Skip to main content

ماذا يحدث عندما تجتمع مؤسسة عالمية مكرسة  للتبادل الحر للأفكار مع حكومة لا تشاركها تلك القيم؟

وقعت أحدث حلقة من هذه الدراما مساء السبت في مبنى الركاب رقم 4 في مطار جون كنيدي عندما رفض الطاقم الأرضي التابع لطيران الاتحاد، الناقل الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، السماح للبروفيسور أندرو روس من جامعة نيويورك بالصعود على متن رحلة متجهة إلى أبو ظبي. وكان البروفيسور روس في طريقه للبحث في ظروف العمل في الحرم الجامعي المثير للجدل لجامعة نيويورك في أبو ظبي، ولكن عندما هاتف موظفو طيران الاتحاد السلطات الإماراتية، قيل لهم إن روس كان يشكل "خطرا أمنيا".

حتى الآن، ركزت انتقادات مشاركة جامعة نيويورك بالإمارات على حدوث تجاوزات في حق العمال المهاجرين الذين بنوا الحرم الجامعي، ولكن هذا الحادث الأخير يثير تساؤلات جدية حول قدرة أعضاء هيئة التدريس في جامعة نيويورك بأبوظبي على تشجيع التفكير النقدي وحرية الخطاب الذي هو حجر الزاوية في أي مؤسسة أكاديمية مرموقة.

وبدأ الجدل حول حرم جامعة نيويورك بأبوظبي في 2009 عندما قالت هيومن رايتس ووتش إن عمال البناء في جزيرة السعديات، والتي سوف تستضيف أيضا فروعا لمتاحف اللوفر وغوغنهايم، يتعرضون لانتهاكات خطيرة، بما في ذلك العمل القسري.

كان من الواضح أن ثقافة الإفلات من العقاب التي تعصف بصناعة البناء والتشييد في الإمارات العربية المتحدة قد أصابت مشروع جزيرة السعديات، مع عواقب يمكن التنبؤ بها لمهاجري جنوب آسيا العاملين لصالح المقاولين من الباطن في أسفل سلسلة توريد العمل. يدفع هؤلاء العمال رسوم الاستقدام الباهظة، ويحجز أرباب عملهم جوازات سفرهم لمنعهم من تغيير عملهم، والقانون يمنعهم تغيير أرباب العمل. يكدح العمال لساعات طوال مقابل أجور منخفضة أو حتى غير مدفوعة، ويمكن أن يواجهوا الحبس والترحيل عند تراجع عملهم احتجاجا على ذلك.

بعد تقرير 2009، أوجد المطورون شبه الحكوميون وراء هذا المشروع مدونات لقواعد السلوك والتي تهدف إلى ضمان الحقوق الأساسية للعمال. ومع ذلك، في ديسمبر/كانون الأول 2013، وجدت صحيفة "الأوبزيرفر" البريطانية أن عمال جزيرة السعديات "يعيشون في ظروف مزرية ويجنون مبالغ زهيدة"، في حين أن صحيفة "نيويورك تايمز" أوردت في تقرير لها في مايو/أيار 2014 أن العمال العاملين لدى أحد كبار المتعاقدين في موقع جامعة نيويورك تم ترحيلهم بعد الإضراب عن العمل اعتراضا على الأجور المنخفضة.

أشعلت هذه التقارير جدلا في حرم قرية غرينتش بجامعة نيويورك. ووصف رئيس الجامعة جون سيكستون طريقة التعامل مع العمال، "إذا صحّ ما ذُكر، بالمقلقة وغير المقبولة". وفي يوليو/تموز عيّن الشركاء الحكوميون لجامعة نيويورك في دولة الإمارات العربية المتحدة شركة تحقيق مقرها الولايات المتحدة، تدعى نارديللو وشركاه، للتأكد من مزاعم نيويورك تايمز. لم يتم بعد نشر تقرير نارديللو أمام الجمهور.

في فبراير/شباط أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريرا جديدا يثبت صحة ادعاءات "تايمز" وأظهر أنه على الرغم من بعض التقدم والوعود الكثيرة، ما يزال بعض العمال في مشاريع جزيرة السعديات يتعرضون إلى الانتهاكات التي تساهم في العمل القسري. وخلص التقرير إلى أن مدونات قواعد السلوك المصممة لحماية العمال لم تنفذ بشكل فاعل.

 وتواجه جامعة نيويورك الآن معضلة جديدة لأن أندرو روس ليس أول شخص اتخذت السلطات الإماراتية بحقه إجراءات جزائية ناتجة إما عن التحدث علنا ​​أو عن رفع التقارير المنتقدة بحق انتهاكات العمل في جزيرة السعديات.

بعد بضعة أشهر من تقرير "الأوبزيرفر"، نشر موقع على شبكة الانترنت مرتبط بحكومة الإمارات العربية المتحدة 24.ae  شريط فيديو يرفض الادعاءات ويدلل على أن الصحفي الذي كتب المقالة، ديفيد باتي، مرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، وهي منظمة صنفتها دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرا على أنها جماعة إرهابية. وُضع شون أودريسكول، وهو صحفي يتخذ من الإمارات مقرا له، والذي كان مؤلفا مشاركا في المادة المنشورة في "نيويورك تايمز"، تحت مراقبة الشرطة، واستُجوِب من قِبل وزارة الداخلية وبعد ذلك تم ترحيله في أكتوبر/تشرين الأول 2014.

في اليوم التالي لإكمالي الجولة الأولى من البحث الخاص بتقرير فبراير/شباط لهيومن رايتس ووتش، وحينما كنت أهم بمغادرة دبي، قالت لي السلطات الإماراتية في المطار إن اسمي الآن موضوع على القائمة السوداء الرسمية وأنني لم أعد موضع ترحيب في البلاد. ورغم أن السلطات لم تبد أي سبب لقرارها، نعتقد أن ذلك ينبع من انتقادنا للحملة العدوانية لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة على المعارضة الداخلية.

ليست هذه حوادث معزولة. إذ قامت دولة الإمارات العربية المتحدة في السنوات الأخيرة بسجن الإسلاميين والليبراليين على حد سواء، وترحيل المدونين، وتجريد النقاد من جنسية الإمارات العربية المتحدة، ومنع دخول الأكاديميين والمنظمات غير الحكومية التي انتقدت السلطات.

ربما كانت جامعة نيويورك في الماضي قادرة على الادعاء بأن حملة القمع التي شنتها دولة الإمارات العربية المتحدة على حرية التعبير كانت غير ذات أهمية لها، ولكن حرمان أحد أساتذتها من الدخول وتصنيفه على أنه يشكل خطرا أمنيا يدحض هذه الحجة.

وكما أخبرني روس: "لقد أخبرتني إدارتي أن لها أن تضمن الحرية الأكاديمية الكاملة إضافة لدخول وخروج جميع أعضاء هيئة التدريس والطلاب من وإلى أبو ظبي. ما هي الإشارة المرسلة هنا لتقليل الشعور بالأمن بين أعضاء هيئة التدريس في جامعة نيويورك بأبو ظبي؟ وهل سيشمل المصير عينه الفنانين المدعوين للمشاركة في المعارض والمناسبات في غوغنهايم أو متحف اللوفر في أبوظبي؟ "

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة