السجناء الأشباح

عامان من الاعتقال السري لدى وكالة الاستخبارات المركزية

السجناء الأشباح

عامان من الاعتقال السري لدى وكالة الاستخبارات المركزية

. ملخص...
توصيات أساسية
. قضية مروان الجبور
الاعتقال في لاهور
إسلام آباد: الاعتقال بالوكالة
الاعتقال السري في وكالة الاستخبارات المركزية
الأشهر الستة الأولى
الأشهر التسعة عشر الباقية
العاملون بالسجن السري
السجناء الآخرون
الإفراج
نقل إلى الأردن
الاحتجاز في الأردن وإسرائيل
III. برنامج وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية للاعتقال السري
اكتشاف البرنامج
علاقة باكستان بالبرنامج
. المعتقلون السابقون: أين هم الآن؟
المعتقلون المفقودون
. برنامج وكالة الاستخبارات المركزية وانتهاكات حقوق الإنسان
الاختفاء القسري
التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة
خاتمة
VIIالتوصيات..
كلمة شكر

I. ملخص

عندما فتح مروان الجبور عينيه، بعد نزع العصابة والقناع وغيرهما مما كان يغطي وجهه، رأى عدداً من الجنود ومن ورائهم حائط عليه صورة في إطار للملك حسين وأخرى للملك عبد الله عاهل الأردن. كان الجبور متعباً ومشوش الذهن بعد رحلة جوية استغرقت أربع ساعات تم نقله بعدها بالسيارة، ولكن عندما أخبره أحد الحراس أنه محتجز في الأردن شعر براحة تفوق الوصف. فمنذ اعتقاله سراً قبل أكثر من عامين، قضى معظمهما تقريباً في حجز تابع للولايات المتحدة، كانت هذه هي أول مرة يخبره فيها أحد أين هو. وكان ذلك في 31 يوليو/تموز 2006.

وبعد بضعة أسابيع سمح الأردنيون، للمرة الأولى أيضاً، لعدة أفراد من أسرة الجبور بزيارته، وهي الزيارة التي قال عنها الجبور فيما بعد "كان أبي يبكي طول الوقت".

وكانت السلطات الباكستانية قد ألقت القبض على مروان الجبور في مدينة لاهور بباكستان، في 9 مايو/أيار 2004، حيث تم احتجازه لفترة وجيزة ثم نُقل إلى العاصمة إسلام آباد حيث تعرض للاحتجاز أكثر من شهر في معتقل سري يديره الباكستانيون والأميركيون، وأخيراً تم نقله جواً إلى سجن تابع لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في مكان يعتقد أنه في أفغانستان. وقال الجبور فيما بعد لـ هيومن رايتس ووتش إنه تعرض خلال هذه المحنة للتعذيب والضرب وتم إجباره على البقاء مستيقظاً لأيام متواصلة، وعلى البقاء عارياً مع تقييده إلى حائط لمدة تزيد على الشهر. وكان الجبور، شأنه شأن عدد غير معروف من الرجال العرب الذين تم القبض عليهم في باكستان منذ عام 2001، قد "اختفى" إبان احتجاز الولايات المتحدة له، وتم إيداعه معتقلاً مجهولاً بعيداً عن الحماية التي يكفلها القانون، ودون إشراف قضائي، ودون أية وسيلة للاتصال بأسرته أو بمحام أو باللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وكان برنامج السجن السري الذي احتجز الجبور في إطاره قد تم وضعه في أعقاب الهجمات الإرهابية التي وقعت 11 سبتمبر/أيلول 2001، عندما وقَّع الرئيس جورج دبليو بوش توجيهات سرية تخول وكالة الاستخبارات المركزية صلاحية احتجاز واستجواب المشتبه في أنهم إرهابيون. ونظراً لأن البرنامج بأكمله كان يتم خارج أراضي الولايات المتحدة، فقد تطلب ذلك وجود دعم ومساعدة من حكومات أخرى في تسليم المحتجزين والسماح بتشغيل السجون.

وكان للمساعدة الباكستانية دور كبير في البرنامج، أكثر من أية دولة أخرى، حيث سلمت السلطات الباكستانية مئات السجناء إلى الولايات المتحدة وانتهى المطاف ببعضهم في سجن عسكري وبالبعض الآخر في سجون الاستخبارات المركزية كما سمحت للولايات المتحدة ودول أخرى باستجواب الكثيرين منهم على الأراضي الباكستانية. فقد جاء في التقرير السنوي عن وضع حقوق الإنسان لعام 2004، الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية، أن قوات الأمن في باكستان "تحتجز السجناء بمعزل عن العالم الخارجي، وترفض إعطاء أية معلومات عن أماكنهم، وخاصةً في قضايا الإرهاب وقضايا الأمن القومي". أما الشيء الذي لا يتحدث عنه التقرير فهو أن السلطات الباكستانية ارتكبت هذه الانتهاكات بعلم تام ومشاركة كاملة من جانب عملاء الاستخبارات الأميركية. بل إن درجة السيطرة الأميركية بلغت في بعض القضايا حداً يمثل شكلاً من أشكال الاحتجاز بالوكالة.

وثمة قلق خاص في الوقت الراهن من احتمال استخدام مراكز الاحتجاز بالوكالة. ففي مطلع سبتمبر/أيلول 2006، تم نقل 14 معتقلاً من سجون سرية تابعة للاستخبارات الأميركية إلى السجن العسكري في خليج غوانتانامو. وفي حديث تليفزيوني أذيع في 6 سبتمبر/أيلول، أعلن الرئيس بوش أنه بنقل هؤلاء الأربعة عشر "لم يعد هناك أي إرهابي في برنامج وكالة الاستخبارات المركزية". لكنه لم يذكر شيئاً عما حدث لعدد من السجناء الآخرين الذين كان من المعتقد حتى تلك اللحظة أنهم محتجزون في مكان مجهول يتبع وكالة الاستخبارات المركزية.

ومن دواعي القلق أن الولايات المتحدة ربما تكون قد نقلت بعض السجناء الباقين إلى سجون أجنبية حيث يظلون لأغراض عملية تحت سيطرة وكالة الاستخبارات المركزية. ومن دواعي القلق أيضاً إمكانية نقل السجناء إلى أماكن يواجهون فيها خطراً شديداً وهو خطر التعرض للتعذيب، إذ إن بعض السجناء المفقودين هم من الجزائر ومصر وليبيا وسوريا.

وفي خطاب أرسلته هيومن رايتس ووتش إلى الرئيس بوش، وهو منشور إلى جانب هذا التقرير، توجد قائمة بأسماء 16 شخصاً من المعتقد أنهم كانوا يوماً ما محتجزين في أحد السجون السرية لوكالة الاستخبارات المركزية، ولا يعرف أحد أين هم الآن. وقد التقى الجبور بعدد من هؤلاء الأشخاص أو تحدث معهم أثناء احتجازه. كما يتضمن الخطاب قائمة بأسماء 22 شخصاً قد يكونوا محتجزين في هذه السجون، ولا يعرف أحد أين هم الآن أيضاً. ومرفق نسخة من الخطاب ضمن ملاحق هذا التقرير.

وقد دعت هيومن رايتس ووتش إدارة بوش إلى تقديم معلومات وافية عن كل شخص احتجزته وكالة الاستخبارات المركزية منذ عام 2001، بما في ذلك أسماؤهم وتواريخ خروجهم من الحجز لدى الولايات المتحدة، وأماكن تواجدهم حالياً. وفي حالة الاحتجاز بالوكالة لدى دولة ثالثة يجب على الحكومة الأميركية إما أن تنقلهم إلى الولايات المتحدة لمقاضاتهم أمام المحاكم الأميركية، وإما إصدار الأمر بالإفراج عنهم.

ويعد ترك هؤلاء الرجال معلقين في الخفاء انتهاكاً للمعايير الأساسية لحقوق الإنسان، وأمراً قاسياً قسوة غير عادية بالنسبة لأسرهم. ففي رسالة إلى هيومن رايتس ووتش، قالت زوجة رجل لم يره أحد منذ اللحظة التي يُعتقد أنه أودع فيها الحجز لدى وكالة الاستخبارات المركزية، إنها اضطُرت لأن تكذب على أطفالها الأربعة بشأن غياب زوجها، وأوضحت ذلك بأنها لم تتحمل أن تخبرهم أنها لا تعرف مكانه: "أملي لو اكتشفوا أن أباهم محتجز، أن أستطيع على الأقل أن أخبرهم في أية دولة هو محتجز، والظروف المحتجز فيها".[1]

ويُعتبر مصير المحتجزين المفقودين من أهم الأسئلة التي ليس لها إجابة بشأن برنامج السجن السري لوكالة الاستخبارات المركزية، لكنه ليس السؤال الوحيد. فلا تزال هناك أشياء كثيرة غير معروفة عن نطاق البرنامج ومراكز الاحتجاز على وجه التحديد، وأسلوب معاملة المحتجزين وتعاون الحكومات الأخرى وتواطؤها. وعلى الرغم من أن مصادر سرية، من بينها مسئولون في وكالة الاستخبارات المركزية، قد تحدثوا عن بعض جوانب البرنامج للصحفيين، وأن عدداً صغيراً من المعتقلين السابقين حكوا عن تجاربهم، فلا تزال تفاصيل كثيرة عن البرنامج في طي الكتمان.

وفيما يلي عرض لأشمل الروايات المتوفرة حتى الآن عن الحياة في أحد السجون السرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية. فقد أجرت هيومن رايتس ووتش حواراً مع مروان الجبور على مدى عدة أيام في ديسمبر/كانون الأول 2006، أي بعد أقل من شهر من استرداده حريته، حيث تحدث بوضوح وبدقة وبكثير من التفصيل عن تجاربه، على الرغم من أنه من الواضح أن بعض الذكريات تثير الشجون. وتعتبر شهادته ذات أهمية بالغة في وصف تجربته مع الاعتقال السري وفي الكشف عن معلومات بشأن آخرين كانوا معتقلين معه.

ويعتقد الجبور، الذي تعرض للاعتقال في لاهور، أن الاستخبارات الباكستانية هي التي ألقت القبض عليه، وأن أسوأ الانتهاكات الجسدية التي تعرض لها تمت حين كان محتجزاً لديهم. حيث يزعم أنهم ضربوه ضرباً مبرحاً، وأحرقوه بقضيب ساخن إلى حد الاحمرار، وربطوا حبلاً مطاطياً بإحكام حول ذكره مما تسبب له في آلام شديدة. وفي اليوم الثالث لاحتجازه لدى السلطات الباكستانية استجوبه ثلاثة يُعتقد أنهم أميركيون، وفي اليوم التالي تم نقله إلى مبنى سري في إسلام آباد، كان فيه مسئولون أميركيون وباكستانيون، لكن الأميركيين على ما يبدو كانوا في موقع الرئاسة.

وتعرض الجبور في المعتقل في لاهور، وفي هذا المبنى في إسلام آباد، للحرمان من النوم أياماً طويلة، وتم إجباره على الوقوف دون أن يستريح إلا قليلاً. وقد انهار مرتين وسقط مغشياً عليه.

وبعد شهر في إسلام آباد، تم نقله جواً إلى سجن سري، يعتقد أنه في أفغانستان، حيث كان جميع المسئولين أميركيين (عدا المترجمين تقريباً). وهناك تم احتجازه عارياً تماماً لشهر ونصف الشهر، وتم تصويره واستجوابه عارياً. كما ظل مقيداً بسلسلة إلى حائط في زنزانته الصغيرة بحيث لا يستطيع الوقوف، وبحيث يبقى في أوضاع مجهدة تجعل التنفس عسيراً. كما أخبروه أنه إن لم يتعاون فسيضعونه فيما يسمى "صندوق الكلب" الخانق.

وبمرور الشهور، تحسنت بعض جوانب المعاملة مع الجبور، فأُعيدت إليه ملابسه شيئاً فشيئاً، وانتهى سوء المعاملة البدني، وتم وضعه في زنزانة أوسع، وصار يحصل على طعام أفضل. إلا إن بعض الجوانب الأخرى تغيرت ببطء وبعضها لم يتغير أبداً. فكان يقضي كل الوقت تقريباً في زنزانة ليس بها نافذة، ومر عليه عام ونصف العام لم ير فيه ضوء الشمس. وظل القيد الحديدي في رجليه عاماً ونصف العام. وأسوأ ما في الأمر أنه قضى عامين دون أي اتصال تقريباً بأي إنسان عدا آسريه. وعلى الرغم من قلقه المتواصل على زوجته وبناته الثلاثة الصغار فلم يسمح له بإرسال أي خطاب لهن ليطمئنهن أنه على قيد الحياة.

وأقر الجبور بأنه تدرب في عام 1998 في معسكر حربي في أفغانستان على أمل الذهاب للحرب في الشيشان، وفي عام 2003، قام بمساعدة بعض المتشددين العرب وآخرين ممن فروا من أفغانستان إلى باكستان. ومع ذلك، فقد كان من المفروض أن يتولىالقضاء مسألة تقرير ما إذا كان الجبور قد خالف القانون، إذ إن ذلك ليس مبرراً للانتهاك.

ويُحرِّم القانون الدولي لحقوق الإنسان الاختفاء القسري، ويحرِّم أصلاً وضع الأشخاص بمعزل عن العالم الخارجي في معتقل مجهول. كما أن هؤلاء الأشخاص الذين يظلون "مختفين" حتى يتبين مصيرهم أو مكانهم يكونون أكثر عرضة للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

ولطالما أدانت الحكومة الأميركية، في بياناتها الخاصة بالسياسات وفي تقاريرها السنوية عن حقوق الإنسان، هذه الممارسات التي تنتهك الحقوق، ولذلك فإن استخدامها لهذه الممارسات يؤدي إلى تقويض شديد لسلطتها المعنوية فيما يتعلق بحقوق الإنسان. بل إن اعتمادها على الاعتقال السري والاستجواب بطريقة تنطوي على الانتهاك يعتبر خطأ من الناحية العملية البحتة، لأن استخدام هذه الأساليب يلقي بظلال قاتمة على أية شهادة يدلي بها المحتجزون، مما يجعل من الصعب مقاضاة مرتكبي الأعمال الإرهابية في إطار محاكمة عادلة، وتحقيق المحاسبة العامة عن تلك الجرائم باعتبار أنها حق لضحايا الإرهاب.

توصيات أساسية

على الحكومة الأميركية القيام بما يلي:

الكف عن استخدام الاعتقال السري والاستجواب بالإكراه كأساليب مضادة للإرهاب، وإيقاف برنامج الاستخبارات المركزية للاعتقال والاستجواب إيقافاً نهائياً.

الكشف عن هوية ومصير ومكان كل المعتقلين الذين سبق إيداعهم في منشآت تديرها أو تترأسها وكالة الاستخبارات المركزية منذ عام 2001.

وعلى الحكومات الأخرى القيام بما يلي:

رفض تقديم المساعدة أو التعاون بأي شكل من الأشكال مع عمليات الاعتقال أو الاستجواب أو النقل الاستثنائي التي تقوم بها وكالة الاستخبارات المركزية والكشف عن أي معلومات تتوافر لديها عن هذه العمليات.

II. قضية مروان الجبور

مروان إبراهيم علي الجبور فلسطيني يبلغ من العمر 30 عاماً، وُلد في عمان بالأردن، وتربى في السعودية. وانتقل في عام 1994 إلى باكستان لاستكمال دراسته، وتزوج في عام 1999، ولديه ثلاث بنات.

الاعتقال في لاهور

كان الضرب أليماً، لكنه لم يكن أسوأ ما في الأمر... [أسوأ ما في الأمر] هو خوفي ألا أرى أسرتي مرة أخرى.
- مروان الجبور يصف مشاعره إبان احتجازه

تم إلقاء القبض على الجبور في 9 مايو/أيار 2004، بعدما تناول العشاء في لاهور بباكستان في بيت صديق له يعمل أستاذاً جامعياً في لاهور. ففي حوالي الساعة التاسعة مساءً وبينما كان يخرج بسيارته من مرآب بيت صديقه استفسر منه رجل يسير في الشارع عن صديقه. وبينما هو يرد على السائل إذ أحاطت به فجأة مجموعة كبيرة من الرجال الباكستانيين الذين يرتدون الملابس المدنية، ثم جذبه الرجل ووضع القيود الحديدية في يديه، ووضعوه في سيارة وحاولوا تغطية رأسه بكيس لكنه قاوم فتخلوا عن الكيس.

كما ألقوا القبض على الصديق الذي يزوره وعلى صديق آخر كان عنده. واقتيد الثلاثة إلى ما يعتقد الجبور أنه أحد مقار الاستخبارات الباكستانية في لاهور، وهي جهاز الاستخبارات العسكرية القوي في باكستان، ويقع ذلك المقر على مقربة من مركز بانوراما.[2]

وقال الجبور إن الرجال ما إن أدخلوه إلى المقر حتى بدءوا يضربونه بشدة، وقال لـ هيومن رايتس ووتش إنه "كان هناك سبعة أو ثمانية ضباط معي في الغرفة، وإذا قلت لهم إنني لا أعرف شيئاً كانوا يصفعونني ويركلونني ويضربونني بعصا. ثم أهانوني وهددوني وأجبروني على البقاء مستيقظاً طوال الليل".

وقال الجبور إن الرجال استخدموا أيضاً عصا مكهربة في استجوابه، وظلوا يسألونه عن مكان بعض المشتبه في ضلوعهم في الأعمال الإرهابية.

وأضاف أنهم في حوالي الساعة السادسة صباحاً أدخلوه زنزانة وتركوه فيها مصفد القدمين. وكانت هناك ثلاث زنزانات صغيرة في صف واحد، تم وضع الجبور في واحدة منها بمفرده بينما تم وضع صديقاه في الزنزانتين الأخريين. وقال الجبور "لقد تعرضا للضرب أيضاً، ولكن ليس بشدة مثلما حدث معي، فقد أصبت بكدمات من أثر الضرب".

ومن خلال الأسئلة التي وجهت إلى الجبور فهم أن علاقته ببعض المتشددين العرب أثارت اهتمام الجهات الرسمية. حيث أخبر هيومن رايتس ووتش أنه كان قد تدرب في معسكر حربي في أفغانستان لمدة ثلاثة أشهر في عام 1998، ثم عاد إلى أفغانستان لمدة أسبوعين بعد بدء حملة القصف الأميركية، وفي عام 2003 ساعد بعض العرب وآخرين غيرهم ممن فروا من أفغانستان إلى باكستان. ونظراً لأنه كان مقيماً في باكستان منذ عام 1994، وأنه درس في الجامعة بها، فإنه يتكلم اللغة الأردية بطلاقة وله صلات بالأهالي هناك. وبفضل معرفته بالبيئة المحلية كان بوسعه أن يقوم بالترتيبات اللازمة لمساعدة البعض للحصول على الرعاية الطبية أو الإقامة في بيوت الأهالي في المنطقة. ويزعم الجبور أنه كان يساعد "المجاهدين الذي لا يتبعون جهة بعينها" أي الذي لا ينتمون لتنظيم "القاعدة" أو غيره من الجماعات المسلحة وأنه لم يكن أبداً عضواً في أية جماعة إرهابية أو ضالعاً بأي شكل من الأشكال في أية أنشطة إرهابية.[3]

وعندما عاد المحققون إلى زنزانته بعد ساعة أو اثنتين، كانوا يريدون تفاصيل عن أنشطته، بما في ذلك أسماء المتشددين الذين كان يلتقي بهم، وعناوين إقامة الفارين من أفغانستان. وكانوا قد سبق أن عثروا على هاتفه الخلوي وعلى مفكرة بأرقام الهواتف، فأخذوه إلى غرفة التحقيق مرة أخرى، حيث كان أحد المحققين في انتظاره، وأمروه أن يشرع في الاتصال بهؤلاء. ثم بدأ رجال الشرطة يصيحون في وجهه ويضربونه، وهددوه بالقبض على زوجته، حيث قال "قالوا لي سنركعها على ركبتيها أمامك". وأضاف قائلاً في وصف هذا المشهد:

كنا في غرفة معدة إعداداً خاصاً، حيث كانت هناك حلقات حديدية مثبتة في الحائط، فقيدوا يدي بسلسلة مدلاة من السقف. كما ربطوا حبلاً مطاطياً حول ذكري لمنعي من التبول. وكانوا يتركونه هكذا طوال فترة تواجدي معهم، عدا بعض المرات التي كانوا يفكونه فيها لبرهة وجيزة، وكان ذلك يسبب لي آلاماً مبرحة.

وقال الجبور إنه نظراً لمنعه من التبول مدة أربعة أيام تقريباً، عدا فترات استراحة وجيزة، فقد أصبح الآن يعاني من مشاكل في كليتيه تجعله يتبول كثيراً وأحياناً يكون البول مختلطاً بالدم.

وقال الجبور إنه في وقت مبكر من صباح اليوم الثالث لاعتقاله في لاهور جاء ثلاثة أشخاص يعتقد أنهم أميركيون لاستجوابه، وهم رجل وسيدتان. وقد كان معصوب العينين طوال فترة استجوابهم له، لكنه قال إن لهجاتهم الأميركية لا تخطئها الأذن (تم الاستجواب بالإنجليزية). "قالوا لي: مروان، أنت الآن على مفترق طرق، فإما أن تقضي بقية حياتك في السجن، وإما أن تتعاون معنا ضد الإرهابيين، ويمكن أن يصيبك الثراء".

وقال الجبور إنه لم يتعرض لإيذاء بدني من أي أحد خلال وجود الأميركيين، على الرغم من أنه أحياناً كان يتم إجباره على الركوع في الأرض خلال استجوابه. وعندما سأله الأميركيون ذات مرة عن الكدمات الظاهرة بوجهه والناجمة عن ضرب الشرطة الباكستانية له أجاب ساخراً "لقد قضينا ليلة رائعة معاً، أنا وأصدقاؤكم".

وفي أثناء الاستجواب، كانت المرأتان تتكلمان معظم الوقت. وكانت إحداهما ودودة وعلقت بعض التعليقات الموحية، أما الأخرى فكانت شديدة الغضب كثيرة السباب، وقالت له إن أميركياً ضخماً ينتظره في السجن.

وظل الأميركيون في قسم الشرطة حتى منتصف الليل تقريباً، وبعد مغادرتهم نزع رجال الشرطة الباكستانية ثيابه وأحضروا قضيباً معدنياً ساخناً.

ثم سأله أحدهم "أين تريد أن نضربك به؟" فرجوته ألا يفعل. لكنه أحرق به ذراعي اليمني فوق المرفق مباشرة، ورجلي اليسرى. ولم أتلق أية رعاية طبية لهذه الحروق التي انتفخت كالفقاعة الهوائية واستغرقت حوالي شهر حتى التأمت. إلا إن هذا يبدو هيناً بالمقارنة بكل شيء آخر في حياتي في ذلك الوقت".[4]

وقال الجبور إن الباكستانيين نقلوه في صباح اليوم الرابع بسيارة إلى مبنى آخر، وكانوا قد أبقوه مستيقظاً طوال فترة اعتقاله في لاهور تقريباً. ومن المقدر أنه سمح له بالنوم ثلاث أو أربع ساعات إجمالاً خلال فترة احتجازه التي استمرت حوالي أربعة أيام.[5]

إسلام آباد: الاعتقال بالوكالة

أعتقد أنه كان منزلاً في يوم من الأيام، كان مكاناً للاعتقال السري... ويبدو لي أن الأميركيين يسيطرون عليه، فهم أصحاب السلطة فيه.
- مروان الجبور، يحكي عن اعتقاله في إسلام آباد

وصف الجبور مركز الاحتجاز الذي تم نقله إليه بأنه "فيلا"، أو مجمع خاص ضخم تم إعداده لاحتجاز السجناء.[6] وكان قد عُصبت عيناه فور وصوله كيلا يراه من الخارج، لكنه سمع الباكستانيين في السيارة معه يقولون إنهم ذاهبون إلى إسلام آباد.[7] وقد استغرقت الرحلة من لاهور ما يتراوح بين ثلاث ساعات ونصف الساعة إلى أربع ساعات.[8]

وظل الجبور في إسلام آباد محروماً من النوم كما حدث معه في لاهور. حيث قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه في الأيام السبعة الأولى في إسلام آباد لم يسمح له آسروه بالنوم، عدا الإغفاء لمدة ساعة من وقت لآخر، حيث ذكر أنه كان "في استجواب مستمر طول الوقت".

وقال لـ هيومن رايتس ووتش "إن الأميركيين كانوا موجودين دائماً ولم تكن على عيني عصابة عندما وصلت إلى هناك، فرأيتهم. رأيت ثلاث أميركيات ورجلاً أميركياً، إلى جانب حوالي خمسة أو ستة باكستانيين. وفي حديثه عن الأميركيين قال "أعتقد أنه كان نفس الرجل الذي استجوبني في لاهور، ولكن واحدة على الأقل من المرأتين اللتين كانتا في لاهور لم تكن في إسلام آباد". وقال الجبور إن الأميركيين كانوا يرتدون الملابس الغربية المعتادة وإن واحدة من النساء قالت إن اسمها ماري. لكنهم لم يذكروا الجهة الحكومية التي يتبعونها.

وقال الجبور إن الأميركيين على ما يبدو هم الذين كانوا يترأسون هذه المنشأة. وكانوا يستجوبونه خلال اليوم، وأحياناً يبرزون له صوراً فوتوغرافية للمتشددين المشتبه فيهم، ثم يأخذ الباكستانيون بزمام الأمور بعد منتصف الليل. وفي البداية تم احتجاز الجبور وحيداً في زنزانة تشبه الحجرة، مقيداً إلى الحائط بسلسلة طولها متران تقريباً.

وقال "إن الباكستانيين كانوا يضربونني كل ليلة تقريباً، وهددوني مرة بنزع أظافري. وفي بعض المرات الأخرى كانوا ودودين معي ووعدوني بالإفراج عني إذا تكلمت". وكان يتم إجباره على الوقوف لفترات طويلة.

أما الأميركيون فلم يضربوه، لكنهم أجبروه على البقاء مستيقظاً. "كانوا يقولون: إذا تعاونت معنا سندعك تنام. وإذا عملت معنا فسنجعلك غنياً جداً. ولم يهددوني مطلقاً بنقلي إلى غوانتانامو، لكنهم قالوا إنني سأُنقل إلى مكان ما ولن أرى أطفالي مطلقاً مرة أخرى. وكنت قد تصورت أن أسرتي قد قضي عليها".

"كنت أفكر في ابنتي الكبرى طوال الوقت، وظننت أنني لن أراها ثانية على الإطلاق. وكنت أخشى أن يرسلوني إلى غوانتانامو".

وقال الجبور لـ هيومن رايتس ووتش إن كل الأميركيين الذين رآهم في ذلك المبنى كانوا حديثي السن نسبياً، أي في أواخر العشرينيات أو أوائل الثلاثينيات. وقال إن الرجل الذي استجوبه عمره حوالي 28-30 عاماً ويميل إلى الصلع، أما المرأة التي قالت إن اسمها ماري فكانت طويلة وذات شعر متوسط الطول فاتح اللون. وكانت هناك امرأة أخرى دائمة الغضب كثيرة السباب (يعتقد الجبور أنها نفس المرأة التي كانت تسب في لاهور)، وأنها استخدمت ذات مرة بالعربية عبارة سب في الذات الإلهية.

وقد انهار الجبور مرتين في الأسبوع الأول في إسلام آباد، ومن المعتقد أنه تعرض لأزمتين قلبيتين. وكانت المرة الأولى في اليوم الرابع لاعتقاله، والثانية في آخر الأيام السبعة. حيث قال "وقعت مغشياً عليّ في المرتين، وقلبي يدق بشدة حتى ليكاد يخرج من بين ضلوعي". وقام طبيب باكستاني بالكشف على قلبه وأعطاه شيئاً اسمه "غليفيت".

وبعد انهياره في المرة الأولى، نقلوه إلى زنزانة بها سجين آخر، وهو جزائري اسمه عدنان أخذ يرعاه (عرفه الجبور باسم عدنان الجزائري). وكان الجبور في حالة يُرثى لها حتى أنه لم يكن يستطيع المشي أو تناول الطعام بنفسه، وتم السماح له عندئذ بالنوم حوالي أربع ساعات.

وبعد انهياره للمرة الثانية بعد ثلاثة أيام سمحوا له بالراحة يوماً كاملاً، حيث قال "بعد الانهيار الثاني أصبحت في حالة هستيرية".

وكان عدد من السجناء الآخرين محتجزين معه في مبنى الزنزانات الذي وصفه بأنه ملحق جديد أُضيف إلى المنزل الرئيسي. وكان هذا المبنى حاراً بدرجة خانقة، والهواء فيه راكداً. وكان فيه صفان متقابلان بكل منهما ثلاث زنزانات، وبكل واحدة باب من القضبان المعدنية باتجاه الممر، وأمامه باب آخر خشبي لكنه كان يترك مفتوحاً طول الوقت تقريباً. وعندما كان السجناء يسيرون في الممر بصحبة الحراس للذهاب لدورة المياه كانوا يرون بعضهم البعض.

وقال الجبور إن إحدى الزنزانات كان بها صبي عمره 16 عاماً اسمه خالد. وقال خالد، وهو مصري الجنسية، إنه تم القبض عليه قبل ستة أشهر في أثناء العمليات العسكرية في إقليم وزيرستان في شمال غربي باكستان على الحدود مع أفغانستان. وكان على ما يبدو قد أُصيب إصابة شديدة أثناء القبض عليه، إذ سمعه جبور وهو يبكي ويتأوه ألماً بالليل. وقال جبور متذكراً ما حدث إن [خالد] "كان يعاني معاناة شديدة". كما كان هناك صبي آخر عمره 16 عاماً أيضاً من بين المحتجزين في المبنى، وهو عراقي اسمه ثائر، قال إنه تم القبض عليه في منتصف عام 2003، وأخبر الجبور بأن لديه وثيقة سفر أسترالية وأن الأستراليين كانوا يزورونه في السنة الماضية، ويستجوبونه ويصورون الاستجواب بكاميرات الفيديو. وقال أيضاً إن أبا زبيدة وأعضاء جماعته كانوا محتجزين أيضاً في نفس المبنى.[9]

كما كان بالمبنى معتقل يمني تم القبض عليه في أواخر عام 2003، وليبي اسمه أيوب تم القبض عليه في مطلع عام 2004، وأفغاني معروف باسم محمد الأفغاني وكان قد وُلد بالسعودية، وفلسطيني تم القبض عليه في مطلع عام 1994. وكان السجينان الأخيران قد نُقلا من سجن يشاور إلى إسلام آباد في نفس اليوم الذي وصل فيه الجبور. كما كان هناك ثلاثة باكستانيين اتُهموا بالضلوع في محاولة اختطاف جنرال بالاستخبارات العسكرية الباكستانية، وقالوا إنهم احتجزوا مدة عام بدون توجيه اتهام إليهم. كما كان هناك باكستاني رابع محتجز، تم الإفراج عنه بعد وصول الجبور ببضعة أيام. وقال الجبور إن هذا الرجل الرابع تعرض لتعذيب شديد، وأضاف: "لا تتصوروا كم آذوه".

وقال الجبور إن السجناء الباكستانيين أخبروه أن باكستانياً اسمه مجيد خان سبق أن تم احتجازه معهم في نفس المكان.[10]

وظل الجبور محتجزاً في هذا المبنى في إسلام آباد لأكثر من شهر لم يمثل خلاله مطلقاً أمام قاض، ولم يُوجه له اتهام بارتكاب أية جريمة، ولم يتم السماح له بمقابلة محام. وفي أثناء وجوده تم نقل سجين آخر، وهو اليمني، من المبنى إلى اليمن كما يُفترض. وقبل نقل الجبور بيوم تم نقل ثلاثة سجناء آخرين الصبيين البالغين من العمر 16 عاماً والرجل الجزائري.

الاعتقال السري في وكالة الاستخبارات المركزية

كانت قبراً.
- مروان الجبور، في حديثه عن فترة السنتين التي قضاها في المعتقل السري التابع لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية

تم نُقل الجبور من المبنى الواقع في إسلام آباد مساء يوم 16 يونيو/حزيران 2004، عندما أخذه الباكستانيون مع ثلاثة سجناء آخرين (الفلسطيني والأفغاني والليبي) إلى المطار، وكانت أعينهم معصوبة، وأيديهم مكبلة، وأرجلهم مصفدة. وقال الجبور إن الطريق إلى المطار استغرق أقل من 20 دقيقة.

وقبل ركوبه الطائرة، تم أخذ الجبور إلى دورة المياه حيث نزع الأميركيون العصابة عن عينيه. وقال: "رأيت الأميركيين أمامي يتخاطبون بلغة الإشارة. وكان هناك طبيب قام بقياس ضغط دمي، وأعطاني حقنة. وأدركت أن هذه هي نهاية حياتي". ثم وضع الأميركيون كيساً على رأسه، وبدلوا القيود الموضوعة في يديه، ثم بدأ يشعر بالدوار بسبب الحقنة التي أخذها، لكنه لم يفقد الوعي.

وقال الجبور إن الجميع صعدوا إلى الطائرة من مؤخرتها، عبر ما يبدو أنه باب طائرة عسكرية. وكانت الطائرة صغيرة بدرجة ملحوظة، بحيث لا تسع أكثر من 20 إلى 30 شخصاً. وكان السجناء في جانب وبينهم مقعد فاصل بينهم، وقد قيدت أيديهم خلف ظهورهم، وصُفدت أرجلهم وقُيدت إلى أرضية الطائرة. وكان على متن الطائرة أربعة سجناء وحوالي عشرة آخرين.

ويعتقد الجبور أن مبنى السجن السري الذي تم نقله إليه يقع في أفغانستان، مشيراً إلى العديد من الأسباب التي تقف وراء هذا الاعتقاد. فهناك أولاً زمن الرحلة الجوية، التي استغرقت ساعتين على الأكثر.[11] وثانياً الطعام الذي كان يُقدم لهم في السجن، ففي عيد الفطر[12] تناول السجناء طعاماً أفغانياً تقليدياً، وقرب نهاية إقامته كانوا يتناولون الخبز الأفغاني التقليدي مع الوجبات المعتادة. وثالثاً الحقائق التي استخلصها من آسريه، فذات مرة زل لسان أحد الضباط في السجن بقوله إنه بعد زلزال باكستان تم نقل إمدادات الإغاثة جواً "من هنا" إلى باكستان.[13] ورابعاً الطقس، الذي كان شديد البرودة في الشتاء (أبرد من معظم مناطق باكستان)، وكان ملمس أحد الجدران بزنزانته بارداً إلى درجة التجمد. وخامساً اللغات، حيث كان المدير الأول للسجن يتكلم الفارسية بطلاقة، مما يوحي بأن السجن يقع في منطقة تعد فيها هذه المهارات اللغوية مفيدة.[14]

وقال الجبور إنه يعتقد أن الجميع في السجن - الحراس والمحققين ومديري السجن والطاقم الطبي كانوا أميركيين، عدا المترجمين الذي يتحدثون العربية. ويستند في ذلك إلى أن العاملين في السجن قالوا إنهم أميركيون عندما أخبروا الجبور إنه في حجز السلطات الأميركية وإلى أنهم يتكلمون الإنجليزية بلكنة أميركية.

الأشهر الستة الأولى

بعد أن حطت الطائرة قام فريق النقل بإركاب الجبور وسجين آخر في مؤخرة عربة "جيب" وتعاملوا معهم بطريقة فظة، ثم سارت العربة على طريق غير ممهد إلى السجن.

وعندما وصلت العربة إلى السجن أدخله اثنان من الحراس إلى داخل السجن. وبعد أن وضعاه وحده في زنزانة مزقوا كل ملابسه وتركوه عارياً. وأطلقوا إحدى يديه من القيود الحديدية، وقيدوا اليد الأخرى إلى حلقة مثبتة في جدار الزنزانة، ولم يكن بوسعه الوقوف لأن الحلقة كانت قريبة من الأرض وكان مقيداً إليها بسلسلة قصيرة.

وكان طول الزنزانة يبلغ حوالي مترين وعرضها أكثر من متر بقليل، أي أن مساحتها تناهز مساحة مرتبة السرير دون أن يكون بها مرتبة، ولم يكن فيها شيء آخر سوى دلو وبطانيتين خشنتين.

وكان بالزنزانة كاميرا فيديو قرب السقف، على ارتفاع لا يطوله المرء واقفاً. كما كانت هناك سماعات ومكبر صوت مثبتة في الحائط.

وكان للزنزانة، كغيرها من الزنزانات التي رآها الجبور فيما بعد، بابان مزدوجان من الصلب قريبان جداً من بعضهما البعض. (أي أنه لكي يخرج المرء من الزنزانة يجب أن يمر من أحدهما أولاً ثم من الآخر). وكان بالباب الذي يفتح باتجاه الزنزنة كوة زجاجية صغيرة (حوالي 30x40 سم)، وتحتها فتحة لإدخال الطعام. ولم يكن بالزنزانة أية نوافذ عدا كوة الباب، لكن الأنوار كانت تبقى مضاءة طول الوقت حتى في الليل.

وقال الجبور إنه يعتقد أن البناء كان قديماً، لكن الزنزانات جديدة وحديثة؛ فكل ما هو معدني كان يبدو جديداً جداً.

وفي الليلة الأولى ترك الحراس الجبور لينام (أو ليحاول النوم) ثم عادوا في الصباح الباكر. ولم ينطق أحد منهم بكلمة، لكنهم حلقوا رأسه ولحيته وشاربه، ثم أخذوه إلى غرفة الاستجواب دون أن يعطوه أية ملابس. وعندما يتذكر الجبور ما حدث يصعب عليه أن يصدق أنه كان يُساق عارياً هكذا على مرأى من مجموعة من الرجال والنساء، لكنه وقتها كان مشوش الذهن ومنقبض الصدر لدرجة أن عدم ارتدائه أية ملابس كان يبدو أمراً هيناً إلى حد ما.

وكانت غرفة الاستجواب كبيرة نسبياً، وبها حوالي عشرة أشخاص، من بينهم الحراس وآخرون يبدو أنهم أطباء. ثم أجلسوه على مقعد وقيدوا يديه ورجليه إلى المقعد. وجاء طبيب بينما قام شخص آخر بتصوير جسمه بكاميرا فيديو.

ثم بدأ رجل ملتح، كان الجبور قد رآه في مطار إسلام آباد، يتحدث بالإنجليزية بلكنة أميركية قائلاً إنه "أمير" المنشأة وإن الجبور ليس أمامه إلا خيار واحد وهو أن يتعاون، ووعده بأنه لو تعاون فسوف يعاملونه معاملة حسنة.

وفي أثناء هذا الاستجواب، وغيره من الاستجوابات التي لا حصر لها، كان المحققون يسألون الجبور عن أنشطته في باكستان وعمن التقى بهم وعن معرفته بالجماعات الإرهابية، وأبرزوا له مئات من الصور الفوتوغرافية بعضها لأناس من الواضح أنهم معتقلون (لأنهم يرتدون زي السجن ويحملون لوحات عليها أرقام).

وفي أثناء الأشهر الستة الأولى من الاستجواب كان هناك رجل ضخم الجثة مفتول العضلات يقول الجبور إنه من "المارينز" (مشاة البحرية الأميركية) نظراً لتكوينه الجسماني، وكان يقف أحياناً خلف المحقق ويتصرف بطريقة تبعث على الرهبة. كما كان الجبور خائفاً من شيء يسميه المحققون "صندوق الكلب"، وهو صندوق خشبي حجمه متر في متر، قال الأميركيون إنهم يضعون الناس فيه. "قالوا إن خالد شيخ محمد قضى بعض الوقت في صندوق الكلب ثم نطق. وظلوا يهددونني قائلين: يمكننا أن نفعل ذلك بك".[15]

وقال الجبور إنه تعرض للصفع بضع مرات في بداية إقامته، لكنه لم يتعرض للضرب في المعتقل السري. وعندما شعر المحققون أنه غير متعاون قيدوه بسلسلة في أوضاع بالغة العسر تثير الألم بمرور الوقت،[16] فكانوا يقيدون يديه إلى كاحليه وإلى الأرض ويتركونه هكذا مدة ساعة أو نصف الساعة. وقال "أحياناً كان التنفس عسيراً"، وقدر أنه وضع في هذه الأوضاع المجهدة من 15 إلى 20 مرة إجمالاً.

وقال الجبور إنه خلال الأشهر الستة الأولى من احتجازه في المعتقل السري كانوا أحياناً يديرون موسيقى الروك بصوت مرتفع يصم الآذان، لفترة ساعة أو يوم أو عدة أيام أو حتى أسبوع. وقال "كانت الموسيقى فظيعة والصوت عالياً وكأنها موسيقى لفيلم من أفلام الرعب".

وإلى جانب الموسيقى، كانت هناك أصوات تشويش منخفضة متواصلة، قال عنها الجبور إنها تشبه صوت المولدات الكهربية. ويعتقد أن أحد الأسباب الرئيسية لهذه الضوضاء هو منع السجناء من التواصل فيما بينهم.

وبعد أسبوعين من وصوله إلى السجن أعطوه مصحفاً، وبعد ثلاثة أشهر ونصف الشهر أعطوه سجادة صلاة.

ويذكر الجبور أن الطعام كان فظيعاً، وكله تقريباً من المعلبات (وفي كثير من الأحيان كان عبارة عن تونة أو سردين)، وغير مطهر وبلا نكهة وكريه الرائحة، حتى أنه "يشبه طعاماً للكلاب". وبعد وصوله للسجن بعدة أشهر كان الجبور قد فقد الكثير من وزنه، فبعد أن كان يزن 93 كيلوجراماً أصبح يزن 58 كيلوجراماً فقط (حيث كانوا يزنونه كل أسبوع). "كنت أشعر بالضعف والدوار وعدم الاتزان طول الوقت وكأنني على ظهر سفينة في البحر".

واستعاد الجبور ملابسه قطعة بعد أخرى بمرور الوقت. فبعد شهر ونصف الشهر في السجن أعطوه سروالاً، وبعد حوالي ثلاثة أشهر ونصف الشهر أعطوه "تي شيرت"، وأخيراً وبعد حوالي ثمانية أشهر أعطوه حذاء.

وقال الجبور لـ هيومن رايتس ووتش إن رجليه ظلتا في الأصفاد مدة عام ونصف العام. وطوال هذه الفترة لم يكن يستطيع السير إلا بخطى قصيرة لأن السلسلة التي تربط بين كاحليه كان طولها حوالي 75 سم. وعندما كانوا يخرجونه من الزنزانة ليأخذوه إلى غرفة أخرى للاستجواب كانوا يعصبون عينيه.

الأشهر التسعة عشر الباقية

تحسنت طريقة معاملة الجبور إلى حد كبير بعد فترة الأشهر الستة الأولى في المعتقل وظلت تتحسن على مراحل بعد ذلك. وكان أول تغيير كبير هو نقله إلى زنزانة أوسع.

وعند نقله إلى الزنزانة الجديدة وضع الحراس عصابة على عينيه، واقتادوه في طريق طويل معقد ودخلوا وخرجوا به من غرف مختلفة؛ للتشويش على إحساسه بالاتجاه. وعندما وصلوا إلى الزنزانة وأزالوا العصابة وجد الجبور نفسه في غرفة مساحتها خمسة في سبعة أمتار وبها مرتبة ووسادة وحوض مياه وبعض كتب التفسير وبعض ثمار الفراولة. وكانت هذه الزنزانة الواسعة أهدأ من سابقتها الصغيرة، وكانت الأنوار تُطفأ من الساعة الحادية عشرة مساءً إلى الرابعة صباحاً.

وظل الجبور في الزنزانة الجديدة ثلاثة أيام ثم تمت إعادته لفترة وجيزة إلى زنزانته القديمة، وقال إنهم "قالوا لي إنني أستطيع أن آخذ شيئاً واحداً معي، وكنت أريد المرتبة وأحد الكتب لكنني اخترت الكتاب".

وفي 18 ديسمبر/كانون الأول 2004، تم نقل الجبور إلى زنزانة كبيرة في مبنى منفصل. وعندما نقله الحراس إلى هذا المبنى أخذوه إلى الخارج، فقدر أن المبنى الثاني يقع على بعد 70 متراً من المبنى الأول. وكان رقم الزنزانة الجديدة هو B1،[17] ولم يكن بها أية نوافذ أو أي ضوء طبيعي كزنزانته الأولى.

وفي خلال إقامته في المبنى الثاني كانوا يسمحون له بالاستحمام مرة يوم السبت من كل أسبوع.

ولم يمض وقت طويل على نقله إلى المبنى الثاني حتى أعطوه ساعة ونتيجة ومواقيت الصلاة. ويذكر الجبور أنه في الصيف كانت صلاة الفجر تُقام في الساعة 3:25 صباحاً، أما في الشتاء فكانت صلاة الفجر تُقام في الساعة 5:25 صباحاً، وهي أوقات تنطبق على مواقيت الصلاة في أفغانستان.[18]

وباستثناء الاستجواب والتريض منفرداً والاستحمام الأسبوعي، كان الجبور يقضي كل وقته محبوساً بين أربعة جدران في زنزانته. ولما لم يكن لديه شيء آخر يشغله، فقد وضع الجبور همه في تزيين زنزانته، فبعد مرور سنة أعطاه الأميركيون خريطة للعالم ثم أعطوه صوراً لأسماك وحيوانات. وقال الجبور "طلبت منهم صور نباتات، لكنهم لم يعطوني إياها فرسمت شجرة كبيرة ذات أوراق ملونة، وقصصتها ولصقتها بشريط لاصق على الحائط". كما صنع ما يشبه الحشائش من الشرائط الورقية. وقال "رسمت زهوراً ووقفت على مقعدي وألصقتها في السقف". وكان الأميركيون أحياناً يلتقطون صوراً لزنزانته.

وبعد سنة في المعتقل بدأ الأميركيون يسمحون للجبور بمشاهدة فيلم مرة في الأسبوع. وكان بالسجن ما يتراوح بين 200 و250 فيلماً، منها بعض أفلام هوليوود ضخمة الإنتاج وأفلام وثائقية وأفلام رسوم متحركة وأفلام رعب ورياضة ومصارعة.

وبعد عام ونصف العام، علّم أحد الضباط الجبور لعب الشطرنج، فرسم الجبور لوحة شطرنج وصنع قطع شطرنج من الورق. كما كان يلعب الداما والورق مع بعض المحققات. وقبل إطلاق سراحه بحوالي أربعة أشهر أعطي شطرنج إلكتروني ولعبة صغيرة من ألعاب الفيديو.

وكان الجبور يقضي وقتاً طويلاً في القراءة، وكان في السجن مكتبة كبيرة بها مئات الكتب، وصل عددها إبان خروجه إلى أكثر من ألف كتاب بلغات متعددة. وكان معظمها بالعربية، وبعضها بالأردية والفارسية والإندونيسية والإنجليزية.

ومن أروع اللحظات التي عاشها الجبورلحظة أن سمحوا له برؤية ضوء الشمس؛ حيث كان قد قضى عاماً ونصف العام دون أن يرى ولو لمحة واحدة من الضوء الطبيعي. وفي يوم من الأيام فتح الأميركيون طاقة في المبنى الذي كان نزيلاً به، ويتذكر الجبور ذلك بقوله "جاءوني بمقعد لأجلس وتركوني أجلس في نور السماء. كنت سعيداً وأمزح معهم متظاهراً بأنني أنادي من بالخارج قائلاً "النجدة! ليساعدني أحد! أخرجوني من هنا!"

وكان بالمبنى الثاني الذي احتجز فيه فناء للتريض، مساحته حوالي خمسة أمتار في ستة، حيث كان يتم السماح له باللعب بالكرة وحده. وقرب نهاية أسره سمحوا له باستعمال غرفة كبيرة للألعاب البدنية، مساحتها حوالي ثمانية أمتار في خمسة عشر متراً، وسقفها مرتفع إلى حد ملحوظ، وكان أحد معاوني مدير السجن قد كشف عن النوافذ الكائنة بالسقف ليتمكن الجبور من رؤية ضوء الشمس والسماء من خلالها. وأعرب الجبور عن امتنانه لمن أدخل هذه التحسينات، واصفاً إياه بأنه "رجل طيب جداً".

كما تحسن الطعام قرب انتهاء فترة الاعتقال التي دامت أكثر من عامين؛ فبدأ يحصل على خبز أفغاني مع الوجبات. وقرب انتهاء الاعتقال مباشرة أصبح الطعام يأتيه ساخناً. وأحياناً كانوا يقدمون له طعاماً غربياً كالبيتزا والهامبرغر إلى جانب الفطائر والحلوى الغربية.[19]

ولم يتم السماح للجبور مطلقاً بالاتصال بأسرته، وإن لم يفقد الأمل في ذلك تماماً. ويذكر أنه قال "للأمير" الطيب (معاون مدير السجن) "إنني قلق على أسرتي، فقال هناك أشياء في وسعنا، وأشياء أخرى لا نستطيعها، وقال إنه ليس بوسعه أن يسمح لي بالاتصال بهم".

العاملون بالسجن السري

يقدر الجبور أنه رأى في الفترة التي قضاها في السجن، والتي تزيد على العامين، ما يصل إلى حوالي 70 من العاملين، منهم حوالي 25 حارساً و45 من العاملين المدنيين، من بينهم محققون ومشرفون وثلاثة أو أربعة أطباء وبضعة أخصائيين نفسيين. وقال إن الجميع كانوا أميركيين عدا المترجمين الذين كان أغلبهم من العرب (وربما كانوا عرباً أميركيين)، فكان هناك مترجم عراقي وثلاثة مصريين ولبنانية.

وكان بالسجن ثلاثة "أمراء" أو مديرين، خلال الفترة التي قضاها فيه، أولهم رجل ملتح يقدر جبور أنه في الأربعين من العمر، والثاني حليق الرأس وعمره حوالي 38 عاماً (كان الجبور يلعب معه الشطرنج أحياناً)، والثالث كهل في حوالي الخامسة والخمسين، وكان قد وصل في مايو/أيار 2006. وكان هناك خمسة يبدو أنهم يشغلون منصب معاون مدير السجن، منهم اثنين قالا إن اسميهما "تشارلي" و"وارين".

وقال الجبور إن أخصائياً نفسياً كان يلتقي به كل بضعة أشهر، وكان أحد الأخصائيين رجلاً في حوالي الخمسين من العمر، وكانت هناك امرأة في حوالي الخامسة والخمسين، قال الجبور إنه كان يقضي معها ساعة في كل مرة يلتقي بها.

وكان المترجمون والأطباء والمحققون يرتدون الملابس المدنية العادية، أما الحراس، وكلهم من الرجال، فكانوا يرتدون زياً رسمياً أسود وقفازات سوداء وأقنعة بلاستيكية سوداء تغطي عيونهم، ولا يحملون أسلحة، كما أنهم لم يتكلموا، إلا قبل انتهاء فترة اعتقاله مباشرة حيث بدءوا يتحدثون إليه بالإنجليزية بلكنة أميركية.

السجناء الآخرون

نظراً لحجم السجن الذي كان الجبور معتقلاً فيه، فإنه يقدِّر أنه يسع عدداً يتراوح بين 30 و35 معتقلاً. ومما يدعم هذا التقدير وجود مئات الكتب وأشرطة الفيديو في مكتبة السجن، وارتفاع عدد العاملين فيه.

وقد انحصر كل اتصال بين الجبور وبين السجناء الآخرين في الشهر الأول من حبسه، حيث يقدر أنه كان هناك حوالي 12-15 معتقلاً في نفس المنطقة التي كان نزيلاً بها في ذلك الوقت. فقال "كان يدقون على أبواب الزنزانات بشدة متى أحضروا لنا الطعام، وفي البداية كانوا يطرقون حوالي 12-15 باباً".

ووجد الجبور اسماً مكتوباً على حائط في زنزانته وهو مروان العدني. كما سمع ما وصفه بصراخ رهيب، لشخص يستغيث "النجدة النجدة" في الأيام الثلاثة الأولى. وفي اليوم الثالث، وعندما توقف صوت التشويش لبرهة وجيزة (بسبب ما يعتقد الجبور أنه توقف أحد المولدين لتشغيل المولد الثاني) سمع الجبور صوتاً يناديه بالعربية "من أنت؟ لا تخف. تكلم". وعلى الرغم من أن الجبور كان قد تلقى تحذيراً بألا يتكلم مع أحد فقد كان يتحدث مع ذلك السجين الآخر متى توقف المولد. وقال الرجل إن اسمه مروان العدني وإنه معتقل هناك منذ شهرين. وقال إنه تم القبض عليه في العام الماضي وإن الأميركيين احتجزوه في سجن سري به حراس روس،[20] وقال إنه نُقل مع ستة سجناء آخرين من ذلك السجن إلى السجن الحالي.

وقال الجبور إنه تبادل الحديث مع مروان العدني يومياً لمدة ثلاثة أيام، حتى جاء أحد الحراس وعاقبهما، وترك الجبور مصفداً بالأغلال في وضع إجهاد مؤلم لمدة ساعة. ولم يتحدث الجبور مع مروان العدني بعدها مطلقاً، ولكنه بعد عام وجد اسمه مكتوباً على مرتبة سرير، وذات مرة وجد اسمه مكتوباً على قميص. وعند استجوابه في بدء اعتقاله كان أحد المحققين قد أبرز له صورة يقول الجبور إنها صورة العدني.[21]

كما سمع الجبور سجناء آخرين يتحدثون معاً خلال ذلك الوقت، وكان ذلك أيضاً في البرهة الوجيزة التي يحدث فيها التبديل بين المولدين على ما يبدو. وذكر بعضهم خلالها أسماءهم مثل حذيفة وعدنان وعبد الباسط وأبو ياسر الجزيري. وذات مرة خلال الشهر الأول، سمع الجبور أيوب الليبي (الذي كان محتجزاً معه في باكستان) وهو يناديه مرة أخرى.

وكان هناك سجين آخر تواصل معه الجبور بطريقة غير مباشرة وهو مجيد خان المسجون حالياً في غوانتانامو.[22] ففي 18 ديسمبر/كانون الأول 2004، عندما تم نقل الجبور إلى الزنزانة الواسعة، وجد كتابة أسفل حوض الزنزانة تقول "مجيد خان، أميركي باكستاني، 15 ديسمبر/كانون الأول 2004". كما تلقى كتاباً في مايو/أيار 2006 من مكتبة السجن ربما كان مرسلاً إلى خان، حيث أنه لم يطلب هذا الكتاب، ويعتقد أنه أُعطي له بمحض الصدفة. وقد وجد بداخله قصاصة مكتوب عليها بإنجليزية سليمة "أشعر بالاكتئاب والانزعاج. أريد أن أعود لبلدي باكستان. وأريد الاطلاع على الصحف كل يوم".

وكانت الزنزانة B1 التي تم احتجاز الجبور فيها قرابة عام ونصف العام تقع في ممر به زنزانتان أخريان. وقال الجبور إنه على مدى عام تقريباً من ديسمبر/كانون الأول 2004 حتى أواخر العام التالي تم احتجاز شخصين صومالييْن في الزنزانتين المجاورتين. وكان أحياناً يتمكن من سماعهما وهما يتحدثان بالصومالية. وعندما تم نقلهما، حل محلهما سجين واحد على الأقل، ولكن هذا السجين لم يتحدث مطلقاً فلم يعرف الجبور هويته.

وبينما كان الجبور محبوساً في تلك الزنزانة سمع سجيناً يصيح مرتين على الأقل، وكان يبدو عليه الانزعاج الشديد.[23] ويعتقد الجبور أن السجين في المرتين كان يُقتاد عبر الممر لأن الصوت اقترب منه ثم ابتعد.

ولم ير الجبور إلا سجيناً آخر فقط طوال فترة إقامته في السجن السري، وكانت الظروف التي قابله فيها غريبة. ففي نهاية فبراير/شباط 2006، أخبره معاون مدير السجن الذي كان الجبور يحبه، أن لديه أخباراً طيبة. ويتذكر الجبور ذلك بقوله "قال إنهم سيدعونني أجلس مع أخ آخر، فقلت إنني لا أصدقك، فسألني من الذي أود أن أجلس معه: شخص متدين، أم شخص مرح، فقلت أريد شخصاً مرحاً يحب المزاح. فقال إن عندهم هذا الشخص. شخص طيب، وهو ياسر الجزيري.[24]

والتقى الجبور بالجزيري في اليوم التالي، حيث قال له الجزيري إنه وصل إلى السجن في إبريل/نيسان 2004. وقال الجبور "أعتقد أنه كان ضمن مجموعة من ستة سجناء تم نقلهم مع مروان العدني". وأخبر الجزيري الجبور أنه كان في مكان يضربونه فيه بشدة مما تسبب في إحداث عاهة مستديمة بذراعه. وذات مرة قاموا بتشغيل موسيقى عالية الصوت لمدة أربعة أشهر متواصلة.[25] وقال إن الحراس كانوا من الروس لكن المترجمين كانوا أميركيين، كما قال إنه كان هناك سجناء كثيرون في ذلك السجن، وإن السجناء كانوا يستطيعون التحدث معاً.

وقد تم السماح للجبور بالجلوس مع ياسر الجزيري والحديث معه حوالي ثماني مرات، أحياناً مرة في الأسبوع وأحياناً مرة في الشهر. وفي إحدى المرات مُنعا من اللقاء لمدة شهر بعد أن أخبر الجزيري الجبور أن بعض الأميركيين دخلوا غرفته في الساعة الثالثة صباحاً ليعرضوا عليه صوراً لأبي مصعب الزرقاوي الذي كان قد مات وقتها؛[26] فلم يكن من المفترض أن يتحدثا في مثل هذه الأمور. وكانت المرة الأخيرة التي تبادلا فيها الحديث في يوليو/تموز 2006، قبل مغادرة الجبور السجن بأسبوع.

كما علم الجبور عن معتقلين آخرين في الحجز لدى الأميركيين، وذلك من خلال التحقيقات التي أُجريت معه. فقد أراه أحد المحققين صورة رجل صومالي كان الجبور يعرفه من قبل، وكانت الصورة قد تم التقاطها في زنزانة الجبور (الزنزانة الأولى الصغيرة). كما كان هناك معتقل أميركي احتجزه الأميركيون واسمه "سبين جل"، وقد أبرز الأميركيون صوراً له للجبور قبل القبض عليه وبعده.

ومن المعتقلين الآخرين الذين يذكر الجبور أنه شاهد صورهم رجلان، أحدهما اسمه رضا التونسي والآخر اسمه طلحة.[27]

وكانت الصورة التي أدهشت الجبور صورة لفتى اسمه طلحة، يبدو أن عمره تسع سنوات،[28] قيل إن أباه هو حمزة الجوفي وهو أحد قادة المتشددين في وزيرستان.[29] وعندما رأى الجبور صورة طلحة، الذي كان فيما يبدو محتجزاً، أعرب عن دهشته من أن الولايات المتحدة تحتجز صبياً في هذه السن الصغيرة.

الإفراج

بمرور الشهور والسنين فقد الجبور كل أمل في الخروج من السجن، ولكن في مساء يوم 30 يوليو/تموز 2006 أخطره معاون مدير السجن دون سابق إنذار أنه سيخرج من السجن في اليوم التالي. ومن الملاحظ أن هذا الإعلان جاء بعد شهر بالضبط من صدور الحكم المشهود للمحكمة العليا بالولايات المتحدة في القضية المرفوعة من حمدان ضد رامسفيلد، والتي أقرت فيها المحكمة بأن المعتقلين المحتجزين باعتبارهم من مقاتلي العدو يتمتعون بالحماية التي تكفلها اتفاقيات جنيف.[30]

النقل إلى الأردن

قال له معاون مدير السجن إنه يعرف إلى أين سيرسلونه، لكنه لا يستطيع إخباره، وقال إنه لا توجد دورة مياة في الطائرة ومن ثم يجب أن يرتدي الجبور حفاظا، وإنهم سيصورونه عارياً حتى يتبين أنه لم يُصب بأذى بدني، وأخبر الجبور أن يستعد للمغادرة في السادسة مساءً.

وفي مساء اليوم التالي أخذه فريق النقل، ووضعوا قطناً على عينيه وفي أذنيه ثم غطوا القطن بغطاء مطاطي، ووضعوا شريطاً حول رأسه وقناعاً على وجهه، وسماعات على أذنيه. وكانت يداه مقيدتين أمامه ورجلاه مصفدتين. كما وضعوا حزاماً حول رجليه فوق الركبة وربطوه إلى القيود التي تغل يديه. وقال الجبور "كنت أشعر وكأنني مومياء".

ثم أخذوا الجبور إلى سيارة بالخارج ووضعوه فيها، ويكاد الجبور أن يكون موقناً أنه كان هناك سجين آخر معه، ثم سارت السيارة بهم مدة ساعة تقريباً.

وبعد ذلك أخرجوا الجبور من السيارة ووضعوه على مقعد، ثم سمع ثلاث طلقات. ويقول "كنت خائفاً وظننت أنهم يطلقون النار على أحد". وكان الفريق فظاً في التعامل معه مما زاد من حدة خوفه.

وفجأة أزالوا كل الأغطية التي كانت تغطيه ونزعوا عنه كل ملابسه، وعندما فتح عينيه وجد رجلاً يصوب نحوه كاميرا فيديو. ثم ألبسه فريق النقل حفاظاً وألبسوه نفس الملابس مرة أخرى، إلا إنهم هذه المرة استخدموا قيوداً بلاستيكية ليقيدوا بها يديه.

وقد شعر الجبور بالطائرة دون أن يراها، ولكن يبدو أنها كانت طائرة نفاثة مدنية صغيرة، حيث كانت المقاعد باتجاه الأمام كما في طائرات الركاب العادية. وفي أثناء الرحلة قام طبيب بقياس ضغط الدم له. واستغرقت الرحلة ما بين ثلاث ساعات ونصف الساعة وأربع ساعات.

الاحتجاز في الأردن وإسرائيل

بعد نزول الطائرة تم أخذ الجبور في سيارة لمدة حوالي 40 دقيقة ثم أُخرج منها وأُدخل إلى مبنى. وأجلسه من كانوا معه ثم بدأوا يفكون الأغطية التي تغطيه، وقال له أحدهم بالعربية "ابق عينيك مغمضتين. والآن افتحهما ببطء".

وعندما فتح الجبور عينيه رأى جنوداً بالزي الرسمي ورجالاً يرتدون الملابس المدنية. كما رأى صورة في إطار للملك حسين وأخرى للملك عبد الله، فخمن أنه في الأردن. وبعد استجوابه تم إرساله إلى زنزانة حيث أخبره أحد الحراس أخيراً أنه في عمان بالأردن. وبعد ذلك علم أنه محتجز بمقر المخابرات الأردنية.

وبعد أسبوعين، أي في حوالي 14 أغسطس/آب، زاره أحد ممثلي اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهو أول مراقب مستقل يراه الجبور منذ عامين ونصف العام في السجن. وقال الجبور إنه "اندهش جداً لسماع قصتي". وأعطى الجبور لممثل الصليب الأحمر بيانات الاتصال بأقارب له في الأردن. وبعد أسبوعين جاءت مجموعة من أفراد أسرته، وبعضهم جاء مسافراً من الخارج، إلى المعتقل في يوم الزيارة وسُمح لهم بالتحدث مع الجبور لفترة وجيزة. وقال الجبور فيما بعد لـ هيومن رايتس ووتش "كنت في غاية السعادة لرؤيتهم".

وبينما كان الجبور محتجزاً في الأردن، تم السماح له بإرسال خطابات إلى زوجته وأطفاله، في أول مرة يُسمح له بالاتصال بهم منذ سنتين.

وفي 18 سبتمبر/أيلول 2006، نقل الأردنيون الجبور إلى حجز إسرائيلي، ففي صباح ذلك اليوم قالوا له إنهم على وشك الإفراج عنه. ويقول "هنأوني بأنني أصبحت حراً، لكنني كنت لا أزال مقيد اليدين. ثم أخذوني إلى سيارة سارت بنا إلى جسر الملك حسين [على الحدود بين الأردن والضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل]. وكان بعض العملاء الإسرائيليون ينتظرونه على الجسر فسلمه الأردنيون إليهم.

وبعد بضعة أيام من نقله إلى إسرائيل، تم السماح للجبور بمقابلة محام، وبعدها بقليل قُدم للمحاكمة. وبعد ستة أسابيع في الحجز في إسرائيل أفرج عنه في غزة التي يعيش فيها بعض أقاربه. وهكذا وبعد عامين ونصف العام من القبض عليه أول مرة استطاع أخيراً أن يتحدث إلى زوجته وأطفاله بالهاتف.

III. برنامج وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية للاعتقال السري

برنامج الاعتقال والاستجواب الذي تم احتجاز الجبور في إطاره هو برنامج تديره وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وأُنشئ بموجب توجيهات رئاسية سرية صدرت في 17 سبتمبر/أيلول 2001، واستمر البرنامج يجري في سرية شديدة حوالي خمسة أعوام.[31]

وكما يتضح من قضية الجبور، فإن السجناء في إطار برنامج الاستخبارات الأميركية "اختفوا" باحتجازهم في معتقلات سرية غير معلن عنها، ومُنعوا من الاتصال بأفراد أسرهم ومن الاستعانة بمحام أو بأي شخص خارج المعتقل. وعلى الرغم من أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أعربت مراراً عن القلق من منعها من الاتصال بالمعتقلين الذين تحتجزهم الاستخبارات الأميركية، فقد رفضت الحكومة الأميركية السماح لها بزيارة هذه المعتقلات.[32]

وفي خطاب أذاعته محطات التليفزيون، في سبتمبر/أيلول 2006، قبيل ذكرى هجمات 11 سبتمبر/أيلول الإرهابية، أعلن الرئيس جورج بوش أن الاستخبارات المركزية تعتقل سراً بعض المشتبه في أنهم إرهابيون في معتقلات خارج الأراضي الأميركية. وقال الرئيس إنه لا يستطيع الكشف عن "تفاصيل البرنامج، بما في ذلك مكان احتجاز هؤلاء المعتقلين والتفاصيل الخاصة بسجنهم". لكنه كرس معظم خطابه للإشادة بمنجزات البرنامج. وبينما زعم الرئيس بوش أن الولايات المتحدة "لا تستخدم التعذيب"، وهو الزعم الذي اتضح شيئاً فشيئاً أنه شعار أجوف، فقد أشار إلى عديد من القضايا التي استخدمت فيها الاستخبارات المركزية "مجموعة بديلة من الإجراءات"، للحصول على المعلومات من المعتقلين الذي يقاومون الاستجواب. وقال بوش "لا أستطيع أن أصف بالتفصيل تلك الإجراءات المستخدمة وأعتقد أنكم تفهمون لماذا لأنني لو فعلت ذلك لساعدت الإرهابيين على التعرف على كيفية مقاومة الاستجواب، وحجب المعلومات التي نحتاجها لمنع وقوع هجمات جديدة على بلادنا. لكنني أستطيع القول بأن هذه الإجراءات قاسية وآمنة وقانونية وضرورية.[33]

وكما يتبين في المناقشة الواردة أدناه، فإن طرق الاستجواب التي ورد أنها تم استخدامها في السجون السرية لوكالة الاستخبارات المركزية تتضمن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية، وأنها كانت أبعد ما تكون عن الإجراءات القانونية.

اكتشاف البرنامج

يُعتبر خطاب الرئيس بوش أهم إقرار رسمي بوجود برنامج الاستخبارات المركزية للاعتقال، لكن لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم الكشف فيها عن معلومات بخصوص الاعتقال السري على أيدي الاستخبارات المركزية الأميركية. فقد بدأ منذ عام 2001 تداول بعض التقارير التي تشتبه في أن الاستخبارات الأميركية تحتجز بعض عناصر تنظيم"القاعدة" "في أماكن غير معلن عنها بالخارج" 2002.[34]

وجاء أول إقرار رسمي بصحة هذه التقارير إبان محاكمة زكريا الموسوي أمام القضاء الفيدرالي عن هجمات 11 سبتمبر/أيلول.[35] ففي فبراير/شباط 2003، قضى القاضي بالمحكمة الفيدرالية الجزئية التي تنظر قضية الموسوي بضرورة سماح الحكومة لمحاميي الموسوي باستجواب رمزي بن الشيبة، الذي ُيزعم أنه أحد أركان هجمات 11 سبتمبر/أيلول، والذي لديه معلومات من شأنها إعفاء الموسوي من المسئولية عن هذه الهجمات. وحيث أن أي متهم يتمتع بالحق الدستوري في الاستعانة بشهود إبراء من المحتجزين لدى الحكومة، فقد اضطرت الحكومة للاعتراف بأنها تحتجز ابن الشيبة في مكان سري خارج الأراضي الأميركية. إلا إن الحكومة قالت إن السماح لمحامي الموسوي باستجواب ابن الشيبة يمثل تدخلاً خطيراً في التحقيق مع الأخير. وعلى الرغم من رفض القاضي لحجة الحكومة، وأمره بضرورة السماح بتصوير الاستجواب بكاميرات الفيديو ذات الدوائر المغلقة، فقد ألغت محكمة الاستئناف بالدائرة الرابعة فيما بعد حكم المحكمة الجزئية ومنعت كل سبل الاتصال بابن الشيبة.[36] كما حدث موقف مشابه فيما بعد في محاكمة عزير بركة أمام القضاء الفيدرالي.[37]

كما ظهرت روايات مباشرة أكثر تفصيلاً عن برنامج الاعتقال والاستجواب السري لوكالة الاستخبارات المركزية حكاها معتقلون سابقون في عامي 2004 و2005، وأبرزها ما حدث في يونيو/حزيران 2004، عندما أبلغ خالد المصري، وهو مواطن ألماني من أصل لبناني، الشرطة الألمانية عن اختطافه والاعتداء عليه وحجزه في معتقل سري. وكان عملاء مقدونيون قد قبضوا عليه في 13 ديسمبر/كانون الأول 2003 على الحدود بين صربيا ومقدونيا، واحتجزوه سراً قرابة الشهر في فندق يقع في سكوبي، ثم تسلمه عملاء أميركيون طاروا به إلى أفغانستان، حيث قضى أربعة أشهر محتجزاً في مكان غير معلوم. وعندما تم الكشف عن قصته، قال محاميه إنه يعتقد أن المصري كان محتجزاً لدى وكالة الاستخبارات المركزية. وعندما أجرى بعض الصحفيين حديثاً مع مسئولين بالاستخبارات المركزية الأميركية حول مزاعم المصري، رفض المسئولون تأكيد أو نفي مسألة احتجازه.[38]

وبعد ذلك، وفي عام 2005، حكى ثلاثة معتقلين يمنيين سابقين لمنظمة العفو الدولية عن تجاربهم في الحجز لدى الاستخبارات المركزية، كما ذكر عدد من معتقلي غوانتانامو لمحاميهم أنهم قبل نقلهم إلى غوانتانامو كانوا محتجزين في "سجن مظلم" سري في كابول بأفغانستان.[39] وكانت هناك ملامح مشتركة بين كل هذه الروايات، مثل وصف المحققين ومديري السجون الذين يتكلمون الإنجليزية بلكنة أميركية والحراس الذين يرتدون الزي الرسمي الأسود والأقنعة، والرحلات الجوية التي يرتدي فيها المعتقل حفاظات ويُربط كأنه لفافة، والأشكال المختلفة من الإيذاء البدني والنفسي.

وبالرجوع إلى سجلات الرحلات الجوية والمعلومات المستقاة من مراقبي الملاحة الجوية (المختصين بمراقبة الإقلاع والوصول في المطارات) تمكن الصحفيون والمحققون في مجال حقوق الإنسان من الكشف عن عدد من الرحلات التي يُزعم أن وكالة الاستخبارات المركزية نقلت عليها السجناء.[40]

ولكن، على الرغم من تصاعد الدلائل التي تثبت وجود برنامج وكالة الاستخبارات المركزية للسجن السري، فقد رفضت إدارة بوش مناقشة العمليات التي تتم في إطاره. بل إن الأنباء أفادت أن الإدارة لم تعط أية تفاصيل حقيقية عن وصف البرنامج للجان المعنية بالاستخبارات في الكونغرس والمكلفة بالإشراف على أنشطة الاستخبارات المركزية.[41] حتى أن صحيفة "واشنطن بوست" نشرت موضوعاً إخبارياً على الصفحة الأولى، في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، تصف فيها تاريخ ونطاق برنامج الاعتقال وهو الموضوع الذي ورد أنه يستند إلى روايات مسئولين حاليين وسابقين بجهاز الاستخبارات ومع ذلك، لم يتحدث أي مسئول بالإدارة الأميركية عن البرنامج بصفة رسمية.[42]

وجاء في صحيفة "واشنطن بوست" أن برنامج الاعتقال السري كان يضم، في فترات مختلفة، ثمانية بلدان، منها تايلاند وأفغانستان وعدة بلدان ديمقراطية في أوروبا الشرقية. وعلى الرغم من أن الصحيفة لم تذكر أسماء دول أوروبا الشرقية التي يوجد بها السجناء، وذلك بناء على طلب الحكومة الأميركية، فقد صدرت معلومات عن هيومن رايتس ووتش تشير إلى بولندا ورومانيا من بين مواقع المعتقلات.[43] وبعد بضعة أسابيع، أعلنت محطة "إيه بي سي" الإخبارية أن ما لا يقل عن 11 شخصاً من الأشخاص، الذين يُعتبرون "أهدافاً عالية القيمة"، قد تم احتجازهم في حجز وكالة الاستخبارات المركزية في بولندا.[44]

وبناءً على معلومات مستمدة من مصادر استخباراتية حالية وسابقة، وصف عدد من الصحفيين طرق الاستجواب المستخدمة في المنشآت التابعة للاستخبارات المركزية. ومن بينهذه "الأساليب المحسنة للاستجواب" على حد وصف وكالة الاستخبارات المركزية كما قيل الحرمان من النوم لمدة طويلة مع الإجبار على الوقوف، والتعريض للبرد الشديد.[45] كما ورد أن وكالة الاستخبارات المركزية تستخدم أسلوب الغمر، وهو طريقة للتعذيب تقوم على تقييد السجين إلى لوح وجعله يشعر وكأنه يغرق. ومن المعتقد أن عدداً من السجناء الأربعة عشر الذين تم نقلهم إلى غوانتانامو قد تعرضوا لأسلوب الغمر.[46]

علاقة باكستان بالبرنامج

لم تكن تجربة الجبور مع الاعتقال في باكستان و"اختفائه" بعدها في حجز الاستخبارات المركزية الأميركية تجربةً فريدةً من نوعها. إذ يبدو أن أغلبية كبيرة من السجناء الذين تحتجزهم وكالة الاستخبارات المركزية تم القبض عليهم أصلاً في باكستان، وكثيراً ما تم ذلك في أثناء العمليات الأميركية الباكستانية المشتركة. فعلى سبيل المثال، ألقي القبض في باكستان على تسعة من بين معتقلي الاستخبارات المركزية المصنفين على مستوى عال من الأهمية الذين نقلوا إلى غوانتانامو في سبتمبر/أيلول 2006.[47] كما أن معظم من يُعتقد أن الاستخبارات المركزية تحتجزهم قُبض عليهم في باكستان.

ولم تُخف السلطات الباكستانية أنها سلمت عدة مئات من المشتبه في ضلوعهم في الإرهاب إلى الولايات المتحدة، متفاخرةً بأن القبض عليهم ونقلهم دليل على تعاون باكستان مع الولايات المتحدة في حملتها على الإرهاب.[48] وإذا كان معظم هؤلاء المعتقلين قد نُقلوا إلى سجون عسكرية أميركية في أفغانستان أو غوانتانامو ،[49] أو نُقلوا إلى بلد ثالث عبر برنامج الاستخبارات المركزية لتسليم المقبوض عليهم،[50] فقد اختفى عدد لا يستهان به منهم إبان احتجاز الاستخبارات المركزية لهم.[51] وقد رفعت أسرهم دعاوى قضائية أمام المحاكم الباكستانية في بعض الحالات، ولكن دون أن يعلموا إذا كان أقرباؤهم محتجزين في باكستان أو في حجز الولايات المتحدة أو في مكان آخر.[52]

IV. المعتقلون السابقون: أين هم الآن؟

ليس من المعروف على وجه الدقة عدد المعتقلين الذين تم احتجازهم في إطار برنامج وكالة الاستخبارات المركزية للسجن السري في وقت ما قبل سبتمبر/أيلول 2006، ولكن من المؤكد أنهم كانوا أكثر من أربعة عشر.

وتتفاوت التقديرات حول عدد المعتقلين الذين احتجزتهم وكالة الاستخبارات المركزية طوال مدة البرنامج. فقد تحدثت صحيفة "واشنطن بوست" عن نظام ثنائي للاعتقال يضم حوالي 30 من "المشتبه فيهم الرئيسيين فيما يتعلق بالإرهاب"، وهم محتجزون في سجون شديدة الحراسة تقتصر إدارتها على مسئولي وكالة الاستخبارات المركزية، بالإضافة إلى 70 مشتبهاً بدرجة أقل من الأهمية يُنقلون إلى سجون تديرها أجهزة استخبارات تابعة لبلدان أخرى.[53] كما تم الزعم بأن المشتبه فيهم الرئيسيين، الذين يُطلق عليهم وصف "أهداف عالية القيمة"، هم من كبار زعماء تنظيم القاعدة، وليسوا "أذناباً".[54]

إلا إن الصورة التي ترسمها روايات المعتقلين توحي بأن هذه التقديرات أقل من الأعداد الحقيقية وأن الصورة الحقيقية أكثر تعقيداً. ففي حالة السجن الذي احتُجز فيه خالد المصري، على سبيل المثال، كان الحراس منالأفغان، أما المترجمون والمدير العام والقائمون على نقل السجناء فيبدو أنهم كانوا من وكالة الاستخبارات المركزية.[55] لذلك كان السجناء يتعاملون يومياً مع مسئولين أفغان، أما كل القرارات المهمة المتعلقة بالحجز والمعاملة والإفراج فكانت في أيدي الأميركيين.

وفي السجن المسمى بالسجن المظلم في أفغانستان، والذي تقتصر إدارته فيما يبدو على مسئولي وكالة الاستخبارات المركزية، كانت هناك أعداد كبيرة من المعتقلين الذين ليسوا على رأس المشتبه في ضلوعهم في الإرهاب. وهناك على حد علم هيومن رايتس وتش حوالي 20 سجيناً سبق احتجازهم في هذا السجن وهم الآن في معتقل غوانتانامو، إلى جانب معتقل سابق أُفرج عنه من غوانتانامو في 2004.[56] ومعظم هؤلاء السجناء (وبالطبع ذلك الذي أفرج عنه) لا يُعتبرون من كبار المشتبه فيهم.

كما أن السجناء أمثال مروان الجبور والمعتقلين اليمنيين الثلاثة السابقين الذين التقت بهم منظمة العفو الدولية في عام 2005 لم يكونوا عن كبار المشتبه فيهم، حيث أُفرج عنهم في آخر الأمر دون توجيه أي اتهام إليهم. إلا إنهم احتُجزوا بدورهم في سجون يبدو أن طواقمها مقصورة على الأميركيين، وبها ترتيبات أمنية مشددة خاصة بوكالة الاستخبارات المركزية.

المعتقلون المفقودون

لا يوجد سجل شامل بمصير الأشخاص الذين اعتقلتهم وكالة الاستخبارات المركزية. ولكن بناءً على شهادة بعض المعتقلين والمقالات الصحفية وغيرها من المصادر، أعدت هيومن رايتس ووتش قائمة بأسماء 16 شخصاً تعتقد أنهم كانوا ذات يوم معتقلين في سجون وكالة الاستخبارات المركزية ولا يُعرف أين هم حالياً. كما جمعت هيومن رايتس ووتش قائمة أخرى منفصلة بها 22 اسماً لأشخاص ربما احتُجزوا ذات يوم في سجون وكالة الاستخبارات المركزية، ولا يُعرف أين هم في الوقت الحالي.[57]

وفيما يلي أسماء من يُعتقد أنهم احتجزوا ذات يوم في سجون وكالة الاستخبارات المركزية، مع بيان جنسياتهم والمكان والتوقيت المفترض أنهم قبض عليهم فيه:

1.ابن الشيخ الليبي (ليبي) (باكستان 11/1)[58]

2.محمد عمر عبد الرحمن (وشهرته أسد الله) (مصري) (كويتا، باكستان، 2/3)

3.ياسر الجزيري (جزائري) (لاهور، باكستان، 3/3)

4.سليمان عبد الله سالم (كيني) (مقديشو، الصومال، 3/3)

5.مروان العدني (يمني) (قبض عليه تقريباً في 5/3)

6.علي عبد الرحمن الفقاسي الغامدي (وشهرته أبو بكر الأزدي) (سعودي) (المدينة، السعودية، 6/3)

7.حسن غول (باكستاني) (شمالي العرق، 1/4)

8.أيوب الليبي (ليبي) (بيشاور، باكستان، 1/4)

9.محمد الأفغاني (أفغاني ولد بالسعودية) (بيشاورن باكستانن 5/4)

10.عبد الباسط (لعله سعودي أو يمني) (قبض عليه قبل 6/4)

11.عدنان (قبض عليه قبل 6/4)

12.حذيفة (قبض عليه قبل 6/4)

13.محمد نعيم نور خان (وشهرته أبو طلحة) (باكستاني) (لاهور،باكستان، 7/4)

14.محمد ستماريان ناصر (سوري/إسباني) (كويتا، باكستانن 11/5)

15.صومالي مجهول الاسم (لعله شعيب الصومالي أو رضوان الصومالي)

16.صومالي مجهول الاسم (لعله شعيب الصومالي أو رضوان الصومالي)

أما الأشخاص الآتية أسماؤهم فلعلهم احتجزوا ذات مرة في السجون السرية لوكالة الاستخبارات المركزية:

1.عبد الهادي العراقي (يُفترض أنه عراقي) (1/2)

2.أنس الليبي (الخرطوم، السودان، 2/2)

3.رضا التونسي (كراتشي، باكستان من مطلع عام 2002 إلى منتصفه)

4.شيخ أحمد سالم (وشهرته سويدان) (تنزاني) (قردار، باكستان، 7/2)

5.سيف الإسلام المصري (مصري) (بانكيسي جورج، جورجيا، 9/2)

6.أمين اليافع (يمني) (إيران 2002)

7.الرُبَيَّع (عراقي) (إيران، 2002)

8.عافية صديقي (باكستاني) (كراتشي، باكستان/ 3/3)

9.جواد البشار (مصري) (فيندر، بلوخستان، باكستان، 5/3)

10.صفوان الهاشم (وشهرته عفان الهاشم) (سعودي) (حيدر أباد، باكستان، 5/3)

11.أبو نسيم (تونسي) (بيشاور، باكستان 6/3)

12.وليد بن عزمي (جنسيته غير معروفة) (كراتشي، 1/4)

13.عباد الياقوتي الشيخ السفيان (سعودي) (كراتشي، باكستان، 1/4)

14.أمير حسين عبد الله المصري (وشهرته فضل محمد عبد الله المصري) (مصري) (كراتشي، باكستان، 1/4)

15.خالد الظواهري (مصري) (وزيرستان الجنوبية، باكستان، 2/4)

16.مصعب عروشي (وشهرته البلوشي) (باكستاني) (كراتشي، باكستان، 8/4)

17.قاري سيف الله أختر (باكستاني) (قُبض عليه في الإمارات العربية المتحدة، 8/4)

18.مصطفى محمد فاضل (كيني/مصري) (شرقي البنجاب، باكستان، 8/4)

19.شريف المصري (مصري) (حدود باكستان، 8/4)

20.أسامه نظير (باكستاني) (فيصل آباد، باكستان، 11/4)

21.أسامه بن يوسف (فيصل آباد، باكستان، 8/5)

22.سبين غول (إفريقي) (باكستان)

أما السؤال المهم الذي لا إجابة له حتى الآن فهو: أين كل هؤلاء المعتقلين الآن؟ فمن دواعي القلق أن الولايات المتحدة ربما تكون قد نقلت بعضهم إلى سجون أجنبية حيث يظلون لاعتبارات عملية تحت سيطرة وكالة الاستخبارات المركزية. ومن دواعي القلق كذلك أن السجناء تم نقلهم من حجز وكالة الاستخبارات المركزية إلى أماكن قد يواجهوا فيها تهديداً خطيراً بالتعرض للتعذيب مما يُعد انتهاكاً للحظر الأساسي لإعادة الأشخاص إلى حيث يتعرضن لخطر التعذيب. وجدير بالذكر في هذا الصدد أن بعض السجناء المفقودين هم من الجزائر ومصر وليبيا وسوريا، وهي بلدان يشيع فيها تعذيب المشتبه في أنهم إرهابيون.

V. برنامج وكالة الاستخبارات المركزية وانتهاكات حقوق الإنسان

في الخطاب الذي ألقاه الرئيس بوش في 6 سبتمبر/أيلول 2006، ذكر أن برنامج وكالة الاستخبارات المركزية للاعتقال والاستجواب "تعرض لمراجعات قانونية عدة من جانب وزارة الدفاع ومحاميي وكالة الاستخبارات المركزية"، وأنه "خضع لإشراف صارم من جانب المفتش العام للوكالة". ولكن إذا كان البرنامج قد مر بعملية الفحص الدقيق، كما ألمح الرئيس بوش، فإن ذلك يطرح تساؤلات خطيرة حول المراجعة القانونية من جانب الأجهزة الحكومية المسئولة عن القضايا ذات العواقب القومية والدولية. أي أن البرنامج غير قانوني قلباً وقالباً بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان ومعايير القانون الإنساني.

يُعد اعتقال وإيذاء السجناء، أمثال مروان جبور، انتهاكاً من جانب الولايات المتحدة لمجموعة من المعايير الأساسية لحقوق الإنسان. فالاختفاء القسري، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي والسري والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، كلها محظورة بموجب قانون حقوق الإنسان الدولي.

الاختفاء القسري

تعرِّف "الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري" (اتفاقية الاختفاء القسري) "الاختفاء القسري" بأنه:

الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون..[59]

وعلى الرغم من أن هذه الاتفاقية التي اعتُمدت مؤخراً لم تدخل بعد حيز التنفيذ، فإن تعريفها للاختفاء القسري يتوافق مع التعريفات الواردة في عدد من المواثيق الدولية السابقة.[60]

وعندما بدأ التوقيع على "اتفاقية الاختفاء القسري" 6 فبراير/شباط 2007، وقعتها 57 دولة على الفور. لكن الولايات المتحدة لم تكن من بين الدول الموقعة، على الرغم من مشاركتها النشطة في صياغة الاتفاقية. وقال شون ماكورماك المتحدث باسم وزارة الخارجية إن الولايات المتحدة لم توقع لأن الاتفاقية بصورتها المعتمدة "لا تلبي احتياجاتنا وتوقعاتنا"، لكنه لم يقدم مزيداً من الإيضاحات.[61]

ويحظر القانون الدولي "الاختفاء" في كل الظروف، إذ تنص "اتفاقية الاختفاء القسري" على أنه "لا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير الاختفاء القسري". وتحظر الاتفاقية الاعتقال السري، وتطالب الدول الأطراف بوضع جميع المعتقلين في معتقلات معلومة رسمياً، والاحتفاظ بسجلات رسمية مفصلة لكل المعتقلين، والسماح للمعتقلين بالاتصال بأسرهم ومحاميهم وتمكين السلطات المختصة من الاتصال بالمعتقلين.

وتمثل ممارسة الاختفاء القسري تهديداً خطيراً لعدد من حقوق الإنسان، مثل الحق في الحياة، وتحريم التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والحق في الحرية والأمن الشخصي، والحق في المحاكمة العادلة والعلنية.[62]ولطالما أقر "الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري"، التابع للأمم المتحدة، بأن جريمة الاختفاء القسري "جريمة مستمرة حتى يُعرف مصير أو مكان المختفي".[63] ومن ثم فإن "المختفين" الذين تحتجزهم الولايات المتحدة والذين نُقلوا منذ اختفائهم إلى مكان آخر يظلون التزاماً قانونياً على الولايات المتحدة مادام لم يُعرف بعد مصيرهم أو مكانهم.

ولا يمثل الاختفاء القسري انتهاكاً للحقوق الأساسية للشخص "المختفي" فحسب، بل إنه يحدث ألماً ومعاناة نفسية شديدة لأفراد أسرة هذا الشخص أيضاً.[64] فإذا كان اعتقال الجبور سراً يُعد إيذاء له فإنه يعني أيضاً أن أطفاله الثلاثة أصبحن لا يعرفن إن كان أبوهن لا يزال على قيد الحياة أم لا، وأن زوجته لا تعرف إن كانت لا تزال متزوجة أم لا، وهذه الحيرة تعقد من آثار فقد القريب.

ومن الملاحظ أن "الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري"، التابع للأمم المتحدة أعرب عن القلق الشديد من استخدام الحكومة الأميركية للسجون السرية لاحتجاز المشتبه في أنهم إرهابيون، وخلصت إلى أن الاعتقال في هذه الظروف يُعد "إنكاراً خطيراً لحقوق الإنسان الأساسية [للمعتقلين] لا يتفق والقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان".[65]

وضماناً لحماية المعتقلين من التعرض للانتهاك، ينبغي إيداعهم في معتقلات معترف بها رسمياً. ويجب الاحتفاظ بسجلات تثبت أسماء السجناء ومكان احتجازهم وأسماء المسئولين عن اعتقالهم، وأن تكون هذه السجلات متاحة لمن يعنيهم الأمر، مثل أقربائهم وأصدقائهم. وبالإضافة إلى ذلك، يجب "موافاة أقاربهم أو محاميهم أو غيرهم من الأشخاص المتمتعين بثقتهم، فوراً، بمعلومات دقيقة عن احتجازهم وأماكن وجودهم، بما في ذلك عمليات نقلهم".[66] وأخيراً، يجب تسجيل أسماء وأماكن كل الاستجوابات، وأسماء كل من كان حاضراً بها، ويجب أن تكون هذه المعلومات متاحة لأغراض اتخاذ الإجراءات القضائية أوالإدارية.[67]

كما يحظر القانون الدولي الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي حتى ولو لم يمثل "اختفاء".[68] وطبقاً لقانون العلاقات الخارجية للولايات المتحدة [الصياغة الثالثة] فإن الدولة تكون قد انتهكت القانون إذا مارست الاعتقال التعسفي المطول أو شجعت عليه أو تغاضت عنه، باعتبار ذلك جزءاً من سياسة الدولة.[69]

التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة

يحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان التعذيب وغيره من ضروب إساءة معاملة الأشخاص المحتجزين في جميع الظروف، سواءً في أوقات الحرب أو السلم. ومن المعاهدات المتعلقة بذلك الحظر "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، و"اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" (اتفاقية مناهضة التعذيب)، وكلاهما قد صادقت عليه الولايات المتحدة.

كما يرد حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في مواثيق دولية أخرى، مثل "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، و"مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن"، و"القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء".

كما يحظر القانون الإنساني الدولي (قوانين الحرب) التعذيب والاستجواب بالإكراه في جميع الأوقات خلال الصراع المسلح. ويتجلى هذا الحظر القائم في اتفاقيات جنيف[70] إلى جانب القوانين العرفية للحرب[71] في الأدلة العسكرية الأميركية الميدانية والتدريبية.[72]

وفي 2 ديسمبر/كانون الأول 2002، وافق دونالد رامسفيلد وزير الدفاع على استخدام 16 وسيلة للاستجواب في خليج غوانتانامو، منها "الأوضاع المجهدة"، وتغطية الرأس، والعزل، والتجريد من الثياب، والحرمان من الضوء، ومصادرة الرموز الدينية، والهندام قسراً (حلاقة شعر الوجه)، واستخدام الكلاب. وفي 15 يناير/كانون الثاني 2003، وعلى إثر انتقادات وجهها المستشار العام بالبحرية الأميركية ألغى رامسفيلد التوجيهات الصادرة في 2 ديسمبر/كانون الأول، قائلاً إن الأساليب الأكثر قسوة من بينها لن تُستخدم إلا بموافقته. ثم شكل رامسفيلد مجموعة عمل لدراسة طرق الاستجواب التي ينبغي السماح باستخدامها مع سجناء غوانتانامو، فتمخضت هذه الدراسة عن إعلان رامسفيلد، في 16 إبريل/نيسان، عن مذكرة تحدد الأساليب التي يقتصر استخدامها على استجواب "المقاتلين غير الشرعيين" المحتجزين في غوانتانامو. ولم يعد يُسمح بعد ذلك باستخدام أوضاع الإجهاد والتجريد من الثياب والكلاب.[73]

وقد "هاجرت" تلك الأساليب التي يمكن اتباعها في الاستجواب حد تعبير تقرير شليزنغر إلى العراق وأفغانستان ليطبقها المسئولون الأميركيون بصورة دورية على المعتقلين.[74] وبعد الكشف عن صور سجن أبو غريب في إبريل/نيسان 2004، أنكرت إدارة بوش المسئولية، وفي آخر الأمر تم تغيير مذكرة وزارة الدفاع المؤرخة في 1 أغسطس/آب 2002، والتي كانت تُعتبر بمثابة المنطق القانوني لأساليب الاستجواب المسموح بها.

إلا إن هذه القيود على طرق الاستجواب لم تكن تسري على وكالة الاستخبارات المركزية، فيما يبدو. حيث ورد أن إدارة بوش ووزارة العدل أعطتا الإذن لوكالة الاستخبارات المركزية باستخدام سبل إضافية مثل الغمر بالماء (محاكاة الغرق).[75] وفي يناير/كانون الثاني 2005، زعم المدعي العام المعين ألبرتو غونزاليس، في رد كتابي خلال جلسات الإثبات، أن الحظر الدولي للمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لا يسري على المسئولين الأميركيين في معاملة غير المواطنين بالخارج، مشيراً إلى أنه لا يوجد أي قانون يحظر على وكالة الاستخبارات المركزية استعمال المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في استجواب غير الأميركيين خارج الولايات المتحدة.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2005، وعلى الرغم من اعتراض إدارة بوش، سن الكونغرس "قانون معاملة المحتجزين"، وهو يتضمن "تعديل ماكين" الذي يحظر استخدام المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من جانب أي مسئول أميركي يعمل في أي مكان في العالم. وفي يونيو/حزيران 2006، قضت المحكمة العليا في الدعوى المرفوعة من حمدان على رامسفيلد بضرورة قيام الحكومة الأميركية بمعاملة معتقلي القاعدة معاملة إنسانية وفقاً لنصوص المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف.

ثم أمرت وزارة الدفاع الجيش بالعمل على ضمان التزامه بهذه المعايير في جميع الممارسات، وأعلنت عن قواعد جديدة ترفض الكثير من طرق الاستجواب المنطوية على الانتهاك، مثل "الغمر بالماء"، وأوضاع الإجهاد المؤلمة، والحرمان من النوم أو التعريض للبرد لفترات طويلة. إلا إن إدارة بوش اقترحت، في الوقت نفسه، سن قانون آخر يجُبُّ معايير المعاملة الإنسانية الواردة في المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف للسماح لوكالة الاستخبارات المركزية بمواصلة استخدام طرق الاستجواب المنطوية على الانتهاك والتي حظرتها حالياً وزارة الدفاع الأميركية. فرفض الكونغرس في آخر الأمر اقتراح الإدارة، لكن النتائج المترتبة على ذلك جاءت متباينة. ففي قانون المحاكم العسكرية الصادر عام 2006، أبقى الكونغرس على معظم ما جاء في قانون جرائم الحرب لعام 1996، الذي ينص على محاكمة المحققين محاكمة جنائية عن التعذيب و"المعاملة القاسية واللاإنسانية" (التي يُعرِّفها بأنها سلوك يتسبب في ألم أو معاناة بدنية أو نفسية شديدة). لكن القانون يحد من نطاق الجرائم التي تستوجب إقامة الدعوى القضائية بموجب قانون جرائم الحرب، حيث يزيد من المستوى المسموح به لإلحاق الألم أو المعاناة البدنية الشديدة، وهو الأمر الذي يحول دون مقاضاة المحققين عن الانتهاك النفسي غير المطول الذي وقع قبل صدور القانون الجديد.

ومن الملاحظ أنه على الرغم من زعم السلطات الأميركية أن المعتقلين الذين تحتجزهم وكالة الاستخبارات المركزية يعاملون وفقاً للقانون، فقد اتخذت إجراءات مشددة لضمان عدم الكشف عن تفاصيل هذه المعاملة. إذ تمنع الحكومة حتى اليوم اتصال المحامين بمجيد خان، وهو واحد من الأربعة عشر معتقلاً الذين نقلوا إلى غوانتانامو العام الماضي؛ بزعم أن احتجازه فيما سبق لدى الاستخبارات المركزية ربما أدى "لحصوله على معلومات [سرية]، مثل أماكن الاحتجاز وظروفه والطرق البديلة للاستجواب".[76] وبالمثل، يتضمن قانون المحاكم العسكرية لعام 2006 وقواعد الأدلة والإجراءات الملحقة به عدداً من النصوص التي تهدف إلى عدم الكشف عن "أساليب وأنشطة" وكالة الاستخبارات المركزية، وهي أساليب وأنشطة من المعروف أنها تشتمل على "الاختفاء" والتعذيب وغيرهما من الانتهاكات.

VI. خاتمة

عندما أعلن الرئيس بوش في سبتمبر/أيلول 2006 أنه لا يوجد، اعتباراً من تلك اللحظة، أي سجناء تحتجزهم وكالة الاستخبارات المركزية، فإنه لم يقل إن برنامج الوكالة للسجن سيغلق إغلاقاً نهائياً، بل إن الغرض الظاهر من خطابه كان العكس من ذلك تماماً. فقد قال بوش: "بإلقاء القبض على المزيد من الإرهابيين على أعلى مستوى تظل الحاجة ماسة إلى الحصول على معلومات منهم ولذلك فإن وجود برنامج لوكالة الاستخبارات المركزية لاستجواب الإرهابيين يظل بالغ الأهمية للحصول على المعلومات التي من شأنها إنقاذ حياة الناس".[77] وعندما وقع بوش قانون اللجان العسكرية ليدخل حيز التنفيذ بعد ذلك ببضعة أسابيع، أكد أن القانون "يخول لوكالة الاستخبارات المركزية مواصلة برنامج استجواب كبار قادة الإرهابيين وعناصرهم".[78]

وقد أخطأ الرئيس بوش بشأن القانون. ففي ظل أية قراءة معقولة لقانون معاملة المحتجزين وقانون اللجان العسكرية، تبقى معاملة السجناء المنطوية على الإيذاء، التي يتسم بها برنامج الاستخبارات المركزية للاعتقال والاستجواب، معاملةً غير قانونية. كما أن عدم اكتراث الرئيس بالمبادئ الأساسية يثير القلق بنفس القدر الذي يثيره تفسيره غير السليم للمعايير القانونية.

وقد أدى برنامج وكالة الاستخبارات المركزية وما قام به القادة المدنيون الذين وضعوه إلى إلحاق أضرار فادحة بسمعة الولايات المتحدة ومكانتها الأخلاقية ونزاهتها. والآن، حان الوقت للتخلي عن هذا البرنامج واتخاذ خطوات لمعالجة الأضرار التي نجمت عنه.

VII. التوصيات

على الحكومة الأميركية القيام بما يلي:

الكف عن استخدام الاعتقال السري والاستجواب بالإكراه كأساليب مضادة للإرهاب، وإيقاف برنامج الاستخبارات المركزية للاعتقال والاستجواب إيقافاً نهائياً.

الكشف عن المكان والوضع الحالي للمعتقل الذي احتُجز فيه مروان الجبور، والمكان والوضع الحالي لكافة المعتقلات السرية الأخرى التي استخدمتها وكالة الاستخبارات المركزية منذ 2001.

الكشف عن هوية ومصير جميع السجناء الذين تم احتجازهم لأية مدة في منشآت تديرها أو تسيطر عليها وكالة الاستخبارات المركزية منذ عام 2001، وعن مكانهم الحالي، وفي حالة السجناء الذين نُقلوا إلى الحجز لدى حكومة أخرى الكشف عن تاريخ ومكان النقل.

الأمر بالإفراج عن أي سجين معتقل في سجون دولة أخرى بإيعاز من الولايات المتحدة، وفي حالة وجود دليل على ضلوعه في جرائم جنائية، ينبغي نقله إلى الولايات المتحدة لمحاكمته أمام المحاكم الأميركية وفقاً لمعايير المحاكمة العادلة المتعارف عليها دولياً.

عدم احتجاز المشتبه في أنهم إرهابيون إلا في معتقلات معترف عنها رسمياً حيث يتم قيدهم ويسمح لهم بالاتصال بأسرهم ومحاميهم والمثول أمام المحاكم، ومعاملتهم وفقاً للمعايير الدولية لمعاملة السجناء، وتوجيه الاتهام إليهم أو الإفراج عنهم فوراً.

الإقرار علناً بأن القانون الأميركي، بما في ذلك قانون معاملة السجناء، وقانون المحاكم العسكرية، والحكم في قضية حمدان) يحظر استخدام طرق الاستجواب التي تنطوي على الإيذاء، مثل "الغمر بالماء" والحرمان من النوم لفترات طويلة، والإجبار على التعرض للحرارة الشديدة والبرد الشديد.

التوقيع على "الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري"، والمصادقة عليها.

المصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق "باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، الذي يضع نظاماً محدداً للزيارات الدولية التي تقوم بها الهيئات المستقلة الدولية والوطنية للأماكن التي يُحرم فيها النزلاء من حريتهم، وذلك بغرض منع التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة.

وعلى الكونغرس الأميركي القيام بما يلي:

عقد جلسات استماع للتحقيق في برنامج وكالة الاستخبارات المركزية للاعتقال السري، بهدف التأكد من نطاق البرنامج وطريقة معاملة المعتقلين (بما في ذلك طرق الاستجواب المتبعة معهم) ومصير أي شخص تعرض للاحتجاز في إطار البرنامج ومكانه الحالي.

حمل البيت الأبيض على عرض النتائج الرئاسية لتوجيهات 17 سبتمبر/أيلول على اللجان المعنية بالاستخبارات في الكونغرس ومجلس الشيوخ، وهي التوجيهات التي تخول وكالة الاستخبارات المركزية صلاحية البدء في برنامج الاعتقال والاستجواب السري.

إلغاء قانون اللجان العسكرية لعام 2006، أو على الأقل تعديله، بما يكفل:

ضمان تمتع جميع المعتقلين الذين تحتجزهم الولايات المتحدة، سواء على أراضيها أو في الخارج، بالحق في استدعائهم للمثول أمام المحاكم.

إصلاح ما نص عليه القانون بشأن حماية "الوسائل والأنشطة" السرية، وذلك للحيلولة دون استخدام هذه الحماية لمنع الكشف عن طرق الاستجواب بالإكراه التي تتبعها وكالة الاستخبارات المركزية.

حظر استخدام الأقوال المنتزعة بالإكراه في المحاكمات العسكرية.

سن تشريع يكفل إغلاق جميع المعتقلات السرية إغلاقاً نهائياً وعدم اختفاء أي شخص اختفاء قسرياً في الحجز لدى الولايات المتحدة أو حجزه بمعزل عن العالم الخارجي بأية صورة من الصور.

سن تشريع يحظر إعادة أو نقل الأشخاص إلى بلدان قد يتعرضون فيها لخطر التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة المنطوية على الانتهاك، ومنع الحكومة من الاعتماد على "الضمانات الدبلوماسية" تبريراً لمثل هذا النقل.

حث وزارة العدل على أن تقوم بمقاضاة المدنيين المسئولين عن الضلوع في إساءة معاملة السجناء أو السماح بها أو التغاضي عنها، بما في ذلك من كان منهم في مراكز رفيعة بالسلطة.

وعلى الحكومة الباكستانية القيام بما يلي:

إغلاق أية معتقلات سرية مستخدمة في باكستان، وتسجيل بيانات جميع السجناء المحتجزين في باكستان (بما في ذلك من تحتجزهم أجهزة الاستخبارات)، وضمان مثول جميع السجناء أمام أحد القضاة خلال فترة وجيزة من القبض عليهم.

نقل السجناء إلى السلطات الأميركية وفقاً للقانون الباكستاني، على ألا يتم ذلك إلا بعد الحصول على تأكيدات كتابية بأنهم سيمثلون أمام المحاكم الأميركية، وتوجيه الاتهام إليهم فوراً أو إطلاق سراحهم، وعدم إيداعهم الحجز لأجل غير مسمى في غوانتانامو أو أي مكان آخر.

فتح تحقيق برلماني في دور الحكومة في دعم ومساعدة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية على القيام بانتهاكات في باكستان.

وعلى السلطات القضائية الإيطالية والألمانية والإسبانية والبرتغالية القيام بما يلي:

مواصلة التحقيق في أنشطة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في بلادها، وعدم قصر تركيزها على أنشطة العناصر الدنيا التابعة للوكالة، بل توجيهه أيضاً إلى مسئولية المسئولين رفيعي المستوى الذين وضعوا سياسات الاعتقال والاستجواب والنقل الاستثنائي ووقعوا قرارات بدء العمليات.

وعلى جميع الحكومات القيام بما يلي:

رفض المساعدة أو التعاون بأي شكل من الأشكال مع ما تنفذه الاستخبارات الأميركية من عمليات الاعتقال أو الاستجواب أو النقل الاستثنائي التي تنتهك المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

الكشف عن أية معلومات لديها عن عمليات الاستخبارات المركزية الأميركية للاعتقال والاستجواب والنقل الاستثنائي.

كلمة شكر

كتبت هذا التقرير جوان مارينر، مديرة برنامج الإرهاب ومكافحة الإرهاب في هيومن رايتس ووتش، استناداً إلى بحوث أجرتها مارينر مع جون سيفتون كبير الباحثين في شؤون الإرهاب ومكافحة الإرهاب. وساعد في إجراء البحوث د. علي ديان حسن الباحث في شؤون جنوب آسيا، وماثيو غولدفيدر المتدرب ببرنامج الإرهاب ومكافحة الإرهاب.

وقام بمراجعة التقرير وتحريره جين داسكال مدير قسم الدعوة لحقوق الإنسان بالولايات المتحدة، وجيمس روس كبير الاستشاريين القانونيين، وجوزيف سوندرز نائب مدير البرامج في هيومن رايتس ووتش.

وساعد في إصدار التقرير عدد من الزملاء المشاركين في هيومن رايتس ووتش، وهم ليام أوزلاي-ياجيف، وثولدين ديسورسيس، وطارق رضوان، وفي مجال التصوير فيرونيكا ماتوشاج مديرة التصوير الفني والتحرير الفوتوغرافي. وأعدت التقرير للطبع أندريا هولي مديرة النشر وجريس شوي الأخصائية بإدارة النشر. وقام بعملية الإنتاج فيتزروي هيبكنز المدير المتميز لتوزيع المطبوعات.

وتتوجه هيومن رايتس ووتش بالشكر والعرفان لمؤسسة "أتلنتيك فلانثروبيز" على دعمها السخي، وإلى المتبرعين الأفراد الذين لولاهم لما نجح هذا المشروع.

[1]رسالة إلى هيومن رايتس وتش، 24 يناير/كانون الأول 2007.

[2]مركز بانوراما سوق معروفة في لاهور.

[3]على الرغم من أن هيومن رايتس ووتش لا تستطيع تأكيد هذه الأقوال، فإن قيام السلطات الأميركية بإطلاق سراح الجبور في عام 2006 بدون توجيه تهمة له يوحي بأنها لم تكن تعتقد بأنه ضالع في أية أعمال إرهابية.

[4]شاهدت باحثة هيومن رايتس ووتش الندوب الموجودة على ذراع الجبور ورجله، عندما أجرت معه هذا الحوار في ديسمبر/كانون الأول 2006.

[5]ذكر معظم بيج، وهو مواطن بريطاني قضى عامين في معتقل غوانتانامو، أنه شاهد في أثناء اعتقاله لدى الاستخبارات الباكستانية في مطلع عام 2002 سجناء آخرين وهم يتعرضون للضرب والحرمان من النوم أياماً متواصلة. "معظم بيج: العدو المقاتل: رحلة مسلم بريطاني من وإلى غوانتانامو" (لندن: فري برس، 2006)، ص 15-17.

[6]تم احتجازه في الدور الأرضي، لكنه يتصور أن المبنى به دور ثان.

[7]أكد السجناء الآخرون الذين قابلهم الجبور في المبنى أنهم في إسلام آباد. كما كانت هناك روايات أخرى كثيرة عن سجناء "مختفين" تم احتجازهم في إسلام آباد أو نُقلوا إليها للاستجواب. فعلى سبيل المثال، يشير خطاب كُتب حديثاً عن المفرج عنهم مؤخراً من المعتقل السري في باكستان إلى أنه من بين مراكز الاحتجاز التي يتم فيها الاحتجاز "منزل آمن قرب مطار إسلام آباد". خطاب من أمينة مسعود، منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان، إلى كبير قضاة باكستان، 19 ديسمبر/كانون الأول 2006. انظر أيضاً "مكتب التحقيقات الفيدرالية يستجوب أحد عناصر القاعدة في باكستان"، صحيفة "ديلي تلغراف" (المملكة المتحدة)، 17 مارس/آذار 2003. "قال [مسئولون] إن ياسر الجزيري، وهو مغربي درس في أميركا، نقل إلى العاصمة إسلام آباد لاستجوابه بعد القبض عليه في عملية اقتحام")، و"القبض على اثنين من أعوان أسامه يوسف"، صحيفة "ديلي تايمز" (باكستان)، 12 أغسطس/آب 2005 ("ذكرت المصادرأيضاً أنه تم نقل أسامة بن يوسف إلى إسلام آباد للمثول أمام هيئة تحقيق أجنبية").

ويذكر عبد الله خضر وهو مواطن كندي تم القبض عليه في باكستان في أكتوبر/تشرين الأول 2004 أنه بدوره تم احتجازه في معتقل سري في إسلام آباد، واستجوبه مسئولون أميركيون وباكستانيون. انظر أيضاً إفادة عبد الله خضر في القضية المرفوعة ضده من الولايات المتحدة رقم EX0037/05، المحكمة العليا، تورونتو، 2006، ص 25-27.

ويذكر معظم بيج أنه فور إلقاء القبض عليه في مطلع 2002 تم احتجازه في منزل في إسلام آباد وصفه بأنه منزل "عظيم جدا"، كمنازل الأثرياء، يقع فيما يعتقد أنه الضاحية G10 بالمدينة. وعلى الرغم من أنه كان محتجزاً في إحدى الغرف، فقد رأى زنزانات عديدة في جزء آخر من المنزل. معظم بيج، العدو المقاتل ، ص 6-13.

وأخيراً، ذكر معتقل واحد على الأقل محتجز حالياً في غوانتانامو، في جلسة استماع إدارية أنه بعد القبض عليه تم نقله هو وبضعة آشخاص آخرين إلى لاهور، حيث حقق معه أميركيون مدنيون، ثم نُقل إلى إسلام آباد حيث قضى شهرين معتقلاً قبل نقله إلى قاعدة باجرام الجوية في أفغانستان. فهمي عبد الله أحمد ISN 688 ، سجل المحاكمة الخاصة بمراجعة وضع المقاتلين، وزارة الدفاع الأميركية، قسم 4، ص 425-26 (الصادر في 3 مارس/آذار 2006). وقد تم إلقاء القبض على أحمد في وقت ما بعد شهر فبراير/شباط، ولكن ليس من الواضح متى كان ذلك.

[8] وهو تقريباً الوقت الذي تستغرقه الرحلة من لاهور إلى إسلام آباد على الطريق السريع.

[9]زين عبد الدين، المعروف بأبي زبيدة، مسجون حالياً في غوانتانامو، وكان من بين 14 معتقلاً تم نقلهم من معتقل تابع لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في أوائل سبتمبر/أيلول 2006. ومن المعتقد أنه تعرض لتعذيب شديد خلال اعتقاله. انظر على سبيل المثال: رون سسكيند "مبدأ الواحد في المئة: في قلب مطاردة أميركا لأعدائها منذ 11 سبتمبر/أيلول (نيويورك: سايمون وشوستر، 2006)، ص 115-118.

[10]مجيد خان مسجون حالياً في غوانتانامو، وكان من بين المعتقلين الأربعة عشر الذين نُقلوا من الحجز لدى وكالة الاستخبارات المركزية في مطلع سبتمبر/أيلول 2006.

[11]أكثر من الوقت اللازم للسفر من إسلام آباد إلى كابول.

[12]تمتد إجازة عيد الفطر ثلاثة أيام بعد انتهاء رمضان.

[13]أرسلت الولايات المتحدة رحلات جوية للإغاثة من أفغانستان لمساعدة المضارين من زلزال عام 2005 في باكستان. انظر البيان الصحفي للسفارة الأميركية في إسلام آباد، "الجيش الأميركي يفرغ حمولة طائرة الإغاثة رقم 250". 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2005

[14]الفارسية واللغات القريبة منها مستخدمة في معظم أجزاء أفغانستان، بالإضافة إلى إيران.

[15]خالد شيخ محمد (الذي يختصر المسئولون الأميركيون اسمه إلى KSM) يُزعم أنه مهندس هجمات 11 سبتمبر/أيلول. وكان قد تم احتجازه في معتقل سري تابع للاستخبارات المركزية الأميركية لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة. وكان من بين الأربعة عشر الذين نقلوا من معتقل الاستخبارات المركزية إلى غوانتانامو في مطلع سبتمبر/أيلول 2006.

[16]ذكر عديد من المعتقلين في غوانتانامو وأماكن أخرى أنهم وُضعوا في "أوضاع مجهدة" على سبيل العقاب. وفي ديسمبر/كانون الأول 2002، أصدر وزير الدفاع دونالد رامسفيلد قواعد جديدة بخصوص الاستجواب في غوانتانامو، تسمح باستخدام "الأوضاع المجهدة"، والتجريد من الملابس، والعزل لمدة طويلة، والحرمان الحسي، وحسن الهندام بالإكراه (مثل إزالة شعر الوجه قسرا)، وغيرها من وسائل الاستجواب. وفي سبتمبر/أيلول 2003، سمح الفريق ريكاردو سانشيز بالجيش الأميركي باستخدام وسائل جديدة للاستجواب في العراق، مثل استخدام الأوضاع المجهدة. مذكرة من الفريق ريكاردو سانشيز إلى قائد القيادة الأميركية الوسطى بشأن "سياسة الاستجواب والتصدي للمقاومة CJTF-7"، 14 سبتمبر/أيلول 2006.

[17]لم يتم إخطاره مطلقاً برقم زنزانته الأولى.

[18]انظر موقع Islamic Finder الذي يعرض مواقيت الصلاة حول العالم:

[19]يذكر الجبور أنهم قدموا له شيكولاتة من أنواع "سنيكرز" و"توينكس" و"باونتي" و"كيت كات".

[20] من الملاحظ أن السجناء إن لم يكونوا ملمين بالروسية، فقد يظنون خطأ أن أية لغة أخرى قريبة منها هي الروسية أيضاً. كما يمكن أن يكون هناك حراس يتكلمون الروسية في بعض بلدان آسيا الوسطى.

[21]لم تجد هيومن رايتس ووتش أية مصادر أخرى لديها معلومات عن هذا السجين.

[22] انظر المناقشة أعلاه.

[23]يذكر أن إحدى هاتين المرتين كانت في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2006.

[24]ياسر الجزيري من بين الستة والعشرين الذين وردوا في قائمة "السجناء الأشباح"، التي نشرتها هيومن رايتس ووتش في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، وهم أولئك السجناء الذين من المعتقد أنهم محتجزون لدى وكالة الاستخبارات المركزية. هيومن رايتس ووتش "قائمة "السجناء الأشباح" الذين قد يكونون محتجزين لدى وكالة الاستخبارات المركزية"، نوفمبر/تشرين الثاني 2005:

[25]ورد أيضاً أن الجزيري أخبر الجبور أنهم قاموا ذات مرة بتشغيل موسيقى عربية يوماً كاملاً، بينما كان محقق لبناني يزور السجن.

[26]أبو مصعب الزرقاوي هو أردني كان يتزعم تنظيم "القاعدة" في العراق حتى وفاته، في يونيو/حزيران 2006.

[27]يبدو من وصف الجبور لطلحة أنه من الجائز جداً أن يكون محمد نعيم نور خان، المعروف أيضاً بأبي طلحة. وقال الجبور إن طلحة كان في منتصف العشرينيات أو أواخرها، وإنه باكستاني لكنه يعيش في بريطانيا. وهو طويل القامة ومتين البنيان إلى حد ما، ويتكلم الأردية والإنجليزية والعربية، وينحدر أصلاً من مدينة كراتشي. كما قال إنه يعتقد أن طلحة تعرض للاعتقال في يوليو/تموز 2004 تقريبا، لأن ذلك هو الوقت الذي بدأ فيه الأميركيون يسألون الجبور عنه. وكل هذه السمات تنطبق على نور خان، الذي كان على قائمة هيومن رايتس ووتش التي أصدرتها في نوفمبر/تشرين الثاني بأسماء 26 شخصاً من المعتقد أنهم كانوا محتجزين لدى الاستخبارات المركزية الأميركية. ولا يزال مكان نور خان مجهولاً رغم مرور عامين ونصف العام على القبض عليه، وقد رفع والده دعوى في باكستان للمطالبة بمعلومات عما حدث له.

[28]شخص آخر غير الشخص المسمى طلحة، الذي سبق ذكره أعلاه.

[29]يُزعم أن المحققين الأميركيين استجوبوا عبد الله خضر بشأن الجوفي عندما كان خضر محتجزاً في معتقل سري في إسلام آباد في أكتوبر/تشرين الأول 2004. انظر إفادة عبد الله خضر في الدعوى المرفوعة عليه بالولايات المتحدة، رقم EX0037/05، المحكمة العليا في تورونتو 2006، ص 25-27. وليس لدى هيومن رايتس ووتش أية معلومات عن ابنه.

[30]قضية حمدان ضد رامسفيلد، 126 S. Ct. 2749 (2006).

[31]رداً على الدعوى التي رفعها اتحاد الحريات المدنية الأميركي، أقرت الحكومة الأميركية مؤخراً بصحة توجيهات 17 سبتمبر/أيلول، بعد أن ظلت لعدة سنوات ترفض تأكيد أو إنكار وجود هذه الوثيقة. انظر اتحاد الحريات المدنية الأميركي "الاستخبارات المركزية تعترف أخيراً بوجود أمر رئاسي بخصوص المعتقلات بالخارج"، 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2006. لكنها رفضت الكشف عن الوثيقة للعامة، أو حتى تقديمها لأعضاء الكونجرس. انظر "إبعاد ليهي بشأن وثائق سرية متعلقة بالإرهاب"، "يونيتد برس"، 3 يناير/كانون الثاني 2007.

[32]انظر "الولايات المتحدة تمنع الاتصال بالمشتبه في ضلوعهم في الإرهاب"، "أخبار بي بي سي"، 9 ديسمبر/كانون الأول 2005. اللجنة الدولية للصليب الأحمر "تطورات في السياسات والتشريعات الأميركية بشأن المعتقلين: موقف الصليب الأحمر"، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2006 (ذكر جيكوب كيلينبرجر رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن "الصليب الأحمر أعرب مراراً عن القلق بشأن المحتجزين في معتقلات غير معلنة وطلب السماح له بالاتصال بهم").

[33]البيت الأبيض، مكتب المسئول الإعلامي، "الرئيس يناقش إنشاء لجان تحقيق عسكرية لمحاكمة المشتبه في أنهم إرهابيون"، 6 سبتمبر/أيلول 2006.

[34]انظر مثلاًً "إجبار القاعدة على التكلم"، CNN.com، 17 سبتمبر/أيلول 2002 (مناقشة اعتقال رمزي بن الشيبة وعمر الفاروق). "فرض ضغوط مناسبة على زعيم القاعدة"، CNN.com، 3 مارس/آذار 2003 (إشارة إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية نقلت خالد شيخ محمد، الذي أُلقي القبض عليه في باكستان، إلى مكان غير معروف خارج الولايات المتحدة).

[35]الموسوي مواطن فرنسي من أصل مغربي، وأُدين في ديسمبر/كانون الأول 2001 بتهمة التآمر مع آخرين من أعضاء تنظيم "القاعدة" لاختطاف طائرات وصدمها بمركز التجارة العالمي ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون). وقد اعترف لاحقاً بأنه مذنب وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة.

[36] أصبحت مسألة الاتصال بالمحتجزين في آخر الأمر تمس عدداً أخر من المشتبه في أنهم أعضاء بتنظيم "القاعدة" (ومنهم خالد شيخ محمد، وتوفيق بن عطاش)، وجميعهم نُقلوا إلى غوانتانامو، في سبتمبر/أيلول 2006. وكانت الحكومة الأميركية قلقة من أن المحاكم قد تسمح لمحامي الموسوي بالاتصال بشكل ما بهؤلاء المعتقلين فأشارت إلى قضية الموسوي باعتبارها سبباً لمنع اتصال المعتقلين بلجنة 11 سبتمبر/أيلول. انظر توماس هـ. كين ولي هـ. هاملتون "بلا سابقة: قصة لجنة 11 سبتمبر/أيلول من الداخل" (نيويورك: ألفريد أ. نوب، 2006)، ص 121.

[37]في محاكمة بركة حاول المتهم الاتصال بمجيد خان وعمار البلوشي، وكلاهما نُقلا إلى غوانتانامو في عام 2006. وقد أُدين المتهم في نوفمبر/تشرين الثاني 2005 بتقديم دعم مادي للقاعدة.

[38]دون فان ناتا الابن، وسعاد مخنت "مزاعم ألماني عن اختطافه تفتح تحقيقاً حول دور الولايات المتحدة"، صحيفة "نيويورك تايمز"، 9 يناير/كانون الثاني 2005.

[39]أصدرت منظمة العفو الدولية سلسلة من التقارير التي تعتمد على وصف اليمنيين لتجاربهم. انظر مثلاً تقرير منظمة العفو الدولية "الولايات المتحدة/اليمن: الاعتقال السري في "مواقع سوداء" تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية"، رقم الوثيقة:AMR 51/177/2005(نوفمبر/تشرين الثاني 2005). وقد أصدرت هيومن رايتس ووتش بياناً صحفياً عن "السجن المظلم"، هيومن رايتس ووتش: "الولايات المتحدة أدارت "سجناً مظلما" في كابول"، 19 ديسمبر/كانون الأول 2005.

[40]الطائرة التي نقلت المصري من سكوبي إلى كابول، مثلاً، هي طائرة بوينج نفاثة تجارية، مسجلة برقم N313P. للرجوع إلى روايات تفصيلية عن كيفية استخدام وكالة الاستخبارات المركزية للطائرات النفاثة المدنية لنقل السجناء إلى سجونها وإلى السجون الأجنبية، انظر ستيفن غراي "الطائرة الشبح: القصة الحقيقية لبرنامج وكالة الاستخبارات الأميركية للتعذيب" (نيويورك: سانت مارتينز برس، 2006)، وتريفور باغلن وإيه سي طومسون "رحلة التعذيب: تتبع مسار رحلات الاستخبارات المركزية لتسليم المقبوض عليهم". (هوبوكن، دار ميلفيل هاوس للنشر، 2006).

[41]ورد أن لجان الكونغرس المعنية بالاستخبارات أُبلغت بوجود برنامج الاستخبارات المركزية للاعتقال، لكنها لم تُخطر مثلاً بأماكن السجون. "بوش يدافع عن السجون السرية، والتحقيقات القاسية"، تقرير آشفيل العالمي، 14-20 سبتمبر/أيلول 2006. ففي معرض الرد على الخطاب الذي ألقاه الرئيس بوش في 6 سبتمبر/أيلول 2006، شكا السناتور جون د. روكفلر الرابع، نائب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، من أن بوش "حجب تفاصيل برنامج وكالة الاستخبارات المركزية للاعتقال والاستجواب عن لجان الكونغرس المعنية بالاستخبارات". بيان صحفي "روكفلر يرد على قرار الرئيس بمحاكمة إرهابيي تنظيم القاعدة المقبوض عليهم"، 6 سبتمبر/أيلول 2006.

[42]دانا بريست "وكالة الاستخبارات المركزية تحتجز المشتبه في أنهم إرهابيون في سجون سرية"، صحيفة "واشنطن بوست"، 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2005. فازت بريست فيما بعد بجائزة بوليتزر عن تغطيتها لبرنامج وكالة الاستخبارات المركزية للسجن السري.

[43]هيومن رايتس ووتش "بيان عن المعتقلات الأميركية السرية في أوروبا"، 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

[44]انظر "قائمة تضم 12 عنصراً محتجزين في سجون وكالة الاستخبارات المركزية"، محطة إيه بي سي الإخبارية، 5 ديسمبر/كانون الأول 2005 (تفيد أن خالد شيخ محمد، وحسن غول، ومحمد عمر عبد الرحمن، وآخرين محتجزون في بولندا).

[45] انظر بريان روس وريتشارد إسبوزيتو "وصف طرق الاستجواب القاسية التي تتبعها وكالة الاستخبارات المركزية"، محطة إيه بي سي الإخبارية، 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2005. أفادت محطة إيه بي سي الإخبارية بأنه تم السماح باستخدام هذه الأساليب لأول مرة في منتصف مارس/آذار 2002.

[46]المصدر السابق؛ وكذلك ساسكيند "مبدأ الواحد في المئة"، ص 115.

[47]هؤلاء هم: زين عبد الدين (وشهرته أبو زبيدة)، وورمزي بن الشيبة، ومصطفى أحمد الهوسوي، وخالد شيخ محمد، ومجيد خان، وعلي عبد العزيز علي (وشهرته عمار البلوشي)، ووليد بن عطاش (وشهرته خالد) وأحمد خلفان جيلاني، وأبو فرج الليبي.

[48]تشير المعلومات المتوافرة إلى أن ما يتراوح بين 400 و800 شخص نُقلوا من باكستان إلى حجز السلطات الأميركية فيما بين أواخر 2001 ونهاية 2005. انظر مثلاً بوابة الإرهاب في جنوب آسيا، "تسليم 443 من المشتبه في انتمائهم للقاعدة للولايات المتحدة"، 7 يناير/كانون الثاني 2003؛ د.شعيب سادل المدير العام لمكتب الشرطة الوطنية في باكستان "محاربة الإرهاب الدولي: دور باكستان كدولة على خط المواجهة"، 13-14 فبراير/شباط 2006. أعلن الرئيس برويز مشرف نفسه أن باكستان سلمت 368 معتقلاً. برويز مشرف "على خط النار"، (نيويورك: فري برس، 2006).

[49]جاء في إحدى الدراسات أن ما لا يقل عن 36 بالمئة من المعتقلين الذين نُقلوا إلى غوانتانامو (أي 270 شخصاً) قد قُبض عليهم في باكستان وقد يصل عدد المقبوض عليهم هنا إلى النصف (أي 380 أو أكثر).مارك دينبو وجوشوا دينبو "تقرير عن معتقلي غوانتانامو "، بحث رقم 64 في القانون العام ، سيتون هول، فبراير/شباط 2006، ص 14.

[50]كثرت الكتابات عن برنامج وكالة الاستخبارات المركزية لعمليات النقل الاستثنائي (أي برنامج تسليم المعتقلين، دون مباشرة الإجراءات القانونية، إلى بلدان يواجهون فيها التعذيب في كثير من الأحيان)، وهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً ببرنامجها للسجن السري. انظر، مثلاً، ستيفن غراي "الطائرة الشبح"؛ جين ماير "تكليف أطراف خارجية بعملية التعذيب: التاريخ السري للبرنامج الأميركي بخصوص "النقل الاستثنائي""، صحيفة "نيويوركر"، 14 فبراير/شباط 2005؛ منظمة العفو الدولية "خارج مجال الرادار: الرحلات الجوية السرية إلى التعذيب و"الاختفاء""، رقم الوثيقة AMR 51/051/2006؛ افتتاحية بعنوان "التعذيب بالوكالة"، صحيفة "نيويورك تايمز"، 8 مارس/آذار 2005.

[51] لدى هيومن رايتس ووتش أسماء عشرات ممن قُبض عليهم في باكستان وربما يكونون قد سُلموا إلى وكالة الاستخبارات المركزية.

[52]بعض الحالات تتعلق بأكثر من مفقود واحد، منهم أشخاص يُعتقد أنهم "اختفوا" في الحجز لدى وكالة الاستخبارات المركزية على الأقل لبعض الوقت، وآخرون لدى السلطات الباكستانية، وآخرون ظهروا منذ ذلك الحين في غوانتانامو. فعلى سبيل المثال، رفعت شقيقة خالد شيخ محمد دعوى للمطالبة بمعلومات عن أخيها خالد، وابنها علي عبد العزيز علي وابن أخيها مصعب عروشي (وشهرته عبد الكريم محمود) وأفراد أسرتها. وأول اثنين من هؤلاء معروف الآن أنهما في غوانتانامو بعد سنوات قضياها في الحجز لدى الاستخبارات المركزية الأميركية. أما عروشي فمكانه غير معروف، وإن كان يُعتقد أنه كان معتقلاً لدى الاستخبارات المركزية لبعض الوقت. انظر "وزارة الداخلية لا تعلم مكان خالد شيخ"، صحيفة "ذا نيوز" (باكستان)، 26 يناير/كانون الثاني 2007.

[53]يقدر ستيفن غراي أن مئات المعتقلين تم تسليمهم إلى بلدان أخرى، بينما كان "أقل من ثلاثين في أي وقت من الأوقات" محتجزين في سجون وكالة الاستخبارات المركزية. الطائرة الشبح، ص 240.

[54] "الأهداف العالية القيمة" هو مصطلح عسكري أميركي. وإذا فُقدت أهداف عالية القيمة " فمن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى الإخلال بوظائف العدو الهامة إخلالاً خطيراً عبر المجال الذي يهم القائد الصديق". مركز المعلومات الدفاعية التقنية (بلا تاريخ) على الموقع التالي على الإنترنت: . ويُذكر أن معظم المعتقلين الأربعة عشر في حجز وكالة الاستخبارات المركزية، الذين نُقلوا إلى غوانتانامو في سبتمبر/أيلول 2006، يعتبرون أهدافاً عالية القيمة.

[55]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع خالد المصري، أولم، ألمانيا، 26 مايو/أيار 2006.

[56]تتضمن هذه المجموعة محمد ناصر يحيى خسرف (عمره حوالي 60 عاما)، وعبد السلام الهيلة، ومصعب عمر علي المدواني، وبشير ناصر علي المرولة، وآخرين.

[57]يجب التأكيد على أن مستوى السرية المحيطة ببرنامج وكالة الاستخبارات المركزية للسجن السري لا يزال مرتفعاً للغاية، ومن ثم فهناك عقبات كبيرة تعترض الحصول على هذا النوع من المعلومات. وباختصار قد يكون هناك كثيرون من معتقلي الاستخبارات المركزية السابقين الذين لا يعرف أحد خارج البرنامج بوجودهم.

[58]يعتقد أن الليبي نُقل من حجز الاستخبارات المركزية في مطلع 2006، ولكن لم تتأكد هذه المعلومة.

[59] المادة 2 من "الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري"، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 ديسمبر/كانون الأول 2006، وبدأ التوقيع عليها في 6 فبراير/شباط 2007، ويبدأ سريان الاتفاقية بعد 30 يوماً من مصادقة 20 دولة عليها.

[60]انظر "تقرير مقدم من السيد مانفريد نواك، الخبير المستقل المكلف بفحص الإطار الدولي القائم للجوانب الجنائية وحقوق الإنسان لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري أو غير الطوعي، بموجب الفقرة 11 من قرار اللجنة 2001/46" (جنيف: الأمم المتحدة، 2002). E/CN.4/2002/71. وعلى سبيل المثال، ينص "إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري"، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1992، على أن الاختفاء القسري:

"يأخذ صورة القبض علي الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم رغما عنهم أو حرمانهم من حريتهم علي أي نحو آخر، علي أيدي موظفين من مختلف فروع الحكومة أو مستوياتها أو علي أيدي مجموعات منظمة أو أفراد عاديين يعملون باسم الحكومة أو بدعم منها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو برضاها أو بقبولها، ثم رفض الكشف عن مصير الأشخاص المعنيين أو عن أماكن وجودهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم، مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون".

[61]وزارة الخارجية الأميركية، البيان الصحفي اليومي، 6 فبراير/شباط 2007.

[62]انظر "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، المواد 6(1)، 7، 9،14(1). للرجوع لمناقشة مفصلة انتهاكات حقوق الإنسان التي تنطوي عليها عمليات "الاختفاء"، انظر لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة: "تقرير مقدم من السيد مانفريد نواك، الخبير المستقل المكلف بفحص الإطار الدولي القائم للجوانب الجنائية وحقوق الإنسان لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري أو غير الطوعي، بموجب الفقرة 11 من قرار اللجنة 2001/46" (جنيف: الأمم المتحدة، 2002). E/CN.4/2002/71، ص 36.

[63]انظر مثلاً تقرير "الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري"، لجنة حقوق الإنسان، E/CN.4/2006/56، 27 ديسمبر/كانون الثاني 2005، فقرة 10.

[64]لهذا السبب رأت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وهي هيئة بالأمم المتحدة مكلفة بمراقبة تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الاختفاء القسري يمثل انتهاكاً للمادة السابعة من العهد، التي تحرم التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. انظر قضية إلينا كوينتيروس ألميدا ضد دولة أوروغواي، بيان رقم 107/1981، فقرة 14 (21 يوليو/تموز 1993). وبالمثل رأت "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان" أن الألم الشديد والمعاناة الشديدة الناجمة التي تعيشها أم "المختفي" تمثل انتهاكاً للمادة الثالثة من "الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية" التي تحرم التعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو المهينة. قضية كورت ضد الدولة التركية، حكم "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان"، رقم 15/1997/799/1002، فقرة 134 (25 مايو/أيار 1998).

[65]تقرير "الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري"، UN Doc. E/Cn.4/2006/7، 12 ديسمبر/كانون الأول 2005.

[66]المبدأ السادس من "مبادئ المنع والتقصي الفعالين لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة".

[67] التعليق العام رقم 20 على "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" (الجلسة 44ن 1992): مادة 7: تحل محل التعليق العام رقم 7 بخصوص حظر التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية" A/47/40 (1992) 193، فقرة 11.

[68] التعليق العام رقم 20 على "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" (الجلسة 44ن 1992): مادة 7: تحل محل التعليق العام رقم 7 بخصوص حظر التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية"A/47/40 (1992) 193، فقرة 11.

[69]قانون العلاقة الخارجية في صياغته الثالث، 702 ، تعليق أ.

[70]انظر،مثلاً، المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف لعام 1949.

[71]انظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، القانون الإنساني الدولي العرفي، (كامبريدج، مطبعة جامعة كامبريدج، 2005)، القاعدة 90.

[72]انظر مثلاً الدليل الميداني للجيش الأميركي 27-10، قانون الحرب البرية (1956)، الباب الحادي عشر والباب 502.

[73]انظر، بصفة عامة، هيومن رايتس ووتش، "الإفلات من جريمة التعذيب؟" ج 17، رقم 1(ز)، ص 11-13.

[74]جيمس ر. شليزنغر، هارولد براون، تيلي ك. فاولر، تشارلز أ. هومر، و د.جيمس أ. بلاكويل الابن، "التقرير النهائي للجنة المستقلة لمراجعة عمليات الاعتقال الخاصة بوزارة الدفاع" ("تقرير شليزنغر")، أغسطس/آب 2004 ص 7.

[75]دانا بريست، "وكالة الاستخبارات المركزية تعلق استخدام الأساليب القاسية"، صحيفة "واشنطن بوست"، 27 يونيو/حزيران2004؛ جيمس رايزن، ديفيد جونستون ونيل أ. لويس، "طرق الاستجواب القاسية التي تتبعها وكالة الاستخبارات المركزية مع قادة تنظيم القاعدة"، صحيفة "نيويورك تايمز"، 13 مايو/أيار 2004.

[76]أي أن الحكومة تزعم أنه نظراً لوجود خان في معتقل سري، واستخدام أساليب الاستجواب "البديلة" معه يجب منعه من إبلاغ محاميه بما تعرض له.

[77]البيت الأبيض، "الرئيس يناقش إنشاء لجان عسكرية لمحاكمة المشتبه في أنهم إرهابيون"، 6 سبتمبر/أيلول 2006.

[78]مكتب المسئول الإعلامي بالبيت الأبيض، "الرئيس بوش يوقع قانون اللجان العسكرية لعام 2006"، 17 أكتوبر/تشرين الأول 2006. كما قال الرئيس: "عندما اقترحت هذا التشريع، أوضحت أنني سأضع اختباراً لمشروع القرار الذي طرحه الكونغرس: هل يسمح باستمرار برنامج وكالة الاستخبارات المركزية؟ وقد نجح مشروع القانون في اجتياز هذا الاختبار".