هويات ممنوعة

انتهاك الدولة لحرية المعتقد

هويات ممنوعة

انتهاك الدولة لحرية المعتقد

الملخص والمقدمة
القوانين المصرية والدولية
الشريعة الإسلامية وتعددية النظم القانونية في مصر
تغيير الديانة
العلاج
التوصيات..
إلى الحكومة المصرية
الديانة بطاقة الهوية في مصر
الديانة وأوراق تحقيق الشخصية
النظام العام والديانات "المعترف بها"
النظام العام والتحول من الإسلام إلى المسيحية
النظام العام والشريعة وحرية المعتقد
الموعد النهائي لانتهاء العمل بالوثائق الورقية
المصريون البهائيون وسياسة الإلغاء
تغيير الديانة وحرية المعتقد
الرجوع ممنوع: العوائق الرسمية أمام العودة إلى المسيحية
باسم الأب: التحول اللاإرادي..
حرية المعتقد وقانون حقوق الإنسان
المعايير الدولية
حرية المعتقد والقانون المصري..
منهج التقرير
عن التقرير
ملحق: رسائل هيومن رايتس ووتش إلى وزير الداخلية المصري بشأن بطاقات الهوية

الملخص والمقدمة

حاولت استخراج بطاقة الرقم القومي. في استمارة الطلب كتبت بهائي أمام خانة الديانة. رفض الموظف استلام الاستمارة وطلب مني أن أقدم شهادة ميلادي. أبرزت له الشهادة التي تثبت أنني بهائي مولود لأبوين بهائيين. رغم ذلك رفض الموظف قبول الاستمارة وطلب مني أن أقدمها إلى المكتب الرئيسي في القاهرة. عندما ذهبت إلى القاهرة قابلت ضابطاً يدعى وائل، فتح درج مكتبه وأخرج كومة كبيرة من المستندات والأوراق وقال، "انظر، كل هذه استمارات من بهائيين يرغبون في استخراج بطاقات رقم قومي. لن تحصلوا عليها أبداً".

- نير نبيل

قال إنني ارتكبت معصية وسألني عن سبب رغبتي في العودة إلى المسيحية، وقال: "إن كان حظك سيئاً مع زوجك الأول، كان يجب عليك أن تجدي رجلاً مسلماً آخر". وعرض علي المساعدة والخدمات، حيث قال: "يمكن أن أجد لك رجلاً مسلماً طيباً. وإن كان الأمر يتعلق بالنقود، يمكن أن نساعدك في العثور على عمل. إذا كنت تريدين العودة إلى أسرتك بسبب عدم وجود بديل، سنساعدك في العثور على شقة." وعندما صممت على أن أبقى مسيحية، قال لي: "حسناً، إذن يجب علينا أن نفتح تحقيقاً في تهمة التزوير".

ـ جلسن صبحي كامل

يلزم القانون المصري كل مواطن بلغ سن السادسة عشرة باستخراج بطاقة تحقيق الشخصية التي تحمل رقماً قومياً يعطى لكل فرد عند ميلاده. وتعد هذه البطاقة ضرورية للالتحاق بالتعليم الجامعي، والتعيين في الوظائف، والتصويت في الانتخابات، والسفر خارج البلاد أو داخلها، وإجراء أبسط المعاملات المالية أو الإدارية.

وتختص مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية المصرية بإصدار بطاقات تحقيق الشخصية، وشهادات الميلاد والوفاة، وعقود الزواج، وغيرها من الوثائق الهامة. وتشترط كل هذه الوثائق إثبات ديانة المواطن، من بين جملة بيانات إلزامية أخرى.

وعند تحديد الديانة أو تسجيلها، لا تقر الحكومة المصرية إلا الديانات التي تشير إليها بالديانات "السماوية" أو "المعترف بها" الثلاث: وهي الإسلام والمسيحية واليهودية. وليس للمواطن المصري أن يختار إثبات ديانة أخرى غير هذه الديانات الثلاث. ولا تستند هذه الاختيارات المقيدة إلى نصوص أي قانون مصري، وإنما إلى تفسير وزارة الداخلية الخاص للشريعة الإسلامية. وليس للمواطن المصري أن يختار إثبات ديانة أخرى غير هذه الديانات الثلاث، ولا أن يمتنع عن إثبات أي ديانة في الأوراق. وما لم يقبل المواطن هذه الشروط فإن السلطات ترفض إصدار البطاقة أو غيرها من الوثائق التي تظهر فيها خانة الديانة.

وتنتهك هذه السياسات والممارسات حق المصريين في حرية العقيدة. كما أنها تؤدي عملياً إلى حرمان هؤلاء المواطنين من طائفة واسعة من الحقوق المدنية والسياسية وكذلك الاجتماعية والاقتصادية، وذلك بسبب الضرورة القصوى لبطاقة تحقيق الشخصية في معظم مجالات الحياة العامة. وكما يظهر هذا التقرير بالتفصيل، فإن نتائج هذه السياسات تمتد في بعض الحالات لتمس أشد مناطق الحياة الخاصة حميمية.

وبينما يطال التأثير السلبي لتوجه الحكومة المصرية هذا أي مواطن لا يدين بالإسلام ولا المسيحية ولا اليهودية، أو أي شخص يرغب في عدم الكشف عن معتقداته الدينية، فإن الواقع العملي في مصر اليوم يظهر أن الضرر الأكبر لهذه السياسات يقع على كاهل كل من المصريين البهائيين، أو الأفراد الذين تحولوا أو يرغبون في التحول من الإسلام إلى المسيحية. ويدور هذا التقرير بشكل أساسي حول خبرات هؤلاء الأفراد.

ويعد المصريون البهائيون ـ على قلة عددهم ـ أكبر الجماعات الدينية المستقلة غير المعترف بها في مصر، أو ربما كانوا الجماعة الوحيدة على الإطلاق. حيث يعد الإسلام السني هو الديانة الرسمية لما يقرب من 90% من سكان البلاد، بينما يشكل الأقباط أغلبية النسبة المتبقية. وبينما تحتوى كلتا المجموعان الرئيسيتان على بعض التنوعات الدينية داخلهما، فإن من ينتمون إلى طوائف مسلمة أو مسيحية لا يواجهون مشكلة في تسجيل أنفسهم كمسلمين أو كمسيحيين في الأوراق الرسمية. أما المجموعة الثانية التي يعد أفرادها ضحايا للسياسة الحكومية المذكورة، أي المتحولون من الإسلام إلى المسيحية (أو أي ديانة أخرى)، فإنهم لا يتعرضون للحرمان من الوثائق الرسمية استناداً إلى أي قانون يجرم تغيير الديانة على هذا النحو، وإنما على أساس تفسير المسؤولين لتحريم الشريعة الإسلامية للتحول عن الإسلام باعتباره شكلاً من أشكال الردة. وعلى النقيض من ذلك، فإن المصريين الذين يتحولون من المسيحية (أو أي ديانة أخرى إلى الإسلام) نادراً ما يواجهون أي صعوبات في تغيير أوراق إثبات شخصيتهم لتعكس انتماءهم الديني الجديد.

وبدون الحصول على بطاقة تحقيق الشخصية يخسر المواطن ـ من بين ما يخسره ـ إمكانية إجراء أبسط المعاملات النقدية في البنوك وغيرها من المؤسسات المالية. كما تتطلب أنشطة الحياة اليومية الأخرى ـ كتسجيل الممتلكات، أو استخراج وتجديد رخصة القيادة، أو صرف المعاشات ـ تقديم بطاقة تحقيق الشخصية. أما بالنسبة لجهات العمل، سواء في القطاع العام أو الخاص، فإنه لا يجوز لها قانوناً تعيين أي شخص لا يملك بطاقة تحقيق الشخصية، وكذلك الحال بالنسبة للقبول في المعاهد والجامعات. ويتطلب استخراج عقود الزواج أو جوازات السفر تقديم شهادة الميلاد؛ أما إتمام إجراءات الوراثة والمعاشات وإعانات الوفاة فلا يمكن أن يتم دون استخراج شهادات الوفاة. وبلغ الأمر أن رفضت وزارة الصحة تطعيم بعض أطفال البهائيين ضد الأوبئة بعد أن رفضت وزارة إصدار شهادات ميلاد تثبت انتماءهم للبهائية في خانة الديانة أو تسمح لهم بتركها خالية.

وفي ظل هذه العواقب الوخيمة الناتجة عن عدم امتلاك بطاقات شخصية، فإن بعض المتحولين من الإسلام إلى المسيحية يضطرون إلى اللجوء لتزوير أوراق تثبت ديانتهم الحقيقية. ولما كان ذلك الأمر يشكل جريمة تزوير في أوراق رسمية، فإنهم بذلك يعرضون أنفسهم للسجن لسنوات أو لغرامات مالية كبيرة.

وقد تسببت التكنولوجيا الحديثة في تعميق المشكلة. ففي الماضي عندما كانت البيانات تملأ يدوياً في البطاقات والشهادات، كان بعض البهائيين مثلاً يتمكنون في بعض الأحيان من إقناع أحد مكاتب السجل المدني التابعة لمصلحة الأحوال المدنية بترك خانة الديانة فارغة أو تدوين كلمة "أخرى" أمامها. وبالمثل فقد كان من الممكن لبعض المتحولين للمسيحية أن يعوّلوا على تعاطف أحد موظفي السجل المدني في منطقتهم لإثبات تغيير ديانتهم واسمهم في الوثائق الرسمية. إلا أن الحكومة تعمل منذ فترة على إلغاء هذا البديل تماماً. فمنذ عام 1995، أصبح لزاماً على كافة المواطنين الراغبين في استخراج هذه الوثائق أو على بدلات لها، استخراجها عبر الحاسب الآلي من مصلحة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية، والتي يستغل مسؤولوها هذا الشرط لإجبار البهائيين على تسجيل أنفسهم وأبنائهم كمسلمين أو مسيحيين. وفي القريب العاجل، ربما في أوائل عام 2008، سيتوجب على كافة المواطنين استبدال بطاقاتهم القديمة بأخرى صادرة عبر الحاسب الآلي، حتى وإن كان لديهم بطاقات ورقية سارية.

وأثناء إعداد هذا التقرير روى العديد من المصريين في المقابلات التي أجريناها معهم كيف حاولت وزارة الداخلية استخدام أسلوب الضغط والترهيب لإجبارهم على قبول انتماء ديني لا يتفق مع إرادتهم. وفي بعض الحالات قام المسؤولون بمصادرة وثائق تحقيق شخصية سليمة وسارية لإجبار أصحابها على استخراج بطاقات جديدة لأنفسهم أو لأبنائهم. كما شهدت العديد من السيدات المسيحيات اللائي كن قد تحولن إلى الإسلام ثم أردن العودة إلى المسيحية مرة أخرى أن أحد كبار الضباط بمباحث الأحوال المدنية في القاهرة حاول الضغط عليهن عبر ترهيبهن تارة ورشوتهن تارة أخرى لإقناعهن بالإبقاء على الأوراق التي تعتبرهن مسلمات على غير إرادتهن. وفي بعض الحالات أدت سياسة عدم التسامح الرسمي تجاه التحول أو العودة إلى المسيحية إلى إبطال الزيجات أو تدمير عائلات بأكملها.

القوانين المصرية والدولية

تتنافى هذه السياسيات والممارسات مع مبادئ القانونين المصري والدولي. حيث يكفل الدستور المصري في المادة 40 المساواة بين كافة المواطنين ويحظر التمييز على أساس الدين (من بين عدة أسس أخرى). كما تنص المادة 46 على أن "تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية." ويسمح قانون الأحوال المدنية الصادر عام 1994 للمواطنين بتغيير أو تصحيح البيانات الواردة في وثائق تحقيق الشخصية الخاصة بهم، بما في ذلك تغيير خانة الديانة، عبر تسجيل البيانات الجديدة مباشرة، دون اشتراط الحصول على موافقة مصلحة الأحوال المدنية.

ويلزم العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الحكومة المصرية، التي قامت بالمصادقة عليه، باحترام حق كل إنسان في حرية الدين والمعتقد (المادة 18)، بما في ذلك الحق في إظهار وممارسة المعتقدات الدينية، أو حتى عدم الانتماء لأي ديانة. ويحدد العهد الدولي المادة 18 كأحد المواد التي لا يجوز تقييد العمل بها حتى في أوقات الطوارئ. كما يقر الدستور المصري في مادته 151 أن المعاهدات الدولية لها قوة القانون المحلي. وقد قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر بأن الحماية الدستورية لحرية العقيدة تتضمن الحق في عدم تعرض المرء للإكراه من أجل الإعلان عن عقيدته.

وبينما لا يجيز القانون فرض أي قيود على حرية المعتقد تحت أي ظرف من الظروف، فإن المادة 18 تنص على أن حق الإنسان في "إظهار دينه أو معتقده" لا يجوز أن يخضع إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة، أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية." وقد ادعت الحكومة المصرية، وأيدتها في ذلك بعض أحكام المحاكم، أن إثبات الفرد لاعتناقه للبهائية أو تغيير ديانته من الإسلام إلى أي ديانة أخرى يعد من قبيل "إظهار معتقد" يحرمه الإسلام، وعليه فإنه يجوز منعه بدافع الحفاظ على "النظام العام". غير أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة تشير إلى أنه لا يجوز لأي دولة فرض قيود على حرية أي إنسان في إظهار دينه بدافع الحفاظ على "النظام العام" أو "الآداب العامة" استناداً إلى مرجعية دينية وحيدة، حتى وإن أصدرت قراراً بأن تكون هذه المرجعية هي الدين الرسمي للبلاد.

كما تكفل المادة 18 أيضاً الحماية لحق الآباء والأوصياء القانونيين في تعليم أبنائهم المعتقد الديني الذي يختارونه. ويفرض الدستور المصري مادة التربية الدينية كـ"مادة إلزامية" في مراحل التعليم العام، حيث يلتزم الطالب بدراسة الدين المسجل في شهادة ميلاده. أما من قاموا بتغيير ديانتهم من الإسلام إلى المسيحية ولم يمكنهم الحصول على اعتراف الدولة بهذا التغيير، فإنهم يجبرون على تسجيل مواليدهم كمسلمين، ومن ثم فإنه يفرض على هؤلاء الأطفال دراسة الدين الإسلامي طوال فترة تعليمهم بالمدارس. كما يضطر الآباء والأوصياء البهائيون أن يوقعوا على "إقرار" يقضي بأن أبناءهم "ليس لديهم مانع من الامتحان في مادة" التربية الدينية الإسلامية أو المسيحية في المدارس العامة، وهو ما يخالف الرأي الرسمي للجنة المعنية بحقوق الإنسان والذي يقضي بأن تعميم تدريس دين بعينه في التعليم العام "لا يتماشى" مع حرية المعتقد الديني بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية "ما لميتم توفير إعفاءات أو بدائل غير تمييزية بما يتناسب مع رغبات الآباء والأوصياء."[1]

وعندما صادقت الحكومة المصرية على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في عام 1982، أرفقت بالتصديق إعلاناً يقضي بالتزامها بنصوص العهد "مع الأخذ في الاعتبار أحكام الشريعة الإسلامية". وقد احتجت الحكومة أثناء نظر دعاوى قضائية أمام المحاكم الإدارية بأن السياسات التمييزية التي تتخذها ضد البهائيين أو أولئك الذين يتحولون من الإسلام إلى المسيحية تستند إلى الحكم الراجح للشريعة الإسلامية باعتبار هؤلاء الأشخاص من المرتدين، مشيرةً إلى المادة 2 من الدستور والتي تقضي بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع في البلاد.

وتاريخياً فقد أيدت المحاكم المصرية الموقف الرسمي الذي يقضي بأن الشريعة، أو على الأقل الأحكام القطعية فيها، تمثل ركناً أساسياً من أركان النظام العام وأن الاعتراف بـ"الردة" أو تسجيل أي ديانة بخلاف الديانات السماوية الثلاث "المعترف بها" في السجلات الرسمية يعد انتهاكاً لمبادئ النظام العام. غيره أنه لا توجد أية أحكام قطعية وفقاً للشريعة الإسلامية فيما يتعلق بإصدار الحكومة لوثائق إثبات الشخصية. وكما سيرد في هذا التقرير بالتفصيل فإن ادعاء الحكومة بأن يديها مكبلة في تطبيق الشريعة في مسألة الأوراق الرسمية لا أساس له من الصحة. فبدلاً من إتباع منهج ينتصر للقيم الأساسية للعدالة والمساواة ويوافق بين الشريعة وبين القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإن الحكومة تتبع سياسة تنتهك بشكل صارخ الحقوق الأساسية المعترف بها دولياً لمواطنيها.

كما أن القانون الدولي لا يجيز إدراج تحفظات على المعاهدات القانونية إذا كان التحفظ "يتعارض مع هدف المعاهدة والغرض منها." ولذلك فإن أي تحفظات على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تؤدي إلى وقف العمل بأحد الحقوق الأساسية المكفولة بموجب اعرف الدولي، كاستخدام الدولة المصرية للشريعة كمبرر لتقييد حرية المعتقد الديني، تعد غير مقبولة من الناحية القانونية.

وتظهر الحالات الموثقة في هذا التقرير أن الممارسات التعسفية للحكومة فيما يتعلق بإدراج خانة الديانة في وثائق تحقيق الشخصية تنتهك الحق الأساسي للفرد في "أن يدين أو يعتنق" معتقداً من اختياره، وهو الحق الذي لا يسمح الدستور ولا القانون الدولي بأي مساس به لأي سبب كان.

كما أن ادعاء الحكومة أن التحول من الإسلام إلى دين آخر أو اعتناق ديانة غير معترف بها يشكل "إظهاراً" أو ممارسة لمعتقدات دينية (وليس مجرد اعتناق لها) ليس له أي أساس لا من ناحية المنطق ولا من ناحية الوقائع.

فمن ناحية المنطق، ليس من المفهوم أن تقول الحكومة للمواطنين إنهم أحرار في اختيار أي معتقدات دينية يرغبون فيها، ثم ترفض أن يجيب المواطنون بأمانة عندما تطالبهم بتحديد معتقداتهم. فقد يكون من المقبول أن تقول الحكومة للمواطنين "بإمكانكم أن تؤمنوا بما شئتم ولكن الدولة ليس عليها أن تعترف بما تؤمنون به." ولكن ما تقوله الحكومة هنا للمواطنين هو: "إذا لم تكذبوا عندما نطالبكم بالكشف عن معتقداتكم فسنحرمكم من أوراق إثبات الشخصية التي لا غنى لكم عنها في تسيير حياتكم اليومية في هذا المجتمع."

وحتى لو افترضنا أن تقديم المرء لإجابة صادقة حين يتم سؤاله عن ديانته يعد "إظهاراً" لمعتقد ديني، فإن استناد الحكومة إلى مبرر حفظ "النظام العام" لا يكاد يصمد أمام الوقائع. فقد فشلت الحكومة على الدوام في أن تثبت كيف يمكن أن يتأذى النظام العام إذا ما سُمِح للمواطنين بتسجيل ديانتهم الحقيقية في وثائق تحقيق الشخصية الخاصة بهم. كما أن القيود التي تفرضها الحكومة هنا تعد تمييزية بشكل صارخ ضد ديانات بعينها، وما يتبع ذلك من تجاوزات في مجالات الصحة والتعليم والعمل وغيرها لا يتناسب نهائياً مع تحقيق أي غرض متصور من حفظ النظام العام. وفي عام 1996، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكماً ضد الحكومة اليونانية نص على أن "الحق في حرية الاعتقاد يجرد الدولة من أي سلطة في تحديد مدى مشروعية معتقدات دينية ما أو الطرق المستخدمة في التعبير عن هذه المعتقدات."[2]

وقد احتجت الحكومة مراراً بأن إلزام المواطنين بإثبات معتقداتهم الدينية في وثائق تحقيق الشخصية أمر ضروري لتحديد أي نظام من نظم قوانين الأسرة سوف يسري على المواطن المعني، إذ إن كافة قوانين الأحوال الشخصية في مصر تستند إلى ديانة المواطن. غير أن هذا الغرض نفسه يمكن تحقيقه بسهولة دون انتهاك حرية المعتقد أو حقوق أخرى: بأن يتم تسجيل ديانة الشخص وغيرها من البيانات في قاعدة البيانات المركزية لمصلحة الأحوال المدنية، على أن يتم الرجوع إليها عند الضرورة من أجل تحديد النظام القانوني واحب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية. كما تعجز هذه الحجة أيضاً عن أن تفسر قرار الحكومة بوقف إجراء منح البهائيين وثائق تحقيق الشخصية مدرج فيها كلمة "أخرى" أمام خانة الديانة، أو إصرارها على التعسف في إخضاع المتحولين من الإسلام إلى المسيحية لأحكام قانون الأحوال الشخصية للمسلمين.

الشريعة الإسلامية وتعددية النظم القانونية في مصر

إن ادعاء الحكومة أن سياساتها الحالية هي الوحيدة التي تتفق مع مقتضيات الشريعة ليس له أيضاً أي أساس من الصحة. فكما ورد أعلاه، وكما سيرد في هذا التقرير بالتفصيل فإن ثمة تفسيرات متعددة في الشريعة لمفهوم الردة وتبعاتها، وهو ما يظهر في المواقف المختلفة التي اتخذتها المحاكم المصرية من المسألة على مدار السنين. ففي حين يجمع علماء المسلمين على أن ترك الإسلام معصية كبرى يحرمها الدين، فليس ثمة اتفاق مماثل حول ما إذا كان يجوز للدولة أو يجب عليها إنزال أي عقوبة دنيوية أو مدنية على تاركي الإسلام إلى المسيحية أو إلى أي ديانة أخرى.

وبالمثل، فبينما يجمع علماء المسلمين على أن البهائية تعد خروجاً ورِدّة عن الإسلام، فإن القرآن لا يقصر حرية العقيدة أبداً على أتباع الديانات الثلاث "المعترف بها"، ولم يدّع الفقهاء مثلاً أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أو الصحابة قد أقروا التعايش فقط بين المسلمين والمسيحيين واليهود، حتى في مهد الإسلام. وبالإضافة إلى ذلك، لم تقدم الحكومة المصرية أو المحاكم أي أساس فقهي يؤيد إكراه من المتحولين إلى المسيحية أو البهائيين على الكذب وادعاء كونهم مسلمين أو انتمائهم لديانة غير ديانتهم الحقيقية، كعلاج للردة.

و في مايو/أيار 1996، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكماً برفض طعن على قرار لوزارة التربية والتعليم بفرض قيود على ارتداء الفتيات للحجاب في المدارس الحكومية. وتعتبر حيثيات هذا الحكم، خاصة فيما يتعلق بمسألة تطبيق الشريعة، وثيقة الصلة بمحاولات الحكومة استخدام مبادئ الشريعة في تفسير سياستها المتعلقة بإثبات الديانة في الأوراق الرسمية. فقد رأت المحكمة في حكمته أن الحكومة ملزمة بتبني أكثر التفسيرات الدينية حفاظاً على مصالح الناس، بما يتوافق مع تغير الأحوال وبغض النظر عن الإجماع الفقهي حول هذا التفسير، طالما لم يناقض الأحكام القطعية للإسلام. وبالرغم من اختصاص المحكمة الدستورية العليا بإصدار تفسيرات ملزمة لنصوص الدستور، وعلى الرغم من القوة المعنوية للحيثيات الواردة في أحكامها، إلا أن هذه الحيثيات لا تحمل صفة الإلزام القانوني تجاه غيرها من المحاكم.

إضافة إلى ذلك، يعتبر النظام القانوني المصري نظاماً "تعددياً"، بمعنى أنه يقوم على تطبيق الشريعة بشكل موازٍ لتطبيق القوانين المدنية. وبينما لم تتناول التشريعات المصرية قضية الردة على الإطلاق، فإن الممارسة العملية تظهر أن التبعات القانونية للردة في الأغلب تقتصر على مسائل الأحوال الشخصية، التي يُحتكم فيها إلى القانون الديني وليس المدني بالنسبة لكافة المصريين تقريباً ـ سواء الشريعة الإسلامية أو القانون الكنسي ـ كأمور الزواج والطلاق ورعاية الأطفال والميراث ونحو ذلك. وبالرغم من أن هذا الوضع في حد ذاته ينطوي على عواقب تمييزية ضد البهائيين والمتحولين من الإسلام إلى المسيحية مما لا يتسع له مجال هذا التقرير، فإن استخدام تهمة الردة في حرمان الأفراد من حقهم في أوراق رسمية سليمة يؤدي إلى عواقب تتسع لتطال طائفة من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وقد تصدى بعض المصريين لهذه السياسات القمعية عن طريق إقامة دعاوى أمام محكمة القضاء الإداري ضد المسؤولين عنها. و في بعض القضايا صدرت الأحكام لصالحهم، إلا أن المسؤولين قاوموا الامتثال لهذه الأحكام وطعنت الحكومة المصرية على عدد منها. وفي أبريل/نيسان 2006، أصدرت محكمة القضاء الإداري حكماً يلزم مصلحة الأحوال المدنية بإصدار بطاقات تحقيق شخصية وشهادات ميلاد لأسرة بهائية، استناداً إلى أن الشريعة الإسلامية هي التي توجب ذكر اعتناق المدعين للبهائية من أجل تنظيم حقوق وواجبات الجماعات الدينية المختلفة. غير أن الحكومة طعنت على هذا الحكم، وقامت المحكمة الإدارية العليا بإلغائه، وأيدت حق الحكومة في تقييد إثبات البهائية في وثائق تحقيق الشخصية على أساس الحفاظ على "النظام العام". وبذلك فإن الإدارية العليا قد ساوت خطأ بين الحق في ممارسة الشعائر الدينية من ناحية، والذي يجوز تقييده في بعض الحالات القاهرة، وحرية اعتناق المعتقدات الدينية من ناحية أخرى، وهي حرية مطلقة لا يجوز تقييدها لأي سبب كان.

تغيير الديانة

ويواجه المصريون الذين يولدون على الإسلام ويتحولون فيما بعد إلى المسيحية رفضاً مجتمعياً شديداً ومضايقات رسمية سافرة. ولذلك، فإن أغلب من تحولوا إلى المسيحية إن لم يكن جميعهم لم يقدموا على اتخاذ الإجراءات الرسمية اللازمة لتعديل وثائق تحقيق الشخصية الخاصة بهم بغرض إثبات تغيير ديانتهم كما هو مكفول في قانون الأحوال المدنية، في حين هاجر عدد غير محدد منهم إلى بلدان أخرى، أو اضطروا إلى الاستغناء عن البطاقات الشخصية أو إلى تزوير بطاقات تمكنهم من تسيير حياتهم بشكل مخالف للقانون. وكما يظهر هذا التقرير، فإن بعض من أعلنوا تغيير دينتهم إلى المسيحية تعرضوا للاعتقال على أيدي ضباط الأمن بتهم الإخلال بالنظام العام وتعرضوا في بعض الحالات إلى التعذيب.

وفي بلد يكاد تعداد سكانه يبلغ 79 مليوناً يدين ما يقرب من 90% منهم بالإسلام بينما يدين أغلب الباقين بالمسيحية، فإنه ليس من المستغرب أن يرغب عدد صغير من الأفراد في كل عام في التحول من دين إلى آخر. وقد قمنا بتوثيق عدد من الحالات قام فيها الأقباط بالدخول في الإسلام، خاصة عند الزواج من مسلم (طبقاً للشريعة الإسلامية، لا يجوز للمسلمة أن تتزوج بغير مسلم)، أو عند الطلاق من أزواجهن/زوجاتهن المسيحيين (حيث لا تجيز الكنيسة القبطية الطلاق إلا لأسباب محدودة)، أو لغير ذلك من الأسباب، ومن ثم أردوا العودة إلى المسيحية. وفي العادة، لا يواجه هؤلاء الأفراد أي مشكلة من أي نوع عند تحولهم إلى الإسلام في الحصول على وثائق تحقيق الشخصية التي تثبت ديانتهم الجديدة، إلا أنهم عادةً ما يواجهون رفضاً وتحرشاً شديدين من جانب المسؤولين عندما يحاولون العودة إلى المسيحية.

وقد طعن نحو 202 حالة من بين هؤلاء الراغبين في الرجوع إلى المسيحية ضد قرارات مصلحة الأحوال المدنية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة وحدها. وأصدرت المحكمة، بين عامي 2004 وأوائل 2007، أحكاماً لصالح عدد من المدعين، نفذتها وزارة الداخلية في النهاية بعد تأجيل التنفيذ لفترات طويلة. غير أنه ببلوغ رئيس المحكمة سن التقاعد في سبتمبر/أيلول 2006، عادت المحكمة لسابق عهدها وإلى موقفها الأصلي باعتبار العودة إلى المسيحية صورة من صور الردة.

ويمتد رفض الحكومة المنهجي قبول طلبات المواطنين الراغبين في تغيير ديانتهم في السجلات الرسمية وإظهار معتقداتهم الحقيقية ليشمل فئة أخرى مميزة من المسيحيين المصريين الذين صنفتهم الدولة كمسلمين دون علمهم وبالمخالفة لإرادتهم. وتخص معظم هذه الحالات أبناء مسيحيين تحول أحد والديهم إلى الإسلام، فتم تغيير ديانة الأبناء تلقائياً إلى الإسلام، دون مراعاة لإرادة الأبناء أو إرادة أمهاتهم، بل وغالباً دون حتى أن يعلم الأبناء بأنهم قد أصبحوا رسمياً من المسلمين. حتى أن العديد ممن يندرجون تحت هذا التصنيف لم يعلموا أنهم قد أصبحوا "مسلمين" إلا عندما تقدموا بطلبات لاستخراج بطاقات الرقم القومي عند بلوغهم سن السادسة عشرة، حيث وجدوا أن الدولة قد سجلتهم رسمياً كمسلمين، بل وغيرت أسماءهم المسيحية دون علمهم إلى أسماء إسلامية. وتستند مصلحة الأحوال المدنية في هذه السياسة التعسفية إلى التفسير السائد للشريعة الإسلامية، والمدعوم بعدة أحكام قضائية، والذي يقضي بأنه في حالة كان أحد الأبوين مسلماً والآخر غير مسلم، يتبع الابن تلقائياً "خير الأبوين ديناً" – أي الإسلام.

وعندما حاول هؤلاء المواطنين المصريين التأكيد على مسيحيتهم، مدعومين بوثائق من البطريركية القبطية الأرثوذكسية تثبت أنهم ولدوا مسيحيين، وعاشوا حياتهم بأكملها يدينون بالمسيحية، تعرضوا على يد مسؤولي مصلحة الأحوال المدنية لنفس التمييز والصد اللذين يتعرض لهما المواطنون الراغبون في العودة من الإسلام إلى المسيحية. وقد أقام 89 مواطناً على الأقل من هؤلاء دعاوى أمام محكمة القضاء الإداري. وجاءت مذكرات الدفاع التي تقدم بها محامو الدولة في هذه القضايا لتحاول إثبات أن هؤلاء الأشخاص "مرتدون" بموجب الشريعة الإسلامية، وأنه بذلك يحق للدولة أن تمتنع عن الاعتراف بديانتهم الجديدة أو إعطائهم أي حق يتعلق بتغيير الديانة. وحتى تاريخ صدور هذا التقرير، كانت المحكمة قد أصدرت أحكاماً في سبع من هذه القضايا جاءت جميعها لصالح المدعين. وقد نفذت الحكومة هذه الأحكام في النهاية بعد تعطيل التنفيذ تعسفياً ولفترات طويلة، من خلال بإصدار وثائق تحقيق شخصية للمواطنين المعنيين مثبت فيها كونهم مسيحيين. غير أنه لم تصدر أي أحكام أخرى مماثلة منذ تقاعد رئيس المحكمة في سبتمبر/أيلول 2006.

العلاج

حاولت واحدة على الأقل من الهيئات شبه الرسمية معالجة استمرار فشل الحكومة المصرية في حماية الحرية الدينية للمواطنين الذين يغيرون ديانتهم للمسيحية أو المصريين البهائيين. فبتاريخ 26 ديسمبر/كانون الأول 2006، رفع المجلس القومي لحقوق الإنسان، والذي قامت الحكومة بإنشائه، مذكرة إلى رئيس الوزراء السيد أحمد نظيف، توضح الصعوبات التي يواجهها المصريون البهائيون وتقترح حذف خانة الديانة من بطاقات الشخصية أو إعادة تطبيق نظام تدوين كلمة "أخري" في خانة الديانة. وفي أغسطس/آب 2007، أعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان عن اعتزامه صياغة مشروع قانون لمناهضة التمييز وأنه سيطلب من الحكومة عرضه على البرلمان من أجل توقيع عقوبات جنائية على من ينتهك النص الخاص بمنع التمييز في الدستور.

إن رفع خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي سوف يشكل ولا شك خطوة إيجابية، إذ سوف يمثل إشارة على الموقف الحيادي للدولة حيال ديانة المواطن خلال إجراء معاملاته اليومية. إلا أن الروايات العديدة الواردة بين دفتي هذا التقرير توضح أن جذور هذه القضية أعمق من مسألة أن تظهر الخانة أو لا تظهر على بطاقات الرقم القومي. فهذه المشكلات العميقة التي يواجهها البهائيون والمتحولون إلى المسيحية في مجالات مثل الحصول على الخدمات الأساسية ما هي إلا نتاج لإصرار الحكومة على تسجيل معلومات خاطئة بشأن هؤلاء المواطنين في ملفات مصلحة الأحوال المدنية، وهي مسألة لا تتناولها توصيات المجلس القومي لحقوق الإنسان.

لذا، فإن على الحكومة المصرية أن تتخذ إجراءات فورية لضمان أن تكون الديانة المدونة في ملفات مصلحة الأحوال المدنية وكذلك البيانات المذكورة في أي وثيقة من الوثائق الضرورية، انعكاساً صحيحاً لمعتقدات المواطن والديانة التي يختارها ويمارس شعائرها، دون التعرض لأي عواقب مدنية أو جنائية ضارة. كما ينبغي على الحكومة إصدار تعليمات للمسؤولين بالتوقف عن ممارسة أي ضغوط على المواطنين للتحول إلى الإسلام أو قبول هوية دينية مخالفة لإرادتهم.

التوصيات

إلى الحكومة المصرية

·الأخذ بتوصية المجلس القومي لحقوق الإنسان، والمنشأ من قبل الحكومة، بحذف خانة الديانة من وثائق تحقيق الشخصية.

·اتخاذ إجراءات فورية لضمان أن تسجيل أي هوية دينية لأغراض السجل المدني، أو استمرار الحكومة في طلب تسجيل الديانة في وثائق تحقيق الشخصية الضرورية للحياة اليومية، تعكس على نحو صحيح المعتقد الديني الحقيقي للمواطن، مهما كان هذا المعتقد، دون وقوع أي عواقب مدنية أو جنائية عليه، وفقاً لالتزامات مصر باحترام الحق في حرية المعتقد الديني بمقتضى القانونين المصري والدولي.

·إسقاط التهم عن أي شخص تمت إدانته جنائياً بسبب حصوله على وثائق تحقيق شخصية مزورة لا لشيء إلا لرفض الحكومة السماح له بإثبات تغيير ديانته من الإسلام إلى المسيحية في هذه الوثائق.

·إصدار تعليمات لوزارة الداخلية بوقف ممارسة الضغوط على المواطنين للتحول إلى الإسلام أو لقبول اتخاذ هوية دينية على غير إرادتهم، ومعاقبة المسؤولين الذين يقومون بمثل هذه الممارسات.

·إطلاق حملات إعلامية لنشر الوعي العام، بمشاركة المجتمع المدني، بهدف تعزيز التسامح الديني، والتأكيد على المساواة في حقوق المواطنة، وتوضيح أن تحول الفرد عن الإسلام أو اعتناقه لأي ديانة أخرى بخلاف الإسلام أو المسيحية أو اليهودية لا يجب أن يستوجب عقوبات مدنية أو جنائية.

·تبني التشريعات وغيرها من التدابير الملائمة من أجل تنفيذ الالتزامات الدولية الخاصة بالتأكيد على حقوق كافة الأفراد ضد التمييز، ومنه التمييز على أساس الدين أو المعتقد. وضمان توفير سبل انتصاف فعالة لصالح المواطنين الذين تنتهك حقوقهم في حرية الدين والمعتقد.

·الموافقة على طلب المقرر الخاص للأمم المتحدة بشأن حرية الدين والمعتقد، والذي لم يتم الرد عليه منذ تقديمه عام 2005، بالقيام بزيارة إلى مصر لدراسة أوضاع الحريات الدينية وصياغة التوصيات اللازمة لمناهضة التمييز على أساس الدين ومناهضة التعصب الديني.

الديانة وبطاقة الهوية في مصر

الديانة وأوراق تحقيق الشخصية

تختص مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية المصرية بإصدار بطاقات تحقيق الشخصية (الهوية)، وشهادات الميلاد والوفاة، وعقود الزواج، وغيرها من الوثائق الهامة. تشترط كل هذه الوثائق إثبات ديانة المواطن، من بين بيانات إلزامية أخرى.[3] ومن بين هذه الوثائق وأكثرها أهمية لأغراض الحياة اليومية بطاقة إثبات الشخصية، والتي يجب بمقتضى القانون المصري، أن يستخرجها كل مواطن مصري تجاوز سن السادسة عشرة. وتتضمن هذه البطاقة رقماً قومياً للمواطن تحدده له الدولة عند ميلاده.[4] وبطاقة تحقيق الشخصية ضرورية للالتحاق بالتعليم العالي، أو التعيين بالوظائف، أو التصويت، أو السفر، أو إجراء أبسط المعاملات المالية أو الإدارية. ويعد عدم تقديم بطاقة الشخصية لأحد مسؤولي السلطة العامة فور طلب الاطلاع عليها جريمة يعاقب عليها القانون بغرامة قيمتها ما بين 100-200 جنيه مصري.

وعند تحديد الديانة أو تسجيلها، لا تقر الحكومة المصرية إلا الديانات التي تشير إليها بالديانات "السماوية" أو "المعترف بها" الثلاث: وهي الإسلام والمسيحية واليهودية. وليس للمواطن المصري أن يختار إثبات ديانة أخرى غير هذه الديانات الثلاث، ولا أن يسجل في الوثائق أنه لا يعتنق أي دين. ويؤثر هذا القيد بشكلً أساسي على المصريين البهائيين، إذ أن الطوائف الإسلامية أو المسيحية المختلفة لا يُفرّق بينهم في الوثائق الرسمية، ولذا فإن من ينتمون لطائفة إسلامية أو مسيحية غير معترف بها لا يجدون أي مشكلة في إثبات أنفسهم كمسلمين أو مسيحيين للأغراض الرسمية. وبخلاف البهائيين فإن عدد المصريين ممن يدينون بديانات أخرى غير الإسلام والمسيحية لا يكاد يذكر.

إضافة إلى ذلك، فإن موظفي الحكومة المسؤولين عن إصدار هذه الوثائق الهامة يحرمون المواطنين المصريين من اختيار تغيير ديانتهم من الإسلام إلى المسيحية (أو أي ديانة أخرى)، حيث يقصرون الاعتراف على الديانات الثلاث ويرفضون السماح بالتحول عن الإسلام. ولا يقوم المسؤولون بذلك الأمر استناداً إلى أي قانون مصري، بل في ضوء تفسيرهم لموقف الشريعة من "الردة". وقد أيدت أغلب المحاكم المصرية هذه السياسات على أساس أن أغلبية المجتمع المصري الساحقة من المسلمين وأن الإسلام هو الديانة الرسمية للدولة طبقاً للدستور، وأن أي إقرار بـ"الردة" من شأنه أن يحدث ضرراً بالنظام العام.

ويعد الشرط الخاص بإثبات كل المواطنين المصريين لديانتهم (على أن تكون إحدى الديانات الثلاثة المسموح بها) في وثائق تحقيق الشخصية هو في حد ذاته مسألة إشكالية. فالقانون الدولي لحقوق الإنسان يحمي حق الأفراد في عدم الإفصاح عن معتقداتهم الدينية.[5] وبالمثل، فقد فسرت المحكمة الدستورية العليا في مصر الحق في حرية العقيدة والمنصوص عليه في الدستور المصري على أنه يشمل حرية المواطنين في عدم التعرض للإكراه على الإعلان عن معتقداتهم.[6]

ويؤكد المسؤولون على أن الشرط الخاص بإثبات المواطنين لديانتهم في السجلات الرسمية، بما في ذلك بطاقات الرقم القومي، يعد أمراً ضرورياً نظراً لتطبيق محاكم الأسرة في مصر للقوانين الدينية (الشريعة الإسلامية أو المسيحية أو اليهودية) في الفصل في قضايا الأحوال الشخصية، وأن إثبات الديانة في الوثائق الرسمية يسمح بتحديد أي من هذه الأنظمة يدخل المواطن في نطاق اختصاصه. إضافة إلى أن إثبات الديانة على بطاقات الرقم القومي وشهادات الميلاد لازمة لتحديد مادة التربية الدينية الإلزامية التي يدرسها الأطفال في المدارس العامة. وفي الوقت الذي قد تبرر فيه هذه الأسباب تسجيل الدولة لديانة المواطن في قاعدة بياناتها المركزية، فإنها لا تعتبر سبباً وجيهاً لإدراج خانة الديانة في وثائق تحقيق الشخصية، وتقييد اختيارات الديانة أمام المواطنين من غير المسلمين أو المسيحيين أو اليهود ليختاروا من هذه الديانات، أو أمام المتحولين عن الإسلام إلى أي ديانة أخرى لإجبارهم على التسجيل كمسلمين.

وقد قال المقرر الخاص للأمم المتحدة بشأن حرية الدين والمعتقد، في تعليق على تلك الممارسات الإدارية في مصر:

إن ذكر الديانة في بطاقة تحقيق الشخصية قضية خلافية ويبدو أنها بشكل أو بآخر تتعارض مع حرية الدين والمعتقد المعترف بها والمحمية دولياً. بالإضافة إلى ذلك، فإنه حتى وإن افترضنا أن من المقبول تسجيل الديانة في بطاقة تحقيق الشخصية، فإنه لا يمكن ادعاء أي درجة من المشروعية لهذا الإجراء إلا إذا كان قائماً على أساس غير تمييزي. لذا، فإن منع ذكر أي ديانة أخرى بخلاف الإسلام أو المسيحية أو اليهودية يبدو انتهاكاً للقانون الدولي.[7]

ويوثق هذا التقرير لكيفية استغلال مسؤولي الحكومة المصرية لشرط إثبات الديانة في وثائق تحقيق الشخصية الرسمية في حرمان بعض المواطنين ـ بالتحديد أولئك الذين يتحولون أو يرغبون في التحول عن الإسلام إلى المسيحية، والبهائيين ـ من حقهم في اعتناق المعتقد الديني الذي يختارونه لأنفسهم وممارسة شعائره. ومع اعتماد نظام الحاسب الآلي لحفظ وإصدار هذه السجلات الهامة، فقد أصبح هذا التجاوز يحدث بشكل أكثر منهجية. ففي الماضي، كان البهائيون المصريون الذين يواجهون مثل هذه المشكلة يتمكنون في بعض الأحيان من إقناع أحد مكاتب السجل المدني التابعة لمصلحة الأحوال المدنية بترك خانة الديانة فارغة أو تدبين كلمة "أخرى" أمامها. غير أن الحكومة أضاعت عليهم هذا الحل باشتراطها على كافة المواطنين استبدال بطاقاتهم الورقية القديمة بأخرى صادرة عبر الحاسب الآلي قبل مهلة قد تنتهي في أوائل عام 2008. ويصر المسؤولون على أنه لا يمكن إصدار تلك البطاقات الجديدة إلا بعد ملء خانة الديانة بإحدى الديانات "السماوية" الثلاث.

وما لم تقدم الحكومة على إنهاء سياستها في عدم التسامح مع حالات التحول من الإسلام إلى المسيحية أو اعتناق البهائية، وتعطي للمصريين حرية تحديد ديانتهم في الوثائق الرسمية، فسوف يستمر آلاف المصريين في الاضطرار للاختيار ما بين التمسك بإثبات معتقدهم الديني الحقيقي وبين إمكانية التمتع بالحق في حرية ممارسة شعائرهم الدينية وعدد من الحقوق الأساسية الأخرى، بما في ذلك التعليم، وحرية التنقل، وعدد لا يحصى من الخدمات الأساسية الأخرى. كما أن سياسة الحكومة المصرية في إجبار المواطنين علي تحديد ديانتهم ـ وقصرها على إحدى الديانات الثلاث المسموح بها ـ في بطاقات الرقم القومي من شأنها أن تنتهك حرية الإنسان في عدم الإفصاح عن معتقداته.

في مارس/آذار 2006، رفضت محكمة القضاء الإداري دعوى قضائية أقامها المحامي ممدوح نخلة في عام 1997 يطالب فيها بإلغاء خانة الديانة في بطاقات الرقم القومي المصرية. ولم تنظر المحكمة في موضوع الدعوى وإنما رفضتها من الناحية الشكلية نظراً لإقامة الدعوى بعد انتهاء الأجل الزمني الذي ينص عليه القانون.[8] وفي أغسطس/آب 2006 نظم المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي أنشأته الحكومة المصرية ورشة عمل حول اقتراح قدمه المجلس بشأن حذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي. وقد تحدث في ورشة العمل 80 مشاركاً من بينهم ممثلون عن الحكومة وعن المجتمع المدني وأكاديميون و ممثلون عن الجماعات والطوائف الدينية ما بين مؤيد ومعارض لهذا الاقتراح. وقد خرج التقرير النهائي لورشة العمل هذه بحل ثالث، وهو جعل خانة الديانة في بطاقة الشخصية اختيارية مع السماح للمواطنين بإثبات دياناتهم ولو كانت "غير معترف بها".[9] تحرك المجلس القومي بعد ذلك برفع مذكرة لرئيس الوزراء السيد أحمد نظيف بتاريخ 26 ديسمبر/كانون الأول 2006 يشرح فيها الصعوبات التي يواجهها المصريون البهائيون ويقترح حذف خانة الديانة من بطاقات تحقيق الشخصية أو إعادة تطبيق سياسة تسجيل كلمة "أخرى" أمام خانة الديانة.[10] وفي أغسطس/آب 2007، أعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان عن اعتزامه صياغة مشروع قانون لمناهضة التمييز وتوصية الحكومة بعرضه على البرلمان المصري في سبيل استحداث عقوبات جنائية على كل من يقدم على ممارسات تمييزية يمنعها الدستور.[11]

النظام العام والديانات "المعترف بها"

كما ورد أعلاه، فإن السياسات التمييزية للحكومة المصرية أثرت بشكل خاص على حقوق المواطنين المصريين الذين يدينون بالبهائية، والذين يقدر عددهم بنحو 2000 شخص.[12] وقد ظهرت البهائية في منتصف القرن التاسع عشر في إيران. وبرغم اختلاف البهائية في عقيدتها وشعائرها اختلافاً واضحاً عن الإسلام بطائفتيه الشيعية و السنية، إلا أن الغالبية العظمى من فقهاء المسلمين ينظرون إلى البهائية، نظراً لظهورها في محيط إسلامي بعكس المسيحية أو اليهودية، كجماعة مارقة عن الإسلام يعد أتباعها مرتدين.[13]

وبدأت البهائية في الانتشار في مصر في أوائل القرن العشرين، وفي ديسمبر/كانون الأول 1924 تمكن المصريون البهائيون من تسجيل المحفل الروحاني المركزي للبهائيين في القطر المصري. وقام البهائيون بحيازة مبانٍ خُصصت لعقد محافلهم الروحية، كما قامت دار نشر خاصة بالجماعة بنشر مطبوعاتهم وتوزيعها من خلال المكتبات العامة ومتاجر بيع الكتب. غير أن أوضاع البهائيين تدهورت في خمسينات القرن الماضي، خاصة بسبب وجود المقر العالمي للبهائية في حيفا، والتي تم ضمها في عام 1948 إلى دولة إسرائيل الوليدة آنذاك. وفي عام 1960، أصدر الرئيس جمال عبد الناصر قراراً جمهورياً (القرار بقانون رقم 263 لسنة 1960) بإغلاق المحافل البهائية ومصادرة أملاكها.[14]

و في عام 1975، أصدرت المحكمة العليا حكماً بدستورية القرار 263/1960 واستمرار العمل به.[15] ورأت المحكمة في حكمها أن القانون لم يمنع اعتناق العقائد البهائية، إلا أنها أكدت أن أتباع الديانات السماوية الثلاث فحسب هم الذين يتمتعون بحرية ممارسة شعائرهم الدينية المكفولة بحماية الدستور. وقد أيد الحكم موقف الحكومة القائل بأن ممارسة شعائر البهائية يمثل "تهديداً للنظام العام" وعليه فإنه يقع خارج نطاق حماية الدستور لحرية العقيدة.[16]

واليوم، مع تغيير وثائق تحقيق الشخصية القديمة واستخدام الحاسب الآلي في إدخال بيانات بطاقات الشخصية وتنامي رفض مسؤولي وزارة الداخلية السماح للبهائيين بذكر ديانتهم الحقيقية أو كتابة كلمة "أخرى" أمامها أو عدم ذكر الديانة على الإطلاق، يتزايد عدد البهائيين الذين يواجهون خياراً صعباً بين حرمانهم من إثبات ديانتهم في الوثائق الرسمية التي تصدر عن الحكومة، أو التنازل عن الحقوق والخدمات الأساسية التي تحق لهم والتعرض لخطر القبض والتوقيف لعدم حملهم بطاقات شخصية.[17]

وقد طعن بعض المصريين البهائيين في رفض الحكومة الاعتراف بديانتهم في الوثائق الرسمية. وفي أبريل/نيسان 2006، أكدت محكمة القضاء الإداري حكماً سابقاً ًكان قد صدر في عام 1983 يقضي بحق البهائيين في الحصول على وثائق رسمية تثبت ديانتهم. إلا أن المحكمة الإدارية العليا أصدرت حكماً بإلغاء قرار محكمة القضاء الإداري، بعد أن قامت الحكومة بالطعن على الحكم، في ديسمبر/كانون الأول 2006. وقالت المحكمة في حكمها النهائي إن ذكر البهائية في الوثائق الرسمية يعد ممارسة تخالف النظام العام ومن ثم يجوز للحكومة أن تمنعه.

النظام العام والتحول من الإسلام إلى المسيحية

يواجه من يتحول من الإسلام إلى المسيحية مخاطر قانونية واجتماعية جمّة. ونتيجة لذلك، فإن من الصعب تحديد عدد من ولدوا مسلمين ثم تحولوا إلى المسيحية، إلا أنه يمكن القول إن عدد من يتحولون إلى المسيحية يبلغ بضع عشرات سنوياً، وبالتراكم فإن العدد الحالي ربما يقدر بالمئات إن لم يكن بالآلاف. وقد قامت السلطات، في بعض الأحيان، بإلقاء القبض على مواطنين تحولوا إلى المسيحية، خاصة إذا أعلنوا اعتناقهم المسيحية أو بدا أنهم في طريقهم لممارسة التبشير. كما ألقت السلطات القبض في بعض الحالات على أشخاص بسبب اعتناقهم أراء تخالف الفهم السائد للإسلام أو المسيحية.[18] وفي هذه الحالات، وجهت الحكومة كالعادة اتهامات لهؤلاء الأشخاص بانتهاك المادة (98 و) من قانون العقوبات المصري التي تجرم استغلال الدين "في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأي وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية."[19]

وبالمثل، فإن من الصعب تقدير عدد المصريين الذين ولدوا مسيحيين وتحولوا إلى الإسلام ثم عادوا إلى المسيحية مرة أخرى تقديراً دقيقا. غير أن عددهم، على أقل تقدير، يصل إلى المئات بالتأكيد. وقد قامت كل من منظمة هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بتوثيق ودراسة ملفات 211 حالة من هذه الحالات، وهي الدعاوى القضائية التي تم رفعها أمام إحدى دوائر محكمة القضاء الإداري بالقاهرة وحدها ما بين أبريل/نيسان 2004 وحتى وقت كتابة هذا التقرير.

ووفقاً لقانون الأحوال المدنية، يمكن للمواطن تغيير أو تصحيح معظم البيانات، بما في ذلك خانة الديانة، في وثيقة تحقيق الشخصية الخاصة به عن طريق مجرد تسجيل البيانات الجديدة دون الحاجة للحصول على موافقة مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية.[20] الشرط الوحيد هو تقديم الوثائق اللازمة من "جهة الاختصاص". وفي حين أن القانون لا يتناول بالتفصيل تعريف ما يشكل جهة اختصاص، إلا أن المقصد عملياً هو جهة العمل بالنسبة لتغيير المهنة على سبيل المثال، أو الجهة الدينية المنوطة بالتوثيق الرسمي لأمور مثل الزواج.

وبينما تظهر مصلحة الأحوال المدنية هذه المرونة الشكلية عند تغيير وثائق تحقيق الشخصية الخاصة بالمواطنين الذين يتحولون إلى الإسلام، إلا أن هذا التقرير يوثق أنه، عملياً، يضع مسؤولو الحكومة عقبات شتى أمام أولئك الذين يتحولون من الإسلام إلى المسيحية ويمارسون التمييز ضدهم من خلال رفض إثبات هذا التغيير في السجلات الرسمية أو إصدار وثائق هامة تثبت هذا التغيير بناءً على طلبهم.[21] ويمتد الرفض الرسمي للموافقة على الطلبات الخاصة بتغيير بيانات الديانة إلى المسيحية في السجلات الرسمية، طبقاً لقانون الأحوال المدنية، ليشمل المواطنين الذين ولدوا مسيحيين وأسلموا لفترة ويرغبون في العودة إلى المسيحية، وكذلك أولئك الذين تغيير ديانتهم إلى الإسلام على غير إرادتهم بسبب تحول والدهم إلى الإسلام. وقد أقام أكثر من 89 من هؤلاء الأفراد دعاوى قضائية ضد مصلحة الأحوال المدنية لرفضها تصحيح بياناتهم الشخصية. وقد صدر عن محكمة القضاء الإداري حتى صدور هذا التقرير سبعة أحكام في هذه الحالات جميعها في صالح المدعين.

ويتسبب الرفض الرسمي لإثبات ديانة المواطنين في وقوع عواقب وخيمة عليهم. فغالباً ما يتبع التحول إلى الإسلام أو المسيحية تغيير الاسم إلى اسم إسلامي أو مسيحي، وبالتالي فالأمر يتصل بأعمق أعماق هوية المرء وشعوره بذاته. كما أنه يؤثر على قدرة المرء على ممارسة شعائره الدينية كباقي أبناء الديانة التي ينتمي إليها. وتحدد ديانة المواطن التي تظهر على وثائق تحقيق الشخصية الديانة التي سيتم إثباتها على شهادات ميلاد أبنائه، ومن ثم تتحدد مادة التعليم الديني الإجباري الذي سوف يتلقونه عند التحاقهم بالمدارس، سواء كان التربية الدينية الإسلامية أم المسيحية.[22] كما تؤثر أيضاً على اختيار الزوج أو الزوجة، وكذلك على حقوق ورثتهم بعد الوفاة.

ويواجه المتحولون من الإسلام إلى المسيحية مأزق الاختيار ما بين إنكار ديانتهم الحقيقية، أو تزوير وثائق تحقيق الشخصية والتعرض للمحاكمة الجنائية عن هذه الجريمة، أو التواري عن الأعين دون امتلاك وثائق رسمية لتحقيق الشخصية، يصبح معها مجرد السفر داخل البلاد أو محاولة الحصول على عمل مخاطرة قد تعرضهم للقبض أو الاعتقال.

النظام العاموالشريعة وحرية المعتقد

الإسلام هو الدين الذي يدين به أغلبية المجتمع المصري، وهو الدين الرسمي للدولة.[23] ويستشهد مسؤولو الحكومة بالمادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، في تبرير سياستهم التي تتعارض مع التزامات الحكومة المصرية بضمان حرية العقيدة.[24] وقد أيدت المحاكم المصرية في العادة موقف الحكومة بأن الشريعة الإسلامية، أو على الأقل الأحكام القطعية منها،تشكل جزءاً جوهرياً من النظام العام نظراً لـ"قوة الصلة بينها وبين الأسس القانونية والاجتماعية الراسخة في ضمير المجتمع [المصري]."[25]وقد فرقت المحكمة الدستورية العليا، في رفضها لطعن على قرار وزارة التربية والتعليم تقييد ارتداء الفتيات للحجاب في المدارس الحكومية، بين حرية الاعتقاد، والتي لا يجوز للدولة أن تفرض قيوداً عليها، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، والتي يجوز للدولة أن تقيدها "حفاظاً على النظام العام أو الآداب العامة أو حماية حقوق وحريات الآخرين."[26] وبناء على هذا التمييز بين المعتقدات والممارسة، فإن الحكومة تدعي أنها لا تخضع لأي التزام بالاعتراف بـ"الردة" أو تسجيل أي ديانة تخالف الأديان الثلاثة المعترف بها في السجلات الرسمية يشكل انتهاكاً لمبادئ "النظام العام".

إن سياسة الحكومة المصرية في منع إصدار وثائق تحقيق شخصية مثبت عليها ديانة المتحولين إلى المسيحية أو البهائيين إلا إذا وافقوا على عدم إثبات ديانتهم الحقيقية تمثل انتهاكاً لحق الإنسان في اعتناق الديانة التي يختارها، والذي لا يسمح أي من الدستور المصري أو القانون الدولي بفرض أي قيود عليه. ولم تقدم الحكومة إلى الآن أي دليل، سواء أمام المحاكم أو في أي سياق آخر، يدعم زعمها بأن التحول عن الإسلام أو اعتناق أي ديانة غير معترف بها يعد شكلاً من أشكال إظهار المعتقدات الدينية التي يجوز للدولة أن تمنعها لأسباب معينة مثل الحفاظ على النظام العام.

علاوة على ذلك، فإن استغلال الحكومة لمسوغ "النظام العام" في تبرير التمييز الذي تمارسه ضد البهائيين والمتحولين إلى المسيحية لا يتفق مع الحدود الضيقة التي يحددها القانون الدولي من أجل السماح بفرض مثل هذه القيود. فقد أوضحت لجنة المم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان أن فرض مثل هذه القيود يجب أن يكون منصوصاً عليه في القانون، وضرورياً لتحقيق الهدف المشروع المتمثل في حفظ النظام العام، ومتناسباً مع الدرجة اللازمة لتحقيق هذه الغرض المحددة، "وألا يطبق بأسلوب يعصف بحرية المعتقد، وألا يفرض "لأغراض تمييزية أو يطبق بطريقة تمييزية."[27]

ولا تتماشى سياسة الحكومة المصرية فيما يتعلق بوثائق تحقيق الشخصية مع أي من هذه المعايير. ففي حين يقتضي القانون إثبات الديانة على وثائق إثبات الشخصية، إلا أنه لا يوجد أي قانون يقصر الهوية الدينية المسموح بها على أديان بعينها. كما يسمح قانون الأحوال المدنية، على وجه التحديد، للمصريين بتغيير أي بيان من بيانات تحقيق شخصيتهم، بما في ذلك تعديل خانة الديانة. وتؤدي هذه القيود الحكومية إلى إحداث أثر تمييزي صريح ضد ديانات بعينها، فضلاً عن الأثر السلبي الهال على حق ضحايا هذه السياسيات في الحصول على الرعاية الصحية والتعليم والتوظيف وغيرها من الحقوق، وهي آثار لا يمكن اعتبارها متناسبة مع متطلبات حفظ النظام العام. كما لم تقدم الحكومة أبداً أي دليل لإثبات وقوع ضرر على النظام العام في حال السماح للمواطنين بإثبات ديانتهم الحقيقية في وثائق تحقيق الشخصية الخاصة بهم. ويصعب على المرء تخيل كيف يمكن أن تبرر أي اعتبارات مشروعة للنظام العام حرمان عدد من الأشخاص من الحق في ممارسة عدد كبير من حقوقهم المدنية والاقتصادية الأساسية. وقد رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 1996 أن "الحق في حرية الاعتقاد يجرد الدولة من أي سلطة في تحديد مدى مشروعية معتقدات دينية ما أو الطرق المستخدمة في التعبير عن هذه المعتقدات."[28]

وتكفل المادة 40 من الدستور المساواة في الحقوق لكافة المواطنين، وتحظر التمييز على أساس الدين (أو عدة أساس أخرى). وتنص المادة 46 على أن "تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية."[29] كما يتضمن قانون العقوبات أحكاماً مشابهة.[30] وقد صادقت مصر على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي يضمن حرية الدين والمعتقد (المادة 18)، و ينص الدستور في مادته 151 على أن المعاهدات الدولية لها قوة القانون المحلي. ولدى المصادقة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أرفقت مصر بياناً بأن الحكومة ملتزمة بالعهد الدولي إلى الحد الذي يتماشى فيه العهد الدولي مع أحكام الشريعة الإسلامية: "مع الأخذ في الاعتبار أحكام الشريعة الإسلامية وعدم تعارضها مع [العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية]".[31] غير أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أوضحت أنه لا يجوز للدول أن تدخل أية تحفظات[32] لا تتناسب مع هدف المعاهدة والغرض منها، وأن التحفظات التي "تنتهك القواعد الأمرة" للقانون الدولي، ومن بينها حرية المعتقد تعد غير مقبولة من الناحية القانونية.[33] وفي رأي رسمي آخر، أكدت اللجنة أن الاعتراف بديانة ما كديانة رسمية للدولة، أو كون أتباعها يمثلون أغلبية السكان "لا يجب أن يضر بالتمتع بأي حق من الحقوق المنصوص عليها في الميثاق، بما في ذلك المادتين 18 و27 [المتعلقتين بحماية الأقليات]."[34]

ويسعى مسؤولو ومحامو الحكومة المصرية إلى تضييق التفاوت الشاسع بين ممارسات الحكومة من ناحية، والضمانات الدستورية والمعاهدات الدولية بشأن حرية المعتقد الديني من ناحية أخرى، عن طريق تعريف حرية العقيدة أساساً على أنها حرية عدم الإكراه على الدخول في الإسلام والحرية في اعتناق أي دين. ولكنهم لا يسمحون لأي مسلم ولد على الإسلام أو دخله طواعية أن يتحول عن الإسلام بأي طريقة، وفقاً لقواعد الشريعة. وقد أشارت المحكمة الدستورية العليا إلى أن حرية العقيدة "لا تقصر تطبيق الشريعة الإسلامية على معتنقي الإسلام"،[35] بمعنى أن الردة تعد "جزءاً من 'ممارسة' العقيدة" الإسلامية، وعليه فإنها محكومة بقواعد الشريعة الإسلامية.[36]

وبالرغم من أن القانون المصري لا ينص على فرض أي عقوبة على الردة، إلا أن محامي الدولة دفعوا في قضايا تغيير الديانة ـ وأيدتهم أحكام بعض المحاكم ـ بأن الردة "في معني الموت ومنزلته"، فهي تحرم المرتد من إمكانية اتخاذ العديد من التصرفات المدنية.[37] فعلى سبيل المثال، تتضمن عواقب التحول عن الإسلام إبطال حق المرتد في الزواج أو الاستمرار في حضانة الأطفال، أو الحق في الميراث.[38]

تؤثر العواقب القانونية للردة بشكل مباشر على قضايا الأحوال الشخصية، التي تسري فيها القوانين الدينية وليس المدنية، سواء الشريعة الإسلامية أو القانون الكنسي القبطي، على أغلبية المصريين تقريباً. وتتضمن هذه القضايا مسائل الزواج والطلاق وحضانة الأطفال والمواريث وما إلى ذلك.[39] غير أن الشرط الخاص بإثبات الديانة في بطاقات الرقم القومي، إضافة إلى إصرار وزارة الداخلية على منع البهائيين والمتحولين عن الإسلام من استخراج وثائق تحقيق شخصية تثبت ديانتهم على نحو صحيح، يوسع من عواقب الردة لتشمل نطاقاً واسعاً من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، علاوة على انتهاك الحق في حرية ممارسة الشعائر الدينية التي يختارها كل إنسان، وحق الإنسان في اختيار الإعلان عن دينه من عدمه. وتجبر هذه السياسة المواطنين على إخفاء ديانتهم أو إنكارها في سبيل الاستمرار في التمتع بالحماية والحصول على العديد من الحقوق الأساسية، بما في ذلك الحق في المشاركة في الأمور العامة، والعمل، والتعليم، وتكوين الأسرة. كما تتطلب أنشطة الحياة اليومية الأساسية أيضاً ـ كالتسجيل في المدارس، أو فتح حساب في البنك، أو تسجيل الممتلكات، أو تحصيل المعاشات ـ الحصول على بطاقة الرقم القومي.

وثمة إجماع بين المدارس الكبرى للفقه الإسلامي على وجوب تمتع أهل الكتاب، وهم المسيحيين واليهود، بالحق في ممارسة الشعائر الدينية دون تدخل.[40] كما أم هناك إجماعاً على أنه لا يجوز للحاكم إكراه أي إنسان على الدخول في الإسلام. وفي الوقت ذاته، تجمع كافة المذاهب الفقهية تقريباً على أنه لا يجوز للمسلم، سواء ولد مسلماً أم دخل في الإسلام طواعية، أن يخرج عن ملة الإسلام. ويشكل تغيير الديانة خروجاً عن الملة، وبالتالي يدخل في حكم الردة. غير أن علماء الدين يختلفون بشكل واسع فيما إذا كان من حق الدولة أو واجبها إنزال أية عقوبات دنيوية على من يتحول من الإسلام إلى المسيحية أو إلى أي ديانة أخرى.

وفي يوليو/تموز 2007، نشر على موقع إلكتروني مشترك لكل من صحيفة واشنطن بوست ومجلة نيوزويك الأمريكيتين مقال للشيخ على جمعة، مفتي الديار المصرية المعين من قبل الحكومة، قال فيه:

إن السؤال الجوهري أمامنا هو هل يمكن للمسلم أن يختار ديناً غير الإسلام؟ والجواب هو نعم، لأن القرآن يقول "لكم دينكم ولي دين" [الكافرون: آية 6]، و"من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" [الكهف: آية 29]، و"لا إكراه في الدين" [البقرة: آية 256]. إن هذه الآيات تناقش إحدى الحريات التي منحها الله للناس كافة. ولكن من منظور ديني، فإن هجر الرجل لدينه إثم يعاقبه الله عليه في يوم القيامة. أما إذا كانت القضية التي نحن بصددها هي لشخص يرفض الإيمان فحسب، فإنه ليس هناك عقاب دنيوي له."[41]

وبالمثل، فقد صرح الشيخ جمال قطب، الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر، أن "الارتداد عن الإسلام يعد إثماً، ولكن أكثر الدلائل من القرآن والسنة تغلب أنه ما من أساس متين للزعم القائل بأن الردة في ذاتها تستوجب إقامة الحد، أي القتل"[42]. ويرى قطب، ومن ورائه العديد من العلماء، أنه "ما من حديث نبوي شريف يؤكد إقامة الحد للردة وحدها. ففي كل حالة تمت إقامة الحد فيها، كانت الردة مشفوعة بخيانة أو تمرد. وبالنسبة لحديث الرسول [ص] 'من بدل دينه فاقتلوه' فيمكن اعتباره سياسة قانونية اتخذها النبي بصفته رئيساً للدولة الإسلامية في وقت الحرب. إلا أن النبي نفسه لم يقتل المنافقين الذين كانوا يعيشون وسط أصحابه."[43]

وبإخضاع الذين يتحولون عن الإسلام إلى تمييز شديد واسع المدى في التعامل مع الأجهزة الإدارية في الدولة، مع إنزال عقوبات جنائية في بعض الأحيان ضد من يرفضون استخراج بطاقات تحقيق شخصية تثبت ديانة غير ديانتهم الحقيقية، فإن الحكومة المصرية تستخدم الشريعة بشكل انتقائي لكي تحل نفسها من التزاماتها بمقتضى الدستور والقانون الدولي لحقوق الإنسان بشأن حماية حرية العقيدة والحق في المساواة أمام القانون دون تمييز على أي أساس.

وتنتهج الدولة نفس النهج في عدم اعترافها بالبهائية في الأوراق الرسمية ومنع أتباعها من إثبات ديانتهم. فمن المسلم به أن إحدى عقائد الإسلام تقوم على أنه آخر الأديان الموحى بها وأن النبي [ص] هو خاتم الأنبياء. ولذا فثمة إجماع عام بين السلطات الدينية الإسلامية على أن البهائية ليست ديانة مشروعة، بل انحراف وردة عن الإسلام يوجب قمع مؤسساتها وممارساتها العامة وليس توفير الحماية لها؛ ذلك لأن بهاء الله، المؤسس الروحي للبهائية، كان يدين بالإسلام أصلاً وأسس البهائية بعد نزول الإسلام بفترة طويلة.

غير أن هذا لا ينفي الحقيقة القائلة بأن القرآن لم يحصر في أي موضع من مواضعه حرية ممارسة الإنسان لشعائر دينه في الأديان الثلاثة "المعترف بها". كما أن مسؤولي الحكومة والمحاكم المصرية لم يأتوا بأي دليل من أفعال الرسول [ص] أو صحابته يثبت أن التعايش كان قاصراً على المسلمين واليهود والمسيحيين، حتى في أيام الإسلام الأولى.[44] فالحكومة المصرية تستغل المعتقد الإسلامي القائل بأن الإسلام هو آخر الرسالات السماوية ولن يأتي بعده أي رسالة أخرى، من أجل أن تبرر تعليقها لكافة الحقوق المدنية عن المواطنين الذين يعتنقون ديانات أخرى ظهرت بعد الإسلام، حتى ولو لم يعترف بها أغلب المسلمين كديانات مشروعة. وقد كشفت ذلك محكمة القضاء الإداري في حكمها الصادر في أبريل/نيسان 2006 بشأن سياسة الحكومة تجاه البهائيين في مصر، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، دافعة بأن الشريعة نفسها 'تلزم' السلطات بإثبات ديانة البهائيين في الأوراق ولو كانت ديانة غير معترف بها:

"تقضي الشريعة، فيما بينه الأئمة من أحكامها أن يظهر ما يميز غير المسلم عن المسلم في ممارسة شؤون الحياة الاجتماعية بما يقيم مجال الحقوق والواجبات والتي يختص بها المسلمون ولا يستطيع سواهم القيام عليها لمخالفتها ما يعتقدون."[45]

كما أن تطبيق الحكومة المصرية للمادة الثانية من الدستور يتناقض مع موقف المحكمة الدستورية العليا، والمنوطة بإصدار تفسيرات ملزمة لنصوص الدستور. فقد قالت الدستورية العليا إن آراء فقهاء الشريعة "ليس لها ـ في ذاتها قوة ملزمة متعدية لغير القائلين بها، ولا يجوز بالتالي اعتبارها شرعاً ثابتاً متفرداً لا يجوز أن ينقض، وإلا كان ذلك نهياً عن التأمل والتبصر في دين الله تعالى وإنكاراً لحقيقة أن الخطأ محتمل في كل اجتهاد."[46]

كما رأت المحكمة الدستورية أيضاً أنه يجوز للدولة أن تعتمد رأي الأقلية في أحد مناحي الشريعة بغض النظر عن الوزن الفقهي لهذا الرأي، إذا كان في ذلك ما يحفظ مصالح الناس:

" ومن ثم صح القول بأن اجتهاد أحد من الفقهاء ليس أحق بالاتباع من اجتهاد غيره. وربما كان أضعف الآراء سنداً أكثرها ملاءمة للأوضاع المتغيرة ولو كان مخالفاً لأقوال استقر عليها العمل زمناً."[47]

وقضت المحكمة الدستورية بأن الدولة 'ملزمة' بإعادة تفسير النصوص الدينية من أجل استنباط حلول عصرية للمشكلات الملحة التي لا يوجد للشريعة حكم قطعي بشأنها:

ولئن جاز القول بأن الاجتهاد في الأحكام الظنية وربطها بمصالح الناس عن طريق الأدلة الشرعية ـ النقلية منها والعقلية ـ حق لأهل الاجتهاد، فأولى أن يكون هذا الحق ثابتاً لولى الأمر يستعين عليه فى كل مسألة بخصوصها ـ بما يناسبها ـ بأهل النظر في الشؤون العامة، إخماداً للثائرة وبما يرفع التنازع والتناحر ويبطل الخصومة على أن يكون مفهوماً أن اجتهادات السابقين لا يجوز أن تكون مصدرا نهائياً أو مرجعاً وحيداً لاستمداد الأحكام العملية منها، بل يجوز لولى الأمر أن يشرع على خلافها وأن ينظم شؤون العباد في بيئة بذاتها تستقل بأوضاعها وظروفها الخاصة"."[48]

ورغم أن الحيثيات الواردة في أحكام المحكمة الدستورية غير ملزمة للمحاكم الأخرى، فإنها تعد الهيئة القضائية الأعلى فيما يتعلق بتفسير مواد الدستور، وكل من حيثيات حكمها المذكورة بشأن دور الشريعة في الحكم والإدارة، بالإضافة إلى عدم وجود حكم قطعي وثابت للشريعة حول الاشتراطات الإدارية الخاصة بإثبات الديانة في السجلات الرسمية للدولة الحديثة، يثبتان أن الحكومة المصرية هي صاحبة القرار بانتهاك حقوق مواطنيها. ومن هنا فإن ادعاء مسؤولي الحكومة المصرية أن سياساتها التعسفية والتمييزية تفرضها عليها اعتبارات الشريعة الإسلامية يعد حجة زائفة وغير صحيحة.

الموعد النهائي لانتهاء العمل بالوثائق الورقية

أدخلت مصر نظام إصدار شهادات الميلاد وبطاقات تحقيق الشخصية البلاستيكية عبر الحاسب الآلي في عام 1995. ومنذ ذلك الحين، أصبح لزاماً على كل من يرغب في استخراج شهادة ميلاد أو بطاقة الرقم القومي، سواء لبلوغهم السن الرسمي لاستخراج البطاقات أو لأغراض استخراج بدائل للبطاقات الورقية، أن يحصل على بطاقة الحاسب آلي. وحسبما يوثق هذا التقرير، فإن بعض المصريين البهائيين حين حاولوا استخراج وثائق تحقيق شخصية تظهر ديانتهم أو تثبت عدم انتمائهم للديانتين الإسلامية أو المسيحية، أخبرهم المسؤولون أن سياسة الحكومة لا تسمح بهذا ولا بذلك، وأن الحاسبات الآلية التي تصدر البطاقات مبرمجة بطريقة معينة تمنع ترك خانة الديانة فارغة أو كتابة "أخرى" أمامها.[49]

ودأب مسؤولو الحكومة منذ عام 2004 على التحذير من أنه سوف يتم وقف العمل بالبطاقات الورقية القديمة قريباً، وحث المواطنين على التوجه لمكاتب مصلحة الأحوال المدنية لاستخراج بطاقات الحاسب الآلي البلاستيكية الجديدة. وفي 13 أغسطس/آب 2007، أكد اللواء عصام الدين بهجت، مساعد وزير الداخلية ورئيس مصلحة الأحوال المدنية في ذلك الوقت، في حوار مع صحيفة الأهرام شبه الرسمية أنه وابتداءاً من أكتوبر/تشرين الأول 2007، لن تقبل الأجهزة الحكومية التعامل بالبطاقات الورقية القديمة في المعاملات الرسمية.[50] وقد ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية، في تقريرها الخاص بالحريات الدينية في العالم لسنة 2007 أن الحكومة المصرية قد قررت تمديد الموعد النهائي لاستخدام بطاقات تحقيق الشخصية القديمة إلى يناير/كانون الثاني 2008.[51] إلا أن وحتى صدور هذا التقرير لم تكن الحكومة قد أصدرت أي قانون أو قرار يحدد موعداً نهائياً رسمياً لانتهاء العمل بالبطاقات القديمة.

المصريون البهائيون وسياسة الإلغاء

ضياء نور الدين شاب مصري يبلغ من العمر 25 عاماً. تخرج ضياء في نوفمبر/تشرين الثاني 2005 وحصل على درجة جامعية في هندسة الطيران. عندما ولد ضياء عام 1982 استخرج والداه شهادة ميلاد ورقية تثبت أنه بهائي الديانة. في عام 2001 كان على ضياء ـ مثله كمثل معظم المصريين ممن هم في نفس عمره ـ أن يستخرج شهادة ميلاد جديدة عبر الحاسب الآلي لكي يتم قبوله في أية جامعة حكومية. وعندما حصل على شهادة ميلاده الجديدة لم يجد فيها أي ذكر لانتمائه الديني الحقيقي، بل وجد خانة الديانة وقد كتبت أمامها كلمة "أخرى". ومنذ سبتمبر/أيلول 2005 وضياء يحاول بلا جدوى أن يستخرج بطاقة الرقم القومي ـ وهي وثيقة تحقيق الشخصية الصادرة بالحاسب الآلي والتي أصبحت ملزمة حالياً ـ وأن يدون بها أياً من كلمتي "بهائي" أو "أخرى" في خانة الديانة. بعد ما يقرب من شهرين من المفاوضات، قال له موظفو مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية إنهم سيحفظون طلبه إلى أن يختار إحدى الديانات الثلاثة "المعترف بها": الإسلام، أو المسيحية، أو اليهودية. وفي حالة ضياء، وحيث إنه يحمل اسماً مسلماً، فقد قال له موظفو الأحوال المدنية إن الاختيار الوحيد المطروح أمامه هو أن يكتب كلمة "مسلم" في خانة الديانة.[52]

أما أخت ضياء، سماء، والتي تبلغ من العمر 23 عامًا، فقد تم وضع خط أفقي (ــ) أمام خانة الديانة في شهادة ميلادها. إلا أن خانة الديانة في بطاقة الرقم القومي التي استخرجتها سنة 2001 تعتبرها مسلمة. أما عن والدهما نور الدين مصطفى فإنه يحمل شهادة ميلاد تنص على أنه بهائي، وبطاقة تحقيق شخصية ورقية بها خط أفقي أمام خانة الديانة. وفيما يتعلق بوالدتهما، طاهرة، فإن بطاقة تحقيق الشخصية الورقية التي تحملها تثبت أنها مسيحية ـ طبقاً لاسم عائلتها ـ على الرغم من أن خانة الديانة في شهادة ميلادها خالية؛ مما يشير إلى مولدها لأبوين بهائيين.

ومنذ ما لا يقل عن ثلاثة أجيال وعائلة نور الدين الممتدة تعتنق البهائية، إلا أن أفراد الأسرة الأربعة يحملون أوراق تحقيق شخصية استخرجوها على مدى السنوات الخمسين الأخيرة ترد في خانة الديانة بها ـ كما ورد أعلاه ـ كل من كلمات: بهائي، مسلم، مسيحي، "أخرى"، أو خط أفقي فقط. معظم الأسر البهائية في مصر اليوم يحملون نفس هذه الباقة المتنوعة من الانتماءات الدينية الرسمية في أوراقهم، بما يعكس السياسة الحكومية العشوائية والتمييزية فيما يتعلق بإثبات البهائية في أوراق تحقيق الشخصية. ومنذ الستينيات من القرن العشرين، كانت قدرة المصريين البهائيين على الحصول على وثائق تحقيق شخصية تثبت انتماءهم الديني الحقيقي تعتمد بشكل كبير على مزاج موظفي الأحوال المدنية. فقد تمكن الأفراد المحظوظون من البهائيين من استخراج وثائق تظهر كلمة "بهائي"، أو "أخرى"، أو خطاً أفقياً أمام خانة الديانة. بينما اضطر آخرون إلى تسجيل كلمة "مسلم" في خانة الديانة مثل سماء نور الدين، أو "مسيحية"، مثل والدتها طاهرة، وفقاً للاختيار العشوائي والتعسفي لموظفي السجل المدني. وتؤدي هذه السياسة ـ التي تحرم البهائيين من الحق في إعلان انتمائهم الديني الحقيقي وتجبرهم على الكذب والتزوير لكي يتمكنوا من استخراج وثائقهم الضرورية ـ إلى إجبار هؤلاء المواطنين المصريين على الاختيار بين الاحتفاظ بانتمائهم الديني من ناحية، وبين الحصول على الوثائق الرسمية اللازمة لتسيير حياتهم اليومية من ناحية أخرى.

وقد بدأ التمييز والعداء الرسمي ضد المصريين البهائيين عندما أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر القرار بقانون رقم 263 لسنة 1960، والذي أمر بحل المحافل والجمعيات البهائية ومصادرة ممتلكاتها.[53] وقد أصدرت الحكومة هذا القانون أثناء سريان حالة الطوارئ وفي ظل دستور عام 1958 المؤقت للجمهورية العربية المتحدة (الاتحاد السياسي الذي جمع مصر وسوريا بين عامي 1958 و1961)، وهو الدستور الحديث الوحيد في مصر الذي لم يتضمن أية أحكام تنص على حماية حرية العقيدة. وقد اقتصر القرار بقانون على الأنشطة العلنية للطائفة البهائية، ولم يجرم الانتماء للبهائية في حد ذاته؛ ولكنه مع ذلك فتح الباب أمام عدة عقود من انتهاكات حقوق الإنسان الأساسية للبهائيين والتي لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا.[54]

وقد استغلت سلطات الأمن المصرية القانون رقم 263 في شن ست حملات قمعية كبرى ضد الطائفية البهائية في أعوام 1965، و1967، و1970، و1972، و1985، و2001. وقد ألقت السلطات القبض في هذه المداهمات على إجمالي 236 بهائي مصري، وذلك بحجة مخالفة القانون رقم 263 أو بتهمة "ازدراء الأديان". وفي المرات القليلة التي أحيل فيها المتهمون إلى المحاكمة لم تصدر في حق أي منهم أية أحكام بالإدانة في أي من التهم الموجهة إليهم.[55]

ولا تزال الحكومة المصرية تستغل القانون 263 لتبرير سياساتها وتوجهاتها التمييزية ضد المصريين البهائيين حتى يومنا هذا. وتؤثر هذه السياسات على الحياة اليومية لكل مصري بهائي يحاول استخراج وثائق تحقيق الشخصية الإلزامية، وهو ما يؤدي بدوره إلى تعرض البهائيين للتمييز في مجالات التعليم، والتوظيف، وتسجيل المواليد، واستخراج شهادات الوفاة، وتحصيل المعاشات.

وكما ذكر، فقد دأب الموظفون والمسؤولون المصريون على مدى السنوات التي تلت صدور القانون رقم 263 في عام 1960 بشكل متفرق وعشوائي على حرمان البهائيين من الحق في إثبات معتقدهم في الأوراق الرسمية. غير أنه بدءاً من سنة 2004، بدأت المراسلات الرسمية في الإشارة إلى منشور داخلي لوزارة الداخلية قام في الواقع بتحويل ما كان يعد بمثابة ممارسة أو عرف تعسفي إلى سياسة رسمية مكتوبة. فقد حصلت هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية على نسخ من عدة خطابات حكومية تستشهد بـ"الكتاب الدوري رقم 49 لسنة 2004 بشأن قواعد إثبات الديانة في سجلات المواليد وبطاقات تحقيق الشخصية" في معرض الرد على استمارات تقدم بها مواطنون بهائيون يطلبون الحصول على وثائق تحقيق شخصية. ولكن أياً من هذه الخطابات لم يورد نص الكتاب الدوري على وجه الدقة.[56] كما لم تستجب الحكومة لطلب هيومن رايتس ووتش الحصول على نسخة من الكتاب الدوري.[57] وقال البهائيون الذين أجرت هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية معهم مقابلات أثناء أعداد هذا التقرير إن المسئولين قد رفضوا في كل مرة الاستجابة لطلبهم بالحصول على الكتاب الدوري أو حتى الاطلاع عليه.

كان رءوف هندي حليم من بين أوائل المصريين البهائيين الذيناصطدموا بالكتاب الدوري لسنة 2004. أنجب حليم طفليه التوأم نانسي وعماد في سلطنة عمان سنة 1993، وتمكن من استخراج شهادة ميلاد لكل من الطفلين تثبت مولدهما لأبوين بهائيين، وقام باعتماد الشهادتين من قبل السفارة المصرية في مسقط. وعندما عاد حليم إلى مصر مع أسرته سنة 2001، كان يجب عليه بمقتضى القانون أن يستخرج شهادتي ميلاد مصريتين جديدتين لولديه لكي يتم قيدهما في المدارس المصرية. في سنة 2001، ذهب حليم إلى المقر الرئيسي لمصلحة الأحوال المدنية في العباسية، شمالي القاهرة، وهناك تبين لحليم أن هذا الإجراء الإداري البسيط أكثر صعوبة وتعقيداً مما تخيل.

نظروا إلى شهادات ميلاد أولادي وقالوا، "لا، لا نستطيع أن نعطيك شهادات ميلاد جديدة لأن اسم عائلتك مسيحي بينما اسم عائلة زوجتك مسلم."[58] واستشهدوا بالكتاب الدوري لسنة 2004. طلبنا الإطلاع على الكتاب الدوري عدة مرات ولكن كان طلبنا يقابل دائمًا بالرفض.[59]

حاول حليم أن يشرح للمسؤولين في مصلحة الأحوال المدنية أن زوجته تنتمي إلى ثلاثة أجيال من البهائيين في عائلتها وأنها لم تكن مسلمة أبداً، ولكنهم أصروا على أنه لما كانت الشريعة لا تجيز لامرأة مسلمة أن تتزوج برجل غير مسلم، فإن على حليم أن يتحول إلى الإسلام كخطوة أولى لكي تعترف الدولة بأبنائه وتصدر لهم شهادات ميلاد. ولما كان حليم يعلم جيداً بأن القرار يكمن بشكل كبير في أيدي جهاز مباحث أمن الدولة التابع لوزارة الداخلية، فقد قرر أن يتحدث إليهم مباشرة.

حددت موعداً من أحد الضباط الكبار في مباحث أمن الدولة وذهبت مع زوجتي. كان اللقاء مهذبًا حيث رويت له ما حدث. قال إننا لا نستطيع، قانونًا، أن نعطيك شهادة ميلاد مصرية تثبت انتماءك إلى البهائية. قلت حسناً، ضعوا خطاً أمام خانة الديانة. قال لا، لا أستطيع. عرضت عليه شهادة ميلاد ابني الأكبر المولود سنة 1987، وبها خط أفقي أمام خانة الديانة. قال "آسف، أعلم أنك لست مسيحياً ولا مسلماً، ولكن عليك أن تختار إحدى هاتين الديانتين."[60]

سأل حليم اللواء عن الحل الذي يقترحه، فأجاب الضابط: "د. رءوف، اذهب إلى المحكمة".

اتبع حليم نصيحة الضابط وأقام دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد كل من وزير الداخلية ورئيس مصلحة الأحوال المدنية.[61] وتم عقد أولى الجلسات العديدة التي نظرت فيها المحكمة هذه القضية في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2004. ولا تزال الدعوى منظورة أمام المحكمة حتى وقت كتابة هذه السطور بعد ثلاثة أعوام.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، استدعى ضابط مباحث أمن الدولة نفسه حليم إلى مكتبه في لاظوغلي، وهناك نصحه الضابط بسحب القضية.

قلت له "ولكننا ذهبنا إلى المحكمة بناءً على نصيحتك". فأجاب "لقد اختلفت الأمور الآن". قال "إنه من الأفضل أن تسحبها، وسوف نحاول أن نحل المشكلة خارج المحكمة." كان أكثر عنفاً هذه المرة، وقال إننا نقوم بتشويه صورة مصر في الخارج بهذه القضية التي رفعناها. كما قام بتوجيه تهديدات غير مباشرة في هذه المرة. قال "يجب أن تنتبه لأولادك". رفضت سحب القضية. وكانت كلماته الأخيرة لي كالتالي: "الآن تعرف ماذا عليك أن تفعله." قلت "أنا أعلم تمامًا ما يجب علي أن أفعله."[62]

في الساعة العاشرة من مساء اليوم ذاته تلقى حليم مكالمة هاتفية من مباحث أمن الدولة تستدعيه إلى لاظوغلي لمقابلة أخرى في الساعة 11 مساءً. ذهب حليم وانتظر أكثر من ثلاث ساعات قبل أن يقابل ضابطاً بدا أرفع في الرتبة من الضابط السابق. وطبقاً لرواية حليم فقد كان الضابط أكثر عنفًا معه في هذه المقابلة.

طلب مني مرةً أخرى أن أسحب القضية.قلت له "لقد نصحني جهازكم أصلاً بالتوجه إلى المحكمة." قال "حسنًا، سوف نتعامل مع هذا الأمر بالقانون: منذ عودتك إلى مصر وأنت ترسل تقارير إلى البهائيين في الخارج، وتقاريرك أدت إلى تشويه سمعتنا وعدم احترام العالم لنا، ويمكننا معاقبتك على ذلك." سألته إن كان بإمكاني أن أتحدث. قال "بالطبع". قلت له: "العالم لن يحترمنا طالما أننا نحرم الناس من حقوقها. لست أنا السبب. بل أنتم السبب."[63]

استغرق الاجتماع حوالي 30 دقيقة، حتى الساعة الثالثة صباحاً. وفي النهاية قام المسؤول الكبير بمباحث أمن الدولة بتهديد حليم مباشرة: "خذها مني نصيحة أبوية، عليك أن تركز في عملك. يمكن أن تخسر وظيفتك بسبب أفعالك."[64]

بعد هذه الواقعة بثلاثة أيام، أي في يوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2005، اتصل مركز التجميل الذي يعمل به رءوف حليم مدرساً في فصول التدليك ليخبره بأنهم قد استغنوا عن خدماته.

فقدت وظيفتي وأنا إلى الآن بلا عمل. ولكنني لا أستطيع أن أثبت [السبب]. هؤلاء الناس أذكياء جدًا، مثل الزئبق؛ لا يمكنك أن تمسك بهم. ولكنني لن أسحب القضية مهما حدث. لماذا يريدونني أن أسحب القضية؟ أعتقد أنهم يريدون أن يقولوا للعالم "انظروا، البهائيون في مصر لا يعانون من أية مشاكل، لدرجة أنهم سحبوا دعواهم من المحكمة. ليس لديهم قضية."[65]

وبينما كان رءوف هندي حليم يكافح مع مصلحة الأحوال المدنية في القاهرة، كان حسام عزت، وهو مصري بهائي آخر، يخوض غمار معركة مماثلة في الإسكندرية. يعمل عزت مهندساً مدنياً ويحمل بطاقة تحقيق شخصية ورقية تثبت في خانة الديانة أنه بهائي. أما زوجته طبيبة الأسنان رانيا عنايت فيوجد خط أفقي أمام خانة الديانة في كل من شهادة ميلادها وبطاقة تحقيق شخصيتها. أنجب الزوجان ثلاث بنات تبلغ أعمارهن 12 عاماً، و 10 سنوات، و 6 سنوات على التوالي، وتمكنا من أن يستخرجا لهن شهادات ميلاد تثبت مولدهن لأبوين بهائيين.

في أبريل/نيسان 2004 توجه عزت وزوجته إلى مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية لإضافة أسماء بناتهما الثلاثة إلى جواز سفر الأم بحيث يتمكنوا من السفر لزيارة أقاربهم الذين يعيشون في الخارج. اعتقد الزوجان أنهما لن يواجها أية مشاكل في إنهاء ذلك الإجراء الروتيني المعتاد، لاسيما أن جوازات السفر تعد من بين وثائق تحقيق الشخصية النادرة التي لا توجد بها خانة للديانة. إلا أنه وبعد مفاوضات طويلة وافقت المصلحة على إضافة البنات على جواز سفر الأم فقط في حالة موافقة الوالدين على وضع خط أفقي أمام خانة الديانة الواردة في استمارة طلب استخراج جواز السفر الجديد، والتي لا زالت تتطلب من المتقدمين بالطلب إثبات ديانتهم.[66]

بعد ذلك ببضعة أسابيع، في مايو/أيار 2004، قامت مباحث الأحوال المدنية بالإسكندرية، وهي جهاز الشرطة التابع لمصلحة الأحوال المدنية، باستدعاء رانيا عنايت، والتي ذهبت مع زوجها حسام لمقابلة الموظف المسؤول.

طلب الموظف الإطلاع على بطاقات تحقيق الشخصية الخاصة بنا فقدمناها إليه. قال إنه يجب علينا أن نغير خانة الديانة في بطاقات تحقيق شخصياتنا وفي شهادات ميلاد بناتنا. عندما سألنا عن السبب، قال إن النظام العام يقتضي منا أن نختار واحدة من الديانات الثلاثة المعترف بها. قبل أن نغادر طلبنا من الضابط استعادة بطاقاتنا فقال "لا يمكن."[67]

لم يتوقف الأمر بمسؤولي مصلحة الأحوال المدنية عند مصادرة بطاقتي حسام ورانيا. ففي أغسطس/آب 2004، قام معتز صديق رضوان، رئيس إدارة مباحث الوجه البحري، بإرسال خطاب إلى المدرسة الخاصة التي تدرس بها البنات الثلاث، أخطر فيه مدير المدرسة بأنهم قد قاموا "بتعديل ديانة [البنات الثلاث] في السجلات وعلى الحاسب الآلي" وطلب من مدير المدرسة ما يلي:

يرجى التكرم بسحب تلك الشهادات وإرسالها إلى إدارة المباحث الجنائية بوسط الدلتا... ومطالبة ولى الأمر بإحضار شهادات ميلاد حديثة مثبت بها الديانة (مسلم) وعدم قبول أي شهادات ميلاد مثبت بها الديانة (بهائية) لمخالفتها للنظام العام.[68]

"ليس لدي أدنى فكرة عن سبب حدوث ذلك،" هكذا قال حسام عزت.

نحن لسنا الاستثناء. كان من الواضح أن هناك تغيراً في السياسة المتبعة من طرف مصلحة الأحوال المدنية تقضي بالاعتراف بالديانات الثلاث "السماوية" ومنع أي ذكر للبهائية. وفي حالتنا فإنني أعتقد أن استمارة طلب استخراج جواز السفر الجديد هي التي فتحت أعينهم علينا. فقد أصدروا جواز السفر في النهاية، ولكنهم صادروا كل شيء أخر.[69]

مثلت واقعة أسرة حسام عزت نقطة تحول واضحة في مسار التمييز الحكومي ضد البهائيين. فقد أصبح الأمر لا يقتصر على رفض الحكومة منح الأفراد البهائيين وثائق تحقيق شخصية يذكر بها انتماؤهم الديني، ولكنه تعدى ذلك بحيث أصبح المسؤولون يعملون على مصادرة أية وثائق تذكر بها البهائية في خانة الديانة يكون قد سبق للحكومة أن أصدرتها. صار من الواضح أن الحكومة تريد أن تمحو أي أثر رسمي لوجود مواطنين بهائيين في مصر.

في 10 يونيو/حزيران 2004 أقام حسام عزت وزوجته رانيا دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري يطلبان فيها من وزير الداخلية ورئيس مصلحة الأحوال المدنية إصدار بطاقتي تحقيق شخصية لهما وشهادات ميلاد جديدة لبناتهما الثلاثة، على أن تثبت بها البهائية في خانة الديانة. وبتاريخ 4 أبريل/نيسان 2006، أصدرت المحكمة حكماً في الدعوى لصالح المدعيين، وأمرت مصلحة الأحوال المدنية بمنحهما الوثائق المطلوبة. وقد استند الحكم بشكل شبه كامل إلى حكم مماثل كان قد صدر سنة 1983 عن المحكمة الإدارية العليا في قضية مماثلة وتوصل إلى ذات النتيجة.[70] ويرتكز الحكم في حيثياته إلى أن إثبات البهائية في الوثائق الرسمية لا يشكل مخالفة للشريعة الإسلامية، بل إنه في واقع الأمر يعد مطلباً من مطالب الشريعة حتى يتم تنظيم الحقوق والواجبات المترتبة على الانتماءات الدينية المختلفة:

تقتضي الشريعة فيما بينه الأئمة من أحكامها، أن يظهر ما يميز غير المسلم عن المسلم في ممارسة شؤون الحياة الاجتماعية، بما يقيم مجال الحقوق والواجبات التي يختص بها المسلمون ولا يستطيع سواهم القيام عليها لمخالفتها ما يعتقدون.[71]

ورأت المحكمة علاوةً على ذلك أنه على مصلحة الأحوال المدنية أن تثبت الانتماء الديني الحقيقي للأفراد حتى بالنسبة لأولئك الذين ينتمون إلى ديانات لا تعترف بها الدولة:

وليس يخالف عن أحكامها [الشريعة الإسلامية] ذكر الدين في تلك البطاقة أو الشهادة، وإن كان مما لا يعترف بإظهار مناسكه كالبهائية ونحوها، بل يجب بيانه حي تعرف حال صاحبه ولا يقع له من المراكز القانونية ما لا تتيح له تلك العقيدة بين جماعة المسلمين.[72]

وفي مبدأ بالغ الأهمية والدلالة أكدت المحكمة على أن موقف الإسلام والمؤسسات الإسلامية الرسمية تجاه البهائية كعقيدة لا علاقة له بحق البهائيين في استخراج وثائق رسمية. حيث كان محامو الحكومة قد قدموا إلى المحكمة نسخة من الفتوى الصادرة في سنة 1986 عن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، والتي تخلص إلى أن "البهائية ليست ديانة، ولا يقرها الإسلام، وتعمل على فرقة الأمة الإسلامية." وردت المحكمة على ذلك بأن "الدعوى الماثلة إنما تنصب على مجرد إثبات البهائية في بطاقة المدعيين وشهادات ميلاد بناتهم،" في إشارة إلى أن معتقدات المدعين لا يجوز الاحتجاج بها لتبرير حرمانهم من الحق في استخراج الوثائق الرسمية الأساسية.

ورغم أن هذا الحكم الصادر في أبريل/نيسان 2006 كان مجرد توكيد وتكريس لموقف القضاء الإداري المصري المستقر أصلاً بشأن هذه المسألة، فقد نالت القضية اهتماماً إعلامياً غير مسبوق. وللمرة الأولى منذ عقود أجرت الصحف المصرية والبرامج الحوارية مقابلات عديدة مع البهائيين. كان معظم المصريين لم يسمعوا عن البهائية أو يقابلوا مصريين بهائيين من قبل صدور الحكم القضائي الأخير. غير أن الكثير من وسائل الإعلام ومن رجال الدين قاموا بتصوير حكم المحكمة خطأ على أنه قرار بالاعتراف بديانة جديدة بعد الإسلام، وليس مجرد إجراء تصحيحي لاستعادة حقوق جماعة من المواطنين الذين عاشوا ولا يزالون يعيشون في مصر لما يربو على قرن من الزمان.[73]

وبالإضافة إلى هجوم بعض وسائل الإعلام على الحكم القضائي، فقد تحرك عدد من نواب البرلمان ممن يمثلون كلاً من الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم وأكبر حركة معارضة في البلاد وهي الإخوان المسلمون لمناقشة القضية في مجلس الشعب بعد أقل من أسبوعين على صدور الحكم. وفي أثناء هذه الجلسة البرلمانية، أعلن ممثلو الحكومة أنهم بصدد الطعن على الحكم، وتعهد رئيس مجلس الشعب "سنراقب الحكومة في تقديم الطعن."[74]

في 15 مايو/أيار 2006 قررت دائرة فحص الطعون في المحكمة الإدارية العليا قبول نظر طعن الحكومة على الحكم الصادر لصالح حسام عزت وأسرته، واستجابت لطلب الحكومة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الانتهاء من النظر في الطعن. وبعدها عقدت المحكمة الإدارية العليا جلسة واحدة بتاريخ 2 ديسمبر/كانون الأول 2006 للنظر في الطعن من حيث الموضوع. وبتاريخ 16 ديسمبر/كانون الأول 2006، حكمت المحكمة بأن الدولة ليس عليها أي التزام قانوني بإصدار بطاقات تحقيق شخصية أو شهادات ميلاد تثبت البهائية في خانة الديانة. وبذلك نقضت المحكمة الحكم الصادر في إبريل/نيسان 2006 عن محكمة القضاء الإداري، بل وغيرت موقف المحكمة الإدارية العليا ذاتها والمستقر منذ عام 1983 بشأن حق المصريين البهائيين في الحصول على وثائق تعكس انتمائهم الديني الحقيقي.

خلصت المحكمة الإدارية العليا، في حكمها إلى أنه في حين أن حرية العقيدة مطلقة ولا يمكن أن تخضع لأي قيد، فإن الحكومة يحق لها أن تقيد حرية ممارسة الشعائر الدينية على أساس "عدم الإخلال بالنظام العام ومنافاة الآداب." كما ذهبت المحكمة إلى الاحتجاج بأن إثبات البهائية في وثائق تحقيق الشخصية يعد اتنتهاكاً للنظام العام الذي يقوم في مصر على أساس الشريعة:

النصوص القانونية المنظمة لهذه القواعد جميعها تعتبر من النظام العام. فلا يجوز إثبات ما يخالفه أو يتعارض معه في بلد يقوم أصله وأساسه على الشريعة الإسلامية.[75]

ولم يرد في حكم المحكمة الإدارية العليا أي رد على أي من الدفوع القانونية التسعة التي تقدم بها المحامون الذين مثلوا أسرة حسام عزت. بل كرست المحكمة أغلب فقرات الحكم للهجوم على المعتقدات البهائية ذاتها، وهو الأمر الذي لم يكن أصلاً يقع في نطاق الدعوى القضائية المنظورة أمامها:

وتحريمهم [البهائيون] الجهاد المقرر في الشريعة الإسلامية تحريماً قطعياً ومطلقاًً، فهم يريدون للأمم والشعوب أن تسلم عنقها لجلاديها بدون أية مقاومة، في مقابل كلام شاعري معسول كالدعوة إلى إقامة حكومة عالمية وهي الهدف الأول والأساسي للحركة البهائية. وهذا هو أحد أسرار علاقاتهم بالقوى الاستعمارية – قديمها وحديثها – التي تحتضنهم وتدافع عنهم. وشرعوا لأنفسهم شريعة خاصة على مقتضى عقيدتهم تهدر أحكام الإسلام في الصوم، والصلاة ونظام الأسرة ، وتبتدع أحكاماً تناقضها من أساسها.[76]

كان الركن الرئيس في حكم المحكمة الإدارية العليا هو التأكيد على أن الشريعة لا تسمح بحرية الاعتقاد إلا للمنتسبين إلى الديانات "المعترف بها". ولم يقدم أي من محامي الحكومة ولا المحكمة في حكمها أي دليل من الشريعة يدعم هذا الادعاء. بينما دفع المحامون الممثلون لأسرة عزت بأن القرآن لم يقصر حرية الاعتقاد على الديانات الثلاث في أي موضع، وأنه لا يوجد ثمة دليل في سنة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أو أي من الصحابة والتابعين يثبت أن الشريعة لا تقر سوى التعايش بين المسلمين واليهود والمسيحيين دون غيرهم. وأصر المحامون على ضرورة أن تتم التفرقة بين المعتقد الإسلامي الذي تقضي بأن الإسلام هو أخر الأديان وأنه لن تأتي بعده رسالة أخرى من ناحية، وبين الحقوق المدنية للمواطنين الذين ينتمون إلى معتقدات أخرى حتى وإن كانت هذه المعتقدات قد ظهرت بعد الإسلام ولا تعترف بها الأغلبية المسلمة من الناحية الأخرى. كما تحدى المحامون الحكومة أن تثبت ادعاءها بأن اعتناق البهائية في حد ذاته يعد انتهاكاً للنظام العام. وكما ورد أعلاه فإن حكم المحكمة الإدارية العليا لم يتضمن رداً على أي من هذه الحجج.

كان حكم المحكمة الإدارية العليا في قضية عزت وأسرته نهائياً ولا يجوز الطعن عليه أمام أية محكمة أخرى، وبمقتضاه أصبح على بنات حسام عزت الثلاث الاختيار بين الدخول قسراً في الإسلام، أو الطرد من المدرسة، أو مغادرة البلاد. وحتى تاريخ كتابة هذه السطور (نوفمبر/تشرين الثاني 2007)، كانت المدرسة الخاصة التي يدرسون بها تسمح لهم بالبقاء مقيدين في المدرسة مستخدمين جوازات سفرهم بديلاً عن شهادات الميلاد. إلا أن هذا الإجراء يعد تدبيراً ضعيفًا وهشًا، ولن يصمد حين يصبح عليهن التقدم للامتحان القومي للحصول على شهادة الثانوية العامة.

وفي حين أن أحكام المحكمة الإدارية العليا من الناحية القانونية لا تعد ملزمة بالنسبة للمحاكم الأدنى درجة، إلا أن لهذه الأحكام سلطة معنوية تؤثر في العادة على مواقف المحاكم الأدنى. وفي محاولة من رءوف هندي حليم لتفادي صدور حكم سلبي في قضيته الماثلة أمام محكمة القضاء الإداري بعد صدور حكم حسام عزت، اضطر حليم في ينيّر 2007 إلى تعديل طلباته في الدعوى: فبدلاً من طلب شهادتي ميلاد جديدتين تثبتان البهائية في خانة الديانة لطفليه التوأم كما هو الحال في شهادتيهما الورقيتين، أصبح طلبه الآن هو أن يوضع خط أفقي أمام خانة الديانة في شهادتي الميلاد. ومازالت هذه الدعوى منظورة أمام المحكمة حتى وقت كتابة هذا التقرير كما ورد أعلاه.

وكما يظهر في حالات طفلي رءوف هندي حليم وبنات حسام عزت الثلاث، فإن الأطفال يدفعون الثمن الباهظ لسياسات الحكومة التعسفية والتمييزية تجاه المصريين البهائيين. وقد وثقت هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية ما لا يقل عن 13 حالة لأسر بهائية عاني أطفالها من مشكلات عسيرة في الحصول على شهادات ميلاد.

وإلى وقت قريب، كانت المشكلة الأكثر شيوعاً التي يواجهها المصريون البهائيون الذين يرغبون في قيد مواليدهم تتمثل في تعذر ذكر البهائية عند استخراج شهادات الميلاد للمرة الأولى، أو عند محاولة استبدال شهادات الميلاد الورقية المكتوبة بخط اليد بالشهادات الصادرة بالحاسب الآلي. إلا أن هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية قامتا بتوثيق العديد من القضايا والحالات التي رفضت فيها السلطات خلال السنوات الأربعة المنصرمة قيد مواليد الأطفال إلى أن يستخرج أولياء أمورهم عقود زواج إسلامية أو مسيحية.

وبالإضافة إلى ما تقدم، فإن أولياء أمور الأطفال البهائيين يقولون إن السلطات تمنع أطفالهم الذين لا يملكون شهادات ميلاد من تلقي التطعيم ضد الأمراض والأوبئة من وزارة الصحة ومديرياتها المحلية. فعلى مدى الأعوام الأربعة الماضية رفضت مديرية الصحة في الإسماعيلية الاعتراف بوجود آسر وسيندريلا هاني فوزي، المولودين في الإسماعيلية في عامي 2002 و 2003 على التوالي. ونتيجةًً لذلك، فإن المستشفى المحلي لا يزال مصراً على رفض إعطاء الأطفال التطعيم الذي توفره الدولة بشكل إلزامي.[77]

وتعرف هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بثلاث حالات لأطفال ولدوا لآباء وأمهات بهائيين في سنة 2006 وحدها ولم يتم قيد أي منهم في سجلات المواليد حتى هذه اللحظة. وقد أخبر أحد الآباء هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن المصاعب التي واجهها في محاولة تطعيم ابنه الذي ولد في يوم 13 يونيو/حزيران 2006.

وضعت زوجتي في مستشفى الدمرداش [بالقاهرة]. توجهت إلى مكتب صحة الوايلي لاستخراج شهادة ميلاد لابني عمر. كان الموظف مهذباً جداً، ولكنه قال لي إن الشيء الوحيد الذي يستطيع أن يفعله لي هو أن يطلب تعليمات من مكتب السجل المدني في الوايلي. قالوا له ألا يقبل طلبي ما لم أختر واحدة من الديانات الثلاث المعترف بها. عندما حان وقت التطعيم الأول، قلت للمسؤولين في المستشفى إنني تأخرت في استلام شهادة الميلاد فقبلوا تطعيم عمر. أما في المرة الثانية فقد شرحت الموقف وقلت لهم إنني لا أعرف ماذا أفعل. كان الطبيب متعاطفاً للغاية ووافق على تطعيم عمر دون شهادة ميلاد. ولكننا لا زلنا لا نعرف كيف سنتدبر الأمر في المستقبل بدون الشهادة.[78]

وثمة حالة أخرى وثقتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية رفض فيها المستشفى الحكومي الذي تعمل به امرأة بهائية وضعت طفلها في 23 أغسطس/آب 2006 أن يمنحها حقها في إجازة وضع بسبب عدم قدرتها على تقديم شهادة ميلاد لوليدها.[79]

بالإضافة إلى انتهاك الحق في حرية الاعتقاد، فإن مثل هذه الممارسات من جانب الدولة تنتهك الحق في الحصول على أعلى مستوى ممكن من الصحة، والذي ينص عليه العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي صدقت مصر عليه سنة 1982.[80]

كما يحتاج الأطفال إلى شهادات ميلاد حتى يتم قيدهم في المدارس العامة أو الخاصة. ففي العام القادم على سبيل المثال سيبلغ آسر هاني فوزي سن التعليم الابتدائي الإلزامي، ولكنه لن يتمكن من الالتحاق بالمدرسة طالما أن المسؤولين في الإسماعيلية يرفضون إصدار شهادة ميلاد له.[81]

ولا يعد الطلبة البهائيون المقيدون بالفعل في المدارس والجامعات أكثر حظاً بكثير من أقرانهم البهائيين الممنوعين من التعليم. فقد شددت الدولة من تنفيذ سياستها المناهضة للبهائيين في السنوات القليلة الماضية لما أدى إلى وقف الكثير من هؤلاء الطلبة عن التعليم أو وضعهم تحت تهديد مستمر بوقف القيد. فعلى سبيل المثال، فإن سارة ماهر نصيف، البالغة من العمر 15 سنة والمقيدة في مدرسة ثانوية خاصة في المنيا، تحمل شهادة ميلاد ورقية تثبت انتماءها للبهائية، وتصر إدارة المدرسة على أن تستخرج شهادة ميلاد جديدة بالحاسب الآلي مثل بقية التلاميذ. وعندما تقدمت سارة بطلب لاستخراج شهادة الميلاد الجديدة، اكتشفت أنها قد أصبحت مسجلة في قاعدة البيانات الإلكترونية للحكومة على أنها مسلمة.[82] وخوفاً من احتمال عدم تمكينها من دخول امتحانات الثانوية العامة إذا صممت المدرسة على وقف قيدها بسبب عدم حيازتها لشهادة الميلاد الجديدة فقد قررت سارة وأسرتها الانتقال إلى الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية 2006 حيث تستكمل دراستها حالياً.[83]

وفي المرحلة الجامعية يظل الطلبة البهائيون يواجهون الاحتمال الأليم بالوقف عن الدراسة: التحق حسين حسني بخيت بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية في بور سعيد في سبتمبر/أيلول 2005 عندما كان في الخامسة عشر من عمره. لم يجد المعهد وقتها مشكلة في قبول شهادة ميلاده الورقية التي تثبت له ولوالديه انتماءهم للبهائية. غير أنه وفي ينيّر 2006 بلغ حسين السادسة عشرة من عمره وبات ملزماً بموجب القانون باستخراج بطاقة تحقيق شخصية. وعندما حاول استخراج بطاقة الرقم القومي،

رفض مكتب مصلحة الأحوال المدنية قبول استمارة استخراج البطاقة، وأخبرني أحد الموظفين هناك أنه ليس باستطاعتهم إصدار بطاقات تحقيق شخصية للبهائيين. حاولت أن أحصل على مستخرج رسمي من شهادة ميلادي من مكتب السجل المدني في شبين الكوم، ولكنهم رفضوا وقالوا لي إن علي أن أذهب إلى ذات المكتب الذي أصدر شهادة الميلاد الأصلية في القاهرة. عندما ذهبت إلى مكتب السجل المدني في الزيتون، قال لي أحد الموظفين إن السبيل الوحيد لأتمكن من استخراج أية وثائق هو أن أتوجه إلى الأزهر وأن أحصل على شهادة باعتناق الإسلام.[84]

وعند إعلان نتيجة الفصل الدراسي الأول بالمعهد في فبراير/شباط 2006 وجد حسين أن نتيجته قد تم حجبها بسبب عدم تقديمه لبطاقة تحقيق الشخصية إلى إدارة شؤون الطلاب بالمعهد. وحدث الشيء نفسه مع درجاته في الفصل الدراسي الثاني.

توجهت إلى مكتب شؤون الطلبة بالمعهد وشرحت لهم الموقف كاملاً. قالوا لي إن هذه مشكلتي وإن علي أن أحلها مع مصلحة الأحوال المدنية وإنه ليس بأيديهم ما يفعلونه تجاه هذا الوضع.[85]

لم يكن بإمكان حسين أن يعرف ما إذا كان قد اجتاز امتحانات العام الأول في الجامعة. وفي سبتمبر/أيلول 2006 ذهب إلى المعهد في أول يوم دراسي ليكتشف أنه قد تم وقف قيده. وعندما استفسر تم إبلاغه بأنه ليس بإمكانه الانتقال إلى العام الدراسي الثاني بدون أن يستخرج بطاقة تحقيق شخصية.

بعد أن فقد أي أمل في إعادة قيده بمعهد الخدمة الاجتماعية، قرر حسين أن يلتحق بمعهد السينما التابع لأكاديمية الفنون في القاهرة. "لم يسمحوا لي حتى بدخول امتحان القبول بدون أن أتقدم ببطاقة تحقيق شخصية"، هكذا قال لـ هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.[86]

يحظر القانون على الجامعات والمعاهد الأكاديمية، وكذا أصحاب العمل الحكومي أو الخاص، قبول أو توظيف أي شخص لا يحمل بطاقة تحقيق شخصية. فالمادة 56 من القانون رقم 43 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية تنص على ما يلي: : "لا يجوز للمختصين بالجهات الحكومية أو غير الحكومية أو الأفراد أن يقبلوا أو يستخدموا أو يستبقوا في خدمتهم أحداً ... بصفة موظف أو مستخدم أو عامل أو طالب إلا إذا كان حاصلاً على بطاقة صالحة للاستعمال وسارية المفعول." كما أن المادة 70 من ذات القانون تنص على معاقبة أي مسؤول يخالف هذا الشرط بالحبس لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر أو بغرامة تتراوح بين 200 و500 جنيهًا مصريًا (35-88 دولار أمريكي).[87]

وبموجب هذا التشريع يضطر بعض أولياء الأمور البهائيين إلى إرسال أبنائهم وبناتهم إلى جامعات خاصة بمصاريف باهظة، بسبب ما توفره هذه الجامعات من مرونة نسبية عند التعامل مع الوثائق الرسمية التي يشترط تقديمها لقبول الطلبة. ولكن كل ما يستطيعه هؤلاء الطلبة الأكثر حظاً هو تأجيل مواجهة المشكلة لبضعة سنوات، حيث لن يتمكنوا أبداً من التخرج بدون استحراج وتقديم بطاقة تحقيق الشخصية.

ومن خلال هذه التصرفات، فإن الحكومة المصرية تنتهك بشكل واضح حق كل إنسان في التعليم، والذي ينص عليه العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.[88]

أما الطلبة الذكور فيواجهون مشكلة إضافية. فعندما يصلون إلى سن الثامنة عشر يصبحون مطالبين قانوناً إما بتسليم أنفسهم لأداء الخدمة العسكرية الإجبارية لمدة تترواح بين سنة واحدة وثلاث سنوات، أو أن بالتقدم للحصول على "البطاقة الحمراء"، أو وثيقة تأجيل الخدمة العسكرية إلى حين إنهاء الدراسة الجامعية. وترفض وزارة الدفاع التعامل مع أي متقدمين لا يحملون بطاقة تحقيق شخصية، كما يروي ولي أمر أحد الطلبة:

حصل [ابني] الآن على الشهادة الثانوية الأمريكية وأرسلناه إلى جامعة خاصة هنا. في البداية قبلوه بناءً على فهمهم بأنه سوف يقدم بطاقة تحقيق شخصيته قريباً. ولكنه عندما بلغ الثامنة عشرة أصبح عليه أن يتقدم إلى مكتب التجنيد ليحصل على البطاقة الحمراء ليقدمها في ملفه بالجامعة. لن يتخرج في الجامعة أبداً بدون تقديم هذه البطاقة.[89]

وأضاف الأب إن ابنه يتحمل عبئاً نفسياً ثقيلاً بسبب كونه تحت التهديد المستمر بالطرد من الجامعة.

إنه تعيس. هناك الكثير من الضغوط التي أعانيها لحل هذه الأزمة. فهو لا يريد أن يترك البهائية. طلبت منه أن يكتب ما يريد في خانة الديانة [في استمارة طلب بطاقة تحقيق الشخصية]، فنحن لا نجبر أبناءنا على أن يكونوا بهائيين. عليه أن يختار بنفسه. ولكنه اختار أن يكتب (بهائي).[90]

أما وفاء هندي حليم فقد تمكنت من إدخال ابنها إلى جامعة خاصة.

ابني يبلغ من العمر الآن 19 عاماً. وتتوقع الجامعة أن نتقدم بأوراق تأجيل خدمته العسكرية الآن، ولكننا لا نستطيع أن نستخرج هذه الأوراق بدون بطاقة تحقيق شخصية. حاولنا أن نستخرج له جواز سفر، ولكنهم لا يستطيعون أن يصدروه بدون أوراق الخدمة العسكرية، لأن الطلبة غير مصرح لهم بمغادرة البلاد وهم لا يزالون (تحت الطلب). إنه لا يملك بطاقة تحقيق شخصية، ولا جواز سفر، ولا بطاقة خدمة عسكرية، ولا شيء على الإطلاق.[91]

ويقول أب آخر "ابني يبلغ من العمر الآن 18 عاماً، وليس لديه بطاقة تحقيق شخصية على الرغم من أنه حاول استخراج بطاقة. إذا اكتشف الجيش أنه لا يحمل بطاقة سوف يعاملونه على أنه هارب من التجنيد."[92]

وحتى لو نجح الطالب البهائي في استخراج بطاقة تحقيق شخصية، فإن عدم استطاعته الحصول على بطاقة تأجيل الخدمة العسكرية يمكن أن يؤدي إلى وقفه عن الدراسة. نيّر نبيل علي يبلغ من العمر 21 عاماً ويدرس بكلية التربية الرياضية بجامعة قناة السويس الحكومية. في صيف 2005 أبلغت إدارة الجامعة نيّر بأنه لن يتمكن من القيد في العام الدراسي الأخير دون أن يقد "البطاقة الحمراء". وعندما ذهب نيّر إلى مكتب التجنيد المحلي، قال له المسؤولون إن وزارة الدفاع قد سنت قاعدة جديدة: أي شخص يولد في أثناء أو بعد عام 1985 يجب أن يستخرج بطاقة الرقم القومي الجديدة حتى يتم التعامل مع طلبه. وبناء عليه فقد رفضوا أن يقبلوا بطاقة نيّر الورقية، لأنه من مواليد عام 1985.

حاولت استخراج بطاقة الرقم القومي. في استمارة الطلب كتبت بهائي أمام خانة الديانة. رفض الموظف استلام الاستمارة وطلب مني أن أقدم شهادة ميلادي. أبرزت له الشهادة التي تثبت أنني بهائي مولود لأبوين بهائيين. رغم ذلك رفض الموظف قبول الاستمارة وطلب مني أن أقدمها إلى المكتب الرئيسي في القاهرة. عندما ذهبت إلى القاهرة قابلت ضابطاً يدعى وائل، فتح درج مكتبه وأخرج كومة كبيرة من المستندات والأوراق وقال، "انظر، كل هذه استمارات من بهائيين يرغبون في استخراج بطاقات رقم قومي. لن تحصلوا عليها أبداً."[93]

كتبت جامعة نيّر إلى مكتب الخدمة العسكرية تطلب تعليمات فيما يخص حالته . وبتاريخ 3 سبتمبر/أيلول 2005، كتب رئيس مكتب الاتصال العسكري بالجامعة إلى إدارة كلية نيّر: " نحيط علم سيادتكم بأن التجنيد لا شأن له بالديانة ولكنه يهمه الجنسية، هل هو مصري او غير ذلك."[94] وأضاف الخطاب أن شهادة ميلاد نيّر تعد كافية ووافية لغرض تأجيل الخدمة العسكرية.

غير أن نيّر عندما ذهب بشهادة ميلاده لاستخراج "البطاقة الحمراء" بتاريخ 11 سبتمبر/أيلول 2005 واجه تعنت الموظفين وإصرارهم على رفض التعامل مع استمارة الطلب عندما رأوا كلمة "بهائي" في شهادة ميلاده. وبتاريخ 15 فبراير/شباط 2006، بعد ثلاثة أسابيع من بدء الفصل الدراسي الأخير في تعليمه الجامعي، تلقى نيّر خطاباً يعلمه بأن "مجلس الكلية رقم 131، المنعقد بتاريخ 12 فبراير/شباط 2006" قرر فصله من الكلية "لحين تحديد موقفه من التجنيد."[95]

ليس مسموحاً لي الآن حتى بدخول الحرم الجامعي. صدرت أوامر للحرس بمنعي من الدخول. كنت قد استعرت كتاباً من مكتبة الجامعة وانتهت مدة الاستعارة، وحاولت الدخول إلى الجامعة لإعادة الكتاب. اضطر الحرس أن يستدعوا رئيسهم وفي النهاية سمح لي بالدخول إلى المكتبة مصحوباً بمرافق من حرس الجامعة ذهب معي إلى المكتبة ثم رافقني حتى البوابة كما لو كنت مجرماً.[96]

في صيف 2006 أقامت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية دعوى قضائية بالنيابة عن نيّر أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ضد كل من وزيري الدفاع والتعليم العالي ورئيس جامعة قناة السويس، تطلب إلزام الجامعة بإعادة قيد نيّر والسماح له بأداء الامتحان النهائي.[97] وقد قال نيّر لـ هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "أرسلت عدة شكاوى إلى الرئيس مبارك، ووزير الدفاع، وعدد من المسؤولين الآخرين، ولكنني لم أتلق أية إجابة من أي شخص".[98] وبتاريخ 29 مايو/أيار 2007، حكمت المحكمة في الشق المستعجل من الدعوى وألزمت الجامعة بإعادة قيد نيّر والسماح له بأداء الامتحانات النهائية لحين الفصل في موضوع الدعوى.[99]

شكّل الحكم، الذي أشار بالكاد إلى اعتناق نيّر للبهائية، تطوراً إيجابياً ملموساً فيما يتعلق بحماية حق شباب المصريين البهائيين في التعليم حتى ولو لم يكن معتقدهم معترفاً به من قبل الدولة. وبدلاً من استخدام هذا الحكم كفرصة لرفع الظلم الواقع على نيّر، فقد قررت وزارتا الدفاع والتعليم العالي بتاريخ 2 يوليو/تموز 2007 الطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا. وبينما لا يزال الطعن منظوراً أمام المحكمة، فإن نيّر لا يستطيع حتى هذه اللحظة الحصول على وظيفة بدون شهادة جامعية.

أدى الحظر القانوني على توظيف أي شخص لا يحمل بطاقة تحقيق شخصية سارية إلى معاناة كثير من شباب البهائيين المصريين. من بين هؤلاء سامح نبيل حبيب، المولود في سنة 1982 والذي تثبت شهادة ميلاده أنه مولود لأبوين بهائيين. منذ عام 2000 وسامح يحاول استخراج شهادة ميلاد الكترونية دون فائدة بسبب مطالبته بتغيير ديانته إلى الإسلام أو المسيحية. وبعد حصوله على دبلوم التعليم الصناعي في سنة 2004 لم يتمكن سامح من العثور على وظيفة لأن بطاقة تحقيق شخصيته كانت بالية وغير واضحة ولأنه لم يتمكن من استبدالها ببطاقة الرقم القومي الجديدة. حاول سامح استخراج جواز سفر ليستخدمه كوثيقة لتحقيق الشخصية في مقابلات العمل، ولكن المسؤولين قالوا له إن عليه أن يستخرج أولاً بطاقة تحقيق شخصية لكي يحصل على جواز السفر. ويقول والد سامح "الآن ليس لديه بطاقة تحقيق شخصية، ولا جواز سفر، ولا شهادة ميلاد، وقال إنه مستعد للسجن ولكنه لن يغير ديانته."[100]

في أواخر سنة 2005 تمكن سامح أخيرًا من العثور على وظيفة في فندق صغير في الإسكندرية. قال والده إن الراتب كان منخفضاً وإن ظروف العمل كانت سيئة، ولكن صاحب العمل كان مستعدًا للمخاطرة بتعيينه بدون بطاقة تحقيق شخصية.[101] بعد ذلك بعدة أشهر تم فصل سامح من عمله بعد أن أجرت شرطة السياحة تفتيشاً روتينياً على أوراق العاملين بالفندق ليعود بذلك إلى البطالة.[102]

لا تعد حالة سامح فريدة من نوعها. فقد تم تعيين باسم وجدي البالغ من العمر 23 عامًا معيداً في قسم الفيزياء في الجامعة الألمانية في القاهرة بتاريخ 16 يوليو/تموز 2006. وبعد أن بدأ في عمله الجديد، طلبت منه إدارة شؤون العاملين بالجامعة أن يفتح حساباً بنكياً لدى أحد أكبر البنوك الخاصة في مصر ليتم تحويل راتبه عليه في أول كل شهر. ومثل معظم البنوك في مصر فقد رفض البنك قبول بطاقة تحقيق الشخصية الورقية الخاصة بباسم وطلب منه بطاقة الرقم القومي. شرح باسم الموقف للإدارة المالية بالجامعة الألمانية في القاهرة وطلب منهم أن يصرفوا له المرتب في صورة شيك شهري. وبتاريخ 25 سبتمبر/أيلول 2006، تلقى باسم رسالة إلكترونية من مديرة إدارة الموارد البشرية بالجامعة تعلمه بإنهاء خدمته بالجامعة بسبب "عدم اكتمال أوراقه القانونية."[103]

اجتمع باسم مع مديرة الموارد البشرية وشرح لها أن بطاقته الورقية لا تزال سارية، وأنه لا توجد ثمة أسس قانونية لإنهاء خدمته بسبب عدم حيازته لبطاقة الرقم القومي.[104]

عند هذه النقطة، أوضحت [مديرة الموارد البشرية] أن القرار جاء من "سلطة أعلى". وعندما سألت عن هذه السلطة قالت لي إنها لا تعرف، ولكن قد تكون الأمن القومي أو وغيرها من السلطات العليا. وأوضحت أيضاً أن موقف الجامعة حساس، وعليه فإنه ليس بوسعهم أن يعترضوا على هذا القرار. وأكدت لي أن هذا القرار ليس قرار الجامعة الألمانية في القاهرة، والسلطات العليا هي التي لا توافق على تعييني.[105]

وبالإضافة إلى التمييز في مجالي التعليم والتوظيف، فإن عدم القدرة على استخراج مستندات تحقيق الشخصية الرسمية تهرض شباب البهائيين لخطر إلقاء القبض عليهم وتوجيه اتهامات جنائية لهم. حيث تلزم المادة 48 من القانون رقم 43 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية كل مواطن بالتقدم للحصول على بطاقة تحقيق الشخصية خلال ستة أشهر من بلوغه سن السادسة عشرة. وتنص المادة 84 من ذات القانون على عقوبة تصل إلى السجن لمدة ستة أشهر أو دفع غرامة تتراوح بين 100 و500 جنيه مصري (18-88 دولار أمريكي) في حال مخالفة المادة 48. كما أن الامتناع عن تقديم بطاقة تحقيق الشخصية سارية المفعول "لمندوبي السلطات العامة فور طلبها" يعاقب عليه القانون بغرامة تتراوح بين 100 و200 جنيه مصري (18-35 دولار أمريكي).[106]

وأصبح الكثير من البنوك والجهات الرسمية يرفضون قبول بطاقات تحقيق الشخصية الورقية في أية تعاملات. فعندما انتهت رخصة قيادة باسمة موسى في يونيو/حزيران 2006 وذهبت إلى إدارة المرور بوزارة الداخلية لتجديدها قالوا لها إن عليها أن تستخرج بطاقة الرقم القومي أولاً حتى يتم تجديد رخصتها.

قلت لهم إن بطاقتي الورقية كانت دائماً تفي بالغرض، ولكنهم قالوا إن هذه هي اللوائح الجديدة. تقابلت مع مسؤول كبير وشرحت له صعوبة حصول البهائيين على بطاقات الرقم القومي. وفي النهاية وافقوا على تجديد رخصتي ولكن لمدة شهر واحد، مع التأشير عليها بما يلي: "شهر واحد للرقم القومي."[107]

كما أن من المستحيل تحصيل المعاشات بدون بطاقة تحقيق الشخصية. كانت قدسية حسين روحي تبلغ من العمر 75 عاماً عندما تحدثت إلى هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية في أواخر سنة 2005. وكان قد مضى عليها ثلاث سنوات وهي تكافح دون جدوى من أجل الحصول على المعاش المستحق لها بموجب القانون بعد وفاة زوجها. حاولت قدسية استخراج بطاقة تحقيق شخصية ثابت بها "بهائي" أو خط أفقي في خانة الديانة، إلا أن مصلحة الأحوال المدنية قالت لها إنه يجب عليها أن تدخل في الإسلام أولاً.

توفي زوجي سنة 2003. كان يعمل لدى شركة العامرية للبترول. والآن أحتاج إلى بطاقة تحقيق شخصية من أجل تحصيل معاش زوجي من البنك أو من مكتب البريد،. من المفترض أن أحصل على 70 في المائة من راتب زوجي، ولكنني لم أحصل على أي شيء منذ وفاته. اضطر الآن إلى الاعتماد على أبنائي لإعالتي لأنني ليس لدي أي مورد رزق آخر. كل إنسان حر. لا يجب أن تكون الدولة مسؤولة عن تحديد ديانة أي إنسان.[108]

نبيل حبيب مدرس تربية بدنية متقاعد يبلغ من العمر 67 عاماً، ويعتمد على معاشه في إعالة أسرته. كان حبيب يبكي وهي يصف كيف يعيش تحت التهديد المستمر بقطع معاشه بمجرد الإعلان عن وقف العمل ببطاقته الورقية.

ولدت لأبوين بهائيين، ورغم ذلك فعندما تقدمت بطلب لاستخراج بطاقة عائلية في سنة 2001 رفضوا أن يصدروا لي بطاقة. ثم تقدمت بطلب لاستخراج بطاقة الرقم القومي في سنة 2005 ورفضوا مرة ثانية. كل مسؤول كان يقول لي: "أنت بهائي لا يمكننا التعامل معك. نحن نطبق القانون فحسب."[109]

يضطر معظم البهائيين في مصر اليوم إلى الحياة في خوف من المجهول الذي سيأتي عندما تصبح بطاقاتهم الورقية غير معمول بها، والمتوقع أن يتم ذلك في أوائل عام 2008. وكان عدد قليل من البهائيين قد تمكن من استخراج بطاقات رقم قومي تظهر فيها كلمة "أخرى" في خانة الديانة عندما بدأ إصدار أول دفعة من البطاقات الجديدة في عام 2000. غير أنه حتى هذه الأقلية المحظوظة تتعرض الآن لضغوط من أجل إعادة تسليم هذه البطاقات. وقد قال أحدهم إنه بعد استلام إحدى هذه البطاقات في سبتمبر/أيلول 2000 "علمت بعد ذلك أن الموظف الذي أصدر لي هذه البطاقة تعرض لمشاكل وتم استجوابه من قبل مباحث أمن الدولة."[110] وحتى عام 2006 كان مكتب السجل المدني الذي أصدر هذه البطاقة تحقيق الشخصية يتوسل إلى هذا الشخص من أجل إعادة تسليمها.[111]

وربما كانت أكثر حالات التمييز ضد المصريين البهائيين عبثية وصعوبة على التصديق هي حالة الراحلة سلوى إسكندر حنا. فمنذ وفاتها في أكتوبر/تشرين الأول 2005، والحكومة لا تزال مصرة على تغيير ديانتها بعد وفاتها إلى إحدى الديانات الثلاث "المعترف بها" حتى يستطيع أقاربها استخراج شهادة وفاة لها. وقد قال شقيقها لبيب إسكندر حنا "توفيت أختي في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2005. لم نواجه مشكلة في الحصول على إذن بدفنها، ولكننا حتى الآن لم نتمكن من استخراج شهادة الوفاة".

حاولنا ولكن قيل لنا إنه يجب علينا أن نختار مسلم، أو مسيحي، أو يهودي لكتابتها في الشهادة. ذهبت أنا وابنها رءوف إلى مكتب الصحة الذي حصلنا منه على تصريح الدفن. قالوا لنا أن تعالوا غداً. في اليوم التالي قابلنا [رئيس المصلحة] الذي قال لنا "طبقًا للقانون، لا يمكننا أن نصدر شهادة وفاة لأنها بهائية." لم يسمحوا لنا حتى بأن نترك الخانة فارغة أو أن نكتب "أخرى" فيها.[112]

بعد أن قامت الحكومة بإنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان بموجب قرار رئاسي في سنة 2004، تقدم وفد من المصريين البهائيين إلى قيادة المجلس وعرضوا عليه المشاكل التي يواجهونها في استخراج مستنداتهم الرسمية. وفي شهر أبريل/نيسان 2005، أبلغ المجلس القومي لحقوق الإنسان الوفد البهائي باتفاق توصل إليه مع وزارة الداخلية يقضي بتمكينهم من استخراج جوازات سفردون أن يسمح لهم بالحصول على أية وثائق أخرى.[113] وقد قال مسؤول بالمجلس القومي لحقوق الإنسان لـ هيومن رايتس ووتش:

سألناهم لماذا تحتاجون إلى بطاقات تحقيق الشخصية؟ استخدموا جوازات السفر التي ليس بها خانة ديانة. عرضنا عليهم أن نساعدهم في استخراج جوازات السفر. وافق البعض، ولكن الآخرين أصروا على استخراج بطاقات الرقم القومي. وللأسف فقد رفض ثلاثة أرباعهم هذا العرض.[114]

وكان لدى المصريين البهائيين أسبابهم التي دعتهم إلى رفض هذا العرض. فقد قالوا إن مشاكلهم مع المستندات الرسمية تتجاوز استخراج جوازات السفر، التي لن تحل بعض المسائل مثل تسجيل المواليد الجدد، والتطعيم ضد الأوبئة، والقيد في المدارس، والخدمة العسكرية. وقد قال لبيب إسكندر حنا:

قال لنا المجلس القومي لحقوق الإنسان أن نستخدم جوازات السفر بدلاً من بطاقات تحقيق الشخصية وأن نترك خانة الديانة خالية في استمارة طلب استخراج جواز السفر. قلنا، "لن يجدي هذا، نحن نحتاج إلى شهادات ميلاد، ونحتاج إلى شهادات وفاة، وتنتهي جوازات السفر كل ست سنوات وتتكلف 65 جنيهًا مصريًا في كل مرة. بينما لا تتكلف شهادات الميلاد أكثر من خمسة جنيهات ويتم استخراجها مرة واحدة فقط مدى الحياة."[115]

كما أن مثل هذا الإجراء من شأنه أن يخل بالحق الدستوري للمصريين البهائيين في المساواة وعدم التمييز. وعلاوة على ذلك، فإن هذا العرض يبعث برسالة خطيرة إلى المصريين البهائيين: وثيقة تحقيق الشخصية الوحيدة التي تنوي الحكومة منحها للبهائيين هي الوثيقة الوحيدة التي تسهل عليهم مغادرة البلاد.

وأضاف حنا أن الأهم من ذلك كله هو أن المصريين البهائيين يتوجسون من أن يكون هذا العرض مجرد محاولة من جانب الحكومة لمحو أي أثر للبهائيين من السجلات الرسمية.

بدون بطاقات تحقيق شخصية للبهائيين [يمكن للحكومة يوماً ما أن تقول]: أرأيتم؟ ليس لدينا بهائيون في مصر.[116]

تغيير الديانة وحرية المعتقد

يواجه المصريون المسلمون الراغبون في التحول إلى المسيحية معضلة حقيقية. فالدولة لا تعترف بالتحول من الإسلام وترفض الاعتراف القانوني بتغيير المعتقد الديني للمواطنين، أو تغيير اسم مسلم إلى اسم مسيحي في مستندات تحقيق الشخصية. ويعني هذا ضمن ما يعني أن من يغيرون ديانتهم يواجهون صعوبات كثيرة في مجالات قانون الأسرة المستندة لديانة الشخص، مثل الزواج والطلاق والميراث. كما لا يستطيع هؤلاء المواطنون تربية أبنائهم على المعتقد الذي يتبنونه الآن. ويلجأ البعض منهم للحصول على مستندات مزورة تقر بمعتقدهم الجديد من أجل تسيير أمور حياتهم، ولكن هذا يضعهم تحت طائلة المحاكمة الجنائية ويعرضهم للسجن بتهم تزييف المستندات.[117]

ولم يتناول الدستور ولا القانون المصري مسألة تغيير الديانة بشكل صريح. وتحدد اللوائح الداخلية لوزارة العدل إجراءات ينبغي أن تتبعها مصلحة الشهر العقاري لإثبات التحول إلى الإسلام وتوثيقه. وعملاً بالقانون 68 لسنة 1947، يجب أن تقوم مكاتب الشهر العقاري بتوثيق كل المستندات لكل المواطنين المصريين.[118] بينما ينص القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التسجيل التوثيق على إعفاء الشهادات التي توثق التحول إلى الإسلام من أية رسوم؛ في إشارة واضحة إلى التشجيع الرسمي على هذا النوع من تغيير الديانة دون غيره.[119]

وتتضمن اللوائح الخاصة بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق فصلاً بعنوان "توثيق إشهار الإسلام". ويحتوي هذا الفصل على الإجراءات التفصيلية التي يجب إتباعها لإثبات تحول شخص ما إلى الإسلام بشكل رسمي.[120] إذ يجب أن يكون عمر طالبي الدخول في الإسلام أكبر من 16 عاماً. ويجب أن يتقدم من يرغب في تغيير ديانته بطلب إلى مديرية الأمن التابع لها. وتتولى الشرطة بدورها ترتيب مقابلة بين طالب التغيير وممثل للطائفة الدينية التي ينتمي لها الشخص في ذلك الوقت، ليقدم له "النصح" بالبقاء على ديانته. عندئذ يحق لطالب التغيير أن يسحب طلبه "إذا قبل نصيحة رجال الدين من ديانته الأصلية." خلافاَ لذلك، يستلم طالب التغيير شهادة بعدها من مكتب الشهر العقاري توثق تحوله إلى الإسلام.[121]

إلا أن السلطات لا تتبع دائماً هذه الإجراءات، ونتيجة ذلك أصبحت عملية التحول إلى الإسلام تسير بسلاسة أكثر مما تتطلب اللوائح. فعلى سبيل المثال، قالت ميرا مكرم جبران، 30 سنة، لـ هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية إنها عندما تحولت إلى الإسلام عام 1994، لم يتعين عليها آنذاك أن تقدم طلباً إلى مديرية الأمن أو أن تقابل ممثلاً من الكنيسة القبطية. وذكرت أن "الإجراءات المفترض أن يمر بها المرء قبل إشهار أنه مسلم ـ لم يحدث أي من هذا."[122]

ورغم ذلك، تمكنت ميرا من توثيق تحولها إلى مسلمة في مكتب الشهر العقاري وحصلت على بطاقة تحقيق شخصية من مصلحة الأحوال المدنية تثبت اعتناقها الإسلام.

ثم إنه نادراً ما يواجه المتحولون إلى الإسلام صعوبات في الحصول على بطاقات تحقيق شخصية تعترف بتحولهم. إلا أنه في أعقاب المظاهرات القبطية التي خرجت في ديسمبر/كانون الأول 2004 احتجاجاً على ما تردد حول تحول زوجة قس قبطي إلى الإسلام، وردت بعض التقارير مفادها أن مباحث أمن الدولة التابعة لوزارة الداخلية كلفت الأزهر، وهو السلطة الدينية التي تعطي الموافقة المبدئية على التحول إلى الإسلام، وكذا مديريات الأمن المحلية التابعة للوزارة، بجعل عملية التحول إلى الإسلام أكثر صعوبة، وذلك تفادياً لإثارة القلاقل الطائفية.[123]

وتعلم هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بأربع قضايا رفضت فيها مصلحة الأحوال المدنية طلبات من مسيحيين يرغبون في التحول إلى الإسلام بتعديل البيانات الواردة على بطاقات الرقم القومي الخاصة بهم لتبين أنهم أصبحوا مسلمين. وقد قام هؤلاء الأفراد الأربعة بالطعن على قرارات المصلحة أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، والتي حكمت لصالح المدعين في القضايا الأربع.[124]

وفي كل هذا الأحكام، وجدت المحكمة أن تقييد حرية المدعين في التحول إلى الإسلام يعد انتهاكاً لقانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994، والمادة 46 من الدستور التي تكفل حرية العقيدة. وذكرت المحكمة أيضاً أنه لا ينبغي أن تشكل المخاوف الأمنية سبباً لحرمان المواطنين من حقوقهم القانونية. وفي هذا الصدد، جاءت هذه الأحكام متسقة مع التزامات مصر بمقتضى القانون الدولي.

ويسمح القانون رقم 143 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية للفرد أن يقوم بتعديل أو تصحيح البيانات الواردة في مستندات تحقيق الشخصية الخاصة به، بما في ذلك ما يرد في خانة الديانة، شريطة تقديم "وثائق صادرة من جهة الاختصاص."[125] إلا أنه في غياب أي قانون أو مرسوم في الدولة يعترف بالحق في التحول من ديانة إلى أخرى ويحمي هذا الحق، تزعم الحكومة المصرية أنها تتبع الشريعة في هذه الأمور. كما أن القانون المدني المصري الذي يفترض أن ينظم المسائل المتعلقة بتغيير الديانة، ينص في الفقرة الثانية من المادة (1) على أنه إذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه، فإن على القاضي أن يحكم بمقتضى العرف، فإذا لم يجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية.[126]

ومن ثم، يواجه المصريون الذين ولدوا مسلمين ويرغبون في التحول إلى المسيحية (أو أية ديانة أخرى) احتمالية أن يتعرضوا هم وأسرهم إلى التمييز الرسمي والاجتماعي، بما في ذلك إبطال الزواج تلقائياً بين الطرف المتحول والزوج المسلم، والانفصال القسري عن الأبناء الذين يجبرون على البقاء مع الطرف المسلم أو أحد الأقرباء المسلمين.[127]

بالإضافة إلى ذلك، يواجه من غيروا ديانتهم أيضاً خطر السجن. فقد دأبت الحكومة على استخدام المادة 98(و) من قانون العقوبات في تجريم أية أفعال أو أشكال للتعبير عن معتقدات دينية مخالفة للسائد، بما في ذلك التحول من الإسلام. وتجرم المادة من بين ما تجرم المادة "تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي."[128] وكما تشير الشهادات الواردة في هذا التقرير، فقد فسر المسؤولون هذه المادة على نحو مكنهم من اعتبار التحول عن الإسلام إحدى صور التهجم عليه، وبالتالي على أنه مخالف للنظام العام.

بالإضافة إلى هذه القوانين والسياسات المقيدة، لا تزال المواقف الاجتماعية تجاه تغيير الديانة تتسم بالسلبية والعدائية الشديدة من كلا الجانبين المسلم والمسيحي. وقد شهدت السنوات القليلة الماضية زيادة في التوترات الطائفية في المجتمع المصري، ويعد التسييس المفرط لقضية تغيير الديانة أحد مظاهر هذه الطائفية المتنامية. وكثيراً ما تؤدي عمليات تغيير الديانة إلى اندلاع أعمال عنف بين المسلمين والمسيحيين، وخاصة عندما تكون عمليات التحول هذه مصحوبة بشائعات حول اختطاف فتيات بالإكراه من قبل رجال من المجموعة الدينية الأخرى، أو قيام المنتمين إلى الديانة الأخرى بالتبشير أو استمالة المتحولين إلى ديانتهم.

ولهذه الأسباب، فإن عدداً قليلاً جداً، إن وجد أصلاً، من المسلمين يشرع في اتخاذ الخطوات الرسمية اللازمة لتغيير ديانتهم. وذكر محام يمثل الكاتدرائية القبطية في بعض التعاملات مع الحكومة لـ هيومن رايتس ووتش إنه:

يمكن أن يُزج بالمسلمين الذين يريدون أن يصبحوا مسيحيين في السجن. والشيء الوحيد الذي نستطيع القيام به هو أن نرسلهم إلى الخارج، ولكن حتى هذا أصبح صعباً جداً بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول.... إما أن يعيشوا كمسلمين أو أن يهاجروا، وإلا تكون حياتهم عرضة للخطر. إنهم حتى لا يفكرون في التقدم بطلبات استخراج بطاقات تحقيق الشخصية.[129]

ويمثل مجدي مرقص، محام مصري، شخصاً يحاول أن يغير ديانته مرة أخرى ليعود من الإسلام إلى المسيحية، قال إنه "سمع عن الكثير من الحالات" لمن ولدوا مسلمين وتحولوا إلى المسيحية و"جلس معهم"، ولكن لم يمثل أياً منهم في المحكمة أو في أي جلسات تحقيق لأن "الدولة لا تسمح بهذا التحول."[130]

أما ممدوح نخلة، وهو محام يمثل بعض المسيحيين المصريين الذين صنفتهم الدولة خطأ على أنهم مسلمون، فقد قال لـ هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "منذ عام 1983، عندما بدأت في ممارسة القانون، لم أجد حالة واحدة لمسلم يتحول رسمياً إلى المسيحية. فهم لا يستطيعون تغيير خانة الديانة في مستندات تحقيق الشخصية أو الحصول على حكم من المحكمة يقر بتحولهم."[131] وقال نخلة إن أحد جوانب المشكلة يكمن في أن القانون يتطلب أن تصرح "السلطة المختصة" بإجراء التغيير في مستندات تحقيق الشخصية، كمكتب الصحة في حالة المواليد، والأزهر في حالات التحول إلى الإسلام. ولكن لا يوجد مكتب مماثل يعطي نفس هذا التصريح للمصريين الراغبين في تغيير ديانتهم إلى المسيحية. وكما جاء على لسان نخلة، فإن مجرد التفكير في أن وزارة الداخلية قد توافق على تحول من ولدوا مسلمين إلى المسيحية أمر غير وارد من الناحية العملية."[132]

إن رفض الدولة المصرية الاعتراف بحالات التحول إلى المسيحية يعد تمييزاً قاطعاً، كما يحرم من قاموا بتغيير ديانتهم أو الراغبين في ذلك من حقهم في ممارسة شعائر الديانة التي اختاروها. وعلى النقيض من ذلك، فالمسيحيون الراغبون في التحول إلى الإسلام لا يواجهون أية مشاكل من أي نوع ـ على الأقل حتى وقت قريب. غادة، البالغة من العمر 26 سنة، والتي فضلت ألا تعطي اسمها الكامل، تحولت إلى الإسلام عام 1996، وبعد ذلك بثلاث سنوات، حاولت أن تعود إلى المسيحية مرة أخرى. قالت غادة: "عندما تحولت إلى الإسلام، تم تغيير أوراقي في غمضة عين. وبعد ثلاث سنوات، عدت إلى الكنيسة، وحصلت على شهادة تفيد بعودتي إلى المسيحية مرة أخرى، وذهبت لتغيير أوراقي، ولكنني في نظر الدولة، لا زلت مسلمة."[133] وقد اتفق أحد المحامين من ذوي الاطلاع على قضايا تغيير الديانة على أن التحول إلى الإسلام، على عكس المسيحية، عادة ما يتم دون صعوبة. وأردف قائلاً إن "المتحولون إلى الإسلام يحصلون على شهادة ميلاد جديدة بسرعة ودون دفع أية رسوم. وهذا هو المستند المجاني الوحيد في مصلحة الأحوال المدنية كلها."[134]

وقد نشأ مصطفى الشرقاوي مسلماً في بورسعيد وتحول إلى المسيحية في الثمانينيات، ثم ترك مصر عام 1998، بعد تعميده كمسيحي بعشر سنوات، وهو يعيش الآن في الخارج. أخبر مصطفى هيومن رايتس ووتش أن ضباطاً في مباحث أمن الدولة اعتقلوه واثنين آخرين من المتحولين إلى المسيحية لمدة قاربت عشرة شهور، من سبتمبر/أيلول 1990، حتى يوليو/تموز 1991، بشبهة مخالفة المادة 98 (و) من قانون العقوبات. وكما جاء على لسانه: "بدأت قصتي تشتهر. اتهموني أنني بتحولي عن الإسلام كنت أنكر الإسلام وأحتقر الإسلام وأنشر أفكاراً فاسدة. كنت قد عشت سنوات طويلة معتقداً أنني الوحيد الذي غير ديانته. وعندما اكتشفت أن هناك آخرين، بدأنا نلتقي ببعضنا".[135]

قال الشرقاوي إنه تعرض للتعذيب وسوء المعاملة على يد رجال الأمن خلال الأسابيع العدة الأولي من اعتقاله في مقر مباحث أمن الدولة في لاظوغلي عام 1990.

ضربوني وصعقوني بالكهرباء ثلاث مرات، وعلقوني من يديّ لمدة خمسة أيام وأربع ليالٍ. ظللت معصوب العينين لمدة أسبوعين، ومكبل اليدين عارٍ. عم سألوني؟ كل شيء. قصة حياتي بالكامل، سبع مرات متكررة. لقد كانت معركة ذهنية.

لم توجه الدولة للشرقاوي اتهامات بأية جريمة على الإطلاق، ولكنها لم تغلق التحقيق. قال الشرقاوي: "بعد إطلاق سراحي، استدعيت سبع أو ثمان مرات لعمل "محاورات". كانوا يتصلون بالأماكن التي كنت أعمل بها، ويتسببوا في فصلي منها."

أخبر الشرقاوي هيومن رايتس ووتش أنه لم يحاول قط تغيير ديانته في بطاقة تحقيق الشخصية الخاصة به.

لدي بطاقة تحقيق شخصية ورقية، ومكتوب "مسلم" في خانة الديانة. كان يمكن أن يغيروا المكتوب في بطاقتي إذا حاولت، ولكن المكتوب في أوراق أولادي لا يمكن تغييره. يقولون إنه وفقاً للشريعة، يجب أن يتبع الأبناء "الدين الأفضل": أي الإسلام. يمكن أن أحاول أن أغير اسمي، ولكن لا أستطيع أن أغير اسم أبي [محمد]. ولد ابني فادي عام 1992، ولكن كان يجب أن يحمل اسمي [المسلم]. ابنه سيحمل اسم فادي، الذي يمكن أن يكون اسماً مسيحياً أو مسلماً. لذلك، فالمسألة تستغرق وقتاً. ولكن فادي مصطفى محمد لا يستطيع أن يقف في مدرسته ويقول "أنا لست مسلماً." وعام 1997، سمينا ابننا الثاني "رفيق"، وهو مثل فادي، اسم يمكن أن يكون مسيحياً أو مسلماً.

وقعت المشكلة عندما ألحقنا فادي بالمدرسة عام 1997. تركت المكان المخصص [للديانة] فارغاً. ولم يلاحظ أحد ذلك؛ فالاستمارة طويلة جداً وفي منتهى التعقيد. ولكن أنتم تعلمون الأطفال، يسألون بعضهم البعض، والدين شيء كبير في حياتنا. كانت هذه المدرسة مسيحية. وأجاب أنه مسيحي، ولكنه يفهم أننا عندما نتزاور مع عائلاتنا، يتم التعامل كمسلمين. المدارس هي التحدي الحقيقي في مصر. ديانتك تحدد المنهج الدراسي. والمدارس الدولية، التي لا تمثل فيها الديانة مشكلة، باهظة التكاليف."[136]

وقال الشرقاوي إنه عندما حاول مغادرة مصر عام 1997، صادر مسؤولو الأمن جواز سفره. وفي النهاية، تمكن هو وزوجته، وهي أيضاً تحولت إلى المسيحية، وابنيهما من ترك البلد عام 1998. وعندما سئل كيف تمكن من المغادرة رغم مصادرة جواز سفره، قال الشرقاوي، "الرب أعطاني واحداً جيداً. لا أعرف كيف."

صمويل (اسم مستعار)،31 سنة، ومتحول آخر إلى المسيحية اعتقله رجال أمن الدولة بشكل تعسفي وقاموا بتعذيبه. وقال لـ هيومن رايتس ووتش، بحكم كونه طالب حقوق سابق، إنه بناءً على الأحكام الخاصة بحرية العقيدة في الدستور المصري، توقع أن تغيير ديانته لن يكون صعباً. قال: "توقعت المشاكل من الأصوليين، ولكن ليس من الحكومة".[137] غير صمويل ديانته عام 1994، وكان يتنقل بين منزل أسرته في طنطا، حيث كان طالب حقوق، والقاهرة، حيث كان يتردد على كنيسة مسيحية إنجيلية. قامت مباحث أمن الدولة بتوقيفه يوم 7 يوليو/تموز 1995 في طنطا. أردف قائلاً: "بدأ الكلام ينتشر. فهذه مدينة صغيرة. كان ينظر إلى تغيير الديانة على أنه يثير العنف الطائفي". قال صمويل إنه تعرض للتعذيب عدة مرات في اليوم على أيدي رجال أمن الدولة الذين حاولوا تجنيده للإبلاغ عن آخرين ممن تحولوا إلى المسيحية. وعندما أطلق سراحه، قال لأسرته إنه تم القبض عليه لأنه كان يعمل لصالح حزب إسلامي.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1997، تزوج صمويل من امرأة كانت أيضاً قد تحولت إلى المسيحية، واستخدما اسميهما المسلمين في وثيقة الزواج. ومع مولد طفلهما الأول في سبتمبر/أيلول عام 1998، قال صمويل:

بدأت أستشعر ضرورة أن أغير بطاقة تحقيق الشخصية الخاصة بي. ناقشت الموضوع مع محام. فهذه الحياة المزدوجة كانت عبئاً ثقيلاً جداً. بدأت في خوض هذه الرحلة [لتغيير أوراقي] في نهاية عام 2000 – ولكن ليس بشكل رسمي. قدمني القس مع آخرين من المتحولين للمسيحية إلى موظفين حكوميين على أننا أشخاص أضعنا شهادات ميلادنا وأوراق أخرى، وذلك مقابل حصولهم على رشاوى. كان هؤلاء الموظفون في المصلحة، مسلمون ومسيحيون، لديهم القدرة على الوصول إلى البيانات المدخلة على الكمبيوتر. توجهنا بعد ذلك بشهادات ميلادنا [الجديدة] التي تفيد بأننا مسيحيون واستخرجنا بطاقات تحقيق شخصية تفيد بأننا مسيحيون عُزاب، رغم أن [زوجتي] كانت حامل. عملية تغيير بطاقة تحقيق الشخصية طويلة ومكلفة. الميزة الوحيدة في ذلك تعود على الأبناء. لازلت أواجه خطر الحبس والسجن لمدة ثلاث سنوات، ولكن معي كل المستندات فيما عدا شهادة الخدمة العسكرية.[138]

قال صمويل إنه يستخدم مجموعتين من أوراق تحقيق الشخصية، واحدة باسمه المسلم وهويته كمسلم، والأخرى باسمه المسيحي وهويته المسيحية.

وقد ذكر مصريون تعرضوا للحبس مؤخراً عقب تحولهم إلى المسيحية لـ هيومن رايتس ووتش أن مسؤولي الأمن قد قاموا بتعذيبهم. فقد قال رجل عمره 30 عاماً أن الشرطة تعرفت عليه بعد استجواب أشخاص تم القبض عليهم في الإسكندرية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2003 عندما علمت السلطات بشأن مجموعة من حوالي 32 من المتحولين إلى المسيحية وغيرهم من المتورطين في إعطائهم مستندات تحقيق شخصية مزورة:

 [هؤلاء المقبوض عليهم] يعرفونني. لقد تم الضغط عليهم، وتعذيبهم للإبلاغ عني. هؤلاء كانوا متحولين إلى المسيحية، وتم تقديمهم للمحاكمة. وتم القبض علي بعد ذلك، بمفردي. هؤلاء الناس وقفت معهم الكنيسة وبالتالي أسقطت الدعوى. أنا لم يقف معي أحد.[139]

وأضاف قائلاً أن مباحث الأحوال المدنية ألقت القبض عليه يوم 20 ديسمبر/ كانون الأول 2003. وأخبر هيومن رايتس ووتش قائلاً: "لقد ألقوا القبض على الموظف الحكومي الذي فعلها [أعطاني بطاقة تحقيق شخصية جديدة]. عرفوا عني من اعترافه". في البداية، احتجزوه في قسم شرطة شبرا حيث "تعرضت لأقصى مظاهر التعذيب، وحاولوا أن يجعلوني أغير ديانتي مرة أخرى إلى الإسلام. في الأيام الثلاثة الأولى لم يتركوني أنام. أوقفوني لمدة سبعة أيام حتى تورمت قدماي وخرج منها الدم. أحضروا محامياً من الإخوان المسلمين ليتكلم معي". وتوقف التعذيب بعد أن أحالته السلطات إلى مباحث أمن الدولة. قال إنهم أطلقوا سراحه بكفالة بعد 50 يوماً، وهرب بعد ذلك في أكتوبر/تشرين الأول 2004. اتهمته المحكمة بالتزوير وحكمت عليه غيابياً بالسجن خمسة عشر عاماً.

لا أستطيع العمل. زوجتي وطفلي تركا البلد وهاجرا. لا أستطيع الخروج من هذه الشقة. لا أذهب إلا إلى الكنيسة. يزورني [أسماء اثنين آخرين من المتحولين للمسيحية في نفس البناية]. أرى [اسمي اثنين آخرين من المتحولين للمسيحية في الإسكندرية]. ولكنني أشعر بالعزلة والهجر.

عندما سُئل عن الخطوات التي ينبغي أن تتخذها السلطات، أجاب أنها ينبغي أن "تسقط التهم عن الأشخاص الذين حصلوا على مستندات بطرق غير قانونية لا لشيء إلا بسبب القيود التي تفرضها الحكومة على مسألة تغيير الديانة".

سامية (اسم مستعار)،31 سنة، مسلمة غيرت ديانتها إلى المسيحية، تواجه أيضاً تهماً بالتزوير نشأت عن محاولتها استخراج بطاقة رقم قومي جديدة تبين ديانتها الفعلية في خانة الديانة. في عام 1996، تزوجت سامية من نبيل (اسم مستعار)، 33 سنة، مسيحي وكان زميل دراسة معها في جامعة عين شمس. قالت سامية لـ هيومن رايتس ووتش: "نشأت وترعرت بين مسيحيين".

لم يكن نبيل مسيحياً متديناً، ولكني وجدت اهتمامي بالمسيحية يتزايد ويقوى. أسرتي تحفظت على جواز سفري عندما أخبرت أخي الأكبر باعتزامي السفر إلى قبرص مع نبيل ليتم تعميدي هناك. ضغطوا علي لأتمم خطبتي على ابن عمي. أصدقائي ساعدوني [على أن أهرب من أسرتي]، ولكن أسرتي اتصلت بأمن الدولة وأبلغتهم.

ألقت السلطات القبض على سامية عندما حاولت هي ونبيل مغادرة البلاد في يوم 22 ديسمبر/ كانون الأول 2002. كانت أسماؤهم لا تزال مدرجة على كشوف مباحث أمن الدولة بسبب البلاغ الذي قدمه والداها قبلها بسبع سنوات. في البداية، مارست السلطات ضغوطاً شديدة على الزوجين.

حاولوا في أمن الدولة إقناعنا نحن الاثنين بأن نكون مسلمين. كنا في غاية الإرهاق، لم نأكل أي شيء منذ أكثر من 24 ساعة. وعندما فشلوا في إقناعنا بأن نكون مسلمين، أحالونا إلى التحقيق. ومن الساعة الخامسة صباحاً حتى الخامسة مساءً، كان يتم استجوابنا في أمن الدولة. قالوا أنهم سيوجهون لنا تهماً بالتزوير.

قالت سامية لـ هيومن رايتس ووتش: "حاولوا إقناعي باتهامه [نبيل] أنه هو الذي غرر بي".

 [في مرحلة أخرى] قالوا لي أن نبيل وافق على تغيير ديانته إلى الإسلام، فلم لا أغيرها أنا أيضاً؟ قلت لهم أن هذا [كوني مسيحية] لا علاقة له بنبيل. وبالإضافة إلى التزوير، اتهموني بالإساءة إلى الإسلام. سألوني: "ما الذي وجدتيه في الإسلام ودفعك لأن تصبحي مسيحية؟"

أما نبيل فقال: "من الخامسة والنصف صباحاً حتى الواحدة والنصف صباحاً، كانوا يحررون محضراً بعد محضر، كل واحد أقوى مما سبقه".

انتهى التحقيق أخيراً الساعة الثامنة صباحاً، بعد 72 ساعة. لم يكن معنا محام في أي مرحلة. كنا خائفين أن نسأل عن حقوقنا. نقلونا بعد ذلك إلى قسم شرطة النزهة، كان ذلك حوالي الساعة الرابعة صباحاً. وأمر وكيل النيابة بحبسنا نحن الاثنين 45 يوماً بتهمة تزوير أوراق رسمية.

تم حبس سامية ونبيل في أماكن منفصلة لمدة 11 شهر أثناء مزاولة التحقيقات. قالت سامية: "أخيراً، قالوا إنهم سوف يطلقون سراحنا من أجل الأطفال، كما لو كانوا قد اكتشفوا أخيراً أننا لدينا أطفال! تم اعتقالنا يوم 22 ديسمبر/ كانون الأول 2002، وأطلق سراحنا يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول 2003". أسقطت الدولة التهم بالتزوير الموجهة ضد نبيل، ولكنها أبقت على التهم الموجهة لسامية. وقال نبيل: لم تعقد أية جلسات، ولكن القضية لا تزال مفتوحة. ونحن خائفون من أن نرسل محامياً ليستطلع ما يحدث".

ممدوح نخلة، المحامي الذي مثل نبيل في القضية، قال إن السلطات اعتبرت أن زواج نبيل وسامية باطل (وفقاً لتفسيرات الشريعة الإسلامية المعمول بها، لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج من غير مسلم)، ولكنها لم توقع عليهما أية عقوبات جنائية. وأكد أن الحكومة منعت الاثنين من السفر خارج مصر: "تمت ممارسة ضغوط خارجية لعدم إدانتها، ولذلك لا تزال القضية مجهولة المصير".[140]

سمير، مسيحي، كان يعمل عازفاً موسيقياً، التقى بنورا، مسلمة (الاسمان مستعاران)، في حفل كان يعزف فيه عام 1991. أخبرا هيومن رايتس ووتش أنه في ذلك الوقت، لم يكن سمير متديناً بشكل كبير، ولكن بعد أن بدأ في مقابلة سامية والتعلق بها، زاد اهتمامهما هما الاثنين بالمسيحية. قال سمير: "توجهنا إلى الكنائس، ولكنهم كانوا خائفين ولم يريدوا أن تربطهم أي صلة بنا."[141]وقالا إنه بعد مضي عدة سنوات، وجدا قساً حادثهما عن المخاوف من تغيير الديانة. وفي عام 1998، تم تعميد نورا، وقام القس بتزويجهما. كانت نورا تعيش مع أسرتها حتى ذلك الوقت، ولكن أسرتها قامت بخطبتها إلى شخص آخر؛ مما استنفر الاثنين لاتخاذ قرار بالزواج من بعضهما البعض. وجدت نورا مكاناً لتقيم فيه في عبود، وهي منطقة فقيرة في القاهرة. وقالت: "نحن الاثنين من أسر ميسورة الحال، لذلك كان هذا التغيير كبيراً بالنسبة لنا."

ذكر سمير: "وبعد أن أصبحت نورا حاملاً، "عملت على أن أستخرج لها أوراقها".

دفعت رسوم عقد الزواج. ولكن حدث ذات مرة أن حذرني شخص ما في أحد أقسام الشرطة أن أمن الدولة تبحث عنا. ذهبت لأستخرج لها شهادة ميلاد ولأسجل أني زوجها. وحتى الآن، نحن هاربان، هي أسرتها تبحث عنها، والآن أنا أيضاً مطلوب. وبعد ولادة ابننا، صادرت الشرطة بطاقات تحقيق الشخصية الخاصة بنا، ولكنني تمكنت من الخلاص. حدث هذا بعد ولادة ابننا مباشرة، عمره الآن ثلاث سنوات. ابننا لا يستطيع الذهاب إلى المدرسة، فهو غير مقيد أصلاً كمولود. ليس لدينا مال ولا عمل. القس الذي زوجنا توفي، لذلك لا يوجد حتى دليل على أننا متزوجان.

محمود (اسم مستعار)، 36 سنة، نشأ "مسلماً متديناً، عادياً" في منطقة فقيرة قرب القاهرة. قال إن اهتمامه بالمسيحية أخذ في التطور عندما كان في سنوات المراهقة الأخيرة. تعرف محمود على آخرين تحولوا إلى المسيحية، ثم قرر هو نفسه التحول منذ حوالي عشر سنوات. ذكر أن أسرته لا تعرف أنه غير ديانته. ومنذ ستة أشهر، تزوج من امرأة، هي أيضاً مسلمة تحولت إلى المسيحية. تزوجا في كنيسة، وهي الآن حامل. تحدث قائلاً: "بطاقات تحقيق الشخصية هي التحدي أمامنا".

بطاقتي تقول إنني مسلم. أحد الخيارات المطروحة هو أن أحصل على بطاقة مزورة، ولكن هذا ليس خياراً بالنسبة لي. الأطفال هم الأساس. انتقلنا إلى الإسكندرية لأنها أكبر بكثير، نستطيع الاختفاء فيها. ولكن هذا لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، لدواع نفسية وقانونية أيضاً. ستقول شهادات ميلاد الأطفال إنهم مسلمون، ولكنهم تربوا على المسيحية. ومع بداية دخولهم المدارس، ستبدأ المشاكل الحقيقية. حصص الدين تبدأ من سنة أولى.[142]

أحمد (اسم مستعار)، 37 سنة، صديق لمحمود. قال لـ هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية إنه كان سلفياً، ولكنه تحول إلى المسيحية عام 1988، عندما كان عمره ثمانية عشر عاماً تقريباً.[143] وأضاف: "تم تهديدي بالقتل لأني أردت أن أغير ديانتي" وفي ذلك العام، ترك أحمد موطنه الأصلي في الإسماعيلية.

ولكن كانت توجد عندئذ بعض المشاكل القليلة مع الأمن، بدأت منذ نهاية التسعينيات. كنا مجموعة من حوالي خمسة عشر [من المتحولين للمسيحية]. بدأت المشاكل عندما بدأنا في الاجتماع سوياً. قبل ذلك، كنا عبارة عن أفراد غيروا ديانتهم، وتركوا البلد. ولكن أن يكون هناك خمسة عشر متحولاً للمسيحية راغبين في البقاء، والبقاء معاً، فهذا كان شيئاً جديداً. ألقى أمن الدولة القبض على ثلاثة من مجموعتنا "لأنهم يشوهون صورة الإسلام". كان مصطفى الشرقاوي [انظر أعلاه] واحداً منهم. جاءوا إلى منزلي [في الإسماعيلية]، ولكني لم أكن هناك. جاءني أخي وقال لي إنني يجب أن أذهب إلى أمن الدولة في القاهرة. ولأنني كنت في الجيش، فقد عاملوني معاملة أفضل [من مصطفى الشرقاوي]. ذهبت مرتدياً الزي العسكري. استدعيت بعد ذلك سبع مرات أخرى، وتم نقل ملفي إلى المخابرات العسكرية.

أسرتي: هذا هو الاضطهاد التقليدي الذي يعانيه من يغير ديانته. ولهذا السبب تركت البيت. قضيت ثلاثة أعوام في الشارع، [عندئذ] كنت أغير مقر إقامتي بصفة متكررة. [منذ عام 2002]، وأمن الدولة تلاحقني، وتستدعيني كل أسبوع. ولكن الآن أصبحت الاستدعاءات مرة في الشهر.

أعرف أن بطاقة تحقيق الشخصية هذه قضية كبيرة. أنا ضد أي إجراء غير قانوني. هذا ضد ديانتي. لدي شكوى مشروعة تماماً. المسيحي الذي يتحول إلى الإسلام يجب أن يقابل أولا راعياً من الكنيسة، ولكنه لا يواجه أية عقبات؛ الحكومة تسهل الأمر. أما بالنسبة لنا، فتغيير البطاقة يعد إشكالية ضخمة.[144]

من وجهة نظر أحمد فإن المشكلة مع الحكومة أبسط من المشكلة مع أمن الدولة التي وصفها بأنها عبارة عن "متطرفين يأخذون المسألة بشكل شخصي."

مبارك أكثر مرونة، ولكنه يخشى من حدوث مواجهة مع المجتمع والجيش والمخابرات. ما ننادي به هو تطبيق الدستور على الجميع، المتحولون للمسيحية والمتحولون للإسلام على حد سواء.

من الصعب تحديد عدد المصريين المتأثرين بشكل مباشر بالتمييز الرسمي والمجتمعي والتحرشات الأمنية، وغياب الاستقرار لأنهم غيروا ديانتهم من الإسلام إلى المسيحية. ولقد أجبرت هذه العواقب غير المرغوب فيها عدداً غير محدد من الناس على الهجرة إلى بلاد أخرى، أو العيش سراً مجهولي الهوية وببطاقات تحقيق شخصية ومستندات أخرى تم الحصول عليها بطرق غير قانونية مما يجعلهم عرضة للملاحقة الجنائية. وقد ذكر أحد القساوسة لـ هيومن رايتس ووتش أنه قام بتعميد ما يتراوح بين 90-100 متحول من الإسلام إلى المسيحية في السنة الواحدة، وذلك على مدار الخمس سنوات الماضية.[145] وقال قس آخر أنه عمد ما يقرب من حوالي 800 شخص على مدار الخمس عشرة سنة الماضية.[146] بينما ذكر أحد الأشخاص أنه يعرف العديد من القساوسة الذي قاموا أيضاً بتعميد متحولين إلى المسيحية. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية من التأكد من صحة الأرقام التي ذكروها، ولكن من المنطقي أن يفترض أن العدد الإجمالي يصل إلى عدة آلاف شخص على الأقل.

قال القس الثاني لـ هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية إنه في أعقاب حالات القبض التي وقعت في الإسكندرية في أكتوبر/تشرين الأول 2003 (انظر أعلاه)، ارتفعت تكلفة استخراج مستندات تحقيق الشخصية ضعفين ونصف، و"أصبحت الجودة متدنية".

الرجوع ممنوع: العوائق الرسمية أمام العودة إلى المسيحية

توجد مئات الحالات الموثقة لمصريين أقباط تحولوا إلى الإسلام ثم وجدوا صعوبة كبيرة للغايةً في العودة إلى المسيحية. وهناك العديد من الأسباب وراء تحول المسيحيين إلى الإسلام، منها الرغبة في الزواج، أو الطلاق، أو الحصول على فرص اجتماعية واقتصادية أفضل، بالإضافة طبعاً إلى القناعات الدينية. وبشكل عام لا يواجه هؤلاء أية صعوبات في التحول إلى الإسلام واستخراج مستندات تحقيق شخصية تقر بتحولهم، ولكن هؤلاء الذين يرغبون في وقت لاحق في العودة إلى المسيحية يواجهون بالرفض والتحرش من قبل مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية.

منذ عام 2004 تقدم 211 مصرياً على الأقل ممن يرغبون في الرجوع إلى المسيحية بطعون على قرارات مصلحة الأحوال المدنية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة. كانت المحكمة في السابق وعلى الدوام تعتبر الرجوع إلى المسيحية شكلاً من أشكال الردة التي لا يجب أن تقرها دولة مسلمة. غير أن المحكمة عدلت عن موقفها هذا في إبريل/ نيسان 2004، وعلى مدار العامين التاليين حكمت المحكمة لصالح المدعين في كل هذه القضايا. إلا أنه وفي إبريل/نيسان 2007 ، بعد بلوغ المستشار فاروق عبد القادر رئيس المحكمة سن التقاعد، عادت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري بتشكيلها الجديد إلى موقفها السابق الذي لا يقر بحرية تغيير الديانة إلا في حالات التحول إلى الإسلام. و لا تزال هناك العديد من القضايا المماثلة منظورة أمام المحكمة. ينما لجأ بعض من خسروا دعاواهم إلى المحكمة الإدارية العليا للطعن في أحكام محكمة القضاء الإداري. وحتى الوقت الحالي، لا يزال هؤلاء الأفراد غير قادرين على أن يعيشوا حياة طبيعية دون مستندات تحقيق الشخصية الأساسية التي تقر بعقيدتهم الحقيقية.

على عكس التحول إلى الإسلام، لا توجد لوائح مكتوبة في مصلحة الشهر العقاري والتوثيق تحدد إجراءات التحول إلى المسيحية. غير أنه وفي منشور داخلي للمصلحة صدر عام 1971 ترد تعليمات موجهة للموظفين تفيد بأنه في حالات تلقيهم بلاغات من مديريات الأمن المحلية حول إحدى حالات "الارتداد"، يجب أن تؤشر مكاتب الشهر العقاري المحلية على عودة الشخص مرة أخرى إلى عقيدته الأصلية على نفس الشهادة التي أثبتت تحوله إلى الإسلام. ولا يجوز لمكاتب الشهر العقاري المحلية توثيق شهادات الرجوع إلى المسيحية لكون ذلك إحدى صور "الارتداد عن الدين الإسلامي الذي لا تقره الشريعة الإسلامية الغراء."[147]

ينص قانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994 على أنه يجب إجراء التغيير أو التصحيح في المعلومات المتعلقة بالديانة "بناءً على أحكام أو وثائق صادرة من جهة الاختصاص."[148] وقد قامت هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بتوثيق حالات لعدد 211 فرداً، رفضت فيها مصلحة الأحوال المدنية الاعتراف برجوعهم إلى المسيحية، رغم أن المتقدمين بالطلبات قدموا مستندات رسمية تصدق على عودتهم إلى الكنيسة؛ والتي تعتبر من الناحية النظرية هي "السلطة المختصة"، وفقاً لقانون الأحوال المدنية.

إن رفض مصلحة الأحوال المدنية منح بطاقات تحقيق الشخصية للأشخاص الذين تحولوا مرة أخرى من الإسلام تقر بهويتهم المسيحية إنما يجبرهم على العيش بهوية مزدوجة – مسيحيون من ناحية عقيدتهم، ومسلمون في أعين الدولة والمجتمع. "لا أعرف كيف أعيش بهذه الهوية المقسومة،"[149] هكذا قالت غادة لـ هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية. يجد هؤلاء الأفراد صعوبة جمة في الزواج لأن شركاءهم المسيحيين المحتملين يخشون مخاطرة أن الحرمان الكنسي لزواجهم من مسلمين، وأن يخضعوا لقوانين الأحوال الشخصية الإسلامية، وأن يصبح الأبناء مسلمين بشكل تلقائي.

عادت تيريزا حسني ماهر، 29 سنة، إلى المسيحية عام 1998 بعد أن وقع طلاقها، حيث كانت قد تحولت إلى الإسلام وقت زواجها برجل مسلم. وروت تيريزا الصعوبات التي واجهتها بسبب رفض مسؤولي مصلحة الأحوال المدنية إصدار بطاقة تحقيق شخصية لها تقر بعودتها إلى المسيحية: "منذ عام 1998، لا أستطيع السفر، ولا أستطيع العمل. وترغب تيريزا في الزواج من جديد إلا أنها تخشى عواقب ذلك: "حصلت على إذن بالزواج من الكنيسة، ولكن لأقوم بتوثيق زواجي، أحتاج إلى بطاقة تحقيق شخصية".[150] وتترتب على الزواج غير الموثق صعوبات شديدة لأن الدولة تعتبر أي أبناء قد يرزق بهما الزوجان أبناء غير شرعيين، ويترتب على ذلك أن يفقد هؤلاء الأبناء حقوقهم في الميراث، فضلاً عن نبذهم من المجتمع.

أحد المصريين البالغين من العمر 32 عاماً طلب أن يظل اسمه مجهولاً أخبر هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية أنه تحول إلى الإسلام نتيجة اتفاق أبرمه مع الإسلاميين في المعتقل بعد أن وجهت له تهمة تزويد الأقباط بأسلحة أثناء القلاقل الطائفية التي شهدها حي إمبابة في القاهرة في بداية التسعينيات من القرن الماضي. ووعده المعتقلون الإسلاميون أنه فور تحوله إلى الإسلام، سيشهدون لصالحه، وبالتالي، يتم تخفيف مدة عقوبته. وفور إطلاق سراحه، أخذه الإسلاميون إلى الأزهر ليشهر إسلامه. وبعد ذلك، أدى خدمته العسكرية الإلزامية وتصرف كمسلم يؤدي شعائر الإسلام وطقوسه.

ثم عاد إلى المسيحية مرة أخرى عام 1999، وحصل على مستند رسمي من البطريركية عام 2004 يثبت ذلك. وعندما رفضت مصلحة الأحوال المدنية طلبه بالحصول على بطاقة تحقيق شخصية يذكر فيها أنه مسيحي، فدفعه ذلك إلى محاولة تزوير بطاقته الشخصية الورقية ليكتب فيها أنه مسيحي، ولكن التزوير كان واضحاً، مما يجعله عرضة للقبض عليه بتهمة التزوير في مستندات رسمية. وأردف قائلاً إنه نتيجة لذلك في حالة ما إذا رغب في أن يتزوج في الكنيسة

 ستأتي المشكلات مع الأبناء. وإذا رغب أخوتي وأخواتي في الزواج وطلبوا مني أن أكون وكيلهم، لا أستطيع أن أستخدم بطاقة تحقيق الشخصية الخاصة بي. لا أستطيع أن أكون شريكاً في أية عملية تجارية... إنني أضر أسرتي ببقائي مسلماً على الورق؛ أختي لا تستطيع الزواج.[151]

وهناك عواقب أخرى لعدم تمكن هؤلاء المواطنين من الحصول على مستندات رسمية تثبت معتقدهم الحقيقي. ميرا مكرم جبران تحولت إلى الإسلام عام 1994 هي وزوجها السابق؛ ثم عادا بعد ذلك إلى المسيحية مرة أخرى بإذن من بطريركية الأقباط الأرثوذكس. وفي عام 2002، تحول زوجها مرة أخرى إلى الإسلام وقام بإثبات ميرا في بطاقته العائلية على أنها مسلمة.

وبعد وقوع مشاكل زوجية بينهما، تقدم زوج ميرا بشكوى ضدها يدعي فيها أنها زورت بطاقتها التي تثبت أنها مسيحية. وبعدها قامت وحدة المباحث التابعة لمصلحة الأحوال المدنية باستدعائها ومصادرة هذه البطاقة. قالت ميرا لـ هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن الموظف المسؤول رفض أن يصدر لها بطاقة جديدة ما لم تقبل أن يكتب فيها أنها مسلمة. قال لها "ستكون بطاقتك كمسلمة جاهزة قبل أن تنتهي من شرب قهوتك، وسندفن بطاقتك المسيحية هذه كأن لم تكن".[152] وأخبرت الزوجة هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية أنها ما تزال مدرجة على أجهزة الكمبيوتر بمصلحة الأحوال المدنية على أنها مسيحية، ولكن ملفها يحمل عبارة "مجمد لأسباب أمنية". وأي مسؤول يقوم بالكشف عن هذه البيانات يقوم بإرسالها مرة أخرى إلى نفس الضابط.

"بدون البطاقة خسرت حضانة ابني، ونفقتي، وشقتي. [الضابط المسؤول] عرض على أموالاً وأن أحتفظ بحضانة ابني، وأن يقوم بتزويجي بشرط أن أكتب في البطاقة (مسلمة)."

وقد رفعت ميرا جبران دعوى أمام محكمة القضاء الإداري في مارس/آذار 2004 ضد وزير الداخلية، حبيب العادلي، وعصام الدين بهجت، الذي كان رئيساً لمصلحة الأحوال المدنية في ذلك الوقت. وفي 13 إبريل/نيسان 2004، صدر حكم لصالحها، وتسلمت بعده بطاقة تحقيق الشخصية الخاصة بها والتي تثبت أنها مسيحية. إلا أنه في الوقت الذي كانت تتحدث فيه مع هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، كان ابنها لا يزال مع زوجها السابق في كندا.

جلسن صبحي كامل، 33 سنة، واجهت أيضاً معوقات رسمية عندما حاولت تعديل البيانات الواردة في بطاقة تحقيق الشخصية الخاصة بها. عندما كانت في السادسة عشرة من عمرها، تحولت جلسن إلى الإسلام لتتزوج من رجل مسلم. احتفظت وقتها ببطاقتها المسيحية ولكنها حصلت على بطاقة جديدة فيما بعد صادرة بالكمبيوتر تبين أنها مسلمة، وبها اسمها المسلم، عصمت، وديانتها: الإسلام. وبعد أن وقع طلاقها من زوجها عام 1998، حصلت على إذن من الكنيسة القبطية بالعودة مرة أخرى إلى المسيحية. ثم تزوجت بعدها رجلاً مسيحياً وحاولت أن تحصل على بطاقة رقم قومي جديدة يكون اسمها فيها هو "جلسن" وديانتها هي "المسيحية". وخوفاً من ذكر أنها تحولت إلى الإسلام أو ذكر زواجها، زعمت عندما كانت في مصلحة الأحوال المدنية أنها كانت تتقدم بطلب للحصول على بطاقة تحقيق الشخصية لأول مرة. عندها قامت مباحث الأحوال المدنية استدعائها واستجوابها. وكان نفس الضابط الذي مارس ضغوطاً على ميرا مكرم جبران لتظل مسلمة، هو من ضغط أيضاً على "جلسن صبحي كامل". وقالت جلسن لـ هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "بدأ حديثه بنبره لطيفة، محاولاً إقناعي بأن أظل مسلمة. ولكنه قال بعد ذلك أنني ارتكبت معصية في حق الله، وسألني عن السبب في رغبتي في العودة إلى المسيحية.

قال "إن كان حظك سيئاً مع زوجك الأول، كان يجب عليك أن تجدي رجلاً مسلماً آخر". وعرض عليّ المساعدة والخدمات، حيث قال: "يمكن أن أجد لك رجلاً مسلماً طيباً. وإن كان الأمر يتعلق بالنقود، يمكن أن نساعدك في العثور على عمل. إذا كنت تريدين العودة إلى أسرتك بسبب عدم وجود بديل، سنساعدك في العثور على شقة". وعندما صممت على أن أبقى مسيحية، قال لي: "حسناً، إذن يجب علينا أن نفتح تحقيقاً بشأن التزوير".[153]

في مرحلة لاحقة قام ذلك الضابط بتحويل جلسن ووالدتها إلى قسم شرطة الظاهر. وقالت جلسن: حاول أن يضع القيود الحديدة في يدي ويد أمي، ولكن [أمي] انهارت فقال: لا بأس، لا داعي للقيود". أخذونا إلى القسم في عربية بوليس وبقينا هناك طول الليل." بعدها أمرت الشرطة بإحالتهما إلى النيابة العامة، حيث وجهت إلى جلسن تهمة التزوير في مستندات رسمية. وبعد قضاء الليلة في الحبس، أطلق سراحهما بكفالة. في يوم 19 إبريل/نيسان 2005، حكمت محكمة الجنايات على جلسن بالحبس لمدة ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ، وأصرت على استخدام اسمها المسلم في الحكم وأوراق القضية، رغم طلبها بأن يستخدم اسمها المسيحي الأصلي. ونتيجة للحكم تمكن زوجها المسيحي، والذي كان يرغب في تطليقها، من كسب دعوى بإبطال زواجهما، بما أن الدولة لا تعترف بالزيجات بين المسيحيين والمسلمات. وبسبب إبطال زواجها فإنها حرمت بالتبعية من حقوقها القانونية في النفقة ومؤخر الصداق.

قامت هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بدراسة 211 ملفاً لدعاوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري أقامها مصريون عادوا إلى المسيحية بعد تحولهم إلى الإسلام يطعنون فيها على رفض مصلحة الأحوال المدنية إثبات معتقدهم الحقيقي في بطاقات تحقيق الشخصية الخاصة بهم، وغيرها من الوثائق الضرورية، مثل شهادات الميلاد. وقال المدعون إن رفض المصلحة الاعتراف بتحولهم مرة أخرى إلى المسيحية يعد انتهاكاً لقانون الأحوال المدنية والدستور المصري الذي يكفل حرية العقيدة ويحظر التمييز على أساس الديانة.

في كل هذه القضايا، دفع محامو الدولة بأنه نظراً لأن ترك الإسلام يعد إحدى صور الردة، وهي مسألة لم ينظمها القانون المصري بشكل صريح، فإنه ينبغي أن يتم هنا الاحتكام بالكامل إلى المبادئ ذات الصلة في الشريعة لتحكم هذه المسألة، وذلك وفقاً للقانون المدني وقانون الأحوال الشخصية.

وأخذاً في الاعتبار أن الأحكام الخاصة بالردة في الشريعة الإسلامية واضحة، بما في ذلك عدم إقرار المرتد على ردته، فإنه لا يتوفر في هذه الدعوى الأساس السليم في الشريعة أو القانون، ومن ثم يجب رفضها.[154]

كما ذكر محامو الحكومة أيضاً أن قرار المسؤولين في مصلحة الأحوال المدنية حرمان المدعين من حقهم في استخراج بطاقات الرقم القومي، وما يستتبع ذلك من قدرتهم على ممارسة الكثير من حقوقهم المدنية، لا يمثل مخالفة للقانون. وادعت الحكومة أنها لم تعد تعتبر بطريركية الأقباط الأرثوذكس على أنها "السلطة المختصة"، حسب نص قانون الأحوال المدنية، نظراً لأن المدعين بعد أن تحولوا الآن إلى الإسلام، تسري عليهم مبادئ الشريعة.

وبالمثل، فإن هيئة مفوضي الدولة التي هي تضم مستشارين قانونيين يتبعون لمجلس الدولة ويكلفون بتقديم آراء استشارية إلى المحكمة قبل أن تصل إلى قرار نهائي في الدعوى، أيدت موقف الحكومة.[155] وفي قضية غادة المذكورة أعلاه، وافق مفوض الدولة المكلف بالنظر في القضية على أنه في غياب أي تشريع محدد حول هذه المسألة، يجب أن تسري مبادئ الشريعة على وقائع الدعوى.[156]

ولم يقر محامو الحكومة ولا هيئة مفوضي الدولة بأنه يوجد في الواقع قانون يحكم المسألة قيد النظر، وهو قانون الأحوال المدنية، الذي ينظم مسألة تغيير الديانة في مستندات تحقيق الشخصية الرسمية، على النحو المبين تفصيلاً بعاليه. وخلص تقرير المفوضين إلى أن الحكومة غير ملزمة بأي شكل من الأشكال بالاعتراف بعودة المدعية إلى المسيحية، وأنه لا يوجد تعارض بين هذه السياسة وبين الحماية التي يكفلها الدستور لحرية العقيدة:

أحكام الردة لا تتنافى مع حرية العقيدة ، ولا تصادرها، لأنها لا تطبق إلا على المسلمين، وينحصر تطبيقها عمن سواهم، فإن لم يعتنق غير المسلم الإسلام طواعية واختياراً ترك وما يدين، وإن اعتنقه طبقت عليه أحكام الشريعة الإسلامية ـ ومنها أحكام الردة ـ التي تمنع المسلم من تغيير دينه متى اعتنق الإسلام.[157]

ويوم 23 إبريل/ نيسان 2004 أصدرت الدائرة الأولى في محكمة القضاء الإداري، والتي كان يرأسها وقتها المستشار فاروق عبد القادر حكماً لصالح ميرا مكرم جبران (انظر أعلاه). وقررت أن وزارة الداخلية ومصلحة الأحوال المدنية ملزمتان قانوناً بالإقرار بتحولها مرة أخرى إلى المسيحية، والسماح لها باستعادة اسمها المسيحي السابق. ومنذ ذلك الوقت وحتى سبتمبر/أيلول 2006، عندما بلغ المستشار فاروق عبد القادر سن التقاعد، قامت هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بتوثيق ما لا يقل عن 22 حكماً مماثلاً، جاءت كلها في صالح المدعين.

مثلت هذه الأحكام الجديدة تحولاً تاماً في موقف محكمة القضاء الإداري من المسألة. ففي الماضي كانت المحكمة في كافة قراراتها تنتهي إلى أن مصلحة الأحوال المدنية لم تكن خاضعة لأي إلزام قانوني بالاعتراف بالتحول مرة أخرى إلى المسيحية، أخذاً في الاعتبار أن مصر كدولة مسلمة لا يجب أن تقر رغبة أي مواطن بتغيير ديانته من الإسلام، حيث يشكل ذلك إحدى صور "الردة".[158] وذكر أحد هذه الأحكام السابقة في عام 2001 أنه: "ولئن كان الدستور هو الذي يكفل حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية... فإن هذا الدستور قد اتخذ من الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع... ومنها الأحكام المتعلقة بالردة."[159]

استند المستشار فاروق عبد القادر في حيثيات قراراته لصالح المدعين إلى أن قانون الأحوال المدنية يستلزم إثبات الحالة المدنية الصحيحة للمواطن في بطاقات تحقيق الشخصية الخاصة به، وأن أي تغيير على هذه الحالة لا يتطلب سوى موافقة الجهة الرسمية المختصة. وأشار إلى أنه في حالات العودة إلى المسيحية تكون بطريركية الأقباط الأرثوذكس هي هذه الجهة المختصة.

وخلصت الأحكام إلى أن رفض مسؤولي مصلحة الأحوال المدنية تعديل البيانات الخاصة بالمدعية إنما يشكل خرقاً لهذا القانون. كما ذكر الحكم أيضاًً أن السماح للمدعية بتغيير ديانتها إلى المسيحية في بطاقة تحقيق الشخصية الخاصة بها هو مجرد توكيد للواقع ولا يعد تأسيساً لحالة جديدة.

إن ثمة التزاماً قانونياً على الجهة الإدارية ان تبادر وتثبت حقيقة الديانة التي تعتنقها المدعية حفاظاً على حقوق الغير. كما أنه لا يسوغ بحال من الأحوال أن تتخذ جهة الإدارة من سلطتها المخولة لها قانوناً وسيلة لإجبار المدعية على الاستمرار في الإسلام.[160]

كما أكدت الأحكام على أن الدولة يقع عليها التزام بموجب الدستور بمنع التمييز وحماية حرية العقيدة، وأضافت:

وغني عن البيان أن ثمة علاقة بين إتاحة حرية العقيدة وبين الآثار التي تترتب على تلك الحرية لا يمكن الفكاك منها. إذ القول بغير ذلك مؤداه إفراغ تلك الحرية من مضمونها وجعلها مجرد شعائر ولغو دون مضمون حقيقي.[161]

وذكرت المحكمة أيضاً أن الحماية الدستورية لحرية العقيدة وعدم التمييز يتماشيان مع كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية الأخرى، مثل الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

وقالت المحكمة إن الحكم يتوافق تمام مع الشريعة التي تنص على حرية العقيدة.[162] كما رفضت المحكمة الدفع المقدم من الحكومة بأن المدعين يعتبرون مرتدين، حيث ذكرت أن الفقه الإسلامي يعتبر أن "المرتد" هو فقط من"انشرح صدره بالكفر."

وخلص الحكم إلى أن رفض مصلحة الأحوال المدنية إصدار بطاقات تحقيق شخصية تعترف بالديانة الصحيحة للمدعية إنما يشكل "تدخلاً لا مبرر له من جانبها ] الجهة الإدارية[ويشكل إجباراً منها لها [المدعية] على اختيار عقيدة ودين معين وهي ليست راغبة فيه."

لم تطعن الجهة الإدارية على أي من الأحكام الاثنين والعشرين الصادرين عن المستشار فاروق عبد القادر أثناء رئاستهً لمحكمة القضاء الإداري.[163] وربما كان هذا إقراراً من الحكومة بأن المدعين لم يكن عليهم اللجوء للمحاكم في المقام الأول لإثبات حقوق مكفولة صراحة بالدستور وقانون الأحوال المدنية. كان يبدو أن المسؤولين في وزارة الداخلية وفي مصلحة الأحوال المدنية مترددونً في الموافقة على تحمل مسؤولية تطبيق القانون، مفضلين أن يتركوا الأمر للقضاء للبت في كل قضية على حدي، دون إجراء تعديل رسمي على سياستهم التعسفية والتمييزية ضد المسيحيين الذين تحولوا إلى الإسلام ورغبوا في العودة مرة أخرى إلى المسيحية.

إلا أنه حتى هؤلاء الذين قضوا شهوراً في ردهات المحاكم محاولين الحصول على مستندات تحقيق شخصية سليمة، وكسبوا دعواهم بأحكام لصالحهم صدرت في الفترة القليلة السابقة لتقاعد المستشار وعودة محكمة القضاء الإداري إلى موقفها السابق بشأن الموضوع، استمروا في مواجهة صعوبات في تنفيذ هذه الأحكام. وتعلم هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بعدد من الحالات التي أخضع فيها مسؤولو مصلحة الأحوال المدنية المواطنين الذين تحولوا مرة أخرى إلى المسيحية إلى المزيد من الاستجوابات والإهانات والضغوط للبقاء على الإسلام، وذلك قبل أن يضطروا لتنفيذ أحكام المحكمة وإصدار مستندات تحقيق شخصية جديدة تبين انتماءهم الديني الحقيقي.

على سبيل المثال، فقد حصلت غادة (انظر أعلاه) على حكم لصالحها من محكمة القضاء الإداري في إبريل/ نيسان عام 2005، ولكنها لم تتمكن من الحصول على بطاقة تحقيق شخصية جديدة إلا في ديسمبر/ كانون الأول 2005، حيث تنقلت بناء على تعليمات مسؤولي مصلحة الأحوال المدنية بين فروع مختلفة؛ وفي كل مرحلة من المراحل، كانوا يرفضون تعديل بياناتها رغم أنها تقديمها لحكم المحكمة. وفي النهاية شرع الموظفون في تنفيذ الأحكام بتردد شديد، بعد أن أرسل محاميها شكاوى مباشرة إلى وزير الداخلية والنائب العام.

وقال محاميها، بيتر النجار، لـ هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن مسؤولي الوزارة أخبروه أن يذهب لمقابلة مدير مكتب السجل المدني في حي الزيتون، ولكن المسؤولين أعلموه هناك بأن الملفات قد تم نقلها إلى حي الشرابية، محل ميلاد غادة. وفي البداية رفض المسؤولون هناك تنفيذ الحكم وقال النجار أن أحدهم قال له :"لا يمكن أن أكتب بيدي شيئاً كهذا."[164] وعندما توجهت غادة في النهاية إلى المقر الرئيسي لمصلحة الأحوال المدنية في حي العباسية في القاهرة، تقريباً يوم 25 سبتمبر/أيلول 2005، لاستخراج بطاقة الرقم القومي الجديدة الخاصة بها، قالت إنها أجبرت في البداية على مقابلة أخصائية نفسية استقصت منها عن أسباب التحول مرة أخرى، وحاولت إقناعها بأن تبقى مسلمة. وأخبرت غادة هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "أخذتني هذه السيدة إلى طابق علوي بمفردي، وظلت تسألني عن السبب في تحولي مرة أخرى إلى المسيحية. ظلت تسألني هل ضغطوا عليك؟ هل تحتاجين أن نقف بجانبك؟ أجبت: لا. أنا أفعل ما أؤمن به."[165]

أما تيريزا حسني ماهر (انظر أعلاه) فقد بدأت محاولاتها للحصول على مستندات تحقيق شخصية جديدة تقر بعودتها إلى المسيحية في عام 1998. قالت تيريزا: "بدون بطاقة، لا أستطيع السفر، ولا أستطيع العمل."[166] أقامت تيريزا دعوى قضائية في عام 2004 وحكمت المحكمة لصالحها في يوم 26 إبريل/ نيسان 2005. غير أنها لم تتمكن من الحصول على بطاقة الرقم القومي إلا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2005. وحتى ذلك الوقت، كانت في كل مرة تذهب لمسؤولي مصلحة الأحوال المدنية في الزيتون والعباسية، يطلب منها المسؤولون مستندات مختلفة غير مطلوبة. وقالت تيريزا: "في كل مرة كنت أذهب فيها، كانوا يضعون أمامي عقبات جديدة."[167]

قالت تيريزا أنها ذات مرة في سبتمبر/ أيلول 2005، قام أحد كبار المسؤولين في إدارة الشؤون القانونية في مصلحة الأحوال المدنية بإهانتها، وجعلها تنتظر لساعات طويلة مع طفلها الصغير قبل إرسالها إلى منزلها خالية الوفاض. وهددها المسؤول نفسه بتوجيه تهم جنائية بالتزوير ضدها لأن المستند الصادر عن بطريركية الأقباط الأرثوذكس يقول إنها عذراء في حين أنها في الحقيقة كان قد سبق لها الزواج.[168] وكما في قضية غادة، فقد قام مسؤولو مصلحة الأحوال المدنية بانتهاك القانون، وتجاوزوا صلاحياتهم القانونية برفضهم تنفيذ حكم محكمة القضاء الادارى. وقال رمسيس النجار، محامي تيريزا ماهر: "سوف يغيرون بطاقتها في النهاية، ولكنهم يحاولون أن يثبطوا عزيمتنا عن فعل ذلك [رفع دعاوى قضائية] مرة أخرى."[169]

بحلول إبريل/نيسان 2007، قررت محكمة القضاء الإداري، برئيسها الجديد وهيئتها الجديدة المعينين في سبتمبر/ أيلول 2006، أن ترجع عن الأحكام التي كانت المحكمة قد أصدرتها خلال السنوات الثلاث السابقة، وأن تعود إلى موقفها الذي بقيت عليه على الأقل منذ بداية الثمانينيات، والذي مفاده أن الدولة المسلمة لا تقر أي مسلم على تغيير انتمائه الديني.[170] وفي يوم 24 إبريل/ نيسان 2007، أصدرت المحكمة مجموعة أخرى من الاحكام قوامها 22 حكماً، كلها رفضت طلبات المدعين وأيدت قرار وزارة الداخلية عدم إعطائهم مستندات جديدة تثبت أنهم مسيحيون.[171]

واستندت المحكمة برئاسة المستشار محمد الحسيني إلى أنه وفقاً للإسلام فإن "قبول رجوع الخارج عن الدين الاسلامي إلى هيئة دينية أخرى اعتداء على الديانة الإسلامية التى دخل فيها."[172]

وأوضحت المحكمة أن "الاعتداء" وقع لأن المدعين "تلاعبوا بالأديان":

يوجد ثمة فارق كبير بين حرية حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية وبين ما يطلبه البعض من حرية التلاعب في الاعتقاد بالتغيير من ديانة إلى اخرى لتحقيق مآرب دنيوية.

وبهذه الأحكام، جردت المحكمة هؤلاء المدعين فعلياً من حقهم في حرية العقيدة بإقرارها أن تحولهم الأول أو اللاحق أو كليهما لم يكن نتيجة قناعة حقيقية. ولم تكتف المحكمة بتقرير عدم إخلاص كل من المدعين في تغيير ديانته فحسب، بل إن أحكامها لم تتضمن أية وقائع أو أدلة تدعم أي من قراراتها الاثنين وعشرين وتثبت أم المدعين من "المتلاعبين بالأديان". لقد قررت المحكمة في الواقعً أن الحماية الدستورية لحرية العقيدة لا تشمل المدعين بما أنهم لم يكونوا صادقين عندما اعتنقوا الإسلام أو عندما قرروا تركه.

كما عادت المحكمة إلى التأكيد على الموقف السابق للمحاكم المصرية الذي يستند إلى أن "حرية العقيدة كما يكفلها الدستور...يجب ألا تقوض النظام العام"، وأنه بما أن الشريعة تعد جزءاً من النظام العام وأنها تحظر "الردة"، فإنه يجوز للدولة أن تمتنع عن الاعتراف بتغيير ديانة المواطنين الراغبين في التحول عن الإسلام إلى ديانة أخرى.[173]

وتعلم هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بأن هناك 120 قضية على الأقل لا تزال ماثلة أمام نفس الدائرة في محكمة القضاء الإداري لمدعين يطلبون استخراج مستندات تحقيق شخصية تقر بعودتهم إلى عقيدتهم الأصلية. وستكون الكلمة الفصل في هذه القضية للمحكمة الإدارية العليا في الاثني عشر طعناً الذين تقدم بهم هؤلاء المدعون والذين خسروا دعواهم أمام المحكمة الأدنى. وفي يوم 2 يوليو/ تموز 2007، رفضت دائرة فحص الطعون التابعة للمحكمة الإدارية العليا الطلب المقدم من وزارة الداخلية برفض طعون الطاعنين، وقررت إحالة الطعون إلى الدائرة الأولى التابعة للمحكمة الإدارية العليا، التي بدأت النظر في موضوع الطعن في يوم 1 سبتمبر/أيلول 2007.

باسم الأب: التحول اللاإرادي

قرر والد فادي نجيب جرجس التحول من المسيحية إلى الإسلام، وتغيير اسمه الأول إلى عبد الحكيم، وهجر أسرته المسيحية عندما كان فادي في الخامسة من عمره. يبلغ عمر فادي الآن 27 عاماً. وكما تمت الإشارة من قبل، فإنه وفقاً للشريعة الإسلامية، تحدد ديانة الابن حسب ديانة والديه، وعندما يكون (أو يصبح) أحد الوالدين مسلماً، تصنف السلطات الأبناء تلقائياً على أنهم مسلمون. نشأ فادي وترعرع في الإسكندرية واستخدم شهادة ميلاده، التي تثبت ديانته المسيحية واسم عائلته الأصلي، جرجس، لأطول وقت ممكن. وقال لـ هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "عندما بلغت التاسعة عشرة من العمر، أتيت إلى القاهرة للعمل."

بطاقتي [الورقية] كانت مهلهلة، وأردت أن استخرج بطاقة رقم قومي. ذهبت لتقديم الطلب يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2003. استخرجوا اسمي: لم يكن مدرجاً على أنه جرجس، ولكن عبد الحكيم [الاسم المسلم الجديد لوالده]. والديانة كانت خاطئة [فادي كان مدرجاً على أنه مسلم]. اتهموني بتزوير بطاقتي، وشهادة ميلادي، وشهادة الدبلوم، قالوا إني أحاول أن أغير ديانتي من الإسلام إلى المسيحية. صادروا كل أوراقي وأحالوني إلى النيابة. بقيت في الحجز حتى يوم 16 نوفمبر/ تشرين الثاني. وبالصدفة، قابل [ابن عمي ومحام] شخصاً أوصلنا بالبابا، والذي اتصل بدوره بالنائب العام وأخرجوني من السجن.

وبعد ذلك، أصدرت النيابة العامة أمراً بحفظ القضية نظراً لعدم كفاية الأدلة، ونصحت فادي نجيب بأن يعيد تقديم طلب استخراج بطاقة تحقيق الشخصية من مصلحة الأحوال المدنية. فعل فادي ذلك، ولكن المسؤولين في المصلحة رفضوا طلبه مرة أخرى. وقد قال فادي لـ هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: " بالنسبة لهذا الموضوع، الحياة في هذا البلد صعبة". وأردف قائلاً: "بدون بطاقة، يجب أن أظل جامداً في مكاني. لم أتمكن من الحصول على عمل في شرم [الشيخ]. لا أستطيع الذهاب إلى الإسكندرية...أنا أمشي جنب الحيط، مثل الظل."[174]

يعد فادي واحداً من 89 شخصاً يمرون بنفس الظروف لجأوا إلى محكمة القضاء الإداري في القاهرة وحدها وقامت هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بتوثيق حالاتهم. يمثل هؤلاء الأفراد فئة متفردة من المسيحيين المصريين الذين صنفتهم الدولة على أنهم مسلمون دون علمهم أو ضد إرادتهم. وفي أغلب الحالات، إن لم يكن في كلها، كان آباؤهم مسيحيين وتحولوا إلى الإسلام. وعندما حدث ذلك، قامت الحكومة "بتحويل" الأبناء أيضاً بشكل تلقائي، دون النظر إلى رغبات أمهاتهم، وغالباً ما يحدث هذا دون علم الأبناء. في الحقيقة، لم يعلم الكثيرون من أفراد هذه الفئة أنهم كانوا "مسلمين" إلا عندما تقدموا بطلبات للحصول على بطاقات الرقم القومي الخاصة بهم عند بلوغهم السادسة عشرة من العمر، حسبما يقتضي القانون.

وعندما حاول هؤلاء المصريون إثبات مسيحيتهم، مدعومين بمستندات من بطريركية الأقباط الأرثوذكس تثبت أنهم عاشوا حياتهم كلها وهم مسيحيون، واجهتهم نفس سياسات التمييز والتعطيل من جانب مسؤولي مصلحة الأحوال المدنية التي تواجه المصريين الذين تحولوا من الإسلام إلى المسيحية، أو رجعوا إلى المسيحية بعد أن كانوا قد تحولوا إلى الإسلام. حيث رفض مسؤولو مصلحة الأحوال المدنية منحهم بطاقات تحقيق الشخصية التي تعكس ديانتهم الحقيقية، بدعوى أن الدولة لا ينبغي أن تقر "الردة" أو تحض عليها لأن هذا من شأنه تقويض النظام العام.

وتملي سياسة الدولة أن يتبع الأبناء ديانة والديهم، وذلك تطبيقاً لقاعدة الاحتكام إلى مبادئ الشريعة في المسائل التي لا يوجد فيها تشريع محدد.[175] فإذا كان الأب مسلماً والأم تنتمي إلى أية ديانة أخرى معترف بها ـ أي المسيحية أو اليهودية ـ وجب أن يعتنق الأبناء ديانة الأب.[176] وفي الحالات التي يتحول فيها أي من الوالدين إلى الإسلام، فإن الدولة تقوم باعتبار الأبناء مسلمين.[177]

ودائماً ما كانت محكمة النقض، وهي أعلى درجات التقاضي في مصر، تحكم بأنه إذا تحول أحد الوالدين إلى الإسلام، يقضي فقه الشريعة أن يصبح الأبناء مسلمين. وعلى عكس من يقومون بتغيير ديانتهم إرادياً إلى الإسلام، فإن الأبناء الذين يصبحوا مسلمين بهذه الطريقة لا يحتاجون إلى إشهار اعتناقهم الإسلام عندما يصلون إلى سن البلوغ أو الرشد.[178]

قامت هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بدراسة ملفات 56 قضية مرفوعة أمام محكمة القضاء الإداري منذ مايو/أيار 2004. كل هذه القضايا تخص مسيحيين "حولتهم" الدولة بغير إرادتهم أو بغير علمهم إلى الإسلام فور تحول أي من والديهم إلى الإسلام. وكما ذكر أعلاه ففي أغلب هذه القضايا، كان الأب وليس الأم هو من تحول إلى الإسلام وترك الأسرة المسيحية. ونشأ الأبناء بعدها بشكل طبيعي في بيت مسيحي وكانوا طوال الوقت ملتزمين بالمسيحية. وعندما وصل هؤلاء الأبناء إلى سن السادسة عشرة، وتقدموا بطلبات لاستخراج بطاقات تحقيق شخصية من مصلحة الأحوال المدنية، حسبما يقتضي القانون، اكتشفوا أن الحكومة قد غيرت ديانتهم، وحتى في بعض الأحيان، غيرت اسم عائلتهم. وعندما قدموا طلبات إلى مصلحة الأحوال المدنية لتغيير بياناتهم الشخصية لتثبت عقيدتهم الفعلية، رفض المسؤولون في المصلحة، حتى عندما قدم هؤلاء الأفراد المستندات اللازمة من بطريركية الأقباط الأرثوذكس. واعتبر المسؤولون في مصلحة الأحوال المدنية أن طلباتهم للاعتراف بهم كمسيحيين إنما تشكل فعلاً من أفعال "الردة".

وقد تم توثيق حالة واحدة لأم غيرت ديانتها إلى الإسلام؛ مما أدى إلى تصنيف الأبناء بشكل تلقائي من قبل مصلحة الأحوال المدنية على أنهم مسلمين، رغم أن الأبناء كانوا يمارسون شعائر الديانة المسيحية ويعرفون أنفسهم على أنهم مسيحيون أقباط. حصل هؤلاء الأبناء على مستندات من بطريركية الأقباط الأرثوذكس تدلل على أنهم يتبعون الكنيسة منذ مولدهم. إلا أن مصلحة الأحوال المدنية رفضت أن تعطيهم بطاقات تحقيق شخصية تعترف بالتزامهم بالعقيدة المسيحية، بدعوى أن المصلحة يجب ألا تتهاون مع "الردة".

يوسف فندي (تم تغيير الاسم) أحد ضحايا هذه السياسة الحكومية، التي أضرت بقدرته على الزواج وتكوين أسرة. تحول والد يوسف إلى الإسلام قبل أن يبلغ يوسف خمسة عشر عاماً من العمر. ظل يوسف على ديانته المسيحية، وعندما توجه إلى مكتب السجل المدني في إمبابة، وهو الفرع المحلي التابع لمصلحة الأحوال المدنية، ليطلب استخراج بطاقة تحقيق شخصية، قام مدير المكتب بمصادرة شهادة ميلاده وإحالته إلى قسم شرطة إمبابة. وبعد أن قضى الليلة في قسم الشرطة، تم تحويله إلى نيابة إمبابة. وبينما أطلقت النيابة سراحه في الليلة التالية، فإن مسؤولي مصلحة الأحوال المدنية استمروا في رفض منحه بطاقة تحقيق شخصية تثبت أنه مسيحي. قال يوسف إنه كان قد قام بعقد خطبته لعدة شهور عندما كان يحاول استخراج بطاقة سليمة، ولكن "تم فسخ خطبتنا، والسبب الوحيد كان هو مشكلة البطاقة هذه." وأضاف: "الآن لن تقبلني أسرة أية فتاة مسيحية لأني [رسمياً] مسلم، ولن تقبلني أسرة أية فتاة مسلمة، لأني فعلياً مسيحي."[179]

أخبر شقيق يوسف هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية أنه يواجه مشكلة مماثلة، ولكنه يفضل أن يترك البلد ليتجنب أية صعوبات قانونية واجتماعية ترتبط بإثبات هويته المسيحية.

وتواجه المسيحيات اللاتي صنفتهن الدولة كمسلمات مشاكل أكبر بكثير في الزواج من مسيحي، حيث لا يعترف بأية زيجات بين نساء مسلمات ورجال ينتمون لأية عقيدة أخرى، ولا يتم تسجيل هذه الزيجات. وقد وثقت هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية 33 حالة لنساء وقعن ضحايا لهذه السياسة.

وفي بعض الحالات، قامت الدولة بالإكراه بتحويل الأبناء إلى الإسلام حتى ضد رغبة الأب الذي غير ديانته. فقد قام والد عصام إسحاق ناصيف بتغيير ديانته من المسيحية إلى الإسلام عندما كان عصام في الرابعة عشر من عمره. ورفض مسؤولو مصلحة الأحوال المدنية إعطاء عصام بطاقة تحقيق شخصية مثبت فيها أنه مسيحي، رغم أن والده لم يكن راغباً في تغيير ديانة الابن. وقال عصام إن الشرطة في النهاية أجبرت الأب على تغيير ديانة عصام عبر تهديده بتوجيه تهم ضد عصام تتعلق بحادث دراجة بسيط.

لا تزال قضية عصام معلقة أمام محكمة القضاء الإداري، والتي يطلب فيها استخراج بطاقة تحقيق شخصية مدون بها ديانته الحقيقية واسمه عند الميلاد، وليس الاسم المسلم الذي اختاره له المسؤولون في مصلحة الأحوال المدنية. وفيما يعد تطوراً هاماً يختص بهذه القضية، فقد طلبت خطيبة عصام المسيحية من المحكمة في مارس/آذار 2005 السماح لها بالتدخل كطرف في القضية ضد الحكومة. وقالت إنها بما أنها لن تتمكن من الزواج به إذا لم يحصل على مستندات تعترف به كمسيحي، فإن لديها مصلحة في نجاح عصام في قضيته ويجب أن تضاف كواحدة من المدعين.

وقال عصام لـ هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "لازلت على اتصال بوالدي. لم يحاول أبداً أن يجعلني مسلماً. ووافق على أن يحضر إلى المحكمة كشاهد، ولكنهم لم يوافقوا على استدعائه بعد."[180]

يواجه عصام، البالغ من العمر الآن 24 عاماً، مشاكل في جامعة قناة السويس التي يدرس فيها السياحة بدون بطاقة تحقيق شخصية، حيث لا يستطيع تقديم مستندات تأجيل الخدمة العسكرية المطلوبة، والتي لا يمكن الحصول عليها إلا ببطاقة سارية المفعول. ونتيجة لذلك، أرسلت له إدارة الجامعة إنذارات عديدة بالفصل. وقال عصام: "إذا عرفت الجامعة بالجانب الديني في الموضوع، لن يكونوا بهذا القدر من التسامح معي."

كل القضايا التي تم توثيقها أثناء إعداد هذا التقرير من مسيحيين تحول آباؤهم إلى الإسلام معروضة الآن أمام الدائرة الأولى في محكمة القضاء الإداري في القاهرة. كل هذه القضايا تختصم وزير الداخلية ورئيس مصلحة الأحوال المدنية التابعة لها وتطلب وضع حد لسياسة الامتناع المنهجي عن إصدار بطاقات تحقيق شخصية تقر بالهوية المسيحية لأبناء من تحولوا إلى الإسلام. ويدفع المدعون في هذه القضايا بأن رفض مسؤولي مصلحة الأحوال المدنية منحهم مستندات تعترف بهم كمسيحيين يعد انتهاكاً لقانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994 والذي ينظم مسألة إصدار مستندات تحقيق الشخصية الإلزامية، وكذا الدستور المصري، الذي يكفل حرية العقيدة ويحمي من التمييز على أساس العقيدة.

وفي كل هذه القضايا، لم يميز محامو الحكومة بين من تم تغيير ديانتهم قسراً ودون علمهم على جانب، وبين المسيحيين الآخرين الذين تحولوا إلى الإسلام والذين رفعوا قضايا لتعترف الدولة برجوعهم إلى المسيحية على الجانب الآخر. ودائماً ما تدفع مذكرات الدفاع التي يقدمها محامو الدولة بأن هؤلاء الذين يطلبون الاعتراف بهم كمسيحيين بعد تحول آبائهم إلى الإسلام ينبغي أن يعاملوا معاملة "المرتدين". ووفقاً لمنطق هذه المذكرات فإنه بما أن الدولة المسلمة لا يجوز أن تعترف بالردة، فإنها بالتالي لا يجب أن تعترف بأي عواقب تترتب على هذا الفعل. ولم تتم الإشارة أبداً في مذكرات الحكومة إلى الحقيقة التي مفادها أن هؤلاء الأبناء ولدوا مسيحيين، ولم يكن لهم دخل في قيام أي من والديهم بتغيير ديانته، ولم يعتنقوا الإسلام أبداً. بل ورد في إحدى مذكرات الدفاع المقدمة من الحكومة، في تجاهل كامل للوقائع، بأن:

المدعي اعتنق الإسلام بكامل إرادته وحريته، دون إجبار أو إكراه من أي شخص أياً كان، وعملاً بمبدأ حرية الديانة وممارسة الشعائر الدينية التي يحميها الدستور...وعليه، يجب أن يلتزم بمبادئ الشريعة الإسلامية. ويقتضي ثبات واستقرار المراكز القانونية عدم الاعتراف بردة المتقدم بالطلب وتركه للإسلام وعودته إلى المسيحية.[181]

وقامت هيئة مفوضي الدولة، التي يفترض أن تقدم آراء استشارية لقضاة محكمة القضاء الإداري في الدعاوى المقامة أمامهم، بتأييد موقف الحكومة ولكنهم قدموا حججاً تتناسب مع تفاصيل وخصوصيات هذه القضايا أكثر من تلك التي قدمها محامو الدولة. فبالإضافة إلى الاحتكام إلى موقف الشريعة بشأن الردة ومبدأ عدم الاعتراف بها، قالت تقارير المفوضين إنه طبقاً للشريعة، يظل الأبناء تابعين لأبيهم حتى سن البلوغ. وأضافوا أنه طبقاً للمذهب الحنفي في الفقه الإسلامي، فإن الخامسة عشرة هي متوسط سن البلوغ. وبناء على ذلك، ينبغي أن يكون السؤال القانوني في مثل هذه الدعاوى هو ما إذا كان سن المدعي أكبر من الخامسة عشرة أو أقل وقت تحول الأب إلى الإسلام. ووفقاً لهذه القاعدة، فإن أي شخص دون سن البلوغ ينبغي أن يتبع تلقائياً "الوالد الذي يعتنق الدين الأفضل."[182]

وفي حالة رامي نعيم نظير، على سبيل المثال، أشار مفوضو الدولة على المحكمة أن تقرر ضد المدعى لأنه كان في الرابعة عشرة من عمره عندما تحول والده إلى الإسلام عام 1987، وغير اسم ابنه إلى رامي عبد الله عبد الرحمن.[183] نشأ رامي البالغ من العمر الآن 23 عاماً، مع أمه المسيحية بعد أن تركهما أبوه منذ 20 عاماً. طوال حياته وهو يذهب إلى الكنيسة، ويدرس المسيحية في مادة التربية الدينية الإلزامية في مدرسته، ويظهر على رسغه نقش واضح على شكل صليب. غير أنه منذ عام 1999 وهو يحارب لتعترف مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية بأنه مسيحي ولم يتحول قط إلى الإسلام.

وكما ذكر تفصيلاً أعلاه، فإن الحجة القائمة على الشريعة التي قدمها كل من محامو الحكومة وهيئة مفوضيو الدولة، والتي تتعامل مع المدعين في هذا النوع من القضايا على أنهم مرتدون، هي حجة على درجة عالية من الانتقائية ولا تعكس بأي حال من الأحوال إجماع فقهاء المسلمين.

فأي من محامي الحكومة أو مفوضي الدولة لم يسع إلى التمييز بين وقائع القضايا المعروضة أمام وبين الأسباب التي أدت إلى نزول الآية القرآنية: "لا إكراه في الدين" (الآية رقم 256 من سورة البقرة). فأغلب كتب التفسير تجمع على أن هذه الآية نزلت عندما طلب أحد أهل المدينة ممن دخلوا في الإسلام من المسيحية من النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يأذن له أن يجبر ولديه المسيحيين على اعتناق الدين الجديد.[184] إلا أن النبي رفض، ونصح المسلمين ألا يكرهوا الناس على الإسلام ضد رغبتهم ولو كانوا أولادهم.[185]

وحتى وقت كتابة هذا التقرير، كانت المحكمة قد أصدرت أحكاماً لصالح المدعين في سبعة من هذه القضايا، ولا تزال القضايا الأخرى منظورة أمامها. إلا أن كل الأحكام السبعة هذه صدرت في الفترة بين عام 2004 والوقت الذي خرج فيه رئيس المحكمة في ذلك الوقت، المستشار فاروق عبد القادر، إلى التقاعد في سبتمبر/ أيلول 2006. وكما أشير أعلاه، فقد قام رئيس المحكمة الجديد وأعضاؤها الجدد يوم 24 إبريل/نيسان 2007 بالتراجع عن القرار الذي كان قد اتخذه من قبل المستشار فاروق عبد القادر وقرروا أن المسيحيين الذين يتحولون إلى الإسلام لا يحق لهم العودة مرة أخرى إلى المسيحية، ولا يتم الاعتراف بديانتهم الجديدة في مستندات تحقيق الشخصية الخاصة بهم. ورغم أنه لا يزال يتعين على المحكمة أن تحكم في مسألة أبناء الآباء المسيحيين الذين تحولوا إلى الإسلام، فإن القرار الصادر بتاريخ 24 إبريل/ نيسان يشير إلى إمكانية حدوث نفس التراجع.

في كل الأحكام التي صدرت لصالح المدعين حتى ذلك الحين، استخدمت محكمة القضاء الإداري نفس الحيثيات بالضبط التي استخدمتها في القرارات التي أصدرتها لصالح هؤلاء الذين يعودون مرة أخرى إلى المسيحية، كما ورد بعاليه. هذه الحجج هي: حماية حرية العقيدة وحظر التمييز بموجب الدستور والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والشريعة؛ والتزام الدولة بموجب قانون الأحوال المدنية بإصدار مستندات تحقيق الشخصية وإجراء أية تغييرات ضرورية عليها لتعكس الحالة الفعلية للشخص؛ والأهم من هذا وذلك، أن الدعاوى قيد النظر لا تشكل، طبقاً للشريعة، فعلاً من أفعال الردة: "المقرر فقهاً أن المسلم لا يعتبر خارجاً عن الإسلام ولا يحكم عليه بالردة إلا إذا انشرح صدره بالكفر واطمأن قلبه به."[186]

وعليه فقد وصلت المحكمة إلى نفس النتيجة التي توصلت إليها في قضايا العائدين إلى المسيحية:

هذا الموقف من جانب جهة الادارة يعد تدخلاً لا مبرر له من جانبها، ويشكل اجبار منها له [المدعي] على اختيار عقيدة ودين معين وهو ليس راغباً فيه... ولا يسوغ بحال من الأحوال ان تتخذ جهة الادارة من سلطتها المخولة لها قانوناً وسيلة لإجبار المدعي على الإستمرار في الإسلام.[187]

والجدير بالملاحظة هنا أن المحكمة لم تستند في هذه القرارات إلى أن المدعين يستحيل أن يكونوا قد تركوا الإسلام لأنهم لم يسبق لهم أن اعتنقوه في الأساس. كما لم تقل المحكمة إنه لا ينبغي أن تترتب على تغيير المرء لديانته من الإسلام إلى أية عقيدة أخرى أو إلى عدم الدخول في أي عقيدة الإطلاق أية عواقب مدنية أو جنائية. كل ما ذكرته المحكمة هو أنه لا ينبغي معاقبة المدعين في هذه القضايا لأن تعريف المحكمة للردة لم ينطبق عليهم.

إن إلزام المواطنين الذين قيدتهم الدولة على أنهم مسلمون دون إرادتهم، وفي أغلب الأحيان دون علمهم، باللجوء إلى المحاكم لإثبات هويتهم المسيحية إنما يمثل قيداً غير منطقي على ممارستهم لحرية الدين والعقيدة. كما أن امتناع وزارة الداخلية عن الطعن على أحكام المحكمة هذه أمام المحكمة الإدارية العليا لا يحل الوزارة من التزامها باحترام القانون المصري والدولي. إن الحكومة ملزمة بتوجيه تعليمات إلى وزارة الداخلية وإلى مصلحة الأحوال المدنية بتنفيذ قانون الأحوال المدنية، الذي ينص على ضرورة أن تقوم مصلحة الأحوال المدنية بتغيير البيانات الواردة في الوثاق الرسمية بمجرد تقدم أصحابها بالمستندات اللازمة من السلطات المختصة، وهي في هذه الحالة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

وكما هو الحال مع المصريين العائدين إلى المسيحية، فإن من جرى تغيير ديانتهم إلى الإسلام دون إرادتهم يواجهون مشاكل عدة حتى بعد صدور أحكام لصالحهم، بسبب العداء الذي يبديه المسؤولون في مصلحة الأحوال المدنية، والتأخير الذي يتسببون فيه في تنفيذهم لأوامر المحكمة. فقد قال المحامي أثناسيوس وليم، الذي كان يمثل 13 من المدعين عندما التقته هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن مسؤولي مصلحة الأحوال المدنية رفضوا تنفيذ كل الأحكام الستة التي صدرت لصالح المدعين في هذه القضايا. وقال أنه أرسل شكاوى إلى مكتب النائب العام ووزارة الداخلية. ورغم أن المصلحة نفذت في نهاية الأمر كل هذه القرارات، فإن العديد من المحامين الذين يعملون في قضايا مماثلة قالوا إن موكليهم واجهوا تأخيراً في تنفيذ أوامر المحكمة؛ الأمر الذي يعزى غالباً إلى التوجهات التمييزية من قبل مسؤولي وزارة الداخلية، وتردد المسؤولين في اتخاذ مبادرات لتصحيح الممارسات التمييزية للوزارة.

حرية المعتقد وقانون حقوق الإنسان

المعايير الدولية

يؤكد قانون حقوق الإنسان الدولي بما لا يدع مجالاً للشك على الحق في حرية المعتقد. فالمادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية جاء فيها: " لكل إنسان حق في حرية الفكروالوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أيدين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبدوإقامةالشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو علىحدة." وجاء في المادة 18 أيضاً أنه: "لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدينما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره". ولا يجوز إخضاع حرية الشخص في إظهار دينه أو معتقده "إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكونضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآدابالعامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية". وأخيراً فإن المادة 18 تلزم الدول التي قامت بالتصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بـ " احترام حرية الآباء، أو الأوصياء عند وجودهم، في تأمين تربية أولادهمدينياً وخلقياً وفقاً لقناعاتهم الخاصة". كما جاء في العهد أن المادة 18 لا يجوز تعليق العمل بأحكامها تحت أي ظرف.[188]

وقد رفضت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وهي مجموعة الخبراء الذين يراقبون التزام الدول الأطراف بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وبشكل حاسم أثناء صياغة مواد العهد اقتراحاً قدمه الاتحاد السوفيتي السابق بإخضاع ممارسة الحق في حرية المعتقد لـ"اعتبارات الأخلاقيات العامة".[189] وقد اعترضت الدول العربية – والمملكة العربية السعودية بشكل خاص – على صيغة المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على "الحق في تغيير" الديانة، مما نجم عنه صياغة مبهمة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لهذه النقطة، إذ كانت: "حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أيدين أو معتقد يختاره".

وكتب مانفريد نوفاك في شرحه الحاكم للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية "لا شك أن حرية الفرد في (اعتناق أيدين أو معتقد يختاره) تتضمن الحق في الانسحاب من العضوية في جماعة دينية ما والانضمام لأخرى"[190]. كما جاء فيما كتب: "لابد أن يكون لكل فرد الحق الفعلي في الانضمام لأي جماعة دينية وفي هجرها". ولا يتعارض هذا الحق مع وجود ديانة رسمية للدولة، "طالما أن الدولة تسمح بالديانات الأخرى إلى جانب الديانة الرسمية ولا تمارس إكراهاً مباشراً أو غير مباشر للضغط على الأفراد للانضمام إلى الديانة الرسمية".[191] وطبقاً لنوفاك، فإن المادة 18(2) في حظرها للإكراه تستند إلى الاقتراح المصري المقدم إلى لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بشأن "الحماية من المعوقات القانونية في تغيير الديانة أو المعوقات التي تفرضها الديانة نفسها".[192] وينطبق هذا الحظر أيضاً على السبل غير المباشرة للإكراه، مثل ما يتعلق منها بالضرائب أو المزايا الاجتماعية، والجديرة بـ"إعاقة" الحق في حرية المعتقد.

ولا تكتفي المادة 18 بحماية الحق في اعتناق الآراء الدينية للفرد حسب اختياره، بل تكفل المادة أيضاً الحماية للحق في التعبير عن هذا الاعتقاد الديني وممارسته علناً. ويشمل هذا تداول المعلومات حول معتقدات هذا الدين (وهو أيضاً محمي بموجب المادة 19 التي تكفل الحق في حرية التعبير) وحرية التجمع مع أصحاب نفس الاعتقاد الديني (وهي محمية بموجب المادة 21 التي تضمن الحق في التجمع السلمي). وقد جاء في المادة 18(3) أن أية قيود يتم فرضها على حرية إبداء اعتقادات المرء الدينية يجب أن ينص عليها القانون، وأن تكون ضرورية لتحقيق أغراض محددة تتلخص في حماية السلامة العامة، والنظام العام، والصحة والآداب العامة، والحقوق والحريات الأساسية للآخرين.

وتعد المادة 18(4) ـ والخاصة بحق الآباء (أو الأوصياء القانونيين) في توفير التعليم الديني لأطفالهم بما يتفق مع اعتقاداتهم ـ وثيقة الصلة بتقييم درجة التزام الحكومة المصرية بمعايير حقوق الإنسان الدولية فيما يتعلق بسياسات إثبات الديانة في الأوراق الرسمية وأثرها على حرية المعتقد. وينص الدستور المصري على إلزامية التعليم الديني، سواء المسلم أو المسيحي، في كافة المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية.[193] ويتوقف تحديد تلقي الطالب لمادة التربية الدينية الإسلامية أو المسيحية بالكامل على الديانة المثبتة في أوراق الطفل، والتي بدورها تعتمد على الهوية الدينية المثبتة للأبوين.

تخالف الحكومة المصرية التزاماتها بموجب المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، عبر حرمان المصريين من الحق في اختيار عقيدتهم الدينية دون تدخل، وعبر عدم الاعتراف بالتحول من الإسلام إلى ديانات أخرى، وعبر إنكار البهائية كمعتقد ديني مستقل.[194] كما تنتهك الدولة المادة 18 بإجبارها التلاميذ المصريين على تلقي التعليم الديني الإسلامي أو المسيحي دون تقديم أية إعفاءات أو توفير بدائل، لاسيما في حالة البهائيين.[195] كما أن ممارسات الحكومة هذه تنتهك الحق في التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة، والمنصوص عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والذي صادقت عليه مصر عام 1982، واتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها مصر في عام 1990.[196]

فضلاً عن أن المادة 2(1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تكفل لكل الأفراد التمتع بالحقوق الأساسية دونما تفرقة أو تمييز على أساس الدين. وبالمثل، فإن المادة 26 تلزم الدولة بالتالي: "يجب أنيحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة منالتمييز على أي أساس، [بما في ذلك على أساس] الدين". كما تضمن المادة 17 الحماية ضد التدخل غير القانوني أو التعسفي في الحياة الخاصة أو العائلية للشخص، وتلزم الدولة بضمان أن يحظر القانون مثل هذا التدخل. ووفقاً للجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فإن "فكرة الخصوصية تتعلق بنطاق ما في حياة الشخص يتمكن فيه كم التعبير بحرية عن هويته، سواء وحده أو في علاقاته مع الآخرين".[197]

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1981 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة (إعلانالقضاء علىجميعأشكالالتعصب والتمييزعلىأساسالدينأوالمعتقد). وعلى الرغم من أن الإعلان لا يتمتع بالإلزام القانوني الذي تتمتع به المعاهدات القانونية الملزمة، إلا نه يعيد التأكيد على الحق في حرية اختيار الدين أو المعتقد الديني (المادة 1) ويدعو إلى أن "تتخذ جميع الدول تدابير فعالة لمنع واستئصال أي تمييز على أساسالدين أو المعتقد، في الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في جميعمجالات الحياة المدنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية" (المادة 4).[198] كما ينص الإعلان على أن "يتمتع كل طفل بالحق في تعلم أمور الدين أو المعتقد وفقاً لرغباتوالديه أو الأوصياء الشرعيين عليه، حسبما تكون الحالة، ولا يجوز إجبار أي طفل على تلقىالتعليم بشأن ديانات أو معتقدات تخالف رغبات والديه أو الأوصياء الشرعيين عليه،على أن يكون لمصلحة الطفل الاعتبار الأول". (المادة 5(2)).

كما أصدرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عام 1993 تعليقاً عاماً رسمياً بشأن المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية جاءت فيه النقاط التالية، والتي ترتبط بوضوح بسياسات الحكومة المصرية الخاصة بإدراج الديانة في الأوراق الرسمية، وتبعات هذه السياسات على حقوق الإنسان:

  • تؤكد اللجنة أن المادة 18 ليست مقصورة في تطبيقها على "الديانات التقليدية" و"تنظر اللجنة بقلق إلى أي ميل إلى التمييز ضد أي أديان أو عقائد لأي سبب من الأسباب، بما في ذلك كونها حديثة النشأة أو كونها تمثل أقليات دينية قد تتعرض للعداء من جانب طائفة دينية مهيمنة" (الفقرة 2)[199]
  • حرية كل شخص في "أن يدين أو أن يعتنق" أي دين، تشمل "الحق في التحول من دين أو معتقد إلى آخر...". وتمنع المادة 18 أيضاً "الإكراه الذي من شأنه أن يخل بحق الفرد في أن يدين بدين أو معتقد، بما في ذلك التهديد باستخدام القوة أو العقوبات الجزائية لإجبار المؤمنين أو غير المؤمنين... على التبرؤ من دينهم أو معتقداتهم أو على تغيير ديانتهم". وأي سياسات تقيد "الحق في الحصول على التعليم أو الرعاية الطبية أو العمل" أو غيرها من الحقوق المكفولة بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية "تتنافى مع المادة 18(2)" (الفقرة 5).
  • يؤكد التعليق "أن التعليم العام الذي يشمل تلقين تعاليم دين معين أو عقيدة معينة هو أمر لا يتفق مع [احترام حرية الآباء في ضمان توافق التعليم الديني لأبنائهم مع معتقداتهم الدينية] ما لم يتم النص على إعفاءات أو بدائل غير تمييزية تلبي رغبات الآباء أو الأوصياء" (الفقرة 6).
  • يلاحظ التعليق العام أن "أي قيود تفرض على حرية المجاهرة بالدين أو المعتقد بغرض حماية الأخلاق لا يجب أن تستند إلى مبادئ مستمدة حصراً من تقليد [ديني] واحد." (الفقرة 8).
  • إن تحديد ديانة معينة باعتبارها دين الدولة، أو باعتبار أن أتباعها يشكلون أغلبية السكان، "يجب ألا يؤدي إلى إعاقة التمتع بأي حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد، بما في ذلك المادتان 18 و27 [المعنيتان بحماية الأقليات]" (الفقرة 9).

وكما سبق الذكر أعلاه، فإن الحكومة المصرية ـ لدى التصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ـ أرفقت بتصديقها بياناً ذكرت فيه أنها ستلتزم بأحكام العهد "مع الأخذ في الاعتبار أحكام الشريعة الإسلامية وعدم تعارضها معها". غير أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، في تعليق عام آخر، أوضحت أن الدول المصادقة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يحق لها التحفظ على بعض أحكامه بشرط "ألا يكون هذا التحفظ متعارضاً مع هدف العهد والغرض منه".[200] كما أكدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن "التحفظات التي تخل بالقواعد الآمرة [للقانون الدولي] لا تتفق مع هدف العهد والغرض منه"، وذكرت من بين هذه القواعد الآمرة "حرية الفكر والوجدان والدين"[201] وإثر مراجعة التزام الحكومة المصرية بتنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في عام 2002، خلصت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى أنه:

مع مراعاة أن الدولة الطرف [في العهد] تعتبر أن أحكام الشريعة الإسلامية متفقة مع العهد، فإن اللجنة تشير إلى الطبيعة الفضفاضة والشاملة للإعلان الذي تقدمت به الدولة الطرف لدى المصادقة على العهد. وعلى الدولة الطرف إما أن توضح مجال إعلانها وما يشمله، أو أن تسحبه.[202]

ولم تقم مصر حتى وقت كتابة هذه السطور بالرد على هذه المطالبة، أو بتوضيح مجال إعلانها أو سحبه.

كما قامت الحكومة المصرية بالمصادقة على الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والذي تنص المادة 8 منه على أن "حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية مكفولة، ولايجوز تعريض أحد لإجراءات تقيد ممارسة هذه الحريات، مع مراعاة القانونوالنظام العام".[203] وتكفل المادتان 2 و3 من الميثاق الحق في عدم التمييز وفي المساواة أمام القانون.

وقد ذكرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن حرية الدين والمعتقد أسماء جهنجير، في تقريرها المقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2005، أنها قد طلبت في عام 2005 من مصر تصريحاً بزيارة البلاد لكنها لم تتلق رداً.[204] كما أدرجت المقررة الخاصة في تقريرها التعليق التالي حول التبرير المصري الرسمي لعدم الاعتراف بالبهائيين والمتحولين عن الإسلام في حقهم في حرية المعتقد:

على الدول أن تكفل للأشخاص الموجودين على أراضيها والخاضعين لسلطتها القانونية، بما في ذلك الأفراد المنتمون لأقليات الدينية، ممارسة الدين أو المعتقد الذي يختارونه دون إكراه أو خوف.[205]

وفي تقريرها المقدم إلى لجنة حقوق الإنسان في مارس/آذار 2006 كتبت المقررة الخاصة أنها قد أثارت مع الحكومة المصرية مرتين على الأقل، في 15 أبريل/نيسان 2004 وفي 15 مايو/أيار 2005، "مسألة مطالبة الشخص بإدراج ديانته في بطاقات تحقيق الشخصية وغيرها من الوثائق". وفي رسالتها في مايو/أيار إلى الحكومة، أبدت المقررة الخاصة قلقها من أن "الاستمارات [الخاصة بطلب الحصول على أوراق إثبات الشخصية] تحتوي حالياً على ثلاثة انتماءات دينية للاختيار من بينها، وهي الإسلام والمسيحية واليهودية، وأن لأتباع الطوائف الدينية الأخرى أو غير المؤمنين لا يتمكنون من تسجيل ديانتهم أو ترك خانة الديانة خالية".

حرية المعتقد والقانون المصري

تمتعت حرية الدين والمعتقد بالحماية القانونية في مصر منذ أوال دساتيرها الصادرة في عام 1923. والمادة 46 من الدستور الحالي – الصادر في 1971 – تنص على "تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية". وقد عرّفت المحكمة الدستورية العليا في مصر

حرية العقيدة، طبقاً للمادة 46، على النحو التالي:

هذه الحرية ـ في أصلها ـ تعنى ألا يحمل الشخص على القبول بعقيدة لا يؤمن بها أو التنصل من عقيدة دخل فيها أو الإعلان عنها أو ممالأة إحداها تحاملاً على غيرها سواء بإنكارها أو التهوين منها أو ازدرائها. بل تتسامح الأديان فيما بينها ويكون احترامها متبادلاً . ولا يجوز كذلك في المفهوم الحق لحرية العقيدة... تدخلها [الدولة] بالجزاء عقاباً لمن يلوذون بعقيدة لا تصطفيها.[206]

وتنتمي حرية الدين والمعتقد إلى طائفة من الحقوق الدستور أطلقت عليها المحكمة الدستورية العليا مصطلح "الحقوق المطلقة"، وهي الحقوق والحريات التي لا يمكن للحكومة أن تتعرض لها بالتقييد أو الحد من التمتع بها. وقد أبرزت المحكمة الدستورية العليا في أحكامها هذه التفرقة، وأكدت على سمو الحقوق والحريات المحمية بموجب الدستور بحيث تعلو على أية قوانين أو سياسات حكومية:

إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد حرصت جميعها منذ دستور سنة 1923 على تقرير الحريات والحقوق العامة في صلبها قصداً من الشارع الدستوري أن يكون لهذه الحريات و الحقوق قوة الدستور وسموه على القوانين العادية، وحتى يكون النص عليها في الدستور قيداً على المشرع العادي فيما يسنه من قواعد وأحكام، فتارة يقرر الدستور الحرية العامة و يبيح للمشرع العادي تنظيمها لبيان حدود الحرية و كيفية ممارستها من غير نقص أو إنتقاص منها، و طوراً يطلق الحرية العامة إطلاقاً يستعصى على التقييد و التنظيم.[207]

فضلاً عن أن المادة 40 تكفل المساواة لكل المواطنين وتحظر التفرقة على عدّة أسس، من بينها الدين أو المعتقد. وقد قامت المحكمة الدستورية العليا بتعريف التمييز وفقاً لنص المادة 40 على أنه

كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور أو القانون، وذلك سواء بإنكار أصل وجودها، أو تعطيل أو انتقاص آثارها، بما يحول دون مباشرتها على قدم من المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها.[208]

وتحمي كلٌ من المادة 41 و45 من الدستور الحرية الشخصية و"حرمة الحياة الخاصة" للمواطنين. وقد حاولت المحكمة الدستورية العليا في أحكامها شرح هذه الحقوق وإبراز وتوضيح أي مجالات من الحياة الشخصية لا يجوز للحكومة التدخل فيها. وأكدت المحكمة على أن هذه المجالات تمثل "أغواراً لا يجوز النفاذ إليها"، وتعد حمايتها من التدخل التعسفي ضرورة لكي يتمتع الشخص حقاً بـ"سلطة التقرير" فيما يمس حياته:

ثمة مناطق من الحياة الخاصة لكل فرد تمثل أغواراً لا يجوز النفاذ إليها، وينبغي دوماً ألا يقتحمها أحد ضماناً لسريتها وصوناً لحرمتها، فلا يكون اختلاس بعض جوانبها مقبولاً. وهذه المناطق من خواص الحياة ودخائلها تصون مصلحتين تتكاملان فيما بينهما وإن بدتا منفصلتين، ذلك أنهما تتعلقان بوجه عام بنطاق المسائل الشخصية التي ينبغى كتمانها وحجبها عن الآخرين، وكذلك بما ينبغي أن يستقل به كل فرد من سلطة التقرير فيما يؤثر في مصيره.[209]

كما خلُصت المحكمة الدستورية العليا إلى أن

الحرية الشخصية التى لا يقتصر ضمانها على تأمينها ضد صور العدوان على البدن، بل تمتد حمايتها إلى أشكال متعددة من إرادة الاختيار وسلطة التقرير التى يملكها كل شخص.[210]

وتعد المحكمة الدستورية العليا الهيئة القضائية الوحيدة المخولة سلطة إصدار تفسيرات ملزمة لأحكام الدستور. وفيما تتمتع حيثيات أحكام المحكمة الدستورية العليا بسلطة معنوية وأدبية على المحاكم الأخرى، فإن هذه الحيثيات ليست في حد ذاتها ملزمة للمحاكم الأخرى. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ظاهرة "التعددية القانونية"، التي جرى إدخالها على النظام القانوني المصري عبر توازي الشريعة الإسلامية جنباً إلى جنب مع القوانين المدنية، تؤدي في كثير من الأحيان إلى صدر أحكام قضائية متعارضة في عدد من الموضوعات، من بينها حرية المعتقد.[211]

إن سياسات الحكومة المصرية التي تلزم البهائيين والمتحولين عن الإسلام بأن يقوموا بتعريف أنفسهم زوراً على أنهم اتباع لديانة تخالف إرادتهم، من أجل الحصول على وثائق تحقيق الشخصية اللازمة لممارسة حقوقهم وامتيازاتهم الأساسية، تخالف بوضوح الحماية الدستورية للحق في حرية العقيدة. كما تمتد هذه المخالفة، فضلاً عن انتهاك الحق في الخصوصية والحق في عدم التعرض للتمييز على أساس المعتقد الديني، إلى سياسات الدولة بمنع البهائيين والمتحولين عن الإسلام من الحصول على وثائق رسمية تثبت هويتهم الدينية الصحيحة مع كون هذه الوثائق ضرورية للحصول على التطعيمات ضد الأوبئة، والتسجيل في المدارس، والحصول على الوظائف، وإتمام الزيجات، وتلقي المواريث ومعاشات التقاعد.

منهج التقرير

قامت كلٌ من هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بإعداد هذا التقرير. وقد قامت المنظمتان بإجراء أكثر من 40 مقابلة مع ضحايا ومحامين وأقارب ورجال دين. ويشير التقرير بوضوح في بعض الحالات إلى طلب بعض الأشخاص حجب اسمهم الحقيقي. كما قامت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بتوثيق ودراسة ملفات 304 دعوى قضائية تتعلق بالفئات الواردة في هذا التقرير، وأجرت تحليلاً للقوانين وأحكام المحاكم العليا ذات الصلة. وأثناء إعداد هذا التقرير، طلبت المنظمتان إجراء مقابلة مع رئيس مصلحة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية في ذلك الحين، اللواء عصام الدين بهجت، لكن مكتبه طالبنا بتقديم أسئلتنا مكتوبة. ونتيجة لذلك قامت المنظمتان بالكتابة مرتين إلى وزير الداخلية حبيب العادلي في يناير/كانون الثاني 2006، ثم في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2006، طلباً لمعلومات محددة تتعلق بالأساس القانوني لسياسات الحكومة الخاصة بإثبات الديانة في بعض الوثائق الأساسية. وحتى لحظة كتابة هذه السطور لم ترد أية ردود. وقد أعيد نشر الرسالتين في ملحق بهذا التقرير.

عن التقرير

أجرى الأبحاث الخاصة بهذا التقرير وقام بكتابته كلٌ من حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وجو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش. وقدمت ديانا الطحاوي، الباحثة السابقة ببرنامج الحق في الخصوصية التابع للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إسهامات بحثية ثمينة وساعدت في صياغة التقرير، بينما قدم عادل رمضان، المسئول القانوني ببرنامج الحق في الخصوصية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، المشورة القانونية والبحثية فيما يتعلق بالقوانين المصرية. وساعدت كل من ماندي فهمي ونجوى حسن في الترجمة. وقام بمراجعة التقرير كلٌ من سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، و جوزيف سوندرز، نائب مدير البرامج في هيومن رايتس ووتش، وقام بالمراجعة القانونية جيمس روس مدير قسم القانون والسياسات بالمنظمة. وجهّز هذا التقرير للنشر من هيومن رايتس ووتش كل من طارق رضوان، المنسق بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأندريا هولي، مديرة المطبوعات، وغريس شوي، اختصاصية المطبوعات، وفيتزروي هُبكنز، مدير البريد.

وتتقدم المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالشكر إلى مؤسسة أوكسفام نوفيب بهولندا على دعمها لبرنامج الحق في الخصوصية. وتشير هيومن رايتس ووتش بامتنان إلى دعم كل من مؤسسة لارا لي وجورج جند الثالث ومعهد المجتمع المفتوح.

ملحق: رسائل هيومن رايتس ووتش إلى وزير الداخلية المصري بشأن بطاقات الهوية

13 يناير/كانون الثاني 2006

سيادة اللواء حبيب العادلي، وزير الداخلية

وزارة الداخلية

شارع الشيخ ريحان

القاهرة، مصر

 معالي الوزير،

تدرس منظمة هيومن رايتس ووتش الآن المشاكل التي يتعرض لها بعض المصريين أثناء محاولتهم الحصول على بطاقات الرقم القومي وغيرها من الوثائق الضرورية بسبب عدم كونهم من أتباع الديانات الثلاثة "المعترف بها"- الإسلام والمسيحية واليهودية- أو في حال تحولهم (أو عودتهم) من الإسلام إلى ديانة أخرى، وتحديداً إلى المسيحية.

وعلى حد علمنا فإن مسئولية إصدار هذه الوثائق تقع في اختصاص مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية. وقد طلب جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش، أثناء زيارة لمصر استغرقت أسبوعين في شهر نوفمبر الماضي، مقابلة اللواء عصام بهجت، مدير مصلحة الأحوال المدنية؛ غير أن المسئولين أجابوه بصعوبة عقد هذا الاجتماع وطالبوه بتقديم الأسئلة مكتوبة مع وعد بتقديم إجابات عنها.

BERLIBRUSSELCHICAGO ·GENEVLONDOLOS ANGELEMOSCO NEW YORPARIS   · SAN FRANCISCTORONTWASHINGTON

ونظراً لرغبتنا في التعرف على موقف الحكومة من هذه المسائل، وفي أن يعكس أي تقرير نقوم بإعداده الموقف الحكومي بدقة، فإننا نأمل أن يجيب مكتبكم عن الأسئلة التالية:

1)هل يوجد تاريخ ستصبح عنده بطاقات تحقيق الشخصية الصادرة باستخدام الحاسب الآلي (الرقم القومي) هي الوحيدة التي تقبلها الحكومة وغيرها من المؤسسات، كالبنوك مثلاً، بحيث لا تعود بطاقات تحقيق الشخصية الورقية صالحة للاستخدام؟

2)هل يحق للمواطنين أن يطلبوا عدم إدراج دياناتهم في بطاقات تحقيق الشخصية أو شهادات الميلاد، أو في الاستمارات اللازمة للحصول على هذه وغيرها من الوثائق الضرورية؟

3) ما هي الإجراءات التي يتطلبها القانون لكي يتمكن مواطن من تغيير ديانته من المسيحية إلى الإسلام؟ وهل تختلف هذه الإجراءات عن تلك المتبعة في حالة التحول من الإسلام إلى المسيحية؟

4)هل يستطيع المواطنون المصريون من أتباع الديانة البهائية إدراج ديانتهم في بطاقات تحقيق الشخصية وشهادات الميلاد؟ وما هي القواعد القانونية المنظمة لهذه المسألة؟

5)ما هي الظروف التي يحق عندها لمسئولي الوزارة أن يصادروا من المواطنين بطاقات تحقيق الشخصية أو جوازات السفر أو شهادات الميلاد أو غيرها من وثائق الأحوال المدنية الأساسية الخاصة بهم؟ وما هي القوانين أو القواعد التي تحكم مثل هذه المصادرات؟ وهل توجد أي حالات قد تشكل فيها ديانة المواطن المدونة في هذه الوثائق سبباً لمصادرتها؟

6)ما هي الظروف التي يحق عندها للوزارة أن ترفض طلب مواطن الحصول على بطاقة تحقيق شخصية أو شهادة ميلاد أو جواز سفر أو غيرها من وثائق الأحوال المدنية الأساسية؟ وما هي القوانين أو القواعد المنظمة لهذه المسألة؟ وهل توجد أي حالات قد تشكل فيها ديانة المواطن سبباً للامتناع عن إصدار هذه الوثائق؟

7)هل توجد أي اعتبارات تتعلق بالسلامة العامة أو غيرها من الاعتبارات التي قد تؤدي بمسئولي مصلحة الأحوال المدنية أو غيرهم من مسئولي الوزارة إلى دفع المواطنين إلى إدراج ديانة معينة دون أخرى في وثائقهم الرسمية، أو الامتناع عن إدراج ديانة بعينها، وذلك بما يتعارض من رغبة هؤلاء المواطنين؟

8) هل أجرت الوزارة أي تحقيقات بشأن قيام مسئولي مصلحة الأحوال المدنية أو ضباط مباحث أمن الدولة بتهديد أشخاص بالحبس أو الإيذاء بسبب الديانة التي يتبعونها؟ وهل قامت الوزارة بإصدار أي جزاءات تأديبية نتيجة لهذه التحقيقات؟

إننا نتطلع إلى تلقي إجاباتكم عن هذه الأسئلة في أقرب وقت يناسبكم، ونتمنى أن نتلقى هذه الإجابات قبل يوم 12 فبراير لكي نتمكن من إدراج موقف الحكومة في تقرير نقوم بإعداده حول هذا الموضوع.

شاكرين لكم مقدماً اهتمامكم وتعاونكم. وتفضلوا بقبول وافر التحية.

المخلصة

سارة ليا ويتسون

المديرة التنفيذية

قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

BERLIBRUSSELCHICAGO ·GENEVLONDOLOS ANGELEMOSCO NEW YORSAN FRANCISCTORONTWASHINGTON

31 أكتوبر/تشرين الأول 2006

الوزير حبيب العادلي

وزارة الداخلية

جمهورية مصر العربية

فاكس: + 202 579 2031

معالي الوزير

أكتب إليكم لمتابعة موضوع خطابنا السابقة إليكم في 13 يناير/كانون الثاني 2006، حيث لم يصلنا منكم رد بخصوص استفساراتنا. ونكون شاكرين لكم إذا أمكنكم الرد في أقرب فرصة، فمن شأن ذلك أن يمكننا من عرض وجهة نظر الحكومة المصرية في أي تقريرٍ نصدره مستقبلاً.

ونطلب من معاليكم بفائق احترام تزويدنا بنسخةٍ من "الكتاب الدوري لمصلحة الأحوال المدنية رقم 49/2004 بشأن قواعد إثبات الديانةالشرعية بقيود الميلاد وبطاقات تحقيق الشخصية" إضافةً إلى الرد على أسئلتنا السابقة.

أشكركم مقدماً لعنايتكم بطلبنا. ونأمل بتلقي ردكم في أقرب فرصة.

مع خالص الاحترام

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية

[1]التعليق العام رقم 22 [العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المادة 18]، اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، الجلسة الثامنة والأربعون، 20 يوليو/تموز 1993، يمكن الاطلاع عليه على الموقع الاكتروني http://www.ohchr.org/english/bodies/hrc/comments.htm، الفقرة السادسة.

[2]Manoussakis and Others v. Greece، (18748/91) المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان 41، (26 سبتمبر/أيلول 1996)، فقرة رقم 47. كانت القضية تتعلق برفض الترخيص لكنيسة جديدة بدعوى الحفاظ على النظام العام.

[3]بينما لا تعد مصر الدولة الوحيدة التي تشترط على مواطنيها إثبات ديانتهم في بطاقات الرقم القومي فإن العديد من دول المنطقة لا تشترط ذلك، ومن بينها الجزائر والبحرين والعراق والكويت ولبنان وعمان وقطر وتونس والإمارات. انظر http://www.uscirf.org/mediaroom/press/2006/december/20061219EgyptCardPolicy.htm ، تمت زيارته في 25 سبتمبر/أيلول 2007.

[4]ينص قانون الأحوال المدنية الحالي، القانون رقم 143 لسنة 1994، على أن يعطى كل مواطن يوم ميلاده رقماً قومياً. وينص في مادته 48على أن يحمل كل من يبلغ سن السادسة عشرة أو أكثر بطاقة الرقم القومي. ظل هذا الشرط نافذاً منذ إصداره في القانون رقم 181 لعام 1955 الخاص بالطاقات الشخصية.

[5]ذكرت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، في تعليقها العام الرسمي رقم 22 بشأن المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أنه "لا يجوز إكراه أي إنسان على الإفصاح عن أفكاره أو اعتناقه لديانة أو معتقد."

[6]حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 8 لسنـــة 17، بتاريخ 18 مايو/أيار 1996.

[7]تقرير مقدم من السيد عبد الفتاح عمور، المقرر الخاص للأمم المتحدة بشأن حرية الدين والمعتقد، إلى لجنة حقوق الإنسان، الدورة الستون، 16 يناير/كانون الثاني 2004، وثيقة الأمم المتحدة رقم E/CN.4/2004/63، فقرة 42.

[8]لا يجوز الطعن على القرارات الإدارية، وهي في هذه الحالة اللائحة التنفيذية للقانون رقم 143 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية، أمام المحاكم الإدارية إلا في غضون 60 يوماً من إصدارها.

[9]المنتدى الرابع للمجلس القومي لحقوق الإنسان والمنظمات الأهلية [لمناقشة الاقتراح بحذف خانة الديانة من بطاقات الرقم القومي] التقرير النهائي، 8 أغسطس/آب 2006، يمكن الحصول على النسخة العربية عبر الموقع الألكتروني: http://www.nchr.org.eg/other_reports.html . نظم المجلس القومي ورشة عمل لاحقة بعنوان 'خانة الديانة في الأوراق الثبوتية' في سبتمير 2007 خلصت إلى نفس النتائج.

[10]التقرير السنوي للمجلس القومي لحقوق الإنسان، 18 يناير/كانون الثاني 2007، ص 65.

[11]صحيفة المصري اليوم، 1 أغسطس/آب 2007، يمكن الحصول عليه عبر الموقع الالكتروني:  http://www.almasry-alyoum.com/article.aspx?ArticleID=70816.

[12]انظر الفصل الخاص بمصر في التقرير الخاص بالحريات الدينية في العالم 2007، وزارة الخارجية الأمريكية، تمت زيارته في 20 سبتمبر/أيلول 2007 على الموقع الإلكتروني www.state.gov/g/drl/rls/irf/2007/90209 .

[13]انظر خوان كول، الحداثة والألفية: نشأة الديانة البهائية في القرن التاسع عشر في الشرق الأوسط (نيو يورك: مطبعة جامعة كولومبيا، 1988).

[14]جوانا بينك، "ازدراء الأديان السماوية: البهائيون في مصر"، الرسالة الإخبارية للمعهد الدولي لدراسة الإسلام في العصر الحديث، أكتوبر/تشرين الأول 2002، ص 30. يشير مقال بينك أيضاً إلى أنه في عام 1952 أصدرت المحكمة الإدارية العليا في مصر حكماً ضد بهائي رفع قضية على صاحب العمل الذي يعمل لديه لعدم منحه علاوة الزواج وعلاوة إعانة الأسرة اللتين تحقا له. وقد استندت المحكمة في قراراها إلى أن المدعي مرتد وأن زواجه يعد باطلاً.

[15]تغير اسم المحكمة العليا إلى المحكمة الدستورية العليا في عام 1979. وهي أعلى المحاكم التي تنظر في القضايا المتعلقة بالدستور، في حين أن محكمة النقض هي أعلى محكمة تختص بالنظر في القضايا المدنية والجنائية. أما المحكمة الإدارية العليا فهي أعلى المحاكم التي تختص بنزاعات القانون الإداري. وتعتبر قرارات المحكمة الدستورية العليا بشأن القضايا الدستورية ملزمة قانوناً، إلا أن حيثيات أحكامها، برغم سلطتها المعنوية، ليست ملزمة للمحاكم الأخرى.

[16]قرار المحكمة العليا في القضية رقم 7/2، الصادر بتاريخ 1 مارس/آذار 1975. تغير اسم المحكمة العليا إلى المحكمة الدستورية العليا في عام 1979.

[17]الطوائف الأخرى، مثل طائفة شهود يهوه، غير معترف بهم رسمياً أيضاً، إلا أن شهود يهوه يعتبرون أنفسهم مسيحيين، لذا فهم لا يواجهون مثل تلك المشكلة في الوثائق الرسمية. وبالمثل، فالشيعة لا يتمتعون بالاعتراف القانوني في مصر، ولكنهم يشار إليهم في الوثائق الرسمية كمسلمين.

[18] إحدى الحالات الحديثة تخص مواطناً يدعى بهاء العقاد، تحول عن الإسلام إلى المسيحية و تم احتجازه لمدة 25 شهراً بتهمة انتهاك المادة 98(و)، إلا أنه لم يتم إحالته إلى المحاكمة وأخلي سبيله في 28 أبريل/نيسان 2007. انظر أيضاً عرض قضية مصطفى الشرقاوي في الفصل الخامس من هذا التقرير.

[19]تنص المادة 98(و) من قانون العقوبات على عقوبة الحبس لمدة قد تصل إلى خمس سنوات وغرامة قد تصل إلى 1000 جنيه.

[20]المادة 47 (2).

[21]يشير هذا التقرير أيضاً إلى أربع حالات تدخلت فيها الحكومة لمنع مسيحيين من دخول الإسلام، استجابة على ما يبدو لاحتجاجات الأقباط على ما زعموا أنها حالات لمسيحيات على وجه التحديد أكرهن على تغيير ديانتهن.

[22]تماشياً مع التفسير السائد للشريعة، في حالة كان أحد الأبوين مسلماً، أو يعد مسلماَ في الأوراق الرسمية، تصنف الدولة أطفالهما على أنهم مسلمون.

[23]90 في المائة تقريباً من المصريين الذين يبلغ تعدادهم 78 مليون نسمة من المسلمين السنة، وتشير التقديرات إلى أن عدد المسيحيين، ومعظمهم من الأقباط، يتراوح ما بين 8 إلى 12 في المائة. انظر الفصل الخاص بـمصر في التقرير الخاص بالحريات الدينية في العالم 2007، وزارة الخارجية الأمريكية، عبر الموقع الإلكتروني: www.state.gov/g/drl/rls/irf/2007/90209 .

[24]تم تعديل المادة 2 في عام 1980بحيث أصبحت الشريعة الـمصدر الرئيسي للتشريع وليست مصدراً رئيسياً للتشريع.

[25]حكم محكمة النقض في القضية رقم 475/65، الصادر في 5 أغسطس/آب 1996. في هذه القضية الخاصة بالأستاذ الجامعي نصر حامد أبو زيد عرفت محكمة النقض الردة، لأول مرة، بأنها أي إعلان صريح بالكفر"، انظر موريتس إس برجر، "الردة والنظام العام في مصر المعاصرة: تقييم للقضايا الحديثة في المحاكم المصرية العليا" ، مجلة هيومن رايتس كوارترلي 25 (2003)، ، ص 731.

[26]حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 8 لسنة 17، الصادر بتاريخ 18 مايو/أيار 1996. يتضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية مبدأ مشابهاً في المادة 18(3).

[27] تعليق عام رقم 22 [العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية]، اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، الدورة الثامنة والأربعون، 20 يوليو/تموز 1993، يمكن الحصول عليه عبر الموقع الإلكتروني http://www.ohchr.org/english/bodies/hrc/comments.htm ، فقرة 8.

[28]Manoussakis and Others v. Greece، (18748/91) [1996]، المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان 41 (26 سبتمبر/أيلول 1996)، فقرة 47. كانت القضية تتعلق برفض اليونان الترخيص لكنيسة جديدة بدعوى الحفاظ على النظام العام.

[29]يمكن الاطلاع على نص الدستور عبر الموقع الإلكتروني

http://www.sis.gov.eg/Ar/Politics/Constitution/Constitutiontext .

[30]تفرض المادتان 160 و161 عقوبات جنائية على تدنيس الأماكن الدينية أو التهجم على الطوائف والمجموعات الدينية.

[31]القرار الجمهوري رقم 536 لسنة 1981، الجريدة الرسمية، العدد 15، 15 أبريل/نيسان 1982. في ردها على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بعد استعراض اللجنة لتقرير الحكومة حول امتثالها للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ذكر المسؤولون المصريون أنه لا يوجد تناقض بين مواد العهد وبين القانون المصري. انظر الملاحظات الختامية للجنة المعنية بحقوق الإنسان: مصر، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2002. وثيقة الأمم المتحدة CCPR/CO/7/EGYفقرة رقم 5. يمكن الحصول عليها عبر الموقع الإلكتروني http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/G02/460/72/PDF/G0246072 ، تم الدخول على الموقع في 24 سبتمبر/أيلول 2007.

[32]وفقاً لاتفاقية فيينا الخاصة بقانون المعاهدات (1969)، مادة 2(1) (د)، فإن التحفظ على إحدى المعاهدات يعني "إعلان من جانب واحد أياً كانت صيغته أو تسميته يصدر عن الدولة، عند توقيعها، أو تصديقها أو قبولها أو موافقتها أو انضمامها إلى معاهدة ما، وتهدف به استبعاد الاثر القانوني أو تعديله لأحكام معينة في المعاهدات من حيث سريانها على هذه الدولة." وتشير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى أنه " ليس من السهل دائماًً التمييز بين التحفظ والتصريح بشأن فهم الدولة لتفسير أحد الأحكام، أو بين التحفظ وإعلان السياسة. فيجب مراعاة نية الدولة، وليس مسمى الوثيقة. فإذا كان الإعلان، بغض النظر عن اسمه أو عنوانه، يقصد به استبعاد أو تعديل الأثر القانوني لمعاهدة ما في تطبيقها على الدولة، فإن ذلك يشكل تحفظاً." اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام رقم 24، القضايا المتعلقة بالتحفظات الموضوعة عند التصديق أوالدخول في العهد أو البرتوكولات الاختيارية الخاصة به، أو فيما يتعلق بالتصريحات بموجب المادة 41 من العهد، (الدورة الثانية والخمسون، 1994)، وثيقة الأمم المتحدة رقم(1994) CCPR/C/21/Rev.1/Add.6، فقرة 3.

[33]اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام رقم 24، فقرة 8.

[34]اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، لبتعليق لبعام رقم 22 [العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، المادة رقم 18] الدورة الثامنة والأربعون، 20 يوليو/تموز 1993، يمكن الحصول عليها عبر الموقع الإلكتروني: http://www.ohchr.org/english/bodies/hrc/comments.htm

[35]ورد في موريتس إس برجر، " الردة والنظام العام في مصر المعاصرة: تقييم للقضايا الحديثة في المحاكم المصرية العليا" ، مجلة هيومن رايتس كوارترلي 25 (2003)، ص 736. تكملة القرار "ولما كان المدعي كان قد اعتنق الإسلام، فإنه يخضع لشريعته التي لا تقر الردة".

[36]السابق ص 737.

[37]أحكام محكمة النقض في الطعن رقم 20 لسنة 34 بتاريخ 30 مارس/آذار 1966، والطعن رقم 162 لسنة 62 بتاريخ 16 مايو/أيار 1995.

[38]انظر على سبيل المثال أحكام محكمة النقض في الطعن رقم 37 لسنة 32 بتاريخ 21 أبريل/نيسان 1965، والطعن رقم 34 لسنة 55 بتاريخ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1990.

[39]يذكر برجر أن التوسع في الأحكام القضاية الخاصة بحالات الردة "يمكن أن يعزى إلى استخدام أو إساءة استخدام الردة كاستراتيجية قانونية في محاكم الأسرة"، مثلاً لاستبعاد أحد الأفراد من الميراث أو الحصول على الطلاق. انظر برجر "الردة والنظام العام"، ص 724. تطبق محاكم الأسرة في مصر نظماً قانونية منفصلة للفصل في النزاعات القانونية على حسب ديانة الزوجين. وتعتبر الشريعة هي النظام القانوني المعمول به في قضايا الأسرة التي يكون أحد الطرفين (الزوجين) فيها مسلماً أوالتي ينتمي فيها الزوجان لطوائف مسيحية مختلفة. وفي حين أن المسلمين وغير المسلمين يتمتعون بوضع قانوني متساو أمام المحاكم الجنائية والمدنية، تطبق محاكم الأسرة عموماً مبدأ "لا ولاية لغير المسلم على المسلم"، مما يستتبع تمييزاً ضد غير المسلمين في مجالات مثل حضانة الأطفال ووعدم تساوي قوة الشهادة في منزاعات الأحوال الشخصية.

[40]يعد المذهب الحنفي هو المذهب السائد في مصر والعديد من الدول العربية، من بين المذاهب الفقهية السنية الأربعة وهي الحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية. أما المذاهب الشيعية فهي الإثنا عشرية والإسماعيلية والزيدية.

[41]يمكن الحصول عليها عبر الموقع الألكتروني:

http://newsweek.washingtonpost.com/onfaith/muslims_speak_out/2007/07/sheikh_ali_gomah.html#more .

[42]نشوى عبد التواب، "ومن شاء فليكفر"، صحيفة الأهرام ويكلي، أغسطس/آب 9-15 2007، يمكن الاطلاع عبر الموقع الإلكتروني http://weekly.ahram.org.eg/2007/857/eg9.htm.

[43]السابق. لمزيد من التفاصيل حول صحة رواية هذا الحديث وتفسيراته المختلفة انظرطه جبر العلواني، لا إكراه في الدين: إشكالية الردة والمرتدين من صدر الإسلام إلى اليوم، المعهد الدولي للفكر الإسلامي ومكتبة الشروق الدولية، الطبعة الثانية، 2006، ص 123-144.

[44]وفقاً لمكتب الرابطة البهائية العالمية لدى الأمم المتحدة، فإن البهائيين في كل من البحرين والعراق والأردن ولبنان والمغرب وقطر والإمارات يحصلون على بطاقات تحقيق الشخصية دون مشاكل. مراسلة إلكترونية من باني دوجال، الممثلة الرئيسية للرابطة البهائية العالمية لدى الأمم المتحدة، 11 أكتوبر/تشرين الأول 2007.

[45]حكم محكمة القضاء الأداري، الدائرة الأولى، في الدعوى رقم 24044/45، الصادر بتاريخ 4 أبريل/نيسان 2006.

[46]حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 5 لسنة 8 قضائية دستورية الصادر بتاريخ 6 يناير/كانون الثاني 1996.

[47]السابق.

[48]السابق.

[49]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع لبيب إسكندر حنا، القاهرة، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2005. على عكس ما يزعمه المسؤولون بأن أجهزة الحاسب الآلي مبرمجة لاختيار الإسلام أو المسيحية أو اليهودية فحسب، تمكن عدد قليل من البهائيين نحو عام 2000 من استخراج بطاقات رقم قومي جديدة مدون عليها كلمة "أخرى" في خانة الديانة، إلا أنهم تعرضوا بعدها لضغوط لكي يقوموا بتسليمها (انظر الفصل الرابع من هذا التقرير).

[50]"وداعاً للبطاقة الورقية من أول أكتوبر/تشرين الأول"، صحيفة الأهرام، 13 أغسطس/آب 2007، صفحة 7. أعلنت صحيفة الأهرام اليومية في 30 سبتمبر/أيلول تقاعد اللواء بهجت وتعيين اللواء مصطفي راضي مساعداً لوزير الداخلية و رئيساً لمصلحة الأحوال المدنية.

[51]تم الاطلاع على التقرير في 20 سبتمبر/أيلول 2007 على الموقع الإلكتروني: www.state.gov/g/drl/rls/irf/2007/90209.

[52]مقابلة هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع ضياء نور الدين، القاهرة، 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2005. كان ضياء قد استخرج بطاقة ورقية لتحقيق الشخصية عندما أتم 16 عامًا طبقاً للقانون، ولكن هذه البطاقة صنفته على أنه مسلم على الرغم من إثباته أنه بهائي في استمارة الطلب.

[53]تم تسجيل "المحفل الروحاني المركزي للبهائيين في القطر المصري" في 26 ديسمبر/كانون الأول 1924 أمام محكمة القاهرة المختلطة، نسخة من عقد التسجيل محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

[54]في عام 1975، حكمت المحكمة العليا (التي تحولت الآن إلى المحكمة الدستورية العليا) بدستورية القانون رقم 263 لسنة 1960. وقد رأت المحكمة أن القانون لم يقيد حرية الانتماء للبهائية، ومن ثم فإنه لا يشكل انتهاكاً للحماية الدستورية لحرية العقيدة بموجب دستور 1971. وكان ثلاثة وأربعون مصريًا بهائيًا قد أقاموا الطعن أمام المحكمة. انظر حكم المحكمة العليا، القضية رقم 7/2، جلسة 1 مارس/آذار 1975.

[55]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع أمين بطاح، أحد الرموز البارزة للمصريين البهائيين.

[56]انظر على سبيل المثال الخطاب الوارد من محمد نجيب، مدير إدارة البحوث القانونية والفنية، مصلحة الأحوال المدنية، وزارة الداخلية، فيما يتصل بالطلب المقدم من مواطن بهائي لاستخراج بطاقة الرقم القومي، بتاريخ 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، نسخة محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

[57]انظر نسخة من خطاب هيومن رايتس ووتش بطلب نسخة من الكتاب الدوري في الملحق المرفق طي هذا التقرير.

[58] يتبع قانون الأحوال الشخصية المصري التفسير السائد للشريعة الإسلامية والذي يحرم زواج المرأة المسلمة برجل غير مسلم.

[59]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع رؤوف هندي حليم، القاهرة، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2005. قبل هذه الحادثة، كان حليم قد حاول أن يقدم طلبًا لاستخراج شهادتي ميلاد لولديه في سنة 2001. وجاء الرد في خطاب بتاريخ 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2004 من إدارة البحث القانوني والفني، مصلحة الأحوال المدنية، وزارة الداخلية، يقول "يتعين على الطالب أن يتبع إحدى الديانات السماوية الثلاث (الإسلام، المسيحية، اليهودية). وعليه فإنه لا يجوز في هذه الحالة إصدار بدل لشهادات ميلاد طفلي الطالب". نسخة من الخطاب محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

[60]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع رؤوف هندي حليم، القاهرة، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[61]القضية رقم 18354/58 أمام الدائرة الأولى في محكمة القضاء الإداري.

[62]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع رؤوف هندي حليم، القاهرة، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[63]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع رؤوف هندي حليم، القاهرة، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[64]السابق.

[65]السابق.

[66] مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع حسام عزت، القاهرة، 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[67]السابق.

[68]خطاب موقع من الرائد معتز صديق رضوان، رئيس إدارة مباحث الوجه البحري،11 أغسطس/آب 2004. نسخة محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

[69]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع حسام عزت، القاهرة، 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[70] حكم المحكمة الإدارية العليا في القضية رقم 1109/29، الصادر في 29 ينيّر 1983.

[71] حكم الدائرة الأولى لمحكمة القضاء الإداري في القضية رقم 24044/45 والصادر بتاريخ 4 أبريل/نيسان 2006.

[72]السابق.

[73]للاطلاع على تحليل عن كيفية تناول الإعلام المصري للقضية، انظر "حرية الاعتقاد في عيون الإعلام المصري: البهائية كدراسة حالة،" تقرير أعده مركز الأندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، القاهرة، يوليو/تموز 2006.

[74]"مجلس الشعب يقول لا للبهائية"، جريدة الأخبار، 4 مايو/أيار 2006.

[75]المرجع السابق

[76] المرجع السابق.

[77]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالهاتف مع هاني فوزي، 21 أكتوبر/تشرين الأول، 2006.

[78]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالهاتف مع خالد محيي، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

[79]الشكوى المقدمة من الدكتورة سماح الهادي إلى الحزب الوطني الديمقراطي في سبتمبر/أيلول 2006، نسخة محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

[80]العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، G.A. res. 2200A (XXI)K 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 49, U.N. Doc. A/6316 (1966)K 993 U.N.T.S. 3، دخل حيز التنفيذ في 3 ينيّر 1976، المادة 12، انظر أيضاً اتفاقية حقوق الطفل، G.A.res. 44/25، الملحق، 44 U.N. GAOR Supp. (No. 49) at 167, U.N.Coc. A/44/49(1989)، دخلت حيز التنفيذ في 2 سبتمبر/أيلول 1990، المادة 24، وصدقت مصر على اتفاقية حقوق الطفل سنة 1990.

[81]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالهاتف مع هاني فوزي، 21 أكتوبر/تشرين الأول، 2006.

[82] الشكوى المقدمة من سارة ماهر نصيف إلى الحزب الوطني الديمقراطي، سبتمبر/أيلول 2006. نسخة محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

[83]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالهاتف مع عمة سارة نصيف، وفاء هندي حليم، في 24 سبتمبر/أيلول 2007.

[84]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع حسين حسني، القاهرة، 17 سبتمبر/أيلول 2006.

[85]السابق. في فبراير/شباط 2007 أقامت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية دعوى قضائية نيابة عن حسين حسني أمام الدائرة الأولى لمحكمة القضاء الإداري ضد وزارة الداخلية بسب رفضها إصدار بطاقة تحقيق شخصية له على أن يوضع خط أفقي أمام خانة الديانة. وكانت الدعوى لا تزال منظورة أمام المحكمة وقت كتابة هذا التقرير.

[86] مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع حسين حسني، القاهرة، 17 سبتمبر/أيلول، 2006.

[87] القانون رقم 43 لسنة 1994، المادة 70.

[88] العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، المادة 13، انظر أيضًا اتفاقية حقوق الطفل، المادة 28.

[89]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تم حجب الاسم بناء على طلب الشخص الذي أجرت معه المقابلة، القاهرة بتاريخ 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[90]السابق.

[91] مقابلة هاتفية أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع وفاء هندي حليم، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

[92]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع شخص طلب حجب اسمه، القاهرة، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[93]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع نيّر نبيل، القاهرة، 27 يونيو/حزيران 2006.

[94] خطاب موقع من الملازم أحمد حلمي العدوى، 3 سبتمبر/أيلول 2005، نسخة محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

[95]خطاب من الدكتور يس كامل حبيب، وكيل كلية التربية الرياضية، جامعة قناة السويس، نسخة محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

[96]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق المصرية مع نيّر نبيل، القاهرة، 27 يونيو/حزيران 2006.

[97]الدعوى رقم 37774/60. تم عقد الجلسة الأولى بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول 2006.

[98]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع نيّر نبيل، القاهرة، 27 يونيو/حزيران 2006.

[99]حكم في الشق المستعجل في الدعوى رقم 37774/60، صادر بتاريخ 29 مايو/أيار 2007. نسخة محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

[100]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحرية الشخصية مع نبيل حبيب، الأسكندرية، 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[101]السابق.

[102]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحرية الشخصية مع نبيل حبيب، الأسكندرية، 14 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

[103]إفادة مكتوبة من باسم وجدي إلى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2006. نسخ من خطابي التعيين وإنهاء الخدمة محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

[104]تنص المادة 50 من القانون رقم 43 لسنة 1994 الخاص بالأحوال المدنية على أنه "لا يجوز للجهات الحكومية أو غير الحكومية الامتناع عن اعتمادها [بطاقات تحقيق الشخصية] في اثبات شخصية صاحبها" طالما أن البطاقات "صالحة للإستعمال وسارية المفعول." إلا أنه وخلافاً لمعظم مواد القانون الأخرى فإن القانون لا ينص على أية عقوبة نظير مخالفة هذه المادة.

[105]إفادة مكتوبة من باسم وجدي إلى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

[106]المادة 50 (2) و المادة 68 (2) من قانون الأحوال المدنية.

[107]مقابلة هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع باسمة موسى، القاهرة، 18 سبتمبر/أيلول 2006. صورة رخصة القيادة محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

[108]مقابلة هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع قدسية حسين روحي، الأسكندرية، 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[109]مقابلة هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع نبيل حبيب، الأسكندرية، 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[110]مقابلة هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مع شخص طلب حجب اسمه ومكانه، 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[111]مقابلة هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالهاتف مع شخص طلب حجب اسمه، في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

[112]مقابلة هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع لبيب إسكندر حنا، القاهرة، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2005. صورة من تصريح دفن سلوى إسكندر حنا محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

[113]المجلس القومي لحقوق الإنسان، التقرير السنوي الثاني (2005-6)، فبراير/شباط 2006، ص. 156.

[114]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السفير مخلص قطب، أمين عام المجلس القومي لحقوق الإنسان، القاهرة، 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[115]مقابلة هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع لبيب إسكندر حنا، القاهرة، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[116]السابق.

[117] تنص المادة (72) من قانون الأحوال المدنية على عقوبة السجن من 5 إلى 15 سنة على تزوير مستندات تحقيق الشخصية الصادرة من مصلحة الأحوال المدنية.

[118]قانون 68 لسنة 1947 بشأن التوثيق، الوقائع المصرية، عدد رقم 58، 3 يوليو/تموز 1947.

[119]قانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والتسجيل، الوقائع المصرية، عدد 67، 22 مارس/آذار 1964، مادة 34.

[120]وزارة العدل، تعليمات مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، الطبعة الثالثة، 2001، صفحة 333-336.

[121]في يناير/كانون الثاني 2006، قررت محكمة القاهرة القضاء الإداري أن طلب توثيق التحول إلى الإسلام كشرط أساسي لإنهاء إجراءات التحول يعد تقييداً غير جائز لحرية العقيدة، انظر جريدة روز اليوسف، 26 يناير/كانون الثاني 2006، صفحة 1.

[122]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع ميرا مكرم جبران، القاهرة، 12 نوفمبر/تشرين الثاني، 2005.

[123]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع المحاميين عصام سلطان (القاهرة، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2005)، وأحمد عبد المعز (القاهرة، 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2005). قال سلطان إنه في قضية موكلته، رفض الأزهر أن يعطيها شهادة التحول المطلوبة، ويبدو أن ذلك نزولاً على رغبة وزارة الداخلية. انظر أيضاَ: جريدة صوت الأمة الأسبوعية، تعليمات سرية تمنع المسيحيين من التحول إلى الإسلام، 21 مارس/آذار 2005.

[124]قضايا رقم 35721/59، 31890/59، 31895/59، و41841/60.

[125]مادة 47

[126]في بعض القضايا التي لا يوجد فيها بالفعل نص تشريعي تسري مبادئ الشريعة على غير المسلمين أيضاً. غير أنه في المسائل المتعلقة بقانون الأسرة، يندرج المسيحيون واليهود تحت السلطة القضائية لمحاكم الأسرة الخاصة بهم.

[127]انظر، على سبيل المثال، حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1359لسنة 28 والصادر في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، 1984، حيث وجدت المحكمة أن "العقد الموقع من أنثى مرتدة وزوجها غير المسلم... يعتبر باطلاً ولا أثر له."

[128]مادة 98(و) من قانون العقوبات، وتصل العقوبة إلى الحبس لمدة خمس سنوات، أو غرامة تصل إلى 1000 جنيه.

[129]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تم حجب الاسم بناء على طلب صاحبه، القاهرة، 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[130]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع مجدي مرقص، القاهرة، 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[131] مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع ممدوح نخلة، القاهرة، 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.

[132]في أغسطس/آب 2007، رفع المحامي ممدوح نخلة قضية باسم زوجين مسلمين غيرا ديانتهما إلى المسيحية ويطلبان الإقرار بعقيدتهم الجديدة في أوراقهما الرسمية. لم تنظر محكمة القضاء الإداري في هذه القضية حتى كتابة هذا التقرير. انظر الأهرام ويكلي، "ومن شاء فليكفر"، نشوى عبد التواب، 9-15 أغسطس/آب 2007، متوفر على الموقع التالي: http:///weekly.ahram.org.eg/2007/857/eg9.htm.

[133]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع غادة، القاهرة، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.

[134]مقابلة هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تم حجب الاسم بناء على طلب صاحبه، القاهرة، 8 نوفمبر/تشرين الثاني، 2005.

[135]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش مع مصطفى الشرقاوي، لندن، 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2005. انظر أيضاً التقرير العالمي لعام 1992 الصادر عن هيومن رايتس ووتش، ص 642. المعتقلان الآخران مع الشرقاوي هما: محمد سلام، وحسن محمد.

[136]المادة 19 من الدستور المصري تنص على أن "التعليم الديني مادة أساسية في مناهج التعليم العام."

[137]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تم حجب الاسم الحقيقي بناء على طلب صاحبه، القاهرة، 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.

[138]الخدمة العسكرية إلزامية على كل الذكور الراشدين مع بعض الإعفاءات. ويجب أن تكون بحوزة الرجال المصريين الراشدين شهادة تثبت أنهم أدوا الخدمة العسكرية أو أعفوا منها.

[139]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش، الإسكندرية، 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005. وجهت اتهامات إلى 32 شخصاً من القاهرة والإسكندرية بتزوير مستندات في القضية رقم 2793/2003 نيابة الموسكي في القاهرة. تم حبس 23 شخصاً على ذمة التحقيق وأطلق سراحهم بعد ذلك دون تهم.

[140]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع ممدوح نخلة، القاهرة، 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.

[141]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تم حجب الأسماء بناء على طلب أصحابها، الإسكندرية، 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.

[142]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تم حجب الأسماء بناء على طلب أصحابها، الإسكندرية، 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005

[143]تشير كلمة "سلفي" إلى أتباع حركات الإحياء الديني المعاصرة التي تعمل على التخلص من بدع القرون الماضية والعودة إلى ما يعتبرونه الممارسات الأصلية للنبي محمد (ص) وسلفه.

[144]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تم حجب الأسماء بناء على طلب أصحابها، الإسكندرية، 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2005

[145]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تم حجب الأسماء بناء على طلب أصحابها، الإسكندرية، 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.

[146]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تم حجب الأسماء بناء على طلب أصحابها، الإسكندرية، 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.

[147]منشور رقم 5 الصادر في يوم 10 يونيو/ حزيران 1971. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية من التحقق من حجية هذه المطبوعة. وقد قامت المنظمتان بتوجيه أسئلة لوزير الداخلية ورئيس مصلحة الأحوال المدنية تتعلق بهذه المسألة في يناير/ كانون الثاني 2006، ولكن حتى كتابة هذا التقرير، لم تتلقيا أية إجابة.

[148]مادة 47.

[149]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع غادة، التي طلبت حجب اسم عائلتها، القاهرة، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[150]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع تيريزا حسني ماهر، القاهرة، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[151]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تم حجب الاسم بناء على طلب صاحبه، القاهرة، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2005. يرفض الرجال المسيحيون في العادة الزواج من امرأة لها أشقاء مسلمون خوفاً من أن يتمتع الأشقاء بمعاملة تفضيلية في حال نشوب نزاعات تتعلق بالأحوال الشخصية.

[152]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع ميرا مكرم جبران، القاهرة، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[153]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع جلسن صبحي كامل، القاهرة، 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[154]مذكرة هيئة قضايا الدولة إلى الدائرة الأولى لمحكمة القضاء الإداري بشأن القضية رقم 24673/58 بتاريخ 29 مارس/ آذار 2005.

[155]بموجب القانون، يطلب من قضاة المحاكم الإدارية أن يطلبوا رأي هيئة مفوضي الدولة قبل الوصول إلى قرار في أية قضية، حيث تحال القضية إلى أحد المفوضين الذي يعد تقريراً استشارياً، ثم تتطلع الأطراف الأخرى في القضية على التقرير حيث يحق لها التعليق وإبداء الرأي. وتتبع المحاكم التوصيات التي ترد في هذه التقارير الاستشارية في أغلب القضايا.

[156]التقرير المقدم من مفوض الدولة إلى الدائرة الأولى لمحكمة القضاء الإداري بشأن القضية رقم24673/58، يناير 2005. في حين برر محامو الحكومة العاملون في هذه القضية الاستناد إلى الشريعة بالمادة (2) من الدستور، قال مفوض الدولة إن المادة الثانية لا تسري إلا على الهيئة التشريعية. وأورد مفوض الدولة أن تطبيق الشريعة على القضية قيد النظر يعتمد على المادة (1) من القانون المدني الذي ينص على أن الشريعة ينبغي أن تحكم المسائل المدنية في القضايا التي لا يوجد بشأنها تشريع أو قواعد عرفية.

[157]السابق.

[158]انظر على سبيل المثال الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الاداري في القضية رقم 2011/33 المؤرخة 25 مارس/ آذار 1980، والقضية رقم 1290/39 المؤرخة 1 ديسمبر/ كانون الأول 1987.

[159]الحكم في الدعوى رقم 1300/55 بتاريخ 8 يوليو/تموز 2001.

[160]انظر على سبيل المثال الحكم في القضية رقم 24673/58 المؤرخ 26 إبريل/ نيسان 2005. كما تتضمن كل الاحكام التي أصدرها القاضي عبد القادر في قضايا مماثلة نفس الحيثيات.

[161]الحكم في القضية رقم 24673/58 المؤرخ 26 إبريل/ نيسان 2005.

[162]استشهدت الأحكام بالآية رقم 256 من سورة البقرة: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي." كما استشهدت المحكمة أيضاً بسورة يونس التي تؤكد مبدأ حرية العقيدة في نص الآية 99: "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين".

[163]قام أحد المحامين بالطعن على بعض الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا، ولكنها قضت أنها كلها غير مقبولة، قائلة أن المحامي ليس لديه شرطا الصفة والمصلحة.

[164]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع بيتر النجار، القاهرة، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.

[165]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع غادة، تم حجب اسمها الأخير بناء على طلبها، القاهرة، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.

[166]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع تيريزا حسني ماهر، القاهرة، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.

[167]السابق.

[168]طبقاً لما جاء على لسان محامي تيريزا ماهر، رمسيس النجار، فإن البطريركية لا تعترف بالزيجات التي تتم خارج الكنيسة، مثل زواج تيريزا الأول برجل مسلم. مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، القاهرة، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.

[169]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع رمسيس النجار، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.

[170]يتم تعيين كل القضاة بموجب قرار رئاسي بناء على توصية من مجلس القضاء الأعلى. ولا يجوز عزل القضاة الذين يستمرون في العمل حتى موعد التقاعد الإلزامي عند بلوغ سن السبعين.

[171]"حكم منع العودة إلى المسيحية خطوة جديدة للخلف في حماية حرية العقيدة"، بيان صحفي صادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بتاريخ 29 إبريل/ نيسان 2007. متوفر على شبكة الإنترنت على الموقع التالي: http://www.eipr.org/press/07/2904.htm.

[172]انظر على سبيل المثال الحكم في الدعوى رقم 7403 لسنة 60، المؤرخ 24 إبريل/ نيسان 2007. اشتملت كل الأحكام التي صدرت في هذا التاريخ في قضايا مماثلة على نفس الحيثيات.

[173]الحكم في الدعوى رقم 7403/60، بتاريخ 24 إبريل/ نيسان 2007.

[174]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع فادي نجيب شفيق جرجس، القاهرة، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.

[175]ينص القانون المدني رقم 131 لسنة 1948، في الفقرة الثانية من المادة 2 على أنه في غياب تشريع بشأن مسألة معينة، يجب أن يرجع القاضي إلي العرف، ثم إلى مبادئ الشريعة.

[176]لا يظهر الوضع العكسي في أي حالات لأن الدولة لا تعترف بالزواج بين مسلمات ورجال يتبعون عقائد أخرى.

[177]في غياب تشريع محدد، تتبع المحاكم المصرية مذهب أبي حنيفة في الفقه الإسلامي. ووفقاً لهذا المذهب، يجب أن يعتنق أبناء المتحولين إلى الإسلام ممن هم دون الخامسة عشرة من العمر الدين الإسلامي لأن الإسلام هو آخر الديانات المنزلة، ومن ثم، فهو "الدين الأفضل". انظر تقرير هيئة مفوضي الدولة إلى الدائرة الأولى لمحكمة القضاء الإداري في القضية رقم 24405/60، بتاريخ 27 مارس/ آذار 2007، صفحة 5. نسخة محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

[178]"تقضي الشريعة بأن يتبع الأبناء أحد الوالدين الذي يعتنق الدين الأفضل، وذلك أثناء طفولتهم وقبل بلوغهم، ولا يحتاجون إلى تجديد اعتناقهم للإسلام بعد وصولهم إلى سن البلوغ." حكم محكمة النقض في الطعن رقم 21/39 والصادر بتاريخ 9 يناير/كانون الثاني 1974. انظر أيضاً الأحكام في القضية رقم 1/22 بتاريخ 12 يونيو/حزيران 1952، والقضية رقم 44/40 بتاريخ 29 يناير/كانون الثاني 1975.

[179]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تم حجب الاسم بناء على طلب صاحبه، القاهرة، 11نوفمبر/ تشرين الثاني، 2005.

[180]مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع عصام إسحاق ناصيف، القاهرة، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.

[181]مذكرة هيئة قضايا الدولة إلى الدائرة الأولى من محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 24405/60 بتاريخ 9 يناير/ كانون الثاني 2007، صفحة 11، نسخة محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية. انطوت مذكرات الحكومة على تناقضات واضحة، ذلك لأنها إنتاج مكرر لنفس المذكرات التي تم تقديمها إلى المحكمة في قضايا المسيحيون الراغبين في العودة إلى المسيحية بعد الدخول في الإسلام، ولم يكترث معدوها بتعديل ما بها من حجج لتتناسب مع خصوصيات هذه المجموعة المميزة من القضايا التي رفعها أبناء مسيحيين تحولوا إلى الإسلام. فعلى سبيل المثال، يرد في المذكرات استشهاد ببعض الفتاوى التي تضع تعريفاً للمرتد على أنه "من يرتد عن الإسلام"، وتحدد شروط الردة على أنها "النطق بالكفر بعد الإيمان." هذه الفتوى وغيرها من التي تم الاستشهاد بها في مذكرات الدفاع ينبغي ألا تسري على المدعين الذين لم يعتنقوا الإسلام قط كديانة لهم.

[182]تقرير هيئة مفوضي الدولة إلى الدائرة الأولى من محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 24405/60 بتاريخ 27 مارس/ آذار 2007، صفحة 5، نسخة محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

[183]انظر المرجع السابق.

[184]يرد هذا التفسير للآية في أربعة من أمهات التفاسير: ابن كثير، والجلالين، والطبري، والقرطبي، وهي متوفرة على العنوان التالي: http://quran.al-islam/arb. انظر أيضاَ طه جابر العلواني: لا إكراه في الدين: إشكاليات الردة والمرتدين من صدر الإسلام إلى اليوم، المعهد الدولي للفكر الإسلامي ومكتبة الشروق الدولية، الطبعة الثانية، القاهرة، 2006، صفحة 92.

[185]انظر المرجع السابق.

[186]حكم محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 18924/58 بتاريخ 5 إبريل/نيسان 2005.

[187]انظر المرجع السابق. انظر أيضاً الحكم في الدعوى رقم 20498/58 الصادر بتاريخ 31 مايو/ أيار 2005.

[188]العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المادة 4(2)

[189]مانفريد نوفاك، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التابع للأمم المتحدة: تعليق على العهد (Kehl and Arlington, VA: N.P. Engel, 2005) ص 410.

[190]السابق، ص 414.

[191]السابق، ص 415.

[192]السابق، ص 416.

[193]المادة 19 من الدستور المصري.

[194]يُطلب من آباء الأطفال البهائيين الموافقة على دخول أبنائهم امتحان التربية الدينية الإسلامية أو المسيحية.

[195]انظر، اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام رقم 22 [العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية مادة 18] اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، الجلسة الثامنة والأربعون، 20 يوليو/تموز 1993، الفقرة 6، على: http://www.ohchr.org/english/bodies/hrc/comments.htm. ويشير التعليق العام إلى "أن التعليم العام الذي يشمل تلقين تعاليم دين معين أو عقيدة معينة هو أمر لا يتفق مع [احترام حرية الآباء في ضمان تعليم ديني لأبنائهم يتفق مع معتقداتهم الدينية] ما لم يتم توفير إعفاءات أو بدائل غير تمييزية تلبي رغبات الآباء أو الأوصياء".

[196]العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، G.A. res. 2200A (XXI), 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 49, U.N. Doc. A/6316 (1966), 993 U.N.T.S. 3 دخل حيز النفاذ في 3 يناير/كانون الثاني 1976، المادة 12 و13. اتفاقية حقوق الطفل، G.A. res. 44/25, annex, 44 U.N. GAOR Supp. (No. 49) at 167, U.N. Doc. A/44/49 (1989)، دخلت حيز النفاذ في 2 سبتمبر/أيلول 1990، المادتان 24 و28.

[197]اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قضية كورييل وآوريك ضد هولندا، بيان رقم 453/91.

[198]إعلانبشأنالقضاء علىجميعأشكالالتعصب والتمييزالقائمينعلىأساسالدينأوالمعتقد، G.A. res. 36/55, 36 U.N. GAOR Supp. (No. 51) at 171, U.N. Doc. A/36/684 (1981)

[199]اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام رقم 22 [عن المادة 18 من العهد]، الدورة 48، 20 يوليو/تموز 1993، على: http://www.ohchr.org/english/bodies/hrc/comments.htm

[200]الفقرة 6 من التعليق العام 24، القضايا المتعلقة بالتحفظات التي يتم التقدم بها لدى المصادقة أو الدخول في العهد أو البروتوكولات الاختيارية، أو ما يتعلق بما يُعلن بموجب المادة 41 من العهد، 1994، UN doc. CCPR/C/21/Rev.1/Add.6، على: http://www.unhchr.ch/tbs/doc.nsf/(Symbol)/69c55b086f72957ec12563ed004ecf7a?Opendocument تم الاطلاع عليه في 25 سبتمبر/أيلول 2007

[201]السابق، فقرة 8.

[202] الملاحظات الختامية للجنة المعنية بحقوق الإنسان: مصر، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2002، UN dic. CCPR/CO/7^/EGY, para 5، على: http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/G02/460/72/PDF/G0246072 تم الاطلاع عليه في 24 سبتمبر/أيلول 2007.

[203]نص الميثاق الأفريقي متوافر بالإنجليزية في 25 وثيقة لحقوق الإنسان (نيويورك: مركز دراسة حقوق الإنسان، جامعة كولومبيا، 1994) ص-ص 119 – 128، وبالعربية على: http://www1.umn.edu/humanrts/arab/a005.html

[204]إزالة كل أشكال عدم التسامح الديني: تقرير المقررة الخاصة للجنة حقوق الإنسان بشأن حرية الدين والمعتقد، أسماء جهنجير، الجمعية العامة، الدورة 60، A/60/399 30 سبتمبر/أيلول 2005، جدول 2.

[205]السابق، الفقرة 53.

[206] حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 8 لسنة 17، الصادر في 18 مايو/آذار 1996.

[207]حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 44 لسنة 7، الصادر في 7 مايو/أيار 1988.

[208]حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 180 لسنة 20، الصادر في 1 يناير/كانون الثاني 2000.

[209]حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 56 لسنة 18، الصادر في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1997.

[210]حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 16 لسنة 17، الصادر في 7 يونيو/حزيران 1997.

[211]انظر "أحمد سيف الإسلام حمد: التعددية القانونية وإضفاء المشروعية على انتهاكات حقوق الإنسان – دراسة حالة في أحكام مجلس الدولة الخاصة بحقوق المرتدين"، في كتاب: Baudouin Dupret, Maurits Berger and Laila al-Zwaini, eds., Legal Pluralism in the Arab World, (The Hague: Kluwer Law International , 1999)