Skip to main content

ألمانيا والطائرات الأمريكية من دون طيار

على ألمانيا أن تضمن عدم استخدام قاعدة رامشتاين في هجمات غير مشروعة

نُشر في: Frankfurter Rundschau

في إحدى ليالي أغسطس العليلة من عام 2012، قتلت طائرة أمريكية من دون طيار خمسة رجال كانوا مجتمعين خلف مسجد في  خشامير، وهي قرية في جنوب شرقي اليمن. كان ثلاثة منهم ممن يشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب. بينما كان الاثنان الآخران من أعمدة مجتمعهما.

كان أحدهما هو سالم بن علي جابر، رجل الدين الذي كان يخطب ضد التكتيكات العنيفة للقاعدة في جزيرة العرب. وأما الآخر فكان ابن عمه، وليد، وهو شرطي. وقد قال لي عدد من الشهود والأقارب إن أعضاء القاعدة في جزيرة العرب المشتبه بهم تحدثوا إلى سالم جابر ليخبروه بضرورة التوقف عن خطبه ضد الجماعة.

في يوم الأربعاء [27 مايو/أيار]، وفي قضية غير مسبوقة ضد ألمانيا، سوف تستمع المحكمة الإدارية في كولونيا إلى الأدلة نيابة عن أولئك الأقارب. ويزعم المدعون اليمنيون أن رامشتاين ـ القاعدة الجوية الأمريكية في راينلاند-بفالتز، كانت ضالعة في غارة الطائرة من دون طيار والتي أسفرت عن مقتل أحبائهم. وهم يرون أن ألمانيا تنتهك واجبها الدستوري في حماية الحق في الحياة من خلال السماح للولايات المتحدة باستخدام قاعدة رامشتاين لعمليات الطائرات بدون طيار المميتة.

وقاعدة رامشتاين هي مركز البرنامج السري للطائرات الأمريكية بدون طيار، وفقا لتقرير استقصائي قامت به "دير شبيغل" و"إنترسبت". ترد إدارة ميركل بأن الولايات المتحدة قدمت تأكيدات بأن لا يتم توجيه أو التحكم بأي طائرات بدون طيار من ألمانيا. وتتهرب هذه اللغة من الدور التقني المهم الذي تلعبه القاعدة، حسبما يقول المطالبون.

إن تمديد حق ألمانيا في الحياة للمواطن غير الألماني في أرض أجنبية هي الأرضية القانونية التي لم تختبر، ولكن يجب على برلين أن تنتبه. تشير التقارير إلى أن هجمات الطائرات الامريكية بدون طيار قتلت 444 شخصا على الاقل في اليمن وحده. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة ترفض أن تصرح بعدد القتلى المدنيين من بين هذا العدد، إلا أنه لا يوجد أي سبب لافتراض أن أقارب جابر سيكونون اليمنيين الوحيدين اللذين سينقلون مثل هذه القضايا إلى المحاكم الألمانية.

وأيا كان  حكم المحكمة الإدارية في نهاية المطاف، ينبغي على الحكومة الألمانية أن تضمن أن القوات الاجنبية لا تستخدم قاعدة رامشتاين لتنفيذ تلك الضربات غير المشروعة- والتي تقوم عشوائيا أو بشكل غير متناسب بقتل المدنيين أثناء النزاع المسلح أو تقوم، خارج حالات النزاع المسلح، بقتل الأشخاص الذين لا يشكلون تهديدا وشيكا على حياة الآخرين. كما ينبغي على الحكومة أن تضغط على الولايات المتحدة لتسليط المزيد من الضوء على برنامج القتل السري الخاص بها بحيث يعرف الضحايا وجهتهم بحثا عن الإنصاف، في حال سارت الأمور على نحو خاطيء.

إن التعاون الأمني ​​الوثيق بين ألمانيا والولايات المتحدة لا يبرر إغضاء الطرف عن هذا الموضوع؛ بل على النقيض، يمكن أن تستخدم برلين نفوذها مع واشنطن في محاولة لتوجيهها نحو مسار سليم من الناحية القانونية.

وبينما تصر الولايات المتحدة على أن وفيات المدنيين الناتجة عن هجمات الطائرات بدون طيار نادرة، إلا أنها تكاد لا تعترف بالضربات أو بعدد القتلى الناتج عنها، ما لم يكن الضحايا من الأمريكيين أو الحلفاء الغربيين.

لم يتلق أقارب سالم ووليد جابر حتى الآن أي اعتراف أمريكي بهجمات خشامير، ناهيك عن الاعتذار. وتكشف وثيقة أمريكية سرية حصلت عليها  "إنترسبت" أن واشنطن عرفت بعد يومين من الهجوم أنها قد تكون قد قتلت "مارّة محتملين" بمن في ذلك رجل الدين المناهض للقاعدة في جزيرة العرب. لكن الأمر استغرق عامين حتى حصلت عائلة جابر على التعويض – وهو دفعة نقدية من جهة بديلة بقيمة 100 ألف دولار من مسؤول في المخابرات اليمنية، والذي قال ان الأموال جاءت من الولايات المتحدة.

لم تضل المعايير المزدوجة طريقها لأسرة جابر. فقال لي أحد الأقارب ويدعى فيصل جابر: "لقد كانت صدمة كبيرة،" في إشارة لاعتذار أوباما. قال جابر إن الرسالة التي ترسلها الولايات المتحدة تفيد بأنه: "سواء كنا أبرياء أم لا، فإن أوباما لا يهتم لعدد القتلى بين اليمنيين".

في وقت سابق من هذا الشهر [[13 مايو/أيار]] قامت 10 منظمات غير حكومية، من بينها هيومن رايتس ووتش واثنتان من المنظمات التي تمثل عائلة جابر - المركز الأوروبي للحقوق الدستورية والإنسانية وريبريف – بمناشدة إدارة أوباما بتبني نهج منتظم لجميع هجمات مكافحة الإرهاب التي تتسبب في إصابة أو مقتل المدنيين، بصرف النظر عن جنسيتهم. يجب على الولايات المتحدة إجراء تحقيقات شاملة ومستقلة في مثل هذه الهجمات، بما في ذلك تلك التي قتلت أفراد عائلة جابر. ويجب نشر النتائج للجمهور، وتوفير سبل الانصاف للضحايا المدنيين.

كما وينبغي أن تضغط ألمانيا على الولايات المتحدة من أجل اعتماد هكذا نظاما، لأسباب أخلاقية واستراتيجية على حد سواء.

لقد مزقت الهجمة على خشامير أفراد عائلة جابر إربا على أرض المسجد. وعندما ينظر سكان القرية إلى صور أشلاء الرجلين وهي متناثرة "سيفكرون في أمريكا"، وفقا لفيصل جابر.

وإذا لم تتأكد حكومة ميركل من عدم مشاركتها بأي دور في مثل هذه الضربات، فإنها تخاطر بأن يفكر سكان القرية بألمانيا كذلك عند النظر إلى هذه الصور.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.