Skip to main content

لبنان ـ قوى الأمن تقمع المتظاهرين

ينبغي التحقيق واحترام الحق في التجمع السلمي

.رجال شرطة يرشون المياه لتفريق المتظاهرين المحتجين على مشكلة رفع النفايات قرب سراي الحكومة في بيروت، لبنان، في 19 أغسطس/آب  © 2015 رويترز/محمد أزاكير

(بيروت) ـ قوى الأمن اللبنانية استخدمت القوة لتفريق مظاهرة سلمية في 19 أغسطس/آب 2015، ما شكل خرقا لمعايير حقوق الإنسان.

على السلطات أن تفتح فورا تحقيقا محايدا، يضمن المحاسبة على أي استخدام مفرط للقوة، وأن تمتنع عن تكرار العنف بحق متظاهرين يحتجون على إخفاق الحكومة في حل مشكلة رفع النفايات، وينوون معاودة التجمع في 22 أغسطس/آب.

قال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "ليس للعنف دور في الرد على التجمع السلمي والمطالب الاجتماعية الأساسية. على السلطات اللبنانية أن تحترم حقوق المتظاهرين وتستمع إلى مطالباتهم بحل مستدام لأزمة النفايات".

قال 3 شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن قوى الأمن استخدمت القوة المفرطة لتفريق حشد من نحو 100 شخص، كانوا قد تجمعوا أمام المقر الحكومي المعروف بالسراي الكبير. قال الشهود إن قوة الأمن أطلقت مدافع الماء دون إنذار وركلت المتظاهرين وضربتهم بالهراوات بعد أن حاولوا إزالة السلك الشائك الذي يفصلهم عن السراي. قال نشطاء محليون لـ هيومن رايتس ووتش إن 2 من المتظاهرين على الأقل احتاجا إلى رعاية طبية وإن قوات الأمن اعتقلت 5 متظاهرين، أُفرج عنهم لاحقا من اليوم نفسه.

قال جوزيف مسلّم، ممثل قوى الأمن الداخلي، لقناة "إل بي سي" التلفزيونية اللبنانية، إن قوى الأمن مارست أقصى درجات ضبط النفس لمنع الشغب، لكن المتظاهرين قاوموا وتدافعوا. أنكر الشهود الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش استخدام القوة ضد قوات الأمن. وظهر في بعض مقاطع الفيديو المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي متظاهرون يقذفون البيض وأكياس القمامة والقوارير من فوق سور السلك الشائك. كما ظهر في أحد المقاطع متظاهر يحاول صد قوى الأمن باستخدام علم.

احتشد المتظاهرون أمام المقر الحكومي بعد ظهر 19 أغسطس/آب فيما كانت الحكومة مجتمعة لمناقشة أزمة النفايات. نصب رجال الشرطة السلك الشائك لوقف زحف المتظاهرين، وحينما حاول المتظاهرون إزالته، رشهم حراس السراي بخراطيم الماء واحتجزوا الناشط أسعد ذبيان لـ 20 دقيقة.

بعد ذلك بقليل، تم إرسال عدة وحدات من قوى الأمن، ضربت المتظاهرين واعتقلت 4 إضافيين منهم. وأعاد المتظاهرون محاولة إزالة السلك الشائك. ثم وصلت قوة ضاربة من قوى الأمن الداخلي يقودها العميد مجد طربيه، الذي قال إن المحتجزين سيُفرج عنهم في غضون 5 دقائق. إلا أن التقارير الإعلامية، نقلا عن نشطاء، قالت إن طربيه، بدلاً من ذلك، أمر أفراد الوحدة حاملي الهراوات بضرب المتظاهرين. يبدو أن بعض مقاطع الفيديو المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر أفراد قوات الأمن وهم يضربون رجالا ونساء بالهراوات، وبعضهم أثناء محاولة الفرار. جُرح الناشط بلال علّوه، وتم نقله على حمّالة إلى مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت.

عماد بزي، الناشط ضمن حملة "طلعت ريحتكم" التي تقود الاحتجاجات، قال لـ هيومن رايتس ووتش في مقابلة هاتفية إنه فيما كان يحاول إبعاد المتظاهرين عن رجال الأمن، ضربه أحد رجال الأمن على يده اليمنى. وفيما بعد، "أعمتني خراطيم المياه ولم أتبين عدد رجال الأمن الذين يهجمون عليّ. كنت فقط أحس بهم وهم يضربونني بالعصي على ذراعي اليسرى وصدري وأنا أحاول حماية رأسي". وقد التمس الرعاية الطبية في مستشفى القديس جاورجيوس (مستشفى الروم).

كان المتظاهرون قد بدأوا الخروج إلى الشوارع في يوليو/تموز، احتجاجا على شلل الحكومة بشأن تراكم النفايات بالشوارع، وعجزها عن التوصل إلى حل بعد إغلاق المكب الرئيسي لبيروت. وصف بعض المتظاهرين إخفاق الحكومة في التصدي للأزمة بأنه دليل على الإدارة الفاسدة والمفككة التي يريدون التخلص منها.

تدعو مجموعة "طلعت ريحتكم" للتوصل إلى حلول مستدامة للأزمة، بما فيها إلزام الناس بفرز النفايات قبل إخراجها للجمع، والتزام الحكومة بعدم إلقائها في البحر، وإنشاء منطقة للمخلفات العضوية في كل منطقة. تشارك منظمات بيئية مثل "الحركة البيئية اللبنانية" و"تير ليبان" و"غرينلاين" وغيرها منذ وقت طويل في مناصرة هذه القضايا.

تحد المعايير الدولية لحقوق الإنسان استخدام القوة ضمن أوضاع الضرورة القصوى. وتنص "مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية" (المبادئ الأساسية) على أنه لا يجوز لموظفي إنفاذ القانون استخدام القوة إلا إذا كانت الوسائل الأخرى غير فعالة أو لم يتضح أنها ستحقق النتيجة المنشودة. عند استخدام القوة ينبغي على موظفي إنفاذ القانون ممارسة ضبط النفس والتصرف بالتناسب مع جسامة المخالفة والغاية المشروعة المراد تحقيقها.

"لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان"، التي ترصد الامتثال لـ "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" (العهد الدولي)، الذي صدق عليه لبنان في 1972، دعت الحكومات إلى ضمان توافق اللوائح الحاكمة لاستخدام القوة والأسلحة من قبل الشرطة بشكل تام مع المبادئ الأساسية، وإلى "التحقيق المنهجي في أية انتهاكات لتلك القواعد بغية تقديم من يثبت ارتكابهم لتلك الأفعال أمام المحاكم، ومعاقبة المذنبين وتعويض الضحايا". وعلى السلطات اللبنانية أن تسمح بالمراجعة المستقلة لسلوك الشرطة أثناء المظاهرات، وأن تستخدم أقصى درجات ضبط النفس في الرد عليها.

بموجب المادة 21 من العهد الدولي، على السلطات اللبنانية احترام الحق في التجمع السلمي، ولا يجوز لها أن تقيد المظاهرات إلا بقيود متناسبة "لصالح الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة والآداب العامة، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم".

قال نديم حوري: "مع المظاهرات المقررة مساء اليوم، لدى السلطات اللبنانية فرصة إظهار الاحترام للتجمعات السلمية والامتناع عن تكرار العنف ضد المتظاهرين. على السلطات أن توضح على أعلى المستويات أن تصرفات الشرطة العدوانية والمفرطة لن تلقى أي تسامح". 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع