المغرب: "كفاك بحثاً عن ابنك"

الاعتقالات غير القانونية في إطار قانون مكافحة الإرهاب

المغرب: "كفاك بحثاً عن ابنك"

الاعتقالات غير القانونية في إطار قانون مكافحة الإرهاب

ملخص
توصيات إلى الحكومة المغربية
المقدمة
منهج التقرير
منع التعذيب وسوء المعاملة: التزامات المغرب القانونية وتعهداته الشفهية
عمليات اعتقال واحتجاز دون احترام للقانون
الاعتقال السري، من طرف الاستخبارات الداخلية حسب الزعم
حالات سبعة رجال تعرضوا للاعتقال في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2010
حالات أخرى تنطوي على ادعاءات بالاعتقال والاحتجاز غير القانونيين
قضية بلعيرج
مجموعة الدنكير
رضا بن عثمان: اعتقال سري والسجن أربع سنوات بسبب تعليقات على الإنترنت
استمرار الانتهاكات والفشل في تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المغربية
شكر وتقدير
الملحق 1: رسالة من هيومن رايتس ووتش إلى وزارة العدل لطلب معلومات لصالح هذا التقرير
الملحق 2: رد السلطات المغربية على طلب هيومن رايتس ووتش بالاستيضاحات عن وضع مديرية مراقبة التراب الوطني
الملحق 3 أ: رسالة من وزارة العدل رداً على طلبالمعلومات بشأن الاختطاف المزعوم لعبد الكريم حكو (أصل الرسالة باللغة الفرنسية)
الملحق 3 ب: رسالة من وزارة العدل رداً على طلبالمعلومات بشأن الاختطاف المزعوم لعبد الكريم حكو (الترجمة)
ملحق 4: رد الحكومة المغربية على رسالة هيومن رايتس ووتش بتاريخ 13 سبتمبر/أيلول 2010

ملخص

"عندما وصلت إلى البناية زرقاء اللون [مقر المخابرات الداخلية] في تمارة، قُلتُ لرجل في المناوبة بأني أبحث عن ابني. وأجاب العون بأدب بأنني مخطئة، لأن الشرطة القضائية هي التي تعتقل الناس وليست [المخابرات الداخلية]. وإلى جانب ذلك، فإن كان ابني لم يرتكب خطأً فإنه سيكون حرا قريبا". وقال لي: "كفاك بحثاً عن ابنك". وأضاف: "ابنك سوف يتصل بك في وقت قريب جدا".
رشيدة بارودي، والدة رضا بن عثمان، واصفة جهودها لتحديد مكان ابنها بعد اعتقاله من قبل ضباط يرتدون ملابس مدنية.

منذ أن تعرض المغرب لأسوأ هجوم إرهابي في 16 مايو/أيار 2003، واعتمد، 12 يوما بعد ذلك، قانونا ساحقا لمكافحة الإرهاب؛ استمرت ادعاءات موثوقبها بأن ضباط الأمن يخرقون بصورة روتينية القوانين الدولية والمحلية في تعاملهم مع الأشخاص المشتبه بصلاتهم بالإرهاب.

إن الانتهاكات المزعومة تتبع نمطا يبدأ من احتجاز المشتبه بهم من طرف أعوان في زي مدني لا يُظهِرون أية هوية أو مذكرة، والذين لا يُفسرون أساس الاعتقال. تقوم السلطات باحتجاز المشتبه بهم في أماكن اعتقال سرية حيث يتعرض العديد منهم للتعذيب ولسوء المعاملة خلال الاستنطاق، ويتم الاحافاظ بهم رهن الحراسة النظرية لفترة أطول من مدة أقصاها 12 يوما المسموح بها من قبل قانون المغرب لمكافحة الإرهاب. ثم يُسلمون بعد ذلك للشرطة، الذين يقدمون لهم "اعترافات" للتوقيع عليها قبل أن يلتقوا بمحام. لقد فشلت المحاكم المغربية عموما في التحقيق في مزاعم بانتهاكات من هذا القبيل كلما أثارها دفاع المشتبه بهم، وأدانت المتهمين إلى حد كبير على أساس "أقوالهم" المشكوك فيها للشرطة.

نشرت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان في 2004، تقارير تدين هذه الممارسات في التعامل مع أكثر من 1500 شخص اعتقلواخلال الأشهر التي أعقبت تفجيرات مايو/أيار 2003[1]. وردت السلطات المغربية في ذلك الوقت واعدة بإجراء تحقيق. إلا أن نتائج التحقيقات التي تم إعلانها على الملأ تُعادل إنكار المزاعم أو على الأكثر قبول حالات معزولة من سوء المعاملة[2].

ومنذ عام 2004 انخفضت معدلات حالات الاعتقال في القضايا المتعلقة بالإرهاب، مثلما انخفضت التقارير عن الانتهاكات. مع ذلك، لم تتغير أنواع سوء المعاملة الواردة إلا قليلاً، وسط أعداد قليلة من الأشخاص المحتجزين. وشكل الاحتجاز غير القانوني أحد مجالات انشغال المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان المغربي، وهو هيئة يتم تعيين أعضائها من قبل الملك، خلال سنة 2008. خلال تلك السنة، وحسب المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، فإن الشكاوى حول الاعتقال غير القانوني شكلت 26,83٪ من مجمل الشكاوى التي توصل بها والتي تدخل في مجاله الحمائي. ولاحظ المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان:

"وإذا كانت مقتضيات القانون المغربي تضمن خضوع الاعتقال لضوابط دقيقة، وسهر القضاء على مراقبتها، بما في ذلك مراقبة الحراسة النظرية، فإن وجود حالات للاعتقال في أماكن لا يراقبها القضاء، وخارج المساطر التي ينظمها القانون، ولو بشكل محدود، من شأنه أن يؤدي إلى حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان لم يعد من المقبول ارتكابها بعد الانتهاء من مسلسل طي صفحة الماضي بالنسبة للخروقات الجسيمة لحقوق الإنسان"[3].

ويقدم هذا التقرير تفاصيل عن حالات اعتقال مرتبطة بالإرهاب ما بين 2007 و 2010. ولا تتخذ هيومن رايتس ووتش أي موقف بشأن ذنب أو براءة المعتقلين. فإن هَمْنا هو نمط من الانتهاكات التي تعرضوا لها – الاعتقال الذي   يخرق الإجراءات القانونية وهو ما يُشبه الاختطاف؛ والاحتجاز في أماكن سرية؛ والوضع رهن الحراسة النظرية لمدد تتجاوز الـ 12 يوما التي حددها قانون 2003؛ وتأخير غير قانوني لحصول المشتبه بهم على استشارة قانونية. هذه الانتهاكات تُقوض حق المُتهمين في محاكمة عادلة وتجعلهم أكثر عرضة للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة التي يزعم الكثيرون منهم أنهم عانوا منها.

إن استمرار هذه الممارسات يقوض ليس فقط سيادة القانون، ولكن أيضا إرث هيئة الإنصاف والمصالحة المغربية. هذا الإرث لا يتوقف فقط على المساهمة الرائدة لهيئة الإنصاف لكشف، والاعتراف، والتعويض عن انتهاكات الماضي، ولكن أيضا على ما إذا كانت السلطات المغربية تُظهر الإرادة السياسية للاهتمام بالتوصيات التي وضعتها هيئة الإنصاف والمصالحة لمنع ومعاقبة الانتهاكات  المستمرة مثل الحبس الانفرادي لفترات طويلة في مراكز الاحتجاز غير المعترف بها.

يستخدم العديد من المغاربة مصطلحي "اختطاف" و "اختفاء" لوصف هذا النوع من الاعتقال الذي يصفه هذا التقرير، لأنه عادة ما يأخذ رجال في زي مدني المشتبه بهم بعيدا والذين لا يُظهرون لهم سواء مذكرة توقيف أو دليلا على هويتهم الخاصة؛ بعد ذلك يتم احتجاز المشتبه بهم في كثير من الأحيان دون إخطار أسرهم لأيام أو أسابيع، في انتهاك للقانون المغربي.

وتختلف حالات "الاختفاء" الموثقة في هذا التقرير، في أحد الجوانب الهامة، عن تلك التي مارستها الدولة المغربية في الستينيات إلى غاية السبعينيات من القرن الماضي، والتي حققت فيها هيئة الإنصاف والمصالحة. في الفترة السابقة، المئات من الذين اختطفوا من قبل أعوان الدولة "اختفوا" إلى الأبد واعتبروا في عداد القتلى؛ مئات غيرهم ظهروا قبل سنوات، في فترة ما بعد اختطافهم. لكن حسب نمط الاختطاف الحالي، يظهر الشخص "المختفي" في غضون عدة أسابيع، إن لم يكن أسرع من ذلك.

وفي حين أن الاعتداء نفسه قد يكون أقل خطورة، فإن عدم احترام القانون من جانب قوات الأمن ليس أقل جسامة، لاسيما في ضوء القوانين المحلية الأكثر صرامة التي وضعت موضع التنفيذ في عهد محمد السادس للحماية ضد الخروقات. وحتى الآن، فشلت السلطات المغربية بشكل كبير في التحقيق في الادعاءات المتكررة والموثوق بها بانتهاكات للقوانين التي تنظم الاعتقال والاحتجاز بهدف القضاء على هذه الممارسات، ومحاسبة الجناة. على حد علمنا، لم تكن هناك مساءلة لأي مسؤول، في الحالات التي تتعلق بالمشتبه بهم المحتجزين بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2003 بسبب إجراء اعتقالات غير قانونية واحتجاز المشتبه بهم في أماكن اعتقال سرية، وإساءة معاملة المشتبه بهم جسديا أثناء الاستجواب، أو تزوير تواريخ الاعتقال. العديد من ضحايا هذه الممارسات يقضون حاليا عقوبات بالسجن لمدد طويلة، فرضت بعد محاكمات جائرة.

 

الاحتجاز في تمارة؟

قال معظم المعني بهم هذا التقرير إنهم وبعد اعتقالهم من قبل ضباط في زي مدني، عُصبت أعينهم أثناء نقلهم إلى الاحتجاز في مكان لم يُذكر قط اسمه. العديد منهم استنتجوا بأن المطاف انتهى بهم في تمارة، ضاحية الرباط، حيث يوجد مقر وكالة الاستخبارات الداخلية، واستدلوا على ذلك بناء على المعالم والإشارات التي لمحوها على الطريق، وأصوات الحيوانات التي قالوا إنهم سمعوها والقادمة من حديقة الحيوان الوطنية التي ظلت موجودة هناك  حتى فترة قريبة. في تلك المُنشأة، وبناء على رواياتهم، هددهم الأعوان وشتموهم واعتدوا عليهم خلال الاستجواب. وشملت الاعتداءات الصفع واللكم والضرب على باطن أقدامهم. وتم نقل الجميع في نهاية المطاف إلى مركز شرطة معترف به، وعند هذه النقطة عرف العديد من الأهالي للمرة الأولى بأمكانهم. ولاحظ البعض منهم أن محاضر الاعتقال دونت تاريخ الاعتقال الذي تزامن مع إحالتهم على مركز الشرطة وليس مع احتجازهم الأول على أيدي أفراد يرتدون زياً مدنياً: كما لو أن احتجازهم السري لم يحدث قط.

ووردت مزاعم أخرى عن مراكز الاعتقال السرية في المغرب من الخارج خلال الأشهر الأخيرة. إذ ذكرت وكالة أنباء أسوشيتد برس في أغسطس/آب 2010 أن الحكومة الأمريكية، وفقا لعدد من المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين، تمتلك تسجيلات صوتية ومرئية لرمزي بن الشيبة، وهو متهم بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 خلال استجوابه في سجن سري في المغرب. وقال مسؤولون أمريكيون لوكالة أسوشيتد برس بأن المغاربة يُديرون السجن ولكن تم تمويله بشكل كبير من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، والتي سلمت بن الشيبة للاحتجاز المغربي أواخر عام 2002 وأبقته هناك لمدة خمسة أشهر[4]. الحكومة المغربية لم تعترف قط بوجود المنشأة، على الرغم من مزاعم المُفرج عنه محمد بنيام المعتقل في غوانتانامو وآخرين، بأن وكالة المخابرات المركزية تعتمد على المغرب كموقع بديل للاعتقال السري خلال فترة ما بعد 11 سبتمبر/أيلول 2001.

 

توصيات إلى الحكومة المغربية

قدمت هيومن رايتس ووتش العديد من التوصيات التالية لحكومة المغرب في تقريرها لعام 2004، المغرب: حقوق الإنسان في مفترق الطرق. الحالات المعروضة في هذا التقرير تُظهر استمرار الانتهاكات الموثقة في التقرير السابق واستمرار غياب الإرادة السياسية من طرف السلطات المغربية لعلاجها.

لوضع حد للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة،  ينبغي للقضاء المغربي:

  • التأكد من أن يتم إجراء تحقيق سريع ومستقل في كل ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك استخدام الإكراه والتهديدات،  وإذا تم العثور على أدلة موثوق بها ضد الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون، أن يتم تقديمهم للعدالة؛
  • أن تطبق بدقة المادة 293 من قانون المسطرة الجنائية المعدل، التي تجعل الاعترافات المنتزعة تحت "العنف أو الإكراه" غير مقبولة كدليل؛
  • فرض الامتثال لجميع القوانين المغربية المنظمة للحراسة النظرية، وذلك، من بين أمور أخرى، عبر فتح تحقيقات كلما كان هناك دليل على أن الشرطة أو غيرها من أعوان الدولة قد احتجزوا مشتبها به لأي فترة خارج مكان الاعتقال المعترف به، وتعمد إدخال تاريخ اعتقال مُزور في سجلاتهم للتغطية على الاحتجاز السري أو التمديد غير القانوني للحراسة النظرية، وحرمان المتهم من الاتصال بمحام أو الفشل في تقديمه أمام قاض في غضون المهلة التي يحددها القانون. ينبغي لكل من قضاة التحقيق وقضاة المحاكمة، إذا استدعى الأمر، تقييم هذه الانتهاكات للإجراءات القانونية السليمة حين اتخاذ القرار بشأن ما إذا كانت "الاعترافات" التي تم الإدلاء بها في مثل هذه الظروف يمكن استبعادها أو إهمالها كدليل بالذنب.

ينبغي للسلطات المغربية أن تضمن أن هيئات إنفاذ القانون ووكالات الاستخبارات:

  • ضمان أن أي معاون للدولة، لدى القيام باحتجاز أي شخص، أن يوفر له:  (1) دليلا على انتمائه (المعاون) إلى الوكالة المخول لها إجراء الاعتقالات و(2) أن يكشف عن أساس اعتقال هذا الشخص.
  • احتجاز جميع المعتقلين فقط في أماكن احتجاز معترف بها رسميا، وإنهاء جميع الاعتقالات السرية، حتى لو كانت تجري في مركز احتجاز معترف به رسميا؛
  • جعل الضباط الذين يُنفذون الاعتقال مسؤولين عن أي فشل في إبلاغ العائلة على الفور باعتقال الشخص ومكان وجوده، وفقا للمادة 67 من قانون المسطرة الجنائية؛
  • السماح لكل منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية الوطنية والدولية بالوصول غير المقيد إلى كل مراكز الاحتجاز، بما في ذلك أي مركز موجود في تمارة.
  • التحقيق في الشكاوى من هذا القبيل حول مخالفات أثناء الاعتقال والاستجواب والحراسة النظرية، بما في ذلك التي تدعي وقوع: اعتقالات من قبل أعوان في زي مدني والذين لا يُظهرون للشخص المقبوض عليه لا مذكرة اعتقال ولا هوية تثبت وضعهم باعتبارهم أعوان الشرطة القضائية، ولا يشرحون للشخص المعتقل أسباب اعتقاله؛ والاحتجاز في أماكن احتجاز غير معترف بها، والفشل في إبلاغ أحد الأقرباء بمكان وجود الشخص المُحتجز ووضعه القانوني، والاحتجاز لفترة تتجاوز المدة المُحددة من قبل القانون، والحرمان من الاتصال بمحام خلال الحيز الزمني الذي يُحدده القانون، واستخدام العنف الجسدي والتهديدات للحصول على اعترافات أو لإرغام المحتجزين على التوقيع على محضر الشرطة،
  • جعل نتائج هذه التحقيقات متاحة للعموم؛
  • الإعلان، إذا وُجد للشكاوى ما يبررها، عن خطوات لمحاسبة الأطراف المسؤولة وللحد من أي ممارسة غير مشروعة.

ينبغي للبرلمان المغربي:

  • اعتماد تشريعات لتقليص مدة الـ 12 يوما كمدة قُصوى للحراسة النظرية المسموح بها بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2003، وإتاحة وصول أسرع إلى الاستشارة القانونية. وينبغي للتشريعات أن تتوافق مع حزم لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في تفسير حق المشتبه بهم في سماع التهم الموجهة إليهم "فورا" في إطار المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بأنه يجب أن يُحال المتهم أمام قاض أو موظف آخر مخول لممارسة السلطة القضائية في غضون "بضعة أيام"، من أجل البت في احتجاز الشخص. وينبغي للتشريعات أن تمنح للمحتجزين الحق في الاستعانة بمحام عند أول استنطاق من قبل الشرطة، وضمان أن تُطلعهم الشرطة على هذا الحق.
  • الانضمام إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، الذي يسعى إلى منع التعذيب عن طريق إنشاء نظام منتظم لتفتيش أماكن الاحتجاز الذي يُجريه على حد سواء خبراء دوليون وهيئة تفتيش محلية مستقلة.
  • التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.

 

تحتوي اتفاقية الاختفاء، التي لعب المغرب دورا بناءً في صياغتها، على العديد من الأحكام الرامية إلى منع الاعتقال السري والانتهاكات المرتبطة به. في حين أن القانون المغربي يحتوي بالفعل على بعض الأحكام التي تدعو الاتفاقية الدول إلى سنّها، فإن التصديق على الاتفاقية من شأنه أن يخلق التزامات جديدة تُمثل تعبيرا عن العزم على منع ليس فقط حالات الاختفاء القسري ولكن أيضا الاعتقالات غير القانونية والسرية. وتشترط الاتفاقية، من بين أمور أخرى، أن تكفل الدول احتجاز جميع الأشخاص فقط في أماكن احتجاز محددة رسميا وأن يتمكن المعتقلون من الاتصال وتلقي زيارات الأقارب والمحامين. ويقتضي ذلك من الدول ضمان أن يتمكن الأشخاص المحرومين من حريتهم أو من ينوب عنهم من رفع دعوى لدى المحكمة لتُقرر "دون تأخير" في قانونية احتجاز الشخص أو الأمر بإطلاق سراح الشخص. وتقضي الاتفاقية أيضا بأن تتخذ الدول التدابير اللازمة لمنع وفرض عقوبات على: تأخير أو عرقلة الوصول إلى سبل الانتصاف أمام المحكمة عندما يسعى الشخص المعتقل أو طرف معني آخر للطعن في اعتقاله؛ والفشل في تسجيل الحرمان من الحرية لأي شخص، أو تسجيل أي معلومات يعرف المسؤول عن السجل الرسمي، أو ينبغي له أن يعرف، أنها غير دقيقة؛ ورفض تقديم معلومات عن الحرمان من الحرية لشخص ما، أو تقديم معلومات غير صحيحة.

 

المقدمة

تُواجه الحكومة المغربية تحديا في منع وقمع الإرهاب، إلا أن المسؤولين تعهدوا بمواجهة هذا التحدي مع احترام القوانين المحلية للبلد والتزاماته الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. على سبيل المثال، قال الوزير الأول المغربي إدريس جطو في 5 يوليو/تموز 2004، "لقد عانى المغرب من محنة الإرهاب. وبالتعاون مع الدول التي تقود نفس الحرب، نحن ملتزمون بصراع لا هوادة فيه مع التأكيد على أن السلاح الوحيد المُستعمل هو القانون".[5]

خلال تسعينيات القرن الماضي، راقب المغرب بتوتر جارته، الجزائر، التي يستهلكها العنف السياسي الذي تورطت فيه جماعات إسلامية مسلحة وقوات الأمن التابعة للدولة. وفي 24 أغسطس/آب 1994، اقتحم المشتبه بكونهم متشددين إسلاميين فندق أطلس أسني في مراكش وقتلوا بالرصاص اثنين من السياح الإسبان.

بعد ذلك، وفي 16 مايو/أيار 2003، عانى المغرب أسوأ هجوم إرهابي في تاريخه المعاصر، عندما أودت خمسة هجمات انتحارية مُنسقة في الدار البيضاء بحياة 45 شخصا من بينهم 12 من المهاجمين. وقال مسؤولون من بينهم محمد بوزوبع، وزير العدل آنذاك،  إن الجناة ينتمون إلى جماعتين إسلاميتين، الصراط المستقيم، والسلفية الجهادية، وهي تحالف فضفاض بين مقاتلين في المغرب وآخرين من البلدان المغاربية متهمين بأن لهم صلات مع تنظيم القاعدة[6]. ومنذ ذلك الحين عانى المغرب عددا أقل من الأحداث الإرهابية. في 11 مارس/آذار 2007، فجر انتحاري يرتدي عبوة ناسفة نفسه في مقهى إنترنت في الدار البيضاء مما أسفر عن مقتل الانتحاري فقط. في 10 أبريل/نيسان 2007، فجر ثلاثة انتحاريين أنفسهم عندما حاصرتهم الشرطة في الدار البيضاء. وقتل شرطي في العملية، كما قتل مشتبه بكونه انتحاري رابع. في 14 أبريل/نيسان 2007، فجر انتحاريان نفسيهما بالقرب من المركز الثقافي والقنصلية الأمريكيين في الدار البيضاء.

كما تورط المهاجرون المغاربة في شبكات إرهابية عديدة وأنشطة في الخارج. فقد أدانت محكمة أسبانية مواطنين مغاربة بلعب دور رائد في تفجير محطة القطارات في مدريد في 11 مارس/آذار 2004، التي قتلت  192 شخصا. وأشارت لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 1267 إلى إحدى الجماعات المقاتلة المشتبه في تورطها في الهجمات، الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة، كمنظمة إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة[7].

واعتقلت القوات العراقية والأمريكية مغاربة في العراق الذين من المفترض أنهم جاءوا لهذا البلد للانضمام إلى قوات المجاهدين الأجانب التي تقاتل هناك. ووفقا لمقالة نشرت في صحيفة واشنطن بوست في 20 فبراير/شباط 2007:

قالت السلطات المغربية إنها حددت أكثر من 50 متطوعا الذين ذهبوا إلى العراق منذ عام 2003، ويُعتقد أن كثيرين آخرين سافروا دون أن يتم كشفهم .... وقد حاول المسؤولون المغاربة تعطيل شبكات التجنيد في الأشهر الأخيرة، وتم اعتقال أكثر من 50 شخصا منذ نوفمبر/تشرين الثاني [2006].
وقال وزير الداخلية [آنذاك] شكيب بنموسى، في مقابلة في الرباط العاصمة، "لقد اخترنا أن نكون يقظين للغاية... كل هذه الخلايا لديها ارتباطات دولية. يتمكنون من العمل لأنهم يحصلون بالتأكيد على الدعم، وخاصة فيما يتعلق بالتدريب وفيما يتعلق بالتسهيلات اللوجستية"[8].

تدين هيومن رايتس ووتش جميع أعمال الإرهاب. فالهجمات العشوائية على المدنيين هي نقيض لقيم حقوق الإنسان. والحكومة المغربية، على غرار جميع الحكومات، من واجبها منع هذه الجرائم وتقديم مرتكبيها إلى العدالة. ومع ذلك، فإنه يجب أن تتوافق إجراءات مكافحة الإرهاب مع التزامات المغرب بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. ويجب أن تُمنح للأفراد المشتبه بهم بالتخطيط أو القيام بأعمال العنف حقوقهم الأساسية في جميع الأوقات. لا يمكن تحت أي ظرف للدولة أن تتنصل من واجبها لحظر التعذيب والمعاملة القاسية واللا إنسانية والمهينة. وينبغي أن لا يكون الاحتجاز تعسفيا، وأن يخضع لمراجعة قضائية. وبالإضافة إلى ذلك، لا بد من احترام معايير المحاكمة العادلة.

وقد أصدر المغرب قانون 2003، بعد وقت قصير من هجمات الدار البيضاء، القانون رقم 03-03 في 28 مايو/أيار 2003 بشأن مكافحة الإرهاب، ويتضمن تعريفا واسعا للغاية للإرهاب، ويُقلل من حقوق المشتبه بهم في قضايا يُزعم أنها متعلقة بالإرهاب ويُشدد العقوبات في الجرائم التي تُصنف على أنها إرهابية. وينص القانون على أنه يُمكن تصنيف أفعال محددة على أنها إرهابية " إذا كانت لها علاقة عمدا بمشروع فردي أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف أو الترهيب أو العنف". وتشمل قائمة الأفعال السرقة والابتزاز، والإشادة "بأفعال تكون جريمة إرهابية بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في الأماكن أو الاجتماعات العمومية أو بواسطة المكتوبات والمطبوعات المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو المعروضة في الأماكن أو الاجتماعات العمومية أو بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية والإلكترونية"[9].

وقد استخدم هذا التعريف لإدانة وسجن الصحفيين الذين "يحرضون على العنف"، وكذلك الأشخاص الذين ينشرون تصريحات على الانترنت فيها إشادة بالذين يحاربون الاحتلال الأمريكي في العراق[10].

ويُمدد القانون المدة الزمنية القصوى التي يمكن للشرطة احتجاز المشتبه به إلى 12 يوما (أربعة أيام قابلة للتجديد مرتين بناء على إذن كتابي من الوكيل العام) قبل تقديمه أمام القاضي.

لدى محكمة الاستئناف في الرباط، وتقع في مدينة سلا شقيقة الرباط، الولاية القضائية الحصرية على الصعيد الوطني لمحاكمة الأشخاص الذين يواجهون تهما بموجب قانون مكافحة الإرهاب ابتدائيا. هذه هي المحكمة التي حاكمت كل من المتهمين المذكورين في هذا التقرير والذين سبق الحكم عليهم، وهي المحكمة التي ستحاكم جميع الذين يوجدون رهن الاعتقال الاحتياطي إذا احتفظت الدولة بالتهم ضدهم بموجب قانون مكافحة الإرهاب ضدهم.

وكما سلف الذكر، فإن تشريعات المغرب القمعية تُثير مخاوف بشأن حقوق الإنسان. ومع ذلك، وكما هو مبين في هذا التقرير، فإن العديد من أنواع إساءة معاملة المشتبه بهم في إطار مكافحة الإرهاب نتجت ليس من تطبيق هذا القانون بل بالعكس من استهزاء السلطات بمقتضياته وكذلك بمقتضيات  قوانين محلية أخرى.

 

منهج التقرير

يستند هذا التقرير إلى مقابلات أجريت بين عامي 2008 و 2010 مع ثمانية رجال مغاربة معتقلين  على صلة بقانون مكافحة الإرهاب، ومحاميهم، وأقارب هؤلاء وغيرهم من المعتقلين. وقابل  الباحثون المحتجزين عبر الهاتف، وأجروا مقابلات مع أقاربهم ومحاميهم، معظمها مقابلات مباشرة في الرباط والدار البيضاء، مع المتابعة عن طريق الهاتف و/أو عن طريق البريد الإلكتروني.

يوم 13 سبتمبر/أيلول 2010، وجهت هيومن رايتس ووتش رسالة من خمس صفحات إلى وزير العدل المغربي (أعيد طبعها كمرفق 1) تشرح هذا التقرير واستنتاجاته الأوّلية، والتمست معلومات لإدراجها في التقرير. يشمل هذا التقرير رداً من الحكومة المغربية (أعيد طبعها كمرفق 4) تلقته هيومن رايتس ووتش مباشرة قبل نشر التقرير.

 

 

منع التعذيب وسوء المعاملة: التزامات المغرب القانونية وتعهداته الشفهية

قدم المغرب التزامات قانونية لمنع التعذيب والمعاقبة عليه. في عام 1993، صدق على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة (في التقرير: اتفاقية مناهضة التعذيب). وفي عام 2006، أصدر تعديلات على قانونه الجنائي التي تحظر التعذيب وتجعل تعريف القانون الجنائي للتعذيب أقرب إلى التعريف الذي تُقدمه اتفاقية مناهضة التعذيب. ويشير القانون الجنائي، في صيغته المعدلة، إلى ما يلي:

يقصد بالتعذيب بمفهوم هذا القانون كل إيذاء يسبب ألما أو عذابا جسديا أو نفسيا يرتكبه عمدا موظف عمومي أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه، في حق شخص لتخويفه أو إرغامه أو إرغام شخص آخر على الإدلاء بمعلومات أو بيانات أو اعتراف بهدف معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه هو أو شخص ثالث، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه.[11]

وتنص المادة 293 من قانون المسطرة الجنائية المغربي على أنه " لا يعتد بكل اعتراف ثبت انتزاعه بالعنف أو الإكراه". وتواصل بأن " يتعرض مرتكب العنف أو الإكراه للعقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي". هذه الأحكام هي صدى المادة 15 من اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تنص على أن تضمن الدول الأطراف في الاتفاقية "عدم الاستشهاد بأية أقوال يثبت أنها تم الإدلاء بها نتيجة للتعذيب، كدليل في أية إجراءات، إلا إذا كان ذلك ضد شخص متهم بارتكاب التعذيب كدليل على الإدلاء بهذه الأقوال".

وفي تقريره إلى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، ذكر المغرب أنه:

"لا يعتد بالاعتراف المنتزع قهرا عن طريق العنف أو الإكراه أو التعذيب، ويتعين استبعاده متى كانت هناك رابطة سببية بين الاعتراف والإكراه أو العنف أو التعذيب. وعلى المحكمة البحث في هذه الرابطة لتكوين اقتناعها لاستبعاد الاعتراف للعلة المذكورة". ويوضح تقرير المغرب أن "هذا البطلان مرتبط بالنظام العام لكونه يستهدف حماية المصلحة العامة، وليس مصلحة خاصة فقط، وبهذا يتبين أن المشرع لم يقف عند حد إبطال الاعتراف المنتزع بالإكراه حرصا منه على مشروعية الدليل وإنما نص صراحة على مسؤولية مرتكبه جنائيا، لزجر كل الأفعال والممارسات التي تسيء إلى حقوق الإنسان".[12]

في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2006، اتخذ المغرب خطوة إيجابية برفع تحفظه على المادة 20 من اتفاقية مناهضة التعذيب، وهو بذلك يعترف باختصاص لجنة مناهضة التعذيب بفتح تحقيق "إذا تلقت اللجنة معلومات موثوقا بها يبدو لها أنها تتضمن دلائل لها أساس قوي تشير إلى أن تعذيبا يمارس على نحو منظم" فوق أراضيه. واعترف المغرب في نفس الوقت باختصاص لجنة مناهضة التعذيب، بموجب المادة 22 من الاتفاقية، لتلقي ونظر بلاغات الأفراد أو من ينوب عنهم الذين يدعون أنهم ضحايا انتهاك للاتفاقية. ولم يوقع المغرب أو صدق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، الذي يسعى إلى منع التعذيب عن طريق إنشاء نظام تفتيش منتظم لأماكن الاحتجاز يقوده على حد سواء خبراء دوليون وهيئة تفتيش محلية مستقلة.

 

عمليات اعتقال واحتجاز دون احترام للقانون

 

يتناول هذا التقرير حالة الرجال السبعة الذين اعتقلوا في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2010، والذين هم رهن الاعتقال الاحتياطي أثناء طبع هذا التقرير. وكلهم زعموا بتعرضهم لعدد من الانتهاكات التي ارتكبها أعوان قوات الأمن الذين اعتقلوهم ووضعوهم رهن الحراسة النظرية. هذه الانتهاكات، إذا ما تأكدت، فإنها تنتهك قوانين المغرب وفي كثير من الحالات، التزاماته بموجب المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي وقع عليها.

  • قال كل واحد من الرجال السبعة إنه اعتقل من قبل أعوان في زي مدني الذين لم يُطهروا لا مُذكرة اعتقال ولا وثيقة تُثبت هويتهم كأعوان الشرطة القضائية، الجهة الوحيدة المخولة القيام بالاعتقالات. وقال كل رجل إن الأعوان الذين نفذوا الاعتقال لم يُخبروه بسبب وضعه رهن الحراسة النظرية. وهذا من شأنه أن يشكل انتهاكا للمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على أنه "يتوجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه كما يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه".

 

  • جميع السبعة اعتقلوا دون إخبار فوري لعائلاتهم، وهذا ينتهك اشتراط المادة 67 من قانون المسطرة الجنائية بأن يتم إبلاغ الأقارب فور اتخاذ المسؤولين قرار وضع الشخص رهن الاعتقال[13]. تنص المادة 15 من مجموعة مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، مع بعض الاستثناءات الضيقة على أنه "لا يجوز حرمان الشخص المحتجز أو المسجون من الاتصال بالعالم الخارجي، وخاصة بأسرته أو محاميه، لفترة تزيد عن أيام"[14].
  • ستة من الرجال السبعة قالوا إنهم احتُجزوا في الحبس الانفرادي لمدة تزيد عن الـ 12 يوما التي يُحددها القانون المغربي للحراسة النظرية[15]. وهم عبد العزيز جانح، وعبد الرحيم لحجولي والمهدي ملياني، وصلاح ناشط، وياسر العثماني، ويونس زارلي.

 

إذا تجاوزت الحراسة النظرية حدود الـ 12 يوما القانونية من شأنها أن تشكل انتهاكات خطيرة للقانون المغربي فتعتبر دليلاً آخر على الاحتجاز التعسفي. لكن حتى لو تم احترامها فإن مدة الـ 12 يوما القانونية من الاحتجاز دون مراجعة قضائية، التي سمح بها لأول مرة قانون مكافحة الإرهاب لعام 2003، تبدو أنها تُشكل انتهاكا لالتزامات المغرب بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان من خلال الفشل في ضمان أن يمثل الشخص المحروم من الحرية فورا أمام القاضي. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ينص في المادة 9 (4)، على أنه "لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الرجوع إلى محكمة لكي تفصل هذه المحكمة دون إبطاء في قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاعتقال غير قانوني".

لم تحدد المعاهدات الدولية مهلة زمنية لهذه المراجعة القضائية. ومع ذلك، فقد ذكرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنها – المهلة الزمنية - يجب أن تكون في غضون "بضعة أيام" من اعتقال الشخص، وهي الصياغة التي لا تشمل تأخيرا لمدة 12 يوما[16].

ويزعم الأشخاص الستة المذكورون أعلاه بأن أعوان الدولة احتجزوهم في مكان احتجاز سري، في انتهاك لشراط القانون المغربي بأنه "لا يمكن الاعتقال إلا بمؤسسات سجنية تابعة لوزارة العدل"[17]. المبدأ 2 من مجموعة مبادئ الأمم المتحدة ينص على أنه "لا يجوز إلقاء القبض أو الاحتجاز أو السجن إلا إذا نفذت بدقة وفقا لأحكام القانون وعلى يد موظفين مختصين أو أشخاص مرخص لهم بذلك". وإذا كانت قوات الأمن الأخرى من غير الشرطة القضائية تحتجز في الواقع المشتبه بهم في أماكن أخرى غير تلك التي تديرها وزارة العدل، فمن شأن ذلك أن يشكل دليلا آخر على أن هذه الاعتقالات تعسفية بطبيعتها.

  • الرجال السبعة جميعهم قالوا إنهم لم يلتق أي منهم بمحام إلى ما بعد أكثر من الأربعة أيام الأولى من الاعتقال، المدة التي حددها القانون المغربي[18]، وتمكنوا من ذلك فقط بعد أن وقعوا محاضر أعدتها لهم الشرطة. وتنص مجموعة مبادئ الأمم المتحدة في المبدأ 15 على أنه، باستثناء في ظل الظروف الخاصة، "لا يجوز حرمان الشخص المحتجز أو المسجون من الاتصال بالعالم الخارجي، وخاصة بأسرته أو محاميه، لفترة تزيد عن أيام".
  • فتش أعوان منازل اثنين من الرجال على الأقل – هما أنور الجابري وعبد العزيز جانح – وصادروا أشياء، دون الحصول أولا على إذن كتابي من المقيمين أو عرض مذكرة موقعة من الوكيل العام لتفتيش المكان، في انتهاك للمادة 62-3 والمادة 79 من قانون المسطرة الجنائية.

بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، الحق في محاكمة عادلة يتطلب الاتصال بمحام أثناء الاحتجاز والاستجواب والتحقيق الأولي. الاتصال السريع وبشكل منتظم بمحام يُمثل ضمانة هامة ضد التعذيب وسوء المعاملة والاعترافات المنتزعة بالإكراه، وغيرها من الانتهاكات[19]. مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن دور المحامين تنص في المادة 7، على أن "تكفل الحكومات أيضا لجميع الأشخاص المقبوض عليهم أو المحتجزين بتهمة جنائية أو بدون تهمة جنائية، إمكانية الاستعانة بمحام فورا، وبأي حال خلال مهلة لا تزيد عن ثمان وأربعين ساعة من وقت القبض عليهم أو احتجازهم"[20]. وأوصى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب أنه ينبغي لأي شخص ألقي القبض عليه "الحصول على المشورة القانونية في موعد لا يتجاوز 24 ساعة بعد التوقيف"[21]. كما ذكر خليفته كمقرر خاص أن " يجب أن يكون للمحتجزين الحق في الحصول على محام منذ بداية الاحتجاز، ويجب على المحامي أن يكون حاضرا أثناء الاستجواب وأن المعتقل يجب أن يكون له الحق في التحدث مع محام على انفراد"[22].

  • ذكر خمسة من الرجال السبعة أن المحققين اعتدوا عليهم جسديا، وإذا كان ذلك صحيحا فإنه ينتهك حظر العنف والتعذيب الوارد في المادة 231 من القانون الجنائي المغربي[23]. وبصفته دولة موقعة على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، فإن المغرب مُطالب بموجب المادتين 5 و 6 بالتحقيق في الأفعال المزعومة التي تشكل تعذيبا، حيث تتوفر الأدلة الكافية، ومحاسبة مرتكبي هذه الأفعال.
  • السبعة جميعهم قالوا إنهم وقعوا المحاضر التي أعدتها لهم الشرطة دون قراءتها للتحقق من صحتها، لأن الشرطة منعتهم من الاطلاع على المحاضر أو هددوهم في حالة رفض التوقيع، أو لأنهم قالوا إنهم يعتقدون أن ليس لديهم خيار آخر سوى التوقيع عليها. ويفترض القانون المغربي أن توقيع المحضر المُعد من قبل الشرطة يجب أن يكون طوعيا[24]. الإكراه على توقيع محضر تجريم ذاتي من شأنه أن يُشكل انتهاكا للمادة 3.14 (ز) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على أنه لا يجوز إكراه أي شخص "على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب".

معظم المعتقلين الذين وردوا في هذا التقرير يعتقدون أنهم كانوا محتجزين في تمارة خلال استجوابهم، على الرغم من أن لا أحد منهم يمكنه أن يُقدم أدلة تثبت هذا. ومهما يكن، فإن شهادة ستة من المعتقلين تشير إلى أنهم كانوا محتجزين بمعزل عن العالم الخارجي لمدة تصل إلى خمسة أسابيع في مكان غير معروف لهم، حيث يقول معظمهم إنهم تعرضوا للعنف الجسدي أثناء التحقيق، قبل أن يُرحِّلهم أعوانٌ إلى مقر الشرطة معترف به، وعند هذه النقطة قُدمت لهم محاضر مكتوبة للتوقيع وتمكنت عائلاتهم أخيرا من معرفة أماكنهم.

وحتى كتابة هذه السطور، ما زال المشتبه بهم في هذه القضية قيد التحقيق من قبل قاضي التحقيق، الذي لم يضع اتهامات رسمية بعد. وليس ممكنا لـ هيومن رايتس ووتش الحصول على معلومات من محاميي المشتبه بهم حول هذه القضية، لأن القانون يمنعهم من الكشف عن التفاصيل في حين لا تزال مرحلة التحقيق مستمرة.

ومع ذلك، فإن الانتهاكات المزعومة من طرف المعتقلين، إذا ما تأكدت، تشكل انتهاكات خطيرة للقانون المغربي وتقوض مصداقية أي اعترافات انتزعت من متهمين تعرضوا لهذه الممارسات، وعدالة أية محاكمات تستند الإدانة فيها فقط أو بشكل أساسي إلى مثل هذه الاعترافات.

 

الاعتقال السري، من طرف الاستخبارات الداخلية حسب الزعم

على الرغم من التزامات المغرب القانونية والشفهية بمنع التعذيب وسوء المعاملة، لا تزال هناك ادعاءات مستمرة ومتسقة حول متهمين مشتبه في صلتهم بالإرهاب يتعرضون للتعذيب أو سوء المعاملة خلال الاعتقال السري[25]. وتحتوي السجون المغربية على مئات الأشخاص المدانين بتهمة الإرهاب منذ هجمات مايو/أيار 2003، أدين عدد كبير منهم في المقام الأول على أساس المحاضر المكتوبة التي نسبتها الشرطة لهم ولمتهمين معهم، وفقا لمحاميي حقوق الإنسان مغاربة[26]. ويزعم المحامون، بناء على روايات وكلائهم، بأن العديد من هذه التصريحات قد تم الحصول عليها عن طريق التعذيب أو اعتداءات أخرى، بينما تم احتجاز المعتقلين في مراكز سرية، مثل الذي يُعتقد وجوده في تمارة، ضاحية جنوب غربي العاصمة الرباط. تمارة هي المكان الذي يوجد فيه مقر وكالة الاستخبارات الداخلية المغربية، المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، DGST، سابقا مديرية مراقبة التراب الوطني DST، ومازال يشار إليها بتلك الأحرف الثلاث الأولى.

وقد نفت السلطات المغربية أن تكون المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني تدير مكان احتجاز في تمارة. نقلت وكالة الأنباء الرسمية، وكالة المغرب العربي للأنباء، عن وزير العدل، آنذاك، محمد بوزوبع قوله للصحفيين في 2004: "إن عصر مراكز الاعتقال السرية (في المغرب) قد انتهى منذ فترة طويلة"[27]. وقال بوزوبع بأن هناك سجن قانوني في تمارة تحت إشراف وزارة العدل، مثل أي سجن مدني آخر[28]. وليس واضحا إلى أي مركز يشير بوزوبع. ومع ذلك، فإن المنظمات غير الحكومية المغربية التي قامت بزيارات منتظمة للسجون في مختلف أنحاء البلاد لم تتلق قط دعوة لزيارة سجن في تمارة. والعدد المتزايد من شهادات المشتبه بهم الذين اعتقلوا في قضايا الإرهاب والذين قالوا إنهم يعتقدون بأنهم اعتقلوا في تمارة يشير إلى أن المركز في تلك المنطقة هو أي شيء غير أحد السجون العادية.

وقال المحتجزون الذين يعتقدون أنهم كانوا محتجزين في تمارة لـ هيومن رايتس ووتش إن رجال الأمن غطوا أعينهم  في السيارة لمنعهم من معرفة وجهتهم. قدموا استنتاجات حول الوجهة انطلاقا من مدة السفر من مكان الاعتقال إلى مكان الاحتجاز، واستناداً إلى علامات الطريق التي لمحوها في طريقهم من خلال العصابة التي لم تعق الرؤية تماما، والأصوات التي تطلقها الحيوانات في حديقة الحيوان الوطنية التي كانت توجد، حتى وقت قريب، في تمارة بالقرب من مركز الاحتجاز.

وقال المعتقلون إن الأعوان رحلوهم، بعد فترة الاعتقال السري، إلى سجن الشرطة العادي، مثل الذي يوجد في مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، في المعاريف بالدار البيضاء.

وفي سجن الشرطة العادي، قدم لهم أعوان تصريحات مكتوبة للتوقيع، زاعمين أنها نسخة مكتوبة مطابقة للتصريح الذي قدموه شفهيا للشرطة. في الحالات التي تتعلق بالأشخاص الذين يشتبه بصلتهم بالإرهاب، مثل المعتقلين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش، لا تذكر محاضر الشرطة المكان الذي احتجزوا فيه رهن الاعتقال السري أو الوقت الذي قضوه هناك، ولكن، بدلا من ذلك، تقوم الشرطة بإتمامها بطريقة توحي بأن المعتقل تم نقله إلى الشرطة القضائية مباشرة بعد إلقاء القبض عليه. وبالإضافة إلى ذلك، وفي الحالات العديدة التي بحثتها هيومن رايتس ووتش، لا تُبلغ الشرطة أقارب المعتقل بمكان وجوده حتى يتم إخراجه من الاعتقال السري وترحيله إلى مركز معترف به، وهي الفترة التي يمكن أن تدوم عدة أسابيع. سمعت هيومن رايتس ووتش مزاعم ذات مصداقية بأن الشرطة تُزور تاريخ الاعتقال في سجلاتها وفي المحاضر من أجل التستر على فترة الاحتجاز غير القانونية قبل عرض المعتقل على قاضي التحقيق[29]. وذكرت منظمة العفو الدولية أيضا أنه يتم تزوير تواريخ الاعتقال.[30]

احتجاز من طرف المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني؟

معظم الحالات الواردة في هذا التقرير تشمل المعتقلين الذين أبلغوا محاميهم وأقاربهم بأنهم يعتقدون بأنهم احتجزوا لدى ضباط المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. وإذا تأكد ذلك، فإنه سيكون إضافة إلى الطرق التي يمكن أن تعتبر احتجازهم غير قانوني بموجب القانون المغربي، حيث أن المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني هي وكالة غير مسموح لها في القانون باعتقال أو احتجاز أو استجواب المشتبه بهم.

فبموجب القانون المغربي، فإن أفراد قوات الأمن الذين لهم صفة الشرطة القضائية هم فقط المسموح لهم، تحت إشراف النيابة العامة، باعتقال واحتجاز، أو أخذ وتسجيل تصريحات أولية من المشتبه بهم، وإجراء تفتيش للمنازل[31]. وقد ذكرت السلطات المغربية مرارا وتكرارا على مر السنين أن المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ليس لها صفة الشرطة القضائية، وبالتالي لا يحق لها الاعتقال أو الاحتجاز. وأكد وزير العدل السابق بوزوبع في عام 2003 بأنه غير مسموح للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بإجراء مثل هذه العمليات، ونفى أن تكون المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني قد فعلت ذلك في الواقع. وقال في سبتمبر/أيلول 2003، "ليس للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني صفة الشرطة القضائية. إن الشرطة القضائية هي التي تحقق في القضايا التي تعرضها عليها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني"[32]. ووفقا لبيان مشترك  صادر عن وزارتي العدل والداخلية في عام 2004، فإن المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني "مختصة في البحث عن ومنع، من خلال جمع المعلومات الاستخبارية، الأنشطة التي هي من وحي، أو اضطلع بها أو التي تدعمها حركات تخريبية أو إرهابية"  وتقع عليها أيضا مسؤولية مكافحة التجسس. وواصل البيان "ولكن في جميع الحالات، سواء في مجال مكافحة الإرهاب أو مكافحة التجسس فعناصر من الشرطة القضائية التابعة للأمن الوطني، بناء على المعلومات التي تم جمعها من قبل المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وتحت إشراف مكتب الوكيل العام، هم الذين يقومون بعمليات اعتقال المشتبه بهم وتقديمهم أمام القضاء".[33]

وتابع البيان بأن المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني "تفتقد في الواقع صلاحيات ضباط الشرطة القضائية التي من شأنها أن تسمح لهم بتنفيذ عمليات اعتقال أو تفتيش أو مصادرة، أو استجواب". وأضاف، "ومع ذلك، فهذا لا يستبعد وجود علاقات التعاون في مجال المعلومات والاستخبارات، بين المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وبين الشرطة القضائية، كما هو الحال في جميع أنحاء العالم".[34]

مرة أخرى وفي عام 2009، نفت السلطات المغربية قيام  المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني باعتقال الأفراد، ونفت أيضا وجود مركز الاعتقال في مقر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. وقال المغرب، مستعملا اسم المديرية القديم والمألوف، في تقريره إلى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب:

 

وبخصوص انشغال اللجنة عن وضعية جهاز مديرية مراقبة التراب الوطني (DST) ((CAT/C/CR31/2/، الفقرة٥(د)، فإنه ينبغي الإشارة إلى أن موظفي هذه المديرية لا يتوفرون على صفة ضباط الشرطة القضائية ولا يمارسون مهام هذه الأخيرة، كما أن السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط قام بزيارة لمقر هذه المديرية واطلع على مرافقها وأنجز تقريرا في الموضوع حيث لم يعثر به على أي مكان مخصص للاعتقال.[35]

وردا على طلب توضيح من هيومن رايتس ووتش، قدمت سفارة المغرب في واشنطن التصريح التالي في 25 أغسطس/آب 2010:

 

ليست لدى موظفي المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني صفة ضباط الشرطة القضائية، ولا يتصرفون على هذا الأساس... ومن الجدير بالذكر أن الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف في الرباط قد زار مقر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في تمارة وفتش جميع منشآتها. وتوصل تقرير زيارة إلى أنه لا يوجد هناك مركز اعتقال.[36]

وقد اتخذت قضية الاعتقال السري في المغرب أبعادا دولية في أغسطس/آب 2010، عندما ذكرت وكالة أنباء أسوشيتد برس أن الإدارة الأمريكية، وفقا لعدة مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، تمتلك تسجيلات صوتية ومرئية لاستنطاق رمزي بن الشيبة، وهو متهم بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، في سجن سري بالقرب من العاصمة المغربية الرباط. وقيل إن المغاربة يُديرون السجن لكنه مُمول إلى حد كبير من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، التي سلمت بن الشيبة للحجز في المغرب في أواخر عام 2002 وأبقته هناك لمدة خمسة أشهر - وهي الأولى من بين ثلاث رحلات عبر المنشأة المغربية خلال السنوات التي قضاها في الاحتجاز لدى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وفقا لوكالة الأسوشيتد برس. وذكرت أسوشيتد برس "لا يناقش المتحدث باسم وكالة المخابرات المركزية جورج ليتل المنشأة المغربية إلا ليقول إن مسؤولي الوكالة 'يواصلون التعاون مع التحقيقات في ممارسات مكافحة الإرهاب في الماضي'. ولم يرد المسؤولون في الحكومة المغربية عن أسئلة عن بن الشيبة وعن المدة التي قضاها في المغرب. لم تعترف الدولة أبدا بوجود مركز الاعتقال"[37].

قبل هذه الفضائح، فيما يخص معتقلي غوانتانامو، لاسيما محمد بنيام، المواطن البريطاني والمعتقل في غوانتانامو حتى عام 2009، ذكر أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قد أرسلته أيضا، في أواخر عام 2002، إلى المغرب للاستنطاق والتعذيب[38].

 

حالات سبعة رجال تعرضوا للاعتقال في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2010

 

ذكرت الصحف المغربية في أبريل/نيسان 2010، نقلا عن وكالة الأنباء الرسمية، وكالة المغرب العربي للأنباء، أن مسؤولين قد أعلنوا عن تفكيك شبكة إرهابية مكونة من 38 رجلا في مدن الدار البيضاء والقنيطرة، وبرشيد[39]. كان الرجال، حسب الزعم، "وراء إرسال نشطاء مغاربة إلى مناطق التوتر خاصة أفغانستان والعراق والصومال والشريط الساحلي الصحراوي وأنها كانت تعد لتنفيذ اغتيالات ولاستهداف أجهزة أمنية ومصالح أجنبية داخل المغرب"[40]. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أنه في 6 مايو/أيار أحالت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في الدار البيضاء 38 شخصا كانوا رهن الحراسة النظرية على الوكيل العام للاشتباه بتورطهم في شبكة إرهابية.[41]

التقارير الصحفية لم تضم قائمة كاملة بأسماء المتهمين. بناء على شكاوى بـ "الاختطاف" و "الاختفاء" التي قدمتها أسر المشتبه بهم إلى منظمات حقوق الإنسان المغربية[42] ومقابلات مع بعض أعضاء العائلات، حدد الباحثون وقاموا باتصالات هاتفية مع سبعة من المتهمين الذين قدموا رواياتهم عن اعتقالهم واحتجازهم، وأسماء المتهمين معهم.[43].

عبد العزيز جانح، 32 عاما، تاجر مقيم في بوسكورة - شراركة، في ضواحي الدار البيضاء الجنوبية، اعتقل في 18 أبريل/نيسان 2010. قالت وفاء راجي، زوجة جاح، لـ هيومن رايتس ووتش بأن طرقا مدويا على بابهم أيقظها هي وزوجها، حوالي منتصف الليل. نهض جانح للرد ولكن في الوقت الذي وصل فيه إلى البهو، وجد أن ثلاثة رجال في زي مدني قد دخلوا بالفعل من خلال كوة المنزل. ثم دخل عدد كبير من رجال الشرطة المنزل، وقيدوا يديه، وقاموا بتفتيش المبنى. وقال عبد العزيز جانح لـ هيومن رايتس ووتش في مقابلة عبر الهاتف من سجن سلا، "في البداية، عندما دخلت الشرطة، سألوني عن ياسر العثماني [أحد المتهمين معه في هذه القضية] وعلي - أنا لا أتذكر اسمه العائلي. قلت لهم: إنهم ليسوا في بيتي. 'سألوني أين خبأت المال الذي أعطوه لي. فأجبت بأنه ليس لدي أية أموال في المنزل. كما سألوني عن المكان الذي أخفي فيه المتفجرات. وقالوا إنّي استضفت علي وياسر لمدة أسبوع في بيتي". صادر رجال في زي مدني، في تلك الليلة، الكومبيوتر، وبعض الأقراص المدمجة، ووثائق، ومفاتيح سيارته. وقالت راجي إن الرجال لم يظهروا أية مذكرة توقيف أو تفتيش ولم يشرحوا لماذا أو أين يأخذون زوجها، لكنهم قالوا لها إنه سيعود بعد 30 دقيقة.

في صباح اليوم التالي اكتشفت راجي أن احدهم - تفترض أنهم  الرجال في زي مدني أو مساعديهم - اضطر لفتح باب مخزن "جناح"، حيث يجري بيع  زيت الزيتون، وهو المخزن المجاور لمحل إقامتهم.

وقال محمد جانح، والد عبد العزيز، إنه اتصل بالشرطة ومكتب الوكيل العام في الدار البيضاء للاستفسار عن ابنه المفقود، ولكنه لم يتلق أية معلومات. ولم تكن لدى العائلة أية معلومات عن مكان وجود عبد العزيز إلى غاية 7 مايو/أيار، حينما اتصل معتقل في سجن سلا بمحمد ليخبره بأن عبد العزيز يوجد معه حاليا في السجن. في 10 مايو/أيار ، ذهب محمد إلى سجن سلا، وزار أبنه للمرة الأولى.

قال محمد جانح إن عبد العزيز أخبره بأنه تم استجوابه وتعذيبه أثناء اعتقاله في زنزانة منفردة في مكان مجهول لمدة تسعة أيام. وقال عبد العزيز في مقابلة عبر الهاتف من سجن سلا، "عندما كانوا يستجوبونني، اتهموني مرة أخرى بإخفاء الرجلين في بيتي. أجبت بأنني لا أعرف علي حتى، وأن ليس لدي سوى علاقة عمل مع ياسر، وأنه قضى ليلة واحدة فقط في بيتي، بعدما نقلته بسيارتي لزيارة عائلة خطيبته"[44]. وقال محمد إن ابنه روى له كيف عُصبت عيناه في ذلك المكان وتعرض للضرب بعصا خشبية على قدميه حتى فقد وعيه مما استلزم رعاية طبية. في مقال حول هذه القضية، نقلت المجلة الأسبوعية المغربية نيشان عن جانح عبد العزيز قوله إن المحققين قيدوا وضربوا قدميه إلى درجة أنه فقد الإحساس بهما وأصبح غير قادر على المشي لمدة ثلاثة أيام[45]. بعد تسعة أيام في هذا المكان، احتجزت الشرطة جانح لمدة عشرة أيام في مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في حي المعاريف بالدار البيضاء. ثم قدمت الشرطة جانح إلى قاضي التحقيق، الذي أحاله على الاعتقال الاحتياطي في سجن سلا. وقال عبد العزيز جانح لـ هيومن رايتس ووتش في مقابلة عبر الهاتف إنه وقع على محضر مُعد له من قبل الشرطة في المعاريف لأنه لا يستطيع أن يقرأ جيدا بما يكفي لفهم ما يحتويه وإنه يعتقد أنه لم يكن لديه خيار في هذه المسألة[46].

وقال عبد العزيز جانح إنه لم يلتق بمحام خلال فترة الأسبوعين ونصف التي قضاها في الحجز قبل رؤية القاضي[47]. ولم تكن هذه هي التجربة الأولى لجانح في الاعتقال، حيث أن السلطات احتجزته وحققت معه لمدة سبعة أيام في عام 2003 قبل الإفراج عنه دون أن تُوجه له أي اتهام[48].

المهدي ملياني، 22 عاما، مقيم في الدار البيضاء ويدرس في المدرسة المحمدية للمهندسين في المحمدية.

قال عبد الرحمن ملياني والد المهدي، في مقابلة، إن ابنه خرج إلى المسجد ليصلي يوم 26 مارس/آذار 2010 ولم يعد أبدا. وقال الوالد إنه قدم شكوى إلى مكتب الوكيل العام بعد أربعة أيام من اختفاء ابنه، لكنه لم يتلق أبدا أي رد. ولم تأت الشرطة إلى بيت الأسرة لإطلاعهم عن مكان وجود المهدي، أو لطرح الأسئلة، أو لإجراء بحث.

وقال المهدي ملياني في مقابلة عبر الهاتف من سجن سلا إنه عندما غادر أحد المقاهي في ذلك اليوم حوالي الساعة 12 ظهرا أو 12:30 بعد الظهر، اقترب منه أربعة رجال يرتدون زيا مدنيا في سيارة وطلبوا منه الحضور معهم لأن شخصا قدم شكوى ضده بسبب شيك بدون رصيد. وقالوا إنهم من رجال الشرطة ولكنهم لم يقدموا أي تعريف لإثبات ذلك، ولم يُظهروا أي أمر مكتوب. وقال ملياني في وقت لاحق إنه لا يملك دفتر شيكات وظن في ذلك الوقت أن الشرطة قد أخطأت. ركب في سيارتهم، مُعتقدا أنهم ذاهبون إلى إلى مركز الشرطة ولكنه اكتشف أنه بدلا من ذلك كانوا يقودونه خارج مدينة الدار البيضاء.

أربعون يوما بعد "اختفاء" المهدي ملياني، هاتف عائلته من سجن سلا. في مقابلة أجرتها معه مجلة نيشان، قال ملياني إن رجالا يرتدون زيا مدنيا اقتادوه من الدار البيضاء نحو الرباط عبر الطريق السيار، ومروا عبر المحمدية وبوزنيقة، والصخيرات - بلدة على الطريق الساحلي قبل تمارة - قبل أن يُعصبوا عينيه، وهذا ما أوحى له أن الوجهة هي تمارة.

وقال المهدي لوالده إنه كان مُحتجزا في تمارة في زنزانة انفرادية[49]. وقال ملياني إن المحققين هناك استجوبوه ولكنهم لم يُعذبوه، ووعدوه بأنه سرعان ما سيتم الإفراج عنه. وقال لـ هيومن رايتس ووتش في مقابلة عبر الهاتف من سجن سلا:

عندما كنت في تمارة، سُئلتُ عن الجهاد. فأجبت بطلبهم أن يُعرِّفوا هذا المصطلح. فسألوني إن كنت أحب الجهاديين. أجبت ببساطة أني أتعاطف مع هؤلاء الذين يقاتلون اليهود في فلسطين. ثم سألوني عن صلاح ناشط [أحد المتهمين معه]، وعما إذا تحدث إلي في أي وقت مضى عن الجهاد أو طلب مني الانضمام إلى الجهاديين أو أن أسافر معه إلى الصومال. أجبتُ أن العلاقة الوحيدة التي تجمعني بصلاح هو أنه ابن عمتي، وأني لم أتحدث أبدا معه عن أية خطة للسفر. ليس لدي جواز سفر حتى[50].

وقال ملياني لـ هيومن رايتس ووتش في مقابلة هاتفية من السجن إنه احتُجز من 26 مارس/آذار إلى 26 أبريل/نيسان في مُنشأة سرية فيما كان يفترض أن تكون تمارة، ومن 26 أبريل/نيسان إلى 6 مايو/أيار في السجن بمقر الشرطة القضائية بالمعاريف، بعدها مثل أمام قاضي التحقيق، الذي أحاله على الاعتقال الاحتياطي في سجن سلا.[51]

يونس زارلي، من مواليد 1980 ومقيم في الدار البيضاء، متزوج من إمرأة إيطالية. وكان يُخطط للإقامة في إيطاليا ولكن السلطات الإيطالية طردته ثلاث مرات، لأن شقيقيه، يقول زارلي، مرتبطان، حسب الزعم، بـ "جماعات إرهابية"[52]. وذكرت منظمة العفو الدولية أن محكمة مغربية أدانت زارلي في 15 سبتمبر/أيلول 2006 بسبب أنشطة ذات صلة بالإرهاب وحكمت عليه بسنتين في السجن. خفضت محكمة الاستئناف عقوبته إلى عشرة أشهر لأنه تم تبرئته من معظم التهم، مع استثناء تهمة تزوير وثائق والإدلاء بأقوال كاذبة.[53]

وقالت زهرة الصاحب، والدة زارلي، إنه في 11 أبريل/نيسان 2010، ظهر رجل خارج منزلهم وسأل مُنظفة البيت، التي كانت بالداخل أمام النافذة، إن كان يونس في المنزل. عندما أجابت بأنه في البيت، طلب منها الرجل أن تدعوه إلى الخارج. خرج يونس لمعرفة من الذي كان يسأل عنه. لم يعد أبدا.

وقال زارلي، في مقابلة عبر الهاتف من سجن سلا، إن المتهم معه ياسر العثماني كان هو الرجل الذي دعاه للخروج من منزله يوم 11 أبريل/نيسان للحديث. وعندما سار زارلي والعثماني لمسافة قصيرة في شارع الحارثي بحي البرنوصي، اعترضهم رجال في زي مدني ووضعوهم في سيارات، دون ذكر أنهم كانوا من الشرطة، أو تقديم مذكرة أو ذكر الدافع وراء إلقاء القبض عليهم، أو الكشف عن الوجهة التي يأخذونهم إليها.[54]

وقال يونس زارلي لـ هيومن رايتس ووتش في مقابلة عبر الهاتف من سجن سلا إنه يشتبه أن تمارة كانت وجهته،  لأنه كان يستطيع أن يرى قليلا وهم في الطريق من الدار البيضاء، بما أن الرجال في الثياب المدنية غطوا رأسه بسترته عوض تعصيب عينيه. وقال زارلي، إنه، ذات مرة أثناء الطريق، لمح لافتة صفراء تُعلن شارع محمد السادس الجديد في تمارة.

وقال زارلي إن أعوانا جردوه من ملابسه  عند وصوله إلى تمارة، وضربوه مرارا وتكرارا عندما كانوا يستجوبونه. وقال إنهم سألوه عن علاقته بسعيد الزيواني - معتقل آخر يُعتبر على ما يبدو كواحد من نفس المجموعة - وما إذا كان زارلي جهّز للهجرة بطريقة غير مشروعة إلى أوروبا ثم إلى أفغانستان. وقال زارلي إنه ليس في حاجة إلى الهجرة بطريقة غير شرعية بما أن لديه تأشيرة صالحة للسفر إلى إيطاليا لحضور جلسة الاستئناف بنفسه ضد ترحيله من ذاك البلد.

وقال زارلي إنه وقع المحضر الذي صاغته الشرطة له في 3 مايو/أيار 2010، فقط بعد ما هددته الشرطة بإعادته للتحقيق في حالة رفضه. وقال إنه التقى محام للمرة الأولى فقط بعد أن وقع على محضر الشرطة، يوما واحدا قبل أن يمثل أمام قاضي التحقيق.

وقالت الصاحب إن ابنها قال لها عندما قامت بزيارته في السجن بأنه  أمضى 15 يوما في تمارة ثم 12 يوما في الحجز في مقر الشرطة القضائية في المعاريف، قبل أن يُحال على سجن سلا.

أنور الجابري، مقيم في الدار البيضاء، مواليد عام 1973.

قالت هند الجابري، شقيقة أنور، لـ هيومن رايتس ووتش إنها استجابت لطرق على باب منزلهم حوالي الساعة الثالثة والنصف صباحا من يوم 29 أبريل/نيسان 2010. وعندما فتحت، دخل تسعة رجال في زي مدني المنزل دون الحصول على إذن. وقالوا إنهم من الشرطة ولكن لم يُظهروا أية هوية أو أمر اعتقال أو تفتيش، ولم يشرحوا سبب قدومهم. سألوا عن الجابري، وعندما أشارت هند إلى غرفته، ذهبوا إليه وقيدوا يديه. قاموا بتفتيش الغرفة وصادروا أشرطة وكتب دينية وأوراق، ثم رحلوا مع الجابري. وقالت هند إن الرجال قالوا لها بأن شقيقها لم يخرق أية قوانين، وأنهم سيُفرجون عنه بعد طرح بعض الأسئلة عليه. إلا أن العائلة لم تتوصل بأي خبر عن أنور إلى غاية 7 مايو/أيار، بعد تسعة أيام، عندما علمت أنه في سجن سلا.

وقال الجابري لـ هيومن رايتس ووتش إنه أمضى ثمانية أيام في مقر الشرطة في المعاريف، حيث استجوبته الشرطة. وقال أنور إنه خلال التحقيق، صفعه وسبه رجال الشرطة في كل مرة استاءوا من إجاباته. وقال أيضا إن أعوانا هددوه باعتقال والدته إذا لم يتعاون معهم. وقال أنور: "لقد سألوني إن كان ياسر العثماني [أحد المتهمين معه] قد ساعدني على إقامة مشروع تجاري، وقلت لا. وسُئلت عن صلاح ناشط [أحد المتهمين معه] وعما إذا كان قد حدثني عن خطة للهجرة، فنفيت هذا أيضا. قلت لهم لم تكن لدي أية علاقة مع هؤلاء الرجال".

وقال الجابري إنه وقع على محضر معد له دون قراءته من قبل الشرطة في المعاريف، قبل نقله إلى سجن سلا. وقال الجابري إنه وقع المحضر لأنه لن يشكل فرقا: حسب رأيه، فإنه سيحتوي على ما تريد الشرطة سواء وقعه أم لم يفعل. وقال إنه لم يلتق بمحام خلال الفترة التي قضاها رهن الحراسة النظرية.

وأضاف الجابري أنه سبق أن تم اعتقاله  في أبريل/نيسان 2002 في سوريا لمدة ثلاثة أشهر قبل أن تُسلمه السلطات السورية إلى جهاز الاستخبارات المغربي، الذي اقتاده إلى تمارة في يوليو/تموز 2003. وقال إنه عرف بأنه كان في تمارة: لأنه يُمكنه أن يسمع زئير الأسُود في حديقة الحيوان القريبة، وسمع أيضا إطلاق النار في ساحة للرماية[55]. وقال إنه قضى سبعة أشهر هناك قبل أن يُطلق سراحه دون توجيه اتهام إليه.[56]

واعتقلته الشرطة مرة أخرى لمدة تسعة أيام في مايو/أيار 2003 في الدار البيضاء ثم أفرج عنه دون توجيه اتهام له من جديد. في ديسمبر/كانون الأول 2005، اعتقل الجابري، وأدين بالانتماء إلى جماعة إرهابية وحكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات. وكان حرا لخمسة أشهر فقط قبل اعتقاله الأخير، في أبريل/نيسان 2010.

ياسر العثماني، مقيم في الدار البيضاء وطالب في السنة الثانية قانون، مواليد عام 1980.

في مقابلة عبر الهاتف من سجن سلا قال العثماني إنه اختطف من شارع الحارثي الصاخب في الدار البيضاء يوم 11 أبريل/نسيان 2010، بعد أن قام بزيارة زارلي يونس، الذي يعيش بالقرب من هناك (انظر أعلاه).

وقالت السيدة نجية بن سعيد، والدة العثماني، إنه لم تكن لدى الأسرة أية معلومات عن مكان وجوده إلى غاية 7 مايو/أيار، عندما علموا أنه في سجن سلا. وقالت بن سعيد بأنها لم تقدم أية شكوى لأنها عندما فعلت ذلك بعد اعتقال ابنها السابق في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، لم تتلق أي رد. وأدين ياسر تلك السنة بالتخطيط للقتال في العراق وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات.

وصف العثماني الأحداث التي وقعت قبل وقت قصير من اختطافه:

عملت مع شخص اسمه علي السجلماي في صيدليته. وقال لي البواب يوما إن أربعة أشخاص قد جاؤوا قبل يوم وسألوا عني وعن علي. ولأني تعرضت للاعتقال في السابق، فقد عرفت أنهم من الشرطة، لذا لم آت للعمل مرة أخرى. ذهب والدي إلى مركز الشرطة، قدم هويتي، وعندما سأل عما إذا كانت هناك أية مذكرة ضدي؛ قيل له بأنه لا توجد أية مذكرة. ولذلك كنت أعرف أن الذين كانوا يبحثون عني كانوا يعملون لصالح جهاز المخابرات وليس الشرطة. عندما اختطفت سألوني عن علي وعما إذا كنت أعرف أنه أرسل أموالا إلى أفغانستان. قلت لهم إن الفترة التي يتم اتهامي فيها بإرسال الأموال إلى أفغانستان - صيف 2008 - كنت لا أزال في السجن. وحاولوا لاحقاً أن يقولوا لي أنني كنت أحاول الاختباء لتجنب الشرطة، ولكني قلت بأنه كان يمكنهم أن يجدوني ببساطة عن طريق الحضور بشكل قانوني إلى محل إقامتي. إنهم يتهموني بتمويل الإرهابيين: هذا ما التقطته من الأسئلة التي طرحها علي قاضي التحقيق[57].

قال العثماني لـ هيومن رايتس ووتش إن الرجال الذين اعتقلوه اقتادوه إلى تمارة، وهو المكان الذي تعرف عليه لأنه احتجز هناك في وقت سابق. وقال العثماني أن هذه المرة وُضع في زنزانة انفرادية، وأن المحققين ضربوه على قدميه بسلسلة حديدية موضوعة داخل أنبوب بلاستيكي (تقنية تُعرف باسم "الفلقة")، علقوه من أطرافه في وضعية "الطائرة" ("الطيارة")، وسكبوا الماء البارد عليه مع تشغيل مكيف الهواء، وهددوه باغتصابه بواسطة قنينة، وكذلك بجلب شقيقته إلى السجن.

وقال العثماني إن الشرطة رفضت في البداية طلبه بمقابلة محام ولكنهم بعد ذلك قالوا إنهم قد هاتفوا محاميه. وقال إنه لم يقابل أي محام خلال الأسابيع الأربعة التي قضاها رهن الحراسة النظرية لدى الشرطة.

وقال العثماني، إن بعد 16 يوما في الاعتقال السري، تم ترحيله إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في المعاريف، حيث قضى 11 يوما. وقال العثماني، وهو ابن محام، إن الشرطة في المعاريف رفضت طلبه بقراءة المحضر المكتوب الذي أعدوه  ليوقع عليه، فرفض التوقيع عليه. وقال إنهم هددوه في وقت لاحق من ذلك اليوم بأن يُخضعوه لممارسات، قال إنها "ستمس كرامتي". قالوا له حتى المصطفى معتصم ومحمد أمين الركالة، قادة أحزاب سياسية صغيرة، أدينوا في "قضية بلعيرج" (انظر أدناه) - وقعوا المحاضر الخاصة بهم دون قراءتها.[58]

وأحال قاضي التحقيق العثماني للاعتقال الاحتياطي في سجن سلا.

صلاح ناشط، 39سنة، من سكان مديونة، ضاحية جنوب شرق الدار البيضاء، اعتقل في 22 مارس/آذار 2010 أمام منزله. وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن أربعة رجال في زي مدني اقتربوا منه وسألوه عما إذا كان يملك دراجة نارية "سكوتر". وعندما أجاب بأن لديه واحدة، قالوا له بأن شخصا  أصابه بدراجته قد قدم شكوى ضده، ولهذا لا بد له من مرافقتهم إلى مركز الشرطة. وقال لهم إنه لم يستعمل دراجته لأكثر من أسبوع، وأنه لم يصدم أي شخص. أصروا على ذلك وأخذوه معهم في سيارة لا تحمل أية علامات. ولم يُظهروا له أبدا أي أمر أو هوية.

وقال ناشط إن رجالا في زي مدني اقتادوه إلى مكان يفترض أنه تمارة، على الرغم من أنه لا يمكنه أن يكون متأكدا لأنهم عصبوا عينيه بينما هم في الطريق. وقال ناشط إنه أمضى 36 يوما في ذاك المكان. وقال إن أعوانا هناك ضربوه على أسفل قدميه بأداة صلبة (ليس متأكدا إذا كانت من خشب أو معدن) حتى فقد وعيه. وأثناء الاستجواب سأل الأعوان ناشط عن علاقته بثلاثة رجال، بمن فيهم المتهم معه رشيد بوعلام.[59]

بعد 36 يوما، نقلت السلطات ناشط إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في المعاريف. أمضى ناشط 10 أيام في المعاريف، حيث تم التحقيق معه حول المتهم معه أنور الجابري، من بين موضوعات أخرى. فأجاب بأن لديه علاقة تجارية معه، ليس أكثر. وقال أيضا لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة أحضرت الجابري لمواجهته في المعاريف وذكر الأخير أيضا أن العلاقة بين الرجلين تجارية فقط.

وقع ناشط المحضر الذي أعدته له الشرطة في المعاريف. وقال إن الشرطة لم تسمح له بقراءته وكان ضعيفا بسبب حرمانه من الطعام والنوم لساعات طويلة. وقال ناشط لـ هيومن رايتس ووتش بأنه عندما تم إرساله من المعاريف إلى أول ظهور له أمام المحكمة في 6 مايو/أيار، أبلغ قاضي التحقيق بأنه وقع محضر الشرطة دون قراءته، وأنه أيضا كان قد قضى آخر 24 ساعة دون نوم أو أكل. وقال أيضا إنه أبلغ قاضي التحقيق بأنه كان محتجزا في تمارة. وضعه القاضي رهن الاعتقال الاحتياطي في سجن سلا. في اليوم التالي علمت أسرته بمكان وجوده للمرة الأولى منذ اعتقاله[60].

عبد الرحيم لحجولي، تاجر  من الدار البيضاء يبيع أغلفة الأقراص المدمجة. لحجولي من مواليد 1972، ومتزوج وأب لطفلين.

قال لحجولي في مقابلة عبر الهاتف من سجن سلا بأنه بينما كان في العمل في درب غلف في 30 مارس/آذار، جاء إليه ثلاثة رجال في زي مدني وسألوه إن كان إسمه لحجولي. ثم قالوا له بأن يضع عليه سترته وأن يحمل معه بطاقة تعريفه، موضحين أنهم يريدون استجوابه لمدة نصف ساعة ومن ثم يسمحون له بالذهاب. وقال لحجولي بأن الرجال لم يقولوا أبدا بأنهم من الشرطة، ولكن عندما طلبوا منه إحضار بطاقة تعريفه افترض بأنهم من الشرطة وأنهم يريدون التحدث إليه حول البضائع التي يبيعها.[61]

وقالت العائلة إنها لم تعرف شيئا عن مكان وجود لحجولي إلى غاية 7 مايو/أيار، عندما هاتف إبراهيم، شقيقه، من سجن سلا. وقال لحجولي لشقيقه إنه قضى 28 يوما في تمارة في زنزانة انفرادية قبل أن يتم أخذه إلى المعاريف، حيث أمضى 11 يوما قبل ترحيله إلى سجن سلا. وحسب إبراهيم لحجولي، قال عبد الرحيم إن المحققين هددوه لكنهم لم يُعذبوه جسديا[62]. وقال إبراهيم إن شقيقه ذكر أن الشرطة اتهمته بالفشل في تقديم معلومات إلى السلطات حول مواطن فرنسي من أصل مغربي يدعى أحمد السحنوني والذي تبحث عنه السلطات المغربية، حسب ما زُعم، بسبب صلاته المزعومة بهذه الشبكة[63]. وذكرت صحيفة لو باريزيان إن السلطات الفرنسية اعتقلت أحمد السحنوني في باريس يوم 30 أبريل/نيسان 2010، وأدانته بتجنيد الجهاديين عبر الإنترنت للقتال في العراق وأفغانستان والصومال[64].

المتهمون السبعة الذين تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش يزعمون أنهم لا ينتمون إلى أية خلية إرهابية، وأنهم لم يلتقوا قط غالبية زملائهم المشتبه بهم قبل أن يجدوا أنفسهم معا في الاعتقال الاحتياطي في سجن سلا. وقالوا إنهم يعتقدون أنهم اعتقلوا بسبب صلاتهم مع واحد أو اثنين من المتهمين معهم. على سبيل المثال، اتهم يونس زارلي بمساعدة زميله المشتبه به سعيد الزيواني على الهجرة بطريقة غير مشروعة. المهدي ملياني هو ابن عمة زميله المتهم صلاح ناشط. ياسر العثماني عمل مع صيدلي متهم بإرسال الأموال إلى أفغانستان.

إلى حدود إرسال هذا التقرير إلى المطبعة، لا يزال قاضي التحقيق يُحقق في القضية، في حين أن المشتبه بهم لا يزالون رهن الاعتقال الاحتياطي. ولم يتم بعد تحديد أي موعد للمحاكمة.

 

حالات أخرى تنطوي على ادعاءات بالاعتقال والاحتجاز غير القانونيين

حالات أخرى بت فيها القضاء منذ عام 2007 بموجب قانون مكافحة الإرهاب تثير مخاوف مماثلة بشأن الاعتقال والاحتجاز، وسوء معاملة المشتبه بهم بشكل ينتهك القانون المغربي والتزامات البلد بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

قضية بلعيرج

العديد من الـ 35 متهما المدانون استئنافيا في 16 يوليو/تموز 2010 في قضية إرهاب جماعية معروفة باسم "قضية بلعيرج"، يؤكدون أنهم تعرضوا للتعذيب أثناء احتجازهم لمدة أسابيع أو أكثر في معتقل سري في تمارة[65]. وكانت قضية بلعيرج فريدة من نوعها من بين المحاكمات الجماعية في المغرب، لأن ست شخصيات سياسية كانوا من بين المتهمين، بما في ذلك كبار الشخصيات في أربعة أحزاب سياسية، ثلاثة منهم، أحزاب إسلامية معتدلة، والرابع، حزب اشتراكي. الشخصيات السياسية الستة هي من بين ما يقرب من ثلاثين متهما كانوا رهن الاحتجاز منذ اعتقالهم في أوائل عام 2008.

ولم يوضع أي من السياسيين الستة، من بينهم المصطفى معتصم ومحمد أمين الركالة، على التوالي، الرئيس والناطق الرسمي لحزب البديل الحضاري، ومحمد المرواني، رئيس حزب الأمة، رهن الاعتقال السري ولم يُحتجز خارج المدة القانونية للحراسة النظرية. ومع ذلك، ادعى الستة جميعهم أن الشرطة زورت النسخة المكتوبة للتصريحات التي أدلوا بها. ولم يُعطي قضاة المحاكمة في المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف أي مصداقية لمطالباتهم وأدين كل من المتهمين؛ وحكمت محكمة الاستئناف على خمسة من الشخصيات السياسية الستة بـ 10 سنوات في السجن، والشخصية السياسية الأخيرة بـ عامين في السجن، بتهم الأدوار المزعومة في شبكة إرهابية، وفقا للمحكمة، وارتكاب سرقات، وغسيل الأموال، وتزوير وثائق، واستيراد أسلحة بهدف القيام بأعمال إرهابية لزعزعة الاستقرار والإطاحة في نهاية المطاف بنظام الدولة[66]. بعد تأكيد محكمة الاستئناف لإداناتهم، رفع المتهمون دعوى أمام محكمة الاستئناف العليا في البلاد، وهي محكمة النقض والإبرام. ولا زال لم يتم البت في هذا الاستئناف.

وقال كثير من المتهمين في قضية بلعيرج، الذين ليسوا من الشخصيات العامة، بأنهم وضعوا رهن الاعتقال السري وتعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة. على سبيل المثال، قال عبد القادر بلعيرج ، زعيم المجموعة المزعوم، للمحكمة، إن السلطات اعترضته في أحد شوارع مراكش في أحد أيام يناير/كانون الثاني 2008 - وليس في 18 فبراير/شباط كما ذكرت السلطات - واحتجزوه بمعزل عن العالم الخارجي لمدة شهر قبل تقديمه إلى قاض. تقرير قاضي التحقيق يعكس تصريحات بلعيرج بأن أعوان الدولة اختطفوه وعذبوه66. وحسب زوجته، رشيدة حطي، بعد اختطاف بلعيرج، بحثت عنه الأسرة في المستشفيات ومراكز الشرطة دون الحصول على أي معلومات عن مكان وجوده إلى غاية 18 فبراير/شباط، عندما أعلنت السلطات المغربية القبض عليه[67]. وقال بلعيرج، في رسالة خطية أعطاها لمحاميه البلجيكي فينسنت لُركوين، إن المحققين احتجزوه بمعزل عن العالم الخارجي، معصوب العينين، وضربوه، وعلقوه من قدميه رأسا على عقب، وعرضوه لصدمات كهربائية.[68]

مزاعم بلعيرج بالتعرض للتعذيب اتخذت خطورة خاصة في ضوء حقيقة أن ملفه يحتوي، على نحو غير عادي، على محضرين للشرطة، مختلفين تماما، يحملان تواريخ مختلفة. محضره الأول لم يذكر الشخصيات السياسية الستة بين المتهمين معه، في حين أن محضره الثاني يُورطهم بشكل عميق في منظمة إرهابية مزعومة. وهذا يثير سؤالا عما حدث لبلعيرج أثناء احتجازه بعد أن أدلى بتصريحه الأول الذي أدى به إلى الإدلاء بتصريح ثان يُقدم رواية مختلفة تماما للأحداث. ورغم ذلك، رفضت المحكمة طلبات التحقيق في ادعاءاته.

وقدم بلعيرج، خلال ظهوره أكثر من مرة أمام قاضي التحقيق، شهادة غير متناسقة، معلنا أولا براءته الكاملة، وفي وقت لاحق مؤكدا الجوانب الرئيسية في تصريحاته للشرطة التي تُجرمه. خلال مرحلة المحاكمة أشهرا بعد ذلك، أعلن بلعيرج براءته مرة أخرى، وذكر أن الشرطة هددته كي لا يتراجع عن اعترافه أمام قاضي التحقيق عبد القادر الشنتوف. وقال بلعيرج أيضا إن أحد جلاديه المزعومين كان موجودا في مكتب القاضي الشنتوف عندما سأله القاضي عن تصريحاته للشرطة. وطلب محامي الدفاع عبد الرحيم الجامعي من قاضي المحاكمة استدعاء القاضي الشنتوف للرد على أسئلة حول جلسة الاستماع تلك، لكن القاضي المحاكمة رفض القيام بذلك. وحكمت محكمة الدرجة الأولى على بلعيرج بالسجن مدى الحياة، وهو الحكم الذي أيدته محكمة الاستئناف.

متهم آخر في القضية، مختار لقمان، زعم أن أعوان الدولة خطفوه وحققوا معه في تمارة. لقمان، تاجر من مواليد 1958 ويعيش مع عائلته في مدينة سلا، غادر المنزل في اتجاه عمله حوالي الساعة التاسعة صباحا في 2 فبراير/شباط 2008، ولم يعد إلى المنزل كالمعتاد في نهاية فترة بعد الظهر. وقالت زوجته، حورية عامر، لـ هيومن رايتس ووتش في مقابلة أمام محكمة في سلا، إن عائلته قامت بزيارة المستشفيات وملأت استمارات الأشخاص المفقودين في مراكز الشرطة بحثا عنه طيلة أسبوعين ونصف دون أي أخبار[69]. فقط في 18 فبراير/شباط 2008، عندما أعلن وزير الداخلية آنذاك بنموسى أنه تم تفكيك شبكة إرهابية وظهرت أسماء هؤلاء المعتقلين على شبكة الإنترنت، اكتشفت العائلة أنه قد تم اعتقال لقمان. وقالت زوجته إنه لم يتم اعتقاله من قبل.

خلال الزيارات العائلية لسجن سلا ابتداء من 5 مارس/آذار 2008، استطاع لقمان أن يُخبر عائلته بما حدث بعد اعتقاله. وفقا للسيدة عامر، قال إن ضباطا اقتادوه إلى مركز الاعتقال في تمارة. وقال لقمان لزوجته، إن أعوان الدولة صفعوه وأهانوه في بداية اعتقاله، قبل بداية الاستجواب حتى. أثناء الاستجواب، وقال، إنهم صدموا جسده بالكهرباء، مما أفقده الوعي. وأخيرا، قدموا له محضرا وقالوا له أنه إذا رغب في رؤية أطفاله فعليه أن يوقع. وقالت زوجته إنه وقع دون قراءة المحضر. أنكر لقمان تصريحاته للشرطة أمام قاضي التحقيق، ومرة أخرى أمام قاضي المحاكمة.

متهم آخر في القضية، أحمد خوشياع ، وكيل أسفار من مواليد 1966، ولم يسبق له أن اعتقل، اعتقله رجال في زي مدني لم يُعرفوا بأنفسهم، بالقرب من منزله في مدينة القنيطرة، حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا من يوم 27 يناير/كانون الثاني 2008، حسب زوجته، ميمونة البوش. ولم تعرف العائلة مكان وجود خوشياع طيلة ثلاثة أسابيع. وتقدمت العائلة بثلاثة شكايات بشأن اختفاءه قبل أن يعلموا بأنه قد اعتقل. وحسب ما قاله لها زوجها في وقت لاحق، قالت البوش إن أعوان الدولة عصبوا عينيه أثناء احتجازه وعرضوه للضرب وأجبروه على الجلوس القرفصاء لفترات طويلة من الزمن، وأصدروا تهديدات بشأن زوجته. وقال لها إنه وقع على محضر الشرطة في نهاية المطاف دون قراءته.[70]

أمام قاضي التحقيق خلال المحاكمة الابتدائية، قال خوشياع إن أعوان الدولة استعملوا "العنف"[71] ضده وأن محتويات محضر الشرطة مزورة. وفي وقت لاحق، أمام قاضي المحكمة، أنكر مرة أخرى اعترافه للشرطة وروى اختطافه، واحتجازه بمعزل عن العالم الخارجي، وسوء المعاملة أثناء احتجازه.

وأكدت محكمة الاستئناف الأحكام الصادرة في حق لقمان وخوشياع بـ 15 سنة وثمانية سنوات في السجن، على التوالي.

 

مجموعة الدنكير

بحثت هيومن رايتس ووتش أيضا في حالة ثلاثة رجال اعتقلوا في عام 2008 وأدينوا في يناير/كانون الثاني 2010 كجزء من خلية إرهابية مزعومة معروفة باسم "مجموعة الدنكير"، وهو اسم واحد من المتهمين. وقد ألقت السلطات القبض على ما مجموعه 38 مشتبها بهم يُزعم أنهم أعضاء في الخلية، ومعظمهم يقيمون في المدن الشمالية: طنجة، وتطوان ، والعرائش. وقد وجدت المحكمة المدعى عليهم مذنبين بالتآمر لتجنيد المغاربة وتمويل سفرهم إلى العراق لمحاربة قوات الاحتلال الأمريكي.

 

وقال المشتبه به الرئيسي عبد العزيز الدنكير لـ هيومن رايتس ووتش إن رجالا في لباس مدني اعتقلوه في 28 مايو/أيار 2008، حوالي الساعة 11:00 صباحا، في مقر عمله في مدينة تطوان أمام شهود عيان. وقال إنهم عصبوا عينيه، وقيدوا يديه، واقتادوه إلى مكان الاحتجاز على بعد ساعتين أو ثلاث ساعات. وقال إنهم نزعوا ملابسه هناك، وضربوه، وهددوه بالاغتصاب. وظل معصوب العينين ولا يمكنه أن يرى المحققين. واحتُجز في عزلة ولم يتمكن من التحدث مع السجناء الآخرين، رغم أنه قال إنه كان يستطيع سماع صراخ أشخاص يفترض أنهم كانوا يتعرضون للتعذيب. ويعتقد أنه احتجز في تمارة لمدة خمسة أسابيع، قبل نقله إلى مركز الشرطة بالمعاريف في الدار البيضاء، حيث قدمت له الشرطة محضرا للتوقيع.

 

وقال الدنكير إن السلطات لم تبلغ عائلته بمكان وجوده حتى نقلوه إلى مخفر الشرطة بالمعاريف، ولكن "بما أنني سلفي، افترضوا أنني أخذت إلى تمارة".[72]

متهم آخر في قضية الدنكير، عبد الكريم هكو، المزداد في 5 فبراير/شباط 1978، اختفى في مسقط رأسه في ﻋﻴﻥ ﺘﺎﻭﺠﻁﺎﻁ، شرقيّ مكناس، في طريقه إلى العمل كمدرس، في 16 مايو/أيار 2008، حسب أخويه، أحمد والمهدي هكو. ولم يلحظ اعتقاله أي أحد، ولكنه تم العثور على دراجة هكو على جانب الطريق. وطلبت العائلة معلومات عنه في مراكز الشرطة ولكن لم يقدم أحد معلومات عن مكان وجوده. كما اتصلت الأسرة بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش، وكلاهما كتب إلى السلطات المغربية يسأل عن عبد الكريم.

 

وعلمت العائلة بمكان وجود عبد الكريم فقط عندما ذكرت الصحافة المغربية تفكيك شبكة إرهابية في مطلع يوليو/تموز 2008، بعد سبعة أسابيع من اختفاء هكو. وعلموا لاحقا أن قاضي التحقيق قد أحال هكو على الاعتقال الاحتياطي بسجن سلا. وعندما زاروه هناك قال لهم إنه اختطف واقتيد إلى تمارة حيث أمضى 47 يوما وتعرض للتعذيب، قبل نقله إلى مخفر الشرطة بالمعاريف. وقدمت له الشرطة في المعاريف محضرا رفض، حسب ما ورد، التوقيع عليه.[73]

 

وقال المهدي، شقيق هكو، إن المبرر الوحيد الذي جعل عبد الكريم يعتقد أن تمارة كانت مقصده هو أن الرجال الذين احتجزوه اقتادوه عبر الطريق السيار من عين تاوجطاط إلى شباك الأداء الرباط-سلا قبل أن يُعصبوا عينيه. وقدر عبد الكريم أنهم اقتادوه لمدة 20 دقيقة إضافية قبل الوصول إلى وجهتهم، وهي فترة زمنية تتناسب مع مسافة الوصول إلى تمارة.[74]

 

وردا على استفسار من هيومن رايتس ووتش، كتبت وزارة العدل بأن الشرطة لم تعتقل هكو في مايو/أيار بل في 1 يوليو/تموز، وأن الشرطة القضائية احتجزته وقدمته أمام المحكمة في 11 يوليو/تموز، أي في غضون مدة الـ 12 يوما التي حددها قانون مكافحة الإرهاب. وذكرت الرسالة أن التحقيق جار مع هكو حول "تشكيل عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية... وجمع وتدبير أموال مخصصة لتمويل الأعمال الإرهابية وتجنيد الآخرين لهذا الغرض؛ وعقد اجتماعات عامة بدون ترخيص والقيام بأنشطة داخل جمعية غير مرخص لها".[75]

 

واعتُبر أنس لخنيشي في عداد المختفين في 18 مايو/أيار 2008. وكان لخنيشي، وهو طالب مهندس من العرائش في المعهد الوطني للبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية بالرباط، في طريقه في ذلك اليوم إلى مقر تدريبه في مدينة الجديدة، جنوب غربي مدينة الدار البيضاء. وعندما لم يصل إلى المنزل ولم يُجب على هاتفه الخلوي، بدأ والده، علال لخنيشي، البحث عنه. قدم علال شكوى بالاختفاء إلى شرطة الرباط يوم 20 مايو/أيار 2008، وأقنع القناة التلفزيونية المغربية الثانية 2M ببث إعلان في برنامجها التلفزيوني "مختفون". ولم تُقدم السلطات أية معلومات عن مكان وجود لخنيشي، إلى أن وصف مقال نُشر في يومية "الصباح" في 1 يوليو/تموز، تفكيك "شبكة إرهابية" وذُكر فيه اسم لخنيشي باعتباره واحدا من المشتبه بهم.

وقال لخنيشي لوالده خلال زيارته له في سجن سلا، حيث وضع لخنيشي رهن الاعتقال الاحتياطي، بأن رجالا في زي مدني ألقوا القبض عليه في 18 مايو/أيار. وقال إنهم غطوا عينيه ثم نقلوه إلى مكان يعتقد أنه تمارة. واحتُجز هناك في عزلة واستُجوب، ونقل في نهاية المطاف إلى مركز الشرطة بالمعاريف لمدة 10 أيام قبل أن يمثُل أمام قاض في يوليو/تموز. وحسب علال لخنيشي، فقد صفع المحققون ابنه مرارا وتكرارا، وشدوا شعره، وأجبروه على توقيع محضر الشرطة.[76]

 

وقال المحامي خليل الإدريسي، المقيم بالرباط، والذي دافع عن كل من  هكو ولخنيشي، إن موكليه وصفا لقاضي التحقيق سوء المعاملة التي تعرضا لها، بينما كانا قيد الاستجواب. ويعكس محضر الجلسة ادعاءاتهما. لكن قال الإدريسي إنه مع ذلك لم تُجر المحكمة أي تحقيق في هذه الادعاءات.[77]

في 28 يناير/كانون الثاني 2010، أصدرت محكمة الاستئناف في الرباط قرارها، بالحكم على الدنكير بـ 10 سنوات في السجن ولحنيشي وهكو بـ 8 سنوات في السجن لكل منهما، لتورطهما في خلية إسلامية إرهابية تهدف إلى إرسال المغاربة للقتال في الخارج. وحكمت المحكمة على 30 من متهمين آخرين معهم بالسجن، واحد منهم مع وقف التنفيذ، وبرأت المحكمة خمسة آخرين، وفقا لوكالة الأنباء الرسمية[78]. وفي 28 يونيو/حزيران 2010، خفضت محكمة الاستئناف عقوبة السجن لبعض المتهمين، بما في ذلك لخنيشي وهكو، اللذين خُفضت عقوبتهما إلى ست سنوات.

رضا بن عثمان: اعتقال سري والسجن أربع سنوات بسبب تعليقات على الإنترنت

عانى رضا بن عثمان من الاحتجاز السري فترة قصيرة نسبياً لمدة يومين فقط، ربما لأنه اعترف للمحققين بسهولة بالاتهامات الأساسية ضده، والتي تركزت على التعليقات التي نشرها على الإنترنت بدلا من تورطه في أية شبكة مزعومة أو أفعال إرهابية.

 

في 19 يناير/كانون الثاني 2007، كان بن عثمان، وهو موظف مدني من مواليد 1976، رفقة زوجته الحامل وابنته ذات الـ 18 شهرا من العمر في شقة في تمارة عندما جاء رجال يرتدون ملابس مدنية إلى الباب. وقال الرجال إنهم من الشرطة ولكنهم لم يُظهروا أي أمر بالاعتقال أو التفتيش، حسب أم بن عثمان، رشيدة بارودي، التي علمت بما حدث من ابنها وزوجته. وقالت بارودي إنهم كبلوا يدي بن عثمان وفتشوا الشقة، وصادروا حاسوبه وجواز السفر والهاتف المحمول.

 

وقالت بارودي، التي تعيش في الرباط-أكدال وتعمل مدرسة في المدرسة الثانوية، بأن زوجها، وهو أستاذ القانون في جامعة الرباط، بحث في مراكز الشرطة خلال الليل ولكنه لم يجد أي أثر لابنهما. وخلصت إلى أنه لابد أن يكون لدى مديرية مراقبة التراب الوطني بتمارة، بما أنه لم يكن قد اقتيد إلى مركز قريب للشرطة، ففكروا بأن هذا هو المكان الذي تقود إليه السلطات الأشخاص الذين تحتجزهم على هذا النحو.

في صباح اليوم التالي، 21 يناير/كانون الثاني، ركبت بارودي سيارتها وتوجهت نحو مقر مديرية مراقبة التراب الوطني في تمارة. "عندما وصلت إلى بناية المكتب زرقاء اللون [مقر مديرية مراقبة التراب الوطني] في تمارة، قُلتُ لرجل في المناوبة بأني أبحث عن ابني. وأجاب العون بأدب بأنني مخطئة، لأن الشرطة القضائية هي التي تعتقل الناس وليست مديرية مراقبة التراب الوطني. وإلى جانب ذلك، إن كان ابني لم يخطئ في شيء فإنه سيكون حرا قريبا". وقال لي: "كفاك بحثاً عن ابنك". وأضاف: "ابنك سوف يتصل بك في وقت قريب جدا". فغادرت بارودي.

 

ولم تتصل الشرطة بالعائلة إلا يوم الثلاثاء 23 يناير/كانون الثاني 2007، لإعلامهم أن بن عثمان يوجد في المعاريف في الدار البيضاء، وأنه يمكنهم أن يحضروا في اليوم التالي لزيارته. في هذه الحالة، تلقت العائلة معلومات حول مكان وجود بن عثمان بعد ثلاثة أيام من اعتقاله، على النقيض من الحالات الأخرى المذكورة في هذا التقرير، حيث لم يكن لدى العائلة أي تأكيد طيلة أسبوعين أو أكثر. كلتا الحالتين تبدوان انتهاكا للمادة 67 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أنه "يقوم ضابط الشرطة القضائية بإشعار عائلة المحتجز، فور اتخاذ قرار وضعه تحت الحراسة النظرية..."

 

لما وصلت بارودي إلى المعاريف يوم 24 يناير/كانون الثاني، وجدت أن الشرطة سجلت بن عثمان في سجلها على أنه وصل هناك يوم الاثنين 22 يناير/كانون الثاني، على الساعة التاسعة والنصف ليلا، وهو الوقت والتاريخ الذي يدع اليومين الأولين من اعتقاله غير محسوبين.

 

يقول بن عثمان إنه اعتقل خلال هذين اليومين في سجن سري في تمارة، قبل نقله إلى المعاريف. ليس لديه أي دليل على أنه كان في تمارة، ولكنه يفترض أن ذلك هو الحال على أساس الوقت الذي استغرقه السفر القصير بين منزله في تمارة ومكان الاحتجاز، وحقيقة أنه بعد إلقاء القبض عليه، اتصل والداه بمراكز الشرطة بالقرب من منزله ولم يتم العثور على أي أثر له.

وفقا لما قاله بن عثمان لوالدته فيما بعد، فإن الرجال الذين احتجزوه ليلة اعتقاله، عصبوا عينيه في سيارتهم وأبقوه معصوب العينين تقريبا طيلة اليومين اللذين قضاهما في الاعتقال السري.

 

وقال بن عثمان لوالدته بأن المحققين معه في مكان احتجازه الأول، اتهموه بزيارة مواقع إنترنت موالية لتنظيم القاعدة، وهو ما اعترف به. وقالت بارودي بأنه أعطاهم كلمات السر، ويبدو أنهم بحثوا عن نشاطاته على الانترنت. وسألوه عن تلك الأنشطة، وعن معارفه، وعن معتقداته السياسية والدينية. وقالت بارودي بأنه قال إن الأعوان ضربوه أو اعتدوا عليه جسديا ولكنهم منعوه من النوم وهددوه بإلقائه في مكان مليء بالثعابين، واعتقال زوجته. وقال إنه كان مكبل اليدين محتجزا في عزلة مدة احتجازه سرا ومنع من لقاء معتقلين آخرين.

 

في مركز الشرطة بالمعاريف، قدمت الشرطة القضائية له محضرا للتوقيع يعترف فيه بالكتابة في غرف الدردشة عبر الإنترنت لدعم المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الأمريكي للعراق، والتنديد بقسوة  بالسياسة الخارجية المغربية بصفتها تخدم مصالح الولايات المتحدة.

يُقر بن عثمان بأن الأجزاء المذكورة أعلاه من المحضر الذي وقعه صحيحة لكنه يُصر على أنه لم يقم بأكثر من التعبير السلمي عن آرائه السياسية.

 

وتضمن  محضر الشرطة الذي وقعه تأكيدات أنكرها في وقت لاحق. يبدو من المحضر ما يوحي بقيام بن عثمان بوضع صور على شبكة الإنترنت للسفارتين الأمريكية والفرنسية جنبا إلى جنب مع شرح واصفا إياها بأنها المباني التي يرغب المسلمون في تدميرها بحماس، وبأنه يدعو الملك بـ "طاغية" مناهض للإسلام. وتشبث بن عثمان في وقت لاحق بأنه لم ينشر البيانات السابقة بل نشرها مشاركون آخرون في نفس المواقع حيث نشر. وأوضح أنه قد وقع على محضر الشرطة لأن ضُباطا هددوه وضغطوا عليه، ولأن يومين في الاعتقال السري قد أنهكاه وشوشا تفكيره.[79]

 

بعد احتجاز بن عثمان في المعاريف، قدمته الشرطة أمام قاضي التحقيق الذي أحاله على سجن سلا، حيث بقي رهن الاعتقال الاحتياطي. وفي 18 مايو/أيار2007، أدانت محكمة الاستئناف بالرباط ين عثمان لأنه "أشاد بالإرهاب" (الفصل 218-2 من القانون الجنائي، كما تهم تعديله بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب لعام 2003) ولارتكابه "إهانة موجهة إلى شخص الملك" عملا بالفصل 179 من القانون الجنائي. (يُشير حكم المحكمة أيضا إلى "الهجوم على القيم المقدسة"). وفي مرحلة الاستئناف، أيدت محكمة الاستئناف بالرباط إدانته وضاعفت العقوبة إلى أربع سنوات في السجن. يقضي بن عثمان حاليا عقوبته في سجن سلا، ومن المقرر أن يُفرج عنه في يناير/كانون الثاني 2011.

 

استمرار الانتهاكات والفشل في تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المغربية

إن الانتهاكات التي وصفها هذا التقرير تستمر في وقت ما زال فيه النقاش متواصلاً حول إرث هيئة الإنصاف والمصالحة في المغرب. أعدت الهيئة تقريرها النهائي بعد عامين من التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة المرتكبة من طرف الدولة المغربية بين الاستقلال في عام 1956 وتولي الملك الحالي العرش في عام 1999. وكجزء من التقرير، قدمت هيئة الإنصاف والمصالحة سلسلة من التوصيات التي ينبغي تفعيلها بهدف "ضمان عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وطيد مسلسل الإصلاحات الجارية في البلاد" لاسيما في مجالات " الإصلاحات المؤسساتية وباستراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب"[80]. وشملت توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة:

  • "دعم التأصيل الدستوري لحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا وذلك عبر ترسيخ مبادئ سمو القانون الدولي على القانون الوطني وقرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة"
  • "منع الدستور لكل تدخل من طرف السلطة التنفيذية في تنظيم وسير السلطة القضائية"
  • "تحريم الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والإبادة والجرائم الأخرى ضد الإنسانية، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو الخالة بالكرامة أو المهينة..."
  • "إقرار وتطبيق استراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب" عبر، من بين أمور أخرى، "تخويل الموظفين العموميين ووكلاء السلطة والأعوان المأتمرين بأوامر رؤسائهم واجب التبليغ عن كل معلومات تدل على فعل أو محاولة ارتكاب الجرائم السالفة الذكر، أيا كانت الجهة الآمرة بذلك" و"وضع مقتضيات خاصة لحماية ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وذوي حقوقهم عند الاقتضاء من حيث الاستماع أثناء البحث والانتصاب كطرف مدني أمام الجهة القضائية المختصة، ومن حيث التأهيل وجبر الضرر".

وتابعت الهيئة بالتنصيص على أن "توطيد دولة القانون يتطلب إضافة إلى ذلك، إصلاحات في مجالات الأمن والعدالة والتشريع والسياسة الجنائية". وقالت إن الحكامة الأمنية "تتطلب تأهيل وتوضيح ونشر الإطار القانوني والنصوص التنظيمية المتعلقة بصلاحيات وتنظيم مسلسل اتخاذ القرار الأمني وطرق التدخل أثناء العمليات وأنظمة المراقبة وتقييم عمل الأجهزة الاستخباراتية والسلطات الإدارية المكلفة بحفظ النظام أو تلك التي لها سلطة استعمال القوة العمومية".

قبل الملك محمد السادس تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة الختامي، جنبا إلى جنب مع توصياتها في 6 يناير/كانون الثاني 2006. وفي تلك المناسبة أعلن: "يتعين علينا جميعا، علاوة على حفظ هذه الحقبة في ذاكرة الأمة، باعتبارها جزءا من تاريخها، استخلاص الدروس اللازمة منها. وذلك بما يوفر الضمانات الكفيلة بتحصين بلادنا من تكرار ما جرى، واستدراك ما فات. بيد أن الأهم، هو التوجه المستقبلي البناء..."[81]

وانتقدت بعض منظمات حقوق الإنسان وبعض الصحفيين السلطات المغربية على فشلها حتى الآن في تنفيذ العديد من الإصلاحات القانونية والإدارية والدستورية التي أوصت بها هيئة الإنصاف والمصالحة لمنع الانتهاكات الجسيمة في المستقبل، واستمرار هذه التجاوزات رغم خطاب الهيئة وتكرر الكلام عن "طي الصفحة".[82]

إن استمرار الخروقات الجسيمة مع الإفلات من العقاب يقوض ليس فقط سيادة القانون ولكن أيضا إرث هيئة الإنصاف والمصالحة. هذا الإرث يعتمد ليس فقط على مساهمة هيئة الإنصاف والمصالحة الأساسية في فضح، والاعتراف، والتعويض عن انتهاكات الماضي، ولكن أيضا على ما إذا كانت السلطات المغربية تُبدي الإرادة السياسية لتنفيذ التوصيات التي وضعتها هيئة الإنصاف والمصالحة لمنع ومعاقبة الانتهاكات الجسيمة، مثل هذا النمط المستمر من الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي لفترات طويلة في مراكز اعتقال غير معترف بها.

 

شكر وتقدير

 

إريك غولدستين، مدير البحوث بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، وإبراهيم الأنصاري، وهو مستشار لمنظمة هيومن رايتس ووتش، بحثا وكتبا هذا التقرير. جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وليتا تايلور، باحثة في برنامج الإرهاب/مكافحة الإرهاب بالمنظمة، حررا هذا التقرير. كلايف بالدوين، مستشار الشؤون القانونية في هيومن رايتس ووتش، وروبن شولمان، مستشار لدى قسم البرامج، راجعا هذا التقرير. مريم بن غيث، متدربة، قدمت المساعدة في مجال الأبحاث. آدم كوغل، منسق بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ساعد في الإنتاج. غرايس تشوي، مديرة النشر، وفيتزروي هوبكنز، مدير البريد، أعدا التقرير للنشر.

 

الملحق 1: رسالة من هيومن رايتس ووتش إلى وزارة العدل لطلب معلومات لصالح هذا التقرير

 

13 سبتمبر/أيلول، 2010

 

وزير العدل محمد الطيب الناصري

وزارة العدل

ساحة المامونية

الرباط، المغرب

 

معالي الوزير،

 

هيومن رايتس ووتش، المنظمة الدولية لرصد حقوق الإنسان، بصدد إعداد تقرير عن اعتقالات المشتبه بتورطهم في قضايا الإرهاب من طرف الأجهزة الأمنية المغربية. لقد جمعنا مقابلات تشير إلى وجود نمط تقوم وفقه أجهزة الأمن باعتقال الأشخاص دون أوامر، وتضعهم على ما يبدو في أماكن اعتقال سرية، ولا تبلغ العائلات عن أماكن وجودهم، وكثيرا ما تفشل في تقديم المشتبه بهم أمام القاضي في غضون 12 يوما من اعتقالهم. وكما هو في علمكم، فإن مثل هذه الممارسات تنتهك القوانين المغربية التي وضعت لحماية حقوق الأشخاص رهن الحراسة النظرية.

 

إن الهدف من هذه الرسالة هو أن نقدم لكم بعضا من الحالات التي بحثنا فيها وأن ندعو حكومتكم إلى الرد. وسوف نُضمن في التقرير المقبل أية معلومات أو ملاحظات ذات صلة بالموضوع نتلقاها منكم أو من مسؤولين مغاربة آخرين بحلول 4 أكتوبر/تشرين الأول، 2010.

 

 

وسبق لنا أن تلقينا بعض المعلومات ذات الصلة من السلطات المغربية. فقد أرسلت إلينا سفارة المغرب في واشنطن التصريح المرفق بهذه الرسالة، ردا عن أسئلة قدمناها حول ما إذا كانت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST) تتوفر على صفة الشرطة القضائية في القانون المغربي، وحول ما إذا كان يوجد في تمارة مركز للاحتجاز تديره المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. وسنعيد طبع هذا التصريح ونرفقه بتقريرنا، جنبا إلى جنب مع الرسالة المرفقة، المؤرخة في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2008، والتي بعثتها إلينا وزارتكم ردا على استفسارنا إزاء اعتقال المشتبه به في قضايا الإرهاب، عبد الكريم حكو، الذي كان مكان احتجازه مجهولا لعائلته طيلة ستة أسابيع من ذلك العام. وسنُضمن في تقريرنا أية معلومات إضافية ذات الصلة تزودوننا بها قبل التاريخ المذكور أعلاه.

إن مشروع تقريرنا يأخذ كدراسة حالة مجموعة من المشتبه بهم المحتجزين في ارتباط مع شبكة إرهابية مشتبه بها أعلنت وكالة الأنباء الرسمية، وكالة المغرب العربي للأنباء، عن تفكيكها في 6 مايو/أيار 2010. وحسب وكالة المغرب العربي للأنباء، فإن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في الدار البيضاء أحالت 38 فردا على الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف في الرباط للاشتباه في تورطهم في تلك الشبكة ("الرباط: 38 متهما بالإرهاب يمثلون أمام الوكيل العام للملك"، http://www.map.ma/fr/sections/memomap/rabat__trente-huit_p/view)

 

وحددت هيومن رايتس ووتش المشتبه بهم من خلال التقارير الصحفية والشكاوى بـ "بالاختطاف" و "الاختفاء" التي قدمتها عائلات المشتبه بهم إلى منظمات حقوق الإنسان المغربية. وحصلنا بعد ذلك على معلومات من سبعة من المشتبه بهم وعائلاتهم: عبد الرحيم لحجولي، وأنور الجابري، ومهدي ملياني، ويونس زارلي، وياسر العثماني، كلهم من الدار البيضاء، وعبد العزيز جانح من بوسكورة شراقة، وصلاح ناشط من مديونة. الرجال السبعة هم حاليا رهن الاعتقال الاحتياطي في سجن سلا بينما يواصل قاضي التحقيق عبد القادر الشنتوف لدى محكمة الاستئناف في الرباط تحقيقاته في القضية.

 

وحسب المعلومات التي وفرها لنا المتهمون أو عائلاتهم:

 

  • الرجال السبعة جميعهم اعتقلوا من طرف رجال الشرطة في زي مدني ولم يقدموا أي أمر بالاعتقال، وهو ما يمكن أن يُشكل خرقا للمادتين 146 و 608 من قانون المسطرة الجنائية المغربي؛
  • تم احتجاز السبعة جميعهم دون إخطار عائلاتهم فورا، وهو ما يمكن أن يُشكل خرقا للمادة 67 من قانون المسطرة الجنائية؛
  • ورغم أن المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية يعطي الأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية الحق في طلب الاتصال بمحام بعد التمديد الأول لمدة الحراسة النظرية – أي بعد الأربعة أيام الأولى - فإن أيا من الرجال السبعة لم يلتق بمحام حتى بعد ذلك بكثير من فترة احتجازهم، وتمكنوا من ذلك فقط بعد أن كانوا قد وقعوا المحاضر التي أعدتها لهم الشرطة؛

 

ويدعي السبعة جميعهم أنهم وقعوا المحاضر المكتوبة التي أعدتها لهم الشرطة دون قراءتها للتحقق من صحتها، إما لأن الشرطة منعتهم من القراءة أو هددوهم إن رفضوا التوقيع، أو لأنهم قالوا إنهم يعتقدون أنه ليس لديهم خيار آخر سوى التوقيع عليها. وينص القانون المغربي على أن توقيع المحضر يكون طوعيا: المادة 67 من قانون المسطرة الجنائية تنص على أنه "يجب أن تذيل هذه البيانات، إما بتوقيع الشخص المعني بالأمر أو بإبصامه وإما بالإشارة إلى رفضه ذلك أو استحالته مع بيان أسباب الرفض أو الاستحالة".

 

  • ستة من بين السبعة - عبد العزيز جانح، وعبد الرحيم لحجولي، ومهدي ملياني، وصلاح ناشط، وياسر العثماني، ويونس زارلي- ادعوا أن الشرطة وضعتهم رهن الحراسة النظرية لمدة أطول من 12 يوما التي يسمح بها قانون مكافحة الإرهاب رقم 03-03 الصادر في 28 مايو/أيار 2003، المادة 66، الفقرة الرابعة، وأن الشرطة احتجزتهم في مركز اعتقال سري خلال جزء من تلك الفترة، في انتهاك واضح للمادة 608 من قانون المسطرة الجنائية.

 

ووفقا للمعلومات التي قدمها هؤلاء المتهمون الستة أو عائلاتهم فإن ظروف اعتقالهم قبل توجيه الاتهام كانت على النحو التالي:

 

عبد العزيز جانح: اعتقل في 18 أبريل/نيسان، واحتجز في مكان مجهول لمدة 9 أيام ثم لمدة 10 أيام بعد ذلك في مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالمعاريف؛

 

عبد الرحيم لحجولي: اعتقل في 30 مارس/آذار، ويدعى أنه احتجز لمدة 28 يوما في تمارة، ثم لمدة 11 يوما في مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالمعاريف؛

 

مهدي ملياني: اعتقل في 26 مارس/آذار، ويدعي أنه احتجز لمدة 32 يوما في تمارة، ثم رُحل في 26 أبريل/نيسان إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالمعاريف، ثم 6 مايو/أيار إلى سجن سلا، وفي 7 مايو/أيار علمت عائلته لأول مرة بمكان وجوده؛

 

صلاح ناشط: اعتقل في 22 مارس/آذار، احتجز لمدة 36 يوما في مكان مجهول، ثم رُحل في 26 أبريل/نيسان إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالمعاريف حيث احتجز لمدة 10 أيام، وبعد ذلك إلى سجن سلا في 6 مايو/أيار؛ وفي 7 مايو/أيار علمت عائلته لأول مرة بمكان وجوده؛

 

ياسر العثماني: اعتقل في 11 أبريل/نيسان، ويدعي أنه احتجز لمدة 18 يوما في تمارة، ثم لمدة 11 يوما في مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالمعاريف؛

 

يونس زارلي، اعتقل في 11 أبريل/نيسان، ويدعي أنه احتجز لمدة 15 يوما في تمارة، ثم لمدة 12 يوما في مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالمعاريف.

 

وعلاوة على ذلك، أفاد خمسة من بين السبعة - جانح، وملياني، وناشط، العثماني، وزارلي - أن المحققين اعتدوا عليهم جسديا، وهو ما يمكن أن يخرق، إن كان صحيحا، منع العنف والتعذيب الوارد في المادة 231 من القانون الجنائي المغربي.

 

بطبيعة الحال، هؤلاء المعتقلين، وغيرهم، الذين يعتقدون أنهم وضعوا رهن الاعتقال السري في تمارة لا يمكنهم إثبات ذلك. وأوضح المعتقلون أن رجال الأمن في زي مدني الذين اعتقلوهم اتخذوا عددا من الخطوات لمنعهم من التعرف على مكان الاحتجاز الذي تم نقلهم إليه. ووصفوا كيف أن الشرطة عصبت أعينهم أثناء توجههم إلى مركز سري، وكيف أنهم في نهاية المطاف نقلوا من هذا المركز إلى سجن الشرطة النظامي، في الحالات المذكورة أعلاه هو مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالمعاريف. وعلى الرغم من أن المعتقلين السابقين لا يمكنهم أن يعرفوا على وجه اليقين أنهم كانوا محتجزين في تمارة، فقد قال كثيرون إنهم استدلوا على ذلك من خلال الأدلة الظرفية، بما في ذلك مدة السفر من مكان الاعتقال إلى مكان الاحتجاز، وعلامات لمحوها في طريقهم من خلال عصابة العينين التي لم تعق تماما رؤيتهم، والأصوات الصادرة عن حيوانات في حديقة الحيوان الوطنية التي كانت موجودة، حتى وقت قريب، في تمارة.

وبينما كان المعتقلون في مقر الاحتجاز التابع للشرطة القضائية، عرض عليهم رجال الشرطة محاضر مكتوبة ليوقعوا عليها، وأوهموهم أنها نُسخ مكتوبة متطابقة مع التصريحات التي قدموها شفويا للشرطة. إن دراستنا لمحاضر الشرطة في قضايا الإرهاب الأخرى تشير إلى تباينات بين طريقة احتساب هذه المحاضر لفترة الحراسة النظرية والمُدد المقدمة من طرف المعتقلين أنفسهم. إذا كانت شهادات المعتقلين صحيحة، فالتباينات تبدو نتيجة لتزوير الشرطة لتاريخ الاعتقال وحذف الإشارة إلى فترة ومكان الاحتجاز السري، وذلك للإيحاء بأن المعتقل أخذ من قبل الضباط الذين اعتقلوه مباشرة إلى مكان اعتقال معترف به ومن ثم عرضه على قاض في حدود 12 يوما. على سبيل المثال، يدعي عبد الكريم حكو أنه وُضع رهن الحراسة النظرية في 16 مايو/أيار 2008 واحتجز لمدة 47 يوما في مدينة تمارة قبل ترحيله إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالمعاريف. وهذا يتناقض مع المعلومات التي وفرتها لنا وزارتكم، التي جاء فيها أن حكو "اعتقل ووضع رهن الحراسة النظرية في 1 يوليو/تموز 2008، في مكان تابع للأمن الوطني، وفقا للقانون"، وقدم إلى الوكيل العام يوم 11 يوليو/تموز 2008.

 

إن مثل هذه الادعاءات حول ممارسات الاعتقال والاحتجاز المتعلقة بالمشتبه في تورطهم في قضايا الإرهاب، إذا كانت صحيحة، تُعتبر سلسلة من الانتهاكات للقانون المغربي، وفي بعض الحالات لالتزامات المغرب بموجب القانون الدولي. وتهدف هذه القوانين والالتزامات إلى حماية الأشخاص رهن الاحتجاز من التعذيب وسوء معاملة. وهي تسعى أيضا إلى حماية المتهمين من اللجوء إلى وسائل غير لائقة من الإكراه لانتزاع الاعترافات، التي من شأنها أن تنتهك حقهم في محاكمة عادلة إذا ما استخدمت هذه الاعترافات تحت الإكراه ضدهم في المحكمة.

 

إننا نرحب بأية حقائق من طرفكم تتعلق بالمزاعم المحددة التي أدلى بها كل من المتهمين المذكورين أعلاه بشأن وجود مخالفات في التعامل مع اعتقالهم ومدة الحراسة النظرية، بما في ذلك تنفيذ الاعتقالات دون أمر بالاعتقال، والاحتجاز وسوء المعاملة في أماكن احتجاز غير معترف بها، والاحتجاز خارج حدود الـ 12 يوما التي ينص عليها القانون، وعدم إبلاغ العائلات باعتقالهم فورا، وعدم ضمان الحصول في الوقت المناسب على استشارة قانونية.

 

ونرحب أيضا بمزيد من المعلومات العامة عن الآليات التي يتوفر عليها المغرب لضمان احترام قوات الأمن للقانون الوطني خلال تنفيذ اعتقال المشتبه في ضلوعهم في قضايا الإرهاب، عبر

 

  1. الإدلاء بأمر قانوني بالاعتقال قبل وضع أي شخص رهن الحراسة النظرية؛
  2. إبلاغ العائلة على الفور عندما يوضع أحد أقاربهم رهن الحراسة النظرية؛
  3. احتجاز المشتبه بهم الموضوعين رهن الحراسة النظرية فقط في أماكن احتجاز معترف بها؛
  4. تمكين المعتقلين من الاتصال بمحام بعد التمديد الأول لفترة الحراسة النظرية؛
  5. التأكد من أن محاضر الشرطة في ملفات المحكمة تعكس بدقة وقت ومكان الاحتجاز لكامل الفترة التي قضاها الشخص رهن الحراسة النظرية.

 

أخيرا، نود أن نطلب رسميا بأن تسمحوا لـ هيومن رايتس ووتش وغيرها من منظمات حقوق الإنسان بزيارة مقر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في تمارة. ونحن نعتزم أن نذكر في تقريرنا التصريح الذي زودتنا به سفارتكم ومفاده أن المدعي العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط تفقد مقر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وخلص إلى أنه لا يضم أي مركز احتجاز. ولكن، ونظرا لاستمرار تصريحات لسنوات عديدة حتى الآن من أشخاص محتجزين في قضايا الإرهاب الذين يقولون إنهم نقلوا إلى تمارة واحتجزوا هناك، فإننا نعتقد أن إتاحة الوصول إلى تمارة لأول مرة لمنظمات حقوق الإنسان المستقلة من شأنه أن يعزز مصداقية موقف الحكومة بشأن هذه المسألة.

 

وسنكون سعداء للحضور إلى الرباط في أي وقت لمناقشة هذه المسائل مع معاليكم شخصيا. وعلى أية حال، فإن تقريرنا المقبل سيتضمن أية معلومات ذات صلة بالموضوع التي توفرونها لنا قبل 4 أكتوبر/تشرين الأول.

 

نشكر لكم اهتمامكم.

 

مع بالغ التقدير والاحترام،

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

هيومن رايتس ووتش

 

الملحق 2: رد السلطات المغربية على طلب هيومن رايتس ووتش بالاستيضاحات عن وضع مديرية مراقبة التراب الوطني

(استلمته هيومن رايتس ووتش في 25 أغسطس/آب 2010)

عناصر جواب السلطات المغربية

 تعتبر المديرية العامة للمحافطة على التراب الوطني مصلحة للاستعلامات، مكلفة بالعمل على حماية وحفظ أمن الدولة ومؤسساتها، فنظامها الداخلي و مناهج عملها والمهام الموكولة لها لا تختلف في شيء عن مثيلاتها في العالم، وتتوفر على مصالح مركزية تتواجد بمدينة تمارة، وعلى مصالح جهوية تابعة لها مباشرة، وتختص في البحث والوقاية عن الأنشطة التي توصي بها أو تقوم بها، أو تساندها الحركات ذات الطابع التخريبي.

 وبخصوص  موظفي المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، فلا يتوفرون على صفة ضباط الشرطة القضائية، و لا يمارسون مهامها، وبالتالي لا تسند إليهم مهمة القيام بأعمال البحث التمهيدي، ولم يثبت قط أن قاموا بإنجاز محاضر سواء في قضايا الإرهاب أو غيرها، وينحصر عملهم في التبليغ عن الجرائم التي تصل إلى علمهم، إلى النهاية العامة كسائر الموظفين وأعوان الدولة، طبقا لمقتضيات المادة 42 من قانون المسطرة الجنائية.

 هذا والجدير بالإشارة أن السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط سبق أن قام بزيارة لمقر المديرية العامة للمحافطة على التراب الوطني بتمارة واطلع على مرافقها، وأنجز تقريرا في الموضوع خلص فيه إلى عدم العثور على مكان مخصص للاعتقال.

الملحق 3 أ: رسالة من وزارة العدل رداً على طلبالمعلومات بشأن الاختطاف المزعوم لعبد الكريم حكو (أصل الرسالة باللغة الفرنسية)

(تليها ترجمة إلى الإنجليزية)

 

ROYAUME DU MAROC                                                                                       Rabat, le  10 OCT 2008

  Ministère de la Justice

    Secrétariat Général                                                                                       

        

          N° : 2634 / SG

 

A Monsieur Eric GOLDSTEIN

Human Rights Watch

 

 

 

Objet   : Affaire Abdelkrim HAKKOU

V./Réf. : Mail du 24 septembre 2008 adressé à M. Ali BARGACH

 

 

Monsieur,

 

J’ai l’honneur de vous faire part des éléments de réponse concernant le dossier de M. Abdelkrim HAKKOU, dont copie a été remise lors de notre réunion du 17 juin 2008.

 

En effet, suite à la plainte déposée par la famille de M. Abdelkrim HAKKOU sur sa prétendue disparition ou enlèvement, le Ministère de la Justice, dès qu’il en a été saisi, a diligenté une enquête d’où il ressort que l’intéressé n’a été victime d’aucune disparition ou enlèvement mais qu’il a été arrêté et placé en garde à vue, le 1er juillet 2008, dans un lieu relevant de la Sûreté Nationale, conformément à la loi. C’est d’ailleurs le contenu de la réponse adressée à la famille par lettre n° 3/2391 du 22 juillet 2008.

 

Concernant sa prétendue séquestration au Centre de Témara, relevant de la Direction de la Surveillance du Territoire (DST), il s’avère que l’intéressé a été présenté au Procureur général du Roi près la Cour d’appel de Rabat, le 11 juillet 2008, en vertu d’un procès-verbal établi par la Brigade nationale de Police judiciaire (BNPJ), après que la période de sa garde à vue ait été renouvelée à deux reprises avec l’autorisation du Procureur général et que sa famille en ait été avisée. A cet égard, il est à souligner que la période de garde à vue en matière de terrorisme est de 96 heures, pouvant être renouvelée à deux reprises sur autorisation écrite du Procureur général du Roi (art. 66 du CPP).

 

A cet égard, il n’est pas sans souligner que les dispositions du Code de procédure pénale applicables à la garde à vue et celles du Code pénal incriminant les actes d’enlèvement et de séquestration, sont conformes aux critères contenus dans les conventions internationales en la matière. En outre, la BNPJ, qui a enquêté dans ce dossier, relève de la Direction Générale de la Sûreté Nationale (DGSN) et ses officiers sont sous l’autorité du Parquet général et soumis à son contrôle.

 

Aussi, faut-il rappeler que les services de sécurité marocains ont procédé à l’arrestation de 35 personnes, membres d’une cellule de la Salafya Jihadya, à Tanger, Tétouan, Larache et Oujda, dont l’activité est de recruter des jeunes pour accomplir des opérations-suicide aux fins de terrorisme ou rejoindre les camps en Irak pour les mêmes raisons et pour une formation dans ce domaine.

 

L’intéressé a été présenté au Juge d’instruction aux motifs de constitution d’une bande de malfaiteurs en vue de préparer et accomplir des actes terroristes dans le cadre d’un projet collectif d’atteinte grave à l’ordre public ; la récolte et la gestion de fonds destinés à financer l’accomplissement d’actes terroristes et de recrutement de tierces personnes à cette fin ; de tenue de réunions publiques sans autorisation préalable et l’exercice d’activités dans le cadre d’une association non-autorisée. Après son interrogatoire par le Juge d’instruction, il a été placé en détention à la Prison civile de Salé, dans le strict respect de la loi, laquelle lui garantit tous les droits dont jouissent les détenus.

 

Quant à toute autre question que M. Abdelkrim HAKKOU souhaiterait soulever et dont il voudrait avoir une réponse, il peut s’adresser à la juridiction de jugement saisie de son dossier, seule habilitée à enquêter en la matière.

 

Veuillez agréer, Monsieur, l’expression de mes sentiments distingués.

 

 

Le Secrétaire Général

Mohammed LIDIDI

 

الملحق 3 ب: رسالة من وزارة العدل رداً على طلبالمعلومات بشأن الاختطاف المزعوم لعبد الكريم حكو (الترجمة)

 

(ترجمة هيومن رايتس ووتش)

 

To Mr. Eric Goldstein, Human Rights Watch

 

Re: The case of Abdelkrim Hakkou

E-mail of September 24, 2008 addressed to Mr. Ali Bargach

 

Sir :

 

I am pleased to provide you with answers concerning the case of Mr. Abdelkrim Hakkou, whose file you submitted at our meeting on June 17, 2008.

 

Upon receiving a complaint filed by the family of Mr. Abdelkrim Hakkou about his supposed disappearance or kidnapping, the Ministry of Justice immediately launched an inquiry that concluded that the person was the victim neither of a disappearance nor of a kidnapping.  Rather, he was arrested and placed in pre-arraignment detention on July 1, 2008, in a location that is under the auspices of National Security, pursuant to the law.  This is what the family was told in letter 3/2391 of July 22, 2008.

 

Regarding Mr. Hakkou’s supposed illegal confinement in the Center of Témara, which is under the auspices of the Direction of the Surveillance of the Territory (DST), in fact he was presented to the general crown prosecutor at the Rabat Appeals Court on July 11, 2008, pursuant to a report prepared by the National Brigade of the Judiciary Police, after his period of pre-arraignment detention was renewed twice with the approval of the general prosecutor and after his family was notified.

 

It is worth noting in this respect that the period of pre-arraignment detention is 96 hours, subject to two renewals upon written authorization from the general crown prosecutor (article 66 of the Code of Penal Procedure).

 

The provisions of the Code of Penal Procedure pertaining to pre-arraignment detention and the provisions of the Penal Code that define the crimes of kidnapping and illegal confinement are consistent with the criteria contained in the relevant international conventions. Moreover, the National Brigade of the Judiciary Police, which led the investigation in this case, operates under the auspices of the General Directorate of National Security (DGSN), and its officers act under the authority of the prosecutor’s office, and DGSN officers are subject to its oversight.

 

It may be worth pointing out that Morocco’s security services arrested 35 persons, members of a Salafia Jihadia cell, in Tangiers, Tetouan, Larache, and Oujda, the activity of which consisted of recruiting youths to carry out terrorist suicide operations or to reach camps in Iraq in pursuit of those same objectives and for training in this domain.

 

Mr. Hakkou was presented to the investigating judge on accusation of forming a criminal band for the purpose of preparing and carrying out acts of terrorism as part of a group effort to inflict serious harm on the public order; collecting and managing funds for the purpose of financing the perpetration of terrorist acts and to recruit others for this purpose; holding public meetings without prior authorization and carrying out activities on behalf of an unauthorized association. 

 

After the investigating judge questioned him, Hakkou was placed in detention in the Civil Prison of Salé, in strict conformity with the law, which guarantees to him all the rights enjoyed by detainees.

 

As for any other question that Mr. Abdelkrim HAKKOU wishes to raise and receive a response to, he can contact the court handling his case, which is the only body empowered to look into the matter.

 

Please accept my respectful consideration.

 

Secretary General

Mohammed LIDIDI

 

الملحق 4: رد الحكومة المغربية على رسالة هيومن رايتس ووتش بتاريخ 13 سبتمبر/أيلول 2010

 

(تلقته هيومن رايتس ووتش في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2010)

 

هذا هو النص الكامل لرد الحكومة المغربية على رسالة هيومن رايتس ووتش بتاريخ 13 سبتمبر/أيلول 2010، ما عدا جملتين في الفقرتين الأوليتين حيث سحبت هيومن رايتس ووتش أسماء المشتبه بهم الذين لم يقدموا بعد للمحاكمة.

 

[1] وفقا للتقارير القطرية لوزارة الخارجية الأمريكية حول ممارسات حقوق الإنسان لعام 2004، "اعتبارا من 3 يونيو/حزيران [2004]، وفقا لحكومة [المغرب]، فقد اتهم 1748 شخصا بالإرهاب منذ مايو/أيار 2003، بما في ذلك 315 حالة لا تزال قيد التحقيق، و 199 حالة لا تزال جارية أمام محكمة الاستئناف، و1234 حالة تم النطق بالنطق بالحكم فيها".

http://www.state.gov/g/drl/rls/hrrpt/2004/41728.htm (تمت زيارته في 27 سبتمبر/أيلول 2010)

هيومن رايتس ووتش، المغرب: الحملة المضادة للإرهاب تُحدث ردة في تقدم حقوق الإنسان، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2004، http://www.hrw.org/ar/news/2004/10/20؛ منظمة العفو الدولية، المغرب/الصحراء الغربية: يجب وضع حد لتعذيب المعتقلين - حالة مركز الاحتجاز تمارة، 23 يونيو/حزيران 2004، (تمت زيارته في 8 يوليو/تموز 2010)، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، Les autorités marocaines à l’épreuve du terrorisme - la tentation de l’arbitraire,، 9 فبراير/شباط 2004، http://www.adrare.net/XYIZNWSK/elemnts/pdf2/REMDH_Recommandations_ARABE_280058732.pdf.

في يونيو/حزيران 2010، نشرت منظمة العفو الدولية تقريرا يقدم دليلا على استمرار الاعتقالات غير القانونية للمشتبه بتورطهم في الإرهاب والاعتقال السري بمعزل عن العالم الخارجي، والتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة وإجراءات قانونية معيبة. منظمة العفو الدولية، "المغرب: استمرار الانتهاكات ضد الأفراد المشتبه في قيامهم بأنشطة تتعلق بالإرهاب في المغرب"، 10 يونيو/حزيران 2010، http://www.amnesty.org/ar/library/asset/MDE29/013/2010/ar/31df26d8-86c6-432f-b315-48f6096a8fb2/mde290132010ar.pdf (تمت الزيارة في 8 يوليو/تموز 2010).

[2] "الوزير الأول المغربي يتعهد بإجابة 'مناسبة' لانتهاكات حقوق الإنسان"، وكالة فرانس برس، 5 يوليو/تموز 2004

وعد رئيس الوزراء المغربي ادريس جطو يوم 5 يوليو/تموز 2004، بأن حكومته ستتخذ التدابير "المناسبة" لمكافحة انتهاكات حقوق الإنسان الواردة، لكنه نفى أن تكون الانتهاكات مُمنهجة وقال إن العديد من الحالات كانت نتيجة لحملة قوية ضد الإرهاب.... بينما كان يتحدث عن "عدة مئات" من الاعتقالات في حملة مكافحة الإرهاب، اعترف جطو بأنه "من وقت لآخر نسجل في بعض الحالات - لحسن الحظ عدد محدود فقط – تعاملا متحمسا جدا ومفرط".

[3]المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، التقرير السنوي لعام 2008، http://www.ccdh.org.ma/IMG/pdf/rapport_CCDH_AR_2008.pdf  (تمت الزيارة في 13 سبتمبر/أيلول 2010)، صفحة 72

[4]Matt Apuzzo and Adam Goldman,“To keep program secret, CIA whisked 9/11 figures from Gitmo before court ruling,”Associated Press, 6 أغسطس/آب 2010

[5]"الوزير الأول المغربي يتعهد بإجابة 'مناسبة' لانتهاكات حقوق الإنسان"، وكالة فرانس برس، 5 يوليو/تموز 2004

[6] السلفية الجهادية تعني الصراع (الجهاد)، في هذه الحالة الصراع المسلح، باسم الإسلام السني الذي يُبجل ما يعتقده معتنقوه أصل الإيمان وممارسات النبي محمد (السلفية).. بعض السلفيين يتبنون العنف كوسيلة مشروعة لنشر مفهومهم للإسلام ومعاقبة أولئك الذين اختاروا مسارا "خاطئا". ولاحظ، على الأقل مراقب واحد، أن السلفية الجهادية ليست منظمة واحدة، ولكن "تبدو أكثر على أنها صفة مريحة يستعملها النظام المغربي لوصف فروع الجهاديين المختلفة". أليسون بارجيتر، "الحرمة الإسلامية في المغرب" مراقب الإرهاب، الجزء 3، عدد 10، 23 مايو/أيار 2005. (باللغة الإنجليزية) www.jamestown.org/single/?no_cache=1&tx_ttnews[tt_news]=483 (تمت الزيارة في 8 أغسطس/آب 2010)

[7]لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 1267 "القائمة الموحدة التي تنشئها وتتعهدها اللجنة المنشأة عملا بالقرار 1267فيما يتعلق بتنظيم القاعدة وأسامة بن لادن وحركة الطالبان وسائر من يرتبط بهم من أفراد وجماعات ومؤسسات وكيانات"، http://www.un.org/sc/committees/1267/consolidatedlist.htm#alqaedaent (تمت الزيارة في 8 أغسطس/آب 2010)

[8]Craig Whitlock, “Terrorist Networks Lure Young Moroccans to War in Far-Off Iraq; Conflict Is Recruiting Tool for Al-Qaeda Affiliates,” واشنطن بوست، 20 فبراير/شباط، 2007.

[9] مجموعة القانون الجنائي، رقم 1.59.413 من لعام 1962، الفصل 218-2، كما تم تعديله بمقتضى القانون رقم 03-03، الصادر بمقتضى ظهير رقم 140-03-1 بتاريخ 28 مايو/أيار 2003، صدر في الجريدة الرسمية في 5 يونيو/حزيران 2003

[10]على سبيل المثال، تلقى محمد الهرد، رئيس تحرير أسبوعية الشرق، مقرها وجدة، حكما بالسجن لمدة ثلاث سنوات، فقط ليعفو ويفرج عنه الملك محمد السادس يوم 7 يناير/كانون الثاني 2004. واستندت التهم الموجهة ضد الهرد واثنين من المحررين الآخرين، على مقال أعيد طبعه في 5 يونيو/حزيران 2003 في الشرق الذي اتهم أجهزة الاستخبارات المغربية بالقيام بـ "المهمة القذرة" لوكالة الاستخبرات المركزية الأمريكية. في 2007، حكمت محكمة الاستئناف في الرباط على رضا بن عثمان (أنظر أدناه)، بأربع سنوات في السجن بسبب تصريحات نشرها على الانترنت تشيد بالذين يقاتلون الاحتلال الأمريكي في العراق وتنتقد الملك باعتباره تابعا لسياسة الولايات المتحدة الخارجية وضد الإسلام

[11] مجموعة القانون الجنائي، الفصل 231 (1). ولمقارنة الفصل 231 (1) واتفاقية مناهضة التعذيب، راجع Emma Reilly, “La criminalisation de la torture au Maroc: Commentaires et Recommandations,” Association for the Prevention of Torture, February 2008, www.apt.ch/region/mena/CriminalisationMaroc.pdf (تمت الزيارة في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2010

12 الحكومة المغربية، التقرير الدوري الرابع أمام لجنة مناهضة التعذيب، CAT/C/MAR/4، 5 نونبر/تشرين الثاني 2009، الفقرات 143، 148، http://www2.ohchr.org/english/bodies/cat/docs/AdvanceVersions/CAT-C-MAR-4.pdf (تمت الزيارة في سبتمبر/أيلول 2010)

[13] تنص المادة 67 من قانون المسطرة الجنائية على أن " يقوم ضابط الشرطة القضائية بإشعار عائلة المحتجز، فور اتخاذ قرار وضعه تحت الحراسة النظرية بأية وسيلة من الوسائل ويشير إلى ذلك بالمحضر".

[14]مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، اعتمدت ونشرت علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 173/43  الجلسة العامة رقم 76، 9 كانون الأول/ديسمبر 1988، http://www.un.org/arabic/documents/GARes/43/GARes43all1.htm (تمت الزيارة في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2010)

[15] قانون رقم 03-03 بتاريخ 28 ماي/أيار 2003 المتعلق بمكافحة الإرهاب، المادة 66، الفقرة 4؛ " إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية فإن مدة الحراسة النظرية تكون ستاً   وتسعين ساعة قابلة للتمديد مرتين لمدة ست وتسعين ساعة في كل مرة، بناء على إذن كتابي من النيابة العامة".

[16] اللجنة المعنية بحقوق الإنسان الدورة السادسة عشرة (1982) التعليق العام رقم 8 المادة 9، تجميع للتعليقات العامة والتوصيات العامة التي اعتمدتها هيئات معاهدات حقوق الإنسان، U.N. Doc HRI\GEN\1\Rev.1 at 8 (1994)، على الانترنيت http://www1.umn.edu/humanrts/arabic/hrc-gc8.html(تمت زيارته في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2010)

[17] قانون المسطرة الجنائية، المادة 208

[18] قانون المسطرة الجنائية، المادة 66.

[19]اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام رقم 20، الفقرة 11؛ تقرير مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب، (E/CN.4/1992/17)، 17 ديسمبر/كانون الأول 1991، الفقرة 284

[20]مبادئ أساسية بشأن دور المحامين، اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد في هافانا من 27 أغسطس/آب إلى 7 سبتمبر/أيلول 1990، http://www1.umn.edu/humanrts/arab/b044.html (تمت الزيارة في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2010)

[21] مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب، UN Doc. E/CN.4/1990/17، 18 ديسمبر/كانون الأول 1989، الفقرة 272؛ أنظر أبضا U.N. Doc. E/CN.4/1995/34، 12 يناير/كانون الثاني 1995، الفقرة 926.

[22] تقرير مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب ثيو فان بوفن خلال زيارته لأسبانيا، المسلم للجنة حقوق الإنسان في دورتها 60 في 6 فبراير/شباط 2004، E/CN.4/2004/56/Add.2، الفقرة 41، صفحة 13

[23] الفصل 231 من القانون الجنائي ينص على أن كل موظف عمومي " كل قاض أو موظف عمومي، أو أحد مفوضي السلطة أو القوة العمومية يستعمل أثناء قيامه بوظيفته أو بسبب قيامه بها، العنف ضد الأشخاص أو يأمر باستعماله بدون مبرر شرعي، يعاقب على هذا العنف، على حسب خطورته". ويُعاقب نفس الفصل على "التعذيب" الذي يُعرفه على أنه "كل إيذاء يسبب ألما أو عذابا جسديا أو نفسيا يرتكبه عمدا موظف عمومي أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه، في حق شخص لتخويفه أو إرغامه أو إرغام شخص آخر على الإدلاء بمعلومات أو بيانات أو اعتراف بهدف معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه هو أو شخص ثالث ..."

[24] تنص المادة 67 من قانون المسطرة الجنائية على أنه " يجب أن تذيل هذه البيانات، إما بتوقيع الشخص المعني بالأمر أو بإبصامه وإما بالإشارة إلى رفضه ذلك أو استحالته مع بيان أسباب الرفض أو الاستحالة"

[25] للإطلاع على الحالات التي تنطوي على التعذيب وسوء المعاملة في حق مؤيدي الاستقلال ونشطاء حقوق الإنسان الصحراويين الذين اعتقلتهم الشرطة المغربية، انظر تقرير هيومن رايتس ووتش، حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وفي مخيمات تندوف للاجئين، 19 ديسمبر/كانون الأول 2008، http://www.hrw.org/ar/reports/2008/12/16/human-rights-western-sahara-and-tindouf-refugee-camps

[26] من بين هؤلاء المحامين مصطفى الرميد، وعبد الله زعزاع من الدار البيضاء، وعبد العزيز النويضي من الرباط. النويضي عضو في اللجنة الاستشارية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش

[27] المغرب ينفي ما جاء في تقرير منظمة العفو الدولية 'الاعتقال السري'، رويترز، 2 يوليو/تموز 2004

[28]Omar Dahbi, “L'ère de Tazmamart est révolue,” Aujourd’hui le Maroc، 5 يوليو/تموز 2004، http://www.aujourdhui.ma/imprimer/?rub=actualite&ref=16806 (تمت الزيارة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2010

[29] أنظر، مثلا،،هيومن رايتس ووتش، المغرب – حقوق الإنسان في مفترق الطرق: "في الحالات التي درسنها، وضعت الشرطة المشتبه بهم الإسلاميين المتشددين رهن الحراسة النظرية لمدة أطول من المدة المسموح بها قانونا قبل تقديمهم أمام قاض. ثم زورت الشرطة تاريخ التوقيف المسجل لجعله يبدو على أن الحراسة النظرية ظلت في الحدود قانونية".. منظمة العفو الدولية أوردت أيضا تزوير تواريخ الاعتقال من قبل الشرطة في تقريرها لعام 2004، التعذيب في حملة "مكافحة الإرهاب" - قضية معتقل تمارة.

[30]منظمة العفو الدولية، "استمرار الانتهاكات ضد الأفراد المشتبه في قيامهم بأنشطة تتعلق بالإرهاب في المغرب"

[31] المواد 18 و21 و59 من قانون المسطرة الجنائية

[32]Libération (الدار البيضاء) وLe Matin du Sahara et du Maghre، 10 سبتمبر/أيلول 2003، استشهدت بهم منظمة العفو الدولية، حملة "مكافحة الإرهاب" - قضية معتقل تمارة

[33] نقله كريم بوخاري في "L'Etat police de la DSTTelQuel Online, http://www.telquel-online.com/137/zoom_137.shtml (تمت الزيارة في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2010)

[34] نقلته وكالة المغرب العربي في "Le gouvernement ordonne l'ouverture d'enquêtes sur les allégations de torture émanant d'ONG nationales et internationales"، 20 يوليو/تموز 2004

[35] الحكومة المغربية، التقرير الدوري الرابع أمام لجنة مناهضة التعذيب، CAT/C/MAR/4، 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2009، الفقرات 143، 148، http://www2.ohchr.org/english/bodies/cat/docs/AdvanceVersions/CAT-C-MAR-4.pdf (تمت الزيارة في 11 سبتمبر/أيلول 2010)

[36] تمت إعادة طبع النص الكامل للرد كمرفق لهذا التقرير

[37]  Matt Apuzzo and Adam Goldman, “To keep program secret, CIA whisked 9/11 figures from Gitmo before court ruling,” Associated Press, August 6, 2010

[38] بي بي سي نيوز، "Profile: Binyam Mohame"، آخر تحديث 12 فبراير/شباط 2010 http://news.bbc.co.uk/2/hi/uk_news/7906381.stm

[39] انظر مثلا، "أعضاء الخلية المُفككة زاروا كينيا خلال الأشهر الأخيرة"، الجريدة الأولى، 28 أبريل/نيسان 2010

[40] "المغرب يعلن تفكيك خلية للقاعدة"، 26 أبريل/نيسان 2010، http://www.aljazeera.net/NR/exeres/17EF8404-F332-411F-B57A-78B1D4AC3AE1.htm(تمت الزيارة في 24 سبتمبر/أيلول 2010)

[41] وكالة المغرب العربي للأنباء، "Rabat: Trente-huit présumés terroristes déférés devant le procureur général du Roi"، 6 مايو/أيار 2010، http://www.map.ma/fr/sections/memomap/rabat__trente-huit_p/view (تمت الزيارة في 24 سبتمبر/أيلول 2010)

[42]أصدرت جمعية مغربية لحقوق الإنسان، منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، بيانات صحفية حول اعتقال عبد الرحيم لحجولي (بتاريخ 9 أبريل/نيسان 2010)، وعدنان زخباط (10 أبريل/نيسان)، ويونس زارلي (14 أبريل/نيسان) والمهدي ملياني وآخرين (3 مايو/أيار).

[43]على الرغم من أن أسماء المتهمين الذين سيُحاكمون لن تكون معروفة حتى يُنهي قاضي التحقيق تحقيقه، إلا أن بعض المشتبه بهم أعدوا قائمة لـ 33 من الرجال المغاربة الذين يجري التحقيق معهم في اتصال مع هذه القضية. وتتضمن القائمة الرجال السبعة الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش خلال إعداد هذا التقرير. القائمة هي كالتالي، تبدأ بالسبعة الواردين في هذا التقرير: عبد العزيز جانح، عبد الرحيم لحجولي، أنور الجابري، المهدي ملياني، صلاح ناشط، يونس زارلي، ياسر العثماني، مسلم عبد الإله، عبد الله ضحاك، عبد الله آيت بيهي، عدنان زخباط، عبد الحميد العبدلاوي، عبد الحق مشراتي، عبد الرحيم مبروكي، أنور مجرار، حسن الصدفاوي، هشام ألتوم، جمال أولحسن، عبد اللطيف محفوظ، ميسرة لفقير، مهدي مفتاح الخير، محمد كروزي، محمد بوعسيلة، مصطفى الكادة، نصر الدين صادق، رشيد بوتفنين، رشيد بوعلام، سعيد الزيواني، سفيان لشهب، يوسف التباعي، يوسف صابر، زكريا بن عارف.

[44] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع عبد العزيز جانح عبر الهاتف، 1 يوليو/تموز 2010

[45] محمد الخضيري وسامي المودني، "نحن المختطفون"، نيشان عدد 260، 9 يوليو/تموز 2010

[46] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع عبد العزيز جانح عبر الهاتف، 5 يوليو/تموز 2010

[47] نفس المصدر

[48] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع محمد جانح، الدار البيضاء 23 يونيو/حزيران 2010

[49] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع عبد الرحمان ملياني، الدار البيضاء، 23 يونيو/حزيران 2010

[50] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع المهدي ملياني عبر الهاتف، 1 يوليو/تموز 2010

[51] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع المهدي ملياني عبر الهاتف، 9 سبتمبر/أيلول 2010

[52] أوردت منظمة العفو الدولية اعتقال صلاح زارلي، شقيق يونس، في أغسطس/أب 2002 وحكم عليه بالإعدام في 2003 لأنشطة تتعلق بالإرهاب. صلاح زارلي محتجز حاليا في السجن المركزي بالقنيطرة، http://www.amnesty.org/en/library/asset/MDE29/011/2010/en/ba9e4e62-8f2a-473b-bede-1e4a8a1d9b66/mde290112010en.html (تمت الزيارة في 8 يوليو/تموز 2010)

[53] المصدرنفس 

[54] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع يونس زارلي عبر الهانف، 6 أكتوبر/تشرين الأول 2010

[55] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع أنور الجابري عبر الهاتف، 4 يوليو/تموز 2010

[56] أوردت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان اسم الجابري بين ستة مغاربة سلمتهم المخابرات السورية إلى المغرب في يوليو/تموز 2002 ووضع في الاعتقال. "Observations et recommandations relatives au rapport gouvernemental du Maroc en vertu de la Convention contre la torture et autres peines ou traitements cruels, inhumains ou dégradants OCTOBRE 2003www.omdh.org/newomdh/affdetail.asp?codelangue=23&info=904 (تمت الزيارة في 27 أكتوبر/تشرين الأول)

[57] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع ياسر العثماني عبر الهاتف، 1 يوليو/تموز 2010

[58] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ياسر العثماني عبر الهاتف، 14 سبتمبر/أيلول 2010.

[59] مقابلة لـ هيومن رايتس مع صلاح ناشط عبر الهاتف، 1 يوليو/تموز 2010.

[60] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع صلاح ناشط عبر الهاتف، 10 سبتمبر/أيلول 2010

[61] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع عبد الرحيم لحجولي عبر الهاتف، 6 أكتوبر/تشرين الأول 2010

[62] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع إبراهيم لحجولي، الدار البيضاء في 26 يونيو/جزيران 2010

[63] وكالة الأنباء الفرنسية، "Maroc: 38 personnes soupçonnées de terrorisme devant un juge d'instruction"، 6 مايو/أيار 2010

[64] "Un des cerveaux d'Al-Qaïda au Maroc arrêté à ParisLe Parisien, May 6, 2010, http://www.leparisien.fr/abo-faits-divers/un-des-cerveaux-d-al-qaida-au-maroc-arrete-a-paris-06-05-2010-911261.php (تمت الزيارة في 24 سبتمبر/أيلول 2010)

66 محضر القاضي عبد القادر الشنتوف  بإحالة قضية بلعيرج للمحاكمة، صفحة 100.

[67] رسائل إلكترونية من رشيدة حطي إلى هيومن رايتس ووتش، 25 يوليو/تموز و15 أغسطس/آب 2009

[68]Jean-Pierre Borloo "Une lettre de Belliraj: ‘j’ai été torturéLe Soir, November 14, 2008, http://archives.lesoir.be/une-lettre-de-belliraj-j-8217-ai-ete-torture-_t-20081114-00K1G9.a.html?&v5=1. “Procès de Rabat: le Belgo-marocain Belliraj se dit victime de tortures,” Agence France-Presse, November 14, 2008

[69] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حورية عامر، سلا في 27 يوليو/تموز 2009

[70] مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع ميمونة البوش، الرباط في 12 مارس/آذار 2009

[71] نص تقرير قاضي التحقيق الشنتوف (الأمر بالإحالة) في الصفحات 133-134 على أن خوشياع أشار إلى أنه تعرض لـ "عنف" الشرطة - اختيار الكلمات هذا كان هو طريقة القاضي في تلخيص شهادة المدعى عليه لكاتب المحكمة. قد تكون كلمات المدعى عليه أكثر وضوحا.

[72] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس مع عزيز دنكير، 27 يناير/كانون الثاني 2010.

[73] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع أحمد هكو في 14 يونيو/حزيران 2008، تمارة؛ والمهدي هكو في 26 يناير/كانون الثاني 2010، الرباط.

[74] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع المهدي هكو في 26 يناير/كانون الثاني 2010، الرباط

[75] رسالة من محمد ليديدي، كاتب عام وزارة العدل، إلى هيومن رايتس ووتش، 10 أكتوبر/تشرين الأول 2008، أعيد طبعها في الملحق 3 من هذا التقرير.

[76] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علال لخنيشي، سلا، 28 يناير/كانون الثاني، 2010

[77]خليل الإدريسي، في مقابلة هاتفية مع هيومن رايتس ووتش، 28 يناير/كانون الثاني 2010

[78]Des peines d'un an à 10 ans de prison à l'encontre de plusieurs personnes poursuivies pour terrorisme,” http://www.gazette-press.com/culture/sale-des-peines-un-an-a-10-ans-de-prison-a-encontre-de-plusi.html (تمت زيارته في 16 أكتوبر 2010)

[79]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رشيدة بارودي، الرباط-أكدال، 2 فبراير/شباط 2010

[80] هيئة الإنصاف والمصالحة، التقرير الختامي، بطاقات موجزة، التوصيات، http://www.ier.ma/article.php3?id_article=1434 (تمت الزيارة في 11 أغسطس/آب 2010)

[81] خطاب الملك محمد السادس، http://www.ier.ma/article.php3?id_article=1530

[82]يمكن الإطلاع على نقد أكثر تفصيلا لاستجابة الدولة لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في منظمة العفو الدولية، المغرب/الصحراء الغربية: " Morocco/Western Sahara: Broken Promises: The Equity and Reconciliation Commission and its Follow-up"، 6 يناير/كانون الثاني 2010، http://www.amnesty.org/en/library/asset/MDE29/001/2010/en/d904be05-c60b-49d7-a139-299d512825a0/mde290012010ara.html (تمت الزيارة في 11 أغسطس/آب 2010)، خاصة الأقسام 7 و8. أصدرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بيانات تنتقد فيها فشل الحكومة في تنفيذ معظم الإصلاحات التي أوصت بها هيئة الإنصاف والمصالحة، بما في ذلك بيانا صادرا في 24 يونيو/حزيران 2008،. المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف أصدر بيانا يوم 4 سبتمبر/أيلول 2010، يُعرب فيه عن أسفه لغياب "أي تقدم يذكر في تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة... في مجال الإصلاحات السياسية، والدستورية ، والإدارية من أجل تحقيق هدف منع تكرار الانتهاكات الجسيمة". لمزيد من المعلومات الأساسية عن هيئة الإنصاف والمصالحة، أنظر هيومن رايتس ووتش، Morocco’s Truth Commission: Honoring Victims during an Uncertain Present”, , vol. 17, no. 11(E), http://www.hrw.org/en/reports/2005/11/27/moroccos-truth-commission