Skip to main content

كنت في الدوحة، أقوم بالتغطية الصحفية لحساب البي بي سي، في تلك الليلة من عام 2010 حين فازت قطر بحق استضافة كأس العالم 2022. كنت أقففي سوق المدينة الرئيسية، محاطة بقطريين مبتهجين يلوحون بالعلم الوطني،لأشاهد المقطع الذي ذاعت شهرته لـ سيب بلاتر وهو يسحب كلمة "قطر" من مظروف أبيض. وبينما كانت ابتسامة بلاتر تذاع بالبث المباشر على شاشة عملاقة،  كان السوق ـ والبلد كله ـ ينتفض فرحاً. وبعد تقديم تقريري،استغرقت ساعة في رحلة العودة إلى منزلي التي تستغرق 15 دقيقة، بسبب الازدحام المروري الناجم عن المشجعين المحتفلين.

وها نحن بعد أربعة سنوات، وقد تبدد هذا النصر. لقد أحيط فوز قطر بتقارير عن انتهاكات عمالية في مشروعات البناء الكروية، واقترح بعض المراقبين إمكانية خسارة قطر للكأس بسبب مزاعم فساد. ولا شك أن مزاعم الرشوة فضائحية، لكن الفضيحة الحقيقية هي كيف استطاعت قطر الصغيرة أن ترتكب أخطاءً بهذه الضخامة فيما يتعلق بحقوق العمال.

لقد أدى الفوز بالكأس إلى ازدهار اقتصادي في الدوحة ـ فهناك ملاعب تُبنى، وفنادق تُشيد، وطرق تُمد. وأوجد آلاف الوظائف بين عشية وضحاها. ومن السهل أن ننسى ضآلة حجم قطر، لكن حجمها هو بالضبط ما يعنينا، فهي بحاجة للعمال الأجانب لتطويرها، والعمال الأجانب بحاجة لكسب العيش. وليس لأحدهما أن يزدهر بغير الآخر.

ولهذا فإن إصرار قطر على عض اليد التي تطعمها، بالتعدي على حقوق العمال، ورفض إصلاح نظام كفالة أصحاب العمل المسيء، وحظر الإضراب، هو أمر محير تماماً. لقد تعهدت قطر بإصلاح قوانينها وممارساتها العمالية عند الفوز، لكنها تبدي الممانعة حتى الآن، فلماذا؟

لا يتعلق الأمر بالمال أو الخبرة، أو ـ بعد انقضاء أربعة سنوات ـ بالوقت. وفي نظام ملكي مطلق، لا يمكن أن يتعلق الأمر بصعوبة التوصل إلى اتفاق سياسي. والحقيقة هي أن قطر لم تصلح قوانينها العمالية لأنها لا تريد هذا. وعلينا التفكير في الرسالة التي ترسلها لنا بهذا.

لقد كان لملف قطر منتقدوه من البداية. صحيح أنها حارّة بشكل استثنائي في الصيف، وصحيح أن تاريخها الكروي لا يذكر. لكنها أيضاً بلد مستقر وثري، قادر على استضافة كأس العالم بأمان ودون الغرق في الديون. كما أن الفيفا سيترك "ميراثا" لافتا حين يمنح حق استضافة أكبر الأحداث الرياضية الضخمة في العالم لبلد في الشرق الأوسط، وهي منطقة تستحق بالتأكيد ما يدعوها للابتسام على سبيل التغيير.

وتقول قطر إن من ينتقدونها عنصريون. لكن الأمر لا يتعلق بالعرق، وإنما بالحقوق. فلحين تمتع عمال قطر الوافدين بنفس الحقوق كأي شخص آخر ـ أي حرية المغادرة، والشكوى، والاختيار ـ ستستمر في خسارة النوايا الحسنة.

إن النقاد لا يكرهون قطر، بل هم غاضبون من معاملة حكومتها لعين الأشخاص الذين دعتهم للمساعدة في بنائها.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة