر نقطة التفتيش]... اتجهت إلى الجسر مع أسرتي ولكن [قبل أن أبلغ نقطة التفتيش]... رأيت الناس يعودون. وقالوا لنا إن قوات الأمن لا تسمح لأحد بالمغادرة.[92]

وقالت سلوى، وهي واحدة من السكان المحليين، لـ هيومن رايتس ووتش:

في ليلة الخميس حاولنا مغادرة الحي عن طريق عبور جسر راس النبع. تعرضت المنطقة التي نسكنها لأسوأ القصف... وأنا سيدة عجوز، ولعلك تدرك أنني كنت أسير نحو الجسر ببطء. كنت أرى الناس أمامي يعادون للوراء عند نقطة التفتيش، وأنهم لا يسمحون لهم بالمرور. لم أبلغ نقطة التفتيش قط، بل افترشت الأرض وانتظرت، وسأل شخص آخر إن كانوا سيسمحون لنا بالمرور، لكنهم رفضوا، وهكذا صرنا محاصرين. لم يكن لنا مكان نلجأ إليه.[93]

وقدمت آية، ابنة سلوى، رواية مشابهة لـ هيومن رايتس ووتش:

استعددنا للرحيل ليلة الخميس لأن الأوضاع كانت تبدو وكأنها لن تتحسن. اتجهنا إلى جسر راس النبع لكن عند اقترابنا منه رأينا عائلات تعود من نفس الاتجاه. وقالوا لنا إنه من غير المسموح لأحد بالرحيل. كان أفراد قوات الأمن الواقفون عند نقطة التفتيش يرتدون أزياء عسكرية مموهة. عادة ما يكون هناك اثنان أو ثلاثة منهم عند نقطة التفتيش، لكنهم كانوا نحو سبعة أو ثمانية هذه المرة. وهكذا عدنا أدراجنا... [وفي اليوم التالي] أراد شقيق زوجة أخي أخذ أسرته إلى منزل والديها المجاور لمسجد الرضوان على الجهة الأخرى من الجسر، لكن الحرس عند نقطة التفتيش أعادوه من حيث أتى.[94]

عمليات الإعدام في راس النبع

قال أحمد وبسام وآية وسلوى لـ هيومن رايتس ووتش إن القوات الموالية للحكومة دخلت الحي في مساء 3 مايو/أيار.[95] قال بسام وآية وسلوى إنهم كانوا موجودين حين دخلت القوات النظامية، وإنهم عثروا على جثث جيران وآخرين من سكان راس النبع، يبدو عليهم أنهم أعدموا، مباشرة عقب انسحاب القوات من شوارعهم.[96] كان أحمد على أطراف الحي يوم 3 مايو/أيار، حيث اختبأ بسبب القصف، ووصل عقب مغادرة قوات الحكومة للمنطقة بقليل. وقد عثر بدوره على جثث سكان يبدو عليهم أنهم أعدموا.[97]

تعرف أحمد وبسام وآية وسلوى لـ هيومن رايتس ووتش على 30 رجلاً و22 سيدة و29 طفلاً قتلوا بطريقة الإعدام في ذلك اليوم.[98] وقال كل منهم لـ هيومن رايتس ووتش إنهم عثروا على جثث لعائلات بأكملها، بينها أطفال، تم قتلهم معاً.[99] وقد أدت الجراح، وبينها جراح طلقات نارية في الرأس والصدر، ومواضع الجثث، التي كانت توجد أحياناً مكومة في الشارع، أدت بهم إلى الاعتقاد بأنهم قتلوا بطريقة الإعدام.[100] وبحسب أحمد وبسام وآية وسلوى، كان جميع السكان الذين تم إعدامهم من المدنيين.[101] تعرفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وهي مجموعة رصد سورية، على 188 مدنياً بينهم 54 طفلاً و43 سيدة، يزعم أنهم قتلوا في حي راس النبع في بانياس يومي 3و4 مايو/أيار بطريقة الإعدام.[102] ولم يتم التعرف على هوية 18 من هؤلاء الأشخاص. وتعد هذه أكثر قوائم الخسائر التي راجعتها هيومن رايتس ووتش اكتمالاً، إلا أن أعداد الخسائر قد تكون أعلى بالنظر إلى المصاعب التي ذكر بعض النشطاء مواجهتها في التمكن من الوصول إلى المنطقة لدفن الموتى وإحصائهم.

إعدام أفراد عائلات سليمان وطه وسكيف

قال أحمد وبسام لـ هيومن رايتس ووتش إنهما في مساء 3 مايو/أيار شاهدا لدى مشارف الحي كومة من نحو 30 جثة لأفراد، بينهم ما لا يقل عن 7 سيدات و6 أطفال، من عائلتي سليمان وطه بالأساس.[103] إضافة إلى هذا، تم التعرف على ثلاثة من الموتى من عائلة سكيف.

قال بسام لـ هيومن رايتس ووتش إنه شاهد مسلحين، يغلب على ظنه أنهم ينتمون لقوات الأمن أو الجيش بسبب ملبسهم، يدخلون الحي في المساء. ثم سمع جاره من عائلة سليمان يصرخ في الشارع بأن والديه قد قتلا. وقال إنه وجده يقف فوق جثث أكثر من 30 من سكان الشارع: "فهرعت إليه لأرى ما حدث، لأجده واقفاً بلا حراك أمام جثث عائلته كلها، التي قتلت".[104]

وقال بسام إنه بالإضافة إلى 8 أفراد من عائلة سليمان، كان هناك 22 شخصاً آخرون ضمن القتلى معهم، وبينهم 13 تعرف عليهم من عائلة طه. وقال إن الجثث كانت بحذاء جدار على جانب الشارع يجاور أحد أعمدة الإنارة. وقال إنه حسبما استطاع أن يرى، كان السكان مصابين بالرصاص في الرأس والجسم. وكانت هناك آثار رصاصات أيضاً على الجدار الذي خلفهم. وهو يعتقد أن إعدامهم تم هناك.[105] كما تعرف شخص ثان من السكان، هو أحمد، على أفراد من عائلتي سليمان وطه في تلك الكومة من القتلى. وقال إنهم هم وكافة الجثث التي رآها، قتلوا بالرصاص في الصدر أو الرأس، أو كانت بهم عدة طلقات نارية في مواضع متعددة من أجسامهم.[106]

قالت سيدة ثالثة من السكان، هي آية، إنها شاهدت سارة طه بعد وقائع القتل, وقالت لها إن عائلتها بأسرها قتلت بينما كانت مختبئة، بمن فيهم شقيقاها وزوجتاهما وأمها.[107]

وقال بسام لـ هيومن رايتس ووتش إن ستة جثث إضافية في الكومة كانت لأشخاص من حمص، وإن ثلاثة أفراد من عائلة سكيف، هم سيدتان وابنة محمد سكيف الرضيعة، التي احترق ساقاها، كن وسط المجموعة أيضاً.[108]

بعد تفحص الجثث لعدة دقائق، قال بسام لـ هيومن رايتس ووتش إنه اتجه عائداً إلى بيته ولكن لأن القوات النظامية كانت تطلق النار في الشارع فقد اضطر لتحويل طريقه وذهب إلى منزل أحد الجيران. وفي الطريق صادف المزيد من الجثث في الشارع. وكان بعضها محترقاً وبعضها مصاباً بالرصاص في الرأس. قدر بسام أنه رأى 12 جثة إضافية، لكنه لم يقترب منها بما يكفي لرؤية وجوهها.[109]

تمكنت هيومن رايتس ووتش من مقابلاتها مع أحمد وآية وبسام من تحديد أسماء 9 من الرجال الذين تم إعدامهم، وسبعة من السيدات و6 من الأطفال من عائلات سليمان وطه وسكيف:[110]

· رأفت سليمان

· صفوان سليمان (ابن رأفت)

· عصام سليمان (ابن رأفت)

· أبو عابد سليمان

· خديجة طه (زوجة أبو عابد سليمان)

· أطفال خديجة طه الثلاثة القصّر

· صباح طه

· علي طه (ابن صباح)

· أحمد طه (ابن صباح)

· جميلة طه

· مروان طه

· طارق طه

· عائشة طه[111]

· غادة طه

· فتاة طه

· لطيفة عبد القادر جلول [اسم عائلة الزوج هو طه]

· محمد طه (ابن لطيفة عبد القادر جلول)

· يسرا طه ـ طفلة (ابنة لطيفة عبد القادر جلول)

· ياسر طه ـ طفل (ابن لطيفة عبد القادر جلول)

· ابنة محمد سكيف ـ رضيعة

إعدام أفراد عائلة جلول

وثقت هيومن رايتس ووتش أيضاً إعدام 17 فرداً من عائلة جلول. قالت آية، جارتهم، لـ هيومن رايتس ووتش إنها في يوم الجمعة 3 مايو/أيار كانت تبحث مع عائلتها وجيران آخرين عن مأوى من القصف، حينما سمعت في نحو الثامنة والنصف مساءً أصوات رجال بالخارج وصوت زجاج يتهشم. وفي نحو العاشرة مساءً جاء أحد الجيران إلى منزلهم وهو محطم، قائلاً إنه رأى جثث عبد الرحمن جلول (المعروف أيضاً باسم أبو سعيد) وعائلته. ذهبت آية إلى منزلهم عند سماعها بهذا ورأت جثث أفراد العائلة.[112] وقالت آية إن شخصاً آخر من أقاربهم كان مصاباً لكنه لم يمت بعد.

ذهبنا جميعاً إلى منازلهم [منازل عائلة عبد الرحمن جلول] التي تبعد نحو 50-100 متر عنا، ورأيت بيان جلول، التي يبلغ عمرها 21 سنة، مصابة بطلقة في الرأس. التفت فرأيت روان، شقيقتها التي يبلغ عمرها 17 سنة، مصابة بدورها برصاصة في الصدر إلا أنها كانت ما زالت حية. ونظرت في أنحاء المنزل فرأيت أبو سعيد، أباهما، مصاباً بالرصاص وساقاه مقيدتان. كما كانت أمهما، أم سعيد، مصابة برصاصة في الرأس بدورها. كان عمرها 55 عاماً.[113]

قالت آية لـ هيومن رايتس ووتش إن قريبتها، التي رأتها في منزل أبو سعيد بعد رحيل القوات النظامية والموالية لها بقليل، كانت قد تحدثت مع أم سعيد قبل مقتلها. وحكت آية، "قالت لي إنها كانت تتحدث مع أم سعيد حوالي الساعة 8:30 أو 9 [مساءً] على الهاتف وإنها فجأة سمعت أم سعيد تصرخ وتتوسل طلباً للرحمة. ثم سمعت طلقات نارية".[114]

حكت سلوى، والدة آية، لـ هيومن رايتس ووتش في مقابلة منفصلة عن كيفية اكتشافها هي وعائلتها جثث جيرانهم القتلى، فقالت:

وجدت أبو سعيد عند مدخل بيته. لم تكن روان قد توفيت في تلك اللحظة وقد تحدثت معها وأخبرتني بأنها أحرقت... كانت غرفة معيشتهم مشتعلة. تفقدت أبو سعيد لأرى إن كان يتنفس. لم يكن يتنفس، وكانت ساقاه مقيدتين بحجاب زوجته أو إحدى ابنتيه. كانت أم سعيد ترقد على جنبها. ولم يكن هناك شخص آخر مقيد. كان الظلام سائداً فلم أكن أرى بوضوح، لكنني كنت أشعر بالدماء... كانت روان مغطاة بالدماء.[115]

قالت آية لـ هيومن رايتس ووتش إنه بعد عثورهم على الجثث، عادت القوات النظامية أو الموالية لها إلى مسرح الأحداث وأطلقت النار مراراً في اتجاههم. ففرت إلى منزل الجيران. وهذه هي روايتها لما حدث:

رأيت أضواء سيارة. كانت قادمة من منطقة القوز، منحدرة على الجرف، فاستبد بنا الفزع، وجريت إلى [منزل أحد الجيران] واختبأت... كان الظلام شديداً. جلست على الأرض وفجأة سمعت صوت سيدة تتنفس بصعوبة. كانت منى، زوجة سعيد جلول. سعيد... عمره 30 عاماً وعنده طفلان، غزل وعبد الرحمن. قالت لي إن سنا، شقيقة سعيد أصيبت بالرصاص وإنها كانت تصلي. وتوفيت وهي تصلي. وضعت يدي على منى أحاول تحريكها لكنني شعرت بدماء. كانت بدورها مصابة بالرصاص في بطنها. كان عبد الرحمن، ابن منى الذي يبلغ عمره 4 سنوات، يبكي بهدوء. وقال لي إن قوات الأمن السورية أتت بالبنادق وأطلقت عليهم النيران.[116]

كان عبد الرحمن ذي السنوات الأربع هو الناجي الوحيد من عائلة عبد الرحمن جلول.

بعد رحيل السيارة، عادت آية للخارج ووجدت أحمد جلول مصاباً بالرصاص في الصدر بجوار سيارته. وقالت إحدى الجيران لآية، وكانت خارج منزلها، إنها تظاهرت بالموت عند عودة قوات الأمن ورأتهم وهم يطلقون الرصاص على أحمد ويقتلونه. عند عودة آية رأت أنه قد تم نقل بيان وروان داخل سيارة أحمد، لكن الاثنتين كانتا قد توفيتا بحلول ذلك الوقت، كما قالت آية.[117]

قالت سلوى لـ هيومن رايتس ووتش إن محمد الزوزو، خطيب روان وأحد أفراد الجيش السوري الحر، جاء إلى منزلهم بعد الهجوم. وحين رأى أنها مصابة رحل لجلب المساعدة. قٌتل الزوزو نفسه لاحقاً في مكان آخر من ال. وقالت إن العائلة لم يكن بها أي شخص آخر ينتسب إلى المتمردين.[118]

قال أحمد لـ هيومن رايتس ووتش إنه حين عاد إلى القرية من المناطق المتاخمة حيث كان يبحث عن المأوى أثناء القصف في الليل، رأى عدة مجموعات من الجثث لأشخاص يبدو أنهم أعدموا، وبينهم ما لا يقل عن 10 من عائلة عبد القادر جلول، وهو فرع آخر من عائلة جلول في راس النبع.

كانت أول كومة أراها في بداية الحي تتكون من 25 جثة. اقتربت من الكومة ورأيت أن أول 5 أو 8 مصابون بالرصاص في الرأس أو الصدر. وكان ببعضهم طلقات نارية متعددة. لم أستطع النظر إلى الجثث التي في قاع الكومة لأنني كنت أخشى لمسها، لكنهم كانوا جميعاً موتى بالتأكيد. رأيت جثة مطعونة. كان هناك جراح قطعية في البطن. وكانت جثة رجل.[119]

قال أحمد إنه قدر عدداً لا يقل عن 10 من الجثث الموجودة في الكومة وتخص عائلة عبد القادر جلول، التي كان يعرفها. وقال إنه سمع بمقتل أفراد آخرين من عائلة عبد القادر جلول في أجزاء أخرى من الحي.[120]

قالت سلوى لـ هيومن رايتس ووتش إنها ذهبت، في مساء 3 مايو/أيار بعد اجتياز القوات النظامية وتلك الموالية لها لمنطقتها، إلى منزل عبد القادر جلول فوجدت ساقه مقطوعة ورأسه مصاباً، وأنه أصيب بالرصاص وهو في فراشه. كانت جثة زوجته، حليمة عيروط، في غرفة النوم أيضا. ورأت جثتي أحمد (78 سنة) وأسامة (80 سنة) في المنزل، وقالت إن محمود عبد القادر جلول وزوجته أمل وطفليهما صهيب ومحمد قد قتلوا بدورهم.[121]

من المقابلات مع أحمد وآية وسلوى، تمكنت هيومن رايتس ووتش من التحقق من أسماء سبعة من الرجال الذين تم إعدامهم، وستة سيدات، و4 أطفال من عائلة جلول:[122]

· عبد الرحمن (المعروف أيضاً باسم أبو سعيد) جلول

· أم سعيد جلول

· بيان جلول

· روان جلول ـ طفلة

· منى، زوجة سعيد جلول

· سعيد جلول

· غزل جلول، طفلة

· سنا جلول

· أحمد جلول

· عبد القادر جلول

· حليمة عيروط (زوجة عبد القادر جلول)

· محمود جلول

· أمل (زوجة محمود جلول)

· صهيب جلول ومحمد جلول ـ طفلان (ابنا محمود وأمل)

· أحمد جلول

· أسامة جلول

إعدام أفراد عائلة رجب

قال أحمد لـ هيومن رايتس ووتش إنه بعد انسحاب القوات النظامية وتلك الموالية لها، شاهد أيضاً جثث أفراد من عائلتي محمود وأحمد رجب، بمن فيهم الرجلين وزوجتيهما وخمسة أطفال وثلاث شقيقات. قال أحمد إنهم كانوا يبدون، استناداً إلى جراحهم التي دلت على إصابتهم بالرصاص في الرأس أو الصدر أو بطلقات متعددة أو بطعنات، وكأنهم أعدموا.[123] كما أبلغ سكان محليون ونشطاء للمعارضة عن أكثر من 20 وفاة من عائلة رجب.[124]

قال بسام، وهو أحد السكان المحليين، لـ هيومن رايتس ووتش إن جثتي والدي محمود وأحمد رجب كانتا ضمن الجثث التي رآها في الحي بعد انسحاب القوات النظامية وتلك الموالية لها. كما قال إن شقيقاتهما وأزواجهن قتلوا، لكنه لم يستطع التعرف عليهم بالاسم. وأضاف بسام أنه بعد مغادرة المنطقة شاهد في المسجد بقرية مجاورة فتاة من عائلة رجب توفيت هناك متأثرة بجروحها.[125] وقالت آية إن أحدى صديقاتها أخبرتها بوجود فاطمة رجب، التي كانت حبلى، بين الموتى.[126]

من المقابلات مع أحمد وآية وبسام، تمكنت هيومن رايتس ووتش من التعرف على ثلاثة رجال من الذين أعدموا، وأربع سيدات وخمسة أطفال من عائلة رجب.[127]

· محمود رجب

· زوجة محمود رجب

· أحمد رجب

· زوجة أحمد رجب[128]

· كرم ومصطفى رجب (ابنا أحمد رجب) ـ طفلان

· أطفال محمود رجب الثلاثة القصّر

· مصطفى رجب (والد محمود وأحمد رجب)

· والدة محمود وأحمد رجب

· فاطمة رجب

إعدام أفراد من عائلات أخرى في راس النبع

قال أحمد وآية وبسام وسلوى لـ هيومن رايتس ووتش إنهم قاموا في أعقاب العملية البرية للحكومة السورية ومداهماتها للمنازل، بالتنقل بين الشوارع للاطمئنان على الجيران، فوجدوا أكواماً من الجثث تضم في أحيان كثيرة أشخاصاً من نفس العائلة تم إعدامهم، وكان بينهم أطفال.[129]

قال أحمد لـ هيومن رايتس ووتش إنه ضمن المجموعة الأولى التي شاهدها من الجثث، كانت توجد جثث نوار لولو ومحمود لولو ومحمد الزوزو وبسام الزوزو.[130] وقال بسام إنه شاهد الجثث المقتولة بطريقة الإعدام على ما يبدو للأخوين نوار ومحمد لولو.[131] وقال كل من أحمد وبسام إنهما شاهدا جثتي عيسى الترك وابنه البالغ من العمر 7 أعوام.[132] وقال بسام إنه شاهد ستة من أفراد عائلة النمرود، هم الزوجة والزوج وأربعة أطفال، وتسعة من أفراد عائلة الصباغ، بينهم أبو خالد، وابنه وابنته وهما طفلان، وابن عمه. وقال إنه شاهد أيضاً جثث خديجة حسين، وأبو عابد شيخ وشقيقه رأفت شيخ.[133]

قال بسام لـ هيومن رايتس ووتش إنه انطلق في نحو منتصف الليل مع مجموعة قوامها نحو 100 شخص للفرار من المنطقة. وبينما كانوا يفرون، رأى بسام جثثاً إضافية في الشوارع وفي منازل الناس، التي دخل بعضها لتبين وجود أشخاص بحاجة للمساعدة. وكانت من هؤلاء جثة أمينة علينة التي أطلق عليها الرصاص في بيتها. كما شاهد مجموعة من 14 جثة في الشارع وعلى الجدار الذي يعلوها آثار طلقات نارية. كانت الجثث، التي كان معظمها لرجال، مقيدة الأيدي خلف الظهور بشرائط من البلاستيك. وتعرف بسام بين الموتى، كما قال، على جثتي رجب حجازي وزوجته.[134]

قالت سلوى لـ هيومن رايتس ووتش إنها، بعد الفرار من المنطقة في مساء ذلك اليوم مع عائلتها، تحدثت مع زوج بديعة صالحة الذي أخبرها بمقتل زوجته وأطفالهما السبعة جميعاً.[135]

وعلى غرار ما جرى في البيضا، قال أحمد وآية وبسام وسلوى لـ هيومن رايتس ووتش إنهم شاهدوا، أو شاهدوا أدلة تدل على، قيام القوات النظامية بإحراق منازل، وجثث في بعض الحالات، في راس النبع.[136] قال أحمد إنه شاهد 3 منازل محترقة عند عودته إلى راس النبع يوم 4 مايو/أيار.[137] وقالت آية وسلوى لـ هيومن رايتس ووتش إن القوات النظامية أو تلك الموالية لها أشعلت النار في حديقتهما ومنزلهما.[138] وبسؤال سلوى عن كيفية علمها بإشعال النار عمداً في منزلها، أجابت بأنه تم إشعال حرائق منفصلة في غرف تشمل أرجاء المنزل بحيث يتأثر كله بالحريق.[139]


V . الجناة

قالت لمى وعلا وسميرة ولينا ومحمد وماجد، الذين كانوا جميعاً في البيضا يوم 2 مايو/أيار، لـ هيومن رايتس ووتش إن القوات التي دخلت البلدة يوم 2 مايو/أيار كانت خليطاً من جنود الجيش النظامي، وأفراد قوة الدفاع الوطني، وهي منظمة شبه عسكرية أنشأتها الحكومة في مطلع العام من المليشيات الموالية للحكومة، وسكان مسلحين موالين للحكومة من القرى المجاورة.[140] قالت سميرة إنها شاهدت جنوداً يدخلون المنزل بشارات سوداء على أكمامهم تشير لانتمائهم إلى القوات الخاصة.[141] وقالت رزان إنها شاهدت مقاتلين في زي عسكري بشارات حمراء مكتوب عليها "دفاع وطني".[142] وقالت لمى وعلا ولينا إنهن رأين بعض المسلحين واعتبروهم من الشبيحة، بسبب لحاهم الكثة ولأن هيئتهم "لم تبد عسكرية ".

وتؤكد مقاطع الفيديو والمقابلات التي أذاعتها وسائل الإعلام الموالية للحكومة دور الجيش وقوة الدفاع الوطني. كانت قناة سما، وهي قناة إخبارية موالية للحكومة، حاضرة في التلال المحيطة بالبيضا أثناء القتال الذي نشب يوم 2 مايو/أيار، وأجرت مقابلات مع جنود على أطراف البلدة فأشاروا إلى أن الجيش والدفاع الوطني هم الذين قادوا الهجوم. يوجه رجل بزي عسكري الحديث للكاميرا فيقول "اليوم تخلص البيضا، فالجيش والدفاع الوطني جاهز".[143]

كما بثت قناة المنار التلفزيونية التابعة لحزب الله مقابلة حول عملية البيضا يوم 3 مايو/أيار مع رجل عسكري لم تتم تسميته يرتدي رقعة على الكتف تعلوها كلمة "وطني". وربما تدل الرقعة على انتماء الرجل إلى قوات الدفاع الوطني المنشأة حديثا. ويحمل رجل عسكري ثان أجرت معه المنار مقابلة في موقع الحدث، يحمل شارة سوداء على كتفه بها كلمة "خاصة"، التي لعلها تدل على انتمائه إلى القوات السورية الخاصة.[144]

صور ثابتة من مقطع فيديو بثته قناة المنار التابعة لحزب الله في 3 مايو/أيار يُظهر مقابلات مع عسكريين غير مذكورة أسمائهم حول عملية البيضا.[145]


VI . الإنكار الحكومي

اعترفت الحكومة السورية بإجراء عمليات عسكرية في البيضا وبانياس، لكنها قالت إن قواتها كانت ترد على أكمنة للمتمردين فقط، وإن قوات الأمن لم تقتل سوى "إرهابيين".[146] ونشرت قنوات إعلامية موالية للحكومة تقارير عن وقائع القتل يوم 2 مايو/أيار، كما أذاعت مقاطع فيديو تظهر جثث الموتى في البيضا، وتزعم أنها لـ"إرهابيين". في تعليق لها على عملية راس النبع يوم 15 مايو/أيار، أفادت الحكومة السورية عبر وكالة سانا الإخبارية التي تديرها الدولة بأن الجيش السوري "أعاد الأمن والاستقرار" إلى راس النبع بالقضاء على "المجموعات الإرهابية المسلحة" في المنطقة.[147]

قال علي حيدر، وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية، لصحيفة وول ستريت جورنال إن "بعض الأخطاء" ربما تكون قد ارتكبت، وإن لجنة حكومية تحقق فيها. لكنه قال أيضاً إن الحكومة اضطرت للتحرك لحرمان المتمردين من موطئ قدم في جزء من سوريا يعتبر معقل للعلويين ونظام الرئيس الأسد، ومنفذ سوريا الوحيد إلى البحر.

قال حيدر: "الدولة تملك الحق في هذا، فهي منطقة شديدة الحساسية وربما يتم قطع الطريق السريع [مشيراً إلى الطريق الساحلي السريع]".[148]


شكر وتنويه

أجرى بحوث هذا التقرير وكتبه نديم حوري، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولمى فقيه، باحثة سوريا ولبنان. راجع التقرير جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكلايف بالدوين، استشاري قانوني أول، وتوم بورتيوس، نائب مدير قسم البرامج. قدمت ديانا سمعان مساعدات بحثية، وهي المنسقة بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

عاون في إنتاج التقرير وتنسيق إصداره ساندي الخوري، المنسقة بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأعدّ التقرير للنشر كل من غرايس تشوي مديرة المطبوعات وكاثي ميلز، أخصائية المطبوعات، وفيتزروي هوبكنز المدير الإداري.

نتقدم بجزيل الشكر للضحايا والشهود السوريين الذين أطلعونا على تجاربهم، وكذا السوريين الذين ساعدونا في البحوث، على حساب التعرّض لمخاطر جمة في أغلب الأحوال.


الملحق 1 – الضحايا الذين تم التعرف عليهم في البيضا


1- جمال إسماعيل

2- علي جمال إسماعيل

3- أنور فؤاد جعفر

4- حسن فؤاد جعفر

5- عبد الستار محمد القاضي

6- عبد القادر أحمد حسين

7- أحمد محمد الشغري

8- محمد أحمد الشغري (ابن أحمد محمد الشغري)

9- عثمان أحمد الشغري (ابن أحمد محمد الشغري)

10- ماهر الشغري

11- محمد زاهر الشغري

12- عبد الرحمن عبد القادر الشغري

13- عبد المنعم عبد القادر الشغري

14- إبراهيم محمد الشغري

15- عبد الرازق الشغري

16- أسامة عبد الرازق الشغري

17- عبد الخالق أحمد الشغري

18- إبراهيم حامد مصطفى الشغري

19- أحمد إبراهيم الشغري

20- عبد القادر محمد طه

21- مهند محمد طه

22- إبراهيم محمد طه

23- مصطفى عبد القادر طه

24- محمد مصطفى طه

25- عبد الرحمن مصطفى طه

26- عمر يوسف طه

27- خير الدين يوسف طه

28- محمد يوسف طه

29- شحادة محمد طه

30- محمد شحادة طه (ابن شحادة)

31- ماهر محمد طه

32- أحمد شحادة طه

33- ياسر شحادة طه

34- ميسّر شحادة طه

35- مصطفى طه

36- محمد طه

37- صافي محمد طه

38- خالد محمد طه

39- محمد خالد طه (ابن خالد وحفيد محمد)

40- ماهر محمد قدور

41- أسامة محمد قدور

42- حكمت محمد قدور

43- محمد حكمت قدور

44- مصطفى حسين قدور

45- محمد حسين قدور

46- جلال حسين قدور

47- هادف حسين قدور

48- مصطفى محمد قدور

49- فاطمة مصطفى عصوم (زوجة مصطفى قدور)

50- أحمد محمد قدور

51- عبد القادر محمد قدور

52- محمود حسن نمورة

53- محمد حسن نمورة (شقيق محمود)

54- حياة يوسف طه (زوجة محمد حسن نمورة)

55- أحمد محمد بياسي

56- محمد أحمد بياسي (ابن أحمد بياسي)

57- خالد إبراهيم بياسي

58- عبد الله محمد بياسي

59- عائشة حسين (زوجة عبد الله)

60- نسيبة عبد الله بياسي (ابنة عبد الله بياسي)

61- رانيا عبد الله بياسي (ابنة عبد الله بياسي)

62- سامية عبد الله بياسي (ابنة عبد الله بياسي)

63- أحلام عبد الله بياسي (ابنة عبد الله بياسي)

64- ولاء عبد الله بياسي (ابنة عبد الله بياسي)

65- أحمد عبد الله بياسي

66- محمد عبد الله بياسي

67- صفا علي بياسي (زوجة محمد بياسي)

68- عبد الله محمد بياسي (ابن محمد بياسي)

69- عائشة محمد بياسي (ابنة أبو العابد)

70- سارة محمد بياسي (ابنة أبو العابد)

71- محمد بياسي (ابن أبو العابد)

72- حليمة محمد بياسي (ابنة أبو العابد)

73- همزة محمد بياسي (ابنة أبو العابد)

74- يوسف محمد بياسي

75- مصطفى يوسف بياسي (ابن يوسف)

76- محمد يوسف بياسي

77- عز الدين سعيد بياسي

78- معاذ عبد المنعم بياسي

79- آمنة عبد المنعم بياسي

80- أيمن عبد المنعم بياسي

81- أفنان عبد المنعم بياسي

82- سالم أحمد خدام

83- زكريا أحمد حسين

84- منار كامل بياسي (زوجة زكريا)

85- يوسف سليمان ياسين

86- مصطفى يوسف ياسين

87- كرم عمرو سويد

88- عمر عزيز بياسي

89- يسرا حسين (زوجة عمر بياسي)

90- حمزة عمر بياسي (ابن عمر بياسي)

91- عمر أحمد بياسي

92- عثمان مصطفى سويد

93- سيد مصطفى سويد

94- أحمد مصطفى سويد

95- محمد مصطفى سويد

96- علي محمد الحارث

97- جميلة مصطفى قدور

98- جميلة منير قدور

99- خالدية حسين

100- مروان علي خليل

101- صفا علي خليل

102- مصطفى علي بياسي

103- عائشة عبد القادر قدور (زوجة مصطفى بياسي)

104- أحمد يوسف محمود

105- محمد أحمد محمود

106- خالد يوسف محمود

107- محمد علي محمود (نونية)

108- شعبان أحمد شعبان

109- مصطفى أحمد شعبان

110- هيثم الآغا

111- أحمد عبد الرحمن

112- عبد الرحمن أحمد وريد

113- محمد مصطفى دعبول

114- مصطفى محمد دعبول

115- أحمد حسين جعفر

116- أحمد شعبان المحمد

117- حسن محمد عثمان

118- عبد الكريم محمد عثمان

119- أحمد محمد عثمان

120- أحمد علي حسين

121- علي أحمد حسين

122- علاء أحمد حسين

123- مصطفى عمر حسين

124- ماجد عمر حسين

125- معين علي خليل

126- فارس مصطفى خليل

127- محمد عبد الرحمن إسماعيل

128- سنا محمد إسماعيل

129- وليد محمد (هنود)

130- محمد (هنود)

131- مصطفى أحمد (خلوف) شعبان

132- محمد عبد الرحمن إسماعيل

133- عثمان أحمد عثمان

134- أحمد محمد عثمان

135- حسين محمد إسماعيل

136- عمر محمد الشيخ

137- علي محمد الشيخ

138- ماجد محمد الشيخ

139- عمار محمد الشيخ

140- محمد خليل خليل

141- غسان محمد حسين

142- محمد عبد العزيز حمودة

143- محمد عبد العزيز حمودة (الجد)

144- معين عبد العزيز حمودة

145- أحمد علي صقر

146- أحمد مصطفى صقر

147- إبراهيم مصطفى صقر

148- أسامة مصطفى صقر

149- أحمد سويد

150- صفوان أحمد سويد

151- منال محمد صقر

152- لاوي نمورة

153- مزهر عثوم

154- مصطفى سبع

155- خالد سبع

156- علاء إسماعيل

157- عابد أحمد (أب ـ عائلة تمينة)

158- محمد عابد أحمد (ابن عابد أحمد)

159- وليد عابد أحمد (ابن عابد أحمد)

160- يوسف ياسين

161- عدنان يوسف ياسين

162- لقمان يوسف الهراس

163- عبد الرحمن أحمد حواش (لقب العائلة حواش)

164- زياد أحمد حواش

165- محمد أحمد حواش

166- علي أحمد حواش

167- أحمد أحمد حواش


الملحق 2 – الضحايا الذين تم التعرف عليهم في راس النبع

1- رأفت سليمان

2- صفوان سليمان (ابن رأفت)

3- عصام سليمان (ابن رأفت)

4- أبو عابد سليمان

5- خديجة طه (زوجة أبو عابد سليمان)

6- الطفل الأول لخديجة طه

7- الطفل الثاني لخديجة طه

8- الطفل الثالث لخديجة طه

9- صباح طه

10- علي طه (ابن صباح)

11- أحمد طه (ابن صباح)

12- جميلة طه

13- مروان طه

14- طارق طه

15- عائشة طه

16- غادة طه

17- فتاة طه

18- لطيفة عبد القادر جلول (اسم عائلة الزوج طه)

19- محمد طه (ابن لطيفة عبد القادر جلول)

20- يسرا طه ـ طفلة (ابنة لطيفة عبد القادر جلول)

21- ياسر طه ـ طفل (ابن لطيفة عبد القادر جلول)

22- ابنة محمد سكيف ـ رضيعة

23- عبد الرحمن (المعروف أيضا بأبو سعيد) جلول

24- أم سعيد جلول

25- بيان جلول

26- روان جلول

27- منى، زوجة سعيد جلول

28- سعيد جلول

29- غزل جلول ـ طفلة

30- سنا جلول

31- أحمد جلول

32- عبد القادر جلول

33- حليمة عيروط (زوجة عبد القادر جلول)

34- محمود جلول

35- أمل (زوجة محمود جلول)

36- صهيب جلول ـ طفل (ابن محمود وأمل)

37- محمد جلول ـ طفل (ابن محمود وأمل)

38- أحمد جلول

39- أسامة جلول

40- محمود رجب

41- زوجة محمود رجب

42- أحمد رجب

43- تهاني الأعصر (زوجة أحمد رجب)

44- كرم رجب (ابن أحمد رجب) ـ طفل

45- مصطفى رجب (ابن أحمد رجب) ـ طفل

46- الطفل الأول لمحمود رجب

47- الطفل الثاني لمحمود رجب

48- الطفل الثالث لمحمود رجب

49- مصطفى رجب (والد محمود وأحمد رجب)

50- والدة محمود وأحمد رجب

51- فاطمة رجب

52- نوار لولو

53- محمود لولو

54- محمد الزوزو

55- بسام الزوزو

56- هيسى الترك

57- ابن عيسى الترك البالغ من العمر 7 سنوات

58- طفل من عائلة النمرود

59- طفل من عائلة النمرود

60- طفل من عائلة النمرود

61- طفل من عائلة النمرود

62- والد أطفال النمرود الأربعة

63- والدة أطفال النمرود الأربعة

64- أبو خالد الصباغ

65- ابن أبو خالد الصباغ ـ طفل

66- ابنة أبو خالد الصباغ ـ طفلة

67- ابن عم أبو خالد الصباغ

68- خديجة حسين

69- أبو عابد شيخ (شقيق رأفت شيخ)

70- رأفت شيخ (شقيق أبو عابد شيخ)

71- أمينة العينة

72- رجب حجازي

73- زوجة رجب حجازي

74- بديعة صالحة

75- الطفل الأول لبديعة صالحة

76- الطفل الثاني لبديعة صالحة

77- الطفل الثالث لبديعة صالحة

78- الطفل الرابع لبديعة صالحة

79- الطفل الخامس لبديعة صالحة

80- الطفل السادس لبديعة صالحة

81- الطفل السابع لبديعة صالحة



[1] وفق المكتب المركزي للإحصاء في سوريا، بلغ سكان بانياس 96550 في تعداد عام 2004 http://www.cbssyr.sy/General%20census/census%202004/pop-man.pdf (تمت الزيارة في 11 أغسطس/آب 2013).

[2] يعود تاريخ أول احتجاج في بانياس إلى 18 مارس/آذار 2011 http://www.youtube.com/watch?v=oC55uPBKYqU (تمت الزيارة في 12 أغسطس/آب 2013). وأنس الشغري طالب عمره 23 عاماً في جامعة تشرين بمدينة اللاذقية الساحلية، ينحدر أصلاً من البيضا، وقد اضطلع بدور قيادي في تحفيز وتنظيم الاحتجاجات على الساحل السوري وإعداد تقارير حول انتهاكات حقوق الإنسان لوسائل الإعلام. اعتقلت قوات الأمن الشغري في 15 مايو/أيار 2011 بالقرب من بانياس، وظل محتجزاً بمعزل عن العالم الخارجي منذ ذلك الحين ومصيره مجهول حالياً. أما أحمد بياسي، وهو أحد سكان البيضا وعمره 22 عاماً فكان ضمن الرجال الذين جمعتهم قوات الأمن وضربتهم في ساحة البيضا الرئيسية في أبريل/نيسان 2011. وقد ذاع صيته بعد تحديه العلني لرواية الحكومة الرسمية التي كان مفادها عدم وقوع اعتداء بالضرب في البيضا، وهذا عن طريق تصوير نفسه مع أوراقه الثبوتية في ساحة البلدة الرئيسية. "الاعتداء على سوري بالضرب أمام الكاميرات وظهوره في التلفاز الحكومي"، النيويورك تايمز، 24 مايو/أيار 2011 http://thelede.blogs.nytimes.com/2011/05/24/syrian-abused-by-security-forces-appears-on-state-television/ (تمت الزيارة في 11 أغسطس/آب 2013).

[3] يمكن الاطلاع على مقطع فيديو الحملة القمعية على البيضا في أبريل/نيسان 2011 من http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=sjZ-kcLjeUE (تمت الزيارة في 11 أغسطس/آب 2013).

[4] "اضطرابات سورية: اندلاع طلقات نارية في بانياس الساحلية" [المصدر بالإنجليزية]: بي بي سي نيوز، 10 أبريل/نيسان 2011، http://www.bbc.co.uk/news/world-middle-east-13029631 (تمت الزيارة في 11 أغسطس/آب 2013).

[5] "الدبابات السورية تقتحم بانياس ‘معقل الاحتجاجات‘"، الجزيرة بالإنجليزية، 7 مايو/أيار 2011، http://www.aljazeera.com/news/middleeast/2011/05/20115765059910917.html (تمت الزيارة في 11 أغسطس/آب 2013).

[6] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[7] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد وماجد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[8] انظر على سبيل المثال المقاطع المصورة المرفوعة في مارس/آذار 2013 والتي تصور محاولة الهجوم بقنابل يدوية منزلية الصنع على عربات عسكرية تمر على طريق سريع قرب بانياس http://www.youtube.com/watch?v=AaGDAFtFkus&list=UUw8zfN60fkLfgzprrRSun0Q (تمت الزيارة في 12 أغسطس/آب 2013).

[9] يمكن الاطلاع على مقطع الفيديو الخاص بالتكوين في http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=AaGDAFtFkus (تمت الزيارة في 12 أغسطس/آب 2013).

[10] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[11] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد وماجد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عمر ل.، 5 يوليو/تموز 2013، لبنان.

[12] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[13] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ماجد ولينا ولؤي، 27-28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[14] انظر على سبيل المثال تقرير قناة "شام تي في" الإخباري، http://www.youtube.com/watch?v=wFlVTt5cBHE (تمت الزيارة في 11 أغسطس/آب 2013).

[15] أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع أقارب حسان عثمان الذين شهدوا احتجازه يوم 30 أبريل/نيسان 2013، علاوة على نشطاء من البيضا أكدوا دور حسان. مقابلات هيومن رايتس ووتش مع لمى وماجد ومحمد، 27-28 يونيو/حزيران 2013، تركيا. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عمر ل.، 5 يوليو/تموز 2013، لبنان.

[16] المصدر نفسه.

[17] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عمر، 5 يوليو/تموز 2013، لبنان.

[18] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[19] قال أحد سكان المنطقة لـ هيومن رايتس ووتش إنه سمع طلقات نارية عالية بجوار منزلهم مباشرة. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علا، 27 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[20] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[21] تم حذف التعليق فيما بعد من صفحة الفيسبوك ( https://www.facebook.com/katayeb.nasr.al.islam?fref=ts ) لكن هيومن رايتس ووتش لديها نسخة أرشيفية.

[22] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ماجد ومحمد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[23] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[24] "مصدر عسكري رفيع المستوي للشارع السوري: هكذا سيكون الرد على أي تمرد مسلح في مناطق آمنة"، الشارع السوري، 2 مايو/أيار 2013 http://sy-street.net/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D9%8A%D8%B7%D9%88%D9%91%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B6%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7%D8%B3.html (تمت الزيارة في 31 يوليو/تموز 2013).

[25] تقرير إخباري من "سما تي في"، 2 مايو/أيار 2013 http://www.youtube.com/watch?v=wFlVTt5cBHE (تمت الزيارة في 31 يوليو/تموز 2013).

[26] سام داغر، "في سوريا، أمارات على مذبحة للمدنيين" [المصدر بالإنجليزية]، وول ستريت جورنال، 30 يوليو/تموز 2013 http://online.wsj.com/article/SB10001424127887324354704578637923366819536.html (تمت الزيارة في 11 أغسطس/آب 2013).

[27] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[28] تقرير إخباري من "سما تي في"، 2 مايو/أيار 2013 http://www.youtube.com/watch?v=wFlVTt5cBHE (تمت الزيارة في 31 يوليو/تموز 2013).

[29] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علا، 27 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[30] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع لمى، 27 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[31] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سميرة، 27 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[32] المصدر نفسه.

[33] المصدر نفسه.

[34] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[35] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[36] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ماجد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[37] المصدر: https://www.youtube.com/watch?v=i9tLF7Hw8eQ (تمت الزيارة في 31 يوليو/تموز 2013).

[38] المصدر نفسه.

[39] المصدر: http://www.youtube.com/watch?v=nAxDuiMDG0A (تمت الزيارة في 31 يوليو/تموز 2013).

[40] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ماجد، 8 يوليو/تموز 2013، تركيا.

[41] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد، 28 يوليو/تموز 2013، تركيا.

[42] المصدر: http://www.youtube.com/watch?v=cdqokzPtVl4 (تمت الزيارة في 31 يوليو/تموز 2013).

[43] المصدر نفسه.

[44] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع لمى، 27 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[45] المصدر نفسه.

[46] المصدر نفسه.

[47] المصدر نفسه.

[48] المصدر نفسه.

[49] المصدر نفسه.

[50] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ماجد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[51] المصدر نفسه.

[52] مقطع فيديو مودع لدى هيومن رايتس ووتش.

[53] المصدر نفسه.

[54] المصدر: http://www.youtube.com/watch?v=_fh_Z1RmKHw (تمت الزيارة في 31 يوليو/تموز 2013).

[55] يمكن الاطلاع على المقطع من http://www.youtube.com/watch?v=y-f4L66ZIlw&feature=endscreen . تحذير، المقطع يحتوي على صور صادمة.

[56] المصدر: http://www.youtube.com/watch?v=_tYK8AAW1sY (تمت الزيارة في 31 يوليو/تموز 2013).

[57] المصدر نفسه.

[58] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ماجد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[59] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علا، 27 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[60] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[61] مقطع فيديو مودع لدى هيومن رايتس ووتش.

[62] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع لينا، 27 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[63] المصدر نفسه.

[64] المصدر: https://www.youtube.com/watch?v=GC32vbqpKHY (تمت الزيارة في 31 يوليو/تموز 2013).

[65] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ماجد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[66] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[67] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع لمى. وماجد ومحمد، 27-28 يونيو/حزيران 2013، تركيا. انظر التقارير الإخبارية التي تشير إلى عضويته في لجنة المصالحة الوطنية وعلى سبيل المثال، http://www.tartous2day.com/news/show_news.php?id=4425 (تمت الزيارة في 6 أغسطس/آب 2013).

[68] انظر على سبيل المثال التقرير الوارد في http://www.tartous2day.com/news/show_news.php?id=4425 (تمت الزيارة في 6 أغسطس/آب 2013).

[69] سام داغر، "في سوريا، أمارات على مذبحة للمدنيين"، [المصدر بالإنجليزية]: الوول ستريت جورنال، 30 يوليو/تموز 2013، http://online.wsj.com/article/SB10001424127887324354704578637923366819536.html

[70] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع لمى، ماجد، محمد، 27 – 28 يوليو/تموز 2013، تركيا.

[71] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مصطفى.، 5 يوليو/تموز 2013، لبنان.

[72] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علا، 27 يونيو/حزيران 2013، لبنان.

[73] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[74] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع لمي، 27 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[75] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع لمى، 27 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[76] مقابلة هيومن رايتس ووتش عبر سكايب مع سامي، 7 مايو/أيار 2013.

[77] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مصطفى، 5 يوليو/تموز 2013، لبنان.

[78] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رزان، 27 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[79] مقابلتا هيومن رايتس ووتش عبر سكايب مع سامي وحبيب، 7 مايو/أيار 2013، و11 مايو/أيار 2013.

[80] المصدر: http://www.youtube.com/watch?v=nAxDuiMDG0A (تمت الزيارة في 31 يوليو/تموز 2013).

[81] المصدر نفسه.

[82] المصدر: http://www.youtube.com/watch?v=dQvYrse-AmY (تمت الزيارة في 31 يوليو/تموز 2013).

[83] المصدر: http://www.youtube.com/watch?v=nAxDuiMDG0A (تمت الزيارة في 31 يوليو/تموز 2013).

[84] مقابلة هيومن رايتس ووتش عبر سكايب مع حبيب، 11 مايو/أيار 2013.

[85] مقابلة هيومن رايتس ووتش عبر سكايب مع سامي، 7 مايو/أيار 2013.

[86] "في سوريا، أمارات على مذبحة للمدنيين --- سكان البيضا يقولون إن الحصيلة بالمئات، بينهم أطفال؛ ودمشق تقول إنها لم تقتل سوى إرهابيين"، سام داغر، وول ستريت جورنال، 30 يوليو/تموز 2013 http://online.wsj.com/article/SB10001424127887324354704578637923366819536.html .

[87] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ماجد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[88] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع وليد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[89] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد، 28 يونيو/حزيران 2013، تركيا.

[90] "في سوريا، أمارات على مذبحة للمدنيين --- سكان البيضا يقولون إن الحصيلة بالمئات، بينهم أطفال؛ ودمشق تقول إنها لم تقتل سوى إرهابيين"، سام داغر، وول ستريت جورنال، 30 يوليو/تموز 2013 http://online.wsj.com/article/SB10001424127887324354704578637923366819536.html

[91] الشبكة السورية لحقوق الإنسان: "الجريمة الأبشع في العصر الحديث: مذبحة بانياس... تطهير عرقي بيّن في سوريا" [المصدر بالإنجليزية] 10 مايو/أيار 2013: http://www.iamsyria.org/uploads/1/3/0/2/13025755/the_most_heinous_crime_of_the_modern_era_1.pdf (تمت الزيارة في 31 يوليو/تموز 2013).

[92] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[93] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سلوى، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[94] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع آية، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[95] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع آية، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسام، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سلوى، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[96] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع آية، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سلوى، 13 مايو/أيار 2013 لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسام، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[97] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[98] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع آية، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسام، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سلوى، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[99] المصدر نفسه.

[100] المصدر نفسه.

[101] المصدر نفسه.

[102] الشبكة السورية لحقوق الإنسان: "الجريمة الأبشع في العصر الحديث: مذبحة بانياس... تطهير عرقي بيّن في سوريا" [المصدر بالإنجليزية] 10 مايو/أيار 2013: http://www.iamsyria.org/uploads/1/3/0/2/13025755/the_most_heinous_crime_of_the_modern_era_1.pdf (تمت الزيارة في 31 يوليو/تموز 2013).

[103] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسام، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[104] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسام، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[105] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسام، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[106] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[107] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع آية، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[108] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسام، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[109] المصدر نفسه.

[110] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع آية، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسام، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[111] تعرفت عليها الشبكة السورية لحقوق الإنسان بصفتها زوجة رأفت سليمان. الشبكة السورية لحقوق الإنسان: "الجريمة الأبشع في العصر الحديث: مذبحة بانياس... تطهير عرقي بيّن في سوريا" [المصدر بالإنجليزية] 10 مايو/أيار 2013: http://www.iamsyria.org/uploads/1/3/0/2/13025755/the_most_heinous_crime_of_the_modern_era_1.pdf (تمت الزيارة في 31 يوليو/تموز 2013).

[112] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع آية، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[113] المصدر نفسه.

[114] المصدر نفسه.

[115] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سلوى، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[116] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع آية، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[117] المصدر نفسه.

[118] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سلوى، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[119] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[120] المصدر نفسه.

[121] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سلوى، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[122] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع آية، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سلوى، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[123] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[124] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسام، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ تعرفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان على 21 ضحية من عائلة رجب: الشبكة السورية لحقوق الإنسان: "الجريمة الأبشع في العصر الحديث: مذبحة بانياس... تطهير عرقي بيّن في سوريا" [المصدر بالإنجليزية] 10 مايو/أيار 2013: http://www.iamsyria.org/uploads/1/3/0/2/13025755/the_most_heinous_crime_of_the_modern_era_1.pdf

[125] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسام، 13 مايو/أيار 2013/ لبنان.

[126] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع آية، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[127] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد، 13 مايو/أيار 2013/ لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع آية، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسام، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[128] تعرفت عليها الشبكة السورية لحقوق الإنسان باسم تهاني الأعصر: [المصدر بالإنجليزية]: "الجريمة الأبشع في العصر الحديث: مذبحة بانياس... تطهير عرقي بيّن في سوريا"، 10 مايو/أيار 2013: http://www.iamsyria.org/uploads/1/3/0/2/13025755/the_most_heinous_crime_of_the_modern_era_1.pdf

[129] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع آية، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسام، 13 مايو/أيار 2013/ لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سلوى، 13 مايو/أيار 2013/ لبنان.

[130] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[131] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسام، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[132] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسام، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[133] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسام، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[134] المصدر نفسه.

[135] مقابلة سلوى مع هيومن رايتس ووتش، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[136] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد، 13 مايو/أيار ، 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع آية، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بسام، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سلوى، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[137] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد، 13 مايو/أيار 2013/ لبنان.

[138] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع آية، 13 مايو/أيار 2013، لبنان؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سلوى، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[139] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سلوى، 13 مايو/أيار 2013، لبنان.

[140] بسؤال قائد عسكري عن قوة الدفاع الوطني، كانت إجابته لرويترز: "إنهم بدأوا كلجان شعبية تقوم بدوريات على أحيائها. ثم تحولوا إلى جماعات مسلحة. وفي أواخر 2012 تم تقنينهم باسم قوات الدفاع الوطني". "بعد أن أضعفته الحرب، الجيش السوري ينشئ بديله الخاص"، رويترز [المصدر بالإنجليزية]، 21 أبريل/نيسان 2013، http://www.reuters.com/article/2013/04/21/us-syria-crisis-paramilitary-insight-idUSBRE93K02R20130421 . انظر أيضاً ليز سلاي، "قوات الأسد تتقدم في سوريا" [المصدر بالإنجليزية]، الواشنطن بوست، 12 مايو/أيار 2013 http://www.washingtonpost.com/world/assad-forces-gaining-ground-in-syria/2013/05/11/79147c34-b99c-11e2-b568-6917f6ac6d9d_story.html

[141] مقابلة سميرة مع هيومان رايتس ووتش، 27 يوليو/تموز 2013، تركيا.

[142] مقابلة رزان مع هيومن رايتس ووتش، 27 يوليو/تموز 2013، تركيا.

[143] تقرير إخباري من قناة سما التلفزيونية يوم 2 مايو/أيار من البيضا http://www.youtube.com/watch?v=wFlVTt5cBHE

[145] المصدر نفسه.

[146] انظر على سبيل المثال الشارع السوري، وهي موقع إلكتروني إخباري محلي موالي للحكومة بصفة عامة، وقد أفاد يوم 2 مأيو/ايار بأن "مصدراً عسكرياً" في الجيش السوري أخبرهم باستعادة الجيش السوري السيطرة على بلدة البيضا عقب اشتباكات مع مسلحين http://sy-street.net/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D9%8A%D8%B7%D9%88%D9%91%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B6%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7%D8%B3.html

[148] "في سوريا، أمارات على مذبحة للمدنيين --- سكان البيضا يقولون إن الحصيلة بالمئات، بينهم أطفال؛ ودمشق تقول إنها لم تقتل سوى إرهابيين"، سام داغر، وول ستريت جورنال، 30 يوليو/تموز 2013 http://online.wsj.com/article/SB10001424127887324354704578637923366819536.html

الموضوع