وقف التدفق

الانتهاكات ضد المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين

ليبيا

وقف التدفق:الانتهاكات ضد المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين

(الجزء الثالث من ثلاثة أجزاء)

الملخص....
المنهج
التوصيات الأساسية
إلى حكومة ليبيا
إلى الاتحاد الأوروبي
III خلفية
جغرافية ليبيا
النظام السياسي في ليبيا
حقوق الإنسان في ليبيا
الأجانب في ليبيا
الحرمان من الحق في طلب اللجوء
مشروع قانون اللجوء
مفوضية شؤون اللاجئين في ليبيا
الانتهاكات أثناء القبض على الأشخاص....
القبض على الأشخاص عند الدخول والمغادرة
الاعتقالات في إطار حملات التمشيط بالمدن
. الإيذاء في الحجز
ظروف الاحتجاز في الكفرة
الظروف السائدة في منشآت الاحتجاز الأخرى..
منشآت الترحيل
الظروف السائدة في مركز الفلاح للترحيل
VIIالإعادة القسرية
عملية الترحيل
الأخطاء في أثناء الترحيل
الإريتريون عرضة لخطر الإعادة
مهلة مؤقتة لبعض الجنسيات..
VIII. انتهاكات أخرى ضد المهاجرين واللاجئين
العنف بدوافع عنصرية
الأجانب في القضاء الجنائي
التعذيب..
المحاكمات الجائرة
الظروف في السجون
إعدام الأجانب..
. المعايير القانونية
القانون الليبي
القوانين التي تنظم دخول الأجانب وإقامتهم ومغادرتهم
تشريعات محلية أخرى..
ليبيا والقانون الدولي
التزامات ليبيا تجاه اللاجئين والمهاجرين بمقتضى معايير حقوق الإنسان
المساواة في تطبيق الالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان على غير المواطنين
دور الاتحاد الأوروبي وإيطاليا
برنامج الاتحاد الأوروبي "للإخراج"
الدور المنوط بليبيا كشريك للاتحاد الأوروبي في التعامل "الخارجي" مع اللاجئين
عدم وجود شروط مسبقة لحماية اللاجئين
تحفظات ليبيا على التعاون مع الاتحاد الأوروبي
البُعد الإيطالي
الاحتجاز في إيطاليا102
حالات الطرد105
الإجبار على الرجوع112
انتهاك إيطاليا لالتزاماتها بحقوق الإنسان113
عدم وجود أساس قانوني للإعادة إلى ليبيا116
. التوصيات المفصلة118
إلى حكومة ليبيا118
إلى الاتحاد الإفريقي120
إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين120
إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان120
إلى المنظمة الدولية للهجرة120
إلى الاتحاد الأوروبي121
كلمة شكر124
الملحق 1: ملاحظات الحكومة الليبية125

I. الملخص

"كانوا يركلوننا ويضربوننا بلا أي سبب، وعندما طلبنا شيئا نأكله أشار رجال شرطة الحدود إلى شاحنة محملة بطعام فاسد تعيش فيه القطط وقالوا لنا أن نأكل منه".

- تسفاوي، مهاجرة إريترية قُبض عليها على مشارف بلدة الكفرة في عام 2003.

"لا أستطيع أن أحصي عدد المرات التي ضربني الليبيون فيها في الشارع ... وقائدو السيارات يحاولون أن يدوسوك. والشتائم لا تتوقف أبداً في الشارع. وأنت تعيش في خوف. لم أكن أركز إلا على العودة إلى البيت سالماً من عملي كل يوم".

- أحمد، طالب لجوء سوداني في إيطاليا، يصف الأحوال التي تعرض لها في ليبيا من 1992-2003.

"علقوني من سلسلة في الحائط، ودسُّوا عصاً خلف ركبتيَّ وربطوا يديَّ فيها. علقوني على الحائط. ومكثت هكذا خمساً وأربعين دقيقة. وكانوا يضربونني طول الوقت. وقالوا لي 'إذا قتلناك فلن يعرف أحد'".

- مهاجر من بلد إفريقي جنوب الصحراء الكبرى يصف معاملته بعد القبض عليه بتهمة مخدرات في عام 2004.

من عهد غير بعيد فتحت ليبيا أبوابها للأجانب. فلما كانت تحرص على جلب الأيدي العاملة الرخيصة، أعلنت الحكومة الليبية وأعلن زعيمها معمر القذافي الترحيب بأبناء إفريقيا بروح التضامن الإفريقي.

ولكن هذا العقد قد انقضى. ففي نحو عام 2000 بدأت الحكومة تخاف أن يكون قد قدم عدد أكبر مما ينبغي من الأجانب، بحيث أدى على تشبع سوق العمل. إذ كان قد وصل ما يزيد كثيراً على مليون أجنبي في بلد لا يزيد عدد سكانه إلا قليلاً عن خمسة ملايين نسمة. واعتبرت الحكومة الأجانب مسئولين عن ارتفاع معدل الجريمة، والأمراض الجديدة، والتوتر الاجتماعي.

وفي الوقت نفسه تقريباً بدأت الحكومات الأوروبية تضغط على ليبيا حتى تقمع الهجرة غير المشروعة. إذ حدث في السنوات الأخيرة أن قام الآلاف من أبناء بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين بمغادرة ليبيا أو مروا بها عابرين إلى أوروبا، راكبين قوارب المهربين المكتظة إلى إيطاليا. وحث الاتحاد الأوروبي ليبيا على وقف التدفق.

وعلى مدى السنوات الثلاث الأخيرة اتخذت الحكومة الليبية عدداً من الخطوات لتحقيق هذا الهدف، فشددت الرقابة على حدودها، سواء في الصحراء أم على امتداد الساحل، كما دعمت وزارة الهجرة لديها، التي تتعاون الآن تعاوناً أوثق مع الاتحاد الأوروبي، والحكومات الأوروبية كل على حدة، والمنظمة الدولية للهجرة، في مراقبة الهجرة.

والأمر الأكثر إشكالاً هو أن الحكومة نفذت خطة للقبض على عشرات الآلاف من الأجانب الذين دخلوا ليبيا بصورة غير مشروعة أو دون وثائق صحيحة، وإعادتهم قسراً من حيث جاءوا. وكان عدد كبير من هؤلاء عمالاً مهاجرين جاءوا لأسباب اقتصادية، ولكن الحكومة لم تبذل أية محاولة للتمييز بين هؤلاء وبين من أتوا أيضاً إلى ليبيا من طالبي اللجوء، واللاجئين وغيرهم ممن هم في حاجة إلى الحماية الدولية. وأدت الخطة التي اتسمت في بدايتها بالفوضى وسوء التنظيم، إلى وقوع حالات الاعتقال التعسفي، والإيذاء البدني، والاحتجاز فترات طويلة ودون مبرر في أماكن حالتها سيئة، وإلى حالات الترحيل القسري دون إتاحة الفرصة للمرحلين في التقدم بطلب اللجوء، وهذا كله يمثل انتهاكاً للقانون الليبي والقانون الدولي.

ومن المشاكل المتكررة الإيذاء البدني عند الاعتقال، عادة على الحدود الليبية أو في حملات انقضاض على هؤلاء في المدن. ولقد قامت هيومن رايتس ووتش في ليبيا وإيطاليا بإجراء مقابلات مع عشرات المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء الذين كانوا بأنفسهم أو شهدوا حالات الضرب وغيره من أشكال سوء المعاملة في الوقت الذي قضوه في ليبيا على أيدي حراس الحدود ورجال الشرطة.

وبالإضافة إلى ذلك روى المهاجرون وطالبو اللجوء واللاجئون وقوع عدة انتهاكات أثناء احتجازهم في شتى المعتقلات في ليبيا، كان من بينها الضرب، والتكدس، والأحوال السيئة، والحرمان من توكيل المحامين، وعدم إبلاغهم بالمعلومات اللازمة عن ترحيلهم المتوقع. وقال الشهود إن الإيذاء البدني على أيدي الحراس أدى إلى وفاة الضحية في ثلاث حالات. وقال ثلاثة من الذين أجريت معهم المقابلات إن مسئولي الأمن كانوا يهددون النساء المحتجزات بالعنف الجنسي، وقال أحد الشهود إنه رأى ما يعتقد أنه اغتصاب. وإذا كانت الأنباء الواردة تفيد أن أحوال احتجاز المهاجرين واللاجئين قد تحسنت في السنوات الأخيرة، فإن الدلائل ترجح استمرار الكثير من هذه الانتهاكات.

وقال من أجريت معهم المقابلات إنهم كثيراً ما شهدوا أو تعرضوا بأنفسهم فساد الشرطة أثناء القبض على الأشخاص أو في المعتقلات. فكان رجال الشرطة وحراس الحدود يتلقون الرشوة فيطلقون سراح المحتجزين أو يتغاضون عن فرارهم.

وتقول الحكومة الليبية إن القبض على الأجانب الموجودين بصورة غير مشروعة في البلد أمر يقتضيه النظام العام، وإن قوات الأمن تقوم بالتنفيذ وفقاً لقانون الهجرة. وأرسلت الحكومة في إبريل/نيسان 2006 مذكرة إلى هيومن رايتس ووتش تقول فيها إن بعض رجال الشرطة "يتطرفون في استعمال القوة"، ولكن "أوجه القصور في هذه الحالات لا تزيد عن كونها أعمالاً فردية يقوم بها أفراد ولا تتعلق بالمنهجية الموضوعة". وقالت إن "القضاء تولى النظر" في هذه الحالات، وإن لم تقدم الحكومة إحصائيات عن عدد رجال الشرطة الذين وجهت إليهم التهم أو أدينوا بسبب استخدام القوة المفرطة أو بسبب انتهاك القانون بصور أخرى (انظر الملحق 1).

وفي الفترة من 2003 إلى 2005 قامت الحكومة بإعادة ما يقرب من 145 ألف أجنبي لا يحمل وثائق صحيحة إلى أوطانهم، طبقاً للأرقام الرسمية، وكان معظمهم من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وتجري معظم الترحيلات اليوم جواً ولكن بعض حالات الطرد الأولى كانت عن طريق البر، بالسيارات أو الشاحنات أو الحافلات عبر الصحراء، وكانت ترد أنباء وفاة البعض في الطريق.

وتقول الحكومة الليبية إن معظم المرحلين كانوا مهاجرين لأسباب اقتصادية ولكن بعضهم كانوا قطعاً من طالبي اللجوء أو اللاجئين الذين كانوا يواجهون خطر الاضطهاد أو سوء المعاملة في أوطانهم. ومما يبعث على القلق بصفة خاصة حالات الإعادة الجماعية إلى إريتريا، إذ قامت الحكومة الإريترية باحتجاز العائدين من ليبيا ومن المحتمل أنها عذبتهم. وقد حدث في عام 2004 أن قام الإريتريون الذين أعيدوا قسراً من ليبيا باختطاف طائرتهم في الطريق وإرغامها على الهبوط في السودان، حيث فحصت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين حالاتهم وأقرت بأن ستين من المرحلين كانوا لاجئين.

ومن المشاكل الكبرى رفض ليبيا إصدار قانون خاص أو لائحة إجراءات خاصة باللجوء. فليست ليبيا من الأطراف في اتفاقية اللاجئين الصادرة عام 1951، ولا تقوم بالتعاون رسمياً مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين رغم وجود مكتب للمفوضية في طرابلس. وفي شتى مراحل عملية الترحيل، من الاعتقال إلى الإعادة القسرية، لا تتاح للأفراد فرصة التقدم بطلب اللجوء.

ويقول بعض المسئولين الليبيين إن ليبيا لا تقدم فرصة اللجوء لأن الأجانب الموجودين في البلد بصورة غير مشروعة لا يحتاج أحد منهم إلى الحماية. وكان البعض الآخر أكثر صراحة فقالوا إنهم يخافون فتح باب ليبيا لطالبي اللجوء في الوقت الذي تهدف الحكومة فيه إلى تقليل عدد الأجانب. وقال أحد المسئولين لهيومن رايتس ووتش إن ليبيا لو أتاحت فرصة اللجوء "لانقضََّ اللاجئون كالجراد".

وتقول الحكومة الليبية إنها لا تُرَحِّل من يدعون لأسباب وجيهة تعرضهم للاضطهاد أو الإيذاء في أوطانهم. لكنه ما دام لا يوجد قانون خاص باللجوء ولا لائحة إجراءات لجوء فسوف يظل من غير الواضح لنا كيف يستطيع الأفراد طلب الحماية بصورة فعالة، وأي سلطة تبت في ذلك، وبناءً على أية معايير.

إن الإعادة القسرية للاجئين تمثل انتهاكاً للقانون الليبي والقانون الدولي. فالإعلان الدستوري الليبي الصادر عام 1969 ينص على "حظر تسليم اللاجئين السياسيين". والقانون رقم 20 لسنة 1991 بشأن تعزيز الحرية يقول إن ليبيا "ملاذ المضطهدين والمناضلين في سبيل الحرية فلا يجوز تسليم اللاجئين منهم لحماها إلى أية جهة". واتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية اللاجئين الإفريقية كلتاهما تمنع ليبيا من إرسال الأفراد إلى بلدان يواجهون فيها خطراً جاداً من الاضطهاد أو التعذيب. ويجب على ليبيا، ضماناً للوفاء بهذه الالتزامات، أن تَبُتَّ فيما إذا كان يوجد لاجئون بين المهاجرين الذين تعيدهم أو تطردهم.

ومن أجل هذا التقرير، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع ستة وخمسين مهاجراً، وطالب لجوء ولاجئاً، وكانوا جميعاً قد قضوا فترة ما في ليبيا. وفي وقت إجراء المقابلات كان سبعة عشر منهم قد حصلوا على حق اللجوء، إما من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في ليبيا وإما من الحكومة الإيطالية. وكان ثلاثة عشر منهم ينتظرون رد الحكومة الإيطالية على طلبات لجوئهم. وقال بعض من قابلناهم إنهم كانوا يفضلون المكوث في ليبيا على المخاطرة برحلة بحرية خطرة إلى إيطاليا إذا كان حق اللجوء من الخيارات المتاحة في ليبيا.

كما يتناول التقرير المعاملة التي يلقاها أبناء بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في نظام العدالة الجنائية الليبي. وروى الأجانب في ليبيا وقوع العنف من جانب الشرطة وحالات انتهاك للإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك التعذيب والمحاكمات الجائرة. ويقول الأجانب الذين يقيمون أو كانوا يقيمون في ليبيا إن أبناء بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في ذلك البلد يواجهون العداء من الشعب المضيف الذي يكره الأجانب، وهو العداء الذي يتخذ صور الاتهامات الشاملة بالإجرام، وأشكال العدوان اللفظي والبدني، والمضايقة، والابتزاز.

وبعض الانتهاكات التي أبلغنا بها المهاجرون واللاجئون، مثل الابتزاز وسوء معاملة الشرطة، وتجاوز الإجراءات القانونية الواجبة، انتهاكات مستوطنة في ليبيا بسبب ضعف سيادة القانون. ولكن الكثير من الانتهاكات ترجع فيما يبدو إلى كون الضحايا من الأجانب أو هو يؤدي إلى تفاقمها على الأقل، فأبناء البلدان الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى يفتقرون إلى دعم حكوماتهم لهم، ويعتبرهم كثيرون من الليبيين أجانب غير مرغوب فيهم، مما يجعلهم عرضة للإيذاء بنوع خاص.

وتزعم الحكومة الليبية أن الأجانب يتمتعون بالحقوق نفسها التي يتمتع بها المواطنون الليبيون، مثل الحق في معاملة عادلة، والحق في عدم التعرض للتعذيب، كما تزعم أنها تعاقب مرتكبي الانتهاكات التي تصفها بأنها حالات فردية. وهي تنفي أن يكون أي أجنبي محتجز لأسباب جنائية أو تتعلق بالهجرة قد مات نتيجة الإيذاء.

والفصل الأخير في هذا التقرير ينظر في سياسات الهجرة واللجوء الخاصة بالاتحاد الأوروبي، الذي يتعاون مع ليبيا في الرقابة على الهجرة دون إيلاء الأولوية للحماية. فعلى الاتحاد الأوروبي أن يجعل مستقبل التعاون مرهوناً بقيام ليبيا بتوقيع وتنفيذ اتفاقية اللاجئين وذلك يقتضي عدة أمور منها الالتزام بعدم إعادة الأفراد إلى بلدان يحتمل أن يواجهوا فيها التعذيب أو الاضطهاد والتعاون الكامل مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة. كما يجب على الحكومة الليبية أيضاً تنفيذ الاتفاقية الدولية حول حماية جميع العمال المهاجرين وأعضاء أسرهم (المشار إليها فيما بعد باسم اتفاقية العمال المهاجرين) والتي هي طرف فيها، وذلك بالكف عن الانتهاكات المرتكبة ضد المهاجرين، مثل استخدام التعذيب والاحتجاز في ظروف دون المستوى المقبول.

وأما إيطاليا، أشد الدول تضرراً من الهجرة من ليبيا، فلقد ارتكبت أفدح الانتهاكات للقوانين الدولية التي تهدف إلى حماية المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين. ورفضت الحكومة الإيطالية السماح لهيومن رايتس ووتش بزيارة المعتقل الرئيسي الذي تحتجز فيه الأشخاص القادمين من ليبيا، في جزيرة لامبيدوزا، وإن كان الشهود قد تحدثوا عن نقص النظافة، وعن التكدس وقيام الحراس بإيذاء المحتجزين بدنياً. وفي تطور إيجابي، سمحت الحكومة الإيطالية مؤخراً للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، وللصليب الأحمر الإيطالي، وللمنظمة الدولية للهجرة، بأن تكون لها مقار دائمة في الجزيرة، بحيث تستطيع مساعدة الحكومة في تحديد هوية طالبي اللجوء ومساعدة من يحتاج منهم إلى المعونة. وفي أعقاب الضغوط القوية التي بذلها بعض أعضاء البرلمان والمنظمات غير الحكومة، قام وزير الداخلية بتشكيل لجنة للتحقيق في الأحوال السائدة في شتى المراكز الحكومية.

وتتمثل أعوص المشاكل في السياسة التي تطبقها إيطاليا وهي سياسة الطرد الجماعي للأشخاص وإعادتهم إلى ليبيا، وهو ما يمثل انتهاكاً لالتزامات إيطاليا نفسها فيما يتعلق بحقوق الإنسان واللجوء. إذ قامت إيطاليا بطرد الآلاف منذ عام 2004 بأسلوب يتسم بالتعجل وعدم التمييز، ولم توفر لجميع الأفراد الفرصة الكافية لتقديم طلب اللجوء. وحين كان هؤلاء يصلون إلى ليبيا، كانت الحكومة الليبية تعيدهم إلى أوطانهم، بغض النظر عما إذا كانوا يخشون الاضطهاد أو سوء المعاملة أم لا. وفي الفترة من أغسطس/آب 2003 إلى ديسمبر/كانون الأول 2004 فقط قامت الحكومة الإيطالية بتمويل 50 رحلة طيران خاصة من ليبيا لإعادة 5688 شخصاً.

وفي 14 يوليو/تموز 2003 أصدرت وزارة الداخلية الإيطالية مرسوماً يسمح لسلاح البحرية الإيطالي باعتراض السفن التي تحمل طالبي اللجوء والمهاجرين، وإرغام هذه السفن، إن أمكن، على العودة إلى المياه الإقليمية للبلدان التي أتت منها. ولم يكن المرسوم يتضمن أي اعتبار لتحديد هوية طالبي اللجوء، وكانت شروطه تنتهك المبدأ الذي ينص على أن الدولة التي تُعترض السفينة في مياهها الإقليمية تتحمل المسؤولية الأولية عن تلبية أي احتياجات للحماية لدى الأشخاص الذين تحملهم السفن.

والالتزامات القانونية التي تتحملها إيطاليا تجاه الأجانب على أرضها هي نفس التزامات ليبيا بموجب المعاهدات العالمية لحقوق الإنسان (وبصفة خاصة عدم اعتقال أحد بصورة تعسفية، وعدم الطرد الجماعي وعدم إعادة أحد إلى وطنه) ولكنها تلتزم كذلك بما يمليه قانون حقوق الإنسان الأوروبي من التزامات. وتصبح التزامات إيطاليا بعدم إعادة أحد من حيث جاء سارية المفعول، بموجب اتفاقية اللاجئين والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، في اللحظة التي يدخل فيها الفرد إلى المياه الإقليمية الإيطالية أو تُعترض رحلته فيُمنع من الاستمرار فيها في المياه الدولية. ومن ثَمَّ فإن إيطاليا تشارك في المسؤولية عن أي إعادة ناجمة عن الطرد، وعن أي تعذيب أو معاملة لا إنسانية أو مهينة قد يتعرض لها الأفراد المطرودون إذا أعيدوا إلى بلادهم الأصلية أو إلى أي مكان آخر.

المنهج

أجرت هيومن رايتس ووتش بحوثها في الفترة من 20 إبريل/نيسان إلى 13 مايو/أيار 2005 في عدة مواقع شماليِّ ليبيا. وكانت هذه أول زيارة تقوم بها المنظمة لذلك البلد، وكانت تمثل جزءاً من محاولة ليبيا لفتح أبوابها تدريجياً أمام جماعات حقوق الإنسان الدولية التي تريد النظر في أحوالها، على مدى العاملين المنصرمين. كما قامت المنظمة ببحوث أخرى في الفترة من 23-27 مايو/أيار 2005 في روما، مع اللاجئين والمهاجرين الذين سافروا إليها عن طريق ليبيا.

وبلغ المجموع الكلي لعدد من أجرت معهم هيومن رايتس ووتش مقابلات شخصية ستة وخمسين من المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين، وكانوا قد قضوا ما بين خمسة أيام و35 سنة في ليبيا. وأما المقابلات التي أجريت في ليبيا، فقد أجريت ست عشرة منها مع أفراد في السجن، وتسع مقابلات مع أفراد ينتظرون الترحيل في مركز الفلاح في طرابلس. وكان من بين الأشخاص الستة والخمسين الذين أجريت المقابلات معهم، ست نساء، ولم يكن من بينهم أطفال (كان أحدهم مراهقاً في وقت وجوده في ليبيا). وكما سبق أن أشرنا كان سبعة عشر شخصاً من الذين قابلناهم من اللاجئين المعترف بوضعهم، سواء من جانب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة أو من جانب الحكومة الإيطالية، وكان ثلاثة عشر آخرون ينتظرون البت في طلبات اللجوء التي تقدموا بها في إيطاليا، وكان اثنان آخران قد رُفض طلب لجوئهما هناك.

وكان عدد اللاجئين وطالبي اللجوء الذين أتيح لنا الاتصال بهم في بحوثنا (من خلال شتى وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية) يفوق عدد المهاجرين لأسباب اقتصادية، وهكذا فإن تمثيلهم لغالبية الأشخاص الستة والخمسين الذين قابلناهم لا يعكس بدقة تكوين الجالية الأجنبية التي تقيم في ليبيا، فمعظم أفرادها من المهاجرين لأسباب اقتصادية. ولم تتضمن مقابلات هيومن رايتس ووتش أي شخص غير ليبي من خارج إفريقيا، مثل العمال الآسيويين المهاجرين، ومن ثم فإننا لم نفحص ما حدث لهم. وكانت البلدان الأصلية لمن قابلناهم هي: إثيوبيا، وإريتريا، وجمهورية الكونغو الديموقراطية، والسودان، والصومال، وغانا، والكاميرون، وليبيريا، ومصر، والنيجر، ونيجيريا. ونحن نستخدم هنا أسماء مستعارة لحماية هوية المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء الذين أمدونا بالمعلومات.

وإلى جانب اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين قامت هيومن رايتس ووتش في ليبيا وإيطاليا بإجراء مقابلات مع المسئولين الحكوميين، والسياسيين، وممثلي المنظمات غير الحكومية، والمحامين، والقضاء، والصحفيين الذين رووا ما شاهدوه، وممثلي المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، والمنظمة الدولية للهجرة، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وغيرهم. كما نستمد بعض المعلومات من مصادر ثانوية ومن تقارير هيئات معاهدات الأمم المتحدة، على نحو ما هو مبين في الهوامش.

وسمحت الحكومة الليبية لهيومن رايتس ووتش بإجراء مقابلات مع جميع المسئولين الحكوميين المعنيين والمختصين بشؤون الهجرة، بما في ذلك كبار المسئولين في اللجان الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي، والعدالة والأمن العام (وهم يوازون وزراء الخارجية، والعدل، والداخلية). وزارت هيومن رايتس ووتش خمسة سجون ومركز الفلاح للترحيل في طرابلس. وقد أجريت جميع المقابلات مع السجناء والمحتجزين في جميع المواقع في سرية. وقال المسئولون الليبيون لهيومن رايتس ووتش إن جميع الأفراد الذين استطلعت المنظمة آراءهم لن يتعرضوا لأي عواقب. كما قدمت الحكومة الليبية إلى هيومن رايتس ووتش مذكرة تتضمن الخطوط العريضة لموقفها من المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين، وهذه الوثيقة مرفقة بأكملها في الملحق.

وفي الوقت نفسه فرضت الحكومة قيوداً صارمة على اتصالنا بالمهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين خارج نظام السجن والاحتجاز في ليبيا. وطلبت الحكومة من هيومن رايتس ووتش صراحة ألا تتحدث مع أفراد ليبيين كانوا أم أجانب دون الحصول على موافقة مسبقة من الحكومة. وكان ممثلو الحكومة يرافقون أو يراقبون الوفد في جميع الأوقات. وفي إحدى الحالات قبضت الشرطة على لاجئ ليبيري بعد أن تحدث مع هيومن رايتس ووتش بساعة واحدة. وأفرجت الشرطة عن الرجل في اليوم التالي بعد الشكوى التي قدمتها هيومن رايتس ووتش، وأكدت الشرطة للمنظمة أنها قبضت عليه لأنه لم تكن معه وثائق الإقامة الصحيحة، وكان ذلك هو الواقع؛ ولكن هيومن رايتس ووتش تعتقد أن سبب القبض عليه كان تقديمه معلومات إلى المنظمة. وقد غادر ذلك الشخص ليبيا بعد ذلك لأنه أحس بأنه يخضع للمراقبة ويتعرض للخطر.

وأما في إيطاليا، فكما سبق أن أشرنا، رفضت الحكومة السماح لهيومن رايتس ووتش بدخول مراكز الاستقبال والاحتجاز حيث تحتجز المهاجرين وطالبي اللجوء القادمين من ليبيا، بما في ذلك المعسكر القائم في جزيرة لامبيدوزا. ولم تتلق هيومن رايتس ووتش رداً على الطلب الأول الذي قدمته إلى وزارة الداخلية الإيطالية يوم 13 مايو/أيار 2005، وأما الطلب الثاني الذي قدمته لزيارة مركز تحديد الهوية في كروتون، كالأبرياء، فكان مصيره الرفض في رسالة بالفاكس أرسلها رئيس شرطة كروتون بتاريخ 23 مايو/أيار 2005. كما رفضت الحكومة الإيطالية أيضاً طلبات دخول هذه المراكز المقدمة من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، ومنظمة العفو الدولية، والمراقبين المستقلين الآخرين، وكذلك المحامين الذين يوجد موكلوهم داخل هذه المراكز.

وهذا التقرير هو الثالث في سلسلة من ثلاثة أجزاء حول ليبيا، استناداً إلى أول زيارة تقوم بها هيومن رايتس ووتش على الإطلاق إلى ليبيا في الفترة من إبريل/نيسان إلى مايو/أيار 2005. وكان التقرير الأول عنوانه "من أقوال إلى أفعال: ضرورة الإصلاحفي مجال حقوق الإنسان"، وهو يفحص القيود المفروضة على الحقوق المدنية والسياسية. وكان عنوان التقرير الثاني "خطر على المجتمع؟ الاحتجاز التعسفي للنساء والفتيات بهدف 'إعادة تأهيلهن اجتماعياً'"، وهو يسجل الانتهاكات المرتكبة ضد النساء والفتيات في المؤسسات التي من المفترض أنها تهدف إلى حمايتهن. وكلا التقريرين، وغيرهما من الوثائق الخاصة بليبيا متاحة على الموقع التالي: http://www.hrw.org/doc/?t=arabic_mena&c=libya

II. التوصيات الأساسية

(التوصيات المفصلة في آخر هذا التقرير)

إلى حكومة ليبيا

إصدار وتنفيذ التشريع اللازم للوفاء بالتزامات ليبيا إزاء اللجوء بموجب القوانين المحلية الإعلان الدستوري، الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان، وقانون تعزيز الحرية وبموجب الاتفاقيات الدولية التي أصبحت ليبيا من الدول الأطراف فيها. وقبل كل شيء سن قوانين لمراعاة الحظر المطلق على إعادة اللاجئين قسراً، ووضع إجراءات فعالة ومنصفة وقانونية للبَتِّ في أوضاع طالبي اللجوء.

مراقبة الأحوال القائمة في جميع المعتقلات التي يقيم فيها المهاجرون ومن يحتمل أن يكونوا من طالبي اللجوء، ورفع الدعوى الجنائية على الحراس وغيرهم من المسئولين الذين يؤذون المعتقلين بدنياً أو يسيئون معاملتهم بطرق أخرى.

توقيع مذكرة تفاهم مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، والسماح لهذه الوكالة بأن تؤدي وظيفتها بحرية في ليبيا، بما ذلك السماح لها بزيارة جميع معتقلات المهاجرين دون قيود.

إعداد الآليات الفعالة وإتاحة الاستفادة منها لغير المواطنين الذين يواجهون الطرد حتى يتسنى لهم الطعن في اعتقالهم وطردهم، استناداً إلى أسس حقوق الإنسان وأسس الهجرة، وعدم طرد أي فرد ريثما يكتمل توفير هذه الآليات.

القيام على الفور بإحالة جميع المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين المحتجزين لارتكابهم جرائم لا تتعلق بالهجرة إلى سلطة قضائية، وتوجيه تهمة جنائية معترف بها إليهم أو إطلاق سراحهم.

احتجاز الأجانب المعتقلين بسبب جرائم لا تتعلق بالهجرة في ظروف تفي بالحد الأدنى من المعايير الدولية.

إلى الاتحاد الأوروبي

إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي

الامتناع عن طرد المواطنين (غير الليبيين) الذين يحملون جنسية بلد ثالث إلى ليبيا ريثما تلتزم ليبيا في معاملتها للمهاجرين بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، بوضع حد للإيذاء الجسدي وغيره من ضروب سوء المعاملة، وحماية حقوق اللاجئين، وتجنب الإعادة القسرية إلى بلدان يتعرض الفرد فيها لخطر التعذيب.

ضمان المراعاة الكاملة لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين في جميع التدابير الوطنية التي تمنع دخول البلد والإقامة فيه بدون تصريح، وفي التدابير الخاصة باستبعاد المقيمين بلا وثائق صحيحة من أراضي الاتحاد الأوروبي.

إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء

تشجيع ليبيا على (1) المصادقة على اتفاقية اللاجئين الصادرة عام 1951 والبروتوكول الملحق بها عام 1967؛ و(2) إصدار قانون وطني للجوء؛ و(3) الاعتراف رسمياً بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة.

تطبيق شروط صارمة خاصة بحقوق الإنسان على أي تعاون مع الحكومة الليبية فيما يتعلق بالهجرة (بما في ذلك مراقبة الحدود) بحيث تكفل الارتقاء إلى حد بعيد بمستوى مراعاة حقوق الإنسان، وحقوق اللاجئين والمهاجرين بصفة خاصة.

إلى الحكومة الإيطالية[1]

إيقاف الطرد الجماعي لمواطني أي بلد ثالث إلى ليبيا، وهو الذي يمثل انتهاكاً للقانون الإيطالي، وكذلك للقانون الأوروبي والدولي لحقوق الإنسان.

السماح بدخول جميع مراكز الاستقبال وتحديد الهوية والمعتقلات في إيطاليا لجميع مراقبي المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، والمنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان والدفاع القانوني، والمحامين والصحفيين وغيرهم من المراقبين المستقلين.

III. خلفية

جغرافية ليبيا

ليبيا، واسمها الرسمي الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى، دولة كبيرة تبلغ مساحتها 1.759.540 كيلومتر مربع (679.363 مليون ميل مربع)، وعدد سكانها قليل نسبياً حيث يبلغ 5.3 مليون نسمة أو أكثر قليلاً.[2] وتشكل الصحراء الكبرى الشاسعة أكثر من 90% من مساحتها، ويقطن معظم سكانها المناطق الساحلية المطلة على البحر الأبيض المتوسط.

ويبلغ طول الساحل الشمالي في ليبيا حوالي 1.770 كيلومتر تقريبا، ويبعد عن أقرب نقطة له في الأراضي الإيطالية (جزيرة لامبيدوزا) بمسافة 300 كيلومتر تقريباً. وتشترك ليبيا في حدودها الشرقية والجنوبية والغربية مع كل من مصر (1.150 كم) وتشاد (1.055 كم) والجزائر (982 كم) وتونس (459 كم) والسودان (383 كم) والنيجر (354 كم)، ومعظم حدودها البرية الواقعة في الصحراء النائية غير مرسّمة بعلامات حدودية.

النظام السياسي في ليبيا

يستمد النظام السياسي المعاصر في ليبيا جذوره من ثورة الفاتح من سبتمبر/أيلول 1969، وهي انقلاب سلمي أطاح بالملكية ونصب مكانها مجلس قيادة الثورة بزعامة معمر القذافي، الذي ظل زعيماً للبلاد منذ ذلك الحين، وعلى الرغم من أنه لا يحمل لقباً رسمياً (حيث يُشار إليه أحياناً بلقب "الأخ القائد" وأحياناً أخرى بلقب "قائد الثورة") فإنه يسيطر على كل الجوانب الرئيسية للحياة السياسية والاقتصادية في البلاد.

وفي سبعينيات القرن العشرين، وضع القذافي فلسفة سياسية أسماها النظرية العالمية الثالثة، وهي هجين من الاشتراكية والإسلام، كما طور نظاماً للحكم أسماه الجماهيرية، بمعنى "دولة الجماهير"، يقضي بإلزام جميع المواطنين بالاشتراك في مؤتمرات شعبية أساسية، موجودة في كل وحدة من الوحدات الإدارية المحلية، وفيها يناقشون كافة أمور الحكم من الميزانية إلى الدفاع. وينتخب كل مؤتمر شعبي أساسي لجنة شعبية، وهي بمثابة الجهاز التنفيذي الذي يعين ممثلاً محلياً عنه في مؤتمر الشعب العام، وهو ما يعادل المجلس الوطني التشريعي. ويُدار مؤتمر الشعب العام بدوره عن طريق لجانه الشعبية التي تعادل الوزارات. ومنذ عام 1977، عندما أصبح هذا النظام منصوصاً عليه في "إعلان قيام سلطة الشعب"، صارت ليبيا تُعرف رسمياً باسم الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى.

ويصف القذافي والحكومة الليبية الحالية النظام القائم على المؤتمرات الشعبية الأساسية بأنه أكثر أشكال الديمقراطية تطوراً، مشيرين إلى أن المواطنين لا ينتخبون ممثلين عنهم بل يشتركون بأنفسهم اشتراكاً مباشراً في شؤون الحكم. وفي الوقت نفسه، تحظر الحكومة تشكيل الأحزاب السياسية وأي نشاط جماعي يقوم على أيديولوجية سياسية تتعارض مع مبادئ ثورة الفاتح. وتُعتبر اللجان الثورية الموجودة في جميع القطاعات تقريباً، بما في ذلك مختلف المؤتمرات الشعبية والنقابات العمالية والجامعات والشركات التابعة للدولة والإعلام آليةً موازيةً للحفاظ على السيطرة الأيديولوجية والسياسية على كل جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في ليبيا.

وحيث أن ليبيا تمتلك أكبر احتياطيات النفط الخام في القارة الإفريقية، فإنها تحتل المرتبة الثانية بين أغنى دول القارة بعد جنوب إفريقيا، وتتميز بأنها أكثر تقدماً بدرجة ملحوظة عن غيرها من بلدان شمالي القارة. وفي الوقت نفسه، تتركز ثروتها في أيدي النخبة، بينما يشكو المواطنون والمسئولون الحكوميون الليبيون من الفساد المزمن فيها.

وخلال فترة طويلة من رئاسة القذافي لليبيا ساءت العلاقات الدولية بين ليبيا والولايات المتحدة ومعظم القوى الأوروبية الكبرى، ثم طرأ تحسن في العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا في عام 1999 بعد التعاون الذي أبدته ليبيا في قضية لوكربي (الخاصة بتفجير طائرة بان أمريكان الجوية رقم 103 فوق اسكتلندا في عام 1988)، واستمر التحسن مع قيام ليبيا بالكشف عن برامج أسلحتها في عام 2003، وموافقتها على إزالة ما لديها من أسلحة الدمار الشامل والتعاون في "الحرب على الإرهاب" التي شنتها الولايات المتحدة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة. وفي 15 مايو/أيار 2006، أعلنت الحكومة الأمريكية أن الدولتين ستستأنفان العلاقات الدبلوماسية الكاملة، وطلبت إدارة الرئيس بوش من الكونغرس الأمريكي رفع اسم ليبيا من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، فوافق الكونغرس على ذلك في 30 يونيو/حزيران.

حقوق الإنسان في ليبيا[3]

اتخذ القذافي، منذ توليه السلطة عام 1969، تدابير قمعية لإحكام السيطرة على البلاد. وفي عام 1973، ألقت الشرطة وقوات الأمن القبض على مئات من الليبيين الذي كانوا يعارضون النظام السياسي الجديد، أو الذين كانت السلطات تخشى معارضتهم له. كما قامت الشرطة وقوات الأمن، فيما يطلق عليه بعض الليبيين ثورة ثقافية "لتوعية الجماهير"، باعتقال عدد من أساتذة الجامعة والمحامين والطلبة والصحفيين والتروتسكيين والشيوعيين وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وتم إخفاء بعض هؤلاء قسراً. وفي السبعينيات والثمانينيات، تزايد قمع الدولة في موجة من الاحتدام الثوري، فتعرض المنتقدون للسجن أو الاختفاء القسري، وتولت الدولة السيطرة على المؤسسات الدينية.

وفي عام 1988، شهدت ليبيا بعض الإصلاحات الطفيفة، مثل الإفراج عن بعض السجناء السياسيين. وفي يونيو/حزيران من ذلك العام اعتمد مؤتمر الشعب العام الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان في عصر الجماهير، التي تكفل بعض الحقوق الأساسية وتحظر أية عقوبة "تمس كرامة الإنسان وتضر بكيانه"، وتكفل بوجه خاص استقلال القضاء (المادة 9)، وحرية التفكير (المادة 19)، والمساواة بين الرجل والمرأة (المادة 21)، كما تنص على أن هدف مجتمع الجماهيرية هو القضاء على عقوبة الإعدام وهو الهدف الذي لم يتحقق بعد. إلا إن العام التالي شهد موجة أخرى من القمع الداخلي، ولم تظهر بعدها أية دلائل جديدة على التحسن لمدة عقد من الزمان.

ثم عادت أوضاع حقوق الإنسان إلى التحسن من جديد منذ عام 1998، على الرغم من أنه ما زال أمام ليبيا شوط طويل حتى تفي بالتزاماتها بمقتضى القانون الدولي لحقوق الإنسان. ففي عام 1998، أسس سيف الإسلام القذافي، نجل القذافي، مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية، التي شرعت في تنفيذ برنامج لحقوق الإنسان تولى إدارته سجين سياسي سابق. وفي عام 2003، بدأت في شن حملة لمناهضة التعذيب. وفي عامي 2001 و2002، أفرجت السلطات عن 300 سجين تقريباً، وكانت الحكومة قد سجنت بعضهم منذ عام 1973 بسبب نشاطهم السياسي السلمي.

وفي إبريل/نيسان 2004، دعا معمر القذافي إلى سلسلة من الإصلاحات القانونية مثل إلغاء محكمة الشعب، التي تتولى أساساً محاكمة الجرائم السياسية (وتم إلغاؤها في يناير/كانون الثاني 2005)، وتقليل عدد الجرائم التي يُعاقب عليها بالإعدام، والتزام مزيد من الصرامة في تطبيق القوانين الليبية المتعلقة بالإجراءات الواجبة. وفي فبراير/شباط 2006، أصدرت السلطات عفواً عن 132 سجيناً سياسياً، كان معظمهم قد قضوا أكثر من سبعة أعوام رهن الاعتقال، حيث سُجنوا بسبب ممارسة أنشطة سلمية وبعد محاكمات جائرة.[4] إلا إن الوعود الإصلاحية بصفة عامة كانت أكبر من الإصلاح الذي تحقق بالفعل، فلا تزال ليبيا خاضعة لسيطرة مُحكمة من جانب النخبة، وليس فيها إلا هامش محدود للتعبير أو للتنظيمات التي تنتقد الأيديولوجية الحاكمة والقائمين على تنفيذها.

الأجانب في ليبيا

كما سبقت الإشارة، فإن تعداد سكان ليبيا يبلغ حوالي 5.3 مليون نسمة. وتعلن ليبيا أنها دولة تتسم بالتجانس الثقافي والاجتماعي، ولا تعترف بوجود أقليات وطنية أو عرقية أو دينية.[5] وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات موثوق بها، فقد قدرت الحكومة الليبية في عام 2005 أن عدد العاملين الأجانب المقيمين فيها بصورة "شرعية" يبلغ 600 ألف، مما يعني أن هذا هو العدد المسجل رسمياً لدى السلطات. وإضافة إلى ذلك، تقدر الحكومة أن ليبيا بها ما يتراوح بين مليون و1.2 مليون مهاجر بصورة "غير شرعية". ويُقال إن عدد من يدخلون البلاد كل عام يتراوح بين 70 ألفاً و100 ألف أجنبي من كلتا الفئتين.[6]

وثمة أسباب عديدة لارتفاع عدد الأجانب، أولها صعوبة الرقابة على الحدود الواقع أغلبها في الصحراء بطول 4.400 كم مع ستة بلدان مجاورة. وثانيها، أن الاقتصاد المنتعش نسبياً يجتذب إليه الباحثين عن العمل من مواطني البلدان الفقيرة. أما السبب الثالث فهو أن الحكومة كانت فيما مضى تتبع سياسة الباب المفتوح مع العرب أولاً ثم مع الأفارقة من بلدان جنوب الصحراء الكبرى.

وقد بدأ تدفق الأجانب في السبعينيات مع التطور السريع الذي شهدته ليبيا بفضل عائدات النفط الذي اكتُشف لأول مرة في 1959؛ فصارت ليبيا بحاجة إلى عمالة لإنجاز مشاريع طموحة مثل المشروع الضخم لشق النهر الصناعي العظيم، لضخ المياه من منابع صحراوية عميقة إلى المدن الساحلية. وكان معظم العاملين يأتون أساساً من مصر وتونس، وما زال المصريون يمثلون أكبر شريحة من الرعايا الأجانب في ليبيا حتى اليوم.[7]

وطوال التسعينيات، تحول اهتمام القذافي بعيداً عن العالم العربي نحو إفريقيا، لإحساسه بخيبة الأمل من رد فعل الحكومات العربية إزاء اشتداد عزلته الدولية بعد حادثتي نسف الطائرتين فوق لوكربي والنيجر،[8] فبدأ يعبر عن سياسة تضامن إفريقي اشتملت على فتح الباب أمام أبناء البلدان الإفريقية الواقعة إلى الجنوب من الصحراء الكبرى.

وقد وقَّعت ليبيا على سلسلة من الاتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف مع بلدان مثل السودان وتشاد. وأعلنت في الصحف الإفريقية عن تشجيعها لاستقبال العاملين الأجانب.[9] وفي عام 1998 لعبت دوراً رئيسياً في إقامة تجمع دول الساحل والصحراء، وهو منظمة تتألف من 21 دولة إفريقية، ومقرها طرابلس. وتقول المنظمة إنها تسعى إلى "تسهيل تحرك الأ&631; المشروعة".[16] ويتفق معه رئيس مكتب الجوازات والجنسية محمد الرمالي، الذي يقول "عملت هنا أكثر من عشرين عاماً، ولم نستقبل أيا من هؤلاء الناس. فمعظم الناس يواصلون الرحيل إلى الغرب".[17]

وبالفعل، فإن الغالبية العظمى ممن يدخلون ليبيا، وفقاً لما تقوله المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وغيرها من خبراء الهجرة، يأتون لأسباب اقتصادية إما سعياً للإقامة في ليبيا وإما للوصول إلى أوروبا. فقد قال عدد ممن التقت بهم هيومن رايتس ووتش إنهم كانوا يأملون في العثور على عمل في ليبيا لكنهم اتجهوا بعد ذلك شمالاً عندما لم يوفقوا في العثور على عمل، ومنهم رجل نيجيري وصل إلى ليبيا في عام 2003 ثم أُلقي القبض عليه بعد ذلك للاتجار في المخدرات، وقد قال لهيومن رايتس ووتش "جئت لأنني أنتمي إلى أسرة فقيرة، فكانت كل غايتي أن اكتسب بعض المال لافتتح به نشاطاً تجارياً في موطني".[18]

ولكن ليس كل من يأتي إلى ليبيا يأتي لأسباب اقتصادية، سواء للعمل أو للعبور منها إلى أوروبا. فالبعض أتوا فراراً من الاضطهاد في بلدانهم الأصلية، وهؤلاء فروا مباشرةً إلى ليبيا بحثاً عن الحماية، أو انتقلوا إلى ليبيا من بلدان أخرى مثل السودان حيث لم يعد الأمان متوافراً. فعلى سبيل المثال، أخبر رجل من دارفور بالسودان هيومن رايتس ووتش أنه فر من السودان عام 1993 عندما كان عمره 15 عاماً، بسبب هجمات المليشيات التي تساندها الحكومة على قريته، وقال "كنت أبحث عن مكان يمكنني فيه الرجوع للدراسة بالمدرسة".[19] كما التقت هيومن رايتس ووتش بشاب إريتري كان قد فر من إريتريا خوفاً من القبض عليه بسبب رفضه التجنيد في سبتمبر/أيلول 2002، فسار على قدميه من أسمرة إلى كسلا بالسودان، ثم اصطحبته إحدى السيارات المارة إلى الخرطوم، وقال "كنت أنوي البقاء، لكن كان من الظاهر أنهم سيعيدون الإريتريين طبقاً لاتفاق بين السودان وإريتريا، فقررت الهرب [إلى ليبيا]".[20]

وسواء أكان الوافدون مهاجرين أو طالبي لجوء أو لاجئين، فإنهم يدخلون ليبيا من خلال طرق التجارة والقوافل والهجرة القديمة التي كان تُستخدم من قرون بعيدة. وأكثر هذه الطرق شيوعاً لدى من التقت بهم هيومن رايتس ووتش هو الطريق الممتد من السودان أو تشاد عبر الصحراء في الجنوب إلى مدينة الكفرة الليبية الواقعة في الجنوب الشرقي. إذ يدخل أبناء شرق إفريقيا (وأحيانا الآسيويون) ليبيا من هذا الاتجاه، بينما يدخل المهاجرون القادمون من البلدان الواقعة على خليج غينيا مثل غانا ونيجيريا في أغلب الأحوال عبر النيجر ومالي (وكثيراً ما يتجهون بعد ذلك غرباً للسفر من المغرب إلى أسبانيا).[21] أما المسافرون من السودان فكثيراً ما يقطعون الرحلة لبضعة أيام يتوقفون خلالها في الكفرة لتغيير السيارات. والمحطة التالية للكفرة هي دائماً بني غازي حيث يحاول المهاجرون شراء وثائق ليبية. وفي نهاية المطاف يتجه الكثيرون إلى العاصمة طرابلس.

ويدخل البعض إلى ليبيا بطرق أخرى، فقد ذكر أحد المسئولين الليبيين المختصين بشؤون الهجرة أن المسئولين التونسيين يقومون أحياناً "بالتخلص" من المهاجرين الذين وفدوا إلى تونس رغم أنف هؤلاء المسئولين بإلقائهم على الجانب الليبي من الحدود بين البلدين، إما بعد القبض عليهم وهم يحاولون السفر إلى أوروبا وإما بعد أن تنتهي تصاريح العمل أو الدراسة في تونس التي يحملونها.[22] وتحدثت هيومن رايتس ووتش إلى ستة رجال في مركز الفلاح للترحيل (ثلاثة ليبيريين ومواطن من ساحل العاج وآخر غيني وآخر من الكونغو) قالوا إنهم كانوا يعملون في تونس حتى أوائل إبريل/نيسان 2005، عندما ألقت بهم السلطات التونسية على الجانب الليبي من الحدود.[23]

وترى الحكومة الليبية أن تدفق الأجانب ينهك موارد ليبيا، وهو ما أوضحه محمد الرمالي بقوله "نحاول أن نوفر فرص العمل للجميع، ولكن نظراً لتعداد السكان عندنا، وهو 5.5 مليون نسمة تقريباً، فلا نستطيع استيعاب إلا مليون شخص أو أقل من ذلك. المشكلة الحقيقية تكمن فيمن يدخلون البلاد بطرق غير شرعية وبلا وثائق". وفي إبريل/نيسان 2006، ذكرت الحكومة الليبية، في مذكرة أرسلتها إلى هيومن رايتس ووتش، أن هؤلاء المهاجرين "يشكلون تهديدا للأمن العام، لذا فإن الأمر يستدعي اتخاذ خطوات قانونية حيالهم".[24]

وقال مسئولون لهيومن رايتس ووتش إنه نظراً لارتفاع البطالة بين الأجانب فقد تصاعدت معدلات الجريمة في ليبيا، حيث أفاد نصر المبروك، الذي شغل منصب أمين الأمن العام (وزير الشؤون الداخلية) حتى مارس/آذار 2006، أن الأجانب يرتكبون 30 بالمئة من مجموع الجرائم المرتكبة في ليبيا، وأضاف "إننا نعاني كثيراً من هذه الظاهرة".[25] ودعا مسئولون بإدارة الهجرة الليبية إلى التعاطف مع ليبيا، مثلما فعل محمد الرمالي الذي قال "عندما تكون لديك وجبة كاملة خاصة بك تستطيع أن تقتسمها مع أحد، ولكن من المستحيل أن تقتسمها مع خمسة آخرين".[26] ووصف مسئولون ليبيون آخرون البلاد بأنها "معرضة لطوفان" من المهاجرين،[27] وأعرب كثيرون منهم عن اعتقادهم بأن الهجرة غير المنتظمة تهدد الصحة العامة وتؤدي إلى إدخال أنواع جديدة من الجرائم مثل المخدرات والدعارة.[28] وقالت أمينة الشؤون الاجتماعية أمل نوري صفر، رداً على سؤال عن العنف ضد المرأة في ليبيا، "ربما لا يصدر العنف من ليبي، ولكن قد يأتي من ثقافات وافدة من خارج ليبيا".[29]

كما قال عدد من المسئولين والمواطنين الليبيين إن الأفارقة من دول جنوب الصحراء الكبرى يجلبون معهم فيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز). ففي فيلم إعلامي عن الهجرة أنتجته اللجنة الشعبية العامة للأمن العام، تزعم الحكومة أن معدل الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز) يرتفع بارتفاع معدلات الهجرة، على الرغم من أنها لم تقدم أية إحصائيات أو أدلة حول انتقال الفيروس خارج نطاق فئة المهاجرين.[30] وقال شكري غانم، الأمين العام للجنة الشعبية العامة، أثناء زيارة هيومن رايتس ووتش، إن "الأفارقة الفقراء يتدفقون على ليبيا ومعهم الإيدز والمخدرات والجريمة". وشكا من أن العمال الزراعيين الأفارقة يعتدون على الليبيين وعلى ممتلكاتهم في المزارع المنعزلة".[31]

وقد أورد تقرير وفد المفوضية الأوروبية، الذي زار ليبيا في نوفمبر/تشرين الثاني-ديسمبر/كانون الأول 2004 لبحث مسألة الهجرة، بواعث قلق الحكومة الليبية، حيث خلص التقرير إلى ما يلي:

طبقا للسلطات الليبية، فإن حركة المهاجرين غير الشرعيين التي لا تخضع لضوابط من وإلى ليبيا وصل إلى حد الأزمة الوطنية، وخاصةً فيما يتعلق بالهجرة الوافدة من بلدان جنوب الصحراء الكبرى الإفريقية. وتشعر السلطات بالقلق حيال إدارة هذا الوضع وعواقبه المحتملة من أنشطة إجرامية، وتدهور في الأوضاع الصحية العامة مع التركيز بصفة خاصة على إمكانية انتشار فيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز) والالتهاب الكبدي، والخلل الاقتصادي بسبب الزيادة الشديدة في المعروض من العمالة الرخيصة، واحتمال الاختراق الإرهابي. ويبدو أنه لا يكاد يوجد أي فهم لضرورة إتباع نهج استراتيجي لمواجهة المشكلة، إلا على مستوى قلة من المتحدثين على المستويات العليا.[32]

كما اشتدت مشاعر العداء للأجانب في ليبيا، ووقعت أخطر حادثة في هذا الصدد في أواخر سبتمبر/أيلول 2000 في بلدة زاوية غربي طرابلس حيث اشتبكت جماعة من الدهماء الليبيين مع مجموعة من الأجانب أغلبهم من السودان وتشاد، فقُتل زهاء 50 شخصاً، حسبما جاء في الأنباء الصحفية (انظر الفصل الثامن "انتهاكات أخرى ضد المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين").[33] أما الحكومة الليبية فقالت إن عدد المتوفين سبعة. وفي أعقاب هذه الحادثة، أمر مؤتمر الشعب العام السلطات بمنع القطاع الخاص من استخدام الأجانب وبدأت الشرطة حملة واسعة للقبض على الأشخاص.

واشتدت المشكلة مع تحسن العلاقات بين ليبيا وأوروبا، وخاصةً بعد أن رفعت الأمم المتحدة العقوبات عن ليبيا في سبتمبر/أيلول 2003. وبدأت الحكومات الأوروبية وخاصة إيطاليا في الضغط على ليبيا لتحسين الضوابط الخاصة بتدفق المهاجرين من شواطئها، وبدأت إيطاليا في الطرد القسري للمهاجرين وطالبي اللجوء الذين جاءوا إليها من ليبيا.

وما أكبر الاختلاف ما بين ليبيا اليوم وبين ما كانت عليه في استعدادها للترحيب بالأجانب كما قال القذافي منذ سبع سنين. فقد شكا معظم غير الليبيين الذين التقت بهم هيومن رايتس ووتش لإعداد هذا التقرير من التمييز والعنف العنصري المنفلت في ليبيا. ويرى بعضهم، سواء أجاءوا إلى ليبيا بدافع العمل أم اللجوء، أن كراهية الأجانب فيها حضتهم على الانتقال إلى إيطاليا. فقالت مارتا ت.، وهي إريترية حصلت على اللجوء في إيطاليا "في البداية لم يكن بذهني فكرة واضحة عن السفر إلى إيطاليا، فأقمت في منزل خاص مع ستة آخرين [في طرابلس]، ولم نكن نستطيع الخروج بسبب خوفنا، وفي المرة الوحيدة التي خرجت فيها لشراء شيء مع صديقتي، ألقوا بعلبة كوكاكولا على رأسها".[34]

وتحدث رجل سوداني يقيم الآن في إيطاليا لهيومن رايتس ووتش معبراً عن إحساسه بالخذلان بقوله "من تجربتي، أرى أن الحكومة الليبية تخدع العالم بقولها إنها تساعد الأفارقة. فالأفارقة يأتون باسم الوحدة الإفريقية، لكن الحكومة الليبية لا تقدم لهم أي شيء".[35]

IV. الحرمان من الحق في طلب اللجوء

لا يوجد في ليبيا قانون للجوء أو إجراءات للتعامل مع اللجوء، وليس أمام الفارين من الاضطهاد آلية رسمية لطلب الحماية.[36]

ويقول بعض كبار المسئولين الليبيين إنه ليست هناك حاجة لنظام اللجوء؛ لأن البلاد ليس فيها طالبو لجوء أو لاجئون. فقد قال محمد الرمالي، مدير مكتب الجوازات والجنسية، "ليس عندنا قانون لذلك. إذا لم تكن عندك هذه المشكلة، فلست بحاجة إلى قانون لها". وأضاف قائلا "عندما يبدأ الناس في الشكوى لحاجتهم إلى اللجوء فعندئذ نعرف [أننا بحاجة إلى قانون]".[37]

ولم ينكر مسئولون آخرون أن ليبيا بها لاجئون ضمن الوافدين الأجانب، لكنهم يقولون بأن الإدارة الليبية ليس بوسعها التعامل مع طلبات اللجوء. وأعربوا عن خشيتهم من أن إتاحة خيار اللجوء قد يجتذب موجةً جديدة من المهاجرين الذين لا يحملون وثائق ممن قد يستغلون قناة اللجوء تفادياً للترحيل، وقد يصعب على ليبيا التخلص ممن وصلوا إليها بالفعل.

أما المدير العام للشؤون القنصلية باللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي فيقول إذا سمحت ليبيا باللجوء فسيفد طالبو اللجوء "كطاعون من الجراد".[38] كما يقول شكري غانم، الأمين العام لمؤتمر الشعب العام من عام 2003 حتى مارس/آذار 2006، "لا يمكننا أن نفتح الباب أمام اللجوء وإلا وجدنا خمسين مليوناً من الناس".[39]

وينص إعلان دستور ليبيا الصادر عام 1969 على أنه "يُحظر تسليم اللاجئين السياسيين".[40] وبالإضافة إلى ذلك، فإن القانون رقم 20 لسنة 1991 بشأن تعزيز الحرية ينص على أن "الجماهيرية العظمى بلاد المضطهدين والمناضلين في سبيل الحرية فلا يجوز تسليم اللاجئين منهم لحماها إلى أية جهة".[41]ويُعتبر القانون رقم 20 وإعلان الدستور اثنين من أربعة قوانين أساسية في ليبيا تتمتع بالحجية الدستورية.[42] ومهما قالت الحكومة الليبية من أن كل الأجانب هم مهاجرون بدوافع اقتصادية وليسوا لاجئين، فمن المستحيل التمييز بين الفئتين دون وجود إجراءات لتحديد وضعهم.

ولم توقع ليبيا على الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين، المبرمة في جنيف لعام 1951 بشأن حماية اللاجئين ولا على البروتوكول الملحق بها عام 1967، إلا إن كلا من اتفاقية مناهضة التعذيب والاتفاقية الإفريقية للاجئين تحظر على ليبيا إرسال الأفراد إلى أي بلاد يواجهون فيها مخاطر فعلية تتمثل في احتمال تعرضهم للاضطهاد أو التعذيب. وبموجب القانون الدولي العرفي، تُعتبر ليبيا أيضاً ملزمة بعدم إرجاع أي شخص إلى أي مكان قد يواجه فيه اضطهاداً أو تتعرض فيه حياته أو حريته للخطر.[43] ومن الضروري لضمان الوفاء بهذه الالتزامات أن تحدد ليبيا من خلال آلية للاعتراف بالأفراد أو الجماعات أي لاجئين أو أي أشخاص غيرهم بحاجة إلى الحماية الدولية ممن قد يكونون بين المهاجرين الذين يعيدونهم إلى بلادهم أو يطردونهم من ليبيا.

وعلى الرغم من أن بعض المسئولين الليبيين يزعمون أنه لا يوجد لاجئون يريدون اللجوء إلى ليبيا، فقد التقت هيومن رايتس ووتش بسبعة عشر فرداً لم يتمكنوا من الحصول على الحماية في ليبيا، لكنهم حصلوا على وضع اللاجئ من مفوضية شؤون اللاجئين أو حصلوا عليها فيما بعد من الحكومة الإيطالية. وقال بعض هؤلاء إنهم كانوا سيطلبون اللجوء إلى ليبيا لو كان هذا الخيار متاحاً. وكان هناك ثلاثة عشر شخصاً آخرين ينتظرون رد الحكومة الإيطالية على طلباتهم للحصول على اللجوء.

وبين هؤلاء يوهانيس وهو صحفي إريتري التقت به هيومن رايتس ووتش في إيطاليا، حيث كان طلبه للحصول على اللجوء يخضع للفحص في ديسمبر/كانون الأول 2005. وكان يوهانيس يعمل صحفياً في إحدى صحف المعارضة في إريتريا، حيث ألقت السلطات القبض عليه لفترة وجيزة بسبب كتاباته في عام 2001،[44] وفي العام نفسه، أغلقت الحكومة صحيفته في إطار انقضاضها على الصحافة المستقلة.[45] واحتجزت السلطات الإريترية يوهانيس لكنه تمكن من الهرب وفر في النهاية إلى السودان. وبعد ثمانية أشهر، اتجه إلى ليبيا ودخلها دون تصريح.

وقال يوهانيس إن الرحلة إلى ليبيا بصحبة أحد المهربين كانت خطرة، فعلى امتداد الطريق رأى أكثر من 20 جثة لرجال ونساء ملقاة في الرمال. وحاول السائق تفادي قوات الأمن الليبية لكن الشرطة ألقت القبض على المجموعة قرب مدينة الكفرة.

وذكر يوهانيس أن الشرطة اطلعت على بطاقته الصحفية واتهمته بأنه جاسوس. ففصلته عن بقية المجموعة المكونة من أربعين، ليقضي الأشهر الثمانية التالية في أربعة سجون مختلفة، أولها سجن في مكان اسمه "أوجيلا"، حيث احتجزته السلطات في حبس انفرادي مع تقديم كميات غير كافية من الطعام إليه. وقال إن الحراس كانوا يضربونه أحياناً، وإنهم ذات مرة ضربوه بشدة على رأسه إلى حد أفقده الوعي (انظر الفصل السادس "الانتهاكات في الحجز").

وقال يوهانيس إن مسئولي الأمن ضربوه في سجن آخر يسمى "جالو"، قضى فيه شهرين آخرين، وفي النهاية نقلوه إلى سجن في بني غازي حيث شاهد الحراس يستخدمون العنف مع مسجونين كثيرين، وفي إحدى الحالات التي شهدها قام حراس السجن بضرب سجين تشادي بشدة حتى مات.

وبعد ذلك بفترة وجيزة، تلقى يوهانيس زيارة في السجن من مسئولين بالسفارة الإريترية، التقطوا له صورة فوتوغرافية، وأخذوا بصماته وأخبروه أن يستعد لترحيله إلى وطنه. ولكن نظرا لما سبق من القبض عليه مرتين في إريتريا وإغلاق الحكومة صحيفته، فقد خشي يوهانيس مما قد تفعله الحكومة عند عودته. فاستعان ببعض رفاقه في السجن لرشوة الحراس الليبيين وفر هارباً، وفي نهاية المطاف دفع مبلغاً من المال لأحد المهربين ليأخذه إلى إيطاليا حيث يسعى حالياً للحصول على اللجوء.[46]

مشروع قانون اللجوء

قال محمد الرمالي، رئيس مكتب الهجرة بليبيا، إن الحكومة شكلت "لجنة خاصة غير رسمية" لفحص المقترحات المتعلقة بقانون اللجوء على الرغم من "أننا لا نشعر أننا مضطرون إلى ذلك". ويرأس هذه اللجنة سليمان الشهومي، أمين الشؤون الخارجية بمؤتمر الشعب العام. وقد أخبر الشهومي هيومن رايتس ووتش أن اللجنة بدأت تباشر مهامها في منتصف 2004 "لوضع قانون للتعامل مع اللاجئين بدوافع سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية بل وجماعات اللاجئين كلاجئي دارفور". وقال إن وجود القانون ضروري كي لا تُترك "طلبات اللجوء ليفصل فيها فرد، وكي توضع معايير ومقاييس معينة". وأضاف قائلاً:

هذا المقترح يحدد الحالات والمزايا والآليات الخاصة بطلب اللجوء والموافقة عليه، والإدارة المسئولة عن الإشراف على ذلك على الجانب الليبي والميزانية. وهناك العديد من الإجراءات لقبول طالبي اللجوء. وعلى مدى السنة الماضية رجعنا إلى قوانين عدة من مختلف الدول العربية، لكننا لم نجد النموذج المناسب. فتطلعنا إلى ألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا وبلجيكا وفرنسا، ودرسنا القوانين والمزايا.[47]

وقال الشهومي إن اللجنة كانت سترفع القانون إلى المؤتمرات الشعبية الأساسية، التي يناقش المواطنون الليبيون فيها مزايا مشاريع القوانين الجديدة، وذلك في نوفمبر/تشرين الثاني 2005. وفي حالة الموافقة عليه، كان سيطرح على مؤتمر الشعب العام للموافقة النهائية. ولكن حتى الأول من أغسطس/آب 2006، لم تكن اللجنة قد قدمت مشروع القانون بعد، ولم تستجب الحكومة الليبية عندما طلبت هيومن رايتس ووتش الإطلاع على مشروع القانون.

مفوضية شؤون اللاجئين في ليبيا

يرجع وجود مكتب لمفوضية شؤون اللاجئين في ليبيا إلى 15 عاماً مضت، إلا إن الحكومة الليبية ما زالت ترفض توقيع مذكرة تفاهم مع المفوضية. وفي عام 2004 تقريباً توقفت الحكومة عن الاعتراف بخطابات الإثبات التي تعطيها المفوضية للاجئين وطالبي اللجوء الذين تعترف بهم المفوضية عبر إجراءاتها المتبعة. وما زالت قوات الأمن تقبض على أولئك الأشخاص لمخالفات متعلقة بالهجرة على الرغم من أن الحكومة لم ترحل أياً منهم في عام 2005.[48] ومن شأن هذا القبض على الأشخاص بجانب عدم وجود اتفاق رسمي مطبق أن يعيق المفوضية بشدة في أدائها للدور المفوضة به.

ولكن ثمة جانباً إيجابياً يمثل في أن الحكومة منحت المفوضية مؤخراً الفرصة للوصول إلى مركز الاحتجاز الرئيسي في طرابلس، حيث التقت المفوضية بعدد من اللاجئين وطالبي اللجوء وتناولت بعض الحالات الخاصة بالإعادة للوطن أو إعادة التوطين، وأجرت مقابلات لتحديد وضع اللجوء للطالبين. وأفادت المفوضية أنها تمكنت من إطلاق سراح بعض اللاجئين المحتجزين،[49] لكن الحكومة لم تمكنها من زيارة مراكز أخرى للاحتجاز في ليبيا.

ويرتبط عدم اعتراف الحكومة بمفوضية شؤون اللاجئين بموقفها الذي تعرب عنه دائماً والذي يتمثل في أن ليبيا ليس بها لاجئون. فقد أخبر سعيد عريبي حفيانة، الأمين المساعد للاتصال الخارجي والتعاون الدولي، هيومن رايتس ووتش أن الحكومة تتعاون مع الأمم المتحدة متى دعت الحاجة إلى ذلك، وقال "إن الجماهيرية لا اعتراض لديها على التعاون مع أي هيئة من هيئات الأمم المتحدة، بشرط أن يكون الموضوع المطروح الذي يستوجب التعاون مشكلةً حقيقية".[50]

وقد أعربت المفوضية صراحة عن عدم رضاها عن غياب التعاون، حيث تنص خطة عملياتها في ليبيا لعام 2006 على ما يلي:

ضرورة إبرام مذكرة تفاهم مع الحكومة الليبية، خصوصا وأن اللاجئين يتحولون باطراد إلى جزء من السياق الأوسع لتدفق المهاجرين بشكل مختلط أو مركب، كما هي الحال في ليبيا، وحيث أن السياسات الخاصة لإدارة الهجرة لا تنص على تحديد احتياجات طالبي اللجوء واللاجئين، كالتمتع بالحماية، والاستجابة لها بطريقة مناسبة.[51]

وكانت مفوضية شؤون اللاجئين قد بدأت نشاطها في ليبيا عام 1991 عندما قبلت الحكومة الليبية حوالي ثلاثة آلاف لاجئ صومالي كانت المفوضية قد أعادت توطينهم من المملكة العربية السعودية في أثناء حرب الخليج.[52] وأدى طلب الصوماليين للحصول على مسكن في طرابلس إلى إقامة مخيم للاجئين الصوماليين بشارع كينيدي في طرابلس، ودعت الحكومة المفوضية إلى تولي إدارته. وتزايد عدد سكان المخيم (من الصوماليين وغيرهم من الأفارقة الذين جاءوا إلى ليبيا عبر الصحراء) مع قدوم وافدين جدد، واتسع المخيم ليضم حوالي ثلاثة آلاف نزيل. وفي وقت لاحق قامت الحكومة بنقل المخيم إلى منطقة صلاح الدين ضماناً لمزيد من الحماية والسيطرة، لكن المشاكل الأمنية استدعت إغلاقه في عام 2004، طبقاً لما قالته المفوضية وأحد النزلاء السابقين بالمخيم.[53]

وفي أغسطس/آب 1995، أمر القذافي بطرد حوالي 30 ألفاً من الفلسطينيين من ليبيا إلى مناطق الحكم الذاتي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، احتجاجاً على اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.[54] وطلبت الحكومة الليبية من مفوضية شؤون اللاجئين مساعدة حوالي ألف من هؤلاء اللاجئين الذين أبعدتهم إلى مخيم صحراوي في ليبيا قرب الحدود مع مصر.[55] ومن النتائج الذي خلفتها هذه الحقبة أن الفلسطينيين أصبحوا يمثلون أكبر جماعة من اللاجئين المسجلين لدى مكتب المفوضية بطرابلس اليوم. وفي أكتوبر/تشرين الأول 1995، دعا القذافي الفلسطينيين إلى العودة إلى ليبيا. واليوم تقدم الحكومة للاجئين الفلسطينيين التعليم والرعاية الصحية بالمجان.

وحتى منتصف 2004، كانت المفوضية تستطيع تقديم المساعدات عبر مكتبها في طرابلس إلى عدد كبير من اللاجئين، بما في ذلك قدر من المعونات المالية، والتدريب المهني، والمساعدات الطبية والمساعدة في إلحاق الأطفال بالمدارس الليبية. وعلى الرغم من عدم وجود اتفاق رسمي للتعاون، فقد كانت المفوضية على اتصال بالحكومة بصورة منتظمة ونجحت في إطلاق سراح عدد من المحتجزين الحاملين لخطابات الإثبات، بحيث حالت دون طردهم. ولكن في صيف في عام 2004، ساءت العلاقات بين الطرفين فأجبرت الحكومة المفوضية على تقليص حجم المساعدات التي تقدمها.

وفي يوليو/تموز من ذلك العام، أعادت الحكومة الليبية قسراً أكثر من 100 إريتري إلى بلدهم (انظر الفصل السابع "الإعادة القسرية"). وتلقت هيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات معلومات موثوق بها تفيد أن الحكومة الإريترية ألقت القبض على العائدين فور وصولهم واحتجزتهم في حجز انعزالي.[56] وفي الشهر التالي، أعادت الحكومة الليبية قسراً 75 إريترياً آخرين على الرغم من احتجاج مفوضية شؤون اللاجئين، فتمردت هذه المجموعة واختطفت الطائرة التي كانت تقلها، وأرغمتها على الهبوط في السودان حيث طلب 60 من الإريتريين اللجوء، فمنحتهم المفوضية جميعاً وضع اللجوء.[57]

وقال مسئولو المفوضية إن هذه الواقعة تمثل بداية انقضاض الحكومة على المهاجرين الذين لا يحملون وثائق في ليبيا. وفي أكتوبر/تشرين الثاني 2004، دعت المفوضية صراحة إلى الاتصال بمئات من المهاجرين الذين لا يحملون وثائق ممن تعد الحكومة الليبية لترحيلهم، بعد أن أرجعتهم إيطاليا إلى ليبيا. (وكانت المفوضية قد أدانت إجراءات الحكومة الإيطالية باعتبارها طرداً غير مشروع. انظر الفصل العاشر، "دور الاتحاد الأوروبي وإيطاليا"). وقال مسئول بمفوضية شؤون اللاجئين "إننا نقر بالضغوط الشديدة التي تتولد عن وصول هؤلاء الوافدين الجدد بصفة مستمرة، ولكن من حق كل من يطلبون اللجوء أن تُتاح لهم الفرصة لمباشرة إجراءات منصفة لتقدير احتياجاتهم المحتملة للحماية بموجب اتفاقية 1951 للاجئين".[58] ومنعت الحكومة الليبية المفوضية من الاتصال باللاجئين الذين ينتظرون الترحيل، وظلت منذ ذلك الحين تمنعها من الوصول إلى معظم منشآت الترحيل (وإن كانت قد سمحت لها بالوصول إلى المركز الرئيسي في طرابلس منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2005).

وفي ديسمبر/كانون الأول 2004، وافقت المفوضية الأوروبية على تخصيص حوالي 740 ألف يورو لمشروع مفوضية شؤون اللاجئين "لبناء مؤسسة اللجوء في شمالي إفريقيا"، الذي يغطي الدول الخمسة في اتحاد المغرب العربي (ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا). واليوم يجري تنفيذ المشروع في جميع هذه البلدان عدا ليبيا نظراً لعدم الاعتراف والتعاون الرسمي.

وفي منتصف عام 2006، كان مكتب مفوضية شؤون اللاجئين في طرابلس يتألف من ثلاثة من العاملين الدوليين، منهم واحد مسئول عن شؤون الحماية، وثمانية من العاملين الليبيين، إلا إن صلاحياتهم تظل محدودة مع عدم توفر الوضع القانوني السليم. وعلى الرغم من ذلك، تواصل المفوضية إجراءات تحديد وضع اللجوء متى وصل الأفراد إلى مقرها، وتمنح "وضع اللاجئ المستحق للحماية"[59] للاجئين وطالبي اللجوء وتصدر خطابات الإثبات، حتى مع عدم اعتراف الحكومة الليبية بهذه الخطابات ومواصلتها القبض على حامليها. ولا تتخذ المفوضية إجراءات للاتصال بالجاليات الأجنبية، حيث تقول إنها تخشى إثارة التوقعات الكاذبة بأنها تستطيع حماية اللاجئين منهم.

وقد التقت هيومن رايتس ووتش بعدد من المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين في ليبيا وإيطاليا الذين قالوا إنهم لا يعلمون بوجود المفوضية في ليبيا. فقال لاجئ إريتري في روما، كان قد قضى شهراً في ليبيا عام 2003، "لا يوجد مكتب لها في طرابلس، أو لعلي لم أسمع عنه أبداً".[60] وذكر طالب لجوء إثيوبي في روما كان قد قضى حوالي عامين في ليبيا فيما بين عامي 2003 و2005 إنه لم يكن على اتصال بمكتب مفوضية شؤون اللاجئين في طرابلس، وقال "لا أدري إن كان هناك مكتب أم لا".[61]

كما أخبر لاجئون وطالبو لجوء آخرون هيومن رايتس ووتش أنهم يعلمون بوجود مكتب للمفوضية، لكنهم لم يذهبوا إليه لعلمهم أن المفوضية لا تستطيع تقديم العون لهم. فقد قال الإثيوبي إفريم س.، الذي قضى قرابة عامين في ليبيا بصفة غير شرعية ثم حصل على وضع اللجوء في إيطاليا في عام 2002، "هناك مكتب للمفوضية في ليبيا لكنه رمزي فحسب"، مضيفا أنه "ليس بوسعهم عمل أي شيء. فلم يكن أحد يأتي من المفوضية ليرى الظروف التي يعيش فيها اللاجئون، فاعتبرت أنها بلا فائدة".[62]

وعلى الرغم من القيود المفروضة على عمل مكتب المفوضية في طرابلس، فقد سجل المكتب 12.166 من اللاجئين المستحقين للحماية في إبريل/نيسان 2006، بما في ذلك الحالات المرفوضة. وكان هناك 8.873 فلسطينياً بين هؤلاء، وكان الباقون يتألفون من حوالي 1.500 صومالي و100 ليبيري و100 سيراليوني وأفراد معدودين من إريتريا وإثيوبيا والسودان وبلدان أخرى.[63] وأفادت المفوضية أن مكتب طرابلس فقد الاتصال ببعض هؤلاء اللاجئين المسجلين بعد أن غادروا ليبيا أو بعد أن أعادتهم الحكومة الليبية إلى أوطانهم.

وقد قدمت مفوضية شؤون اللاجئين لهيومن رايتس ووتش أرقامها عن اللاجئين المسجلين عن عام 2004. ففي هذه العام قام مكتب المفوضية في طرابلس بفحص 356 حالة لتحديد وضع اللجوء، واعترفت المفوضية بستة وأربعين من هؤلاء كلاجئين ولم تعترف بثلاثة وسبعين آخرين.[64] كما أغلقت المفوضية ملفات 237 حالة لأسباب أخرى، أبرزها اختفاء طالب اللجوء الذي تقول المفوضية إنه في معظم الحالات ربما يكون قد غادر ليبيا.

ومن إجراءات الحماية الفعالة التي يمكن لمكتب المفوضية في طرابلس أن يقدمها للاجئين في ليبيا إعادة التوطين في بلد ثالث من خلال برنامجها للإحالة إلى إعادة التوطين. وتقول المفوضية إنها نادراً ما تستخدم هذا الإجراء في ليبيا، وإنها لا تلجأ إليه إلا في حالات الطوارئ. وقد قامت المفوضية بإعادة توطين سبعة من اللاجئين الإريتريين كانت منظمة العفو الدولية قد اكتشفت أنهم محتجزون عندما كانت تزور ليبيا في فبراير/شباط 2004. وكانت الحكومة الليبية قد جعلت من إعادة التوطين شرطاً لإطلاق سراح هؤلاء الإريتريين.[65]

وتُعتبر الظروف العامة للأجانب في ليبيا، مثل عدم إحساسهم بالأمن على أنفسهم، وعدم توافر آفاق الاندماج وخطر التعرض للعودة القسرية متوافقة مع المعايير الموضوعة في دليل المفوضية لإعادة التوطين والتي تستدعي بالفعل اللجوء إلى إعادة التوطين. ولذلك ينبغي على المفوضية أن تسعى للتوصل إلى حل بإعادة توطين اللاجئين المستحقين للحماية الذين لا أمل لديهم في الاندماج في ليبيا أو العودة إلى ديارهم من تلقاء أنفسهم.[66] وفيما بين عامي 1995 و2002، قدمت مفوضية شؤون اللاجئين مساعدات مالية للعديد من اللاجئين المسجلين، أما اليوم فلا يصل الدعم المالي إلا إلى حفنة من المستضعفين بصفة خاصة، مثل الحوامل وكبار السن.[67] ويقول مسئولو المفوضية إن سياسة مفوضية شؤون اللاجئين تتمثل في الحيلولة دون اعتماد اللاجئين المقيمين في المدن مدة طويلة على المعونات الخارجية، وفي التأكيد على الاندماج من خلال الاعتماد على النفس.[68] ومنذ عام 2002 قدمت المفوضية أيضاً مساعدات للاجئين في صورة التدريب المهني والإلحاق بالوظائف،[69] فبدأت برامج القروض متناهية الصغر في 2003 و2004 تساعد لاجئي المفوضية على إقامة أكشاك في الأسواق لبيع القهوة، لكن الشرطة انقضت على المهاجرين الذي لا يحملون تراخيص في صيف 2004، مما أدى لإغلاق الأكشاك؛ فتخلت المفوضية عن المشروع.[70]

وبدون تعاون من جانب الحكومة، تعمل المفوضية مع عدد من الجمعيات الخيرية ومنظمات المعونة المحلية شبة الرسمية لتقديم الخدمات للمهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين وغيرهم ممن يحتاجون إلى الحماية الدولية.[71] وبالتعاون مع شريك منفذ، وهو جمعية الوفاء الخيرية للخدمات والعلاقات الإنسانية، تقدم المفوضية الدعم للاجئين الذين اعترف بهم مكتبها.[72] وبالإضافة إلى التدريب المهني، تقدم جمعية الوفاء الرعاية الصحية للاجئين المستحقين للحماية حسب معايير المفوضية إما عن طريق معالجتهم مباشرة (حيث يوجد بين العاملين بها طبيب توليد) وإما بإحالتهم إلى المستشفيات والعيادات التابعة للدولة.[73]

ومثلما سبقت الإشارة، فقد أتاحت الحكومة الليبية لمفوضية شؤون اللاجئين دخول مركز الاحتجاز الرئيسي في طرابلس منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2005، الأمر الذي أتاح للمفوضية إجراء مقابلات لتحديد وضع اللجوء، ومكّنها في بعض الحالات من إطلاق سراح بعض اللاجئين المحتجزين.

كما قدمت المفوضية العون فيما يتعلق بمشروع قانون اللجوء الذي تعده الحكومة الليبية، فقدمت للسلطات نماذج من القوانين الوطنية المعتمدة في بلدان الجوار، مثل السودان وموريتانيا والعراق. كما اقترحت على الحكومة تشكيل مجموعة عمل للمساعدة في عملية الصياغة وتقديم المشورة القانونية والفنية.[74]

V. الانتهاكات أثناء القبض على الأشخاص

قامت السلطات الليبية في أوقات مختلفة خلال العقد الماضي، كان أقربها عهداً عام 2004، بحملات اعتقال منهجية وواسعة النطاق للمهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين بلا وثائق رسمية.[75] ووصف كثيرون ممن التقت بهم هيومن رايتس ووتش الانتهاك البدني وغيره من صور إساءة المعاملة، واتفقت شهاداتهم مع الروايات الأخرى المنشورة في هذا الصدد.

فقد درج مسئولو الأمن الليبيون على القبض على المهاجرين واللاجئين في حالتين، الأولى وهم على الحدود أو على مقربة منها باتجاه الدخول إلى ليبيا أو الخروج منها والثانية في أثناء حملات تمشيط المدن. ففي كلتا الحالتين، أفاد عدد من المهاجرين واللاجئين بوقوع انتهاكات من جانب الشرطة الليبية وحراس السجن الليبيين، كما شكوا من التكدس في منشآت الاحتجاز، ومن سوء الصرف الصحي والتغذية فيها، ومن عدم معرفة السبب وراء احتجازهم وعدم تمكنهم من الاتصال بمحام وعدم تيسر أي فرصة للمراجعة القانونية لأوضاعهم. وفي إحدى الحالات، قال شاهد إنه سمع أربع نساء يصرخن ويبكين بعد أن اقتادهم حراس الأمن إلى غرف منفصلة، مما يوحي بأنهن تعرضن للإيذاء الجنسي. وفي العديد من الحالات، أفاد أجانب في ليبيا أن الشرطة أخلت سبيلهم أو سمحت لهم بالفرار بعد دفع رشوة.

وتسير عمليات القبض على الأشخاص إلى حد كبير باتجاه إرجاعهم إلى بلادهم الأصلية، حيث تحتجز السلطات مجموعات كبيرة من الأجانب في منشآت مختلفة لفترات متفاوتة تمهيدا لإعادتهم لبلادهم. وعلى الرغم مما قدمته هيومن رايتس ووتش من طلبات، فلم تقدم الحكومة الليبية أي معلومات حول الإجراءات أو المعايير المتبعة في القبض على الأجانب الذين لا يحملون أي وثائق رسمية. كما خلص وفد المفوضية الأوروبية الذي زار ليبيا لبحث الهجرة غير الشرعية في تقريره إلى أن "كثيرين من المهاجرين غير الشرعيين الذين التقى الوفد بهم في المراكز [مراكز الاحتجاز] قد قبض عليهم بصورة عشوائية فيما يبدو".

وقال أكثر من نصف المهاجرين واللاجئين الستة والخمسين الذين التقت بهم هيومن رايتس ووتش في سياق إعداد هذا التقرير إن السلطات الليبية احتجزتهم في مرحلة ما من مراحل إقامتهم. وأشارت الجامعة الأمريكية بالقاهرة إلى نسبة مماثلة بعد أن أجرت مقابلات مع خمسة وستين من اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين في يناير/كانون الثاني 2006 في إطار دراسة عن الهجرة إلى أوروبا عبر ليبيا. وتبين أن "أقل قليلاً من نصف" هؤلاء قد احتجزتهم السلطات الليبية، و"أعرب كل المجيبين تقريبا عن خوفهم الدائم من الاحتجاز".[76]

وكما وثقنا في الفصل السابق "الحرمان من الحق في طلب اللجوء"، فإن ليبيا ليس بها قانون أو إجراءات خاصة باللجوء؛ وهكذا لا يجد الأفراد المحتجزون الفرصة لتقديم طلب اللجوء. بل على العكس من ذلك، تلجأ الحكومة الليبية إلى الإرجاع القسري لكثير من المحتجزين لتواجدهم دون تصريح، بصرف النظر عما إذا كانوا قد يواجهون الاضطهاد أو التعذيب عند عودتهم.

وتقول الحكومة الليبية إن القبض على الأجانب الموجودين في ليبيا بصفة غير شرعية ضروري للحفاظ على النظام العام، وإن قوات الأمن تقوم بذلك وفقا لقانون الهجرة.[77] وفي إبريل/نيسان 2006، أرسلت الحكومة مذكرة إلى هيومن رايتس ووتش قالت فيها إن بعض ضباط الشرطة "يغالون في استخدام القوة"، إلا أن "التجاوزات في هذه الحالات لا تعدو أن تكون تصرفات فردية منعزلة، لا علاقة لها بأي منهج". وفي هذه الحالات "تم اتخاذ الإجراء القانوني الواجب"، على الرغم من أن الحكومة لم تعط أي إحصاءات عن عدد رجال الشرطة الذين اتهموا أو أدينوا لاستخدامهم القوة المفرطة أو لخرقهم القانون بأي صورة أخرى.[78]

وترفض الحكومة تماما الادعاءات القائلة بأن الشرطة وغيرها من قوات الأمن قد اعتدت على المحتجزين جنسيا أو استخدمت القوة المفرطة بشكل أفضى إلى وفاة أحد الأجانب، حيث قالت المذكرة "إن مستوى الضرر البدني لا يمكن أن يصل أبدا إلى حد الموت أو الحالات الحرجة أو الأذى البدني الشديد أو الاغتصاب أو انتهاك السلامة البدنية".

القبض على الأشخاص عند الدخول والمغادرة

كثيرا ما تلقي سلطات الأمن القبض على المهاجرين أو طالبي اللجوء أو اللاجئين على الحدود الليبية أو بالقرب منها بينما هم يحاولون دخول البلاد أو مغادرتها. وفي إحدى الحالات، قبضت شرطة الحدود الليبية على زوجين إريتريين، تسفاي وألمظ، على مشارف الكفرة في إبريل/نيسان 2003. وقال الزوجان اللذان فرا من إريتريا في عام 1997، بعد أن أجبرا على الخدمة في الجيش، إنهما قضيا بعد ذلك ستة أعوام في السودان، وفي عام 2003، استأجرا مهربا لاصطحابهما هما وطفلتهما إلى ليبيا. وقال الزوجان في مقابلة مشتركة معهما إن شرطة الحدود ألقت القبض عليهما مع 25 آخرين في السيارة التي كانت تقلهم، وأرسلتهما إلى مركز احتجاز غير معروف حيث بقيا ثمانية أيام. وقال تسفاي "كانوا يجعلوننا ننظف الفناء فور استيقاظنا من النوم، وكانوا يضربوننا بالسياط لو توقفنا. وكانوا يركلوننا ويضربوننا بلا أي سبب، وعندما طلبنا شيئا نأكله أشار رجال شرطة الحدود إلى شاحنة محملة بطعام فاسد تعيش فيه القطط وقالوا لنا أن نأكل منه".[79]

وقال الزوجان إن السلطات احتجزت 28 شخصا في غرفة واحدة بلا نافذة، وكانت ألمظ مع طفلتها هي المرأة الوحيدة في المجموعة، وكانا ينامان على الأرض بدون فراش. وقال تسفاي وألمظ إن الشرطة كانت ترغم المجموعة على العمل يوميا، إما في تنظيف الفناء وإما في حفر الخنادق. وقد أصيبت ابنتهما بالجفاف، لكن الحراس منعوا عنها الرعاية الطبية. وحيث أن تسفاي يتكلم العربية، فقد فهم أن الشرطة تنتظر القبض على المزيد من الناس، حتى يتم ترحيلهم جماعيا إلى السودان.

وكان الآخرون في المجموعة يخشون العودة فاستطاعوا الفرار من مركز الاحتجاز ليلاً؛ أما تسفاي وألمظ فقررا عدم الذهاب بسبب طفلتهما. وعندما استيقظ الحراس في الصباح التالي ووجدوا أن المحتجزين الآخرين قد لاذوا بالفرار، قام أحدهم بضرب تسفاي ليعرف منها إلى أين فر الرجال. لكنه في وقت لاحق، وخلافا لما هو متوقع، أركب الأسرة سيارة وأطلق سراحهم في متنزه بالكفرة.

وقال إريتري آخر، كان قد دخل ليبيا من السودان بدون تصريح، لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن ألقت القبض عليه وضربته في الكفرة، وإنه يعتقد أنهم اعتدوا جنسيا على أربعة من النساء في مجموعته. وقال بركات، البالغ من العمر 23 عاما، إنه فر من إريتريا إلى السودان في يونيو/حزيران 2002 هربا من الخدمة العسكرية. وفي أغسطس/آب، ذهب إلى ليبيا "لأنني رأيت الكثيرين يذهبون إلى ليبيا".[80]

وقال بركات إن أفراد القوات الليبية قبضوا عليه في الكفرة وهو في طريقه للدخول إلى ليبيا بصورة غير شرعية، وكانوا يرتدون زيا رسميا كاكي اللون ويحملون السلاح، كما اعتقلوا أربع نساء وعشرة رجال آخرين معه. وقد صادرت قوات الأمن ما معهم من مال وضربت الرجال. وبعد انتهاء الضرب، يبدو أن أربعة من رجال الأمن حاولوا الاعتداء على أربعة من النساء في المبنى الذي احتجزوهن به؛ حيث قال بركات لهيومن رايتس ووتش "أخذ كل رجل واحدة من الفتيات إلى غرفة مختلفة، ثم سمعنا بكاء وصياحا فثُرنا، وكان ذلك ليلا، فضربونا لأننا حاولنا التمرد".

وبعد ذلك بفترة وجيزة نجح بركات في الهرب من مركز الاحتجاز والوصول إلى طرابلس حيث قضى شهرين. وقال "كنت أتساءل هل توجد أي منظمة أو سفارة في ليبيا يمكن أن تساعد اللاجئين، ولم أسمع مطلقا بوجود مفوضية شؤون اللاجئين هناك؛ لذلك تصورت أن فرصتي الوحيدة تكمن في الفرار إلى إيطاليا لأنجو بحياتي".

ووصل بركات إلى إيطاليا في أكتوبر/تشرين الأول 2002، حيث قدم طلبا للجوء، لكن الطلب رفض فأمر بمغادرة البلاد. وفي مايو/أيار 2005، كان لا يزال يعمل بدون تصريح ويحاول الاختباء من الشرطة.

أما أحمد البالغ من العمر 27 عاما، وهو من دارفور، فقال إن الشرطة الليبية ضربته عقب وصوله إلى ليبيا. وقال إنه فر من قريته في دارفور بسبب هجمات الميليشيات في عام 1993، وشق طريقه إلى ليبيا بصورة غير قانونية في ذلك العام في شاحنة للبضائع المهربة. وقال أحمد إن السائق كان رجلا طيبا فعندما وصلت الشاحنة إلى الكفرة أعطاه السائق نقودا ليسافر إلى بني غازي. وأضاف أحمد أنه بعد وصوله بفترة وجيزة عثرت عليه الشرطة نائما في متنزه عام، وأخبر هيومن رايتس ووتش أنهم ضربوه وأن أحد رجال الشرطة جلده بحزام ذي إبزيم معدني كبير فأحدث جرحا غائرا في رأسه.[81]

واقتادت الشرطة أحمد إلى أحد مراكز الشرطة، حيث أخذه رجل وصفه بأنه ضابط كبير طيب القلب، إلى الحي الذي يعيش فيه السودانيون في المدينة، وقال أيضا إنه أخذه إلى مستشفى لمعالجة الجرح الذي في رأسه، حيث سأله طبيب بلغاري عمن ضربه، فلما أخبره أنه أحد رجال الشرطة حرر الطبيب مذكرة له بذلك ونصحه بأن يبلغ عن الواقعة إلى الشرطة. وعندما ذهب أحمد إلى مركز الشرطة بمذكرة الطبيب، مزقها رجال الشرطة وردوا عليه بغضب حسب زعمه ويذكر أحمد أن أحدهم قال له "اخرج من هنا واغرب عنا... إن فعلت ذلك لقتلناك".

أما أنابيسا، وهي إثيوبية أرثوذكسية عمرها 23 عاما ومعترف بها الآن كلاجئة في إيطاليا، فقد أخبرت هيومن رايتس ووتش أن الشرطة الليبية ضربت مجموعة من الأجانب كانت قد قبضت عليهم بعد محاولة فاشلة للذهاب إلى إيطاليا. وطبقا لما أفادت به المرأة، فقد استقلت هي وسبعة وأربعون آخرون سفينة لأحد المهربين من الساحل الليبي في سبتمبر/أيلول 2003، لكن السفينة غرقت في الطريق. وقالت إن أربعة أشخاص غرقوا بينما أنقذت سفينة فرنسية الثلاثة والأربعين الباقين (إريتريين وإثيوبيين وصوماليين ومغاربة وآخرين من المغرب العربي). وسلم الفرنسيون الناجين إلى الليبيين الذين اقتادوهم إلى السجن في شاحنة بلا نوافذ. وقالت أنابيسا إن مسئولي الأمن الليبيين كانوا يضربون المهاجرين واللاجئين ويركلونهم طوال الطريق، حتى النساء.[82] ويروي الفصل السادس "الانتهاكات في الحجز" تجربتها أثناء احتجازها.

الاعتقالات في إطار حملات التمشيط بالمدن

شرعت الحكومة الليبية عام 2001 في مزيد من الجهود المتضافرة للقبض على المهاجرين واللاجئين في المناطق الحضرية بعد تفجر أعمال العنف ضد الأجانب في الزاوي&إلى مكان اسمه "جنزور" (قد يكون مركزاً للشرطة في حي جنزور في طرابلس) "حيث يُحشرون في مبنى صغير مفتوح... دون خدمات رعاية صحية مناسبة أو طعام كاف".[87] وزعم ديفيد أن بعض المحتجزين توفوا نتيجة الاختناق والصدمة والجوع.

وطبقا لما أفادت به مفوضية شؤون اللاجئين، فقد ألقت الشرطة الليبية القبض على 31 لاجئا وطالب لجوء، ممن يحملون خطابات الإثبات من المفوضية في أثناء حملات التمشيط التي بدأت تقريبا في سبتمبر/أيلول 2004 .[88] واحتجزت السلطات كل أولئك الموجودين في مركز الفلاح للاحتجاز في طرابلس، عدا لاجئ صومالي احتجزته في إدارة الهجرة. وفي نهاية الأمر أخلت السلطات سبيل هؤلاء بعد أن كسبت المفوضية دعم عدد من سفراء دول الاتحاد الأفريقي.[89]

وقال أحد كبار المسئولين الليبيين إن الحكومة الليبية كفت عن القيام بحملات تمشيط واسعة للمهاجرين بلا وثائق في المدن؛ حيث قال علي امدورد، المدير العام لشؤون القنصلية باللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي "في الوقت الحاضر توقفنا عن اعتقال الأشخاص". وألمح إلى أن السياسة الحالية تتمثل في اعتقال من يغادرون ليبيا إلى أوروبا فقط، لا في قيام الشرطة بحملات تمشيط في طرابلس وغيرها من المدن.[90]

إلا أن امدورد قال إن الشرطة تواصل إلقاء القبض على الأجانب الذين يتسولون في الشوارع، ومعظمهم من المغاربة والمصريين والتونسيين، الذين زعم أنهم يستخدمون في شبكات للجريمة المنظمة يديرها أبناء جلدتهم، قائلا "يجب أن يكون للأجانب عمل، فإذا وجدنا أحدا يفعل ذلك أمسكنا به".

وينكر امدورد وغيره من المسئولين الليبيين أن الشرطة تحتجز الأجانب بصورة تعسفية، ويؤكدون أن الحكومة تتخذ إجراءات للقضاء على الانتهاكات من جانب ضباط الشرطة في أثناء القبض على الأشخاص. وقال إن تحقيقا أجري عام 2004 اتخذت بعده إجراءات تأديبية مع رجال الشرطة المتورطين في ثلاث قضايا فساد، لكنه لم يدلِ بأي تفاصيل عن هذه القضايا.

وفي الثامن من أغسطس/آب 2004، أصدرت لجنة تابعة للجنة الشعبية العامة للأمن العام توجيهات لحماية أرواح وممتلكات الأجانب المقبوض عليهم، على الرغم من أنه ليس من الواضح حتى الآن إلى أي مدى يجري تنفيذ هذه التوجيهات. وتنص التوجيهات التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش على ما يلي:

"الضبط والترحيل بهدوء، دون عنف أو ضرب أو أي تصرف آخر غير حضاري".

"تسجيل الأموال الموجودة في حيازة هؤلاء الأشخاص في سجلات رسمية ومضابط رسمية".

"معاملة هؤلاء الأشخاص بالطريقة اللائقة مع تفادي إيذائهم، واحترام آدميتهم".

"[على المسئولين] السماح لهم بحمل متعلقاتهم وأموالهم وتوفير وسائل الانتقال الضرورية لهم بالتنسيق مع الإدارات المعنية".[91]

ويدعو القرار رقم 67 (2004) لأمين الأمن العام الملحق بهذه التوجيهات إلى تشكيل لجنة لمتابعة أعمال القبض على المهاجرين غير الشرعيين واحتجازهم وترحيلهم. وتنص المادة الخامسة من هذا القرار على ضرورة أن تراعي اللجنة "الضوابط الخاصة المتعلقة بحقوق الإنسان التي تضمن الأمن الشخصي وأمن الممتلكات الخاصة بالمهاجرين غير الشرعيين".[92]

وقد استعلمت هيومن رايتس ووتش من الحكومة الليبية حول ما إذا كانت قد شكلت هذه اللجنة بالفعل لمتابعة القبض على الأجانب بلا وثائق واحتجازهم وترحيلهم، وعمن تضمهم اللجنة من المسئولين لو كان التشكيل قد تم. ولكن حتى الأول من أغسطس/آب 2006 لم تكن الحكومة قد ردت بعد.[93]

VI. الإيذاء في الحجز

إلى جانب أشكال الإيذاء التي تحدث وقت القبض على المهاجرين واللاجئين، فقد أفاد بعض هؤلاء بوقوع عديد من الانتهاكات أثناء احتجازهم في منشآت شتى في ليبيا، بما في ذلك الضرب وتردي الأوضاع، والحرمان من الاستعانة بالمحامين. وفي ثلاثة من الحالات، أفاد الشهود بوقوع إيذاء بدني من جانب الحراس مما أفضى إلى وفاة أحد الأشخاص. وأفاد ثلاثة ممن التقت بهم هيومن رايتس ووتش أن مسئولي الأمن هددوا المحتجزات بإيذائهن جنسياً، ورأى أحد الشهود ما يعتقد أنه واقعة اغتصاب. وإذا كانت الأنباء تفيد بتحسن أوضاع احتجاز المهاجرين واللاجئين في السنوات الأخيرة، فإن الدلائل توحي بأن كثيراً من أشكال الإيذاء هذه لا تزال مستمرة.

وفي سياق جهودها لمواكبة التدفق الكبير في أعداد المهاجرين واللاجئين، تستخدم السلطات الليبية مجموعة مختلفة من المنشآت بغرض الاحتجاز. فقد أفاد الأشخاص الذين التقت بهم المنظمة أنهم احتُجزوا في مراكز الشرطة، وفي سجون عادية (وأحياناً مع المجرمين العاديين)، وفي قواعد عسكرية ومعسكرات صحراوية ذات خيام. وقد استعلمت هيومن رايتس ووتش من الحكومة الليبية عما إذا كان لديها معايير لاحتجاز الأجانب، ولكن حتى أغسطس/آب 2006 لم تكن الحكومة قد ردت عليها بعد. وتحدث المهاجرون واللاجئون عن التكدس وقلة الرعاية الصحية وشدة القيود المفروضة على الالتقاء بالزوار والمحامين.

وقد زارت بعثة فنية من المفوضية الأوروبية مواقع الاحتجاز في شتى أنحاء ليبيا في أواخر عام 2004، وأفادت أنها وجدت تفاوتاً في الظروف "من الظروف المقبولة نسبياً إلى الظروف شديدة الرداءة".[94] وقالت البعثة إن هناك مراكز احتجاز قصير الأجل وأخرى للاحتجاز طويل الأجل، وإن المراكز المخصصة للاحتجاز لأجل طويل تشبه السجون. كما تحدثت البعثة عن التكدس وعن زعم المحتجزين أنهم لا يتناولون سوى الخبز والماء، وعن حبس المحتجزين لمدة تصل إلى سبعة أشهر أو أكثر بلا مراجعة قانونية، وعن احتجاز الأطفال دون مرافق، وعن حالات يبدو فيها أن المحتجزين لديهم وثائق إقامة سليمة بليبيا.

كما لاحظت هيومن رايتس ووتش وجود مشكلة أخرى، وهي الفساد المزمن في نظام الهجرة. حيث أفاد المهاجرون واللاجئون دوماً أن المحتجزين يمكنهم شراء حريتهم بدفع رشوة للحراس أو لقادتهم.

وتدعي الحكومة الليبية، كما سبق الإشارة، أن السلطات تعامل الأجانب في حدود القانون، وأنها تحرك الدعوى القضائية ضد المسئولين الذين يتجاوزون حدودهم باستخدام القوة المفرطة أو غيرها من صور سوء المعاملة في أثناء الاحتجاز. وقد اعترفت الحكومة بأن بعض منشآت الاحتجاز بها تكدس، لكنها عزت ذلك إلى ارتفاع عدد المهاجرين غير الشرعيين، وقلة التمويل، وبطء استجابة بعض السفارات والقنصليات التي يجب أن تؤكد هوية رعاياها قبل البدء في ترحيلهم. وقالت الحكومة إنه "من الصعب إيجاد حل سريع لمسألة التكدس نظراً لارتفاع أعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين يدخلون إلى الجماهيرية الليبية"، حيث أن هذه الأعداد تتطلب "أموالاً طائلة تفوق طاقة الجماهيرية الليبية".[95]

وقالت الحكومة إن الرشوة جريمة يعاقب عليها القانون رقم 2 لسنة 1979، وفي حالة فساد أحد العاملين بالدولة أو ضباط الشرطة "فمن المؤكد أن الفروع المختصة ستتخذ الإجراءات القانونية في أية حالة معينة تُبلغ بها". ولم تشر الحكومة إلى عدد حالات الرشوة أو الفساد التي فتحت فيها تحقيقاً أو حركت فيها الدعوى القضائية.

وتُعد ليبيا من الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي تنص المادة التاسعة منه على أنه "لا يجوز توقيف أي أحد أو اعتقاله تعسفاً. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقاً للإجراء المقرر فيه". ويُعتبر الاحتجاز "تعسفياً" إذا لم يكن القانون يجيزه أو إذا لم يتم طبقاً للإجراء المقرر فيه، كما يُعتبر تعسفياً إذا كان عشوائياً أو قائماً على الأهواء أو غير مصحوب بإجراءات منصفة للمراجعة القانونية.[96]

كما يُعرف الاحتجاز التعسفي باعتباره منافياً للقانون، وكذلك باعتبار أنه ينطوي على عنصري الظلم وعدم إمكانية التنبؤ. ونظراً لاشتداد ظاهرة احتجاز المهاجرين واللاجئين إلى أجل غير مسمى، فقد وضع فريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة معايير لتحديد ما إذا كان حرمان المهاجرين وطالبي اللجوء من الحرية تعسفياً أم لا. وينص المبدأ الثالث من هذه المعايير على ضرورة "مثول [المهاجر أو طالب اللجوء الموضوع في الحجز] فوراً أمام قاض أو سلطة أخرى"، بينما ينص المبدأ السابع على "ضرورة أن يضع القانون حداً أقصى للمدة، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يستمر الاحتجاز إلى أجل غير مسمى أو أن يمتد لفترة بالغة الطول".[97]

ظروف الاحتجاز في الكفرة

يُحتجز معظم المهاجرين أواللاجئين، الذي يتم اعتراضهم في أثناء دخولهم من الجنوب الشرقي من السودان أو تشاد، في مدينة الكفرة الصحراوية أو على مقربة منها، ويبدو أن الحكومة تحتجز المهاجرين واللاجئين في عديد من المخيمات في تلك المنطقة. وقد تحدث الأشخاص الذين التقت بهم هيومن رايتس ووتش عن عدد من أشكال الإيذاء هناك، من بينها الإيذاء البدني الشديد.

وقد اعترف علي امدورد، وهو أحد كبار المسئولين الليبيين المختصين بالهجرة، بأن ظروف الاحتجاز في الكفرة تكون أحياناًسيئة، وأشار إلى وفاة امرأة حامل دون أن يوضح ظروف وفاتها. وقال إن الحكومة أعدت، في أعقاب ذلك، لإعادة 130 من البالغين المحتجزين بتلك المنشأة، وهم من إريتريا والسودان والصومال، بمساعدة سفارة كل فئة والمنظمة الدولية للهجرة، التي قدمت مائة دولار أمريكي لكل شخص. (أنكرت المنظمة الدولية للهجرة تقديم المال إلى الأشخاص الذين أعادتهم ليبيا إلى بلادهم.)[98] وقال امدورد إن إحضار مسئولي السفارات إلى الأشخاص الموجودين في ليبيا الذين قد يتعرضون للاضطهاد من جانب حكوماتهم لا يمثل أية مشكلة لأن "أحداً منهم لم يقل إنه يخشى ذلك".[99]

وفي لقاءات مع هيومن رايتس ووتش، تحدث ثمانية أفراد كانوا محتجزين في الكفرة وعلى مقربة منها، ومنهم ثلاثة مُنحوا لاحقاً حق اللجوء في إيطاليا، عن سوء المعاملة التي شهدوها ومروا بها في مختلف منشات الاحتجاز. فذكر أبرهه، وهو لاجئ إريتري فر من موطنه عام 2002 بعد امتناعه عن تأدية الخدمة العسكرية الإلزامية، أن سلطات الأمن الليبية قبضت عليه لعدم حمله الوثائق اللازمة، واقتادته إلى أحد مراكز الشرطة بالكفرة في عام 2002. وقال إن المهربين اللذين أحضراه إلى ليبيا مقابل 200 دولار أمريكي كانا بالمركز، وكانت الشرطة تضرب أحدهما. وقالت الشرطة إنها لا تريد سوى المهربين، وإنها ستطلق سراح أبرهه والآخرين وعددهم 25 تقريباً، لكنها أبقتهم في المركز ثلاثة أيام. وكان المحتجزون ينامون بدون حشايا على الأرض في فناء، لكنهم كانوا يتلقون الطعام والماء، وكانت النساء والأطفال ينامون في الجانب الآخر من الفناء.

وبعد ثلاثة أيام، نقلت السلطات المجموعة إلى سجن خارج الكفرة، حيث كانت الظروف أسوأ بدرجة ملحوظة. ولم يكن بالسجن طبيب على حد علم أبرهه، ولم يكن الحراس يأخذون أحداً أبدا إلى أي مكان بغرض الرعاية الطبية. وظل أبرهه في زنزانة بها مرحاض واحد مع أربعين رجلا تقريباً، ولم يسمح لهم الحراس بالخروج لمدة شهر. وعلى مدى الشهرين التاليين كانوا يسمحون لهم بالخروج حسب الأهواء، حيث قال أبرهه "إن المسألة تتوقف على مزاج الحارس". ولم يكن يُسمح للمحتجزين بإجراء مكالمات هاتفية، أو الاتصال بمحامين أو استقبال زوار، حيث قال أبرهه لهيومن رايتس ووتش:

ما كان لأحد أن يعرف إن كنا أحياء أم أمواتاً لأننا لم نكن نستطيع الاتصال بأحد... وقد طلبنا التحدث إلى مدير السجن لنطلب معلومات، لكن الحراس ظلوا يقولون "غداً، غداً". ثم حضر مدير السجن وأخبرنا أن علينا الانتظار حتى يتم تحديد موعد إعادتنا لبلادنا. وفي أحد الأيام حضر السفير الإريتري، وقال إنه جاء لمساعدتنا على الخروج، لكنه في الحقيقة كان قد جاء لإعادتنا للوطن.[100]

وأضرب أبرهه وآخرون عن الطعام احتجاجاً على ظروف الاحتجاز، لكنهم استسلموا بعد 15 يوماً عندما خارت قواهم، فقد مرض أبرهه واثنان آخران، فوضعهم الحراس في الفناء على الأرض. وقال أبرهه إن مدير السجن جاء وضرب ثلاثتهم بعصا مطاطية، فثار المحتجزون المضربون عن الطعام لكن الحراس تمكنوا من إرجاعهم إلى زنازينهم. وأضاف أبرهه قائلاً إن "اثنين منهم أُصيبا إصابة شديدة، فجاء طبيب في اليوم التالي لفحصهما".

وبعد ثلاثة أشهر، أخبر مدير السجن المحتجزين أن الحكومة الليبية ليس لديها المال الكافي لإرسالهم إلى إريتريا، لكنهم يمكنهم الذهاب إلى السودان. ثم أخذ المدير جميع السجناء وعددهم حوالي 100 شخص واقتادهم باتجاه السودان في أربع مركبات. وعندما توقف الركب في منتصف الطريق، دفع كل سجين 100 دولار إلى مدير السجن، من أجل إعادتهم إلى الكفرة، حيث تُركوا على جانب الطريق. وفي الكفرة دفع أبرهه 200 دولار للوصول إلى طرابلس، حيث قضى حوالي ستة أسابيع، ثم دفع 1000 دولار لأحد المهربين ليستقل سفينة بها أكثر من 150 راكباً إلى إيطاليا، ووصل إليها في مارس/آذار 2003 بعد يومين في عرض البحر، وهناك حصل على صفة اللاجئ في مايو/أيار 2005.

وحكى لاجئ اريتري آخر لهيومن رايتس ووتش، واسمه "تيكلو" وقد مُنح حق اللجوء في إيطاليا، عن تجربته في الاحتجاز ثلاثة أشهر في الكفرة، حيث يقوم الحراس بضرب المحتجزين بصورة منتظمة، فقال إن السلطات اعتقلته في عام 2002، مع حوالي 100 من النزلاء، من الجنائيين والمهاجرين. وكان محتجزاً في زنزانة مشتركة بلا نوافذ أو أسرّة مع أربعة رجال آخرين. وأضاف تيكلو أن المسئولين الليبيين كانوا يستجوبونه "صباحاً ومساءاً" بعد القبض عليه، وأنهم ضربوه مراراً بأسلاك الكهرباء وبسوط، مطالبين إياه بالكشف عن مكان وأسماء المهاجرين الآخرين الذين أفلتوا من الشرطة وعن تفاصيل دخولهم البلاد دون إذن. واستمر الاستجواب والضرب حوالي 20 يوماً، ثم أصبح يجري بين الفينة والفينة. وقال تيكلو إنه لم يكن مسموحاً له بإجراء أية مكالمات هاتفية أو بالاتصال بمحام.[101]

وقال إسكندر، وهو لاجئ إثيوبي، إنه دفع 300 دولار لأحد المهربين للذهاب من السودان إلى الكفرة في يناير/كانون الثاني 2002، لكن قوات الأمن الليبية ألقت القبض على المجموعة التي كان مسافراً معها عند وصولهم. وأضاف أنه قضى سنة في السجن في إحدى القواعد العسكرية على مشارف الكفرة مع حوالي 170 شخصاً، منهم 70 امرأة. وقال "لم أستطع الاتصال بأحد هاتفياً أو الكتابة إلى أحد طيلة عام كامل. كل ما قالوه لنا إنهم يحاولون الاتصال ببلادنا لإعادتنا إليها". وقال إن اثنين من الرجال تُوفيا خلال وجوده هناك، لكنه لا يعرف السبب وراء موتهما. وأوضح قائلاً إنهما "كانا مريضين، ولم يتلقيا الرعاية اللازمة؛ كنا ننام على الأرض ولذلك أُصيبا بالبرد، كما كانا يعانيان من الاكتئاب الشديد".

وقال إسكندر إن الحراس لم يسمحوا للمحتجزين مطلقاً بالخروج من زنازينهم. وفي أحد الأيام (وهو لا يعرف تاريخه) احتج المحتجزون بأن أضربوا عن الطعام. وحكى لهيومن رايتس ووتش كيف تعاملت السلطات الليبية مع الموقف:

وقعنا في مصيدة هناك، ولم يعيدونا لبلادنا. كنا محبوسين كالحيوانات؛ فأضربنا جميعاً عن الطعام لخمسة أيام. فجاء العقيد مع حرس كثيرين أحاطوا بالفناء وأخرجونا جميعاً من الزنازين. فأخبرنا العقيد إننا لا نعرف سبب وجودنا هناك، ولا نعرف إن كنا متهمين بأية تهم. فقال إنه سيتصل ببلادنا، فقلنا إننا سننتظر رده جالسين هناك في الفناء. وعندئذ بدأ الحراس يضربون الجميع بالعصي ويطلقون النار في الهواء لإرغامنا على العودة إلى الزنازين.[102]

وقال إسكندر إنه دفع رشوة، أثناء ترحيله بعد حوالي ثلاثة أشهر، وهرب إلى طرابلس حيث قضى ستة أشهر. وفي يونيو/حزيران 2003، دفع 1000 دولار ليتم تهريبه على متن سفينة إلى إيطاليا. وأضاف قائلاً "كان هناك حوالي 110 أشخاص في سفينة الصيد الصغيرة. نزلنا في لامبيدوزا عند الفجر، ولم يكن هناك أحد حيث رسونا، فما كان منا إلا أن انتظرنا في السفينة حتى تأتي الشرطة". وعندما وصلت السلطات الإيطالية، طلب إسكندر حق اللجوء السياسي. وفي مايو/أيار 2005، حصل على الإقامة لمدة عام لأسباب إنسانية.[103]

وفي حادثة أخرى وقعت مؤخراً، تعرض ولدمريم - وهو إريتري كان يسعى للجوء في إيطاليا في مايو/أيار 2005 - للقبض عليه خارج الكفرة في مارس/آذار 2004 لعدم حيازته للوثائق اللازمة، وذلك بمجرد دخوله ليبيا قادماً من السودان. وقال إن السلطات الليبية احتجزته مع 46 آخرين، منهم طفلان، لمدة ثلاثة أسابيع في مخيم صحراوي على بعد حوالي 40 كيلومتراً من المدينة. وكان ولدمريم يقيم في خيمة مع حوالي 15 رجلاً، بينما ظل النساء والأطفال في خيمة مخصصة لهم.

وذكر ولدمريم أن الحراس كانوا يضربون المحتجزين في كثير من الأحيان، حيث قال لهيومن رايتس ووتش:

كان الحراس يدخنون الحشيش طوال الليل ثم يأتون بضوء كشاف ليختاروا منا البعض ليضربوهم. وفي إحدى الليالي جاءوا، فرفعت رأسي، فسألوني ما ديانتي فأجبتهم بأنني مسيحي، فأخذوني إلى الخارج وضربوني. وقال رجلان آخران إنهما مسلمان فلم يأخذهما الحراس للخارج.[104]

وأضاف ولدمريم أن الحراس كثيراً ما كانوا يجعلون الرجال يقولون إنهم يهود وهم يضربونهم. وفي مرات أخرى كانوا يأمرون الرجال بالبقاء في وضع تمرين الضغط مدة طويلة وقد ارتكزوا على قبضات أيديهم وهي مضمومة وعلى أطراف أصابع أرجلهم. وقال ولدمريم "بعد فترة يبدأ الجسم في الارتعاش، وإذا سقط أحد كان الحراس يضربونه".

وفي إحدى الليالي هرب أحد الرجال، ثم عُثر عليه بعد أربع ساعات وقد خارت قواه في الصحراء. وقال ولدمريم إن الحراس في تلك الليلة أجبروا كل الرجال في المخيم على خلع ملابسهم والاستلقاء على الأرض، وقام حوالي عشرة حراس بضرب الرجال على رءوسهم وأجسادهم بعصي مطاطية.

وذكر ولدمريم أن الحراس كانوا يذهبون أحياناً إلى خيمة النساء ليلاً، لكن قائد المعسكر أمرهم بالكف عن ذلك. فقال "كان الحراس يذهبون إلى الخيمة ليلاً لمضايقة الفتيات. كنا مستعدين أن نفديهن بأرواحنا، وعندما تحدثنا إلى قائد المعسكر أمر الحراس بالكف عن ذلك".

وبعد ثلاثة أسابيع في المخيم، نقلت السلطات المحتجزين إلى سجن بالكفرة، وهو سجن عادي به حوالي 600 سجين، على حد قول ولدمريم. وقد وضعته السلطات في زنزانة بها 150 من المهاجرين الذين لا يحملون وثائق وينتمون إلى جنسيات مختلفة. وكانت هناك زنزانة منفصلة بها حوالي 15 من النساء والأطفال. وذات مرة، أخذ الحراس امرأة حامل إلى المستشفى ثم أخلوا سبيلها.

وكان هناك مرحاض واحد في زنزانة ولدمريم، وكان المحتجزون يستخدمونه أيضا لتنظيف أنفسهم باستخدام دلاء الماء، وهي وسيلة الاستحمام المتاحة لهم. ولم تتح لهم الفرصة مطلقاً لتغيير ملابسهم أو الوسادات أو البطاطين أو الملاءات، ولم يكن هناك أسرّة بالزنزانة. وكان بالزنزانة شباك واحد ذي قضبان، وكان الحراس يخرجون الرجال من الزنزانة ثلاث مرات في اليوم لعدّهم. وكان المحتجزون يتناولون الأرز أو المعجنات المسلوقة مرة في اليوم. ولم يكن يُسمح لهم بإجراء مكالمات هاتفية أو باستقبال الزوار. وفي إحدى المرات جاء السفير الإريتري لتحديد الإريتريين الذين سيتم ترحيلهم، وقال ولدمريم "معظمنا قال إننا إثيوبيون لنتحاشى إعادتنا لإريتريا".

وفي يونيو/حزيران 2004، تمرد كثير من الإريتريين والإثيوبيين بسبب نقص الطعام، حيث قال ولدمريم "قررنا التمرد فكنا نلقي عليهم بأي شيء في متناول أيدينا، كالأكواب والأطباق". وبعد التمرد أخذ مسئولو الأمن كل الإثيوبيين والإريتريين إلى المخيم الصحراوي ثانية، وهناك دفع ولدمريم رشوة لأحد الحراس ليخلي سبيله. وتمكن في آخر الأمر من الوصول إلى طرابلس حيث دفع 1400 دولار للسفر بحراً إلى إيطاليا، فوصل إليها في سبتمبر/أيلول بعد ثلاثة أيام في عرض البحر، وهناك قدم طلباً للحصول على اللجوء.

الظروف السائدة في منشآت الاحتجاز الأخرى

تحتجز السلطات الليبية المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين في منشآت شتى في مختلف أنحاء البلاد. وفي سبتمبر/أيلول 2004، تحدث بعض الصوماليين الذين تم ترحيلهم من ليبيا إلى صحفيين في مقديشو قائلينإن الشرطة الليبية كانت قد احتجزتهم في مخزن للكيماويات، وهو الأمر الذي تسبب في إصابتهم بمشاكل جلدية.[105]

وفي سبتمبر/أيلول 2003، حاولت اللاجئة الإريترية أنابيسا لأول مرة الذهاب من ليبيا إلى إيطاليا على متن سفينة لأحد المهربين، تحمل 47 آخرين. وكما سبقت الإشارة في الفصل الخامس، "الانتهاكات أثناء القبض على الأشخاص"، فقد غرقت السفينة بأربعة من ركابها قبل أن يتمكن طاقم سفينة فرنسية من إنقاذ بقية الناجين، وتسليمهم إلى السلطات الليبية.

وقالت أنابيسا إن الليبيين احتجزوا هذه المجموعة في سجن على مسيرة حوالي ساعة ونصف الساعة بالسيارة من الساحل، وكانت تعتقد أنه مركز احتجاز "للمهاجرين واللاجئين فقط". وكان بالمجموعة أربع نساء حوامل، وضعت إحداهن مولودها على الفور، بينما أطلقت السلطات سراح الثلاث الأخريات قبيل موعد وضع كل منهن. كما كان هناك طفل عمره أربع سنوات، كانت أمه قد غرقت أثناء محاولة السفر بحراً، فجاء أبوه وأخذه عائداً إلى إريتريا.

وقالت أنابيسا إن الحراس في المعسكر دأبوا على ضرب المحتجزين باستخدام أنابيب من البلاستيك. وبعد حوالي ستة أسابيع، حاولت السلطات نقل النساء الموجودات في المجموعة، مما كان يعني فصل الأزواج عن الزوجات. فاحتج الرجال المحتجزون بشدة؛ مما أدى إلى المزيد من الضرب، بما في ذلك الضرب بالعصي التي تولد صدمات كهربية.

وعلى الرغم من الاحتجاج، فقد نقلت السلطات النساء إلى منشأة أخرى في مصراتة. وظلت أنابيسا مع 12 امرأة أخرى في زنزانة صغيرة ليس بها دش للاستحمام، فكانت النساء يستخدمن المياه التي تجلب إليهن في زجاجات من البلاستيك بغرض الاستحمام، ولم يكن يُسمح لهن بالذهاب إلى الحمام إلا مرة واحدة يومياً. وكن يتلقين الخبز والشاي في الصباح، ووجبة واحدة من الأرز يومياً. وكانت أوضاع المرافق الصحية شديدة السوء؛ فمرضت نسوة كثيرات، على حد قول أنابيسا. كما قالت إن امرأة إثيوبية تُوفيت بعد أن أضربت عن الطعام احتجاجاً على هذه الظروف، لكنها لا تتذكر اسمها.

وقالت أنابيسا إن الحراس الرجال كانوا يهددون المحتجزات بالاعتداء عليهن جنسياً. ووصفت الخوف الذي كانت النساء يعشن فيه بقولها:

عندما كنا نحتاج لأخذ الطعام كنا نذهب سوياً، وعددنا 13 امرأة، كي لا نترك واحدة منا في الغرفة وحدها أبداً. وكانت هذه وسيلة ناجحة في درء الاعتداء. والأمر نفسه عندما كان الحراس الرجال يأتون ليلاً بمجموعة من المفاتيح ويدخلون إلى زنزانتنا، فكنا نوقظ بعضنا البعض متى حدث ذلك ونتجمع معا جالسات ونبدأ في البكاء والصراخ حتى ييأسوا ويخرجوا.[106]

وادعت أنابيسا أنها رأت الحراس في مصراتة يضربون رجلاً نيجيريا حتى الموت بعد أن حاول الهرب، لكنها لا تعرف اسمه. كما قالت إنهم عذبوا رجلاً من غانا بأن كبلوا قدميه ويديه خلف ظهره وتركوه في العراء في الشمس وقد غطوا جسده بشراب مُحلى بالسكر يجتذب الذباب.

وأمضت أنابيسا ثلاثة أشهر في مصراتة ثم دفعت رشوة لأحد الحراس ليتركها تهرب هي وثلاث نسوة أخريات. ثم استقلت سفينة ثانية إلى إيطاليا ووصلت إليها في ديسمبر/كانون الأول 2003، وبعدها تمكنت من الحصول على حق اللجوء. وقالت إن بعض من اعتُقلوا معها ظلوا في مصراتة لمدد بلغت تسعة أشهر.

كما احتُجز شخصان آخران التقت بهما هيومن رايتس ووتش، وهما إريتريان، في أوقات مختلفة في إحدى المنشآت في مصراتة، وزعم كلاهما أن الحراس دأبوا على ضرب المحتجزين بصورة منتظمة.[107]

وذكر أحد اللاجئين الإثيوبيين، ويُدعى غيتاشيو، أن السلطات احتجزته في مركز احتجاز يبدو أنه مخصص للأجانب قرب طرابلس لمدة 29 يوماً في أواخر عام 2003. وقال إن الحراس كانوا يجبرون المحتجزين على حمل كتل من الأسمنت في موقع بناء وكانوا يضربون بالعصا من لا يستطيع حمل الكتل الثقيلة. وادعى أن الحراس ضربوا ذات مرة إثيوبيا آخر ضرباً مبرحاً حتى انكسر عاموده الفقري ومات، لكنه لا يعرف اسم هذا الرجل.[108]

وتمكن غيتاشيو من الهرب عن طريق رشوة أحد الحراس، وبدأ يعمل بدون تصريح حتى يكسب بعض المال ليدفعه ثمنا للسفر إلى إيطاليا، التي نجح في الوصول إليها في أكتوبر/تشرين الأول 2004. وفي مايو/أيار 2005، كان طلبه للحصول على اللجوء لا يزال قيد الفحص.

أما الصحفي واللاجئ الإريتري يوهانيس، الذي فر إلى ليبيا في عام 2002 لأنه لم يجد الحماية اللازمة في السودان، فقد قبض عليه بعد أن حاول الانحراف بسيارته لتفادي نقاط التفتيش قرب الكفرة في عام 2002. وقال لهيومن رايتس ووتش إنه قضى بعض الوقت في أربعة سجون في مناطق مختلفة بليبيا.

وأول هذه السجون مكان أطلق عليه اسم "أوجيلا"، حيث وضعته السلطات في الحبس الانفرادي وكانت تعتدي عليه بالضرب على مدار فترة احتجازه التي امتدت شهرين. وقال إنهم في الساعة السادسة من مساء كل يوم كانوا يضربونه بالعصي ويركلونه ويقولون له إنه يجب أن يعتنق الإسلام. وفي إحدى المرات ضربوه بشدة بعصا على رأسه حتى غاب عن الوعي. وأضاف "قالوا لي إني جاسوس، وكانوا يضحكون وهم يعذبونني".

وفي منشأة أطلق عليها اسم "جالو" حبسته السلطات وحده في زنزانة لمدة شهرين تقريباً. وقال إن الحراس كانوا يضربونه في محاولة لإجباره على نبذ عقيدته المسيحية وتأدية صلاة المسلمين. ثمنُقل إلى مكان أطلق عليه اسم "الجدابية" حيث أقام في زنزانة بها حوالي 50 من اللاجئين والمهاجرين من تشاد. وقال إن الحراس ضربوه هناك أيضاً وأجبروه على أداء صلاة المسلمين. وفي هذه المنشأة مرض يوهانيس مرضاً شديداً. وفي أحد الأيام اشتد عليه المرض حتى أعجزه عن الحركة بينما كان الحراس ينادون على السجناء للخروج إلى الفناء، وهو الأمر الذي أثار غضب الحراس. وقال إنهم قاموا بإطفاء السجائر في رجله لإجباره على التحرك، وقد لاحظت هيومن رايتس ووتش آثار حرقين على إحدى رجليه، قال إنهما بسبب هذا الاعتداء. وبعد حوالي شهرين في هذا السجن، نقلته السلطات إلى سجن في بني غازي. وأدعى يوهانيس أن الحراس هناك كانوا يضربون السجناء في الممرات. وقال إنهم في إحدى المرات ضربوا سجيناً تشادياً ضرباً شديداً حتى فارق الحياة، لكنه لم يعط تفاصيل عن هذه الواقعة. وبعد ذلك بفترة قصيرة، دفع يوهانيس رشوة لبعض الحراس وتمكن من الفرار وتوجه إلى إيطاليا حيث قدم طلباً للحصول على اللجوء.[109]

وأمضى إفريم س.، وهو لاجئ إثيوبي من أب إثيوبي وأم إريترية، بعض الوقت في مارس/آذار 2001 في منشأة في طرابلس، حيث كانت الأوضاع الصحية رديئة إلى حد خطير. وقال إفريم إنه اعتُقل عندما واجهت سفينة المهرب التي استقلها إلى إيطاليا بعض المصاعب وتمكن صياد إيطالي من إنقاذ ركابها وسلمهم إلى السلطات الليبية. وقضى إفريم 12 يوماً في ما كان يعتقد أنه سجن عادي في طرابلس. وقال إن المسلمين كانوا بمعزل عن المسيحيين، وكان يقيم في غرفة كبيرة بها حوالي 30 رجلاً. وأضافأنهم كانوا يتناولون طعاماً "مقرفاً" من إناء واحد للجميع. ولم يكن هناك دش أو تجهيزات أخرى للاستحمام، وكان هناك مرحاض واحد للرجال الثلاثين. ولم يكن أحد يستطيع أن يتحدث إلى الحراس، ولم يكن يُسمح لهم بالخروج. وقال إفريم لهيومن رايتس ووتش "كان الكثيرون منا يخشون على أرواحهم، فكنا نعتقد أنهم سيرحلوننا أو سيقتلوننا. ولم تسنح لي الفرصة لأخبر أحداً بأنني لاجئ وأنني كنت خائفاً".[110] ثم تمكن إفريم من الهرب من السجن ونجح في الوصول إلى إيطاليا في عام 2002، حيث مُنح حق اللجوء.

أما تيكلو، وهو اللاجئ الإريتري البالغ من العمر 23 عاماً الذي سبقت الإشارة إليه، فقد حكى لهيومن رايتس ووتش ما حدث بعد أن قُبض عليه في أثناء محاولته مغادرة ليبيا متجهاً إلى إيطاليا، والإيذاء الذي تعرض له في مقر الاحتجاز بما في ذلك احتمال تعرضه للإيذاء الجنسي. فقال إن الشرطة قبضت عليه هو ومجموعة من الأجانب في مايو/أيار 2003، بينما كانوا ينتظرون وصول سفينة أحد المهربين. وأضاف أنه قضى ثلاثة أشهر في قاعدة بحرية في زلطن، ووصف الظروف التي كانت سائدة فيها بقوله:

كنا نقيم في الفناء، مقسمين بحسب الجنسية والجنس في الأقسام المختلفة للفناء. كان الجنود شباباً ويدخنون الحشيش كثيراً. وكانوا يجبروننا على الجري حول الفناء في الصباح وهم يلقون علينا بأشياء، بأي شيء في متناول أيديهم.[111]

وذكر تيكلو أن كل الرجال المحتجزين كانوا ينامون في العراء، ولم يتم توفير أيا حشيات لهم. أما النساء والأطفال فكانوا يقيمون في بناء يشبه المرأب في نهاية الفناء. وقال تيكلو "كان الحراس يذهبون إليه ليلاً وكانت النساء يصرخن، فيذهب الرجال ليروا ما يحدث لكن الحراس كانوا يضربونهم. لست متأكداً، فلا أدري إن كانت أي منهن قد اغتُصبت. ولو حدث ذلك لما حكت عنه المغتصبة خوفاً من العار".

وفي نهاية يوليو/تموز 2003، قال مدير المنشأة إن كل من دفعوا للمهربين بالعملة المحلية سيُطلق سراحهم، أما من دفعوا بالدولار الأمريكي فسيبقون. ومن ثم أطلق سراح تيكلو، الذي يدعي أن المدير قال له وللآخرين إن بوسعهم البقاء والعمل بليبيا إن أرادوا، لكن من المحظور عليهم محاولة السفر إلى أوروبا. وفي أغسطس/آب، دفع تيكلو 1000 دولار واستقل سفينة إلى أوروبا حيث حصل على وضع اللاجئ.

منشآت الترحيل

لدى الحكومة الليبية نوعان من المنشآت تحتجز فيهما الأجانب الذين لا يحملون وثائق قبل ترحيلهم إلى خارج ليبيا، وهما المنشآت "الطوعية" والمنشآت "غير الطوعية". وتُخصص المراكز الطوعية للمهاجرين واللاجئين الذين يوافقون على العودة إلى بلادهم، ومعظمها في طرابلس.

وأفادت السلطات أن المراكز الطوعية "مفتوحة"، بمعنى أن النزلاء يستطيعون الدخول والخروج كما شاءوا ريثما يتم إعداد الترتيبات اللازمة لإعادتهم إلى بلادهم. إلا إن بعثة المفوضية الأوروبية إلى ليبيا في نوفمبر/تشرين الثاني-ديسمبر/كانون الأول 2004 لاحظت أن نزلاء المركز الطوعي في شارع الفلاح بطرابلس (الذي يقع على مقربة من المركز غير الطوعي بالشارع نفسه) يشعرون بالخوف إلى حد العجز عن الخروج من محيط المنطقة. وقال تقرير البعثة "إنهم يجلسون بجانب أمتعتهم ولا يجرؤون على الخروج خشية أن تلقي الشرطة القبض عليهم".[112]

وقد منعت الشرطة الليبية إحدى الصحفيات الغربيات من دخول المركز الطوعي بشارع الفلاح إبان زيارتها له في أواخر عام 2004، فتحدثت الصحفية إلى عدد من غير الليبيين في المنطقة المحيطة بالمركز، وقد ذكرت أن عدة مئات من الغانيين والنيجيريين كانوا ينامون في خيام في منطقة محاطة بسور تعلوه أسلاك شائكة وتحرسه الشرطة. وقال بعض المهاجرين إن المركز مكدس حيث ينتظر نزلاؤه الرحلات الجوية التي ستقلهم إلى بلادهم.[113]

ويوافق مسئول الهجرة الليبي علي امدورد على أن مصطلح "طوعي" مصطلح نسبي؛ لأن البعض في المراكز الطوعية يقبلون بالعودة إلى بلادهم خوفاً من القبض عليهم واحتجازهم في أحد المراكز غير الطوعية.[114] وربما تجتذبهم المائة دولار التي قالت الحكومة الليبية إن المنظمة الدولية للهجرة تعطيها لكل من يتطوع من تلقاء نفسه للعودة إلى بلده، على الرغم من أن المنظمة أنكرت تقديم هذه الأموال.[115]

أما الظروف في المراكز غير الطوعية فهي أسوأ حالاً، وإن كانت الدلائل توحي بأنها في طريقها إلى التحسن. فعلى العكس من المراكز الطوعية الممتلئة بمن قبلوا العودة لديارهم، فالمراكز غير الطوعية يقيم بها الأجانب الذين لا يحملون وثائق ممن قبضت عليهم الشرطة واحتجزتهم لحين ترحيلهم. وليس أمام أولئك الذين يخشون التعرض للاضطهاد في بلادهم أية إمكانية لتقديم طلب للجوء أو الطعن في قرار الترحيل.

وتقول الحكومة الليبيةإن الأجانب المحتجزين يُوضعون في بادئ الأمر في مواقع احتجاز صغيرة في مختلف أنحاء ليبيا، وهو ما أوضحه علي امدورد بقوله "إننا أحياناً نجمعهم ونطعمهم، لكن هذا ليس احتجازاً، وإنما هو حجز مؤقت". وقال إن المحتجزين يأخذون ثلاث وجبات يومياً وتُوفر لهم الرعاية الصحية الأساسية، وأضاف "إذا زرتهم فربما تجد أن مستوى التكدس والظروف السائدة لا ترقى إلى المعايير الأمريكية أو معايير الاتحاد الأوروبي، لكنهم يُعاملون كما نُعامل نحن ويأكلون كما نأكل نحن".[116]

وبعد فترة الحجز المبدئية، تنقل السلطات المحتجزين إلى المراكز غير الطوعية الأكبر حجماً. ويقع المركز الرئيسي للترحيل غير الطوعي في شارع الفلاح بطرابلس ويعرف بمعسكر الفلاح، بينما تقع مراكز الترحيل الدائمة الأخرى في مصراتة (220 كيلومتراً شرق طرابلس) وسلمام (بين صبراتة وزوارة، إلى الغرب من طرابلس) والكفرة وسبها.

وليس من الواضح ما سيؤول إليه حال مراكز الترحيل في المستقبل. حيث قال مدير إدارة الهجرة محمد الرمالي لهيومن رايتس ووتش إن من شأن القانون رقم 2 (2004) الخاص بتنظيم دخول وإقامة ومغادرة الأجانب في ليبيا أن يؤدي في نهاية الأمر إلى إزالة هذه المخيمات. (للإطلاع على مناقشة للقانون رقم 2، انظر الفصل التاسع "المعايير القانونية"). إلا إن بوسع الحكومة، بمقتضى القانون الجديد، أن توجه الاتهام إلى الأجانب الذين لا يحملون وثائق وتحيلهم إلى القضاء ليحكم عليهم القضاة إما بالترحيل في غضون 24 ساعة، وإما بالسجن لمدة تصل إلى عام.[117]

الظروف السائدة في مركز الفلاح للترحيل

زارت هيومن رايتس ووتش مركز الفلاح للترحيل غير الطوعي مرتين، الأولى في 25 إبريل/نيسان والثانية في 9 مايو/أيار 2005. وقد تحسنت الأوضاع في المركز بدرجة ملحوظة فيما بين الزيارتين، حيث قامت السلطات بدهان الجدران وتركيب أسرة وتوفير المزيد من الطعام، وذلك حسبما تبين من تفقد المكان ومقابلات المحتجزين مع هيومن رايتس ووتش.

ففي الزيارة القصيرة التي تمت في 25 إبريل/نيسان، أحصت هيومن رايتس ووتش 27 محتجزاً بالمركز من بلدان مختلفة مثل ليبيريا وساحل العاج وغينيا والمغرب وبنغلاديش والكونغو. وتمكنت هيومن رايتس ووتش من توجيه أسئلة موجزة إلى مجموعة صغيرة من المحتجزين، وهم ثلاثة من ليبيريا ومواطن من ساحل العاج وآخر من غينيا وآخر من الكونغو، فقالوا إن الظروف في المركز مقبولة عموماً، لكنهم يخشون العودة إلى بلادهم.[118]

ويتكون المركز من فناء واسع مفتوح مستطيل الشكل، به حوالي ستة عنابر للنوم على أحد الضلعين الطويلين في مواجهة البوابة، وثلاث غرف على أحد الضلعين القصيرين ومنطقة للطهي في الضلع القصير الآخر. وتحتوي عنابر النوم على حوالي 20 مرتبة وبطانية موضوعة على الأرض، وتقع دورات المياه في غرف منفصلة على الجانب.

وفي الزيارة الثانية قال مسئولو الهجرة لهيومن رايتس ووتش إن المركز به 172 شخصاً من المزمع إعادتهم لأوطانهم، من بينهم 43 مصرياً. كما كان هناك مواطنون من المغرب ونيجيريا والكونغو وغانا وساحل العاج وليبيريا.[119]

وفي تلك الزيارة الثانية كان بالغرف أسرَّة ضيقة تشبه الأرفف، قال المحتجزون إن السلطات قامت بتركيبها منذ أيام. وكانت الحوائط مطلية حديثاً، وكان المركز نظيفاً ومرتباً. وأخذ المسئولون الزائرين إلى عيادة طبية صغيرة بها طبيب، وقالوا إن المحتجزين يُنقلون إلى المستشفى في الحالات المرضية الخطيرة.

ولم يكن بين المحتجزين بالمركز نساء أو أطفال هذه المرة، لكن المسئول عن مراكز الترحيل بليبيا أبلغ هيومن رايتس ووتش أنهم يضعون النساء والأطفال في غرف خاصة.[120] وأجرى وفد من البرلمان الأوروبي، زار مركز الفلاح في إبريل/نيسان 2005، مقابلات مع بعض المحتجزات، وجاء في تقريره أن النساء لم يشكين من التحرش أو سوء المعاملة، لكنهن كن يطلبن وجود طبيبة وتحسين مستوى الرعاية للأحداث الذين ليسوا برفقة ذويهم. وأبلغ المسئولون الليبيون الوفد أن إجمالي عدد المحتجزين في مركز الفلاح يتراوح بين ما يقل قليلاً عن 100 وما يزيد على 700.[121]

وقد أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات قصيرة مع مجموعة من تسعة من المحتجزين، ألقي القبض عليهم جميعا بسبب عدم حملهم الوثائق اللازمة. وقال هؤلاء إن الظروف بالمركز طيبة بصفة عامة، وخاصةً يوم زيارة هيومن رايتس ووتش، عندما قدمت لهم السلطات كميات وافرة من الدجاج. حيث قال رجل "لم أر دجاجاً بهذه الكثرة مطلقاً من قبل". وكان معظم الرجال قد مكثوا حوالي أسبوعين بالمركز، وكان أحدهم قد مضى عليه شهر.[122] وكانت الشكوى الرئيسية للمحتجزين هي عدم توافر المعلومات عن ترحيلهم المنتظر، وعدم تمكنهم من الاتصال هاتفياً بأسرهم في بلادهم، فلم تكن السلطات تسمح إلا باستخدام جهاز هاتف واحد لإجراء المكالمات المحلية فقط. وقال مصري يبلغ من العمر 32 عاماً كان قد دفع حوالي 2000 دولار في مصر ليتم تهريبه عبر ليبيا إلى إيطاليا، "لا نعرف متى سنغادر، ليس هناك أي أخبار".[123] وقال اثنان من الرجال التسعة، أحدهما مصري والآخر نيجيري، إن الشرطة الليبية اعتدت عليهما بالضرب بعد القبض عليهما.[124]

وكانت الأوضاع التي شهدتها هيومن رايتس ووتش في الفلاح أفضل كثيراً مما قال أحد اللاجئين إنه شهده في ديسمبر/كانون الأول 2004. حيث ذكر الرجل، وهو ليبيري ترك ليبيا بعد المقابلة، إنه أعطى رشوة عبارة عن السجائر لحراس المعسكر ليدخل إليه حتى يرعى بعض أصدقائه الذين كانوا بين المحتجزين. وقال لهيومن رايتس ووتش إنه في داخل المركز رأى "كثيراً من اللاجئين وغيرهم من المحتجزين يعانون من الأمراض الصدرية بسبب البرد في السجن"، كما رأى "كثيراً من الأطفال الذين يعانون من شدة المرض وسوء التغذية". وأضاف أنه لم يكن هناك ماء لمدة ثلاثة أيام خلال زيارته، ولم تكن هناك رعاية طبية. وكان المحتجزون المرضى بالجدري وغيره من الأمراض المعدية يختلطون بغيرهم من المحتجزين. كما ذكر الرجل أن المحتجزين سبق أن قاموا بأعمال شغب نظراً لسوء الأوضاع داخل المركز.[125]

VII. الإعادة القسرية

يشكل ترحيل الأشخاص عنصرًا أساسيًا من خطة الحكومة الليبية لتقليل عدد الأجانب الذين لا يحملون وثائق. ففي الفترة من 2003 2005 أعادت ليبيا نحو 140 ألف فرد إلى أوطانهم. وإذا كان أغلب هؤلاء من المهاجرين لأسباب اقتصادية، الذين دخلوا البلد بصورة غير مشروعة، فإن بعضهم كانوا من طالبي اللجوء واللاجئين الذين واجهوا خطر الاضطهاد أو سوء المعاملة في أوطانهم.

ولما كانت ليبيا تفتقر إلى قانون ولائحة إجراءات خاصة بالهجرة تتضمن الخطوات الواضحة اللازمة للبت فيما إذا كان الأشخاص يواجهون خطر التعذيب عند عودتهم، فإن ليبيا لا تستطيع البت فيما إذا كان الأشخاص الذين ترحلهم يجب حصولهم على الحماية. فكما انتهت إليه بعثة المفوضية الأوروبية في أعقاب زيارتها إلى ليبيا "يبدو أن قرار إعادة المهاجرين بصورة غير شرعية إلى بلدانهم الأصلية يسري على مجموعات جنسيات معينة ولا يتخذ بعد الفحص التفصيلي لكل حالة على انفراد"[126] وقد أبدت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للأمم المتحدة انتقادات أشد، فعبرت عن قلقها بشأن "الحدود الدنيا لمعايير معاملة الأشخاص الذين قد يكونون في حاجة إلى الحماية الدولية"[127].

وطبقًا لما تقوله الحكومة الليبية، قامت السلطات بإعادة 47991 شخصًا في عام 2005، وقالت الحكومة إن 35627 شخصًا من هؤلاء، وهم يمثلون نسبة 74 في المائة، عادوا طوعًا إلى بلادهم، وكانت تعني بذلك أن الأفراد سلموا أنفسهم للسلطات ووافقوا على العودة إلى الوطن. وأما الباقي فقد رحلتهم "بعد التشاور مع سلطات بلدانهم"[128]. وقال تقرير المفوضية الأوروبية إن ليبيا رحلت 45 ألف شخص في عام 2004 و43 ألف شخص في 2003، وإن لم يحدد التقرير عدد من تطوعوا من بين هؤلاء بالعودة إلى ديارهم[129].

وكما ذُكر آنفًا، فإن مفهوم العودة الطوعية غير دقيق. فعلى نحو ما أقر به علي امدورد، وهو أحد كبار مسئولي الهجرة، كان البعض يتطوعون للعودة إلى بلدانهم بسبب خوفهم من القبض عليهم واحتجازهم وإعادتهم قسرًا[130]. والانتهاكات التي ترتكب أثناء القبض على الأشخاص واحتجازهم، إلى جانب التمييز بصفة عامة ضد الأجانب، قد يقنع الأفراد أيضًا بأن العودة الطوعية للوطن أفضل السبل المتاحة.

وترحيل الأشخاص إلى بلدان يتعرضون فيها لخطر الانتهاكات يمثل خرقًا مباشرًا للمواثيق الدولية التي صادقت عليها ليبيا. وتنص المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب، بصفة خاصة، على أنه "لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو أن تعيده ("أن ترده") أو أن تسلمه إلى دولة أخرى إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب".

وتزعم الحكومة الليبية أنها لا تعيد إلا المهاجرين دون تصريح ولأسباب اقتصادية، وهكذا فهم لا يواجهون خطر التعذيب. وقال سعيد عريبي حفيانة، الأمين المساعد للاتصالات الخارجية والتعاون الدولي" إننا نعيدهم بصورة قانونية ونتحمل تكاليف إعادتهم"[131].

وقالت الحكومة الليبية في تقريرها الدوري الثالث الذي قدمته في عام 1998 إلى لجنة اتفاقية مناهضة التعذيب، إن القانون الليبي يحظر "طرد الأشخاص أو تسليمهم أو إعادتهم [إلى حيث يتعرضون للتعذيب أو سوء المعاملة]"[132]. وليس من الواضح إذا ما كانت الحكومة الليبية تشير إلى القانون الليبي رقم 20 لسنة 1991 بشأن تعزيز الحرية الذي يقول بأن ليبيا ملاذ المضطهدين والمناضلين في سبيل الحرية "فلا يجوز تسليم اللاجئين منهم لحماها إلى أية جهة"، أو إلى الأثر المباشر للمعاهدات الدولية، مثل اتفاقية مناهضة التعذيب.

وتحدثت الحكومة بالتفصيل في المذكرة التي قدمتها في إبريل/نيسان 2006 إلى هيومن رايتس ووتش عن موقفها، قائلة إن القانون الليبي والالتزامات الدولية يمنعان الإعادة:

وفيما يتعلق بالزعم بأن طالبي اللجوء يتعرضون للاحتجاز والترحيل، فإن اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي تؤكد أن الجماهيرية الليبية ليست من الدول الأطراف في معاهدة جنيف لعام 1951 الخاصة باللاجئين وفي البروتوكول الملحق بها، ولكن ليبيا - وفقًا لتشريعاتها المحلية، وعلى رأسها الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسانفي عصر الجماهير، وقانون تعزيز الحرية - تقدم ملاذاً للمناضلين في سبيل الحرية، والقانون يحظر نقل اللاجئين إلى أي طرف آخر لحمايتهم. وتود اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي أن توضح أن التقرير [الذي أصدرته هيومن رايتس ووتش] يخلط بين المهاجرين غير الشرعيين الذين يريدون البقاء أو الهجرة إلى بلدان أخرى، وبين أولئك الذين يدخلون البلد بصورة غير قانونية ويعلنون عزمهم على البقاء، طالبين الحرية، ومن أجل ذلك تقبلهم ليبيا ضيوفًا عليها، وأما المرحلون فهم إما من دخلوا البلد بصورة غير قانونية، أو دخلوا بصورة قانونية ثم ضبطوا أثناء محاولة التسلل إلى بلدان أخرى، وهم لم يُرحَّلوا إلا بعد اتخاذ الخطوات القانونية السليمة ضدهم.

وتؤكد اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والعلاقات الدولية أن ليبيا لا تقوم بتسليم أي شخص إلى بلد أو تمنعه من دخول ليبيا إذا توافرت الأدلة على أنه قد يتعرض للتعذيب، أو أنه لا يتمتع بالمحاكمة العادلة المناسبة للتهمة الموجهة إليه في البلد الذي يرحل إليه، بناء على القانون المحلي والاتفاقات التي وقعتها ليبيا، ومن بينها اتفاقية مناهضة التعذيب. وعلى هذا الأساس فإن الاتفاقات مع البلدان الأخرى التي تشارك فيها ليبيا بخصوص نقل المهاجرين لا تتضمن السماح بالنقل في حالة الجرائم السياسية[133].

وترى الحكومة الليبية أنها تقدم معروفًا إلى الأجانب الذين يحملون وثائق بإعادتهم إلى أوطانهم. وقال مسئولو الهجرة إن الطريق الذي يسلكه المهربون إلى إيطاليا طريق خطر، وإن مئات الأشخاص يموتون سنويًا في القوارب المكتظة بالمسافرين. وإن الحكومة تتكفل بنفقات جهود الإعادة إلى الوطن، وهي نفقات باهظة. ويقول علي امدورد إن الحكومة قد أنفقت 16 مليون دولار أمريكي على إعادة الأشخاص في الفترة من أغسطس/آب 2004 وفبراير/شباط 2005[134].

وطبقًا لما جاء في مذكرة الحكومة المقدمة في إبريل/نيسان، أنفقت الحكومة في عام 2005 مبلغ 3678756 دينارًا ليبيًا على"عمليات الترحيل"، وهو ما يعادل 2935000 دولار أمريكي.

وكما ذكرنا آنفًا، وفي إطار الافتقار إلى قانون لجوء ولائحة إجراءات خاصة بتنفيذ المبادئ العامة للقانون الليبي والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، لا يزال الغموض يكتنف كيفية تمييز الحكومة بين المهاجرين لأسباب اقتصادية وبين طالبي اللجوء واللاجئين. ولا يعرف أحد ما هي السلطات التي تنظر في طلبات اللجوء وما هي المعايير التي تبنى قراراتها على أساسها.

عملية الترحيل

كثيرًا ما تكون عملية القبض على الأشخاص واحتجازهم، كما أوضح الفصلان السابقان، عملية تعسفية وغير منظمة، فالمحتجزون يودعون في منشآت متباينة، وأحوال كثير منها دون المستوى المقبول، وتوحي الأدلة المتوافرة بأن الحكومة قد اتخذت خطوات إيجابية لتحسين الأحوال والارتقاء بالإجراءات، وإن كان ترحيل الأشخاص دون مراعاة للحد الأدنى من المعايير مستمرًا دون هوادة.

ويزعم مسئولو الهجرة الليبيون أنه عندما يقبض على الأجانب، سواء كانوا يحاولون عبور الحدود أو في أثناء حملة في إحدى المدن، تقوم السلطات أولاً بالاتصال بسفاراتهم لتحديد هواياتهم وجنسيتهم. ويشكو المسئولون الليبيون من بطء بعض السفارات في الرد، وهو ما يؤدي إلى إطالة فترة الحجز. وقال المسئولون إن سفارات مصر والنيجر وتشاد سريعة الرد، وعادة ما ترسل ردها في غضون أسبوع واحد، ولكن نيجيريا وغانا عادة ما تتباطآن[135].

وقد يتسبب إرسال أسماء الأجانب المحتجزين إلى سفارات بلدانهم إلى تعريض طالبي اللجوء واللاجئين للخطر بتمكين حكوماتهم من معرفة هواياتهم؛ ومن جديد تزعم الحكومة الليبية أن هذه ليست مشكلة لأن جميع المعتقلين مهاجرون بصورة غير مشروعة؛ وسواء كانوا مهاجرين بصورة مشروعة أو غير مشروعة فلابد من وجود إجراءات لجوء وإلا استحال ضمان أن الأشخاص الذين لديهم مخاوف مشروعة من اضطهاد حكوماتهم لهم ليسوا بين المعتقلين.

وأسرع حالات الإعادة هي حالات الأش&643;لة أخرى كثيراً ما تحدث عنها المهاجرون وطالبو اللجوء واللاجئون الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش مقابلات شخصية، وهي مشكلة الرشوة التي يطلبها أفراد حرس الحدود الليبي والجنود ورجال الشرطة. فقد كان المرافقون الأمنيون الحكوميون يَعْرضون أحياناً إطلاق سراح المرحلين في مقابل بضع مئات من الدولارات. وفي إحدى الحالات، قال اللاجئ الإثيوبي إسكندر - الذي تناولنا في الفصل السابق ما تعرض له من انتهاكات في الحجز لهيومن رايتس ووتش إن الجنود وضعوه مع غيره من المعتقلين في شاحنات عسكرية في أوائل عام 2003، وانطلقوا بهم إلى الحدود مع السودان. وهناك قال الجنود إنهم على استعداد لإطلاق سراحهم مقابل 200 دولار أمريكي للشخص الواحد. ودفع إسكندر المبلغ، ونجح في الوصول إلى طرابلس، حيث دفع مبلغاً من المال إلى أحد المهربين مقابل نقله إلى إيطاليا[144].

الإريتريون عرضة لخطر الإعادة

قامت ليبيا منذ 2002 بترحيل مئات الإريتريين، وتعرض بعضهم لانتهاكات خطيرة عند عودتهم.[145] وقد وقعت حالة ترحيل جماعي حظيت بدعاية واسعة يوم 21 يوليو/تموز 2004، عندما أعادت ليبيا قسراً 109 مواطنين إريتريين في رحلة جوية خاصة مَوَّلتها إيطاليا، في طائرة تابعة لشركة طيران ليبيا تيبستي.[146] وتقول منظمات حقوق الإنسان إن الحكومة الإريترية احتجزت المرحلين فور وصولهم واعتقلتهم بمعزل عن العالم الخارجي في سجن سري.[147]

ثم حاولت السلطات الليبية بعد عدة أسابيع، وتحديداً يوم 27 أغسطس/آب، أن تعيد قسراً مجموعة أخرى تتكون من خمسة وسبعين إريترياً، كان من بينهم ستة أطفال. ولما كان الإريتريون يخافون العودة لوطنهم، فقد قاموا باختطاف الطائرة وأرغموا قائدها على الهبوط في السودان حيث طلب ستون شخصاً من أفراد المجموعة اللجوء. وأجرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مقابلات شخصية مع طالبي اللجوء الستين وأقرت بأنهم في حاجة إلى الحماية[148]. وقالت المفوضية في بيان أصدرته يوم 21 سبتمبر/أيلول:

أجرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مقابلات شخصية مع ستين شخصاً من المسافرين الإريتريين بعد وصولهم إلى الخرطوم يوم 27 أغسطس/آب. وقال أفراد المجموعة إنهم احتُجزوا دون تهمة فترة طويلة في بلدة الكفرة الليبية، وإنهم تعرضوا مراراً للإيذاء البدني. وقالوا أيضاً إنهم على الرغم من الطلب الذي قدموه لمقابلة المفوضية السامية، لم يُسمح لهم بالانتفاع بأي إجراء من إجراءات اللجوء. وبالإضافة إلى ذلك لم يقم أحدٌ قط بإبلاغ المجموعة بقرار ترحيلهم إلى إريتريا، وأُرغموا على ركوب طائرة خاصة مستأجرة، ولم يعرفوا إلا بعد إقلاعها أن مقصد الطائرة هو بلدهم الأصلي. وقد مُنح ستون من الركاب الخمسة والسبعين بعد ذلك صفة اللاجئ في السودان.[149]

وقد وجهت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لوماً شديداً إلى الحكومة الليبية، وذكَّرَتها بضرورة مراعاة التزاماتها بموجب اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية التي تتناول الجوانب المحددة لمشاكل اللاجئين في إفريقيا، والمعقودة عام 1969 (الاتفاقية الإفريقية للاَّجئين انظر الفصل التاسع "المعايير القانونية"). وقال البيان "إن ترحيل أشخاص قد يكونون من اللاجئين من إريتريا يوم 27 أغسطس/آب يشكل انتهاكاً خطيراً للاتفاقية الإفريقية ويمثل مخالفة واضحة لأعراف الحماية الدولية ومبدأ عدم الطرد أو الرد".

وقال أحد اللاجئين في مقابلة مع هيومن رايتس ووتش في إيطاليا إن الشرطة الليبية احتجزته في ليبيا مع مجموعة من الإريتريين الآخرين. وهو يعتقد أن الحكومة طردت المجموعة في يوليو/تموز أو أغسطس/آب 2004. وقال "كانوا لاجئين مثلي. كانوا يدعون أنفسهم لاجئين، وحاولوا أن يقولوا "نحن لاجئون" ولكن هناك اتفاقاً بين حكومتي ليبيا وإريتريا، وهكذا فهم يعيدون دائماً [الإريتريين] الذين تريدهم الحكومة". وأضاف أنه يعرف أربعة من هؤلاء خير المعرفة، وأنهم كانوا جميعاً أعضاء في جماعات المعارضة الإريترية التي تنطلق في كفاحها من السودان[150].

مهلة مؤقتة لبعض الجنسيات

يقول مسئولو الهجرة الليبيون إن الحكومة لا تعيد حاملي جنسيات معينة لأن الأحوال في أوطانهم لا تسمح بالعودة. وقال محمد الرمالي "إن الصوماليين يمثلون مشكلة، لأن الطائرات لا تستطيع الهبوط هناك. وحتى لو تعاونت معنا السفارة الصومالية، وهو نادر الحدوث، فنحن لا نستطيع تدبير أمر الطائرة؛ ولذلك قررت تسريحهم من المخيم"[151]. وقال إن 120 صومالياً كانوا قد أبدوا استعدادهم للعودة طوعاً للوطن حتى شهر إبريل/نيسان 2005، ولكن لم تكن هناك رحلات جوية.

وقال علي امدورد لهيومن رايتس ووتش إن الحكومة لا تقوم بترحيل أشخاص من مناطق "ساخنة" مثل ليبيريا أو الصومال، وإن كان باحثو هيومن رايتس ووتش قد قابلوا بعض الليبيريين عندما زاروا معتقل الفلاح يوم 25 إبريل/نيسان ويوم 9 مايو/أيار 2005[152]. وقال محمد الرمالي إن الحكومة لن تعيد سبعة وخمسين ليبيرياً وسبعة وعشرين من أبناء ساحل العاج بسبب الحالة السائدة في هذين البلدين. وقال علي امدورد إن ليبيا اتفقت اتفاقاً غير رسمي مع السودان، حتى إبريل/نيسان 2005، بعدم ترحيل أي شخص، وشرح ذلك قائلاً إنه إذا جاء شخص من دارفور لم يستطع أحد إعادته إلى الخرطوم، لأن الحكومة السودانية لا تملك سلطة إعادة الفرد إلى مناطق أخرى في البلد[153].

وقال امدورد إن الحكومة الليبية تسمح للأفراد المستفيدين من هذه المهلة المؤقتة بالبحث عن عمل بعقود، ولهم أن يتقدموا بطلب الحصول على تصريح بالإقامة إذا وجدوا عملاً ما. وإذا فشلوا في العثور على عمل فقد تقبل الحكومة مؤقتاً وجودهم بصورة غير قانونية ما داموا مسجلين وجاهزين للعودة حين تسمح الظروف.

وأوضح علي امدورد أن الحكومة الليبية لا تستطيع إعادة بعض الأشخاص لأن بلدانهم بعيدة بُعْداً شاسعاً أو لأن أعدادهم صغيرة إلى الحد الذي لا يبرر استئجار طائرات لإعادتهم. ولهذا السبب يحدث أحياناً أن بعض اللاجئين أو المهاجرين المحتجزين إلى أجل غير مسمى في مخيمات الترحيل يزعمون أنهم ينتمون إلى بلد غير بلدهم مثل غانا أو نيجيريا حتى يخرجوا من المعتقل. وقال امدورد إن الترحيل إلى بلد ثالث أي إعادة شخص إلى بلد غير بلده الأصلي من ليبيا لا يحدث إلا عن غير قصد نتيجة الجهل في أمثال الحالات المذكورة.

وقالت السلطات الليبية أيضاً لوفد المفوضية الأوروبية في نوفمبر/تشرين الثاني ديسمبر/كانون الأول 2004 إن الحكومة لا تعيد الإفراد إلى مناطق الصراع. ولكن اللجنة ذكرت في تقريرها أنها "لم تستطع تحديد الجهة التي تقرر استبعاد منطقة ما من المناطق التي يعاد الأشخاص إليها، وكيف يجري تنفيذ هذا القرار &43; ليس لديها قانون شامل يمنع التمييز العنصري أو يحظره أو يعالجه.[160]

وقد أفادت الغالبية العظمى من المهاجرين واللاجئين من بلدان جنوب الصحراء الكبرى الذين التقت بهم هيومن رايتس ووتش بوجود تمييز بصورة منتظمة خلال إقامتهم في ليبيا، وهو تمييز يرجع عادةً إلى الانتماء العرقي. ففي مقابلة مع هيومن رايتس ووتش، قال طالب لجوء إريتري، يبلغ من العمر 29 عاماً ويُدعى يوسف وكان مقيماً في ليبيا فيما بين مايو/أيار وأغسطس/آب 2004، إن بعض المواطنين الليبيين استوقفوه في الشارع للاستيلاء على ما معه من مال ست مرات، وإنهم كانوا يضربونه عندما لا يجدون معه شيئاً، وأضاف "الحكومة والناس في ليبيا شيء واحد، لا تعرف أحدهما من الآخر، وكلاهما عنصري". ونتيجة لذلك، قال يوسف وغيره من المهاجرين واللاجئين إن كثيرين من الأجانب في ليبيا نادراً ما يخرجون من منازلهم، وإن خرجوا فإنما يخرجون للعمل أو لشراء الطعام خلال ساعات النهار.[161]

وقد أقام غيتاشيو، وهو إثيوبي يبلغ من العمر 31 عاماً، في ليبيا بصورة غير شرعية لمدة عامين بدءاً من يوليو/تموز 2003 قبل أن يتجه إلى إيطاليا، حيث طلب اللجوء إليها. وكان في البداية يعتزم البقاء في ليبيا إلى أجل غير مسمى حتى أدرك صعوبة الحياة على الأجانب الذين لا يحملون الوثائق اللازمة. وقال "رأيت الوضع هناك، ورأيت كيف يتعامل المجتمع مع الأجانب والمهاجرين واللاجئين. إذا أردت التحرك لتذهب إلى المتاجر فإن الليبيين يطلبون منك مالاً لشراء السجائر، فإذا رفضت اعتدوا عليك". وقال غيتاشيو إن رجالا ليبيين اعتدوا عليه ثلاث مرات في ضواحي طرابلس: "كلما وقفنا على محطة الحافلات، كانوا يأخذون مالنا، وعند كل نقطة تفتيش للحافلة في طريق العودة يجب أن تدفع 40 ديناراً (حوالي 24 يورو) للشرطة وإلا قبضوا عليك".[162]

أما إفريم س.، وهو إثيوبي يبلغ من العمر 21 عاماً وحصل على صفة اللاجئ في إيطاليا، فقد قضى الفترة من عام 2000 إلى عام 2002 في ليبيا دون أن تكون لديه الوثائق اللازمة. وقال "الشباب الليبيون يجلسون في الشوارع منتظرين الهجوم على الأجانب"، وأوضح لهيومن رايتس ووتش أن مجموعة من الرجال الليبيين ضربوه في إبريل/نيسان 2002، فقال "ذات يوم سألني خمسة رجال ليبيون ما ديانتي، فأجبتهم أنني مسيحي. فسألوني عن اسمي، ثم جذبوني وضربوني على ظهري. ولا أدري ما الذي دفعهم لذلك". وأضاف قائلاً "الحياة هناك مخاطرة كبيرة، بسبب جهل المواطنين الليبيين، فليس بوسعك التحرك بحرية في الشوارع أو الذهاب للمدرسة أو شراء أي شيء من المحال التجارية".[163]

ويعمل معظم المهاجرين واللاجئين في ليبيا في القطاع غير الرسمي، حيث يتعرضون للاستغلال والإيذاء. فقد ذكر لاجئ ليبيري اسمه ديفيد، كان يعمل بغسيل السيارات في طرابلس، لهيومن رايتس ووتش أن مستخدميه كانوا في بعض الأحيان لا يدفعون له أجره عما أنجز من عمل، وأنه لم يكن أمامه سبيل للشكوى.[164] كما وصف شاب سوداني كيف كان يساعد رجلاً ليبياً في بيع الخضراوات في أحد أسواق طرابلس، فقال إنه كان يعمل 12 ساعة يومياً، ويتقاضى دينارين في المتوسط يومياً (حوالي 1.2 يورو). ومتى كسد البيع كان أجره ينخفض إلى دينار وحد، وأحياناً كان يرجع إلى منزله خالي الوفاض. وبعد سنة ونصف السنة، لم يدفع مستخدمه الليبي له أجراً طيلة شهر كامل، ولم يكن أمامه من سبيل لأخذ حقه فترك العمل معه.[165]

وقد أعربت لجنة القضاء على التمييز العنصري، في ملاحظاتها الختامية في مارس/آذار 2004، عن قلقها من أن "مشاعر العداء للسود والأعمال التي تحركها دوافع عنصرية ضد العمال الأجانب، تؤثر تأثيراً ضاراً على وضعهم الوظيفي وشروط وظروف العمل التي تُطبق عليهم". وحثت اللجنة ليبيا على "ضمان عدم التمييز ضد العمال الأجانب في مجال الوظائف على أساس اللون أو الأصل العرقي أو الوطني".[166]

كما عبَّرت منظمة العمل الدولية عن بواعث قلق أخرى. ففي تقريرها لعام 2004، أشارت المنظمة إلى أن "العمال الأجانب يمثلون قطاعاً كبيراً من القوى العاملة، لكنهم يُعاملون معاملة سيئة؛ فلا يُسمح لهم بتكوين النقابات أو بالانضمام إليها، ولا حتى ما يُسمى بالتنظيم العمالي الرسمي وهو الاتحاد العام للمنتجين/العمال، ولا يجد العمال الأجانب أية حماية من التمييز الذي يتعرضون له بصورة منتظمة.[167]

العنف بدوافع عنصرية

في أواخر سبتمبر/أيلول 2000، شهدت ليبيا أكبر معدل لأحداث العنف ضد الأجانب في بلدة الزاوية، التي تقع على بعد حوالي 40 كيلومتر إلى الغرب من طرابلس، حيث اصطدمت جماعة من عامة الليبيين مع جماعة من الأجانب، مما أدى إلى مقتل زهاء 50 أجنبياً، حسبما قالت معظم تقارير وسائل الإعلام. أما الحكومة فأعلنت أن عدد المتوفين هو سبعة. وأفادت الأنباء أن معظم هؤلاء الأجانب من السودان ونيجيريا وغانا وتشاد، إلى جانب عدد من أبناء الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى.[168]

ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من إجراء تحقيق واف بخصوص هذه الواقعة، ولم يتضح بعد كثير من تفاصيلها، بما في ذلك عدد المصابين والقتلى. وقد أنكر أحد كبار المسئولين الليبيين في ذلك الوقت وقوع صدام كبير، قائلاً "إن شجاراً نشب" بين بعض النيجيريين والليبيين بعد أن استفز النيجيريون عدداً من الفتيات الليبيات. وقال المسئول "إن الشرطة تدخلت على الفور واتخذت التدابير اللازمة وألقت القبض على من لهم يد في الواقعة".[169] ورداً على استفسارات هيومن رايتس ووتش، قالت الحكومة الليبية في إبريل/نيسان 2006 إن سبعة تُوفوا في الحادث، إلا إنها لم تحدد عدد الأجانب والليبيين منهم.[170]

وأشارت بعض الصحف السعودية والسودانية إلى أن المصادمات التي نشبت في 20 سبتمبر/أيلول 2000 أدت إلى مقتل نحو 50 شخصاً وإصابة العشرات. فقد قالت صحيفة الحياة، التي يملكها سعوديون وتصدر في لندن وعدد من العواصم العربية، "إن معظم الضحايا من التشاديين، بينما قُتل أيضاً عدد قليل من السودانيين، ربما يصل إلى خمسة أشخاص". وفي الخرطوم كتبت صحيفة أخبار اليوم اليومية أن "50 شخصاً قُتلوا وأُصيب العشرات في صدامات بين الليبيين من ناحية، ورعايا الجاليتين التشادية والسودانية من ناحية أخرى في الزاوية".[171] وجاءت أكثر التقارير الإخبارية إثارة من نيجيريا حيث أعلنت وسائل الإعلام المحلية أن حوالي 500 نيجيري لقوا حتفهم، وهو الأمر الذي أدى إلى اندلاع مظاهرة عنيفة في لاجوس قُتل فيها أحد الأشخاص.[172]

وذكر تقرير أذاعه التليفزيون السوداني أن الرئيس السوداني طلب من القذافي التدخل.[173] وفي وقت لاحق من ذلك الأسبوع، ورد أن جمعاً من الشباب الليبيين نهبوا مبنى سفارة النيجر.[174]

ولم تقدم الحكومة حتى اليوم أية تفاصيل عن حادث بلدة الزاوية، رغم ادعائها أنها فتحت تحقيقا فيه. وفي ملاحظاتها الختامية في مارس/آذار 2004، حثت لجنة القضاء على التمييز العنصري ليبيا على "تقديم معلومات مفصلة عن عدد الأشخاص الذين تُوفوا وجنسياتهم ونتائج التحقيق الذي أجرته السلطات، وتفاصيل إقامة الدعوى ضد أي أشخاص فيما يتصل بهذه الأحداث، وأية أحكام صدرت في هذه الخصوص".[175] كما طلبت هيومن رايتس ووتش معلومات عن الواقعة لكن الحكومة الليبية لم تبلغها إلا بوفاة "سبعة من الليبيين والأجانب".

وذكرت منظمة العفو الدولية أن محكمة ليبية أصدرت، في مايو/أيار 2001، أحكاماً بالإعدام على اثنين من الليبيين ومواطن من غانا وأربعة نيجيريين، وذلك لاتهامهم "بالتخطيط لمناهضة السياسة الليبية ودورها الرائد في إفريقيا، وتقويض هدف الجماهيرية المتمثل في خلق كيان إفريقي موحد والإخلال بالأمن العام". كما أدانت المحكمة النيجيريين والغاني "بقتل مواطنين ليبيين عمداً وبالسرقة". ولا يُعرف إن كانت السلطات قد نفذت هذه الأحكام أم لا.[176]

والتقت هيومن رايتس ووتش برجل يدعى ديفيد ب.، قال إنه شهد بعض وقائع العنف فيما يُعرف بالمخيم النيجيري في الزاوية. وقد ذكر أن الصدام بدأ بعد مقتل أحد الليبيين على يد نيجيري، فألقت مجموعة كبيرة من عامة الليبيين زجاجات المولوتوف الحارقة على المخيم وأضرمت فيه النار، على حد قوله. وأضاف أن جرافات حكومية سوت المخيم بالأرض، مما يوحي بأن الحكومة كانت ضالعة في الأمر.[177]

وفي الأسبوع التالي، نهب عدد من الشباب الليبيين منزلاً على مشارف طرابلس يقيم فيه ديفيد ب. مع ثمانية آخرين من أبناء وطنه، ففر التسعة إلى سفارتهم طلباً للحماية، على حد قول ديفيد. وفي الطريق، حطمت حشود من الناس بالعصي الزجاج الأمامي لسيارة الأجرة التي كان يستقلها ديفيد وزملائه. وأضاف ديفيد قائلاً إن السفارة كانت تغص بنساء وأطفال فارين من اعتداءات مماثلة.

وقد نظمت بعض الحكومات الإفريقية عملية إجلاء مواطنيها، فعاد ما لا يقل عن 230 من مواطني غانا إلى بلادهم في أوائل أكتوبر/تشرين الثاني، وقال مسئولون غانيون للصحافة إن ما لا يقل عن 1500 آخرين موضوعون على قوائم الإخلاء بعد أحداث العنف.[178] وورد أن الحكومة النيجيرية أعادت أكثر من أربعة آلاف نيجيري إلى ديارهم.[179]

وإذا كانت أحداث سبتمبر/أيلول 2000 هي الأشد عنفاً في السنوات الأخيرة، فإن الغالبية العظمى من اللاجئين والمهاجرين الذين التقت بهم هيومن رايتس ووتش قالوا إنهم شهدوا أو تعرضوا للتحرش أو العنف البدني خلال إقامتهم في ليبيا، دون تدخل يُذكر من جانب الشرطة في كثير من الأحيان. بل إن التهديد والعنف يأتي في بعض الأحيان من الشرطة نفسها.

وفي مقابلة مع هيومن رايتس ووتش، تحدث أحمد، وهو سوداني كان يحاول الحصول على اللجوء إلى إيطاليا، عن العنف الذي عانى منه في فترة إقامته في بني غازي وطرابلس من عام 1993 إلى عام 2003 بصفته مهاجراً لا يحمل الوثائق اللازمة، فقال "الحياة هناك صعبة جدا، فعندما كنت أستقل الحافلة للذهاب إلى عملي كان الليبيون يدفعونني بعيداً عن مقاعدهم، فكنت في كثير من الأحيان أفضل الذهاب سيراً على الأقدام. ولا أستطيع أن أحصي عدد المرات التي تعرضت فيها للضرب في الشارع على أيدي الليبيين"، وأظهر لهيومن رايتس ووتش الندوب الموجودة على جسده التي قال إنها نجمت عن هذا الضرب، وأضاف "لو كنت ترتدي لباساً غربياً مطبوعاً عليه عبارات بالإنجليزية، فهذا سبب يجعلهم يضربونك، ويجعل سائقي السيارات يحاولون أن يدهسوك. السير في الشارع يعرضك دائماً للإهانات، فتعيش في خوف دائم، لذلك كان جل همي أن أرجع من العمل إلى منزلي سالماً يوماً بيوم".[180]

وقال اللاجئ الإثيوبي أليكس، الذي قضى ستة أشهر بصفة غير شرعية في طرابلس في عام 2002، إن العيش في جميع أحياء العاصمة صعب بنفس القدر على الأجانب. وأضاف قائلاً "الشباب الليبيون في السيارات يحاولون دهسك في الشارع أو يهينونك جهاراً. لا أعرف العربية لكنني أفهمهم عندما يقولون "زنجي". وذات مرة تعرضت للاعتداء في الشارع في أبو سالم [أحد أحياء طرابلس] من بعض الصغار". ويذكر أليكس أيضاً أنه شهد اعتداء أخطر من ذلك حيث قال "رأيت رجلاً أسود يستقل حافلة للعودة إلى منزله، فتشاجر مع السائق. وعندئذ دخل الجميع في الشجار، فضربه جميع الركاب. ولم ينقذه إلا دبلوماسي إفريقي كان يمر بسيارته فجذبه إليها لينقذه من العامة".[181]

وقد اعتاد المهاجرون وطالبو اللجوء واللاجئون على الاستهانة بفكرة الذهاب إلى الشرطة للإبلاغ عن الجرائم نظراً لما يلقونه من لامبالاة أو عداء سافر من جانب الشرطة. ومن هؤلاء رجل إريتري يبلغ من العمر 32 عاماً كان يحاول الحصول على اللجوء في إيطاليا في مايو/أيار 2005، وكان قد قضى خمسة أشهر ونصف الشهر في طرابلس بصفة غير شرعية خلال عام 2004، حيث علق على هذا الوضع بقوله "ما كنت لأذهب للشرطة مطلقاً [للإبلاغ عن العنف من جانب الليبيين] لأنهم كانوا سيقبضون علي، ولن يصدقوني. البعض يُسرَق منهم 1000 دولار ولا يذهبون للشرطة".[182]

أما ديفيد ب.، الذي سبق سرد روايته للأحداث في الزاوية، فحكى لهيومن رايتس ووتش ما حدث عندما ضربه مواطنون ليبيون في أغسطس/آب 2002 فذهب إلى الشرطة، قال:

كنا ثلاثة [حُجبت الجنسية] صعدناً معاً للحافلة المزدحمة، وثارت ثائرة الليبيين وشتمونا بأننا "حيوانات". جذبني بعضهم من الخلف وضربوني. ثم أمسك البعض بعصي وألقوا علينا بحجارة. وكان أحد رجال الشرطة على مقربة منا فذهبنا إليه فطلب مني جواز سفري ثم ضربني على رأسي من الخلف. لقد رآنا وهم يضربوننا لكنه تركهم يمضون لحال سبيلهم.

وعندما ذهبنا إلى مركز الشرطة قالوا يجب أن نأتي بتقرير طبي. فذهبنا إلى مستشفى شارع الزاوية، حيث ضمدوا جبهتي دون مقابل، ولكن عندما عدنا إلى الشرطة قالوا "لا يمكننا أن نفعل شيئاً".[183]

وقال طالب اللجوء الإثيوبي غيتاشيو إن الشباب الليبيين الذين يبحثون عن المخدرات والمومسات كانوا يأتون أحياناً إلى السكن الذي يقيم فيه مع آخرين في طرابلس وإلى منازل غيره من المهاجرين. وفي إحدى المرات، وقعت مشاجرة سحب فيها أحد الليبيين سكيناً وحبس أصدقاؤه أربع نساء إثيوبيات وإريتريات في إحدى الغرف. وقال غيتاشيو إنه هو ومهاجرون آخرون طلبوا الشرطة لإنقاذ النساء اللاتي لم يكن مومسات. فجاءت الشرطة وأخرجت النساء من الغرفة المغلقة، لكنها لم تقبض على الليبيين، الذين عادوا مرة أخرى إلى المنزل فيما بعد وقذفوه بالحجارة.[184]

ويبين المثال السابق أن النساء غير المسلمات من الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى يلاقين مشاكل من نوع خاص، على ما يبدو، لأن بعض الليبيين يفترضون أنهن منحلات أخلاقياً إن لم يكن عاهرات. فقد ذكر طالب لجوء سوداني، يبلغ من العمر 26 عاماً ويُدعىعبد الـ-م.، وكان يعمل بصفة غير قانونية في بني غازي وطرابلس لمدة عام ونصف العام، إنه رأى بعض النساء السود يتعرضن للكثير من الصعاب، حيث قال "الأجنبيات السود يجب أن يبقين في البيت في ليبيا لأن الرجال والصبية الليبيين يحاولون دائماً ملامستهن إذا خرجن. رأيت امرأة سودانية ذات مرة يجذبها بعض الليبيين إلى سيارة. ويمكن أن يحدث مثل هذا الأمر في أي وقت الشرطة ترى ما يحدث لكنها لا تقول أي شيء لأن ليبيا تحكمها شريعة القبيلة، لا قانون الإنصاف".[185]

أما مريم، وهي إريترية تبلغ من العمر 23 عاماً وكانت تسعى للحصول على اللجوء في إيطاليا في مايو/أيار 2005، فقد قضت سبعة أشهر وهي تعمل بصورة غير قانونية في طرابلس في مطلع عام 2004. وقالت "رأيت كثيراً من الأشياء السيئة هناك: نساء تعرضن للاغتصاب، وأطفال يلقون بالحجارة على الكبار ويؤذونهم. أنا أتكلم العربية وأرتدي أزياء العربيات فكنت على ما يرام، أما الذين لا يتكلمون العربية فيشعرون بالرعب لمجرد الذهاب إلى أحد المتاجر". وفي أثناء إقامتها في طرابلس، كانت مريم تعمل بصورة غير قانونية في مقهى يديره سودانيون. وقالت "كان ذلك أفضل من الأعمال الأخرى، أفضل من العمل كخادمة لدى إحدى الأسر، فقد كنت أعرف نساء كثيرات عملن خادمات لدى أسر ولم يحصلن على أجرهن مطلقاً أو تعرضن لإلقاء الماء المغلي في وجوههن".[186]

الأجانب في القضاء الجنائي

تقول الحكومة الليبية إن الأجانب في ليبيا مسئولون عن كم من الجرائم لا يتناسب مع عددهم. ففي تصريح لهيومن رايتس ووتش، قال أمين الأمن العام السابق نصر المبروك، والذي ترك منصبه في مارس/آذار 2006، إن المهاجرين مسئولون عن 30 بالمئة من الجرائم في ليبيا، وأضاف "إننا نعاني كثيراً من هذه الظاهرة". وادعى قائد مركز الشرطة الرئيسي في الزاوية أن المهاجرين الذين لا يحملون وثائق قد يكونون مسئولين عن نحو 80 بالمئة من جرائم معينة في منطقته، مثل السرقة. كما زعم أن المعدل مرتفع بالنسبة لتزييف العملة وغيرها من الوثائق وبالنسبة لبعض جرائم المخدرات،[187] ولكنه لم يقدم أية تقارير أو إحصاءات رسمية تدعم ما زعمه.

وقال النائب العام في ليبيا محمد المصراتي إن الشرطة تلقي القبض على كثير من الأجانب لارتكابهم جرائم مختلفة، "فأحيانا تقوم الشرطة بجمعهم وكأنهم في شبكة صيد، لكن النيابة تتبع القانون فيما بعد".[188] وتوحي هذه الاستعارة بمدى التعسف الذي يبلغ عنه الكثيرون من الأجانب في أثناء عملية القبض عليهم.

وفي إطار القضاء الجنائي الليبي، يتمتع الأجانب بنفس الحقوق القانونية التي يتمتع بها المواطنون الليبيون؛ إذ يجب إخطارهم بسبب القبض عليهم، ويحق لهم الاستعانة بمحام والمثول أمام محاكمة عادلة. كما أن التعذيب محظور (انظر الملحق 1).

وعلى الرغم من ذلك، فقد أفاد مهاجرون ولاجئون ممن قُبض عليهم بموجب القانون الجنائي بتعرضهم لعدد من الانتهاكات. ففي بعض الحالات، استخدم المحققون التعذيب لانتزاع الاعترافات، وفي حالات كثيرة، لم يكن المتهمون يُزودون بمحامين للدفاع عنهم، أو كانت المرة الأولى التي يقابل فيها المتهم محاميه في أثناء محاكمته. وقال بعض المهاجرين واللاجئين إنهم كثيراً ما كانوا يقضون فترات طويلة رهن الاحتجاز قبل مثولهم أمام المحكمة. وفي أثناء المحاكمة كانت الترجمة في بعض الأحيان بالغة الرداءة، هذا إن وُجدت أصلاً.

وباستثناء قضية الترجمة، لا تقتصر الانتهاكات المشار إليها آنفاً على الأجانب وحدهم، إذ يتعرض لها المواطنون الليبيون أيضاً. إلا إن المهاجرين بوجه خاص يكونون عرضةً للوقوع ضحية لانتهاكات القانون، ولاسيما مع عدم وجود الدعم القبلي لهم، وبسبب النظر إليهم في كثير من الأحيان على أنهم غرباء غير مرغوب فيهم.

التعذيب

يجرم القانون الليبي التعذيب، وقد ادعت الحكومة مراراً أنها تحقق في القضايا التي يُزعم فيها وقوع التعذيب وأنها تحرك فيها الدعوى القضائية. حيث قال نصر المبروك، الأمين السابق للأمن الداخلي، لهيومن رايتس ووتش "لن نسمح لأي ضابط شرطة بإخضاع أي شخص للتعذيب. وعندما نعلم بأي مخالفة من جانب أحد رجال الشرطة فإننا نخطر العدالة".[189]

وقال الأمين العام السابق للجنة الشعبية العامة شكري غانم لهيومن رايتس ووتش إن التعذيب يتعارض تماماً مع سياسة الدولة، وإنه لو حدث فإنه يأتي نتيجة لوجود بعض "المرضى" الذين تجب مساءلتهم. وأضاف "الفرق هو ما إذا كان التعذيب سياسة متبعة مع سبق الإصرار أم أنه سوء استغلال للسلطة". وذهب إلى أن المشكلة يمكن حلها عن طريق التدريب.[190]

وتنص المادة 2 من الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان على حظر أية عقوبة "تمس كرامة الإنسان وتضر بكيانه"، كما تحرم " إلحاق الضير بشخص السجين مادياً أو معنوياً". وتنص المادة 17 من القانون رقم 20 بشأن تعزيز الحرية على أنه "يُحظر إخضاع المتهم لأي نوع من أنواع التعذيب الجسدي أو النفسي أو معاملته بصورة قاسية أو مهينة أو ماسة بالكرامة الإنسانية".

وتنص المادة 435 من قانون العقوبات على أن "كل موظف عمومي يأمر بتعذيب المتهمين أو يعذبهم بنفسه يُعاقب بالسجن من ثلاث سنوات إلى عشر". كما تنص المادة 341 من قانون العقوبات على أن يُعاقب بالسجن عشر سنوات من ينفذ الأمر بالتعذيب. وتنص المادة 337 من قانون العقوبات على فرض عقوبة السجن على "كل موظف عمومي استعمل العنف ضد آحاد الناس أثناء ممارسة وظيفته بطريقة تحط من كرامتهم أو بشكل يسبب لهم ألماً بدنياً".

وتقول الحكومة الليبية إنها اتخذت كل الخطوات الممكنة للحد من التعذيب. ففي بيان أصدرته في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2005، رداً على ادعاءات هيومن رايتس ووتش بوجود تعذيب، أعلنت الحكومة:

إن الشعب الليبي يكفل عن طريق كل مؤتمراته الشعبية الأساسية ويؤكد مجدداً في كل وثائقه الأساسية مثل إعلان سلطة الشعب، والوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان، وقانون تعزيز الحرية على ضرورة إلغاء العقوبات المهينة وقصر كافة العقوبات المقيدة للحرية على الحد الأدنى. فلا يُسجن إلا من تمثل حريته خطراً على الآخرين. وتُفرض أقصى العقوبات على من يعذبون المحتجزين أو يسيئون معاملتهم. إلا إن السلطات المختصة لم تنكر اكتشاف انتهاكات من جانب بعض الأفراد، وقد تم اتخاذ الإجراءات المناسبة لمساءلتهم وإحالتهم للمحاكمة.[191]

ومع ذلك، شكا كثير من المهاجرين واللاجئين الذين التقت بهم هيومن رايتس ووتش من تعرضهمللتعذيب بعد القبض عليهم، وعادة ما كان ذلك على أيدي جهاز الشرطة الخاصة المعروفة باسم "المكافحة"، وهي الجهة التي تتعامل مع القضايا المتعلقة بالمخدرات. وقد التقت هيومن رايتس ووتش بستة من الرعايا غير الليبيين المسجونين بسبب حيازتهم أو بيعهم للمخدرات أو الكحوليات، وقالوا إنهم تعرضوا للتعذيب، على أيدي الشرطة عادةً، لانتزاع الاعترافات منهم.

وفي مقابلة مع هيومن رايتس ووتش، حكى رجل من إحدى الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، وهو مسجون لحيازته مخدرات، أن رجال المكافحة في طرابلس ضربوه بعد القبض عليه في عام 2004، فقال:

علقوني بسلسلة ربطت إلى الحائط، وكانت هناك عصا خلف ركبتي، وكبلوا يدي بها. وعلقوني على الحائط، وبقيت على ذلك الوضع 45 دقيقة، كانوا يضربونني خلالها. وكانوا يقولون "لو قتلناك لما عرف أحد".[192]

وحكى سجين آخر من إحدى دول جنوب الصحراء الكبرى رواية مشابهة، فقال إن السلطات الليبية احتجزته في مركز شرطة الزاوية بلا طعام ولا ماء لعدة أيام بعد القبض عليه في أغسطس/آب 2003. وزعم أن عناصر من المكافحةقيدوا يديه خلف ظهره واستخدموا قطعة من الخشب أو قضيباً حديدياً لتعليقه على الحائط. وكان ذلك يستغرق ساعتين أو ثلاث ساعات في المرة الواحدة، وفي بعض الأحيان كانوا يضربونه أيضاً. وبعد ستة أيام وقع اعترافاً بالعربية التي لا يجيد القراءة بها، على حد قوله. وأضاف "رأيت محامي للمرة الأولى في الجلسة قبل النهائية [للمحاكمة]".[193]

وذكر مواطن آخر من دولة إفريقية جنوب الصحراء الكبرى، قبض عليه لحيازته المخدرات في مايو/أيار 2004، إن الشرطة احتجزته في مركز شرطة الجرية ثلاثة أيام بلا طعام ولا ماء. ثم علقه المحققون في المكافحة أربع ساعات وقد قُيدت يداه خلف ظهره، وقال:

وضعوا قضيباً حديدياً خلف ظهري وعلقوني، حوالي أربع ساعات، وضربوني بكابل على رجلي... وكانوا يعلقونني كل يوم. وفي اليوم الرابع وكان يوم جمعة اضطررت لكتابة أقوالي.[194]

وأضاف هذا الرجلإنه لم يعرف ما جاء في هذه الأقوال، حيث قال لهيومن رايتس ووتش "كنت خائفاً لأنني رب أسرة ولا أريد أن أموت. ولأنني كنت خائفاً فقد فعلت كل ما أمروني أن أفعله. لقد وقعت على شيء في المكافحة تحت وطأة الإكراه، ولا أدري ما الذي جاء فيه".

وقال بعض المهاجرين واللاجئين إنهم تعرضوا للإيذاء في مراكز الشرطة العادية. فقد ذكر رجل من دولة إفريقية جنوب الصحراء الكبرى، وقبض عليه في عام 2005 في سرت، إنه اقتيد إلى أحد مراكز الشرطة بالمدينة، وقال لهيومن رايتس ووتش "أجبروني على الوقوف لمدة يومين. كان معي أوراق كربون، فظنوا أنني أزيف العملة.. وكانوا يضربونني وكأنني سجين حرب".[195]

واقتيد مواطن آخر من دولة إفريقية جنوب الصحراء الكبرى، اتهم في عام 2004 بتناول الخمور وتزييف العملة، إلى مركز للشرطة (لم يحدد مكانه) حيث ضربته الشرطة على حد زعمه، وأضاف قائلاً:

قُيدت يداي بالأصفاد، ووضعوا قطعة من الخشب تحت ركبتي، وجلدوني بكابل على بطن قدمي. وسألونا من صاحب النقود المزيفة.. ضربونا جميعاً، وظلوا يضربوننا لمدة يوم. وقالوا لنا أن نعترف بأن النقود نقودنا. أنا لا أتكلم العربية، وقد وقَّعت على أقوال لا أفهم ما فيها.[196]

وروى رجل من دولة إفريقية جنوب الصحراء الكبرى، كان قد اتُهم هو ومجموعة من الرجال بالقتل العمد، أن المحققين أخضعوه للتعذيب في مصراتة، حيث قال لهيومن رايتس ووتش:

لم أتمكن من الجلوس مدة خمسة أشهر. كنت في غرفة مساحتها أربعة أقدام في أربعة أقدام. لم أكن أستطيع الاستلقاء فيها. استجوبونا، وبدءوا بي أولاً، ولكنهم لم يتكلموا معي لمدة عشرة أيام. ثم أحضروا حبلاً وقيدوا يدي إلى ساقي وعلقوني. وكانوا يأخذونني كل يوم ويضربونني لمدة خمسة أشهر... كانوا يضربوننا بكابل على بطن القدم... واعترفت تحت وطأة الضرب.[197]

وذكر الرجل أن السلطات احتجزته بعد ضربه في زنزانة للحبس الانفرادي لمدة 20 يوماً، وهي مدة تزيد خمسة أيام عما يجيزه القانون الليبي. وقال إنه كان يتلقي الطعام ثلاث مرات يومياً في زنزانته وكان يُسمح له بالاستحمام يومياً، وإن لم يسمح له بالتريض في الفناء.

وقد زارت هيومن رايتس ووتش مركز الشرطة الرئيسي في الزاوية، وهو واحد من ستة مراكز للشرطة بالمدينة. وهناك قال قائد المركز أن "للموطن كل الحرية في الشكوى [بشأن التعذيب]"، لكنه لم يقدم لهيومن رايتس ووتش معلومات عن عدد الشكاوى الخاصة بالإيذاء المسجلة في الزاوية أو عدد ضباط الشرطة الذين اتُخذت ضدهم إجراءات تأديبيةبسبب إيذاء المحتجزين، إن كان هناك من اتُخذت ضدهم مثل هذه الإجراءات.[198]

المحاكمات الجائرة

عرض المهاجرون واللاجئون الذين التقت بهم هيومن رايتس ووتش في السجون الليبية مجموعة من الشكاوى المتسقة التي يعتد بها بخصوص مخالفات الإجراءات الواجبة في قضاياهم منذ وقت القبض عليهم. وكان من الشكاوى الشائعة عدم إخطارهم فوراً بسبب القبض عليهم، وطول مدة الاحتجاز قبل المحاكمة، وفرض قيود على الاستعانة بالمحامين، ورداءة الترجمة أثناء المحاكمة، وعدم القدرة على إعداد الدفاع المناسب.

فقد قال رجل نيجيري، يُدعى إنيكو وكان قد جاء إلى ليبيا ليعمل كلحَّام وميكانيكي سيارات، إنه قبض عليه في مارس/آذار 2004 في حي جنزور في طرابلس بينما كان عائدا إلى منزله من مقهى للإنترنت. واقتادته الشرطة إلى مركز الشرطة في جنزور ثم إلى المكافحة. وذكر الرجل أن السلطات لم تخبره بسبب القبض عليه إلا بعد 30 يوماً، عندما مثل لأول مرة أمام قاض، ثم انتظر 11 شهراً قبل المثول للمحاكمة التي انتهت بإدانته. وقال إنه لا يعرف مدة الحكم المحكوم به عليه، لأن المترجم غادر المحاكمة قبل أن يخبره. وقد بدأ تنفيذ الحكم في مارس/آذار 2004 وقال إنه يعتقد إنه على وشك الخروج قريباً.[199]

وقال كوامي، وهو مواطن من غانا يبلغ من العمر 44 عاماً وعاش في ليبيا عشرة أعوام، إن الشرطة ألقت القبض عليه في يوليو/تموز 2004، لأنه كان يصنع النبيذ.[200] وقال إنه التقى بالمحامي الذي وكلته له الدولة للمرة الأولى في يوم محاكمته في فبراير/شباط 2005، وإن الاثنين لم يتحدثا مباشرة وجهاً لوجه. واستغرقت المحاكمة دقيقتين، وكانت الترجمة رديئة، فلم يتمكن من التواصل بدرجة كاملة مع المحكمة. وقال كوامي إنه كان يريد رفع استئناف لكنه لم يعرف كيف يفعل ذلك.[201]

وادعى مواطن من إحدى الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى أنه اعترف بجريمة متعلقة بالمخدرات بعد تعرضه للتعذيب على أيدي رجال المكافحة في الزاوية، وقال إن محاكمته استغرقت أربعة أشهر، بما في ذلك فترات التأجيل، وشملت ست جلسات، لكنه لم يتمكن من الاستعانة بمحام موكل من المحكمة إلا في جلسة النطق بالحكم في يناير/كانون الثاني 2004. وكانت أول مرة يتحدث فيها مع المحامي في قاعة المحكمة، حيث قال "كنا قد طلبنا محامياً حكومياً منذ البداية، فقالوا إن معك مخدرات فلم لا يكون معك ما يكفي من المال لتوكيل محام على نفقتك الخاصة".[202]

وفي سجن ثان، قال مهاجر شاب من نيجيريا يُدعى إبراهيم لهيومن رايتس ووتش إنه عندما مثل أمام المحكمة في عام 2003 لحيازته الهيروين لم يسأله القضاة أية أسئلة ولم يتحدث هو بشيء. وأضاف إبراهيم إنه لم يكن معه محام ولا مترجم، ولذلك لم يفهم ما جرى في الجلسة. وقال إن القاضي في نهاية الأمر حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات وبغرامة مالية قدرها 1000 دينار.[203]

ويتفق المسئولون والمحامون الليبيون على أن الترجمة تمثل مشكلة نظراً لعدم وجود المترجمين المؤهلين، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تأخير مثول المتهم أمام المحكمة. وهناك مشكلة أكبر تتمثل في تراكم القضايا في القضاء الجنائي، وهو الأمر الذي يضطر معه الكثيرون إلى البقاء في الحجز لمدة قد تصل إلى سنة كاملة قبل المثول أمام المحكمة.

وفي مقابلة مع هيومن رايتس ووتش في محكمة استئناف بني غازي، قال أحد المحامين التابعين للمحكمة إن المحكمة إذا لم تجد أي مترجم لأجنبي يتكلم لغة غير مألوفة، فإنها تتعامل معه "وكأنه أصم"، على الرغم من أنه ليس من الواضح ما يعنيه ذلك بالضبط. وقال المحامي إن مثل هذه الحالات نادراً ما تحدث، "فعادة ما يجد المتهمون أصدقاء يتحدثون إليهم، أو ترسل إليهم سفارتهم مترجماً. وإذا أراد المتهم تغيير المترجم المكلف بالترجمة له، فلا بد أن يصر على ذلك".[204]

وقال النائب العام الليبي محمد المصراتي لهيومن رايتس ووتش إن رعايا الدول الأخرى لهم الحق في الاستعانة بمحامين، بما في ذلك الحق فيالاستعانة بمحامين تعينهم المحكمة إن لم يكن بوسعهم توكيل محامين على نفقتهم الخاصة، والحق في طلب إطلاق سراحهم من الحجز بكفالة ريثما تتم المحاكمة. ومن المفترض أن يدفع غير المواطنين رسماً في حالة توكيل محام من جانب المحكمة، لكنهم عادة ما يُعفون من ذلك.[205]

الظروف في السجون

يوجد في ليبيا حالياً 34 سجناً يُطلق عليها اسم "مراكز الإصلاح والتأهيل". وبالإضافة إلى ذلك، يدير جهاز الأمن الداخلي مراكز احتجاز أخرى للمشتبه فيهم والمسجونين أمنياً، مثل سجن أبو سالم في طرابلس. وقد صرح مدير مصلحة السجون الوطنية، العميد بلقاسم جرجوم، بأنه كان هناك 12.860 سجيناً في ليبيا في أواخر إبريل/نيسان 2005،[206] منهم 40 بالمئة من غير الليبيين.[207]

وقال عدد من السجناء والمحامين إن أوضاع السجون في ليبيا تحسنت في السنوات الأخيرة. فقد جددت الحكومة بعض المراكز، وشرعت منذ سبتمبر/أيلول 2004 في الاشتراك في مشروع مع المركز الدولي لدراسات السجون بتمويل من الحكومة البريطانية يهدف إلى "رفع مستوى حقوق الإنسان في السجون الليبية".[208]

وقد زارت هيومن رايتس ووتش خمسة سجون في ليبيا. وكان بكل منها ليبيون وأجانب، وبأحدهم نساء سجينات وهو سجن الكويفية في بني غازي. وكانت الظروف بصفة عامة تبدو مقبولة. ففي كل سجن قال السجناء إن المنطقة تم تنظيفها مؤخراً، وفي بعض الأماكن كانت رائحة الطلاء الجديد لا تزال محسوسة بقوة. وقال سجناء في سجن الجندوبة إن هناك منضدة لكرة الطاولة نُصبت في اليوم السابق على وصول باحثي هيومن رايتس ووتش.[209]

وعلى الرغم من أن الظروف تبدو مقبولة، فقد أعرب عدد من السجناء والمحتجزين على ذمة المحاكمة عن عدد من الشكاوى، كان أخطرها استخدام العنف البدني من جانب الحراس كنوع من العقاب. وإذا كان الضرب على سبيل العقاب لا يقتصر على غير المواطنين، فيبدو أنه يحدث بصورة أكثر تواتراًضد غير الليبيين. فقد قال أحد السجناء، "إذا شكوت فإنهم يضربونك بشدة لو كنت أفريقياً، فمن الصعب عليهم أن يضربوا ليبياً".[210] وقال سجين في سجن آخر لهيومن رايتس ووتش "إذا أثرت مشاكل فإن الحراس يضربونك. أنا شخصيا لم أتعرض للضرب مطلقاً، لكنني أرى ذلك يحدث مرتين أو ثلاث مرات أسبوعياً على الأقل". وأضاف أن الضرب يحدث في كثير من الأحيان عقب مخالفة السجناء للقواعد، وقال إن "السجناء يستخدمون الملاعق المسنونة كأسلحة ويشرعون في العراك، فيُعاقبون بوضعهم في الحبس الانفرادي ويتعرضون للضرب".[211]

ومن مهام مكتب النائب العام التحقيق في البلاغات الخاصة بالإيذاء من جانب الشرطة القضائية في السجون. وقد رأت هيومن رايتس ووتش صناديق الشكاوى في كل سجن زارته. واعترف العميد جرجوم بأن كل الحراس "ليسوا ملائكة"، لكنه قال إنهم يحققون في كل الشكاوى الخاصة بالإيذاء، ويعاقبون أو يحركون الدعوى القضائية ضد من يثبت أنه استخدم القوة بإفراط أو دون داع. وقال "لا ننكر وجود الاستخدام المفرط للقوة، ولكن إذا حدث ذلك فإن الضابط المسئول يُعزل من منصبه".[212]

وقال العميد جرجوم إن المشكلة الأساسية في السجون هي التكدس. وقد أفاد المركز الدولي لدراسات السجون بأن معدل الإشغال في السجون الليبية يبلغ 140 بالمئة.[213]

وقال معظم مواطني دول جنوب الصحراء الكبرى الإفريقية إنه لا توجد مشكلة عنصرية بين السجناء، وهو الرأي الذي يوافق عليه العميد جرجوم بقوله "لا توجد عنصرية، فكلهم مندمجون معاً". وفي سجن الكويفية في بني غازي، قال سجين مسيحي أجنبي لهيومن رايتس ووتش إن السلطات تسمح له بممارسه شعائره الدينية بحرية.[214]

وتقضي مواد اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية، التي انضمت إليها ليبيا كدولة طرف، بأنه يجب إخطار السفارات في حالة سجن أو احتجاز أي من رعاياها إذا طلب المحتجز ذلك.[215] إلا إن هيومن رايتس ووتش اكتشفت حالات لم يتم فيها هذا الإخطار على ما يبدو. فعلى سبيل المثال، قال رجل أجنبي في سجن الكويفية إن أخواته ووالديه في وطنه لا يعلمون شيئاً عن مكانه. وقال إنه لم يتمكن هو وستة آخرون من الاتصال بسفارتهم.[216] وقال رجل آخر لم يتمكن من الاتصال بسفارته لهيومن رايتس ووتش:

لا أعرف متى ماتت زوجتي. علمت بموتها في مايو/أيار من العام الماضي. كنت قد طلبت أن أراها فقالوا "للأسف إننا مضطرون أن نخبرك أنها ماتت". لدي طفلان توأم يتراوح عمرهما بين الخامسة والسادسة... ولا أعرف أين هما... أنا لم أتصل بسفارتي. وأعتقد أنهم يعرفون أننا هنا لكنهم لا يفعلون شيئاً.[217]

وتنحي الحكومة الليبية باللائمة على السفارات لإهمالها الاستجابة لاحتياجات رعاياها. وقد التقت هيومن رايتس ووتش في طرابلس بدبلوماسي من إحدى دول جنوب الصحراء الكبرى الإفريقية، قال إن الشرطة الليبية تقبض على الكثيرين من مواطني بلده، يصل عددهم إلى مئات كل أسبوع، حتى أن السلطات لا تخطر السفارات بصفة دورية. وفي بعض الأحيان تسمح له السلطات بزيارة السجن لكنهم لا يسمحون له إلا بزيارة المجرمين المحكوم عليهم، لا من ينتظرون المثول أمام المحكمة.[218]

ومن الطبيعي أن يحجم اللاجئون الذين ينتهي بهم الحال إلى السجن عن الاتصال بسفاراتهم إذا كانوا يخشون التعرض للاضطهاد من جانب الحكومة في أوطانهم. ولولا وصول مفوضية شؤون اللاجئين إلى السجون، لما وجد هؤلاء أية سلطة بديلة يتصلون بها طلباً للعون.[219]

وقد ذكر العميد جرجوم لمفوضية شؤون اللاجئين أن الحكومة الليبية رحلت 1800 أجنبي من الأفارقة وغير الأفارقة إلى مواطنهم في عام 2004. وقال إن بينهم عدداً من المجرمين المحكوم عليهم الذين تم ترحيلهم طبقاً للأحكام الصادرة ضدهم.

إعدام الأجانب

منذ وقت طويل يتحدث الزعيم الليبي معمر القذافي والحكومة الليبية عن إلغاء عقوبة الإعدام. وتنص المادة 8 من الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان، التي بدأ سريانها في عام 1988، على أن "غاية المجتمع الجماهيري إلغاء عقوبة الإعدام".

وقال علي عمر أبوبكر، أمين العدل حتى مارس/آذار 2006، إن الخبراء القانونيين يعكفون على إعداد قانون جديد للعقوبات يقلص عدد الجرائم التي يُطبق فيها الإعدام كعقوبة "إلى أقصى حد ممكن"، بحيث يبقى الإعدام قائماً فقط في حالات "الإرهاب" و"الجرائم الأشد خطراً".[220] وقال أبو بكر إن القانون الجديد سيُطرح على المؤتمرات الشعبية العامة للمراجعة بنهاية عام 2005، ومع ذلك، لم يكن قانون العقوبات قد قدم بعد بحلول مايو/أيار 2006. وقال أبو بكر إنه إلى أن يسري قانون العقوبات الجديد فإن الحكومة قد أوقفت في الواقع الفعلي تنفيذ أحكام الإعدام.[221]

وعلى الرغم من هذا الزعم، فما زالت الحكومة الليبية تنفذ حكم الإعدام في بعض السجناء. حيث تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى مصدرين ليبيين عليمين بهذه الحالات، لا يريدان الإفصاح عن هويتهما، فقالا إن السلطات أعدمت اثنين من النيجيريين أُدينا بالقتل العمد في إبريل/نيسان 2005.[222]

وفي منتصف يوليو/تموز، أعدمت السلطات الليبية أربعة مواطنين مصريين، هم عرفه علي عبد اللطيف، وماجد السعيد محمد وبركات عبد الظاهر وبسيوني أحمد الطيب. وكان الأربعة من بين 15 مصرياً حُكم عليهم بالإعدام في جريمة قتل عمد في عام 2004.

وليس لدى هيومن رايتس ووتش أية معلومات عن الرجال الذين تم إعدامهم، أو السجناء الآخرين في هذه القضية.[223] وفي يوليو/تموز أيضاً، أعدمت السلطات الليبية اثنين من المواطنين الأتراك، حسبما ذكرت وزارة الخارجية التركية التي أعلنت في 14 يوليو/تموز أن سليم أصلان ويونس أوزكان أُعدما لإدانتهما بجريمة قتل عمد ارتُكبت في عام 1995.[224]

واستفسرت هيومن رايتس ووتش من الحكومة الليبية عن عدد حالات الإعدام التي نفذتها السلطات في عام 2005، وعن عدد الأجانب منهم، ولكن بحلول 1 مايو/أيار 2006 لم تكن الحكومة قد ردت بعد.

IX. المعايير القانونية

القانون الليبي

في حقبة ما بعد الملكية اعتمدت ليبيا في 11 ديسمبر/كانون الأول 1969 إعلاناً دستورياًأُعد ليكون بمثابة تدبير انتقالي لحين اعتماد دستور دائم للبلاد.[225] ولكن حتى وقت كتابة هذا التقرير، كانت ليبيا لا تزال بلا دستورموحد، وتُحكم بالإعلان الدستوري إلى جانب سلسلة من القوانين الأساسية التي تُعتبر ذات ثقل دستوري. وتكفل هذه التشريعات في مجموعها كثير من حقوق الإنسان الأساسية، خاصة فيما يتعلق بحرية التعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها، على الرغم من وجود بعض الاستثناءات الملحوظة.[226]

وينص الإعلان الدستوري على الحق في العمل (المادة 4)، وحرمة المنازل (المادة 12)، والحق في التعليم (المادة 14)، والحق في الرعاية الصحية (المادة 15). أما فيما يتعلق بالقضاء، فتنص المادة 27 منه على إن الهدف من أحكام القضاء هو "حماية مبادئ المجتمع وحقوق الأفراد وكراماتهم وحريتهم". وتنص المادة 28 على ضمان استقلال القضاة، أما المادة 31 فتنص على أن أي شخص يُعتبر بريئاً حتى تثبت إدانته، وعلى ضرورة إتاحة الفرصة لإعداد الدفاع العادل، وكذلك على حظر "إيذاء المتهم أو المسجون جسمانياً أو نفسياً".

وفيما يتعلق بحقوق اللاجئين، تنص المادة 11 من الإعلان الدستوري على أن "تسليم اللاجئين السياسيين محظور".

أما القوانين الأخرى التي لها حجية دستورية فهي:[227]

إعلان قيامسلطة الشعب، المعتمد في 2 مارس/آذار 1977.

الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان في عصر الجماهير، المعتمدة في يونيو/حزيران 1988.

القانون رقم 20 بشأن تعزيز الحرية، الذي اعتُمد في عام 1991.

ويرى عدد من المحامين وأساتذة القانون الليبيين أن الإجراءات القضائية يجب أن تحترم هذه القوانين، وأن للمواطنين الحق في الاستئناف إذا انتهكت الحكومة الحقوق المكفولة بموجبها.[228]

وينص إعلان قيام سلطة الشعب على إنشاء نظام المؤتمرات الشعبية التي تشكل أساس "الديمقراطية المباشرة" في ليبيا، لكنه لا يتناول حقوق الإنسان بصورة مباشرة. أما الوثيقة الخضراء الكبرى فهي أكثر ارتباطاً بحقوق الإنسان، حيث إنها تضع المبادئ التوجيهية لمراجعة القوانين، على حد قول الحكومة الليبية. وينص القانون رقم 5 لعام 1991 بشأن تطبيق مبادئ الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان في عصر الجماهير على ضرورة تعديل جميع القوانين السارية قبل إعلان الوثيقة الخضراء الكبرى بما يتفق مع المبادئ المنصوص عليها في الوثيقة، وعلى ضرورة أن تكون جميع القوانين الجديدة أيضاً متفقة مع الوثيقة.[229] وترى الحكومة أن الوثيقة الخضراء الكبرى بذلك "تتمتع بحجية قانونية فيما يتعلق بالقوانين المسنة بعد أو قبل القانون رقم 5 لعام 1991".[230] وفضلا عن ذلك، فإن "أي فرد يمكنه الطعن في قانونية أي إجراء تشريعي لا يتوافق مع المبادئ المنصوص عليها في الوثيقة، &42;انون رقم 2 أصبح ساريا الآن.[236]

ولا ينص القانون رقم 6 على الشروط الواجب توافرها للحصول على تأشيرة الإقامة، إلا إن مسئولي الهجرة الليبيين أخبروا هيومن رايتس ووتش أن لائحته التنفيذية تشترط على الأجانب ما يلي للعمل بصورة قانونية في ليبيا:

1.إثبات أن العمل المقترح قيام الأجنبي به لا يستطيع أن يقوم به ليبي؛

2.إبرام عقد مع صاحب العمل؛

3.التسجيل لدى سلطات الضرائب؛

4.تقديم شهادة صحية تثبت خلو الأجنبي من أية أمراض معدية، بما في ذلك فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز).

ويتم إصدار تصاريح العمل لمدة سنة قابلة للتجديد.[237]

ويقضي القانون الجديد بأنه يتعين على أي أجنبي غير مستوف لهذه الشروط (وغير معفى منها بموجب اتفاق دولي) أن يسجل نفسه، وعندئذ يحصل على تصريح (بطاقة حمراء) يخول له الإقامة لفترة قصيرة مدتها ثلاثة أشهر، ويجب عليه خلالها أن يجد عملاً ويستوفي الشروط اللازمة للحصول على تصريح الإقامة (بطاقة خضراء). ومن الناحية النظرية، يوفر هذا النظام الحماية لحاملي البطاقات الحمراء أو الخضراء من القبض عليهم أو ترحيلهم، لكنه يعرِّض من لا يحمل هذه الوثائق لمخاطر كبيرة.

ولكن حتى بغض النظر عن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 2، فقد أفادت مفوضية شؤون اللاجئين بطرابلس في يونيو/حزيران 2005 أن الحكومة تطبق القانون الجديد لأنها أصدرت بطاقات حمراء لجميع اللاجئين الحاصلين على خطابات إثبات وضع اللجوء من المفوضية. ولا يزال من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت الحكومة ستطرد اللاجئين حاملي هذه الخطابات الذين لا يستوفون الشروط اللازمة للحصول على البطاقة الخضراء.

وتفصل المادة 16 من القانون رقم 6 الأسس التي تسمح لمدير عام الجوازات والجنسية بإلغاء تأشيرة الإقامة لأي شخص:[238]

1.إذا كان في وجوده ما يهدد أمن الدولة أو سلامتها في الداخل أو الخارج أو اقتصادها أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو كان عالة علي الدولة؛

2.إذا حكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الأمن العام؛

3.إذا خالف الشروط التي فرضت عليه عند منحه التأشيرة؛

4.إذا زال السبب الذي منحت من أجله التأشيرة.

وتورد المادة 17 من القانون الظروف التي يجوز فيها لمدير عام الجوازات والجنسية إبعاد شخص أجنبي من ليبيا، وهي:

1.إذا دخل البلاد بدون تأشيرة صحيحة؛

2.إذا امتنع عن مغادرة البلاد رغم انتهاء مدة الإقامة المرخص له بها ولم توافق الجهة المختصة علي تجديدها؛

3.إذا أُلغيت تأشيرة الإقامة الممنوحة له لأحد الأسباب المحددة في المادة السادسة عشرة من هذا القانون؛

4.إذا صدر ضده حكم قضائي بالإبعاد.

وقد أخطرت ليبيا لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أن الضمانات الواردة في المادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلقة بالطعن في قرار الإبعاد تنطبق على أي نوع من أنواع الإبعاد التي يجيزها القانون الليبي.[239] إلا إنها أضافت أن الطعن في الإبعاد يقتضي أن يكون الطاعن متمتعاً بوضع قانوني للدفاع عنه أصلاً، ومن ثم فإن هذه الضمانات لا تنطبق على الأجانب الذين يدخلون الأراضي الليبية بدون إذن.[240] كما أشارت ليبيا إلى أنه يجوز الطعن في قانونية ومحتوي أوامر الإبعاد "ما لم تكن هناك أسباب قوية متعلقة بالأمن القومي تستدعي خلاف ذلك"،[241] وأن حيثيات اتخاذ القرار بناء على تقدير السلطة المقررة فيما يتعلق بالوضع القانوني للأجانب "تقف وراءها أسباب تخص الدولة... تحمي بها الدول نفسها وراء جدار صلب من الحجج التبريرية التي يصعب التأكد منها وتخترق العلاقات القائمة بين الدول".[242]

وقال عدد من كبار مسئولي العدل إن قرارات ترحيل غير المواطنين أو إبعادهم "كثيراً" ما يُطعن فيها (تُقدم ضدها دعاوى استئناف) في المحاكم الليبية، وإن المحكمة العليا قد تناولت مثل هذه القضية بالمراجعة. وقد طلبت هيومن رايتس ووتش مرتين نسخاً من الأحكام القضائية المتعلقة بمثل هذه القضايا، لكنها لم تتلق بعد أياً من هذه النسخ.[243]

وتُعتبر المادة 18 من القانون رقم 6 ذات أهمية خاصة، حيث تبين إجراءات ترحيل الأجنبي، بما في ذلك السلطة الإدارية لاحتجازه:

لمدير عام الجوازات والجنسية أن يفرض علي الأجنبي الذي يقرر إبعاده الإقامة في جهة معينة أو تكليفه بالتردد علي أقرب جهة أمنية [مركز شرطة، على سبيل المثال] في المواعيد التي يحددها وذلك إلى حين إبعاده، كما يجوز له حجزه إلى أن تتم إجراءات الأبعاد. ولا يُسمح للأجنبي الذي تم إبعاده من الأراضي الليبية بالعودة إليها إلا بقرار مسبب من مدير عام الجوازات والجنسية.

وترتبط صلاحيات الاحتجاز الإداري المتعلقة بالأجانب في ليبيا "بإتمام إجراءات الإبعاد". ومن ثم ينبغي على السلطات إطلاق سراح من يستحيل على ليبيا إبعادهم بموجب القانون رقم 6. إلا إنه ليس من الواضح، في ضوء تعليقات ليبيا المقدمة إلى لجنة حقوق الإنسان التي سبقت الإشارة إليها، ما إذا كان مصطلح "الإبعاد" يشير إلى من كانوا يتمتعون بوضع قانوني (تأشيرة دخول، أو تأشيرة إقامة) فحسب، أم إلى إبعاد أي مهاجر لا يحمل إذناً من السلطات الليبية. ولا يوجد، على ما يبدو، نص آخر في القانون رقم 6 يغطي احتجاز أو ترحيل المهاجرين الذين لا يحملون إذناً بدخول ليبيا.

وتنص المادة 18 على بديل أقل تقييداً لاحتجاز الأشخاص في إطار عملية الإبعاد، مثل فرض قيود معينة على مكان إقامتهم أو فرض شروط معينة بخصوص مثولهم أمام السلطات.

كما تنص المادة 19 (المعدلة بالقانون رقم 2، الذي يرفع الغرامة المالية بمقدار العشر)على ما يلي:

مع عدم الإخلال بأية عقوبة اشد ينص عليها أي قانون آخر يعاقب بالحبس وبغرامة لا تزيد علي ألفي دينار[244] أو بإحدى هاتين العقوبتين:

كل من أدلى أمام الجهات المختصة بأقوال كاذبة أو قدم إليها بيانات أو أوراقاً غير صحيحة مع علمه بذلك ليسهل لنفسه أو لغيره دخول البلاد أو الإقامة فيها أو الخروج منها بالمخالفة لأحكام هذا القانون؛

كل من دخل البلاد أو بقى فيها أو خرج منها بدون تأشيرة صحيحة صادرة عن الجهات المختصة طبقاً لأحكام هذا القانون؛

كل من خالف الشروط المفروضة لمنح التأشيرة أو إطالة مدتها أو تجديدها؛

كل من بقي في البلاد بعد إبلاغه بمغادرتها من قبل الجهات المختصة طبقاً لأحكام هذا القانون؛

كل من استخدام أجنبياً دون مراعاة للأحكام الواردة بالمادة التاسعة من هذا القانون.

وهناك بعض النصوص الأخرى في القانون رقم 6 تتعلق بالأوضاع التي يتناولها هذا التقرير.[245]

ومرفق بالقانون رقم 6 "لائحة تنفيذية" يرد فيها، ضمن ما يرد، وصف لإجراءات الإبعاد وكيفية تنفيذها. وقد طلبت هيومن رايتس ووتش نسخة من هذه اللائحة التنفيذية، لكن الحكومة الليبية لم تكن قد استجابت لطلبها بحلول 1 مايو/أيار 2006.

وتفيد الأنباء بأن السلطات الليبية تحاول إعلام كل من الأجانب وأصحاب العمل الليبيين بالقانون رقم 6 والتعديلات ذات الصلة الواردة في القانون رقم 2، وهو الأمر الذي يشير إلى أن الحكومة تعتزم تطبيق القانون بحذافيره. وفي 10 مايو/أيار 2005، أعلنت اللجنة الشعبية العامة للأمن العام أن الأجانب المقيمين في ليبيا يجب أن يكونوا "حاصلين على التأشيرة اللازمة وإلا أُعيدوا إلى بلادهم". وقالت اللجنة في بيانها إن هناك ثلاث وثائق مطلوبة للعمل في ليبيا، وهي "تأشيرة سليمة، وجواز سفر سار وشهادة صحية معتمدة". كما أوضحت أن السلطات سوف تتخذ "الإجراءات اللازمة ضد أي شخص، حتى الأجانب أو مهربي الأشخاص الذين يخالفون القانون، بما في ذلك الحكم بالسجن لمدة تزيد على العام وبغرامة مالية تزيد على 2000 دينار ليبي [1250 يورو]".[246]

تشريعات محلية أخرى

من بين القوانين الأخرى التي تتعلق بالأجانب في ليبيا ما يلي:

القانون رقم 4 لعام 1985. يتعلق هذا القانون بوثائق السفر، ولكنه لا يتناول تطبيق المادة 6 من الاتفاقية الإفريقية للاجئين ولا يشير إليها، وهي المادة التي تلزم ليبيا بإصدار وثائق سفر إلى اللاجئين الموجودين على أراضيها. وفيما يتعلق باللاجئين، يشير القانون رقم 4 في مادته السابعة إلى إصدار وثائق السفر للفلسطينيين فحسب.

قرار مؤتمر الشعب العام رقم 247 لعام 1989 بشأن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 6 لعام 1987، الذي ينظم دخول الأجانب وإقامتهم. يحدد هذا القرار المنافذ الحدودية التي يمكن للأجانب أن يدخلوا ليبيا عبرها، إلى جانب شروط الدخول والرسوم المطلوبة. كما يحدد فئات الأجانب الذين لا يُسمح لهم بالدخول إلى ليبيا أو بمغادرتها.[247] وقد طلبت هيومن رايتس ووتش من الحكومة الليبية إعلامها بفئات الأجانب الذين لا يُسمح لهم بدخول ليبيا أو بمغادرتها، لكنها لم تتلق رداً من الحكومة الليبية حتى 1 مايو/أيار 2006.

القانون رقم 10 لعام 1989 بشأن حقوق وواجبات المواطنين العرب في الجماهيرية العربية الليبية. يمنح هذا القانون لكل مواطني الدول العربية الحق في دخول ليبيا والإقامة فيها، إلى جانب كل الحقوق والواجبات التي يتمتع بها المواطنون الليبيون.[248]

قرار مؤتمر الشعب العام رقم 260 لعام 1989 بشأن شروط التوظيف. يعطي هذا القرار أولوية لليبيين والعرب في مجال التوظيف. ويشترط لتوظيف الأجانب الحصول على موافقة مكتب التوظيف المركزي.[249]

قرار مؤتمر الشعب العام رقم 238 لعام 1989 بشأن العاملين الأجانب. يحظر هذا القرار توظيف أي أجنبي بدون موافقة مسبقة من مكتب التوظيف المركزي. كما ينص على الإجراءات والشروط الخاصة بتوظيف الأجانب.[250]

ليبيا والقانون الدولي

ادعت الحكومة الليبية مراراً أن المعاهدات الدولية التي صادقت عليها ونشرتها لها تأثير مباشر على نصوص القوانين المحلية، وأن لها أولوية على نصوص هذه القوانين (باستثناء القوانين الليبية المستمدة من الشريعة الإسلامية).[251] وتقول الحكومة إن أية معاهدة دولية وقعت عليها ليبيا، وصادق عليها مؤتمر الشعب العام ونُشرت في الجريدة الرسمية، "تكتسب قوة الإلزام، وتأخذ أولوية قانونية على نصوص التشريعات المحلية".[252] وفي حالة التضارب بين نصوص أي معاهدة دولية ليبيا طرف فيها والتشريعات المحلية "فإن أحكام المعاهدة الدولية تجُبُّ أحكام التشريعات المحلية".[253]

ومع ذلك، لم تجد هيومن رايتس ووتش، على مستوى التطبيق، ما يثبت أن المعاهدات الدولية لها أولوية على القانون الليبي. وقال عدد من المحامين والقضاة ومسئولي النيابة الليبيين لهيومن رايتس ووتش إنهم لم يستشهدوا بالقانون الدولي مطلقاً أمام المحاكم، وادعى بعضهم أن الإشارة للقانون الدولي لا داعي لها، لأن جميع الالتزامات الدولية تتجلى في القوانين الليبية المحلية.

وتجري حالياً مراجعة بعض القوانين الليبية من جانب الخبراء القانونيين. حيث قال أمين اللجنة الشعبية للعدل لهيومن رايتس ووتش، في إبريل/نيسان 2005، إن "هناك خططاً طموحة لإصلاح التشريعات لتوفيقها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان".[254] ولكن حتى مايو/أيار 2006، لم تكن أية تغييرات ملحوظة قدأُدخلت بعد.

التزامات ليبيا تجاه اللاجئين والمهاجرين بمقتضى معايير حقوق الإنسان

تحظر المادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[255]، التي يفصلها التعليق العام رقم 15 للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة[256]، الإبعاد التعسفي وتمنح كل أجنبي الحق في الحصول على قرار فردي بخصوص إبعاده أو طرده. كما تحظر الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (ويُشار إليها من الآن فصاعداً باسم "اتفاقية العمال المهاجرين") التي صادقت عليها ليبيا في عام 2004، الإبعاد الجماعي وتنص على ضرورة فحص أي حالة طرد لأجنبي أو لفرد من أفراد أسرته والبت فيها بصورة فردية (المادة 22).[257] وتنطبق هذه الحقوق بصرف النظر عما إذا كان العامل المهاجر مصنفاً على أنه "يحمل وثائق" أو "بلا وثائق".[258]

وعلى المستوى الإقليمي، كانت ليبيا واحدة من الدول التي اعتمدت الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (ميثاق بانجول)[259]في عام 1981، وبذلك أكدت مجدداً على عدد كبير من حقوق الإنسان الأساسية الواردة فيه، ومن بينها الحق في "]السعي[ و]الحصول[ على ملجأ في أي دولة أجنبية"، والحق في عدم الطرد من أي دولة "إلا بقرار مطابق للقانون"، وتحريم الطرد الجماعي لغير المواطنين "الذي يستهدف مجموعات عنصرية، عرقية ودينية".

ولم تنضم ليبيا إلى الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين المبرمة عام 1951 (ويُشار إليها من الآن فصاعداً باسماتفاقية اللاجئين)، ولا إلى بروتوكولها الصادر عام 1967. إلا إن ليبيا طرف في اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لعام 1969 التي تنظم جوانب معينة من مشاكل اللاجئين في إفريقيا (الاتفاقية الإفريقية للاجئين)، والتي توسع من مفهوم اللاجئ الوارد في اتفاقية اللاجئين لعام 1951.[260] وقد أُلقيت على عاتق ليبيا التزامات كبرى بموجب هذه الاتفاقية، ومن ثم ينبغي على الحكومة أن تطبق نصوصها على كل اللاجئين الموجودين على أراضيها مهما كانت جنسياتهم.

وإذا كانت الاتفاقية الإفريقية للاجئين تحتفظ بتعريف اللاجئ الوارد في اتفاقية اللاجئين وبروتوكولها - وهو من كان لديه "خوف مبرر من التعرض للاضطهاد" - فإنها توسع من تعريف اللاجئ بإدخال الفارين من "العدوان الخارجي أو الاحتلال أو الهيمنة الأجنبية أو الأحداث التي تخل إخلالاً خطيراً بالأمن العام في جزء من البلاد أو في كافة أراضيها...". وتنص المادة 1(6)، بما لا يدع مجالاً للبس، على مسؤولية الدول المتعاقدة على "تحديد ما إذا كان طالب اللجوء لاجئاً بالفعل" (وإن كان الاضطلاع بهذه المسؤولية كثيراً ما يتم بالاستعانة بمفوضية شؤون اللاجئين). وكما هو الحال في اتفاقية اللاجئين لعام 1951، فإن إحدى النقاط المهمة في التفسير هي أن المرء يصبح لاجئاً بصورة تلقائية إذا ما انطبق عليه هذا التعريف، ولا تتطلب هذه الحقيقة الواقعة إلا أن تقر بها الدولة المضيفة. ومن ثم فإن كون المرء لاجئاً وله حقوق اللاجئ ليس "منحة"، ويجب على الدولة الوفاء بالتزاماتها تجاه اللاجئين سواء أكان قانونها المحلي يسميهم "لاجئين" أم يسميهم غير ذلك.

ومن أبرز التطورات التي أدخلتها الاتفاقية الإفريقية للاجئين على اتفاقية اللاجئين وبروتوكولها أنها تناصر الحق في اللجوء (المادة 2).[261] لكنها من ناحية أخرى تلتزم الصمت النسبي حيال حقوق المهاجرين بمجرد وجودهم على أرض الدولة المتعاقدة، فلا تتضمن سوى 15 مادة (في مقابل 46 مادة في اتفاقية اللاجئين تتناول وضع اللاجئين بمزيد من التفصيل)، ومن ثم تغض الطرف عن بعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية الأساسية. وإذا كانت "الاتفاقية الإفريقية" للاجئين تنص على عدم التمييز (المادة 4) وعلى ضمان استخراج وثائق السفر (المادة 6)، فإن عدم وجود التزامات أخرى متعلقة بمضمون وضع اللاجئ في هذا الصك الإقليمي يجعل من المهم أن تنضم ليبيا إلى الاتفاقية الدولية أيضاً.

وتقر الفقرة 9 في ديباجة الاتفاقية الإفريقية للاجئين بأن اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وبروتوكولها الصادر عام 1967 يمثلان "الصك الأساسي العالمي المتعلق بوضع اللاجئين". وتنص المادة 8 من الاتفاقية الإفريقية للاجئين على ضرورة تعاون الدول المتعاقدة مع مفوضية شؤون اللاجئين، وتصف الاتفاقية بأنها "المكمل الإقليمي الفعال" لاتفاقية اللاجئين لعام 1951. وهذه الإشارات تدعم الرأي القائل بأن الدول المتعاقدة في إطار الاتفاقية الإفريقية للاجئين ينبغي أن تنضم أيضاً إلى الاتفاقية الدولية للاجئين، وأن تتعاون على أقل تقدير تعاوناً بناءًمع مفوضية شؤون اللاجئين.[262]ومن ناحية أخرى، لا تتضمن الاتفاقية الإفريقية للاجئين أية مواد تمنح مفوضية شؤون اللاجئين دوراً رقابياً فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاقية، على العكس من المادة 35 في اتفاقية اللاجئين. إذ تسند هذا الدور، إلى حد ما، لأمانة منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حالياً)، التي يفترض أن تتلقى معلومات وبيانات إحصائية عن أوضاع اللاجئين في كل دولة من الدول المتعاقدة.

وتتضمن المادة 2(3) أهم التزام يتعلق بالقانون الليبي وتطبيقه في إطار الاتفاقية الإفريقية للاجئين، ألا وهو الالتزام بعدم الإعادة القسرية، إذ تحظر حظراً مطلقاً "رد [اللاجئ] على الحدود، أو إرجاعه أو طرده، بما يضطره للعودة أو للبقاء في أرض تتعرض فيها حياته أو سلامته البدنية أو حريته للخطر للأسباب المنصوص عليها [في فقرة التعريف]".

كما صادقت ليبيا، في مايو/أيار 1989، على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (ويُشار إليها من الآن فصاعداً باسم اتفاقية مناهضة التعذيب).[263] وتحظر المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب الإعادة القسرية حظراً مطلقاً لما تنطوي عليه من خطر الوقوع تحت طائلة التعذيب، ولا توجد أية مبررات للاستبعاد من هذه الصورة من صور الحماية.

وتعد ليبيا أيضاً طرفاً في اتفاقية حقوق الطفل،[264] التي تتضمن نصوصاً محددة تتعلق بالأطفال اللاجئين في المادة 22.[265] وقد دعت كل من لجنة القضاء على التمييز العنصري ولجنة حقوق الطفل ليبيا مؤخراً إلى المصادقة على اتفاقية اللاجئين وتوسيع نطاق تعاونها مع مفوضية شؤون اللاجئين.[266]

وفي عام 2004، صادقت ليبيا على الاتفاقية الدولية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وبروتوكوليها المتعلقين بتهريب المهاجرين والاتجار في الأشخاص. وبناء على ذلك، تبحث ليبيا سن قانون جديد،لم يتم التوقيع عليه بعد، يفرض عقوبات أشد على مهربي الأشخاص.[267]

المساواة في تطبيق الالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان على غير المواطنين

تقع على عاتق ليبيا مجموعة من الالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان التي تنطبق بالتساوي على المواطنين وغير المواطنين.[268]

فهناك اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تنطبق برمتها على غير المواطنين مثلما تنطبق على المواطنين في نطاق اختصاص الدول الأطراف، مثلها في ذلك مثل المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة)، والمادة 10 منه (معاملة المحرومين من الحرية معاملة إنسانية واحترام الكرامة الإنسانية). وثمة التزام آخر ينطبق بالتساوي وهو حظر الاحتجاز التعسفي بموجب المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو الحظر الذي أُدرج أيضاً في الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، الصادر عام 1981 واتفاقية حقوق الطفل.[269] وتلزم اتفاقية العاملين المهاجرين الدول الأطراف باحترام مجموعة من حقوق الإنسان للمهاجرين وأسرهم على أساس عدم التمييز، بما في ذلك الحق في عدم الاحتجاز التعسفي. كما تنص على حماية المهاجرين المحتجزين بصورة قانونية من التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة.

ويوضح الفقه القانوني في شتى أنحاء العالم، إلى جانب قرارات الدورات المتعاقبة للجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، أن تحريم الاحتجاز التعسفي ينطبق على الحالات المتعلقة بالهجرة.[270] وكما سبقت الإشارة، فإن القانون الليبي لا يرى غاية لاحتجاز المهاجر الذي يدخل ليبيا بصورة غير مشروعة إلا إبعاده عن البلاد؛ ومن ثم فإن جميع أشكال احتجاز المهاجرين يجب أن تكون ضرورية ومتناسبة مع هذه الغاية.

كما أن ليبيا طرف في اتفاقية القضاء على التمييز العنصري،[271] التي تنص في بنودها على ضرورة قيام الدول الأطراف بتوفير الضمانات الفعالة للحماية من التمييز العنصري والتعويض عنه في كافة مناطق اختصاصها، بما في ذلك غير المواطنين. وفي الملاحظات الختامية للجنة القضاء على التمييز العنصري في مارس/آذار 2004، أشارت اللجنة إلى أن ليبيا ليس لديها تشريع شامل لمنع التمييز العنصري أو تحريمه أو التعويض عنه.[272]

X. دور الاتحاد الأوروبي وإيطاليا

يركز هذا الفصل على البعد الأوروبي، وبخاصة البعد الإيطالي، للهجرة واللجوء في ليبيا. وهو ينظر في الأسلوب الذي اتبعه الاتحاد الأوروبي في الارتباط بليبيا كشريك له في البرنامج الذي وضعه لما يسمى "الإخراج"، ويُقصد به سعي الاتحاد الأوروبي إلى منع الكثيرين من طالبي اللجوء من الوصول إلى الأراضي الأوروبية أو إعادة من ينجحون في ذلك فور وصولهم. وهو يفحص أيضاً كيف تسبق إيطاليا الاتحاد الأوروبي في تعاونها الثنائي مع ليبيا، إذ تعمل على تدعيم قدرات ليبيا على اعتراض طريق الأشخاص الذين يحاولون الوصول إلى السواحل الإيطالية.

وتقوم الحكومة بتنفيذ سياسة احتجاز إلزامية للمهاجرين وطالبي اللجوء الذين لا يحملون وثائق، كما قامت بعمليات طرد جماعية أعادت بها الأشخاص إلى ليبيا، منتهكة بذلك التزامات إيطاليا في مجالي حقوق الإنسان واللجوء. وتتضمن الانتهاكات المرتكبة في المعتقل الإيطالي بجزيرة لامبيدوزا سوء أحوال المعتقل ومسلسل الطرد الجماعي إلى ليبيا دون النظر في طلبات اللجوء.

برنامج الاتحاد الأوروبي "للإخراج"

بدأ بعض راسمي السياسات في أوروبا منذ منتصف الثمانينيات في إتباع فكرة "إخراج" استضافة طالبي اللجوء الذين يصلون إلى أراضي الاتحاد الأوروبي أو الموجودين سلفاً فيها[273]. وتتخذ فكرة الإخراج ثلاث صور أساسية تتداخل فيما بينها:

1.مفهوم البلد الثالث المأمون: ويقصد به إعادة طالبي اللجوء إلى بلدان من غير بلدان الاتحاد الأوروبي يُفترض أنها مأمونة، وهي التي يعبرونها أثناء قدومهم إلى أوروبا، وكان ذلك، وبصورة متزايدة، دون اكتراث يذكر لتمتعهم بالحماية الفعالة فيه أم لا. والذين يُعادون إلى البلدان المأمونة المزعومة كثيراً ما يتعرضون للمزيد من الترحيل إلى بلدان ذات قدرة أقل على الفصل بإنصاف في مطالبهم أو على تلبية حاجاتهم الأساسية. وقد طبق عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مفهوم البلد الثالث المأمون في بعض الأحيان، استناداً إلى شبكة من الاتفاقات الثنائية والمتعددة الأطراف لإعادة دخول الأشخاص، ومعظمها لا يتضمن ضمانات تذكر لطالبي اللجوء[274].

2."بناء القدرات": وهو وثيق الصلة بمفهوم البلد الثالث المأمون، ويعني الانتفاع بمعونة التنمية في إيجاد ظروف الحماية الكافية في بلد ثالث، بحيث يسمح للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بعقد اتفاقات مع حكومته حول إعادة دخول الأشخاص. وهكذا يُعاد طالبو اللجوء إلى بلدان تستطيع تلبية الحد الأدنى من حاجاتهم. وتتضمن هذه الصورة عنصراً إيجابياً هو البناء الوقائي للقدرات، وتعني تقليل عدد المهاجرين واللاجئين الذين يشعرون بضرورة سلوك طرق المهربين الخطرة، وتتاح لهم بدرجة أكبر فرصة التمتع بالحماية في المنطقة. ولكن معظم المساعدة المقدمة لبناء القدرات من بلدان الاتحاد الأوروبي إلى البلدان المضيفة للاجئين والبلدان التي يعبرونها كانت موجهة إلى تدعيم الرقابة على الحدود وفرض ضوابط الهجرة[275].

3."نقل العمليات للخارج": تقضي هذه الصورة بإرسال جميع أو معظم طالبي اللجوء الذين يصلون أو يقدمون طلباتهم في دول الاتحاد الأوروبي إلى بلد خارج الاتحاد الأوروبي حتى يقوم المسئولون الذين يُعَيِّنُهُم الاتحاد الأوروبي بالنظر في طلباتهم، بمعنى إرسال طالبي اللجوء إلى مراكز فحص "عبورية" في بلدان خارج الاتحاد الأوروبي بغض النظر عن كونهم مروا في هذه البلدان أم لا. وهكذا لا تتحمل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التزامات قانونية تجاه حماية اللاجئين، بل يكون من حقها اختيار اللاجئين الذين سوف تقبلهم وتحديد عددهم. ويكاد يكون من المؤكد في هذه الحالة أن تقل كثيراً حقوق طالبي اللجوء في إتباع إجراءات الاستئناف وحقوق توكيل المحامين. وإذا كان الذين يصادف التوفيق طلباتهم سوف يعاد توطينهم في دولة من دول الاتحاد الأوروبي، على أساس الحصص المخصصة لكل منهما، فالأمر يكتنفه بعض الغموض فيما يتعلق بالمدة التي قد يكون عليهم قضاؤها في انتظار تلقي أي عرض بإعادة التوطين، أو كيف يُعاملون إذا ثبت أنهم لاجئون ولم تقدم أي عروض بإعادة التوطين، أو ماذا يحدث لطالبي اللجوء الذين لم يوفقوا.

وفي مارس/آذار 2003 اقترحت المملكة المتحدة إنشاء "مراكز فحص عبورية" في شتى الدول المحيطة بالاتحاد الأوروبي بحيث يمكن لدول الاتحاد الأوروبي أن تعيد إليها طالبي اللجوء للبت في طلباتهم خارج أراضي هذه الدول[276]، وهو منهج يرمي إلى "تدعيم الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي" ويعني نقل طالبي اللجوء إليها، مهما يكن طريق سفرهم، وكذلك السماح بإعادة دخول كل من يثبت أنه قد عَبَر الدولة "الحاجزة" المعنية. وأبدت الدانمرك وهولندا ترحيباً بالاقتراح، وإن كانت دول أخرى مثل فرنسا وألمانيا والسويد أقل تأييداً له. وكان الاقتراح يقبل تقليل الضمانات الإجرائية (حقوق استئناف محدودة، وعدم الاتصال بالمحامين ... إلخ) وينص على ضرورة احتجاز من يُرَدُّون على أعقابهم. ولكن اقتراح المملكة المتحدة قد أقر بعدم جواز إعادة طالبي اللجوء إلى مراكز الفحص العبورية أو "مناطق الحماية الإقليمية" إذا كانوا سوف يتعرضون للمعاملة القاسية واللاإنسانية.

وفي صيف 2004 اقترح وزيرا داخلية ألمانيا وإيطاليا قيام الاتحاد الأوروبي بإنشاء مراكز لفحص حالات اللاجئين في شمال إفريقيا. وعند عرض الفكرة على وزراء العدل والداخلية بالاتحاد الأوروبي في اجتماعهم الذي عقد في هولندا في يومي 30 سبتمبر/أيلول وأول أكتوبر/تشرين الأول 2004، تباينـت ردود الفعل إزاءها، ورفضتها فرنسا والسويد وبلجيكا[277]. وفي اجتماع وزراء العدل والداخلية في المملكة المتحدة يوم 9 سبتمبر/أيلول 2005، عاد وزير الخارجية الألماني أوتو شيلي إلى تقديم فكرة فحص طالبي اللجوء في مراكز تُقام في شمال إفريقيا وأبدى الوزراء مساندتهم لخطة قدمتها اللجنة الأوروبية تتضمن أربع نقاط أساسية هي: الإسراع بطرد المهاجرين غير الشرعيين، وزيادة اندماج المهاجرين بصورة قانونية في المجتمع، وتدعيم قدرات الدول من غير أعضاء الاتحاد الأوروبي في مجال اللجوء، ومساعدة البلدان النامية على التحكم في تدفقات المهاجرين منها[278].

ورفضت بلدان العبور، مثل ليبيا، فكرة استقبال طالبي اللجوء إلى أوروبا دون مقابل مادي كبير. وأدت هذه المقاومة، وما صاحبها من الاعتراضات القانونية والأخلاقية التي أبداها المدافعون عن اللاجئين، وأجهزة الإعلام، وحكومات الاتحاد الأوروبي الأخرى، إلى رفض الفكرة تماماً.

الدور المنوط بليبيا كشريك للاتحاد الأوروبي في التعامل "الخارجي" مع اللاجئين

يعتمد الاتحاد الأوروبي حالياً على الصورتين الأولى والثانية من صور نموذج "الإخراج"، أي التركيز على اعتراض طريق المهاجرين قبل وصولهم إلى دول الاتحاد الأوروبي وإعادتهم فوراً إذا وصلوا[279]، وكان الاتحاد الأوروبي ولا يزال ينمي مشاركته للحكومة الليبية في هذا الصدد.

ويجري هذا التعاون في أثناء الانفراج المطرد في العلاقات بين ليبيا والاتحاد الأوروبي في السنوات القليلة الماضية. ففي إبريل/نيسان 1999 قرر المؤتمر الثالث لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ودول البحر المتوسط أنه يمكن قبول ليبيا شريكاً فيما يسمى "عملية برشلونة"[280] التابعة للاتحاد الأوروبي بشرط قبول ليبيا لاتفاق برشلونة برمته[281]. وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول 2004 رفع الاتحاد الأوروبي العقوبات الاقتصادية عن ليبيا، بما في ذلك حظر توريد الأسلحة، التي كانت مفروضة منذ 1992[282].

وفي اليوم نفسه وافق مجلس الاتحاد الأوروبي على الشروع في سياسة الارتباط بليبيا في شؤون الهجرة، وقرر إرسال بعثة فنية إلى ليبيا "لفحص الترتيبات الخاصة بمكافحة الهجرة غير القانونية"[283]. وفي أعقاب ذلك أرسل الاتحاد الأوروبي بعثة إلى ليبيا في الفترة من نوفمبر/تشرين الثاني إلى ديسمبر/كانون الأول 2004 "لفحص الترتيبات الخاصة بمكافحة الهجرة غير القانونية"، ويستشهد هذا التقرير في شتى أجزائه بالنتائج التي توصلت إليها تلك البعثة.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2004 أيضاً اعتمد المجلس الأوروبي برنامج لاهاي الذي يدعو إلى اتخاذ منهج شامل إزاء اللجوء والهجرة، بما في ذلك طلب تكليف المفوضية الأوروبية بدراسة "مزايا، وملاءمة، وجدوى الفحص المشترك لطلبات اللجوء خارج أراضي الاتحاد الأوروبي". كما اقترح وضع وثيقة "للجوار والشراكة الأوروبية" بهدف "تكثيف التعاون والحوار في شؤون اللجوء والهجرة مع البلدان المجاورة وغيرها من بلدان حوض البحر المتوسط"[284].

ولكن ما يقوله الاتحاد الأوروبي عن أهمية مراعاة معايير حقوق الإنسان كشرط للتعاون في شؤون الهجرة لا يسانده التعاون الذي يجري في الواقع. ففي اجتماع عقده مجلس وزراء العدل والداخلية بالاتحاد الأوروبي يومي 2-3 يونيو/حزيران 2005، وافق المجتمعون على ما انتهى إليه المجلس الأوروبي من التعاون مع ليبيا في قضايا الهجرة، قائلين إن أي تعاون مع ليبيا في شؤون الهجرة سوف يظل "محدود النطاق، ويجري على أسس فنية، ومخصصاً لحالات بعينها" ما دامت ليبيا لم تنضم انضماماً كاملاً إلى عملية برشلونة. وأشاروا في نفس الوقت إلى استعدادهم للمضي قُدُماً في اتخاذ سلسلة من التدابير المخصصة، حتى ولو كانت ليبيا أبعد ما تكون ع&633;بقاً للتعاون سواء كان قيام ليبيا بتوقيع وتنفيذ اتفاقية اللاجئين، أو كان تعاونها مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، أو كان تنفيذها لاتفاقية العمال المهاجرين. وإزاء غياب أي دور متفق عليه بوضوح للمفوضية السامية، فإن اهتمام دول الاتحاد الأوروبي بتقديم التدريب في قضايا اللجوء و"أفضل الممارسات" في طرد المهاجرين غير الشرعيين إلى ليبيا، اهتمام لا يبعث على الثقة. كما إن إيطاليا نفسها تواصل طرد الأشخاص وإرسالهم دون وجه حق إلى ليبيا، وإنكار حق بعض من وصلوا إلى معتقل جزيرة لامبيدوزا في التقدم بطلب اللجوء، على الرغم من إدانة المفوضية السامية لذلك، وكذلك البرلمان الأوروبي، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (انظر "البعد الإيطالي" أدناه).

إن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي تستقبل معظم المهاجرين العابرين وطالبي اللجوء من ليبيا، وعلى رأسها إيطاليا، لا ترغب في الدعوة إلى وضع ضمانات فيما يتعلق بحماية اللاجئين أو باحتجاز وطرد المهاجرين من ليبيا. فإن من شأن هذه الضمانات إعاقة الطرد العاجل للأشخاص الذين أعادتهم بنفسها قسراً إلى ليبيا، أو الذين اعترضت ليبيا طريقهم بتشجيع من هذه الدول ومعاونتها.

ولكن هناك بعض بوادر الأمل؛ فإلى جانب سعي الاتحاد الأوروبي إلى تدعيم ضوابط الحدود الليبية ورقابتها، فإنه يتحدث عن زيادة حماية اللاجئين في ليبيا. فعلى سبيل المثال، كانت البعثة الفنية التي أرسلها الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا في نوفمبر/تشرين الثاني ديسمبر/كانون الأول 2004، صريحة في الإقرار بالمشاكل القائمة، ومن بينها عدم قيام ليبيا بالبتِّ في حالة كل شخص على حدة قبل ترحيل المهاجرين غير الشرعيين. وأشار تقرير البعثة إلى "ضرورة تطبيق منهج شامل طويل الأجل فيما يتعلق بالهجرة، وينبغي أن يتضمن أيضاً ... حماية اللاجئين". وانتهى إلى أن "الاعتراف الكامل من جانب ليبيا بمكانة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من شأنه أن يمثل خطوة أولى في هذا الصدد"[292]. وقد انعكس جانب من هذه النتيجة في النتيجة التي توصل إليها اجتماع مجلس وزراء العدل والداخلية في يونيو/حزيران 2005، وهي التي تدعو السلطات الليبية إلى "إبداء التزام صادق بما تتحمله من التزامات بموجب اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية التي تخضع لها الجوانب المحددة من مشاكل اللاجئين في إفريقيا، وهي التي تقر بأن اتفاقية جنيف للاجئين تمثل الوثيقة الأساسية والعالمية المتعلقة بوضع اللاجئين، وتقضي بالتعاون الفعال مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للأمم المتحدة وباحترام مبدأ 'عدم الطرد أو الرد'"[293].

ويعتبر تحويل ليبيا إلى بلد مأمونٍ للُّجوء الأول هدفاً محموداً من حيث تعزيز حماية اللاجئين، لا من حيث كونه هدفاً اسميًّا ترمي إليه دول الاتحاد الأوروبي من أجل مصلحتها الخاصة، أي جعل ليبيا مقصداً أكثر ملاءمة لإعادة دخول الأشخاص. والخطط التي وضعها الاتحاد الأوروبي من أجل تحقيق "الحماية في المنطقة" لا تسعى فقط إلى تحسين الحماية في دول العبور، بل إنها تقوم أيضاً على الفكرة التي تقول بأن "التحركات فيما بين القارات يندر أن تكون ضرورية لأسباب تتعلق بالحماية وحدها" حتى قبل إتمام التحسينات المذكورة[294].

وكما سبقت مناقشته في هذا التقرير، فإن عدداً من التزامات ليبيا بموجب المعاهدات يعني أن عليها التعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وفي 9 أغسطس/آب 2005 وقعت ليبيا مذكرة تفاهم مع المنظمة الدولية للهجرة تقضي بأن يكون لهذه المنظمة وجود في ليبيا، ومن ثم افتتحت المنظمة لها مكتباً في طرابلس في إبريل/نيسان 2006[295]. وقالت المنظمة إن الاتفاق يتضمن أحكاماً بشأن "حقوق المهاجرين، وقانون الهجرة الدولي، والمعونة الفنية وبناء القدرات من أجل إدارة الهجرة"[296]. ووافقت الحكومة الإيطالية على تمويل مشاريع رائدة للمنظمة في ليبيا[297]. وقالت المنظمة إن مشاريع المستقبل سوف يكون من بينها تقديم المساعدة في العودة الطوعية، وبرامج قادرة على الاستمرار لإعادة الاندماج في المجتمع للمهاجرين غير النظاميين في ليبيا، وحملات إعلامية موجهة إلى من يمكن أن يكونوا مهاجرين غير نظاميين، ومشاريع لتوليد الدخل لمن يمكن أن يصبحوا مهاجرين في البلدان المجاورة لليبيا.

وفي مايو/أيار 1997 وقعت المنظمة الدولية للهجرة مذكرة تفاهم مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، وافقت فيها على عدم المشاركة في تدابير تتعارض مع الشواغل الإنسانية للمفوضية"[298]. ومن ثم فإن من واجب المنظمة المذكورة تحديد طالبي اللجوء وإحالتهم إلى المفوضية.

واقترحت المنظمة المذكورة مجموعة من الأنشطة في ليبيا، يشار إليها بالمختصر "TRIM" (الذي يعني "إدارة الهجرة العابرة وغير النظامية") وتقضي بتنفيذ مشاريع لتحسين الأحوال في مراكز استقبال المهاجرين غير النظاميين، وتقديم المنظمة للمساعدة في إعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية من خلال برنامج لديها يسمى برنامج المساعدة على العودة الطوعية وإعادة دخول الوطن. وخصصت المنظمة الدولية للهجرة مبلغ 3.59 مليون دولار في طلب ميزانيتها لعام 2005 لمشاريع 'TRIM' في ليبيا[299]. وتشارك المنظمة حالياً في مجال التدريب بأكاديمية الشرطة على الرقابة على الحدود، والوثائق المزورة، كما "قدمت المساعدة في العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين الذين يعبرون ليبيا في طريقهم إلى جنوب أوروبا"[300].

وعلى الرغم من التزام الاتحاد الأوروبي والمنظمة الدولية للهجرة، قولاً أو فعلاً، بتعزيز دور المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في ليبيا، فيبدو أن كلاهما قد بدأ في تنفيذ مشاريع تتناقض مع هذا الالتزام. ويرجع هذا، إلى حد ما، إلى أن العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الأشد تضرراً من وصول المهاجرين العابرين وطالبي اللجوء عن طريق ليبيا ليست حريصة على إعاقة طرد الأشخاص الذين أعادتهم إيطاليا دون وجه حق، أي إعاقة إرسالهم إلى بلدانهم الأصلية. ويتضمن هذا عدم الرغبة في قيام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بفحص حالات هؤلاء المستبعدين للبت فيما إذا كانت الحكومة الإيطالية قد حرمت أي فرد في لامبيدوزا من حقه في التقدم بطلب اللجوء.

تحفظات ليبيا على التعاون مع الاتحاد الأوروبي

ترى الحكومة الليبية أن الموارد التي يريد الاتحاد الأوروبي أن تخصصها ليبيا للرقابة على الهجرة كبيرة إلى درجة غير معقولة، فالمساهمات التي قدمتها إيطاليا حتى الآن لا تمثل إلا نسبة صغيرة من التكاليف الكلية. وقال مسئولو الهجرة الليبيون لهيومن رايتس ووتش في منتصف عام 2005 إن الاتحاد الأوروبي لم يقدم إلا تسعة ملايين يورو لوقف الهجرة غير القانونية، وإنهم يعتبرون هذا المبلغ ضئيلاً إلى حد مضحك، إذا قورن بالأبعاد الهائلة للمشكلة. وقد سخر من ذلك علي امدورد قائلاً "لا يكاد يكفي مليون أو مليونا يورو لحفر بئر واحدة أو بناء مأوى واحد"[301].

وربما كانت الحكومة الليبية تحاول إقناع الاتحاد الأوروبي بدفع المزيد من المال، في تركيزها على معالجة الأسباب الجذرية للنزوح القسري والهجرة لأسباب اقتصادية. وقال هادي خميس، رئيس مخيمات الترحيل الليبية "إننا نريد التعاون مع الاتحاد الأوروبي للمساعدة في التنمية في البلدان الأصلية"[302].

واتساقاً مع هذا الرأي طالب المؤتمر الشعبي العام في عام 2004 بعقد اجتماع قمة بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، تستضيفه ليبيا، لمناقشة سبل توفير "الحياة المستقرة الكريمة" للناس في أوطانهم (وإن لم يعقد مؤتمر القمة المقترح إلى الآن). وتزعم الحكومة الليبية أنها سوف تنفق مبلغاً يتراوح بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار أمريكي على التنمية في الدول الإفريقية التي تعتبر مصدر اللاجئين والمهاجرين[303]. كما تقدم الحكومة مساعدات إنسانية؛ ففي أكتوبر/تشرين الأول 2004 أرسلت ثماني شاحنات تحمل المعونة إلى مخيمات اللاجئين في شرقي تشاد. وتوجد برامج أخرى لتقديم الأغذية في بوركينا فاسو، والنيجر، ومالي، والسودان[304].

وفيما يتعلق بفحص حالات طالبي اللجوء "خارج أراضي" الاتحاد الأوروبي، أجاب شكري غانم إجابة صريحة عندما سألته هيومن رايتس ووتش إن كانت ليبيا تقبل يوماً ما إقامة أمثال مخيمات الفحص المذكورة في أراضيها قائلاً: "ولماذا نقبل؟ نحن لا نريد أن نكون سلة مهملات أوروبا"[305].

البُعد الإيطالي

يُعتبر التعاون الثنائي بين ليبيا وإيطاليا في مجالي الهجرة واللجوء أكثر تقدماً من ترتيبات التعاون التي تمخضت عنها المفاوضات حتى الآن بين ليبيا والاتحاد الأوروبي. فلقد كانت إيطاليا ترغب منذ عام 1999 في تدعيم تدابير اعتراض الأشخاص داخل ليبيا، وقد تطورت تلك الرغبة في السنوات الثلاث الماضية حتى غدت سياسةً لاحتجاز الأجانب الذين لا يحملون وثائق واستطاعوا عن طريق ليبيا الوصول إلى السواحل الإيطالية، ومن ثم طردهم إلى ليبيا.

وتعاون إيطاليا مع ليبيا ينبع من النظرة العامة لدى الجمهور ولدى بعض رجال الحكومة، وهي التي تقول إن طالبي اللجوء "يقتحمون" سواحل إيطاليا، وذلك إلى حد كبير مثلما كان الناس يخشون "الغزو" من شرقي أوروبا بعد عام 1989، وتقول إن جهاز التعامل مع اللاجئين والمهاجرين يتحمل فوق طاقته. ولكن الإحصائيات تبين أن حجم التدفق الجماعي المزعوم أصغر مما شاعت الخشية منه. ففي عام 2005 كانت إيطاليا تحتل المرتبة الثامنة بين دول الاتحاد الأوروبي الخمس والعشرين من حيث عدد طلبات اللجوء التي تلقتها (9500) والمرتبة الثامنة عشرة من حيث نسبة هذا العدد إلى كل ألف من السكان (0.2)[306]. وقد ظل عدد طلبات اللجوء يهبط باطراد منذ عام 2002، وهو العام الذي بلغ فيه الذروة فكان 16020 طلباً.

وبالإضافة إلى ذلك فقد دخلت نسبة مئوية ضئيلة نسبياً من الأجانب الذين لا يحملون وثائق إلى إيطاليا بحراً بصورة غير قانونية. وطبقاً لما ورد في تقرير حكومي إيطالي، فإن معظم الأجانب الذين لا يحملون وثائق في إيطاليا كانوا قد دخلوا البلد بصورة قانونية من منفذ بري على الحدود، وأصبحوا بلا وثائق عندما انتهت فترة تأشيرات دخولهم أو عندما تجاوزوا مدة الإقامة المنصوص عليها في تصاريح إقامتهم. ولم يدخل البلد بصورة غير قانونية عن طريق البحر إلا 10 في المائة فقط من العمال الذين لا يحملون وثائق[307].

ويتمثل أحد الأسباب الأساسية لموقف إيطاليا المتشدد في اتفاقية دبلن التي أدت منذ عام 1998 إلى قيام دول الاتحاد الأوروبي الأخرى بالإعادة إلى إيطاليا طالبي اللجوء الذين جاءوا إليها عن طريق إيطاليا[308]. إذ أحالت اتفاقية دبلن إيطاليا من بلد عبور إلى بلد يقصد لذاته، وإيطاليا تحاول منذ مدة تحويل البلد التالي لها بنفس الصيغة، وهو ليبيا.

ففي يوم 13 ديسمبر/كانون الأول 2000 توصلت ليبيا وإيطاليا إلى اتفاق عام على مكافحة الإرهاب، والجريمة المنظمة، وتجارة المخدرات، والهجرة غير القانونية[309]. وفي فبراير/شباط 2003 أنشأت إيطاليا مركز اتصال دائم مع ليبيا بشأن الجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية. وقال وزير الداخلية الإيطالي للبرلمان الإيطالي في يونيو/حزيران ما يلي: "بعد مفاوضات طويلة ومعقدة، توصلنا إلى اتفاق مع ليبيا حول المبادرات العملية اللازمة للسيطرة على الحدود البرية، من أجل أعمال التصدي في البحر، ومن أجل القيام بنشاط مشترك للتحقيق في المنظمات الإجرامية المشتغلة بالاتجار في المهاجرين غير الشرعيين"[310].

وقد أنفقت الحكومة الإيطالية في عام 2003 وحده ما يربو على 5.5 مليون يورو على التعاون مع ليبيا في شؤون الهجرة[311]. وقامت إيطاليا بعد ذلك بتقديم التدريب والمعدات اللازمة لوقف الهجرة غير القانونية، وتمويل إنشاء مركز استقبال للمهاجرين دون وثائق في ليبيا[312]. وتقول المفوضية الأوروبية إن هذا المخيم، الذي يجري إنشاؤه منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2004، سوف "يتمشى مع المعايير الأوروبية" وإن كنا لا نعرف بوضوح أية معايير تقصدها. وتعتزم إيطاليا تمويل مخيمين آخرين في الجنوب، في الكفرة وفي سبها[313].

وفي أغسطس/آب 2004 قام رئيس الوزراء الإيطالي آنذاك، سيلفيو بيرلسكوني، بزيارة إلى طرابلس وعقد اجتماعاً مع العقيد معمر القذافي دام خمس ساعات، وحظي بدعاية كبيرة[314]. ولم يؤكد أي من الجانبين مسألة الهجرة باعتبارها موضوع الاجتماع ولكن إيطاليا وافقت على تقديم التدريب والتكنولوجيا والمعدات لمساعدة ليبيا في قمع الهجرة غير النظامية (وكان وزير الداخلية الإيطالي بيزانو قد زار ليبيا في الشهر السابق). ومن جديد كانت الصفقة تسبق أي اتفاق مع الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يضع شروطاً مسبقة لضمان صحة معاملة الذين يحتاجون إلى الحماية الدولية.

ولا تزال تفاصيل الاتفاق الثنائي المعقود في أغسطس/آب 2004 مجهولة. ورفضت إيطاليا الإعلان عنها على الرغم من الطلبات المعلنة التي أرسلت إليها من البرلمان الأوروبي، ومن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ومن المنظمات غير الحكومية، ومنها هيومن رايتس ووتش. وطبقاً لما يقوله البرلمان الأوروبي فإن الاتفاق السري "يُعتقد أنه يكلف السلطات الليبية بمهمة الإشراف على الهجرة، ويُلزمها بإعادة دخول الأشخاص الذين تعيدهم إيطاليا إليها"[315].

وبعد شهرين من الاتفاق وافق الاتحاد الأوروبي على رفع حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا الذي استمر ثمانية عشر عاماً، بسبب استعداد ليبيا للتخلي عن برنامج أسلحة الدمار الشامل لديها. وقد اجتهدت إيطاليا بصورة خاصة في إقناع الاتحاد الأوروبي برفع الحظر حتى تتمكن ليبيا من استيراد المعدات اللازمة لإحكام السيطرة على حدودها والحد من تدفق الهجرة[316].

ومنذ 2003 وإيطاليا تقوم بتمويل الرحلات الجوية الخاصة لإعادة المهاجرين دون وثائق في ليبيا إلى بلدانهم الأصلية. ويتضمن التقرير الذي أصدرته البعثة الفنية التي أرسلتها المفوضية الأوروبية إلى ليبيا عام 2004 ملحقاً يبين الرحلات الجوية الخاصة التي مولتها إيطاليا، ويبلغ عددها سبعاً وأربعين رحلة، لإعادة عدد من المهاجرين يبلغ 5688 إلى شتى البلدان، وكان من بينها إريتريا، وباكستان، وبنغلاديش، والسودان، وسوريا، وغانا، ومالي، ومصر، والنيجر، ونيجيريا. ولم يشر التقرير إلى مبلغ مالي محدد ولكنه قال إن البرنامج الإيطالي للرحلات الجوية الخاصة في ليبيا "يتضمن مساهمة اقتصادية كبيرة"[317].

وفي 6 فبراير/شباط 2005 أعلن وزير الداخلية الإيطالي عن "اتفاق شفهي" مع ليبيا على السيطرة على "الهجرة السرية"[318]. وأفادت أنباء أجهزة الإعلام، التي استشهدت بمصادر غير مسماة في السفارة الليبية في روما، أن وزير الداخلية الإيطالي سوف يقدم 15 مليون يورو، على مدى ثلاث سنوات، إلى قوات الشرطة الليبية المحلية لشراء المعدات اللازمة لمكافحة الهجرة غير القانونية[319]. وأعلن بيان صحفي صدر في 17 يناير/كانون الثاني 2006 عن وزارة الداخلية الإيطالية عن اجتماع القذافي والوزير بيزانو أن الحكومتين تناقشان "خططاً ذات طابع عملي أكبر" للتعاون في إيقاف الهجرة غير النظامية إلى إيطاليا. كما ذكر أن التعاون الإيطالي قد تمكن في مدة لا تزيد إلا قليلاً عن عام واحد من منع 40 ألف شخص لا يحملون وثائق من مغادرة ليبيا[320].

الاحتجاز في إيطاليا

حتى عام 1998 كانت السلطات الإيطالية تأمر غير المصرح لهم بالبقاء في البلد بمغادرته في غضون خمسة عشر يوماً، ولكن الحكومة بدأت منذ ذلك التاريخ في تطبيق سياسة الاحتجاز الإجباري لكل من يحاول دخول الأراضي الإيطالية أو دخلها فعلاً دون تصريح. وبدأت الحكومة تعمل بنظام مراكز الإقامة المؤقتة. ويُحتجز اليوم في هذه المراكز الأجانب بلا وثائق الذين ينتظرون الترحيل مُدَّةً غايتها ستون يوماً، ومن يصل منهم إلى البلاد يودع فور دخوله مركزاً من مراكز المساعدة الأولية.

وبالإضافة إلى ذلك تقوم الحكومة، منذ عام 2005، وبموجب "لائحة بوسي فيني"، باحتجاز طالبي اللجوء في مراكز تحديد الهوية فترة غايتها عشرون يوماً ريثما تُفحص طلبات لجوئهم. كما تقوم الحكومة بتعديل وإعداد بعض مراكز المساعدة الأولية حتى تصبح مراكز لتحديد الهوية[321]. وجميع هذه المراكز في الواقع معتقلات ما دام المحتجزون لا يتمتعون بحرية مغادرتها. وما يسمى بـ"مركز الإقامة المؤقتة والمساعدة"، مثل المركز القائم في جزيرة لامبيدوزا، هو مركز يجمع بين مركز الإقامة المؤقتة ومركز المساعدة الأولية. وتصف الحكومة هذا المركز الذي بُني عام 1998 بأنه يقوم بوظيفة أساسية تجمع بين تقديم "المساعدة المبدئية" ومهمة "محطة التصفية"[322].

ومركز الإقامة المؤقتة والمساعدة في جزيرة لامبيدوزا، الذي يقع بالقرب من المطار على جزيرة صغيرة يسكنها 5500 شخص وتشتهر بالسياحة في الغالب، يتكون من ثكنات مقامة على قطعة أرض ترابية بالقرب من الميناء وتحيط بها الأسلاك الشائكة. وهو يتسع لعدد من المحتجزين يبلغ 190، ولكن عدد الأشخاص في المركز كان كثيراً ما يتجاوز ذلك الرقم بكثير. وحين يصل أشخاص كثيرون دفعة واحدة، يُنقل القادمون الجدد بحراً إلى صقلية، أو جواً إلى كروتوني في كالابريا.

ولم تسمح الحكومة الإيطالية لهيومن رايتس ووتش بزيارة مخيم لامبيدوزا، ولكن الزوار قد وصفوا سوء الأحوال بداخله[323]. ويقول أحد الشهود، وهو صحفي إيطالي قضى في المركز بعض الوقت متظاهراً بأنه طالب لجوء، إن الحراس كانوا يؤذون بعض المحتجزين بدنياً ويسبونهم (انظر أدناه).

وفي 28 يونيو/حزيران 2005 زار اثنا عشر عضواً من أعضاء البرلمان الأوروبي مركز لامبيدوزا وعلقوا على الحرارة "الخانقة" وسوء التهوية في حاويتين من الحاويات السابقة التجهيز الأربع التي تستخدم في المبيت، ونقص الأسرَّة ومفروشاتها، وانتشار الالتهابات الجلدية بين المحتجزين بسبب استخدام الماء المالح في الحمامات، ونقص مياه الشرب (زجاجة واحدة يومياً لكل شخصين). وقال المحتجزون إن السلطات قامت بتنظيف المخيم في الليلة السابقة لوصول الوفد. أضف إلى ذلك أن المخيم كان به أكثر من 900 محتجز قبل أربعة أيام فقط، وهو عدد يزيد على أربعة أضعاف طاقة المخيم[324].

وقالت تانا دي زولويتا، العضو في مجلس الشيوخ الإيطالي، التي زارت لامبيدوزا في أكتوبر/تشرين الأول 2004، لهيومن رايتس ووتش إن المحتجزين كان يبدو عليهم الفزع بسبب العودة إلى ليبيا، وخصوصاً مما يلقونه على أيدي الشرطة الليبية. وأبلغوها شكواهم من العجز عن الاتصال بأي شخص خارج المخيم لإبلاغ أسرهم بمكان إقامتهم. ولم يكن الكثيرون منهم قد تمكنوا من الاتصال بأحد المحامين أو القضاة[325].

وفي ديسمبر/كانون الأول قام وفد من الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان بزيارة لامبيدوزا. وجاء في تقرير المنظمة أن المخيم "أحواله بالغة التدهور، وبدائية إلى حد بعيد"، وكانت المرافق في وقت الزيارة نظيفة نسبياً ولكنها كانت على مستوى "بالغ الانحطاط". وكانت مقصورات المراحيض بلا أبواب وتطل على المنطقة الجماعية التي توجد بها أحواض غسيل الوجه واليدين[326].

وليس هناك وصف أغزر تفصيلاً للمركز مما أورده الصحفي الإيطالي فابريتسيو غاتي، الذي أشرنا إليه آنفاً، والذي قضى أسبوعاً فيه في سبتمبر/أيلول 2005 متظاهراً بأنه من طالبي اللجوء الأكراد. إذ نشر مقالاً في المجلة الإيطالية "إسبرسو" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2005 يصف فيه الأحوال غير الصحية إلى حد بعيد، بما في ذلك انسداد الأحواض والمراحيض. وذات يوم أرغمه رجال الشرطة الإيطاليون على الجلوس في مياه الصرف الصحي وأبقوه ساعات طويلة في الشمس الحارقة، وقال غاتي إنهم قاموا، في يوم آخر، بإرغام مجموعة من المحتجزين على خلع ملابسهم تماماً وجعلوهم يتصارعون مع غيرهم من المحتجزين. وقال غاتي إنه شاهد رجال الشرطة الإيطالية وهم يضربون بعض المحتجزين، ويسلكون سلوكاً بذيئاً ومهيناً تجاه آخرين أمام الأطفال[327].

وفي مارس /آذار 2006 عُقد اتفاق حول لامبيدوزا بين الحكومة الإيطالية، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، والمنظمة الدولية للهجرة، والصليب الأحمر الإيطالي، ومن شأن هذا الاتفاق تحسين الأحوال، فموجبه أصبح للمفوضية وجود في الجزيرة، وأصبح من صلاحياتها المساعدة على تحديد طالبي اللجوء وتوفير "المعلومات العامة عن حقوق اللجوء للأشخاص الذين يصلون إلى لامبيدوزا، مع مساعدة أضعفهم وأحوجهم إلى العون".[328] ويهدف وجود المنظمة الدولية للهجرة والصليب الأحمر الإيطالي في المخيم إلى معالجة القضايا المتعلقة بالهجرة، وشؤون الأحداث الذين لا يصحبهم بالغ. وطبقاً لما تقوله المنظمة الدولية للهجرة، فإن وجودها "لن يقتصر الهدف منه على مساعدة السلطات في 'إدارة' تدفقات الهجرة غير النظامية، ولكنه سوف يشمل المساعدة في إيجاد حلول للمهاجرين وفق القانون الدولي ومبادئ الكرامة الإنسانية"[329]. وبحلول مايو/أيار 2006 كانت السلطات قد أقامت مرافق صحية إضافية، وظُلَلاً تحمي من الشمس، ومبني جديداً لإقامة النساء، ولكن الأحوال ظلت سيئة. وقال وزير الداخلية جوليانو أماتو، في خطاب ألقاه على البرلمان في أوائل يوليو/تموز 2006، إن الحكومة زادت من عدد العاملين في مركز لامبيدوزا ورفعت مستوى خدمات النقل[330]. وأعلن في وقت لاحق من الشهر نفسه أن نحو 9500 أجنبي قد مروا من خلال ذلك المركز منذ أول يناير/كانون الثاني 2006[331].

وتقوم الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم الذي يرأسه رومانو برودي، رئيس الوزراء، مع منظمات المجتمع المدني، بالضغط بشدة على الحكومة حتى تغلق جميع مراكز الإقامة المؤقتة والمساعدة. وفي 18 يوليو/تموز 2006 قدمت مجموعة من البرلمانيين ما يسمى "الكتاب الأبيض حول مراكز الإقامة المؤقتة والمساعدة في إيطاليا" وهو يسجل انتهاكات حقوق الإنسان في هذه المراكز ويوصي بإغلاقها[332]. وقد عاق وزير الداخلية أماتو فكرة إغلاق هذه المراكز بسبب "ضرورة احتجاز هؤلاء الأشخاص فيها [أي المهاجرين دون وثائق] حتى التمكن من معرفة هواياتهم والبلدان الأصلية لهم ... وضرورة إعادتهم إلى تلك البلدان"[333]. ولكن أماتو شكل لجنة مخصصة لتقييم الأحوال في تلك المراكز. وسوف تقوم اللجنة التي يرأسها السفير السويدي ستافان دي ميستورا، والمؤلفة من مندوبين حكوميين وغير حكوميين إيطاليين، بزيارة جميع المراكز وإصدار تقرير يتضمن توصياتها في غضون ستة أشهر. وقامت اللجنة بزيارتها الأولى إلى لامبيدوزا في 19 يوليو/تموز 2006، في الوقت الذي اكتظ المركز فيه بمئات الذين وصلوا لتوهم عن طريق البحر.

حالات الطرد

منذ عام 2004 على الأقل، طردت الحكومة الإيطالية ما يزيد على 2800 من المهاجرين، وربما أيضاً من اللاجئين وغيرهم ممن يحتاجون إلى الحماية الدولية، من لامبيدوزا إلى ليبيا، حيث قامت الحكومة الليبية بعد ذلك بإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية. وتزعم الحكومة الإيطالية أنه قد أتيحت الفرصة لهؤلاء الأشخاص لطلب اللجوء أثناء وجودهم في لامبيدوزا ولكن الواقع هو أن السلطات كانت أحياناً تطرد مجموعات كبيرة بصورة جماعية دون النظر في طلبات لجوئهم. وأصدرت الحكومة الإيطالية أوامر بطرد أفراد آخرين، دون إعادتهم إلى ليبيا، بل سمحت لهم بالبقاء في إيطاليا فترة محدودة. وكان بعض هؤلاء من اللاجئين الهاربين من العنف في مناط&62A; طلب اللجوء"[340].

كما أن اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو المهينة أعربت عن قلقها العميق هي الأخرى إزاء حالات الطرد الجماعية؛ إذ نشرت في إبريل/نيسان 2006 تقريراً أشارت فيه إلى حالات خطيرة لعدم إتباع الإجراءات الإدارية الثابتة، وعدم مراعاة مبدأ الإشراف القضائي، المنصوص عليه قانوناً، على احتجاز الأجانب وطردهم. وأشارت إلى "عدم إجراء أي تقييم نوعي على أساس فردي لضمان أن الأشخاص الذين أعيدوا إلى ليبيا، وعددهم 1243 شخصاً، لم يكن بينهم من يمكن أن يتعرض لخطر الاضطهاد، مما يعني حظر طردهم من الأراضي الإيطالية... سواء إلى ليبيا أو إلى أي دولة أخرى قد تقتنع السلطات الليبية بإرسالهم إليها"[341].

وأوصت اللجنة "بضرورة إجراء التقييم المناسب في كل حالة فردية لضمان ... عدم وجود أشخاص يمكن أن يتعرضوا لخطر حقيقي يتمثل في التعذيب أو سوء المعاملة، لا في ليبيا وحدها بل في أي دولة أخرى قد تقتنع السلطات الليبية بإرسالهم إليها".

وبصفة أعم أشارت اللجنة إلى أن مسئولي الهجرة وقضاة المحاكم الجزئية، وهم الذين يأذنون بإصدار أوامر الطرد بموجب القانون الإيطالي، لا يُتاح لهم الإطلاع الكافي على "معلومات مستقلة وموضوعية عن أوضاع حقوق الإنسان في البلدان الأصلية/الجهات التي يرسل إليها الأجانب الذين يتقرر طردهم".

وفي الفترة من أول يناير/كانون الثاني 2004 إلى 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2004 فحص مسئولو الهجرة حالات 10468 مهاجراً في مقاطعة أغريجنتو في صقلية (وكانت غالبيتهم العظمى من الذين وصولوا إلى لامبيدوزا أو اعترضت الشرطة طريقهم في البحر وساقتهم بعد ذلك إلى هناك). ولم يتقدم من بين هؤلاء بطلبات لجوء إلا سبعون شخصاً. وترى اللجنة أن هذا الرقم "يبدو بالغ الضآلة" نظراً للجنسيات التي ينتمي إليها أفراد المجموعة كلها (مثلاً: 550 إريترياً، و477 سودانياً و117 إثيوبيا).

وشهد شهر مارس/آذار 2005 الموجة الثانية من موجات الطرد الجماعي من إيطاليا إلى ليبيا. ومن جديد لم تسمح الحكومة للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بدخول لامبيدوزا أثناء تلك العملية.

وقالت وزارة الداخلية الإيطالية إن الحكومة نقلت في الأسبوع السابق 421 شخصاً من بين الأشخاص الذين كانوا قد وصلوا إلى لامبيدوزا، وعددهم 1235، إلى مراكز إيطالية أخرى تقدموا فيها بطلبات اللجوء. وقام 101 بتقديم طلبات رسمية للجوء في لامبيدوزا. وطردت الحومة 494 مصريا إلى ليبيا (أعيد 180 منهم على متن طائرتين مستأجرتين يوم 17 مارس/آذار) وأعادت ستة وسبعين مصرياً مباشرة إلى مصر[342]. وقال بيزانو، وزير الداخلية آنذاك، إن ما فعلته الحكومة يمثل الالتزام "الصارم" بالقوانين والأعراف الدولية[343].

وأعربت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عن أسفها لغياب الشفافية، إذ أدلى متحدث باسمها في مؤتمر صحفي يوم 18 مارس/آذار بالتصريح التالي:

إن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء ما حدث يوم أمس من ترحيل نحو 180 شخصاً على متن طائرتين من جزيرة لامبيدوزا الإيطالية إلى ليبيا، بصحبتهم مرافقون من الشرطة الإيطالية. وكانت المفوضية التي يمثلها أحد كبار موظفيها في الجزيرة قد طلبت دخول المركز لكي تضمن تمكين أي شخص يريد أن يتقدم بطلب لجوء من التقدم به، ومن أن الطلبات التي سبق تقديمها فُحصت فحصاً سليماً ومنصفاً. ولكن السلطات الإيطالية رفضت حتى الآن الاستجابة لهذا الطلب الذي تقدمت به المفوضية بموجب صلاحيتها التي تكفل لها حماية اللاجئين، بما في ذلك الاتصال بطالبي اللجوء، ومراقبة نظم اللجوء[344].

ورد بيزانو على المفوضية قائلاً إن على تلك الهيئة أن تبدي "احتراماً أكبر لمن يسعون لحل المشاكل"[345].

وأما الأشخاص الذين طُردوا في أكتوبر/تشرين الأول 2004 ومارس/آذار 2005، فقد قامت السلطات الإيطالية بعصب عيون بعضهم، ووضع أيديهم في القيود الحديدية، مما دعا الحكومة الليبية إلى انتقاد الأحوال المادية التي صاحبت الطرد. وقد وصل الأشخاص إلى ليبيا دون متاع، ودون ممتلكات، وبعضهم حافي القدمين ويداه في القيود الحديدية. وقال أحد مسئولي الهجرة الليبيين إن كل مُرَحَّلٍ كان يصحبه شرطي. وقال علي امدورد لهيومن رايتس ووتش "فاشترينا نحن [الليبيين] لهم أحذية وملابس. وليبيا لا تقوم أبداً بوضع الأشخاص في الأصفاد أو وضع أيديهم في القيود الحديدية أثناء الترحيل"[346] (انظر الفصل السابع "الإعادة القسرية" حيث توجد أمثلة على سوء معاملة الحكومة الليبية للمعتقلين أثناء ترحيلهم).

وفي وقت زيارة بعثة هيومن رايتس ووتش لإيطاليا في أواخر مايو/أيار 2005 كان قد وصل تواً إلى لامبيدوزا عدد آخر يبلغ 400 شخص. وفي يوم 14 مايو/أيار 2005 حملت طائرة شركة أليطاليا، الرحلة رقم AZ8300 سبعة وستين شخصاً من لامبيدوزا إلى مدينة البيضا في غربي ليبيا[347]. وفي يومي 16 و21 مايو/أيار 2005 أقلعت رحلات ترحيل إلى ليبيا على متنها عدد مجهول من الأشخاص[348]، وتلا ذلك طرد ما لا يقل عن خمسة وأربعين شخصاً يوم 22 يونيو/حزيران[349]. ولم تنف الحكومة الإيطالية الأنباء الصحفية الخاصة بهذه الترحيلات، ولا احتجاجات المنظمات غير الحكومية الإيطالية[350]. والظاهر أن الحكومة الإيطالية لا تريد أن تنفي الأنباء التي يمكن أن تصبح رادعاً مفيداً لكل من قد يحاول دخول البلد.

ووفقاً لمصادر الحكومة الإيطالية، كان المجموع الكلي للذين أُعيدوا من إيطاليا إلى ليبيا في 2005 يبلغ 1876. وقد "قُبِلَ هؤلاء الأشخاص وأعيدوا إلى بلدانهم الأصلية"[351].

وفي أعقاب حالات الطرد التي وقعت في عام 2005، صدر تعليق من الفرع الإيطالي لمنظمة العفو الدولية يقول إن إعلاناً مكتوباً عُلِّق في لامبيدوزا، وكان مترجماً إلى لغات كثيرة، ويقول "سوف تمكثون هنا حتى تُنقلوا إلى مركز آخر للتحقق الصحيح من هواياتكم، وحيث تتاح لكم الفرصة لإيضاح سبب وصولكم إلى إيطاليا". ولكن منظمة العفو الدولية تؤكد أن الكثيرين من الذين رُحِّلوا في الموجات الأخيرة من الطرد "لم يكونوا يعلمون حتى الوجهة الحقيقية للرحلة الجوية وكانوا يتصورون أنهم مرسلون فحسب إلى 'مركز آخر' في الأراضي الإيطالية 'للتحقق الصحيح من هواياتهم'"[352].

وأشار وفد البرلمان الأوروبي الذي زار لامبيدوزا في يونيو/حزيران 2005 إلى مشكلة أخرى؛ ذلك أن السلطات القنصلية لبعض البلدان كانت تشارك بانتظام في إجراءات تحديد جنسيات بعض المحتجزين في المخيم؛ وجاء في تقرير عن رحلة الوفد أن أعضاء البرلمان الأوروبي أخبروا مديري المخيم أن "من يمكن أن يطلب اللجوء سوف يواجه خطراً داهماً إذا استطاعت السلطات القنصلية لبلده معرفة هويته". ورد مديرو المخ&43;ن وجود الأفراد الذين طردوا إلى ليبيا من لامبيدوزا في المرتين المذكورتين آنفاً للبت فيما يلي: (أ) إذا كان كل فرد قد تلقى إخطاراً بقرار طرده أو إذا كانت التدابير المذكورة تشكل طرداً جماعياً لهؤلاء الأشخاص؛ و(ب) إذا كان كل فرد قد أعيد إلى وطنه الأصلي من خلال إتباع الإجراءات السليمة دون انتهاكات أو معاملة مهينة أو لا إنسانية، و(ج) إذا كان أي أفراد قد توفوا أو اختفوا أو تعرضوا لضرر خطير نتيجة طردهم إلى ليبيا.

وفي منتصف مارس/آذار 2006 قام وكيل النيابة المكلف بالقضية بإرسال الملف إلى محكمة الجرائم الوزارية التابعة لمحكمة روما، وهي التي تبت فيما إذا كانت التهم الموجهة للوزراء جديرة بالتحقيق فيها[359]. وبعد عشرة أيام قدم وكيل النيابة اقتراحاً بإغلاق التحقيق مع بيزانو، ولكن المحكمة لم تكن حتى 6 يونيو/حزيران 2006 قد اتخذت قراراً بالشروع في التحقيق[360].

الإجبار على الرجوع

في 14 يوليو/تموز 2003 أصدرت وزارة الداخلية الإيطالية مرسوماً يقضي بالسماح لسلاح البحرية الإيطالي باعتراض السفن التي تحمل طالبي اللجوء والمهاجرين، وأن تقوم إذا أمكن ذلك، بإرغام السفن على التقهقر والعودة إلى المياه الإقليمية للبلدان التي جاءت منها[361]. ولم يكن المرسوم يتضمن أي اهتمام بتحديد طالبي اللجوء، وكانت نصوصه تنتهك المبدأ الذي يقول إن الدولة التي تُعترض السفينة في مياهها الإقليمية تتحمل المسؤولية الأولى عن تلبية الحاجة للحماية لدى الأشخاص على متن السفينة[362].

ولا تعرف هيومن رايتس ووتش عدد المرات التي طبقت فيها البحرية الإيطالية هذا المرسوم، ولكن إحدى الحالات المسجلة وقعت يوم 4 أكتوبر/تشرين الأول 2004 عندما قامت سفينة حربية إيطالية باعتراض قارب خشبي يحمل 150 شخصاً تقريباً في المياه الدولية بالقرب من لامبيدوزا واستدعت البحرية التونسية لمرافقته في طريق العودة إلى ساحل شمال إفريقيا[363].

انتهاك إيطاليا لالتزاماتها تجاه حقوق الإنسان

لا تختلف إيطاليا عن ليبيا فيما عليها من التزامات قانونية بموجب المواثيق والمعاهدات العالمية لحقوق الإنسان (وخصوصاً عدم احتجاز الأشخاص تعسفياً، وعدم طردهم جماعياً، وعدم إعادتهم من حيث جاءوا) ولكن على إيطاليا التزامات أيضاً بموجب القانون الأوروبي لحقوق الإنسان. ويتوجب على إيطاليا الوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بعدم الطرد أو الرد[364] بموجب اتفاقية اللاجئين والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، في اللحظة التي يدخل فيها شخص المياه الإقليمية أو يعترض سبيله سلاح البحرية الإيطالي في أعالي البحار[365]. ومن ثم فإن إيطاليا تشارك في المسؤولية عن إعادة أي شخص نتيجة لحالات الطرد، وعن أي تعذيب أو معاملة لا إنسانية أو مهينة قد يتعرض لها الشخص المطرود في ليبيا (أو إذا أعادته ليبيا إلى بلده الأصلي أو أي مكان آخر).

فالطرد الجماعي محظور بموجب كل من المادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 4 من البروتوكول الرابع الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والمادة 19 (1) من ميثاق الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية.[366] والتفسير الذي وضعته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يقول إن تعبير "الطرد الجماعي" يعني "أي إجراء لإرغام الأ&x627;ر أمراً بإيقاف أية خطوات لطرد أحد عشر رجلاً من التسعة والسبعين الذين قدموا الطلب[374]. وفي 12 مايو/أيار قدم المحاميان طلباً جديداً إلى المحكمة بشأن رجل آخر يواجه الطرد. وفي اليوم التالي طرحت المحكمة الأسئلة الأربعة نفسها على الحكومة الإيطالية. وبالإضافة إلى ذلك سألت المحكمة إذا كان مقدم الطلب قد أودع في "مركز احتجاز" وطلبت أن تَطَّلع على الوثائق الخاصة بأمر الإيداع المذكور، كما طلبت من الحكومة الإيطالية إيضاح الإمكانيات العملية المتاحة للشاكي حتى يطعن في إجراءات الطرد وفي أمر "الاحتجاز" (أي إذا ما كان يتوافر 'علاج' محلي فعال)[375].

وإقتداء بما فعلته المحكمة، أصدر البرلمان الأوروبي قراراً يعرب فيه عن القلق العميق إزاء قيام إيطاليا بالطرد غير القانوني للمواطنين من دولة ثالثة إلى ليبيا[376]. وأرسل البرلمان الأوروبي وفد متابعة إلى ليبيا في أوائل ديسمبر/كانون الأول 2005، وعلم أن الحكومة الليبية قد أرسلت من قبل معظم الذين أعادتهم إيطاليا في عامي 2004 و2005 إلى بلدانهم الأصلية[377].

ولم تكن الحكومة الإيطالية، في الوقت الذي كانت هيومن رايتس ووتش تجري فيه بحوثها في إيطاليا، قد طردت أياً من الأفراد الذين أشير إليهم في الطلبات المرفوعة إلى المحكمة. وكانت الحكومة لا تزال تحتجز واحداً من بين الذين تقدموا بطلباتهم أولاً وهم أحد عشر رجلاً، وهو الذي أمرت المحكمة بوقف السير في إجراءات طرده، في مركز الإقامة المؤقتة في كروتوني. وقال محاميه إنه ما دام طرده مستحيلاً بسبب أمر 'الوقف' الذي أصدرته المحكمة، كان على الحكومة قانوناً أن تخرجه من الحجز[378].

ولا تزعم الحكومة الإيطالية أن ليبيا "بلد ثالث مأمون"، وإن كانت حقاً تؤكد أن ليبيا قد وقعت الاتفاقية الإفريقية للاجئين، وأنها كانت ترأس لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في 2002[379]. ولكن حجة السلطات الإيطالية هي أن من طردتهم لم يحاولوا قط تقديم طلب لجوء، زاعمة، مثل السلطات الليبية، أن المهاجرين الذين تحتجزهم وتطردهم ليس من بينهم لاجئون. والحجة الأعم التي يسوقها الإيطاليون هي أن الغالبية العظمى لطالبي اللجوء في البلد لا تنطبق عليهم شروط اللجوء. ففي 2004 على سبيل المثال كان التصنيف الإيطالي لطالبي اللجوء قد "رفض" أكثر من 91 في المائة منهم، ولو أن الحكومة قد قدمت لأكثر من رُبْع هؤلاء صورة ثانوية من صور الحماية. وطعنت المفوضية السامية لحقوق اللاجئين في الإحصائيات التي قدمتها أجهزة الإعلام بحيث تعني أن 9 في المائة فقط من طالبي اللجوء في إيطاليا طالبو لجوء حقيقيون، وقالت المفوضية إنها تمثل "تشويهاً خطيراً للصورة الحقيقية"[380].

عدم وجود أساس قانوني للإعادة إلى ليبيا

يقول مسئولو الهجرة الليبيون إن أغلب من تعيدهم إيطاليا مصريون، ومن ثم تقوم ليبيا بإعادتهم مباشرة في حافلات إلى مصر، في غضون أيام قلائل. ولكن مادام هؤلاء غير ليبيين، فلماذا تعيدهم إيطاليا إلى ليبيا بدلاً من إعادتهم مباشرة إلى مصر؟ لا تزال إجابة هذا السؤال غامضة[381].

إن ليبيا لم توقع مع إيطاليا اتفاقاً رسمياً حول إعادة إدخال الأشخاص[382]، وهذه حقيقة أكدتها الحكومة الليبية لهيومن رايتس ووتش[383]. والظاهر أن حالات الإعادة، مثل صفقات النفط التفضيلية بين البلدين، قائمة على اتفاق شفوي فحسب. وقال أحد المسئولين الليبيين لهيومن رايتس ووتش إن الإيطاليين والمصريين توصلوا إلى اتفاق شفوي أيضاً في نوفمبر/تشرين الثاني 2004 يسمح لإيطاليا بإعادة 100 شخص شهرياً[384]. ولا يوجد اتفاق رسمي حول إعادة إدخال الأشخاص بين إيطاليا ومصر أيضاً، ولكن مصر قبلت، مثل ليبيا، إعادة دخول رعايا البلدان الأخرى من إيطاليا بصورة غير رسمية إلى مصر (مثل مواطني سريلانكا) حينما يتبين أنهم عبروا مصر في طريقهم إلى إيطاليا[385].

وعدم وجود اتفاقات رسمية حول إعادة دخول الأشخاص مسألة مهمة لأن جميع الاتفاقات الدولية في إيطاليا، بما في ذلك اتفاقات إعادة الدخول، لا بد من عرضها على البرلمان[386]. ولا بد أن تلتزم حالات الإعادة بموجب أمثال هذه الاتفاقات أيضاً بإجراءات معينة، مثل ضرورة إعداد الحكومة لوثائق السفر وأدلة الجنسية. ومن ثم فإن عقد اتفاق رسمي حول إعادة دخول الأشخاص يؤدي إلى بطء عملية الطرد ويزيد كثيراً من تكاليفها.

XI. التوصيات المفصلة

إلى حكومة ليبيا

إتاحة فرصة اللجوء

إصدار وتنفيذ التشريع اللازم للوفاء بالتزامات ليبيا الحالية إزاء اللجوء بموجب الإعلان الدستوري، والاتفاقية الإفريقية للاجئين، واتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية حقوق الطفل، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العاملين المهاجرين وأفراد أسرهم. وقبل كل شيء، سن قوانين تقضي باحترام الحظر المطلق على إعادة اللاجئين قسرا، ووضع إجراءات فعالة ومنصفة وقانونية للبت في أوضاع اللجوء، بالاستعانة بخبرة مفوضية شؤون اللاجئين وتوجيهاتها في هذا الصدد.

المصادقة على اتفاقية 1951 للاجئين وبروتوكولها الصادر عام 1967، وبناء على ذلك، توفيق القوانين والإجراءات الوطنية الجديدة الخاصة باللجوء مع هذين الصكين.

تنفيذ اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا) الخاصة بتنظيم جوانب معينة من مشاكل اللاجئين في إفريقيا، والتي تعد ليبيا من الدول الموقعة عليها، وعلى وجه الخصوص احترام تعريف الاتفاقية للاجئ والمادة رقم 5 منها الخاصة "بالطبيعة الطوعية بالأساس لإعادة اللاجئين" كيلا تتم إعادة أي لاجئ إلى وطنه رغم أنفه.

وضع آليات فعالة يسهل الاستعانة بها بحيث يتسنى للمحتجزين، وسواهم من الأجانب المعرضين للطرد، الطعن في احتجازهم وطردهم استنادا إلى أسباب متعلقة بحقوق الإنسان إلى جانب الأسباب المتعلقة بالهجرة. وضرورة إيقاف كل إجراءات الترحيل والطرد ريثما يتم وضع هذه الآليات وريثما يتم توفيق الأوضاع التي يحدث فيها هذا الاحتجاز والطرد مع المعايير الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.

تحسين الظروف القائمة في كل منشآت الاحتجاز المتعلقة بالهجرة لتخفيف التكدس وتوفير الرعاية الصحية الكافية. وحماية النساء والأطفال في هذه المنشآت مع الحفاظ على الترابط الأسري.

الاعتراف رسميا بمفوضية شؤون اللاجئين ودعم جهودها لتوفير الحماية الدولية للاجئين وطالبي اللجوء وغيرهم من الأشخاص الذين يهمها أمرهم في الأراضي الليبية. وعلى وجه الخصوص منح المفوضية الحرية التامة للوصول دون قيود إلى جميع الأماكن التي يحتجز بها الأجانب في ليبيا.

إصدار التعليمات لجميع الموظفين المسئولين عن تنفيذ ال&لخاصة بوضع اللاجئين الصادرة عام 1951، وبروتوكولها الصادر عام 1967.

دعوة ليبيا إلى إخطار السفارات فورا بالقبض على أي من رعاياها أو احتجازهم أو سجنهم بتهم جنائية بموافقة الشخص المعني والسماح لممثلي هذه السفارات بزيارة هؤلاء المحتجزين والسجناء أو الاتصال بهم هاتفيا بناء على طلب منهم. ودعوة ليبيا على وجه الخصوص إلى إخطار السفارات بوفاة أي شخص من رعاياها في الحجز، بصرف النظر عن أسباب الوفاة.

إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين

مناشدة الدول الأعضاء باللجنة التنفيذية لمفوضية شؤون اللاجئين لإثارة قضية الوضع الحالي للمفوضية في ليبيا مع الحكومة الليبية. ودعوة الدول الأعضاء في اللجنة التنفيذية إلى الإصرار على أن يجعل الاتحاد الأوروبي والمنظمة الدولية للهجرة التعاون من جانب ليبيا مع المفوضية في الأراضي الليبية وفي عرض البحر شرطا مسبقا للتعاون المستقبلي في الشؤون الأخرى.

مواصلة الاحتجاج بقوة عبر وسائل الإعلام متى علم مكتب المفوضية بأن ليبيا تخرق التزامها بعدم طرد اللاجئين أو ردهم قسرا، أو أنها على وشك أن تخرقه.

بذل جهود متضافرة، نظرا لعدم وجود آفاق الحماية الفعالة للاجئين واندماجهم بصورة فعالة في ليبيا في الوقت الحاضر، لتهيئة المزيد من الفرص لإعادة التوطين في بلد ثالث في حالة اللاجئين الذين تنطبق عليهم معايير إعادة التوطين الواردة في دليل المفوضية لإعادة التوطين، بدلا من قصر الإحالة على الحالات الطارئة.

إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان

تنظيم ورشات عمل والمشاركة فيها لمناقشة حقوق اللاجئين والمهاجرين، بحيث يشترك فيها الليبيون من القضاة ووكلاء النيابة والمحامين الخاصين أو العامين، والشرطة والموظفين الحكوميين ومسئولي الهجرة وحرس السواحل وغيرهم من حرس الحدود، والشرطة القضائية والضباط المعنيين بإدارة وأمن منشآت الاحتجاز أو "إعادة التوطين الطوعي".

إلى المنظمة الدولية للهجرة

العمل على جعل تحسين الأوضاع المادية والقانونية للمهاجرين وتيسير إعادة التوطين في بلد ثالث أينما كان ذلك مناسبا، الهدفين الوحيدين لأي مشاريع تتولاها المنظمة مستقبلا في ليبيا. وعدم تشجيع أو تيسير اعتراض المهاجرين أو إعادتهم. وتشجيع ليبيا بقوة، بوصفها عضوا في المجلس الرئاسي للمنظمة الدولية للهجرة، على احترام حقوق الإنسان الخاصة باللاجئين وتنفيذ القوانين والإجراءات التي تكفل ذلك على نحو فعال.

التفاوض مع ليبيا بمزيد من الشفافية على كافة الأمور المتعلقة بالهجرة والرقابة على الحدود.

تطبيق شروط صارمة متعلقة بحقوق الإنسان على أي مشروع مشترك مع الحكومة الليبية في مجال الهجرة. وعدم التعاون على دعم الضوابط الخاصة بمراقبة الحدود أو الهجرة الداخلية في ليبيا، ما لم يتم إدخال تحسينات كبيرة وملحوظة في مجال حقوق الإنسان، وعلى حقوق اللاجئين والمهاجرين على وجه الخصوص.

تجنب استخدام بعض التعبيرات مثل "المهاجرون العابرون" أو "المهاجرون المحتجزون" عند الحديث عن كل جموع المحتجزين في مراكز الاحتجاز الليبية مثلا. فنظرا لعدم وجود نظام فعال للجوء في ليبيا (ليبيا ليس فيها حاليا قانون للجوء، ناهيك عن التنفيذ الفعال للقانون)، فإن هذه الأوصاف تصبح مضللة وتعطي مصداقية لمن يدفعون خطأ بعدم وجود لاجئين في الأراضي الليبية.

تجنب وضع هدف "إعادة توطين المهاجرين طوعا" كمقياس لنجاح مشاريع المنظمة الدولية للهجرة، لأن ذلك يؤدي إلى ضغط لا مبرر له لتحقيق هدف العودة دون توافر الضمانات اللازمة؛ إذ إن رفع قدرة ليبيا على إعادة الرعايا الأجانب لبلادهم ليس هدفا يطمأن إليه مادامت هناك أعداد كبيرة من العائدين بالإكراه، ومادام لا يوجد نظام فعال للجوء في البلاد.

التركيز على تهيئة الفرصة أمام اللاجئين للحصول على قدر أكبر من الاحتياجات الأساسية مثل الطعام المغذي والماء النظيف والأسرة والصرف الصحي والرعاية الطبية في المنشآت الموجودة في ليبيا، بدلا من التوسع في البنية الأساسية للمعسكرات أو منشآت الاحتجاز الخاصة بالهجرة. وإحالة أي شخص يعرب عن رغبته في اللجوء أو خوفه من العودة إلى مفوضية شؤون اللاجئين في طرابلس، طبقا لمذكرة التفاهم بين المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية شؤون اللاجئين، والإصرار على تمكين المفوضية من الاتصال "بالمهاجرين العابرين". والكف عن القيام بأي نشاط آخر في ليبيا ما لم تقبل السلطات الليبية بهذا الشرط.

إحالة أي حالات يرى العاملون بالمنظمة الدولية للهجرة أنها توحي بوقوع تعذيب أو إيذاء من جانب الشرطة إلى برنامج حقوق الإنسان بمؤسسة القذافي للتنمية وإلى السلطات الليبية المسئولة عن التحقيق في مثل هذه القضايا وتحريك الدعوى فيها، وذلك بموافقة ضحية الانتهاك المزعوم.

إلى الاتحاد الأوروبي

إلى جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي

الكف عن طرد رعايا الدول الثالثة (غير الليبيين) إلى ليبيا ريثما يتم التوفيق التام بين معاملة ليبيا للمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء وبين المعايير الأوروبية المتعلقة بعدم الطرد إلى الاضطهاد أو خطر التعرض للمعاملة الفجة بما يخالف المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. ففي ظل الظروف الحالية، يمثل إرجاع رعايا الدولة الثالثة خرقا للالتزامات الأوروبية الخاصة بحقوق الإنسان بعدم إعادة الأشخاص إلى حيث يلقون المعاملة اللاإنسانية أو المهينة. كما إن إعادة أي طالب لجوء إلى ليبيا، تم رده لأسباب إجرائية أو ما يسمى بحجة "الدولة الثالثة الآمنة" والذي لم يمنح بادئ ذي بدء الفرصة لجلسة كاملة وعادلة للاستماع إلى مبررات طلبه، يعتبر أيضا خرقا للالتزامات الأوروبية بعدم الطرد أو الرد.

إلى البرلمان الأوروبي

إدانة أي طرد جماعي جديد للأجانب من إيطاليا إلى ليبيا، وهو ما يعتبر خرقا لمبدأ عدم الطرد أو الرد، وانتهاكا للحق في الحماية من الطرد الجماعي.

إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي

تشجيع ليبيا على 1) المصادقة على اتفاقية 1951 للاجئين وبروتوكولها الصادر عام 1967؛ 2) سن قانون محلي للجوء؛ 3) الاعتراف رسميا بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

تبني قدر أكبر من الشفافية في المفاوضات مع ليبيا حول كافة القضايا المتعلقة بالهجرة والمراقبة الحدودية.

ضمان ألا يؤدي أي إجراء مشترك من جانب الاتحاد الأوروبي، أو أي إجراء من إحدى الدول الأعضاء به، إلى تقويض الشروط القائمة حاليا فيما يتعلق بمبادئ عملية برشلونة.[387]

تطبيق شروط صارمة متعلقة بحقوق الإنسان على أي تعاون مع الحكومة الليبية في مجال الهجرة (بما في ذلك أي تعاون في مجال المراقبة الحدودية)، بحيث يتحقق تحسن كبير وملحوظ في مراعاة حقوق الإنسان، خاصة حقوق اللاجئين والمهاجرين.

التطبيق الفوري "لإجراءات الدخول المقترن بالحماية" عبر السفارات في طرابلس وإعادة توطين اللاجئين بناء على تحديد مفوضية شؤون اللاجئين للأشخاص المحتاجين لإعادة التوطين. إلا أن ذلك يجب أن يكون استكمالا لعملية السماح لطالبي اللجوء بصورة تلقائية بالوصول إلى أراضي الاتحاد الأوروبي والمرور بإجراءات اللجوء فور وصولهم، لا بديلا عن هذه العملية.

التعامل مع قضية الهجرة في سياقها الإفريقي الأعم في إطار اتفاق كوتونو،[388] ولكن بالتشاور التام مع المسئولين عن وضع أولويات التنمية في إفريقيا. وفي الوقت نفسه، الاعتراف بأن الأسباب الجذرية للهجرة إلى ليبيا وعبرها ليست اقتصادية فحسب، وضرورة التعامل معها عن طريق حل أسباب النزوح القسري الناجمة عن الصراعات والقمع السياسي وانتهاكات حقوق الإنسان في البلدان الأصلية.

إلى حكومة إيطاليا

الإعلان عن الاتفاق الثنائي المبرم في أغسطس/آب 2004 بين الحكومتين الإيطالية والليبية.

مساعدة ليبيا على وضع قانون وإجراءات للجوء تفي بالمعايير الدولية، إلى جانب تمويل بناء ثلاثة مراكز احتجاز للأجانب في ليبيا، مع تشجيع الحكومة الليبية على التعاون مع مفوضية شؤون اللاجئين.

الكف عن تقديم تمويل أو أي دعم ثنائي آخر لليبيا بهدف رفع قدرتها على اعتراض طالبي اللجوء والمهاجرين قبل أن يبحروا أو قبل أن يصلوا إلى المياه الإيطالية. وإعادة توجيه هذا الدعم إلى الجهود متعددة الأطراف، وخاصة من خلال مفوضية شؤون اللاجئين ومفوضية حقوق الإنسان، ضمانا لمراعاة معايير حقوق الإنسان الأساسية المتعلقة بمعاملة هؤلاء الأشخاص في ليبيا.

الكف فورا عن الطرد الجماعي لمواطني الدول الثالثة إلى ليبيا، حيث أنه يعتبر خرقا سافرا لالتزامات إيطاليا في مجال حقوق الإنسان في ظل عدم وجود حماية فعالة للاجئين وغيرهم ممن يحتاجون الحماية الدولية، وانتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها المهاجرون في ليبيا.

تيسير كافة السبل أمام مفوضية شؤون اللاجئين والمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان والمساعدة القانونية، والمحامين والصحفيين وغيرهم من المراقبين المستقلين، للوصول دون أي قيود أو عوائق إلى كل مراكز الاستقبال وتحديد الهوية والاحتجاز في ليبيا. وضمان التعاون التام مع مفوضية شؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة والصليب الأحمر الإيطالي بموجب اتفاق 2006 لمراقبة المركز في لامبيدوزا.

ضمان إتاحة كافة إجراءات اللجوء المنصفة، بما في ذلك الحق في إثارة المخاوف من التعرض للمعاملة بما يخالف المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، بالنسبة لكل شخص محتجز لدى السلطات الإيطالية، بمن فيهم المحتجزون في عرض البحر.

المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العاملين المهاجرين وأفراد أسرهم.

كلمة شكر

يستند هذا التقرير إلى بحوث أجريت في ليبيا، قامت بها أوفيليا فيلد التي كانت في ذلك الوقت مديرة قسم سياسات اللجوء بالنيابة، وفريد إبراهامز، وهو من كبار الباحثين في قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبحوث في إيطاليا قامت بها أوفيليا فيلد وجود صندرلاند الباحث بقسم أوروبا وآسيا الوسطى. وقام بكتابة التقرير كل من فريد إبراهامز وأوفيليا فيلد وإيان جورفين، مستشار مكتب البرامج بمنظمة هيومن رايتس ووتش. وقام بالتحرير كل من بيل فريليك مدير قسم سياسات اللجوء، وسارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبن وورد المدير المساعد لقسم أوروبا وآسيا الوسطى، وجوليا هول وهي من كبار الباحثين بقسم أوروبا وآسيا الوسطى. وقام بمراجعة التقرير كل من ويلدر تيلر، مدير الشؤون القانونية وشؤون السياسات، وجو سوندرز نائب مدير البرامج بهيومن رايتس ووتش. كما قدمت كل من ديان غودمان وإلين هالا أسجيرزدوتير الكثير من النصح والمساعدة القيمة في سياق إعداد هذا التقرير. وساعد في إجراء البحوث كل من سعيد أحمد وديفيد أندرسون وأليساندرا ترانكيلي، وهم متدربون بمنظمة هيومن رايتس ووتش. وساهمت كل من رنا طاهر ونجوى حسن بالترجمة التحريرية والشفوية.

وتتوجه منظمة هيومن رايتس ووتش بالشكر للحكومة الليبية على تيسير الزيارة التي قامت بها المنظمة لليبيا في إبريل/نيسان-مايو/أيار 2005، وتخص بالذكر محمد الرمالي وهادي خميس بإدارة الجوازات والجنسية على وقتهما وعلى المعلومات التي أمدا المنظمة بها.

كما توجه هيومن رايتس ووتش الشكر أيضا إلى المنظمات الإيطالية غير الحكومية التي ساعدت على إجراء البحث، وخصوصا المجلس الإيطالي للاجئين، وجمعية اللاجئين اليسوعية بروما، وفرع منظمة أطباء بلا حدود بإيطاليا. كما تشكر كلا من منظمة كاريستاس بروما، وفرع منظمة العفو الدولية بروما، وكلير رودييه (الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان)، وسارة حمود ومارك شادي بولسن (المعهد الدانمركي لحقوق الإنسان) على ما قدموه من سديد النصح، وهو ما لمسناه أيضا من العديد من المحامين المستقلين، والصحفيين العاملين في طرابلس وروما. كما تشكر هيومن رايتس ووتش المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في طرابلس وروما وجنيف، وخبراء مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

وقبل كل شيء، تشكر هيومن رايتس ووتش المهاجرين واللاجئين على مشاركتهم بحكاياتهم وتجاربهم الشخصية في سياق إعداد هذا التقرير.

الملحق

مـلاحـظــــات

اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي

على الجزء الثالث من تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان

المعنون ( الانتهاكات ضد المهاجرين واللاجئين )

المبني على زيارة فريقها إلى الجماهيرية الليبية

في الفترة من 20/4 إلى 11/5/2005مسيحي

مقدمة

=تؤكد اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدوليبأن الجماهيرية الليبية أدركت التداعيات الخطيرة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية المترتبة على الهجرة غير الشرعية ودعت في أكثر من مناسبة إلى ضرورة دراسة الأسباب ومعالجتها بشكل شامل ومتوازن.

وقد قدم الأخ/ قائد الثورة في برقيته التي وجهها إلى رؤساء دول الاتحاد الأوربي بتاريخ 22/6/2002 مسيحي أثناء اجتماعهم في مدينة إشبيلية الأسبانية الحل الأمثل لمعالجة تلك الظاهرةحيث أكد على :

- ضرورة عقد قمة إفريقية أوروبية على غرار قمة القاهرةسنة 2000 لمعالجة ظاهرة الهجرة .

- نقل الاستثمارات وإقامة المشاريع وإيجاد سوق العمل والخدمات والإنتاج في إفريقيا .

=إن مبادرة الأخ/ قائد الثورة المتعلقة بمشروع القذافي للشباب والمرأة والطفل الإفريقي الذي يهدف إلى توطين المشاريع التنموية ومكافحة البطالة والفقر وتوفير فرص العمل لهذه الشرائح المهمة من أبناء إفريقيا تنبع من توجه الجماهيرية الليبية مساهمة في حل مشكلة الهجرة .

=تشارك الجماهيرية الليبية في جهود مكافحة الفقر والجوع في إفريقيا ضمن إطار العلاقات الثنائية ومن خلال المنظمات الدولية نذكر منها على سبيل المثال مساهمة الجماهيرية العظمى بتمويل خمسة مشاريع للأمن الغذائي في كل من بوركينا فاسو وتشاد والنيجر ومالي والسودان أعضاء تجمع دول الساحل والصحراء عن طريق منظمة الأغذية والزراعة ( الفاو) .

=إن الجماهيرية الليبية كانت ولازالت منفتحة على محيطها الإفريقي والعربي حيث يتواجد بها ما يقارب من مليون ونصف عامل أجنبي أكثر من 90% من القارة الإفريقية يعملون لحساب أنفسهم أو مع القطاع الأهلي أو مع القطاع العام وتنظم تشريعات العمل حقوقهم وواجباتهم كما يخضعون لشروط ممارسة المهن والحرف وتشريعات الصحة العامة والضرائب التي يخضع المواطنين لها دون تمييز.

=إن المشكل ليس في الأشخاص الذين يدخلون البلاد بطريقة مشروعة ويبقون فيها بعد انتهاء صلاحية تأشيرة الدخول لغرض العمل أو يخالفون الغرض من التأشيرة بممارسة المهن والحرف المختلفة فهذه الحالات غالباً تتم تسوية أوضاعها وفقاً للتشريعاتالنافذة وحتى الذين يدخلون البلاد بطريقة غير مشروعة تتم تسوية أوضاعهم إذا كانوا يحملون وثائق ثبوتية سليمة .

=إن المشكل الحقيقي هو الأجانب الذين يدخلون البلاد بطريقة غير شرعية ودون وثائق وهؤلاء يشكلون خطراً على الأمن العام الأمر الذي يقتضي اتخاذ الإجراءات القانونية بشأنهم .

=كما إن المشكل الآخر هو الأشخاص الذين يدخلون البلاد بقصد الهجرة إلى دول أخرى ، والجماهيرية الليبية ملتزمة ضمن إطار الاتفاقيات الثنائية والدولية بمكافحة الهجرة غير الشرعية باتخاذ تدابير منع تهريب الأشخاص أو الاتجار بهم ومنع وقوعهم ضحية الابتزاز والاحتيال من قبل عصابات الإجرام المنظم ، وخلال سنة 2005 تم ضبط 49 تنظيماً إجرامياً لتهريب المهاجرين غير الشرعيين وضبط عدد (40 ألف) أجنبياً في محاولة للهجرة غير الشرعية عبر البحر ، كما تم قبول عدد (1876) مهاجراً غير شرعي أعيدوا من إيطاليا تسللوا إليها عبر السواحل الليبية وقد أعيدوا إلي بلدهم الأصلي .

=إن آلاف الأشخاص من المهاجرين غير الشرعيين أعيدوا إلى أوطانهم في الفترة الماضية طوعاً بناءً على طلبهم وتم صرف مساعدات مالية لهم لتدبير شؤونهم العاجلة عند وصولهم إلى أوطانهم ، وخلال سنة 2005 بلغ عدد الذين أعيدوا طوعاً 35627 شخصاً ، كما أبعد 12364 مهاجراً غير شرعي إلى بلدانهم بعد التنسيق مع سلطات دولهم .

=إن الجماهيرية الليبية من الدول التي تأثرت بشكل مباشر من الهجرة غير الشرعية حيث كان لها تبعات على اقتصادها الوطني وأمنها وبنيانها الاجتماعي وبيئتها الصحية ، وفي تقرير أصدره وفد مفوضية الإتحاد الأوربي بعد زيارة قام بها إلى الجماهيرية الليبية خلال الفترة من 27/11 إلى 6/12/2004 م أكد أن ليبيا تكتظ بالمهاجرين من كل الجنسيات باعتبارها بلد مقصد وعبور في نفس الوقت ، وأبدى تفهماً لقلق الجماهيرية الليبية من الآثار السلبية للهجرة غير الشرعية .

=تعد الجماهيرية الليبية من الدول الرائدة في محاربة التمييز العنصري بكافة أشكاله وأسبابه ولا توجد في المجتمع الليبي أية ممارسات تمييزيه ضد الأجانب أياً كان انتماؤهم أو لغتهم أو دينهم أو لغير ذلك من الأسباب .

=إن لكل إنسان ( مواطن أو أجنبي ) وفقاً للوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان في عصر الجماهير وقانون تعزيز الحرية الحق في محاكمة عادلة تكفل له حق الدفاع بواسطة محام يختاره بنفسه .

إن سلامة البدن حق لكل إنسان والتعذيب من الأفعال المحظورة في الجماهيرية الليبية ومعاقب عليه وفقاً لأحكام قانون العقوبات.

=إن الجماهيرية الليبية ملاذ المضطهدين والمناضلين في سبيل الحرية وتحظر التشريعات النافذة تسليم اللاجئين منهم لحماها إلى أية جهة .

… الإساءة أثناء القبض والاعتقال والترحيل :

يزعم التقرير أن المهاجرين واللاجئين يتعرضون إلى انتهاكات أثناء القبض والاعتقال والترحيل ، وأن هذه العمليات تتم بصورة عشوائية وأنه يتم ترحيل أشخاص إلى بلدان سيواجهون فيها مخاطر توجيه الاتهام إليهم دون إعطاء أية فرصة للحصول أو للبحث عن الحماية الدولية ، كما يذكر التقرير أن أماكن الحجز تعاني الازدحام وسوء التغذية وعدم وجود النظافة والرعاية الصحية .

توضح اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي أنه يتواجد في الجماهيرية الليبية عدد كبير من الأجانب الذين يدخلون البلاد بطريقة غير شرعية ، وفي كثير من الأحيان يتعمد بعضهم إخفاء أو إتلاف وثائقه التي تدل على هويته ومنهم من يدخل دون وثائق أصلاً حتى يصعب على الجهات المختصة ترحيله .

إن حالة عدم الشرعية في الدخول أو التواجد مع غياب الوثائق الثبوتيه تشكل خطراً على الأمن العام في أية دولة ولابد للأجهزة المعنية أن تتصرف على وجه يحد من خطورة هذه الحالة ، ولقد أثبتت التحقيقات التي أجرتها الجهات المختصة ضلوع كثير من الأجانب المتواجدين في إطار حالة عدم الشرعية المذكورة سلفاً في جرائم خطيرة ، وتبين أن بعضهم له سجل إجرامي في بلده وشكل أثناء تواجده في الجماهيرية الليبية عصابات للإجرام المنظم بمساعدة بعض المواطنين محترفي الاجرام لارتكاب جرائم من بينها : جلب والاتجار بالمخدرات ،تزوير العملة والوثائق ، السطو والسرقة .

إن التدابير التي تتخذها الجهات المختصة بقصد القضاء على حالة عدم الشرعية السابق ذكرها تتم في إطار القانون ، حيث يخول القانون رقم (6) لسنة 1987 والمعدل بالقانون رقم (2) لسنة 2004 بشأن تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا وخروجهم منها الجهة المختصة اتخاذ إجراء القبض على الأجنبي الذي يدخل البلاد أو يتواجد فيها بصورة غير مشروعة وحجزه في مكان أعد لهذا الغرض لاتخاذ الإجراءات القانونية حياله .

وقد كفلت الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان في عصر الجماهير وقانون تعزيز الحرية حق الإنسان في سلامة بدنه وألا تتم معاملته بصورة قاسية أو مهينة أو ماسه بالكرامة الإنسانية ، كما يحظر القانون على الموظف العمومي استعمال العنف ضد الأشخاص حيث تقضي المادة (431) من قانون العقوبات بمعاقبة الموظف الذي يستعمل العنف ضد الأشخاص بالحبس والغرامة وتصل العقوبة إلى عشر سنوات في حالة التعذيب وفقاً لنص المادة (435) من قانون العقوبات ، وقد يفرط بعض أفراد الشرطة في استعمال القوة أثناء عملية القبض للتغلب على مقاومة المقبوض عليه ، كما قد يسئ بعض هؤلاء استعمال سلطاته إلا أن وقوع مثل هذه الحالات ليست إلا ممارسات فردية معزولة لا تتسم بالمنهجية وهي محل رفض ولا يمكن أن تحظى بدعم أية جهة ، ولقد سبق تسجيل وقائع إفراط في استعمال القوة وإساءة استعمال السلطة ضد بعض الأجانب المقبوض عليهم من قبل بعض أفراد الشرطة واتخذت فيها الإجراءات القانونية ، ومهما يكن فإن الإساءة الجسدية لا يمكن أن تصل إلى حد القتل أو الأذى الخطير أو الجسيم أو الاغتصاب أو هتك الأعراض وما أورده التقرير في الخصوص ليس إلا ترديداً لأقوال مرسلة مصدرها أشخاصاً شعروا بالإحباط نتيجة قطع الطريق عليهم للهجرة إلى دول يعتقدون أنها جنتهم ، وإن الركون إلى مثل تلك الأقوال دون التحقق منها ودعمها بالأدلة يخالف المنهج الذي تعهدت به المنظمة في ذكر الوقائع مدعمة بالوثائق والأدلة .

وفيمايخص المزاعم المتعلقة بوجود إزدحام في مراكز الترحيل وسوء التغذية والنواحي المتعلقة بالنظافة والصحة العامة فإن عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يجري ترحيلهم كبير جداً وتستغرق عملية ترحيلهم وقتاً غير قصير في بعض الأحيان بسبب عدم التجاوب السريع من قبل بعض السفارات والقنصليات التي ينتمي إلى جنسيتها المهاجرون غير الشرعيين المرحلين ، وهذا يسبب ضغطاً على مراكز الترحيل يترتب عليه وجود ظاهرة الازدحام ، وبالرغم من أن هذه المشكلة أصبحت أقل حدة بكثير بعد إدخال تحسينات كبيرة على مراكز الترحيل ، إلاّ إن مسألة الازدحام من الصعب إيجاد حل لها بشكل سريع بسبب الأعداد الهائلة من المهاجرين غير الشرعيين الذين يدخلون الجماهيرية الليبية ، وفي إطار اتفاقية تعاون في مجال مكافحة الجريمة المنظمة والتجارة غير المشروعة للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية والهجرة غير الشرعية الموقعة بتاريخ 18/12/2000 بين الجانب الليبي والإيطالي يجري إنشاء ثلاث مراكز جديدة للترحيل ، وأما فيما يتعلق بمزاعم عدم وجود تغذية كافية والنظافة والصحة العامة فإن الجهة الموكل إليها الإشراف على مراكز الترحيل تسعى جاهده لتوفير الغذاء المناسب وبيئة نظيفة وصحية في تلك المراكز .

وتؤكد اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي أن تداعيات الهجرة غير الشرعية تتطلب نفقات باهظة ليس في وسع الجماهيرية الليبية تحملها وإن الأمر يقتضي معالجه جذرية لأسباب الهجرة غير الشرعية من خلال تنمية أماكن الطرد وتحقيق الأمن والاستقرار فيها.

وليس صحيحاً ما ورد في التقرير أنه يجري إبعاد المهاجرين غير الشرعيين الداخلين للبلاد أو المتواجدين فيها بصورة غير مشروعة إلى المناطق الحدودية، بل إن عمليات الترحيل إلى بلدانهم تتم جواً وبراً بالتنسيق مع سفاراتهم وقنصلياتهم ولقد بلغت تكاليف عمليات الترحيل خلال سنة 2005 (3.678.756) مليون دينار.

وفي شأن زعم التقرير باعتقال طالبي اللجوء وترحيلهم تؤكد اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي أنه ولئن كانت الجماهيرية الليبية ليست طرفاً في اتفاقية جينيف لسنة 1951 بشأن اللاجئين والبروتوكول الملحق بها فإنها وبمقتضى تشريعاتها الداخلية وعلى رأسها الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان في عصر الجماهير وقانون تعزيز الحرية ملاذاً للمناضلين من أجل الحرية وتحظر تلك التشريعات تسليم اللاجئين لحماها إلى أية جهة ، وتوضح أن التقرير يقع في خلط كبير بين المهاجرين الذين يدخلون البلاد بطريقة غير مشروعة بقصد البقاء أو الهجرة إلى دول أخرى ، وبين الذين يدخلون البلاد بطريقة مشروعة وينشدون البقاء فيها طلباً للحرية وهؤلاء تتم استضافهم ، وأما من يرحلون فهم من دخلوا البلاد بطريقة غير مشروعة أو دخلوها بطريقه مشروعة وضبطوا في حالة تسلل إلى دول أخرى ولا يتم إبعادهم إلا بعد اتخاذ الإجراءات القانونية في حقهم.

وتؤكد اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي أنه انطلاقاً من تشريعاتها الداخلية والاتفاقيات التي انضمت إليها من بينها اتفاقية مناهضة التعذيب لا يمكن البتة تسليم شخص إلى بلد أو إبعاده إليها في الوقت الذي تتوافر فيه أدلة على أنه سيكون عرضة للتعذيب أو أنه لن يلقي محاكمة غير عادلة على ما ينسب إليه من تهم في البلد المرحل إليه ، ومن هذا المنطلق فإن اتفاقيات تسليم المجرمين التي تبرمها الجماهيرية الليبية مع دول أخرى تتضمن عدم جواز التسليم في الجرائم السياسية .

وفي شأن ما زعمه التقرير بأن عمليات القبض تتم بطريقة عشوائية فإن ذلك غير صحيح حيث تتم تلك العمليات بشكل منظم ، وقد تم استحداث إدارة عهد إليها مهمة القيام بالإجراءات القانونية في جرائم الدخول للبلاد أو التواجد فيها بصورة غير مشروعة وحيال جرائم تهريب المهاجرين في إطار الحفاظ على كرامة الأشخاص وحقوقهم القانونية وذلك من أجل تعزيز الإجراءات القانونية المتبعة في السابق وتعقد دورات تدريبه لمنتسبي تلك الإدارة من أجل الرفع من كفاءتهم وضمان أن تكون ممارستهم لوظائفهم وفقاً لمعاير حقوق الإنسان الوطنية والدولية .

وفيما يتعلق بمزاعم تقاضي بعض أفراد الشرطة رشاوى من المهاجرين غير الشرعيين لإطلاق سراحهم فإن الرشوة من الأفعال المجرمة والمعاقب عليها وفقاً لأحكام القانون رقم (2) لسنة 1979بشأن الجرائم الاقتصادية وفي حال ارتكابها من موظف أو شرطي يحال للقضاء لمعاقبته عما نسب إليه ، وتؤكد أن الجهات المختصة ستتخذ الإجراءات القانونية في أية وقائع محددة تبلغ بها .

… عدم وجود أية قوانين أو لوائح تنظم عملية اللجوء :

تؤكد اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدوليأن التنظيم التشريعي للجوء هو محل اهتمام من كافة الجهات ذات العلاقة وتعمل تلك الجهات على إصدار قانون ينظم مسائل اللجوء والبت فيه وتحديد أوضاع اللاجئين وحقوقهم ووجباتهم ، ومن المؤمل أن تسفر جهود تلك الجهات على استصدار قانون من المؤتمرات الشعبية الأساسية - الجهة المخولة بإصدار القوانين في الجماهيرية العظمى ينظم اللجوء .

كماتؤكد مجدداً وفاء الجماهيرية الليبية بالتزاماتها المنصوص عليها في التشريعات الوطنية التي تحظر تسليم اللاجئين السياسيين فضلاً عن التزاماتها الدولية المنصوص عليها في اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو المهينة أو اللانسانية واتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية التي تحكم المظاهر الخاصة بمشاكل اللاجئين في أفريقيا .

وفيمايخص المزاعم المتعلقة بمكتب المفوضية العليا لشئون اللاجئين فإنه لا يوجد مكتب لمفوضية الأمم المتحدة العليا لشئون اللاجئين في الجماهيرية الليبية إنما ممثل عين سنة 2001 ضمن إطار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وأن وجوده قد تم على أساس حل مشكلة بعض الصوماليين فقط الذين تم إبعادهم من دول أخرى ، وقد قدمت المفوضية مشروع مذكرة تفاهم لإنشاء مكتب لها وهو محل اهتمام ودراسة من الجهات المختصة . وقعت الجماهيرية الليبية اتفاق تعاون مع المنظمة الدولية للهجرة بتاريخ 9/8/2005 ، وسيقوم مدير عام المنظمة بزيارة الجماهيرية الليبية بتاريخ 25/4/2006 ، لافتتاح مكتب المنظمة وعقد محادثات مع المسئولين.

… الإساءات الأخرى ضد المهاجرين واللاجئين.

يزعم التقرير أنه يوجد تمييزاً ضد الأجانب .

إن اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي تؤكد أن الجماهيرية الليبية لا توجد فيها ظاهرة التمييز سواء على أساس العرق أو اللون أو الدين أو المنشأ أو اللغة أو الخلفية الاجتماعية وغير ذلك من الأسباب التي ترصد على أنها سبباً لبروز ظاهرة التمييز ، ولقد كان ولازال للجماهيرية الليبية دور بارز في محاربة التمييز العنصري وقد شهد بذلك العالم أجمع، وتوضح إن المشاكل التي تحدث بين الأجانب والمواطنين في بعض الأحيان هي مشاكل لا تختلف أسبابها أو طبيعتها عن تلك التي تحدث بين المواطنين أنفسهم أو بين الأجانب أنفسهم وليست وليدة أية ممارسات تمييزية .

وفيما يخص ما سمي بأحداث الزاوية فإن مرد تلك الأحداث قد كانت بسبب إقدام عدد من المهاجرين غير الشرعيين على ارتكاب جرائم السطو المسلح والاغتصاب والسرقة بالإكراه وجرائم أخرى ، وقد سجلت قضية في تلك الواقعة تحت رقم 368 /2000 ، وصدرت أحكاماً ضد المتهمين بالإدانة تضمنت عقوبات مختلفة ، وقد توفي في تلك الأحداث 7 أشخاص من الليبيين والأجانب وليس كما ادعى التقرير بأن المتوفيين من الأجانب بلغ عددهم (51) شخصاً مما يؤكد عدم دقة المعلومات التي ترد للمنظمة وعدم مصداقية مصادرها .

يزعم التقرير بوجود ممارسات تعذيب لانتزاع الاعترافات ووجود محاكمات غير عادله وعدم تمكين المهاجرين غير الشرعيين من الوصول إلى المحامي وإطالة مدة التوقيف وعدم وجود الترجمة أثناء المحاكمة .

إن اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي تؤكد أن للأجنبي على قدم المساواة مع المواطن حق الوصول للعدالة كما أن له الحق في محاكمة تتوافر فيها مقومات وضمانات المحاكمة العادلة وفقاً لما نصت عليها المعايير الوطنية والدولية من أهمها حق الدفاع وهو مكفول للجميع بمقتضى القوانين حيث إن لكل شخص الحق في اختيار محاميه بإرادة حرة للدفاع عنه أمام المحاكم وعلى نفقته وإن كان غير قادر على ذلك تعين له المحكمة محامياً يرضى به يتولى الدفاع عنه بدون مقابل ضماناً لحق مقدس وهو حق الدفاع ، وتنظر قضايا المتهمين في الهجرة غير الشرعية أمام المحاكم وفقاً للقانون .

وفي شأن ما كرره التقرير عن ممارسات التعذيب المزعومة فإنسلامة البدن حق لكل شخص وفقاً للوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان في عصر الجماهير وقانون تعزيز الحرية ، وتؤكد أن التعذيب محظور بمقتضى هذين التشريعين ومعاقب عليه بالسجن لمدة تصل إلى عشر سنوات في قانون العقوبات ، وليس لأي اعتراف انتزع تحت الإكراه البدني أو النفسي أية قوة قانونية في الإثبات أمام المحاكم ، ولكل متهم أن يدفع أمام سلطة التحقيق القضائي أو أمام المحكمة أن اعترافاته المدونة بمحضر الشرطة قد انتزعت منه بطريق الإكراه وفي هذه الحالة تكون كلتاهما ملزمة بتحقيق هذا الدفع بكافة الوسائل القانونية بما في ذلك خبرة الطب الشرعي ، وفي حالة ثبوت الإكراه تبطل الاعترافات ولا يكون لها أية قيمة قانونية في الإثبات ولو إلى جانب أدلة أخرى هذا فضلاً عن محاسبة المسئول عن فعل التعذيب تأديبياً وجنائياً ، ولقد سبق إحالة أعضاء بهيئة الشرطة للمحاكمة الجنائية والتأديبية عن أفعال تعذيب نسبت إليهم وقضي بإدانة من ثبتت في حقه التهمة وعاقبته المحكمة بالعقوبة الجنائية المناسبة فضلاً عن العقاب التأديبي الذي يصل مداه إلى العزل من الوظيفة ، ولا تفوت الإشارة إلى أنه ليس كل ادعاء بالتعذيب هو صحيح إنما يدعى بعض الأشخاص ذلك بقصد الإفلات من العقاب وهو ما أثبتته بعض التحقيقات .

كما تؤكد اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي أن القانون يحدد مدة إجراء التوقيف السابق على الإحالة إلى سلطة التحقيق القضائي الذي تتخذه أجهزة الضبط القضائي ، وفي حالة تجاوز تلك المدة فإن ذلك يؤدي إلى بطلان كل الإجراءات التي اتخذت في حق المتهم إبان الإيقاف غير المشروع فضلاً عن محاسبة المسئول عن ذلك محاسبة جنائية وتأديبية ، وأما الحبس الاحتياطي الذي يتم بمعرفة سلطة التحقيق القضائي فهو محدد المدة أيضا وليس لها أن تتجاوز تلك المدة فإذا رأت ضرورة تمديد حبس المتهم لاستيفاء التحقيق وجب عليها عرض القضية على المحكمة لتمديد مدة الحبس ، وينظم قانون الإجراءات الجنائية كافة المسائل المتعلقة بتمديد الحبس الاحتياطي ومدته بشكل دقيق.

وفيما يخص الترجمة فإن المادة رقم (22) من قانون نظام القضاء تقضي بأن تُسمع أقوال الخصوم أو الشهود الذين يجهلون اللغة العربية بواسطة مترجم محلف ، وبمقتضى هذا النص فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال من الناحية القانونية أن يتم التحقيق مع أي شخص أو محاكمته دون وجود ترجمة إذ كان لا يتكلم اللغة العربية.

إن كلما ساقه التقرير بشأن الانتهاكات المزعومة ليست إلا أقوالاً مرسلة أو استنتاجات مبنية على التخمينات والظنون ولم تقدم المنظمة دليلاً عليها أو تحدد حالات معروفة بالاسم والتاريخ تعرضت لتلك الانتهاكات ، وبذلك فإن المنظمة تكون قد خالفت تعهدها بتقديم كافة الوقائع والمعلومات مدعمة بالأدلة .

تؤكد اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي أن الجماهيرية الليبية في مواجهة التزام مكافحة الهجرة غير الشرعية ضمن إطار الاتفاقيات الثنائية والدولية في واقع يتدفق فيه أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين عبر حدودها الشاسعة ، كما أنها في مواجهة الوفاء بالتزاماتها وتوجهاتها الإنسانية وهو أمر يلقي عليها أعباء جمة وتكاليف باهظة لا تستطيع أي دولة تحملها بمفردها وإنها تدعوا إلى ضرورة إيجاد حل جذري وشامل لمشكلة الهجرة غير الشرعية في إطار عالمي.

[1] التوصيات الموجهة إلى الحكومة الإيطالية هنا وفي الفصل الخاص "بالتوصيات التفصيلية" في آخر هذا التقرير تركز على بواعث القلق على حقوق الإنسان المتعلقة بالتعاون بين إيطاليا وليبيا ولا تتصدى للقضايا الأخرى لحقوق الإنسان المتعلقة بنظام اللجوء والهجرة الإيطالي.

[2]"عدد سكان ليبيا يصل إلى 5.3 مليون نسمة وفقا للتعداد الرسمي"، رويتر، 1 يونيو/حزيران 2006.

[3]حالة حقوق الإنسان الحالية في ليبيا يتناولها بالتفصيل تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في يناير/كانون الثاني 2006 بعنوان "من أقوال إلى أفعال: ضرورة الإصلاحفي مجال حقوق الإنسان"، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مايو/أيار 2006:

http://hrw.org/reports/2006/libya0106/

وانظر أيضاً تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في فبراير/شباط 2006 بعنوان "خطر على المجتمع؟ الاحتجاز التعسفي للنساء والفتيات بهدف "إعادة تأهيلهن اجتماعياً"، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مايو/أيار 2006:

http://hrw.org/arabic/reports/2006/libya0206

[4]انظر بيان هيومن رايتس ووتش الصحفي "ليبيا: الإفراج عن 132 سجيناً سياسياً إشارة مشجعة"، 2 مارس/آذار 2006، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مايو/أيار 2006:

http://hrw.org/english/docs/2006/03/02/libya12750.htm

[5] "لجنة القضاء على التمييز العنصري"، التقرير الدوري الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر للجماهيرية العربية الليبية، 25 فبراير/شباط 2003، رقم الوثيقة: CERD/C/431/Add.5. CCPR، ملاحظات ختامية حول التقرير الدوري الثالث للجماهيرية العربية الليبية، السادس من نوفمبر/تشرين الثاني 1998، رقم الوثيقة: CERD/C/431/Add.5. CCPR. كما صرح رئيس لجنة حقوق الإنسان والشؤون القانونية بمؤتمر الشعب العام، حسني الوحيشي، لهيومن رايتس ووتش بأن "ليبيا ليس بها أقليات. لا أقليات عرقية. ولا أقليات دينية. ونشكر الله على هذه النعمة". مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حسني الوحيشي في طرابلس، 27 إبريل/نيسان 2005.

[6] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد الرمالي، المدير العام لمكتب الجوازات والجنسية (ما يعادل إدارة الهجرة)، 25 إبريل/نيسان 2005. كما قدمت الحكومة الليبية هذه الأرقام إلى بعثة فنية للاتحاد الأوروبي زارت ليبيا في نوفمبر/تشرين الثاني-ديسمبر/كانون الأول 2004. انظر تقرير المفوضية الأوروبية "بعثة فنية إلى ليبيا لبحث الهجرة غير الشرعية"، 27 نوفمبر/تشرين الثاني- 6 ديسمبر/كانون الأول 2004، بروكسيل، الرابع من إبريل/نيسان 2005، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مايو/أيار 2006:

http://www.statewatch.org/news/2005/may/eu-report-libya-ill-imm.pdf

وفي مذكرة قدمتها الحكومة الليبية إلى هيومن رايتس ووتش في 18 إبريل/نيسان 2006، قالت الحكومة إن ليبيا بها حوالي 1.5 مليون من الأجانب، إلا إنها لم تحدد عدد من يقيمون منهم في ليبيا بصفة شرعية (انظر الملحق 1).

[7]سارة حمود، "الهجرة الإفريقية العابرة من ليبيا إلى أوروبا: التكلفة البشرية"، (القاهرة، مطبعة الجامعة الأمريكية بالقاهرة، 2006)، ص 17. وطبقاً للإحصاءات الرسمية المصرية، بلغ عدد المصريين المقيمين بصورة شرعية في ليبيا في يناير/كانون الثاني 2005 حوالي 323 ألفا (حمود، ص 24).

[8]فرض مجلس الأمن على ليبيا حظراً جوياً وحظراً على تصدير أسلحة في عام 1992، بعد نسف طائرة &633;ة وعشرين أو ثلاثين راكباً. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فابريتزيو جاتي، روما، 26 مايو/أيار 2005.

[22]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي امدورد، مدير عام الشؤون القنصلية باللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي، طرابلس، 30 إبريل/نيسان 2005.

[23]مقابلات هيومن رايتس ووتش مع محتجزين في معسكر الفلاحللترحيل، طرابلس، 25 إبريل/نيسان 2005.

[24]مذكرة من الحكومة الليبية إلى هيومن رايتس ووتش، 18 إبريل/نيسان 2006. انظر الملحق 1.

[25]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نصر المبروك، أمين الأمن العام في ذلك الوقت، طرابلس، 26 إبريل/نيسان 2005.

[26]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد الرمالي، طرابلس، 21 إبريل/نيسان 2005.

[27]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العميد صالح رجب، مساعد أمين الأمن العام في ذلك الوقت، 21 إبريل/نيسان 2005.وفي مارس/آذار 2006 أصبح العميد رجب أمينا للأمن العام.

[28]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سعيد عريبي حفيانة، طرابلس، 21 إبريل/نيسان 2005.

[29]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أمل نوري صفر، أمينة الشؤون الاجتماعية بمؤتمر الشعب العام، طرابلس، 25 إبريل/نيسان 2005.

[30]فيلم عن الهجرة غير الشرعية من إعداد اللجنة الشعبية العامة للأمن العام، نوفمبر/تشرين الثاني 2004. قدمت الحكومة الليبية هذا الشريط إلى هيومن رايتس ووتش في مايو/أيار 2005.

[31]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شكري غانم، طرابلس، 28 إبريل/نيسان 2005.

[32]المفوضية الأوروبية، "تقرير البعثة الفنية إلى ليبيا لبحث الهجرة غير الشرعية، 27 نوفمبر/تشرين الثاني-6 ديسمبر/كانون الأول 2004".

[33]"ليبيا تشدد من إجراءاتها الأمنية"، بي بي سي، 27 سبتمبر/أيلول 2000، على الموقع التالي على الإنترنت، 6 مارس/آذار 2006:

http://news.bbc.co.uk/1/hi/world/africa/943863.stm

وأفادت بعض التقارير الإعلامية من نيجيريا بأن القتلى يصل عددهم إلى 500. ("أنباء عن مقتل ما لا يقل عن 500 نيجيري في ليبيا"، وكالة الأنباء الإفريقية "بانا"، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2000).

[34]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مارتا ت.، 26 مايو/أيار 2005.

[35]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الـ-م.، روما، 27 مايو/أيار 2005.

[36]في الماضي منحت الحكومة الليبية اللجوء لعدد قليل من الأفراد بصفة استثنائية، على الرغم من عدم وجود قانون للجوء. فقد قال سليمان الشهومي، أمين الشؤون الخارجية بمؤتمر الشعب العام إنه يجب تقديم الطلب إلى أمين الشؤون الخارجية بمؤتمر الشعب العام لو كان الطالب في ليبيا، أو إلى السفارة الليبية لو كان بالخارج. وقال لهيومن رايتس ووتش "في الماضي كانت طلبات اللجوء السياسي نادرة، ربما بمعدل حالة واحدة كل سنتين أو ثلاث سنوات". ويقول الشهومي إن بعض العراقيين والأفغان والأفراد من دول المغرب وبقية الدول الإفريقية يتقدمون بطلب اللجوء بغرض "استغلال النصوص الموجودة في نظامنا للحصول على السيارة والمنزل أو الأمن". وقد أخبر شكري غانم الأمين العام السابق لمؤتمر الشعب العام هيومن رايتس ووتش أن ليبيا كانت تمنح اللجوء لحفنة من الأفراد على مدار سنوات إذا كانوا "معرضين لخطر وشيك يهدد حياتهم بسبب معتقداتهم". وأشار على سبيل المثال إلى الزعيم الأوغندي السابق عيدي أمين الذي فر إلى ليبيا في عام 1979، حيث قضى عامين في حماية القذافي قبل أن ينتقل إلى المملكة العربية السعودية التي تُوفي فيها عام 2003.

[37]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد الرمالي، طرابلس، 25 إبريل/نيسان 2005.

[38]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي امدورد، طرابلس، 30 إبريل/نيسان 2005.

[39]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شكري غانم، طرابلس، 28 إبريل/نيسان 2005.

[40]إعلان دستور 1969، مادة 11.

[41]القانون رقم 20 لسنة 1991، مادة 21.

[42]القانونان الأساسيان الآخران هما إعلان سلطة الشعب، الذي اعتمد في الثاني من مارس/آذار 1977، والوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان في عصر الجماهير، التي اعتمدت في يونيو/حزيران 1988. لمزيد من التفاصيل، انظر هيومن رايتس ووتش "من الأقوال إلى الأفعال: الحاجة الماسة لإصلاح حقوق الإنسان"، يناير/كانون الثاني 2006.

[43]انظر الملاحظة الختامية رقم 25 للجنة التنفيذية، الخاتمة العامة بخصوص الحماية الدولية، 1982؛ 1982، فقرة ب، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 6 مارس/آذار 2006:

http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/excom/opendoc.htm?tbl=EXCOM&page=home&id=3ae68c434c

والمادة الخامسة من إعلان قرطاجة للاجئين، 1984، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 6 مارس/آذار 2006:

http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/research/opendoc.htm?tbl=RSDLEGAL&id=3ae6b36ec

والمادة 5 من مبادئ بانكوك المنقحة بخصوص وضع ومعاملة اللاجئين لعام 2001، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 6 مارس/آذار 2006:

http://www.aalco.org/Final%20Text%20of%20Bangkok%20Principles.htm

هناك ما يشبه الإجماع بين الباحثين على هذه النقطة. انظر لاوترباخت وبيثليهيم "نطاق ومضمون مبدأ عدم الطرد أو الرد: وجهة نظر"، فبراير/شباط 2003، مفوضية شؤون اللاجئين، فقرة 216؛ بروين و ووترز "الإرهاب واستحالة التخلي عن مبدأ عدم الطرد أو الرد"، المجلة الدولية لقانون اللاجئين، ج 15، رقم 5 (2003)، جزء 4-6؛ جين ألان "الطبيعة الحساسة لمبدأ عدم الطرد أو الرد" المجلة الدولية لقانون اللاجئين، ج 13 (2001)، ص 538؛ فايسبروت وهورترايتيري "مبدأ عدم الطرد أو الرد"، بافالو هيومن رايتس ريفيو، ج 5، (1999).

[44]لجنة حماية الصحفيين، "لجنة حماية الصحفيين تطلب من وزير العدل الإفصاح عن مكان 15 صحفياً7 يونيو/حزيران 2001، على الموقع التالي على الإنترنت،تاريخ الإطلاع: 6 مارس/آذار 2006:

http://www.cpj.org/news/2001/Eritrea07jun01na.html

[45] لجنة حماية الصحفيين، اعتداءات على الصحافة في عام 2001، مارس/آذار 2002، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 6 مارس/آذار 2006:

http://www.cpj.org/attacks01/africa01/eritrea.html

[46]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يوهانيس ج.، روما، 24 مايو/أيار 2005.

[47]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سليمان الشهومي، أمين الشؤون الخارجية بمؤتمر الشعب العام، طرابلس، 4 مايو/أيار 2005.

[48]رسالة من مفوضية شؤون اللاجئين إلى هيومن رايتس ووتش، 5 إبريل/نيسان 2006.

[49]المصدر السابق.

[50]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سعيد عريبي حفيانة، طرابلس، 21 إبريل/نيسان 2005.

[51] مفوضية شؤون اللاجئين، خطة العمليات القطرية لعام 2006 في ليبيا، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع 6 مايو/أيار 2006:

http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/home/opendoc.pdf?tbl=RSDCOI&id=43327bfb2

[52]التقت هيومن رايتس ووتش برجل صومالي في ليبيا قال إن الحكومة السعودية كانت قد احتجزته لمدة شهرين في 1991، ثم رحلته إلى ليبيا في أكتوبر/تشرين الثاني 1991 مع 300 صومالي آخر. (مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد ب.، طرابلس، 25 إبريل/نيسان 2005).

[53]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسئولي مفوضية شؤون اللاجئين، طرابلس، 21 إبريل/نيسان 2005، ومقابلة هيومن رايتس ووتش مع آدان م.، روما، 26 مايو/أيار 2005.

[54]سامية نخول، "فلسطينيو المخيمات يرفضون عفو القذافي"، رويتر، 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2005.

[55]انظر منظمة العفو الدولية، "الشرق الأوسط: الخوف والفرار والنفي القسري"، رقم الوثيقة: MDE 01/01/97، 3 سبتمبر/أيلول 1997، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: مارس/آذار 2006:

http://web.amnesty.org/library/Index/ENGMDE010011997?open&of=ENG-376

[56]منظمة العفو الدولية، "تقرير عام 2005 ليبيا"، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 6 مارس/آذار 2006:

http://web.amnesty.org/report2005/lby-summary-eng

انظر أيضا خطاب هيومن رايتس ووتش إلى معمر القذافي، 22 يوليو/تموز 2004، على الموقع التالي على الإنترنت:

http://hrw.org/english/docs/2004/07/22/libya9127.htm

وخطاب هيومن رايتس ووتش إلى الرئيس الإريتري إسياس أفورقي، الثالث من أغسطس/آب 2004، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع 6 مارس/آذار 2006:

http://hrw.org/english/docs/2004/08/03/eritre9178.htm

[57]ملاحظات موجزة لمفوضية شؤون اللاجئين، "مفوضية شؤون اللاجئين تشعر بالقلق من استمرار العودة القسرية للاجئين محتملين من ليبيا"، 21 سبتمبر/أيلول 2004، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مايو/أيار 2006:

http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/news/opendoc.htm?tbl=NEWS&id=414ffeb4c&page=news

[58]بيان صحفي لمفوضية شؤون اللاجئين، ""مفوضية شؤون اللاجئين تشعر بالقلق العميق من حالات العودة من إيطاليا"، 4 أكتوبر/تشرين الثاني 2004، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع 6 مارس/آذار 2006:

http://www.unhcr.ch/cgi-bin/texis/vtx/news/opendoc.htm?tbl=NEWS&id=4165521c4

والبيان الصحفي للمفوضية، "إيطاليا: السماح لمفوضية شؤون اللاجئين في روما بالوصول إلى مركز لامبيدوسا، لكنها لا تتمكن من ذلك في ليبيا"، 8 أكتوبر/تشرين الثاني 2004، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع 6 مارس/آذار 2006:

http://www.unhcr.ch/cgi-bin/texis/vtx/news/opendoc.htm?tbl=NEWS&id=416668e110

[59]من تنطبق عليه معايير القانون الأساسي لمفوضية شؤون اللاجئين يصبح مؤهلاً للحصول على حماية المفوضية بصرف النظر عما إذا كان مقيماً في بلد طرف في اتفاقية اللاجئين أو بروتوكولها أم لا، وبصرف النظر عما إذا كان قد اعترفت به دولة طرف في الاتفاقية أو البروتوكول أم لا. ويُشار إلى اللاجئين الذين يدخلون ضمن صلاحيات المفوض السامي بوصف "اللاجئين المستحقين للحماية". وتباشر المفوضية التزاماتها المتعلقة بالحماية وغيرها من المسؤوليات لصالح هؤلاء.

[60] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الأمين س.، روما، 24 مايو/أيار 2005.

[61]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع جيتاشيو ج.، روما، 24 مايو/أيار 2005.

[62]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إفريم س.، روما، 24 مايو/أيار 2005.

[63]مفوضية شؤون اللاجئين، خطة العمليات القطرية لليبيا، 2006، والإحصاءات المقدمة إلى هيومن رايتس ووتش من مفوضية شؤون اللاجئين في طرابلس في يونيو/حزيران 2005.

[64]لطالبي اللجوء الحق في الطعن في رفض طلباتهم عن طريق نفس مكتب المفوضية الذي قدموا الطلب إليه. وفي هذه الحالة، يراجع رئيس البعثة قرار مسئول الحماية. وفي إبريل/نيسان 2005، كان هناك أربعة أو خمسة طعون معلقة.

[65]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسئولي مفوضية شؤون اللاجئين، طرابلس، 25 إبريل/نيسان 2005. وانظر أيضاً منظمة العفو الدولية، "ليبيا: آن الأوان لجعل حقوق الإنسان حقيقة ملموسة"، رقم الوثيقة: MDE 19/002/2004، 27 إبريل/نيسان 2004.

[66]دليل إعادة التوطين، مفوضية شؤون اللاجئين، إدارة الحماية الدولية، جنيف، يوليو/تموز 1997.

[67]تقدم المفوضية للحالات الطارئة المبالغ الشهرية التالية: 35 ديناراً للأعزب البالغ، 50 ديناراً للزوجين، 10 دينارات إضافية عن كل طفل (الدينار يساوي 0.6 يورو تقريباً). وتتولى إصدار القرار الخاص بمن يحصل على المساعدة والمبلغ الذي يستحقه لجنة استشارية مساعدة، تتألف من مسئول الحماية بالمفوضية، ومسئول البرامج، والشريك المحلي المنفذ (جمعية الوفاء الخيرية للخدمات والعلاقات الإنسانية)، والهيئات الحكومية المحلية وممثل عن لجنة الشؤون الاجتماعية على مستوى البلدية.

[68]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسئولي مفوضية شؤون اللاجئين، طرابلس، 25 إبريل/نيسان 2005.

[69]يشمل التدريب المهني الهندسة الكهربية والحساب والحياكة وما إلى ذلك. ويحصل بعض اللاجئين على عدة أدوات للعمل بالميكانيكا أو لحام المعادن. ويُعتبر هذا التدريب تمهيداً لبقائهم في ليبيا أو لإعادتهم لمواطنهم في آخر الأمر.

[70]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسئولي مفوضية شؤون اللاجئين، طرابلس، 25 إبريل/نيسان 2005.

[71] من بينها مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية التي يديرها سيف الإسلام ابن القذافي؛ رابطة واعتصموا التي تديرها عائشة ابنة القذافي، المنظمة الدولية للسلام والرعاية والإغاثة، الجمعية العالمية للدعوة الإسلامية، وجمعية الهلال الأحمر الليبية، وكل هذه المؤسسات تتعاون بدرجات مختلفة مع مفوضية شؤون اللاجئين. الشريك المحلي المنفذ الرئيسي هو جمعية الوفاء الخيرية للخدمات والعلاقات الإنسانية. وأفادتمفوضية شؤون اللاجئين أن المنظمات الأخرى "أميل إلى مساعدة اللاجئين خارج ليبيا". (مفوضية شؤون اللاجئين، خطة العمليات القطرية لليبيا، 2006).

[72]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي س. أباني، الأمين العام لجمعية الوفاء، طرابلس، 30 إبريل/نيسان 2005. تساعد جمعية الوفاء الأسر الكبيرة محدودة الدخل والأفراد أصحاب المواهب الإبداعية. وقد أصبحت مساعدة اللاجئين جزءاً من مشروعاتها الرئيسية عندما دعت الحكومة الليبية الصوماليين إلى ليبيا في عام 1991. وللجمعية مكتب فرعي خاص به خمسة من العاملين لتقديم العون للاجئين يومياً عدا أيام الأجازات. كما تقوم الجمعية بزيارات منزلية للمستضعفين وتدير برنامجاً لإشراك أطفال اللاجئين في المجتمع (كالحفلات في الأعياد الدينية). ولا تتصل الجمعية بأي شخص خارج الفئات المسجلة لدى مفوضية شؤون اللاجئين.

[73]تساعد جمعية الوفاء كل اللاجئين الذين دبرت لهم العلاج حتى لو لم يقدروا على السداد. فقد أفاد مسئولوها أن الجمعية إما أن تدفع نصف التكاليف (ويدفع اللاجئ النصف الآخر أو تعفيه منه المستشفى)، وإما أن تتفاوض على اتفاق مع المستشفى.

[74]رسالة بريد إلكتروني من مفوضية شؤون اللاجئين إلى هيومن رايتس ووتش، 5 إبريل/نيسان 2006.

[75] عبارة "المهاجرون واللاجئون" هنا وفي بقية هذا التقرير تشمل طالبي اللجوء وغيرهم ممن يحتاجون إلى الحماية الدولية.

[76]حمود، ص 30.

[77]القانون الليبي الأساسي الذي ينظم دخول الأجانب وإقامتهم ومغادرتهم هو القانون رقم 6 (1987)، المعدل بالقانون رقم 2 (2004). انظر الفصل التاسع "المعايير القانونية".

[78]مذكرة من الحكومة الليبية إلى هيومن رايتس ووتش، 18 إبريل/نيسان 2006. انظر الملحق 1.

[79]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع تسفاي هـ. وألمظ ن.، روما، 25 مايو/أيار 2005.

[80]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بركات ت.، روما، 25 مايو/أيار 2005.

[81] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد أ.، روما، 27 مايو/أيار 2005.

[82]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أنابيس س.، روما، 25 مايو/أيار 2005.

[83]وزارة الخارجية الأمريكية، التقرير القطري حول ممارسات حقوق الإنسان: ليبيا 2001، الصادر في الرابع من مارس/آذار 2002، على الموقع التالي على الإنترنت، بتاريخ 13 مارس/آذار 2006:

http://www.state.gov/g/drl/rls/hrrpt/2001/nea/8273.htm

[84]المناطق الأربع هي مخيم طريق المطار (ومعظم نزلائه من النيجيريين ومواطني دول غرب إفريقيا)، ومخيم القرم (للتشاديين والسودانيين)، ومخيم القرم الثاني (لمواطني غرب إفريقيا)، ومخيم منطقة الزهراء المعروف بغوط أبو ساج. وقد أزالت السلطات الليبية تلك المخيمات كلها إلا الأخير منها، الذي كان الوحيد الذي ظل قائما في عام 2005. وكانت كل هذه المخيمات مقامة على أراض مملوكة للحكومة، عدا مخيم طريق المطار الذي تدخل الملكية الخاصة في جزء منه. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شخص طلب عدم الإفصاح عن اسمه، طرابلس، إبريل/نيسان 2005.

[85]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع تسفاي هـ. وألمظ ن.، روما، 25 مايو/أيار 2005.

[86]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد أ.، روما، 27 مايو/أيار 2005.

[87]رسالة بريد إلكتروني من ديفيد ب. إلى هيومن رايتس ووتش، أغسطس/آب 2004.

[88]تضمن المحتجزون 12 لاجئا ليبيريا، وأسرتين صوماليتين لاجئتين، إحداهما تضم أربعة أطفال والأخرى ستة (ولم يحتجز أبو الأطفال الستة، بينما احتجزت الأم وأطفالها في إجراء لا تفسير له)، ولاجئا صوماليا (احتجز وحده)، وثلاثة من طالبي اللجوء الإثيوبيين، وثلاثة من طالبي اللجوء الإريتريين منهم واحد احتجز مع طفليه (توأمين عمرهما ثمانية أشهر)، وطالب لجوء من الكونغو.

[89]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مسئولي مفوضية شؤون اللاجئين، طرابلس، 21 إبريل/نيسان 2005.

[90]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي امدورد، طرابلس، 30 إبريل/نيسان 2005.

[91]الوثيقة محفوظة لدى هيومن رايتس ووتش.

[92] من ترجمة غير رسمية قامت بها هيومن رايتس ووتش للقرار رقم 67/2004 للجنة الشعبية العامة للأمن.

[93] طلبت هيومن رايتس ووتش من الحكومة الليبية أيضا أن تعلمها بعدد رجال الشرطة وحرس الحدود الذين أجرت التحقيق معهم وعاقبتهم على مخالفة التوجيهات.

[94]المفوضية الأوروبية "تقرير البعثة الفنية إلى ليبيا لبحث الهجرة غير الشرعية"، 27 نوفمبر/تشرين الثاني-6 ديسمبر/كانون الأول 2004.

[95]مذكرة من الحكومة الليبية إلى هيومن رايتس ووتش، 18 إبريل/نيسان 2006. انظر الملحق 1.

[96]كما يجب إخطار المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين كتابة بلغة يفهمونها بأسباب الاحتجاز وبإمكانية الانتصاف عن طريق سلطة قضائية لها صلاحية البت على وجه الفور في قانونية الاحتجاز والأمر بالإفراج عن المحتجز إذا كان ذلك مناسباً. لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، تقرير الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، رقم الوثيقة: E/CN.4/2000/4، 28 ديسمبر/كانون الأول 1999، ملحق 2، مداولة 5، "وضع المهاجرين وطالبي اللجوء"، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 6 مارس/آذار 2006:

http://www.unhchr.ch/Huridocda/Huridoca.nsf/0811fcbd0b9f6bd58025667300306dea/39bc3afe4eb9c8b480256890003e77c2?OpenDocument#annexII

[97]المصدر السابق.

[98]رسالة من هيومن رايتس ووتش إلى روبرت بايفا، مدير إدارة العلاقات الخارجية بالمنظمة الدولية للهجرة، 28 إبريل/نيسان 2006.

[99]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي امدورد، طرابلس، 30 إبريل/نيسان 2005. وقد ذكر امدورد أن امرأة حامل تُوفيت في مخيم الكفرة، لكنه رفض إعطاء التفاصيل.

[100]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أبرهه م.، روما، 26 مايو/أيار 2005.

[101]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع تيكلو أ.، روما، 26 مايو/أيار 2005.

[102]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إسكندر س.، روما، 26 مايو/أيار 2005.

[103]تمنح الحكومة الإيطالية تصريح إقامة بصفة مؤقتة لمدة تصل إلى عامين بموجب المادة 5(6) من القانون رقم 189/2002، المعروف بقانون "الملجأ النهائي". انظر الفصل العاشر من هذا التقرير.

[104]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ولد مريم ج.، روما، 26 مايو/أيار 2005.

[105]محمد ولد حسن، "المخاطر التي يواجهها المهاجرون الصوماليون في ليبيا"، أخبار بي بي سي، 16 سبتمبر/أيلول 2004، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مايو/أيار 2006:

http://news.bbc.co.uk/2/hi/africa/3659658.stm

[106]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أنابيسا س.، روما، 25 مايو/أيار 2005.

[107]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الأمين س.، 24 مايو/أيار 2005، واسطفانوس هـ.، 26 مايو/أيار 2005.

[108]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع غيتاشيو ج.، روما، 24 مايو/أيار 2005.

[109]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يوهانيس ج.، روما، 24 مايو/أيار 2005.

[110]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أفريم س.، 24 مايو/أيار 2005.

[111]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع تيكلو أ.، روما، 26 مايو/أيار 2005.

[112]في أواخر عام 2004 زارت البعثة الفنية للمفوضية الأوروبية كلا من المعسكرات الطوعية وغير الطوعية. انظر تقرير المفوضية الأوروبية، ص 31-32 (حيث ورد خطأ أن موقع المركز هو شارع الفتح).

[113]فيفيان وولت، "بين قارتين"، تايم الأوروبية، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2004، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 6 مارس/آذار 2006:

http://www.time.com/time/europe/magazine/article/0,13005,901041018-713167,00.html

[114]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي امدورد، طرابلس، 30 إبريل/نيسان 2005.

[115]مراسلات بين هيومن رايتس ووتش وبوب بايفا، 28 إبريل/نيسان 2006.

[116]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي امدورد، طرابلس، 30 إبريل/نيسان 2005.

[117]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد الرمالي، 25 إبريل/نيسان 2005.

[118]زيارة هيومن رايتس ووتش إلى مركز الفلاح للترحيل، 25 إبريل/نيسان 2005.

[119]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هادي خميس، مدير معسكرات الترحيل، مكتب الجوازات والجنسية، طرابلس، 9 مايو/أيار 2005.

[120]المصدر السابق.

[121]"تقرير البعثة إلى ليبيا، 17-20 إبريل/نيسان 2005"، بقلم هيلين فلوتر، عضو البرلمان الأوروبي، 2 يونيو/حزيران 2005، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مايو/أيار 2006:

http://libertysecurity.org/IMG/pdf/flautre-libye-avr05.pdf

[122]أخبر مسئولون ليبيون وفد البرلمان الأوروبي أن متوسط طول فترة الإقامة في الفلاح هو أسبوعان، إلا أن بعض الأفراد يظلون محتجزين لمدد تصل إلى ثمانية أشهر، "تقرير البعثة إلى ليبيا، 17-20 إبريل/2005"، ص 7.

[123]مقابلة مع هيومن رايتس ووتش، مركز الفلاح للترحيل، طرابلس، 9 مايو/أيار 2005، حُجب الاسم.

[124]مقابلات مع هيومن رايتس ووتش، مركز الفلاح للترحيل، طرابلس، 9 مايو/أيار 2005، حُجبت الأسماء.

[125]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ديفيد ب.، طرابلس، 21 إبريل/نيسان 2005.

[126]المفوضية الأوروبية "تقرير البعثة الفنية إلى ليبيا المختصة بالهجرة غير القانونية، 27 نوفمبر/تشرين الثاني 6 ديسمبر/كانون الأول 2004".

[127]"قلق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة بشأن استمرار الإعادة القسرية من ليبيا لأشخاص قد يكونون من اللاجئين" مذكرات إحاطة أصدرتها المفوضية في 21 سبتمبر/أيلول 2004.

[128]مذكرة الحكومة الليبية إلى هيومن رايتس ووتش في 18 إبريل/ نيسان 2006. انظر الملحق 1.

[129]تقرير المفوضية الأوروبية. يقول التقرير إنه في عام 2003 كان 38 في المائة من الذين أعيدوا من المصريين، و15 في المائة نيجيريين، و12 في المائة سودانيين، و11 في المائة غانيين، و10 في المائة نيجيريين. وكانت باقي الجنسيات مغربية، ومالية، وإريترية، وصومالية، وكانت نسبة مئوية ضئيلة من بنغلاديش وباكستان والشرق الأقصى. وشهد عام 2004 زيادة كبيرة في المواطنين المصريين ومواطني بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وخصوصاً نيجيريا والنيجر وغانا ومالي.

[130]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي امدورد، طرابلس، 30 إبريل/نيسان 2005.

[131]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عريبي حفيانة، طرابلس، 21 إبريل/نيسان 2005.

[132]وثيقة الأمم المتحدة رقم CAT/C/44/add.3 متاحة في الموقع التالي على الإنترنت؛ تاريخ الإطلاع: 6 مارس/آذار 2006 http://www.unhchr.ch/tbs/doc.nsf/(Symbol)/CAT.C.44.Add.3.En?OpenDocument

[133]مذكرة الحكومة الليبية إلى هيومن رايتس ووتش بتاريخ 18 إبريل/نيسان 2006. انظر الملحق 1.

[134]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي امدورد، طرابلس، 30 إبريل/نيسان 2005.

[135]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد الرمالي، طرابلس، 2005 إبريل/نيسان 2005.

[136]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هادي خميس، طرابلس، 9 مايو/أيار 2005.

[137]مذكرة الحكومة الليبية إلى هيومن رايتس ووتش في 18 إبريل/نيسان 2006. انظر الملحق 1.

[138] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فابريتسيو غاتي، روما، 26 مايو/أيار 2005.

[139] فابريتسيو غاتي "الرحلة الأخيرة للملعونين في الصحراء الكبرى"، صحيفة إسبرسو، روما، 24 مارس/آذار 2005.

[140] قرار البرلمان الأوروبي بشأن لامبيدوزا، 14 إبريل/نيسان 2005، وهو متاح في الموقع التالي على الإنترنت؛ تاريخ الإطلاع: 7 مايو/أيار 2006:

http://www.europarl.eu.int/omk/sipade3?PUBREF=-//EP//TEXT+TA+P6-TA-2005-0138+0+DOC+XML+V0//EN&L=EN&LEVEL=2&NAV=S&LSTDOC=Y

[141]من المحتمل أن يكون القرار قد استشهد بمقال فابريتسيو غاتي "الرحلة الأخيرة للملعونين في الصحراء"، فهو يذكر أيضاً أن عدد من ماتوا 106، باعتباره "الرقم الرسمي".

[142]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سفير بلد إفريقي في ليبيا، طرابلس، مايو/أيار 2005. وقد ذكرت التقارير القُطرية بشأن ممارسات حقوق الإنسان عن عام 2001، الصادرة من وزارة الخارجية الأمريكية أيضاً أن ليبيا "قامت بترحيل مئات الآلاف من العمال المهاجرين الإفريقيين بنقلهم في قوافل من السيارات إلى الحدود الجنوبية وتركهم في الصحراء".

[143]"غانا تدافع عن حقوق المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا"، صحيفة أفرونيوز، بتاريخ 11 مارس/آذار 2004، في الموقع التالي عل الإنترنت؛ تاريخ الإطلاع: 7 مايو/أيار 2006:http://www.afrol.com/articles/15868

[144] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إسكندر س.، روما، 26 مايو/أيار 2005.

[145] سألت هيومن رايتس ووتش الحكومة الليبية إن كان لديها اتفاق رسمي مع الحكومة الإريترية حول إعادة الأشخاص، ولكن المنظمة لم تتلق رداً من الحكومة الليبية حتى أول مايو/أيار 2006.

[146]الرحلة الجوية مذكورة في الملحق 2، "قائمة الرحلات الجوية الخاصة"، من تقرير المفوضية الأوروبية المبني على أساس زيارتها لليبيا عام 2004.

[147]منظمة العفو الدولية "تقرير 2005 ليبيا"، متاح في 6 مارس/آذار 2006 في الموقع التالي على الإنترنت: http://web.amnesty.org/report2005/lby-summary-eng؛ انظر أيضاً خطابيْ هيومن رايتس ووتش إلى معمر القذافي بتاريخ 22 يوليو/تموز 2004، وإلى الرئيس الإريتري أسايس أفورقي بتاريخ 3 أغسطس/آب 2004.

[148]انظر: "إريتريون في حادث اختطاف طائرة"، بي بي سي نيوز (أخبار هيئة الإذاعة البريطانية) بتاريخ 27 أغسطس/آب 2004، في الموقع التالي على الإنترنت؛ تاريخ الإطلاع: 7 مايو/أيار 2006: http://news.bbc.co.uk/2/hi/africa/3605184.stm

[149]"قلق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة بشأن استمرار الإعادة القسرية من ليبيا لأشخاص قد يكونون من اللاجئين" مذكرات إحاطة أصدرتها المفوضية في 21 سبتمبر/أيلول 2004.

[150]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الأمين س.، روما، 24 مايو/أيار 2005.

[151]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد الرمالي، طرابلس، 25 إبريل/نيسان 2005.

[152]قامت هيومن رايتس ووتش أثناء زيارتها في 25 إبريل/نيسان بإجراء مقابلات قصيرة مع ثلاثة رجال من ليبيريا. وقال مسئولو الهجرة لهيومن رايتس ووتش أثناء زيارتها في 9 مايو/أيار إن الليبيريين كانوا محتجزين ريثما يتم ترحيلهم.

[153]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي امدورد، طرابلس، 30 إبريل/نيسان 2005.

[154] المفوضية الأوروبية "تقرير البعثة الفنية إلى ليبيا المختصة بالهجرة غير القانونية" 28 نوفمبر/تشرين الثاني 6 ديسمبر/كانون الأول 2004".

[155]تلعب القبائل دوراً مهماً في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في ليبيا، ويمثل الانتماء إلى قبيلة قوية مصدراً للحماية والدعم.

[156]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سعيد عريبي حفيانة، طرابلس، 21 إبريل/نيسان 2005.

[157]مذكرة من الحكومة الليبية إلى هيومن رايتس ووتش، 18 إبريل/نيسان 2006. انظر الملحق 1.

[158]لجنة القضاء على التمييز العنصري، الجماهيرية العربية الليبية، التقرير الدوري السابع عشر للدول الأطراف وموعده 2002، 18 يونيو/حزيران 2003، رقم الوثيقة: CERD/C/431/Add.5.

[159]الملاحظات الختامية للجنة القضاء على التمييز العنصري: الجماهيرية العربية الليبية، 12 مارس/آذار 2004، رقم الوثيقة: CERD/C/64/CO/4.

[160]المصدر السابق.

[161]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يوسف ج.، روما، 24 مايو/أيار 2005.

[162]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع غيتاشيو ج.، روما، 24 مايو/أيار 2005.

[163]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إفريم س.، روما، 24 مايو/أيار 2005.

[164]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ديفيد ب.، طرابلس، 21 إبريل/نيسان 2005.

[165]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد أ.، روما، 27 مايو/أيار 2005. وتنص المادة 12 من القانون رقم 6 (1987) على ضرورة قيام جميع أصحاب العمل بالإخطار عن انضمام العاملين غير الليبيين خلال سبعة أيام. كما ينص قانون الهجرة الجديد رقم 2 (2004) ولائحته التنفيذية على ضرورة حمل الأجانب تصريح عمل وإلا فعليهم مغادرة البلاد ، وعلى فرض عقوبات على أصحاب العمل الذين لا يسجلون أي موظف أجنبي لدى السلطات.

[166] الملاحظات الختامية للجنة القضاء على التمييز العنصري، الجماهيرية العربية الليبية، 12 مارس/آذار 2004، رقم الوثيقة: CERD/C/64/CO/4.

[167]منظمة العمل الدولية، تقرير حقائق أمانة مجموعة العمال لعام 2004، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 6 مارس/آذار 2006:

http://www.ilo.org/public/english/dialogue/actrav/new/ilc04/file4.pdf

[168]"ليبيا تشدد الإجراءات الأمنية"، أخبار بي بي سي، 27 سبتمبر/أيلول 2000، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مارس/آذار 2006:

http://news.bbc.co.uk/1/hi/world/africa/943863.stm

[169]"وزير ليبي يقول إن أنباء الصدامات في ليبيا "لا أساس لها من الصحة"، وكالة الأنباء الفرنسية، 26 سبتمبر/أيلول 2000.

[170]مذكرة من الحكومة الليبية إلى هيومن رايتس ووتش، 18 إبريل/نيسان 2006. انظر الملحق 1.

[171]"مقتل حوالي 50 إفريقياً في صدامات في ليبيا: تقارير صحفية"، وكالة الأنباء الفرنسية، 26 سبتمبر/أيلول 2000.

[172]سيجون أديمي، "مقتل شخص في مظاهرة ضد ليبيا"، وكالة الأنباء الإفريقية "بانا"، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2000. و"أنباء عن مقتل ما لا يقل عن 500 نيجيري في ليبيا"، وكالة الأنباء الإفريقية "بانا"، الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2000.

[173]"السودان يدعو القذافي للتدخل في الصدامات الليبية"، قسم الاستماع بهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي: الشرق الأوسط، تليفزيون السودان، 26 سبتمبر/أيلول 2000.

[174]"نهب سفارة النيجر في العاصمة الليبية"، وكالة الأنباء الفرنسية، 30 سبتمبر/أيلول 2000.

[175] الملاحظات الختامية للجنة القضاء على التمييز العنصري: الجماهيرية العربية الليبية، 12 مارس/آذار 2004، رقم الوثيقة: CERD/C/64/CO/4.

[176]منظمة العفو الدولية، "التقرير السنوي لعام 2002"، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 29 إبريل/نيسان 2006:

http://web.amnesty.org/report2002/mde/libya!Open

[177]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ديفيد ب.، طرابلس، 21 إبريل/نيسان 2005.

[178]"الدفعة الأولى من الرعايا الذين تم إجلاؤهم تصل من ليبيا"، قسم الاستماع بهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي: إفريقيا، 10 أكتوبر/تشرين الأول 2000، عن وكالة الأنباء الإفريقية "بانا"، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2000.

[179]سيجون أديمي، "مقتل شخص في مظاهرة ضد ليبيا"، وكالة الأنباء الإفريقية "بانا"، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2000.

[180]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد أ.، روما، 27 مايو/أيار 2005.

[181]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أليكس م.، 25 مايو/أيار 2005.

[182]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اسطفانوس هـ.، روما، 26 مايو/أيار 2005.

[183]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ديفيد ب، طرابلس، 21 إبريل/نيسان 2005.

[184]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع غيتاشيو ج.، روما، 24 مايو/أيار 2005.

[185]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الـ-م.، روما، 27 مايو/أيار 2005.

[186]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مريم م.، روما، 25 مايو/أيار 2005. وقد وُلدت مريم من أبوين إريتريين، لكنها ولدت وتربت في السودان، وليس لديها وثائق للجنسية من أي من البلدين.

ويحظر القانون الليبي وجود خدم بالمنازل، إذ تنص المادة 22 من الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان على أن "أبناء المجتمع الجماهيري يرون في خدم المنازل رقيق العصر الحديث، وعبيداً لأرباب عملهم... لذلك يحرم المجتمع الجماهيرياستخدام خدم المنازل فالبيت يخدمه أهله".

[187]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع قائد مركز شرطة الزاوية، الاسم غير معروف، 2 مايو/أيار 2005.

[188]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد المصراتي، النائب العام، 28 إبريل/نيسان 2005.

[189]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نصر المبروك، طرابلس، 26 إبريل/نيسان 2005.

[190]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شكري غانم، طرابلس، 28 إبريل/نيسان 2005.

[191]بيان أمين الشؤون الإعلامية بأمانة الاتصال الخارجي، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2005. انظر "طرابلس "تستغرب" تهم التعذيب في ليبيا"، وكالة الأنباء الفرنسية، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2005. البيان الكامل موجود في تقرير بعنوان "ليبيا تنكر قضايا التعذيب التي أبلغت عنها هيومن رايتس ووتش"، قسم الاستماع بهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي: الشرق الأوسط، مترجم عن وكالة أنباء "جانا"، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2005.

وكانت الحكومة الليبية ترد بذلك على بيان لهيومن رايتس ووتش عن التعذيب في ليبيا. (انظر هيومن رايتس ووتش "المملكة المتحدة، التعذيب خطر قائم في اتفاق الترحيل من ليبيا"، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2005، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مايو/أيار 2006:

http://hrw.org/english/docs/2005/10/18/libya11890.htm

[192]مقابلة مع هيومن رايتس ووتش، حُجب الاسم والتاريخ والمكان.

[193]مقابلة مع هيومن رايتس ووتش، حُجب الاسم والتاريخ والمكان.

[194]مقابلة مع هيومن رايتس ووتش، حُجب الاسم والتاريخ والمكان.

[195]مقابلة مع هيومن رايتس ووتش، حُجب الاسم والتاريخ والمكان.

[196]مقابلة مع هيومن رايتس ووتش، حُجب الاسم والتاريخ والمكان.

[197]مقابلة مع هيومن رايتس ووتش، حُجب الاسم والتاريخ والمكان.

[198]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ضباط شرطة في مركز شرطة الزاوية، الأسماء غير معروفة، الزاوية، 2 مايو/أيار 2005.

[199]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إنيكو أو.، 26 إبريل/نيسان 2005.

[200]إنتاج الكحوليات وبيعها وشربها غير قانوني في ليبيا.

[201]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع كوامي د. سجن عين زهرة، 26 إبريل/نيسان 2005.

[202]مقابلة مع هيومن رايتس ووتش، حُجب الاسم والمكان والتاريخ.

[203]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إبراهيم ك.، سجن الكويفية، 23 إبريل/نيسان 2005.

[204]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع جمعة عبد الله بوزيد، بني غازي، 23 إبريل/نيسان 2005.

[205] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي عمر أبو بكر، 28 إبريل/نيسان 2005.

[206]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العميد بلقاسم جرجوم، مدير مصلحة السجون، بني غازي، 23 إبريل/نيسان 2005.

[207]المصدر السابق.

[208]موقع المركز الدولي لدراسات السجون على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مارس/آذار 2006:

http://www.prisonstudies.org/

[209]مقابلة مع هيومن رايتس ووتش في سجن جندوبة، 30 إبريل/نيسان 2005، حُجب الاسم.

[210]مقابلة مع هيومن رايتس وتش، حُجب الاسم والتاريخ والمكان.

[211]مقابلة مع هيومن رايتس ووتش، حُجب الاسم والتاريخ والمكان. وقد ذكر العميد جرجوم أن الحد الأقصى المعتاد للبقاء في الحبس الانفرادي هو 15 يوماً، ويمكن أن يمتد إلى 30 يوماً بناء على موافقة شخصية منه.

[212]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العميد بلقاسم جرجوم، بني غازي، 23 إبريل/نيسان 2005.

[213]المركز الدولي لدراسات السجون، "تقرير موجز عن السجون في ليبيا"، تحديث 14 ديسمبر/كانون الأول 2005، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مارس/آذار 2006:

http://www.prisonstudies.org/

[214]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع جورج ج.، سجن الكويفية، بني غازي، 23 إبريل/نيسان 2005.

[215]المادة 36 من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية والبروتوكولات الاختيارية الملحقة بها، والمعقودة في فيينا في 24 إبريل/نيسان 1963. U.N.T.S. Nos 8638-8640، ج 596، ص 262-512. ويندرج طالبو اللجوء وغيرهم ممن يخشون الاتصال بسفاراتهم تحت نص الاتفاقية (المادة 36-1 (ج)) الذي يقضي بأن "يمتنع الأعضاء القنصليون عن اتخاذ أي إجراء نيابة عن أحد الرعايا الموجود في السجن أو الاعتقال أو الحجز إذا أبدى رغبته صراحة في معارضة هذا الإجراء".

[216]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إبراهيم ك.، سجن الكويفية، 23 إبريل/نيسان 2005.

[217]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع جورج ج.، سجن الكويفية، بني غازي، 23 إبريل/نيسان 2005.

[218]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عضو بالسلك الدبلوماسي في طرابلس، حُجب الاسم والتاريخ والمكان.

[219] لا يوجد أي مكتب للجنة الدولية للصليب الأحمر في ليبيا، التي تغطيها البعثة الإقليمية للصليب الأحمر بتونس.

[220]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي عمر أبو بكر، طرابلس، 28 إبريل/نيسان 2005.

[221]للرجوع إلى مناقشة تفصيلية لعقوبة الإعدام، انظر تقرير هيومن رايتس ووتش "من الأقوال إلى الأفعال: الحاجة الماسة لإصلاح أوضاع حقوق الإنسان"، ص 31-34.

[222]مقابلات مع هيومن رايتس ووتش، طرابلس، مايو/أيار 2005، حُجب الاسمان.

[223]المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، "المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في حملتها ضد عقوبة الإعدام تدين إعدام أربعة مصريين في ليبيا"، 21 يوليو/تموز 2005؛ والرابطة الليبية لحقوق الإنسان، "ليبيا: إعدام أربعة رمياً بالرصاص"، 26 يوليو/تموز 2005. وانظر أيضاً "إعدام أربعة مصريين في ليبيا بدون محاكمة عادلة"، وكالة الأنباء الفرنسية، 21 يوليو/تموز 2005.

[224]وكالة أنباء الأناضول، 14 يوليو/تموز 2005.

[225]الإعلان الدستوري، 11 سبتمبر/أيلول 1969، الديباجة والمادة 37.

[226] يرد وصف مفصل للقيود التي يفرضها القانون الليبي على حرية التعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها في تقرير هيومن رايتس ووتش المعنون "من الأقوال إلى الأفعال: الحاجة الماسة إلى إصلاح حقوق الإنسان".

[227] يمكن الإطلاع على القوانين الدستورية الثلاثة بالإنجليزية على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مارس/آذار 2006:

http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/rsd?search=c&ISO=LBY

[228]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عدد من المحامين وأساتذة القانون الليبيين بجامعة الفاتح، طرابلس، 5 مايو/أيار 2005.

[229]القانون رقم 5 لعام 1991، بشأن تطبيق مبادئ الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان في عصر الجماهير، المادة 1. وتنص المادة 2 من القانون على ضرورة تعديل كل القوانين للتوافق مع الوثيقة الخضراء الكبرى خلال سنة، وقد تمتد إلى ثلاث سنوات بناء على قرار من اللجنة الشعبية العامة.

[230]تقرير الجماهيرية العربية الليبية إلى لجنة حقوق الإنسان، CCPR/C/28/Add. 17، 2 مارس/آذار 1995، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مارس/آذار 2006:

http://www.arabhumanrights.org/countries/libya/ccpr/ccpr-c-28-add17-95e.pdf

[231]تقرير الجماهيرية العربية الليبية إلى لجنة مناهضة التعذيب، CAT/C/44/Add.3، 28 يناير/كانون الثاني 1999، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مارس/آذار 2006:

http://www.unhchr.ch/tbs/doc.nsf/(Symbol)/CAT.C.44.Add.3.En?Opendocument

[232]استقلال القضاء مكفول أيضاً بموجب قانون تنظيم القضاء رقم 55 لعام 1976.

[233]للإطلاع على نقد لقانون العقوبات، انظر تقرير هيومن رايتس ووتش "من الأقوال إلى الأفعال: الحاجة الماسة إلى إصلاح حقوق الإنسان"، ص 27-30.

[234]الجريدة الرسمية، 09-10-1989، رقم 20، ص 521.

[235] اقتُبست أجزاء كبيرة من مواد القوانين نظراً لصعوبة الحصول عليها خارج ليبيا.

[236]رسالة مفوضية شؤون اللاجئين إلى هيومن رايتس ووتش، 5 إبريل/نيسان 2006.

[237]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد الرمالي، طرابلس، 25 إبريل/نيسان 2005.

[238]قدمت الحكومة الليبية لهيومن رايتس ووتش وصفاً للواجبات الإدارية لإدارة الجنسية والجوازات، بما في ذلك قائمة بفروعها ومكاتبها الثلاثة عشر.

[239]تقرير الجماهيرية العربية الليبية إلى لجنة حقوق الإنسان، CCPR/c/102/Add.1، 15 أكتوبر/تشرين الأول 1997، فقرة 89، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 26 يناير/كانون الثاني 2006:

http://www.arabhumanrights.org/countries/libya/ccpr/ccpr-c-102-add1-97e.pdf

[240]المصدر السابق، فقرة 90.

[241]المصدر السابق، فقرة 212.

[242]المصدر السابق، فقرة 213.

[243]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع بعض مسئولي العدل، طرابلس، 26 إبريل/نيسان 2005. وقد طلبت هيومن رايتس ووتش ذلك مرة أخرى، في خطاب أرسلته بتاريخ 28 مارس/آذار 2006، ولكن حتى 1 مايو/أيار 2006، لم تكن الحكومة قد ردت بعد.

[244] ما يعادل 1.200 يورو تقريباً

[245]تنص المادة 3 من القانون رقم 6 على السماح لمواطني الدول العربية بدخول ليبيا باستخدام البطاقات الشخصية فقط عبر منافذ معينة. وتنص المادة 5 على ضرورة قيام قائدي السفن أو الطائرات بإخطار السلطات الليبية بوصول أي شخص لا يحمل التأشيرة المطلوبة. (تفرض الحكومة الليبية غرامات على شركات الطيران، حيث أفادت شركة كي إل إم الهولندية مثلا أنها تدفع 500 دينار عن كل مهاجر تقله دون أن يحمل الوثائق اللازمة. (انظر تقرير المفوضية الأوروبية، ص 49)). وتفرض المادة 8 عدة شروط من بينها ضرورة قيام الأجانب بتسجيل أنفسهم في أقرب مكتب للجوازات خلال سبعة أيام من الدخول، وتلزم المادة 9 "كل من آوى أجنبياً أو سكّنه بأية صفة" بإخطار السلطات خلال 48 ساعة. وتلزم المادة 12 أصحاب العمل بإخطار السلطات خلال سبعة أيام في حالة استخدام أجنبي للعمل أو إنهاء خدمته.

[246]حمود، ص 20. انظر أيضا "ليبيا تشدد الضوابط الخاصة بالعمال الأجانب"، هيئة إذاعة الجماهيرية الليبية، 19 مايو/أيار 2005، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مايو/أيار 2006:

http://en.ljbc.net/online/news_details.php?id=847

[247]الجريدة الرسمية، 11-1989، رقم 24، ص 633-648.

[248]الجريدة الرسمية، 09-10-1989، رقم 20، ص 521.

[249]الجريدة الرسمية، 19-10-1989، رقم 22، ص 591-592. معلومات إضافية مستمدة من قاعدة بيانات "ناتليكس" الخاصة بمنظمة العمل الدولية على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مايو/أيار 2006.

http://www.ilo.org/dyn/natlex/natlex_browse.home

[250]الجريدة الرسمية، 11-1989، رقم 24، ص 628-632.

[251]انظر تقارير ليبيا إلى هيئات الأمم المتحدة المشكلة بموجب معاهدات، مثل UN Doc CAT/C/44/Add.3، فقرة 18. وقد أعربت لجنة حقوق الإنسان عن قلقها من عدم وضوح الطريقة التي تتبعها المحاكم للفصل في التضارب بين العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والقوانين المحلية (انظر CCPR/C/79/Add.101).

[252]تقرير الجماهيرية العربية الليبية إلى لجنة مناهضة التعذيب، CCPR/C/102/Add.1، 28 يناير/كانون الثاني 1999، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مارس/آذار 2006:

http://www.unhchr.ch/tbs/doc.nsf/(Symbol)/CCPR.C.102.Add.1.En?Opendocument

[253]المصدر السابق.

[254]مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي عمر أبو بكر، طرابلس، 28 إبريل/نيسان 2005.

[255]صادقت ليبيا على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في عام 1976، وعلى بروتوكوله الاختياري الأول في عام 1989.

[256] التعليق العام رقم 15 على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: وضع الأجانب في ضوء العهد، لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، الدورة السابعة والعشرون، 1986.

[257]ذكرت الحكومة الليبية أنه "لا يوجد عمال مهاجرون بالمعنى الدقيق [في ليبيا]، ولكن يوجد أعضاء العمالة الأجنبية الذين يحملون عقوداً للقيام بأعمال معينة في ليبيا". لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، التقرير الدوري الثالث للجماهيرية العربية الليبية، سجل موجز للاجتماع رقم 1713، 27 أكتوبر/تشرين الأول 1998، CCPR/C/SR.1713، فقرة 60، على الموقع التالي على الإنترنت، تاريخ الإطلاع: 7 مارس/آذار 2006:

http://www.unhchr.ch/tbs/doc.nsf/0/b49d944de4149cdc802566b300425576?Opendocumen

[258]تنص المادة 5 من "اتفاقية العاملين المهاجرين" على أنه (مترجم من الإنجليزية) "لأغراض هذه الاتفاقية، فإن العاملين المهاجرين وأفراد أسرهم :

(أ) يعتبرون مسجلين أو في وضع اعتيادي إذا كان معهم إذن بالدخول والإقامة والمشاركة في نشاط يدر عائدا في دولة التوظيف وفقا لقوانينها وللاتفاقيات الدولية التي تعد هذه الدولة طرفا فيها؛

(ب) يعتبرون غير مسجلين أو في وضع غير اعتيادي إذا لم يلتزموا بالشروط المنصوص عليها في الفقرة الفرعية (أ) من هذه المادة".

[259]منظمة الوحدة الإفريقية: CAB/LEG/67/3 rev.5, 21 I.L.M. 58(1982). بدأ سريانها في 21 أكتوبر/تشرين الأول 1986.

[260]اتفاقية تنظيم جوانب معينة من مشاكل اللاجئين في إفريقيا، 10 سبتمبر/أيلول 1969؛ بدأ سريانها في 20 يونيو/حزيران 1974. صادقت ليبيا على الاتفاقية الإفريقية للاجئين في 25 إبريل/نيسان 1981.

[261] تتناول المادة 2(1) من الاتفاقية الإفريقية للاجئين بذل الدول المتعاقدة "لأفضل جهودها وفقاً لقوانين كل منها..." لتأمين لجوء/استقرار اللاجئين في أراضيها".

[262] بالإضافة إلى ذلك، فإن ليبيا عضو في جامعة الدول العربيةـ التي توصلت إلى اتفاق جماعي مع مفوضية شؤون اللاجئين في 27 يوليو/تموز 2000، بشأن التعاون والتشاور، بما في ذلك تبادل المعلومات والبيانات.

[263]صادقت ليبيا على اتفاقية مناهضة التعذيب في 16 مايو/حزيران 1989، ولكنها لم تصادق على البروتوكول الاختياري الملحق بها.

[264]صادقت ليبيا على اتفاقية حقوق الطفل في 15 إبريل/نيسان 1993.

[265]في الملاحظات الختامية بتاريخ السادس من يونيو/حزيران 2003، أوصت اللجنة المعنية بحقوق الطفل بأن تضع ليبيا إطاراً قانونياً فعالاً لحماية حقوق أطفال اللاجئين وطالبي اللجوء، طبقا للمادة 22 من الاتفاقية والمادة 2 منها (عدم التمييز).

[266]انظر الملاحظات الختامية بتاريخ 11 مارس/آذار 2003، CRC/C/15/Add.209، والملاحظات الختامية بتاريخ السادس من يونيو/حزيران 2003، CRC/C/15/Add.209. وقد أعربت لجنة القضاء على التمييز العنصري عن الأسف لعدم تلقيها معلومات عن غير المواطنين في ليبيا من الدولة العضو صاحبة التقرير، بما في ذلك المهاجرون واللاجئون غير الحاملين للوثائق اللازمة.

[267] اتفاقية الأمم المتحدة الدولية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، اعتمدت بقرار الجمعية العامة 55/25 في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2000، وبدأ سريانها في 29 سبتمبر/أيلول 2003. وصادقت ليبيا على الاتفاقية في 18 يونيو/حزيران 2004، كما صادقت على بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو، وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال في 24 سبتمبر/أيلول 2004. ويتضمن هذا البروتوكول الأخير الالتزام بحماية ضحايا الاتجار في الأشخاص ومساعدتهم في مادته رقم 6، على الرغم من عدم وجود إلزام للدول الأطراف بمنح الضحايا الحماية الدائمة على أراضيها. ولم يتناول بحث هيومن رايتس ووتش قضية الاتجار في الأشخاص، خصوصا النساء والأطفال، من ليبيا وإليها، رغم أن بعض المصادر الدبلوماسية أشارت إلى أن هذه مشكلة كبيرة.

[268]ليبيا طرف في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والبروتوكول الاختياري الملحق بها.

[269]بالإضافة إلى ذلك، يوجد عدد من النصوص التي تشتمل على ضمانات مفصلة توضح هذا الحظر، مثل القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (اعتمدت في عام 1955 وتم مدها في عام 1977)، ومجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال السجن أو الاحتجاز، وقواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم، الصادرة عام 1990.

[270]انظر على سبيل المثال خلاصة اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، أ-5 أستراليا، رسالة رقم 560/1993، رقم الوثيقة: U.N.Doc CCPR/C/59/D/560/1993 (30 إبريل/نيسان 1997). انظر أيضا الرأي العام للجنة المعنية بحقوق الإنسان 15/27 المتعلق بالمادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، "للأجانب كل الحق في الحرية والحرية الشخصية. وإذا حُرموا من حريتهم بصورة قانونية فيجب معاملتهم معاملة إنسانية مع احترام الكرامة الشخصية الأصيلة لديهم".

[271]الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، اعتُمدت وطُرحت للتوقيع والمصادقة بموجب قرار الجمعية العامة 2106 (20) في 21 ديسمبر/كانون الأول 1965، وبدأ سريانها في 4 يناير/كانون الثاني 1969. وصادقت ليبيا على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في 3 يوليو/تموز 1968، مع إبداء تحفظها على المادة 22 (بشأن إحالة القضايا إلى محكمة العدل الدولية).

[272]الملاحظات الختامية للجنة القضاء على التمييز العنصري: الجماهيرية العربية الليبية، 12 مارس/آذار 2004، CERD/C/64/CO/4.

[273] انظر الجمعية العامة للأمم المتحدة، الإجراءات الدولية لحماية اللاجئين: مشروع قرار الدانمرك، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 1986، وثيقة الأمم المتحدة رقم A/C 3/41/L.51. وانظر أيضاً أمانة اللجنة الحكومية الدولية، ورقة عمل عن الاستقبال في المنطقة الأصلية، جنيف 1994.

[274] تعتبر المادة 27 من توجيهات مجلس الاتحاد الأوروبي بشأن المعايير الدنيا للإجراءات الخاصة بمنح وسحب صفة اللاجئ بمثابة الصيغة الرسمية لهذا المفهوم. والمادة 30 من هذه التوجيهات نفسها تأمر المجلس باعتماد قائمة مشتركة بالبلدان الثالثة المأمونة (توجيهات المجلس بشأن المعايير الدنيا للإجراءات في الدول الأعضاء الخاصة بمنح وسحب صفة اللاجئ، مجلس الاتحاد الأوروبي، الوثيقة رقم 12983/05 ASILE 24بروكسيل، 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2005).

[275] بدأ الاتحاد الأوروبي العمل على إعداد اثنين من "برامج الحماية الإقليمية"، وهما برنامجان رائدان يهدفان إلى زيادة قدرات الحماية في المناطق القريبة من مناطق الصراع. والبرنامجان الرائدان الأولان يجري تنفيذهما في غربيّ الدول المستقلة حديثاً (أوكرانيا، مولدوفا، وبيلاروس) ومنطقة البحيرات الكبرى الإفريقية (مع التركيز أساساً على تنزانيا). انظر مسودة نتائج المجلس بشأن الرسالة المرسلة من اللجنة من برامج الحماية الإقليمية. (الوثيقة 11989/05 ASILE 14 RELEX 438 والوثيقة 12593/05 ASILE 18 RELEX 471)، وانظر أيضاً رسالة اللجنة إلى المجلس وإلى البرلمان الأوروبي بخصوص برامج الحماية الإقليمية COM (2005) 383 نهائي، بروكسيل، 1 سبتمبر/أيلول 2005. انظر أيضاً ملاحظات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة حول الرسالة من اللجنة الأوروبية إلى المجلس وإلى البرلمان الأوروبي بشأن برامج الحماية الإقليمية، المفوض السامي لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، 10 أكتوبر/تشرين الأول 2005.

[276] خطاب توني بلير رئيس الوزراء البريطاني إلى كرستاس سيميتيس، رئيس وزراء اليونان، وهو متاح في الموقع التالي على الإنترنت:http://www.statewatch.org/news/2003/apr/blair-simitis-asile.pdf,، تاريخ الإطلاع 29 إبريل/نيسان 2006. انظر أيضاً غريغور نول "رؤى للحالات الاستثنائية: القضايا القانونية والنظرية التي تثيرها مراكز الفحص العبورية ومناطق الحماية"، المجلة الأوروبية للهجرة والقانون، رقم 5، الصفحات 303-341، 2003.

وكان مقترح المملكة المتحدة مستلهماً من "الحل الخاص بالمحيط الهادئ" الذي وضعته أستراليا، وهو سياسة ردع تتكون من عناصر معادلة لصورة "الإخراج" الأولى (الإجبار عل الرجوع إلى إندونيسيا) والصورة الثالثة (نقل الأشخاص إلى تاورو وبابوا غينيا الجديدة). انظر تقرير هيومن رايتس ووتش وعنوانه "للمدعوين فقط": سياسة اللجوء الأسترالية"، 2002، وهو متاح في الموقع التالي على الإنترنت: http://hrw.org/reports/2002/australia/, تاريخ الإطلاع 7 مايو/أيار 2006.

[277]كونستانت براند، "انقسام الاتحاد الأوروبي حول قضية إنشاء مراكز للنظر في حالات اللاجئين في إفريقيا"، وكالة الأسوشيتد برس، أول أكتوبر/تشرين الأول 2004.

[278]"الاتحاد الأوروبي/إفريقيا: وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي يوافقون على زيادة التركيز على الهجرة". وكالة يوروبا للإعلام، 10 سبتمبر/أيلول 2005.

[279]انظر دافيد ماكيفر، وجسيكا شولتز، وصوفيا سويذرن "أراضٍ أجنبية: قضية استيعاب سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي" (أوكسفورد، أوكسفام، 2005).

[280]عملية برشلونة تمثل إطاراً عريضاً للعلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والشركاء في جنوبي البحر المتوسط.

[281] يتضمن هذا اتفاقاً على العمل وفق ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لزيادة سيادة القانون والنظم السياسية الديمقراطية، ولتعزيز الاحترام للتنوع والتعددية ولمكافحة مظاهر التعصب والعنصرية وكراهية الأجانب. ورغم أن ليبيا لم تصبح بعد شريكاً في عملية برشلونة، فإن المجلس الأوروبي أعاد التأكيد في يونيو/حزيران 2005 بأن "إدماج ليبيا بصورة كاملة في عملية برشلونة يمثل الهدف الشامل لسياسة الاتحاد الأوروبي للارتباط في ذلك البلد". ("النتائج الرئاسية" وكالة أوروبا للأنباء، 19 يونيو/حزيران 2005).

[282] "الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات المفروضة على ليبيا"، رسالة إخبارية لوكالة أوروبا للأنباء، متاحة في الموقع التالي على الإنترنت:http://europa.eu.int/newsletter/archives2004/issue44/index_en.htm, تاريخ الإطلاع 7 مارس/آذار 2006.

[283]مشار إليها في "مذكرة من الرئاسة إلى المجلس. الموضوع: مشروع ما انتهى إليه المجلس بشأن الشروع في الحوار والتعاون مع ليبيا في قضايا الهجرة". مجلس الاتحاد الأوروبي، بروكسيل، 27 مايو/أيار 2005، رقم الوثيقة: 9413/1/52 REV.S..

[284] برنامج لاهاي: تدعيما للحرية والأمن والعدالة في الاتحاد الأوروبي، النتائج الرئاسية، رقم الوثيقة: 14292/04 Annex 1، بروكسيل 504 نوفمبر/تشرين الثاني 2004.

[285] "مجلس الاتحاد الأوروبي، اجتماع مجلس وزراء العدل والشؤون الداخلية رقم 2664، لوكسمبورغ، 2-3 يونيو/حزيران 2005"، 52/8849، بيان صحفي، متاح في الموقع التالي على الإنترنت http://ue.eu.int/ueDocs/cms_Data/docs/pressData/en/jha/85255.pdf, تاريخ الإطلاع 7 مارس/آذار 2006.

[286] يأمل الاتحاد الأوروبي في تحديد منطقة للبحث والإنقاذ خاصة بليبيا، إذ لا توجد هذه المنطقة الآن. كما إن تحديد المياه الإقليمية الإيطالية/الدولية/الليبية في قناة صقلية موضوع معقد أيضاً.

[287] اعتمد مجلس وزراء العدل والداخلية للاتحاد الأوروبي في 19 فبراير/شباط 2004 لائحة إنشاء شبكة لضباط الاتصال في شؤون الهجرة. وتشير اللائحة إلى "منع ومكافحة الهجرة غير القانونية، وإلى إعادة المهاجرين غير الشرعيين، وإدارة الهجرة القانونية، ولكنها قد لا تتضمن أي إشارة إلى الحق في طلب اللجوء. مجلس الاتحاد الأوروبي، اجتماع مجلس وزراء العدل والداخلية رقم 2561، بروكسيل، 19 فبراير/شباط 2004". 5831/04، تصريح صحفي، متاح في الإنترنت في الموقع التالي: http://ue.eu.int/ueDocs/cms_Data/docs/pressData/en/jha/79117.pdf,، تاريخ الإطلاع أول مارس/آذار 2006. ولا تتضمن اللائحة أي إشارة إلى من طلب اللجوء.

[288]شريط فيديو عن الهجرة غير القانونية من إعداد اللجنة الشعبية العامة للأمن العام، نوفمبر/تشرين الثاني 2004.

[289]"مجلس الاتحاد الأوروبي، اجتماع مجلس وزراء العدل والداخلية رقم 2664، لوكسمبورغ، 3002 يونيو/حزيران 2005"، 8849/05، متاح في الموقع http://ue.eu.int/ueDocs/cms_Data/docs/pressData/en/jha/85255.pdf,، بتاريخ أول مارس/آذار 2006.

[290]المصدر السابق.

[291]"مذكرة من الرئاسة إلى المجلس. الموضوع: مشروع ما انتهى إليه المجلس بشأن الشروع في الحوار والتعاون مع ليبيا في قضايا الهجرة"، مجلس الاتحاد الأوروبي، بروكسيل، 27 مايو/أيار 2005، الوثيقة رقم 9413/1/05 REV. 1.

[292]المفوضية الأوروبية "تقرير البعثة الفنية إلى ليبيا بشأن الهجرة غير القانونية"، 27 نوفمبر/تشرين الثاني 6 ديسمبر/كانون الأول 2004".

[293]"مجلس الاتحاد الأوروبي، اجتماع مجلس وزراء العدل والداخلية رقم 664، لوكسمبورغ، 2-3 يونيو/حزيران 2005" 8849، تصريح صحفي، متاح في الموقع http://ue.eu.int/ueDocs/cms_Data/docs/pressData/en/jha/85255.pdf, تاريخ الإطلاع أول مارس/آذار 2006.

[294]"مشروع قرار بشأن طلبات اللجوء التي تفتقر بوضوح لأي أساس"، المجموعة المخصصة للهجرة التابعة لرئاسة المملكة المتحدة لمجتمع الجماعات الأوروبية، بروكسيل، أول يوليو/تموز 1992، مقتطف في المقال الذي نشره إدوارد موريتمر بعنوان "خلف أبواب مغلقة: الحكومات تتآمر للحد من الحق في اللجوء السياسي في المجموعة الأوروبية"، صحيفة الفاينانشال تايمز، (لندن) 28 أكتوبر/تشرين الأول 1992.

[295] مذكرات إحاطة صحفية لمنظمة الهجرة الدولية، "ليبيا منظمة الهجرة الدولية تفتح مكتباً لها في طرابلس"، 25 إبريل/نيسان 2006، متاح في الموقع:http://www.iom.int/en/news/PBN250406.shtml#item2, تاريخ الإطلاع 28 إبريل/نيسان 2006.

[296] مذكرات إحاطة صحفية لمنظمة الهجرة الدولية، "منظمة الهجرة الدولية وليبيا توقعان اتفاقاً"، 9 أغسطس/آب 2005، متاح في الموقع:http://www.iom.int/en/news/PBN090805.shtml,، تاريخ الإطلاع 10 مارس/آذار 2006.

[297] طبقاً لما تقوله الحكومة الإيطالية فسوف تقوم وزارة الخارجية الإيطالية بتنفيذ مشروع لتنمية التعاون الإقليمي وبناء القدرات المؤسسية في ليبيا (وكذلك في النيجر) بشأن إدارة الحدود ومكافحة الهجرة غير القانونية، تشارك في تمويله المفوضية الأوروبية. ويزمع المشروع تقديم دورات التدريب المهني للشرطة في ليبيا، بما في ذلك مكافحة المهربين، ومس&class="MsoFootnoteReference">[321]صدر القانون رقم 189/2002، والمعروف باسم "قانون بوسي فيني" يوم 30 يوليو/تموز 2002 ولكنه لم يصبح ساري المفعول إلا في 21 إبريل/نيسان 2005، بعد صدور المرسوم الرئاسي رقم 303 (DPR 303). وهو ينص في المادة 1(4) على رفض طلب اللجوء إذا كان الشخص المعني قد مُنح صفة اللاجئ من قبل في مكان آخر، أو إذا كان الشخص قد قَدِمَ مباشرة من بلد من البلدان الأطراف في اتفاقية اللاجئين (وإن كان الالتزام بعدم إعادته يظل قائماً بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، وأيضاً إذا كان هناك خطر من احتمال إعادة الشخص من البلد الثالث إلى بلد آخر يواجه فيه الاضطهاد).

[322] انظر منظمة العفو الدولية "الإقامة المؤقتة، الحقوق الدائمة: معاملة الأجانب المحتجزين في "مراكز الإقامة المؤقتة والمساعدة". رقم الوثيقة: EUR 30/004/2005 بتاريخ 20 يونيو/حزيران 2005، متاحة في الموقع: http://web.amnesty.org/library/Index/ENGEUR300042005?open&of=ENG-ITA, تاريخ الإطلاع 6 أكتوبر/تشرين الأول 2005.

[323] في 13 مايو/أيار 2005 طلبت هيومن رايتس ووتش السماح لها بزيارة مخيم لامبيدوزا وكذلك مركزي الإقامة المؤقتة في كروتوني وتراباني. ولم ترد الحكومة الإيطالية على الطلب. وقدمت طلباً جديداً لزيارة مركز كروتوني، ولكن جاءها الرفض في رسالة بالفاكس من رئيس شرطة كروتوني بتاريخ 23 مايو/أيار 2005.

[324] تقرير عن الزيارة التي قام بها وفد GUE-NGL إلى معتقل لامبيدوزا في 25 يوليو/تموز 2005، وهو متاح في الموقع: http://www.jrseurope.org/news_releases/25Julyreportonmep'svisit.htm, تاريخ الإطلاع 10 مارس/آذار 2006. والمختصر GUE-NGL يرمز إلى اتحاد مجموعة الأمم في أوروبا اليسار الاسكندينافي الأخضر.

[325] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع السناتورة تانا دي زولويتا، روما، مايو/أيار 2005.

[326] "حق اللجوء في إيطاليا: تمكين طالبي اللجوء من إجراءات اللجوء، ومعاملتهم"، الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، يونيو/حزيران 2005، متاح في الموقع: http://www.fidh.org/IMG/pdf/eu_asylum419a.pdf, تاريخ الإطلاع 6 مارس/آذار 2006.

[327] فاببريتسيو غاتي، "Io, Clandestino a Lempedusa" ["مهاجر، متخفٍّ في جحيم لامبيدوزا"] موقع صحيفة إسبرسو على الإنترنت بتاريخ &أكتوبر/تشرين الأول 2005، متاح في الموقع http://www.espressonline.it/eol/free/jsp/detail.jsp?m1s=null&m2s=a&idCategory=4791&idContent=1129502, تاريخ الإطلاع 7 مارس/آذار 2006. وقال ألبرتو دي لوكا، رئيس لجنة الهجرة في البرلمان الإيطالي والعضو في حزب "فورتسا إيطاليا" الحاكم، إن مزاعم غاتي "لا أساس لها وتعتبر تشهيراً". وقال إن التحقيقات التي أجرتها لجنته في لامبيدوزا لم تكشف عن استعمال أي عنف. (جون هوبر، "صحفي إيطالي متنكر في صورة مهاجر يقول بوجود انتهاكات في أحد المعتقلات"، صحيفة الغارديان، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2005).

[328] وكالة AGI للأنباء "الهجرة: الاتفاق بين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبين وزير الداخلية حول الهجرة"، 9 مارس/آذار 2006، متاح في الموقع: http://www.agi.it/english/news.pl?doc=200603091715-1180-RT1-CRO-0-NF51&page=0&id=agionline-eng.arab, تاريخ الإطلاع 25 إبريل/نيسان 2006.

[329] مذكرات إحاطة صحفية للمنظمة الدولية للهجرة "إيطاليا، مؤتمر للهجرة يُفتتح في صقلية"، 14 مارس/آذار 2006، متاح في الموقع: http://www.iom.int/en/news/PBN140306.shtml, تاريخ الإطلاع 27 إبريل/نيسان 2006.

[330] مقابلة شخصية مع وزير الداخلية أماتو في مجلس النواب يوم 7 يوليو/تموز 2006، متاح في الموقع بتاريخ 19 يوليو/تموز 2006. www.interno.it/news/articolo.php?idarticolo=22596, بتاريخ 19 يوليو/تموز 2006.

[331] كونستانت براند "الاتحاد الأوروبي يجهز لتسيير داوريات بحرية لإيقاف تدفق اللاجئين غير الشرعيين من إفريقيا" وكالة الأسوشيتد برس، 24 يوليو/تموز 2006.

[332] التقرير متاح باللغة الإيطالية في الموقع: http://www.comitatodirittiumani.org/default.htm, تاريخ الإطلاع 25 يوليو/تموز 2006.

[333] تعليق من وزير الداخلية أماتو في مجلس النواب، 7 يوليو/تموز 2006.

[334] خطاب إلى هيومن رايتس ووتش من جيوسيبي بانوتشيا، الوزير المفوض بالإدارة العامة للإيطاليين في الخارج وسياسات الهجرة، بوزارة الخارجية، بتاريخ 30 مايو/أيار 2006.

[335]للإطلاع على ملخص تفصيلي لحالات الطرد في أكتوبر/تشرين الأول 2004، انظر الشكوى التي رفعتها عشر منظمات غير حكومية أوروبية إلى المفوضية الأوروبية ضد إيطاليا ("شكوى ضد الحكومة الإيطالية لانتهاكها قانون الحماية الأوروبية" 20 يناير/كانون الثاني 2005، متاح في الموقع: http://www.gisti.org/doc/actions/2005/italie/complaint20-01-2005.pdf, بتاريخ 6 يونيو/حزيران 2006).

[336] تقرير بالاختزال عن جلسة الجمعية رقم 524 يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول 2004. متاح في الموقع: http://wai.camera.it/chiosco.asp?sMacrosezione=Docesta&source=&position=Organi%20Parlamentari/L'Assemblea\Resoconti%20dell'Assemblea&content=/_dati/leg14/lavori/stenografici/framedinam.asp?sedpag=sed524/s000r.htm, وانظر أيضاً: "آخر طائرة إيطالية خاصة تحمل المهاجرين غير الشرعيين عائدة بهم إلى ليبيا" وكالة الأنباء الفرنسية، 9 أكتوبر/تشرين الأول 2004.

[337] روبين بوميروي "إيطاليا تدافع عن الموقف الحازم إزاء المهاجرين"، وكالة رويترز للأنباء، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2004.

[338] تصريح صحفي للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين "المفوضية السامية في قلق شديد إزاء إعادة الأشخاص من إيطاليا"، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2004، متاح في الموقع:http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/news/opendoc.htm?tbl=NEWS&id=4165521c4, تاريخ الإطلاع 7 مارس/آذار 2006.

[339]الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، "حق اللجوء في إيطاليا: تمكين طالبي اللجوء من إجراءات اللجوء ومعاملتهم"، يونيو/حزيران 2005، و"إيطاليا: لامبيدوزا، جزيرة الوعود المنسية لأوروبا"، وفرانشيسكو ميسينيو، الفرع الإيطالي لمنظمة العفو الدولية، 6 يوليو/تموز 2005. رقم الوثيقة EUR 30/008/2005 متاحة في الموقع http://web.amnesty.org/library/print/ENGEUR300082005, تاريخ الإطلاع 7 مارس/آذار 2006.

[340] مذكرة إحاطة صحفية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين: "إيطاليا: المفوضية السامية في روما يُسمح لها بدخول مركز لامبيدوزا، ولا يسمح لها في ليبيا"، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2004 متاحة في الموقع: http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/news/opendoc.htm?tbl=NEWS&id=416668e110, بتاريخ 10 مارس/آذار 2006. وقال بيزانو وزير الداخلية الإيطالي إن الحكومة كانت قد مَنَعَتْ المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من قبل من دخول لامبيدوزا لبواعث قلق أمنية (روبين بوميردي "إيطاليا تدافع عن الموقف الحازم إزاء المهاجرين"، وكالة رويتر للأنباء، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2004). والقانون الإيطالي، يسمح للمفوضية السامية بالزيارة دون قيود لمراكز الإقامة المؤقتة والمساعدة، مثل مركز لامبيدوزا، إلا "لأسباب أمنية سائدة، وابتغاء سير العمل المنتظم في المراكز". (تعليمات بيانكو، أغسطس/آب 2000، "اللائحة التنفيذية للنص الموحد رقم 286/98"، حسبما وردت في رد إيطاليا على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، في دورتها رقم 85، 17 أكتوبر/تشرين الأول 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2005، متاح في الموقع: http://www.migreurop.org/IMG/pdf/DH-ONU-repItalie.pdf, تاريخ الإطلاع 6 يونيو/حزيران 2006).

[341] "التقرير المرفوع إلى الحكومة الإيطالية عن زيارة إيطاليا التي قامت بها اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب والمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة، في الفترة من 21 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 3 ديسمبر/كانون الأول 2004"، الوثيقة رقم CPT/Inf (2006) 16 متاحة باللغة الفرنسية في الموقع:http://www.cpt.coe.int/documents/ita/2006-16-inf-fra.htm, تاريخ الإطلاع 28 إبريل/نيسان 2006.

[342] "إيطاليا تدافع عن سياسات الهجرة في أعقاب لوم البرلمان الأوروبي لها"، وكالة أَنسا (ANSA) بتاريخ 15 إبريل/نيسان 2005. لم يتضح إلى الآن سبب قيام الحكومة بإعادة ستة وسبعين رجلاً مباشرة إلى مصر. ربما استطاع هؤلاء الرجال أن يثبتوا أنهم جاءوا مباشرة من مصر، أو أنهم لم يجيئوا عبر ليبيا. وقالت الحكومة الإيطالية لهيومن رايتس ووتش إن لديها اتفاقاً غير رسمي مع مصر يتناول مسألة "إعادة المواطنين المصريين الذين دخلوا إيطاليا بصورة غير قانونية، ويرغبون في الإسراع بالإجراءات وتسهيلها". (خطاب تلقته هيومن رايتس ووتش من وزارة الخارجية الإيطالية في 30 مايو/أيار 2006).

[343] "انتقاد الحكومة إزاء إعادة المهاجرين إلى ليبيا جواً"، وكالة أنسا (ANSA)، 17 مارس/آذار 2005.

[344] تصريح صحفي للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين "المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في قلق شديد إزاء ترحيل الأشخاص من لامبيدوزا"، 18 مارس/آذار 2005، متاح في الموقع: http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/news/opendoc.htm?tbl=NEWS&id=423b00a54, تاريخ الإطلاع 7 مايو/أيار 2006.

[345] "الأمم المتحدة تجدد احتجاجها إزاء ترحيل إيطاليا للمهاجرين إلى ليبيا"، وكالة أنسا (ANSA)، 18 مارس/آذار 2005.

[346] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي امدورد، طرابلس، 30 إبريل/نيسان 2005.

[347]"Ii governo italiano pratica espulsioni clandestine"، وكالة أنسا (ANSA) 20 مارس/آذار 2005.

[348]"Raggio 2005: ricominciano le espulsioni verso la Libia"، الموقع الإلكتروني للسيناتورة الإيطالية تانا دي رولويتا، متاح في الموقع: http://www.tanadezulueta.it/html/modules/xt_conteudo/index.php?id=28, تاريخ الإطلاع 9 مارس/آذار 2006.

[349] تحرك عاجل لمنظمة العفو الدولية، رقم الوثيقة EUR 30/005/2005 بتاريخ 27 يونيو/حزيران 2005، متاح في الموقع: http://web.amnesty.org/library/Index/ENGEUR300052005?open&of=ENG-ITA,تاريخ الإطلاع 9 مارس/آذار 2006.

[350] قامت الشبكة الصقلية لمناهضة العنصرية بإذاعة وتوزيع فيديو عن عمليات الترحيل من المخيم، ونشرته كذلك في الموقع: http://ngvision.org/mediabase/487, تاريخ الإطلاع 29 إبريل/نيسان 2006. وفي يوم 2 إبريل/نيسان، وهو اليوم الأوروبي للدعوة إلى حرية التنقل، عقد المناضلون اجتماع احتجاجي في مكاتب شرطة طيران "بلو بانوراما"، وهي شركة رحلات جوية خاصة تتولى رحلات الترحيل جواً. وقد ورد أن هذه الشركة انسحبت من تعاقدها، وحلت محلها شركة كرواتية خاصة تسمى "إير أدرياتيك". (انظر: روتفيكا أندريباسيفتش، "أضواء على لامبيدوزا: حيرة المهاجرين بين الصحراء الليبية والبحر العميق"، مجلة فيمنيست ريفيو، العدد 82، 2006، متاح في الموقع:http://www.palgrave-journals.com/fr/journal/v82/n1/pdf/9400274a.pdf ، تاريخ الإطلاع 29 إبريل/نيسان 2006.

[351] مذكرة الحكومة الليبية إلى هيومن رايتس ووتش، 18 إبريل/نيسان 2006، انظر الملحق 1.

[352] "إيطاليا: لامبيدوزا، جزيرة الوعود المنسية لأوروبا" فرانشيسكو ميسينيو، الفرع الإيطالي لمنظمة العفو الدولية، 6 يوليو/تموز 2005، رقم الوثيقة EUR 30/008/2005، متاحة في الموقع: http://web.amnesty.org/library/print/ENGEUR300082005, تاريخ الإطلاع 10 مارس/آذار 2006.

[353] تقرير من زيارة وفد GUE-NGL لمعتقل لامبيدوزا في 25 يوليو/تموز 2005.

[354] "ليبيا تقوم بالتحقيق في وصول المهاجرين إلى جزيرة صقلية"، وكالة أنسا (ANSA) بتاريخ 16 مارس/آذار 2005.

[355] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع طالب اللجوء السوداني عبد الـ م.، روما، 27 مايو/أيار 2005.

[356] كما سبق ذكره، وصل إلى لامبيدوزا نحو 9500 شخص في الفترة من أول يناير/كانون الثاني إلى 30 يوليو/تموز 2006، طبقاً لما ذكرته الحكومة الإيطالية.

[357]""Sanatoria", life su Rifondazione; Amato: resta chi ha gi'a un lavoro,"، صحيفة كورييرا ديلا سيرا، 25 مايو/أيار 2006، متاح في الموقع: http://www.corriere.it/Primo_Piano/Politica/2006/05_Maggio/25/mart.shtml, تاريخ الإطلاع 6 يونيو/حزيران 2006.

[358] المفوضية الأوروبية، "تقرير البعثة الفنية إلى ليبيا بشأن الهجرة غير القانونية في الفترة من 27 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 6 ديسمبر/كانون الأول"، الملحق 2.

[359] "حالات الوصول غير القانونية، والتحقيق مع بيزانو"، صحيفة لا ريبوبليكا، 15 مارس/آذار 2006، متاح في الموقع: http://www.repubblica.it/2006/c/sezioni/cronaca/immigrati/legapisanu/legapisanu.html,تاريخ الإطلاع 28 إبريل/نيسان 2006.

[360] "الهجرة: المدعي العام يطلب إغلاق ملف قضية بيرانو"، صحيفة لا ريبوبليكا، 25 مارس/آذار 2006، متاح في الموقع http://www.repubblica.it/2006/c/sezioni/cronaca/immigrati/archipisanu/archipisanu.html, تاريخ الإطلاع 28 إبريل/نيسان 2006.

Cinzia Gubbino, "Espulsioni in Libia; resta indagato il ministro Pisano"

صحيفة إلمانيفستو، 21 إبريل/نيسان 2006، متاح في الموقع: http://www.anarcotico.net/index.php?name=News&file=article&sid=7020، تاريخ الإطلاع 28 إبريل/نيسان 2006.

من حق القضاة الثلاثة في المحكمة إصدار حكم من بين أربعة: (1) مواصلة التحقيق مع بيزانو، و(2) توسيع نطاق التحقيق حتى يضم اتهامات إضافية أو أشخاصاً آخرين، و(3) إغلاق التحقيق مع بيزانو وإحالة القضية المرفوعة على المسئولين المحليين إلى أغريجنتو (وهي التي تتمتع بالولاية القضائية على لامبيدوزا)، و(4) إغلاق القضية برمتها.

[361] شرطة الجمارك في إيطاليا هي المسئولة عن اعتراض وإنقاذ السفن القادمة من ليبيا (بمساعدة حرس السواحل والشرطة المدنية)، وعلى رأس أولوياتها التصدي للتهريب، وتأتي من بعد ذلك مهمة الإنقاذ، ولكن الواجب الأول لحرس السواحل هو إنقاذ الأرواح. وتحرص السلطات الإيطالية على تجنب التمادي في استخدام القوة، منذ إغراق القارب الذي اعترضته قادماً من ألبانيا في عام 1997، وكان اسمه كاتر إي رادش، وهي الحادثة التي أدت إلى مصرع سبعة وخمسين شخصاً. وقال طالبو اللجوء في إيطاليا الذين تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش إن السلطات الإيطالية لم تستخدم القوة في اعتراض قواربهم، وكان ذلك فيما يبدو تنفيذاً للأوامر التي تقضي بإحضار الركاب إلى إيطاليا لا إرغام القوارب المكتظة بالعودة إلى ليبيا، كما إنها قامت بتقديم الطعام والماء لمن فيها وتوفير العلاج والبطاطين لهم. ومن أسباب عدم إرغامها على العودة أيضاً أن السلطات الليبية ترفض، فيما ورد، قبول القوارب دون أدلة على أن ركابها أبحروا أصلاً من ليبيا.

[362] انظر النتيجة التي خلصت إليها المفوضية السامية لشئون اللاجئين رقم 97 (2-3) حول ضمانات الحماية أثناء تنفيذ إجراءات اعتراض الطريق، متاح في الموقع: http://www.unhcr.org/cgi-bin/texis/vtx/excom/opendoc.htm?tbl=EXCOM&id=3f93b2894, تاريخ الإطلاع 7 مايو/أيار 2006.

[363] "الأمم المتحدة تسعى للاتصال بالمهاجرين في إيطاليا"، بي بي سي نيوز (أخبار هيئة الإذاعة البريطانية) 4 أكتوبر/تشرين الأول 2004، متاح في الموقع http://news.bbc.co.uk/1/low/world/europe/3714922.stm, تاريخ الإطلاع 9 مارس/آذار 2006.

[364] الالتزام بعدم الطرد أو الرد يرد مراراً في القانون الأوروبي الموحد الصادر عام 1986، والحق في طلب اللجوء مدرج في المادة 18 من ميثاق الحقوق الأساسية، والمادة 6 من TEU والمادة 63 من ECT، ومن ثم فإن هذين يمثلان أساسين من أسس التزامات الاتحاد الأوروبي في مجال حقوق الإنسان.

[365] انظر السير إليهو لويترباخت ودانيل بيتلهم "نطاق ومضمون مبدأ عدم الطرد أو الرد"، حماية اللاجئين في القانون الدولي: المشاورات العالمية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بشأن الحماية الدولية (المفوضية السامية 2003). والمياه الإقليمية لإيطاليا تبدأ على بعد اثني عشر ميلاً من أي ساحل من سواحلها، ولكن قوارب المهاجرين/اللاجئين يجري إنقاذها ولو كانت خارج هذا الحد، كما تعتبر أي سفينة تابعة للسلطات الإيطالية "إقليماً إيطالياً" بموجب القانون.

[366] إيطاليا من الدول الموقعة على اتفاقية العمال المهاجرين، وهي، كما سبق ذكره، تحظر أيضاً الطرد الجماعي.

[367] انظر أنرديتش ضد السويد، ECHR 45917/99 وكونكا ضد بلجيكا ECHR 51564/99.

[368] انظر على سبيل المثال تقارير هيومن رايتس ووتش "في زمن التعذيب: إهدار العدالة في حملة مصرية ضد السلوك المثلي"، مارس/آذار 2004؛ "الثقب الأسود: مصير الإسلاميين الذين يُسَلَّمون إلى مصر"، مايو/أيار 2005؛ "القراءة فيما بين السطور الحمراء": قمع الحرية الأكاديمية في الجامعات المصرية"، يونيو/حزيران 2005، وجميعها متاحة في الموقع: http://www.hrw.org/doc?t=mideast&c=egypt&document_limit=0,20, تاريخ الإطلاع 7 مارس/آذار 2006.

[369] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نغو دن، كاريتاس إيطاليا، 26 مايو/أيار 2005.

[370] لا بد لكل من تلقى أمراً بالطرد أن يمثل أمام قاضي محكمة جزئية، لكن الأخير قد يكون قاضياً غير مهني يعمل داخل المعتقل. الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، "حقوق اللجوء في إيطاليا: السماح بإجراءات اللجوء ومعاملتهم"، يونيو/حزيران 2005، ص 18.

[371] انظر على سبيل المثال الخطاب الذي ألقاه جيوسيبي بيزانو وزير الداخلية في مجلس النواب الإيطالي، في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2004، وهو متاح في الموقع: http://www.interno.it/stampa.php?sezione=10&id=295,تاريخ الإطلاع 7 مارس/آذار 2006.

[372]هامود، ص 69. وكان المحامي قد قام بزيارة قصيرة إلى مركز الإقامة المؤقتة والمساعدة في لامبيدوزا.

[373] رسالة من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بشأن الطلب رقم 11593/05 ستراسبورغ، 6 إبريل/نيسان 2005.

[374] رسالة من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بشأن الطلب رقم 05/11593، ستراسبورغ، 10 مايو/أيار 2005. توجد نسخة (بالفرنسية بعد شطب أسماء من قدموا الطلب) في سجلات هيومن رايتس ووتش.

[375] رسالة من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بشأن الطلب رقم 05/17165، ستراسبورغ، 13 مايو/أيار 2005. توجد نسخة (بالفرنسية) في سجلات هيومن رايتس ووتش.

[376]PROV (2005) 0138.

[377] بيان صحفي للبرلمان الأوروبي. "وفد البرلمان الأوروبي إلى ليبيا: تقول السلطات الليبية 'هدفنا إعادة جميع المهاجرين غير الشرعيين الذين نستقبلهم من إيطاليا إلى بلدانهم'"، بروكسيل، 7 ديسمبر/كانون الأول 2005، وهو متاح في الموقع: http://www.europarl.eu.int/news/expert/infopress_page/029-3243-339-12-49-903-20051206IPR03242-05-12-2005-2005-false/default_da.htm, تاريخ الإطلاع 7 مايو/أيار 2006.

[378] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أنطون جوليو لانا، روما، 23 مايو/أيار 2005.

[379] انظر خطاب الوزير بيزانو في مجلس النواب الإيطالي في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2004، وهو متاح في الموقع: http://www.interno.it/stampa.php?sezione=10&id=295,تاريخ الإطلاع 7 مارس/آذار 2006. وقد احتجت هيومن رايتس ووتش ومنظمات غير حكومية أخرى على رئاسة ليبيا للجنة. (انظر هيومن رايتس ووتش "يجب ألا ترأس ليبيا لجنة الأمم المتحدة"، 9 أغسطس/آب 2002، متاح في الموقع: http://hrw.org/press/2002/08/libya080902.htm, تاريخ الإطلاع 6 يونيو/حزيران 2006).

[380] الإحصائيات الرسمية لعام 2004 من لجنة الترشيح المركزية الإيطالية، الواردة في مذكرات الإحاطة الخاصة بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، 27 مايو/أيار 2005. وتقول المفوضية إن عدد الطلبات "المرفوضة" المذكور، وهو 7921 طلباً، يتضمن 2352 شخصاً منحتهم إيطاليا شكلاً ثانوياً من أشكال الحماية بسبب كونهم في موقف شبيه بموقف اللاجئ (هرباً من الحرب أو العنف السائد). وهكذا منحت إيطاليا شكلاً ما من أشكال الحماية الدولية لـ 36 في المائة من الذين قدموا طلبات اللجوء. ولا تمثل هذه الأرقام إلا قرارات 'الدرجة الأولى' ولا تتضمن طلبات الاستئناف الناجحة. أضف إلى ذلك أن الحكومة اعتبرت في تصنيفها أن 2627 من طالبي اللجوء (أي أكثر من 30 في المائة) الذين لم يستكملوا إجراءات الدرجة الأولى لسبب من الأسباب (ربما لأنهم انتقلوا ليطلبوا اللجوء في بلد آخر لهم فيه أصدقاء أو أقارب) من بين "المرفوضين" فإذا لم نأخذ في اعتبارنا هذه المجموعة، وجدنا أن إيطاليا منحت شكلاً ما من أشكال الحماية لنسبة 51.5 في المائة من جميع الطلبات التي فحصتها.

[381] قد يكون السبب أن ذلك يتيح لإيطاليا تجنب طرد أو رد الأشخاص مباشرة، وكذلك عمليات الفحص التي قد ترى أنها مضطرة إلى القيام بها إذا أعادت الأشخاص مباشرة إلى أوطانهم؛ بالإضافة إلى ذلك فإن إعادة المصريين عن طريق ليبيا قد تكون أقل تكلفة، إذ تعفي إيطاليا من تكاليف اللجوء والاحتجاز والرحلات الجوية إلى القاهرة.

[382] انظر خطاب الوزير بيزانو في مجلس النواب الإيطالي، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2004 وهو متاح في الموقع: http://www.interno.it/stampa.php?sezione=10&id=295, تاريخ الإطلاع 7 مارس/آذار 2006.

[383] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي امدورد، طرابلس، 30 إبريل/نيسان 2005.

[384] المقابلة الجماعية لهيومن رايتس ووتش مع قسم التأشيرات والشؤون القنصلية، طرابلس، 21 إبريل/نيسان 2005.

[385]الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان "حق اللجوء في إيطاليا: السماح بإجراءات اللجوء لطالبي اللجوء ومعاملتهم"، يونيو/حزيران 2005، ص 20.

[386] لدى إيطاليا أمثال اتفاقات إعادة الدخول المشار إليها مع تونس والمغرب؛ ولديها نحو ثلاثين اتفاقاً من هذا النوع، وهي نصوص قياسية معلنة.

[387]عملية برشلونة هي شراكة بين 27 حكومة أورومتوسطية ومجلس الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية، من أجل تحقيق السلام والاستقرار والرخاء استنادا إلى المبادئ التالية:

العمل طبقا لميثاق الأمم المتحدة والإعلام العالمي لحقوق الإنسان

ترسيخ سيادة القانون والديمقراطية في النظم السياسية

احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية وضمان الممارسة الشرعية الفعالة لهذه الحقوق والحريات، بما في ذلك حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها

احترام وضمان التنوع والتعددية في مجتمعاتها وتعزيز التسامح بين الجماعات المختلفة في المجتمع ومكافحة مظاهر التعصب والعنصرية وكراهية الأجانب.

[388]اتفاق كوتونو هو اتفاق شراكة بين "مجموعة بلدان إفريقيا ومنطقة الكاريبي والمحيط الهادئ" والاتحاد الأوروبي، تم توقيعه في بنين في يونيو/حزيران 2000. وليست ليبيا واحدة من مجموعة بلدان "إفريقيا والكاريبي والهادئ"، لكن معظم الدول التي يأتي منها المهاجرون واللاجئون الذين يدخلون ليبيا أعضاء في المجموعة، ومن ثم يمكن أن يساعدها الاتحاد الأوروبي من خلال إطار كوتونو. انظر على وجه الخصوص المادة 13 من الاتفاق بشأن استراتيجيات تقليص الفقر (ضمن أمور أخرى) مما يمكن أن "يسهم في تطبيع تدفقات المهاجرين"، على الموقع التالي على الإنترنت:

http://europa.eu.int/comm/development/body/cotonou/index_en.htm

تاريخ الإطلاع السابع من مايو/أيار 2006