Skip to main content

مصر ـ تغييرات قانونية من شأنها تهديد عدالة المحاكمات

وقد تسمح للقضاة باستبعاد الشهود

(نيويورك) ـ القواعد الجديدة المقترحة لإجراءات المحاكم قد تعوق قدرة محامي الدفاع على استدعاء شهود إلى المحاكمات في مصر. وعلى الرئيس عبد الفتاح السيسي رفض القواعد الجديدة.

ويبدو أن تعديلات قانون الإجراءات الجنائية التي تبناها مجلس الوزراء في 18 فبراير/شباط تمنح القضاة سلطة منفردة في تقرير إمكانية استدعاء الشهود وسماع شهاداتهم، وهذا وفق بيان رسمي من مجلس الوزراء.

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "إن التغييرات المقترحة لقواعد المحاكمات في مصر من شأنها تهديد عنصر جوهري من عناصر المحاكمة العادلة، ألا وهو حق المتهم في مواجهة الأدلة المساقة بحقه في المحكمة. وعلى الحكومة المصرية التخلي عن التعديلات المقترحة علناً وبوضوح ودون إبطاء".

وقال مجلس الوزراء في بيانه إن التعديلات المقترحة ـ للمادتين 277 و289 من قانون الإجراءات الجنائية ـ تتعلق في المقام الأول بضمان "الوصول إلى العدالة الناجزة بما لا يخل بحقوق الخصوم في الدعوى". ومن شأن التغييرات أن تضع "الأمر كله في شأن استدعاء الشهود أو سماعهم في يد المحكمة"، كما قال البيان بدون تقديم تفاصيل إضافية. ولم تنشر الحكومة نص التعديلات المقترحة حتى الآن.

وتقرر المادة 277 من قانون الإجراءات الجنائية بصيغتها الحالية أنه "يكلف الشهود بالحضور بناءً على طلب الخصوم". كما تسمح لأي شخص لديه معلومات عن القضية بإمكانية التقدم بالشهادة دون أن يُطلب منه هذا. وتقرر المادة 289 أن على المحكمة تلاوة الشهادات التي تم جمعها قبل المحاكمة، وأن هذا لا يكفي إلا في حالة إخفاق أحد الشهود في الحضور أو قبول المتهم للشهادة المقروءة. وبموجب القواعد المعمول بها حالياً، يلتزم القضاة بالامتثال لطلبات الخصوم باستدعاء شهود للشهادة والتحقق من الشهادات التي تم جمعها أثناء التحقيق المبدئي.

وقد قامت اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، المكونة من عدد من كبار المسؤولين وقضاة ومحامين وقادة دينيين، بصياغة التعديلات المقترحة، وكان السيسي قد أنشأ اللجنة وعين أعضاءها لإعداد التشريعات الجديدة عقب توليه السلطة في يونيو/حزيران 2014 بقليل.

وفي الأول من مارس/آذار زعم الموقع الإلكتروني لنقابة المحامين أن رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، الذي يترأس لجنة الإصلاح التشريعي، قد أخبر بعض أعضاء النقابة بأنه "لا توجد نية" لدى الحكومة لإصدار هذه التعديلات.

وأفادت صحيفة الشروق المستقلة في 7 مارس/آذار بأن التعديلات المقترحة أُرسلت إلى مجلس الدولة، وهو هيئة قضائية يفوضها الدستور في مراجعة مشروعات القوانين وإبداء الرأي فيها قبل تبنيها. وبعد أسبوع أفادت عدة مواقع إخبارية إلكترونية بأن قسم التشريع بمجلس الدولة قد خلُص إلى عدم دستورية التعديلات المقترحة. وفي مقال بتاريخ 14 مارس/آذار، استشهاداً بمصادر لم تتم تسميتها، أفادت الشروق بأن المجلس انتقد التغييرات المقترحة لانتهاكها مبدأ المحاكمة العادلة، مؤكداً أن سماع الشهود هو "جزء لا يتجزأ من أي تحقيق قضائي". ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد هذه المعلومات مباشرة من مجلس الدولة.

ولكن حتى إذا أعلن مجلس الدولة عن عدم دستورية التعديلات المقترحة وانتهاكها للحق في محاكمة عادلة فلا توجد ضمانة لأن تعمل إدارة السيسي بنصيحته. فكثيراً ما عمدت الحكومة خلال الشهور الأخيرة إلى إصدار تشريعات بدون التشاور مع المجلس أو الأخذ بنصيحته عند التماسها.

وفي 9 يناير/كانون الثاني نشرت صحيفة التحرير، وهي صحيفة مستقلة أخرى، نتائج دراسة كان مجلس الدولة قد أرسلها إلى السيسي. وأظهرت الدراسة أن المجلس رفض 34 من أصل 194 مشروع قانون أو تغيير قانوني مقترح من جانب السلطة التنفيذية في 2014، أو طالب بإدخال تغييرات عليها، لكن الحكومة تجاهلت الرفض والتوصيات. ووجدت الدراسة أن السلطات تبنت قوانين أخرى بدون التشاور مع المجلس.

وقد قامت عدة منظمات حقوقية مصرية بانتقاد التعديلات المقترحة، وفي 19 فبراير/شباط أفادت صحيفة اليوم السابع، وهي صحيفة خاصة لكنها مؤيدة للحكومة إلى حد بعيد، بأن ناصر أمين، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ذي الصفة شبه الحكومية، دعا السيسي إلى رفض التغييرات المقترحة على أساس أن "أهم دليل لدى المحامي دائماً هو شهادة الشهود، وهذا القانون يسحب قوة الدفاع في أن يقدم أدلته ويمنحها للمحكمة". كما نقل عن أمين قوله إن: "العالم لن يعترف بأي حكم" تصدره المحاكم المصرية في حال وافق السيسي على التعديلات المقترحة.

وقالت هدى نصر الله، الباحثة والمحامية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، لموقع مدى مصر الإخباري الإلكتروني إن محكمة النقض المصرية، أرفع محاكم الاستئناف في البلاد، سبق لها نقض أحكام ضد "متهمين سياسيين... لمجرد أن قضاة [الحكم الأصلي] لم يستمعوا إلى شهود الدفاع". وقالت نصر الله إنها تخشى أن يكون الغرض من التعديلات المقترحة تمكين القضاة من حجب شهادات شهود الدفاع في المستقبل دون المخاطرة بنجاح الطعن [على الأحكام].

ومنذ قام الجيش بعزل محمد مرسي، أول رئيس مصري يتم انتخابه بحرية، في يوليو/تموز 2013، أصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور وكذلك السيسي مراسيم بقوانين بدون مراجعة برلمانية، حيث تم حل مجلس الشعب، أو الغرفة البرلمانية الدنيا، بحكم محكمة في ظل الحكم العسكري قبل انتخاب مرسي في 2012، مخلفاً مجلس الشورى أو الغرفة العليا، الذي تم حله عقب عزل مرسي.

وتضمنت القوانين الجديدة التي أصدرها منصور والسيسي قوانين تتشدد في تقييد المظاهرات السلمية، وتوسع سلطة المحاكم العسكرية في محاكمة المدنيين، وتسمح بالحبس الاحتياطي بغير أجل مسمى للمتهمين بجرائم عقوبتها السجن المؤبد أو الإعدام.

وبموجب الدستور المصري لسنة 2014، تلزم مراجعة جميع التشريعات المتبناه في غياب البرلمان من جانب البرلمان الجديد فور انعقاده، إلا أن الدستور لا يتيح لأعضاء البرلمان الجديد سوى مهلة 15 يوماً لتلك المراجعة. وبموجب الدستور كان ينبغي عقد انتخابات البرلمان الجديد في يوليو/تموز 2014، لكنها تقررت بدلاً من هذا في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2015، إلا أنها تأجلت بعد أن حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون الانتخابات. ولم يتحدد موعد نهائي للانتخابات حتى الآن.

ويعمل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صدّقت عليه مصر، على إقرار ضمانات إجرائية دنيا لأي شخص يواجه تهمة جنائية، بما فيها الحق "في أن يناقش شهود الاتهام بنفسه أو من قِبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبّقة في حالة شهود الاتهام". ويرد نفس الحق بعبارات مطابقة في "مبادئ وإرشادات بشأن الحق في المحاكمة العادلة والمساعدة القانونية" التي تبنتها اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في 1999.

وقالت سارة ليا ويتسن: "تلتزم مصر بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان بحماية الحق في المحاكمة العادلة، وبالنظر إلى حل البرلمان فإن مشاورة الحكومة المصرية لمجلس الدولة والعمل بتوصياته تكتسب أهمية خاصة قبل إدخال أية تغييرات على قانون الإجراءات الجنائية".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة