Skip to main content

الجزائر - تقويض حقوق العمال

ينبغي لمنظمة العمل الدولية مطالبة الجزائر بالسماح للنقابات المستقلة بحرية العمل

(جنيف) – المتوسطية لحقوق الإنسان اليوم إن الجزائر يقيد بصورة تعسفية حقوق العمال في تكوين المنظمات العمالية. تعاقب الحكومة المتظاهرين والمضربين السلميين، بما في ذلك عبر التجميد الانتقامي عن العمل أو الفصل من الوظيفة العمومية، والاعتقالات التعسفية ومحاكمة النشطاء النقابيين بتهم سياسية الدوافع.

وقالت المنظمتان إنه ينبغي لمنظمة العمل الدولية حث الجزائر على إنهاء قمعها للنشاط النقابي المستقل أثناء فحصها لسجل الجزائر خلال الدورة المقبلة، والتي تبدأ يوم 28 مايو/أيار 2014 في جنيف. الجزائر طرف في اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم (رقم 87)، واتفاقية حق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية (رقم 98)، وهما اثنتان من ثماني اتفاقيات لمنظمة العمل الدولية تعتبر أساسية في قانون العمل الدولي.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية: "يوضع العمال في الجزائر في وضع حرج في كل منعطف عندما يحاولون تشكيل نقابات مستقلة والعمل بشكل جماعي. ينبغي على منظمة العمل الدولية استخدام هذه الفرصة لتذكير الجزائر بأن احترام حقوق العمل يعني السماح للعمال بتنظيم النقابات والاضطلاع بالعمل النقابي دون تدخل من الحكومة".

قابلت هيومن رايتس ووتش والشبكة الأوروبية – المتوسطية لحقوق الإنسان عمالا وممثلين لنقابات، ووثقا الجهود المبذولة لتكوين وتصريف أعمال النقابات في الجزائر، واستعرضا القوانين واللوائح التي تحكم العمل النقابي.

تستعمل السلطات الجزائرية المناورات الإدارية بهدف عرقلة الوضع القانوني للنقابات المستقلة التي تحاول أن تعمل خارج الاتحاد العام للعمال الجزائريين، والذي يرى كثيرون أنه مقرب من السلطات. يسمح قانون النقابات للعمال بتشكيل نقابات بإخطار السلطات كتابة، دون طلب الحصول على إذن. بعد 30 يوما، من المفترض أن تصدر السلطات للنقابة إيصال التسجيل النهائي.

رغم ذلك، وفي كثير من الحالات، رفضت السلطات إصدار إيصال. في حالات أخرى، طلبت السلطات الجزائرية معلومات إضافية أو طلبت من النقابات تعديل نظامها الأساسي. لكن السلطات امتنعت عن إصدار الإيصالات في بعض الحالات حتى بعد ما امتثلت النقابة. دون إيصال، لا يمكن للنقابة أن تمثل العمال قانونيا.

قدمت نقابة أساتذة التعليم العالي المتضامنين، على سبيل المثال، أوراق تأسيسها في 19 يناير/كانون الثاني 2012. وبعد مرور أكثر من عامين، لم تتوصل بإيصال تسجيلها. قدمت النقابة الوطنية المستقلة لعمال البريد وثائق تأسيسها ثلاث مرات - في 2 يوليو/تموز 2012، و 13 سبتمبر/أيلول 2012، و3 مارس/آذار 2013 - لكن السلطات لم تصدر إيصال التسجيل.

بالإضافة إلى ذلك، قال 10 أعضاء على الأقل في النقابات المستقلة التي انتقدت سياسات الحكومة بشأن القضايا الاجتماعية والاقتصادية لـ هيومن رايتس ووتش والشبكة الأوروبية – المتوسطية لحقوق الإنسان، إن السلطات أخضعتهم لمضايقات قضائية وطرد جماعي كانتقام على أنشطة نقابية سلمية ومظاهرات من أجل الحقوق العمالية.

في أبريل/نيسان 2012، أضربت الفدرالية الوطنية لقطاع العدالة احتجاجا على ظروف العمل. وقال ممثلو الفدرالية، إن الإدارة توقفت، عقب الإضراب، عن دفع رواتب 57 موظفا، وألغت اشتراكاتهم في الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية دون اتباع الاجراءات التأديبية.

لم تقم الإدارة بإعادتهم كما لم تطردهم رسميا، ووضعتهم في مأزق قانوني بعدم إصدار قرار رسمي يمكنهم استخدامه للطعن أمام محكمة. وواجه أيضا العمال الآخرون الذين شاركوا في الإضرابات محاكمة بتهم ملفقة.

في 25 أبريل/نيسان 2013، بعثت هيومن رايتس ووتش رسالة إلى وزيريّ العدل والداخلية الجزائريين طلبا لمعلومات حول أحداث و حالات محددة يبدو فيها أن السلطات انتهكت حق النقابيين والعمال. لم يرد الوزيران.

في 14 يونيو/حزيران 2013، بعثت الشبكة الأوروبية – المتوسطية لحقوق الإنسان رسالة إلى وزارة العمل والحماية الاجتماعية وجامعة التكوين المتواصل لطلب معلومات عن حالة رشيد ملاوي، رئيس النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية، والذي أقيل من وظيفته في الجامعة في أبريل/نيسان 2013، في ما يبدو أنه انتقام على أنشطة نقابته. لم ترد أي من الجهتين.

على الرغم أن كثيرا ما انتقد خبراء منظمة العمل الدولية الجزائر على انتهاك حقوق العمال في الإضراب وتكوين النقابات التي يختارونها في ظل اتفاقيتا منظمة العمل الدولية رقم 87 و 98، فإن هذه ستكون المرة الأولى التي تخضع فيها الجزائر لفحص من قبل لجنة المؤتمر المعنية بتطبيق المعايير، وهي لجنة تابعة لمنظمة العمل الدولية وتتألف من الحكومة، وأصحاب العمل، وممثلين عن العمال. دُعيت الحكومات المختارة للفحص للرد أمام اللجنة بشأن الكيفية التي يتم بها تنفيذ اتفاقيات منظمة العمل الدولية، وتوفير المعلومات حول الوضعية قيد الدرس.

طالبت لجنة الخبراء التابعة لمنظمة العمل الدولية، في تقريرها بشأن تطبيق معايير العمل الدولية،الحكومة الجزائرية، من بين أمور أخرى، بأن تتخذ تدابير محددة لتعديل الأحكام التشريعية التي تمنع منظمات العمال، بغض النظر عن القطاع الذي ينتمون إليه، من تشكيل الفدراليات والكونفدراليات بشكل حُر. كما طلبت من الحكومة الرد على الادعاءات المتعلقة بأعمال التخويف والتهديد في حق القادة النقابيين والأعضاء.

دعت هيومن رايتس ووتش والشبكة الأوروبية - المتوسطية لجنة المؤتمر إلى أن توصي الحكومة الجزائرية بتعديل قانون 90-14 بحيث يستطيع العمال، بغض النظر عن قطاعهم، تأسيس النقابات والفدراليات والكونفدراليات التي يختارونها. كما دعت المنظمتان لجنة المؤتمر إلى حث الحكومة على احترام الحقوق النقابية، بما في ذلك عن طريق إصدار الإيصالات للنقابات التي استكملت إجراءات الإخطار وبالامتناع عن أي تدخل غير قانوني في أنشطتها.

على الجزائر أيضا التزامات بموجب الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويكفلان الحق في حرية تكوين الجمعيات، والتجمع، و بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي يحمي حقوقا محددة تتعلق بحرية تكوين الجمعيات والعمل النقابي.

تنص المادة 2 من اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 بشأن الحق في حرية تكوين الجمعيات وحماية حق التنظيم، على أن للعمال وأصحاب العمل، دون تمييز، الحق في تكوين والانضمام إلى المنظمات التي يختارونها دون ترخيص سابق، بشرط التقيد بلوائح هذه المنظمات.

قال ميشال توبيانا، رئيس الشبكة الأوروبية – المتوسطية لحقوق الإنسان: "إن سجل الجزائر الجيد في التصديق على اتفاقيات منظمة العمل الدولية والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان يجب أن يواكبه سجل أقوى عندما يتعلق الأمر بالتطبيق العملي. إن الجزائر في حاجة خاصة إلى حماية الناشطين النقابيين من الانتقام بسبب نشاطهم النقابي".

الحقوق النقابية في الجزائر
إلى غاية تسعينيات القرن الماضي، لم يكن يوجد في الجزائر سوى نقابة عمالية واحدة، هي الاتحاد العام للعمال الجزائريين. ويقول العديد من المؤرخين إنه لعب دورا أساسيًا في حرب التحرير الجزائرية بين 1954 و1962. وفي أعقاب أعمال الشغب الواسعة والاحتجاجات التي هزّت الحكومة في أكتوبر/تشرين الأول 1988، اعتمد الجزائر دستورًا جديدًا فتح الباب أمام تشريعات أنهت سيطرة جبهة التحرير الوطني الحاكمة على الحياة السياسية، ووسائل الإعلام، والمنظمات العمالية، وسمحت بقدر أكبر من حرية التعبير، والتجمع، وتكوين الجمعيات.

وفي 2 يونيو/حزيران 1990، تبنى الجزائر القانون رقم 90ـ14 الذي سمح بتكوين نقابات مستقلة. وتم إنشاء عديد النقابات المستقلة في القطاع العام، مثل النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية، والنقابة الوطنية المستقلة لعمال التربية والتكوين.

ويسمح القانون 90-14 بتكوين نقابات جديدة ببساطة عن طريق تقديم تصريح ووثائق معينة إلى السلطات، بما في ذلك قائمة بالأعضاء المؤسسين، وأعضاء اللجنة الإدارية للنقابة، مع توقيعاتهم، وصفاتهم الشخصية، والمهنة، وعنوان الإقامة؛ ونسختين مصادق عليها للنظام الداخلي للنقابة، ومحضر جمعها العام التأسيسي. وينص القانون على أنه يجب على المحافظ أو وزير العمل إصدار إيصال الاعتراف بتشكيل النقابة في غضون 30 يوما.

يحظر القانون نفسه على أي شخص ممارسة الضغط أو التهديد على العمال لعرقلة الأنشطة النقابية . ونص القانون على أنه لا يجوز فصل ممثل نقابي أو فصله أو نقله أو إخضاعه لأية إجراءات تأديبية من أي نوع  بسبب الأنشطة النقابية.

قيود على تكوين النقابات
في الممارسة العملية، قوضت السلطات الحق في تشكيل النقابات المستقلة بعدة طرق. في العديد من الحالات، تمتنع السلطات تعسفا عن إصدار الإيصال. بالإضافة إلى ذلك، استخدمت السلطات تكتيكات تسويفية، مما يجبر النقابات على تعديل قوانينها الداخلية، وإضافة شروط وأوراق جديدة لا يقتضيها القانون. إن عدم التوفر على إيصال التسجيل يحد من قدرة النقابات على العمل بشكل طبيعي. على سبيل المثال، بدون إيصال لا يمكن للنقابة جمع رسوم العضوية؛ مصدر الدخل الرئيسي الذي يسمح باستئجار مكاتب وتنظيم أنشطة. لا يمكنها فتح حساب مصرفي أو رفع دعاوى أمام المحكمة.

التأخير في تسليم إيصالات التسجيل

قال عزيز عرب، وهو عضو في نقابة أساتذة التعليم العالي المتضامنين غير المعترف بها، لـ هيومن راتس ووتش والشبكة الأوروبية – المتوسطية لحقوق الإنسان:

عقدنا جمعنا التأسيسي في 17 ديسمبر/كانون الأول 2011 في قاعة الاتحاد في الجزائر العاصمة. ونصت وثائقنا التأسيسية على أن أهداف نقابتنا هي الدفاع عن المصالح المادية لأساتذة التعليم العالي، والحريات الأكاديمية، وحرية التعبير، والنضال من أجل كفالة الشروط الضرورية لتطوير البحث العلمي، والدفاع عن القيم الديمقراطية، والعمال، وحقوق الإنسان، وتعزيز التضامن مع الحركات النقابية. وتنسجم قوانينا الداخلية مع جميع متطلبات المادة 9 من القانون 90-14. في 19 يناير/كانون الثاني 2012، تقدمنا تصريحنا بالتسجيل إلى وزارة العمل والحماية الاجتماعية.

في 5 مارس/آذار 2012، تلقينا رسالة من الوزارة مؤرخة في 16 فبراير/شباط تصرح فيها الوزارة أن دراستها للقوانين أظهرت أنها تتعارض مع أحكام القانون الجزائري بشأن ممارسة الحقوق النقابية. في 12 سبتمبر/أيلول 2012 وجهت إلينا دعوة لعقد اجتماع مع رئيس قسم الحوار الاجتماعي في الوزارة. وأشار إلى الأشياء التي يجب أن تتغير في نظامنا الداخلي، وبعضها وصل إلى درجة التدخل في نشاطنا. على سبيل المثال، قال إن من بين أهدافنا التي علينا إزالتها الإشارة إلى "حقوق الإنسان" و"التضامن مع الحركات النقابية".

أعدنا تقديم تصريحنا للوزارة في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، وأشرنا إلى التغييرات في نظامنا الداخلي التي أوصت بها الوزارة، ولكننا لم نسمع منهم أي شيء. في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، أرسلنا تذكيرا إلى الوزارة نسأل فيه عن إيصال تسجيلنا. ومع ذلك، وحتى الآن لم نتلق أي جواب.

وهي نفس العقبات التي واجهتها النقابة الوطنية المستقلة لعمال النظافة والتطهير. وقال محمد سيفوان، رئيس النقابة الوطنية المستقلة لعمال النظافة والتطهير، إن النقابة عقدت جمعها العام التأسيسي في يونيو/حزيران 2011. وفي 5 أكتوبر/تشرين الأول 2011، قدمت تصريحا بتأسيسها لوزارة العمل والضمان الاجتماعي عن طريق عون قضائي. في 21 مارس/آذار 2012، أرسلت الوزارة للنقابة رسالة تقول فيها إنه لا يمكن تسجيلها لأن الملف يفتقر إلى بعض المعلومات، مثل جنسية أعضاء المكتب التنفيذي، وشهادات أصحاب العمل بالنسبة لبعض الأعضاء. في 9 يناير/كانون الثاني 2013، أعادت النقابة تقديم ملفها مع الوثائق التي قالت الإدارة إنها ناقصة، لكنها لم تتلق أي جواب.

قدمت النقابة الوطنية المستقلة لعمال البريد، تصريحها التأسيسي والوثائق المرفقة في 2 يوليو/تموز 2012، ثم أعادت تقديمهم في 13 سبتمبر/أيلول 2012، و في 3 مارس/آذار 2013، لكن النقابة لا تزال تفتقر إلى الوضع القانوني. وقال مراد نقاش، رئيس النقابة، إنه منذ التصريح الأخير، اجتمع أعضاء من المكتب الوطني عدة مرات مع ممثلي وزارة العمل. وقال نقاش، إنه خلال الاجتماع الأخير، في 22 أبريل/نيسان 2014، أكد لهم ممثل الوزارة أن ملفهم كان "مكتملاً" وأن تسجيلهم لم يعد سوى مسألة وقت، يومين أو ثلاثة أيام. ومع ذلك، لم تستلم النقابة الوطنية المستقلة لعمال البريد إيصال تسجيلها.

قدمت النقابة الوطنية المستقلة لعمال الشركة الوطنية للكهرباء والغاز وثائق تأسيسها في 14 يونيو/حزيران 2012. وقال عبد الله بن خلفة، رئيس النقابة، إن وزارة العمل والضمان الاجتماعي أرسلت رسالة مؤرخة في 13 سبتمبر/أيلول 2012، تطلب فيها من النقابة استكمال ملفها والاتصال بالوزارة من أجل تعليقات وملاحظات على النظام الأساسي المقدم، بما في ذلك شهادات تثبت جنسية المؤسسين، والدليل على الشغل، ووثيقة قانونية تؤكد عنوان المنظمة المسجل. وقال بن خلفة إن النقابة قدمت الوثائق الإضافية في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2012. وتوصلت النقابة أخيرا إيصال تسجيلها في 28 ديسمبر/كانون الأول 2013.

بين مارس/آذار ونوفمبر/تشرين الثاني 2012، تقدمت أربع نقابات بشكاوى إلى لجنة حرية الجمعيات التابعة لمنظمة العمل الدولية. وهي النقابة أساتذة التعليم العاليالمتضامنين، والنقابة الوطنية المستقلة لموظفي الإدارة العمومية، والنقابة الوطنية المستقلة لعمال البريد، والنقابة الوطنية المستقلة لعمال الشرطة الوطنية للكهرباء والغاز.

ردا على ذلك، أقرت اللجنة أن: "مبدأ حرية تكوين الجمعيات كثيرا ما يبقى حبرا على ورق إذا كان مطلوبا من العمال و أصحاب العمل الحصول على أي نوع من الترخيص المسبق لتمكينهم من إنشاء منظمة. يمكن لمثل هذا الترخيص أن يخص تكوين المنظمة النقابية، أو الحاجة إلى الحصول على موافقة تقديرية للدستور أو قوانين المنظمة، أو لاتخاذ خطوات على مسار إنشاء المنظمة. هذا لا يعني أن مؤسسي منظمة في حل من واجب مراعاة الإجراءات المتعلقة بالدعاية أو الإجراءات المماثلة الأخرى التي يحددها القانون. ومع ذلك، يجب ألا تعادل مثل هذه الشروط في الممارسة الإذن المسبق، أو أن تشكل عقبة أمام إنشاء منظمة والتي ترقى في الممارسة إلى حظر صريح".

خلصت اللجنة إلى أنه "بصفة عامة، وتذكيراً بأن طلبات تسجيل قدمت منذ أكثر من سنة في حالة واحدة، ليس للجنة سوى أن تعبر عن مخاوفها فيما يتعلق بما يشكل بوضوح تأخيرا طويلا لتسجيل النقابات العمالية وانتهاكا لحق العمال في تأسيس منظمات من اختيارهم".

وأوصت اللجنة السلطات الجزائرية بالتعجيل بتسجيل هذه النقابات، لكن اثنتين من النقابات لم تتلق إيصالات من الحكومة.

العقبات التي تعترض تشكيل الاتحادات والكونفدراليات
نصت المادة 2 من القانون رقم 90ـ14 على أن للعمال والمستخدمين الذين ينتمون إلى المهنة الواحدة أو الفرع الواحد أو قطاع النشاط الواحد الحق في تكوين منظمات نقابية . وفسرت السلطات هذا الحكم على أنه يمنع تكوين كونفدراليات واتحادات تجمع عمالا من قطاعات مختلفة، وهو ما يبدو أنه يشكل قيدا تعسفيا على الحق في حرية تكوين الجمعيات. وقالت منظمة العمل الدولية، وفي رأي مؤرخ في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2001، إنه لا يجب تأويل القانون الجزائري بطريقة تمنع تكوين اتحادات وكونفدراليات، ودعت السلطات الجزائرية إلى الكف عن فرض قيود وعراقيل على إنشائها.

واستخدمت السلطات هذه المادة في رفض طلب النقابة الوطنية المستقلة لموظفي الإدارة العمومية في عام 2001 لتشكيل النقابة الوطنية المستقلة للعمال الجزائريين. في الآونة الأخيرة، قامت النقابة الوطنية المستقلة لموظفي الإدارة العمومية بمحاولة أخرى لتشكيل كونفدرالية تضم نقابات مستقلة في القطاع الخاص، والكونفدرالية العامة المستقلة للعمال الجزائريين. في 9 يونيو/حزيران 2013، قدم العون القضائي الذي عينته النقابة الوطنية المستقلة لموظفي الإدارة العمومية القوانين الداخلية وجميع الأوراق الأخرى المطلوبة بموجب القانون 90-14 إلى وزارة العمل والحماية الاجتماعية. ومع ذلك، لم تتلق الكونفدرالية أي جواب من الحكومة. في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، قدمت شكاية جديدة إلى لجنة الحريات النقابية التابعة لمنظمة العمل الدولية. وفي 29 مارس/آذار 2014، عقدت جمعا عاما في قاعة الاتحاد في الجزائر العاصمة. حضر الجمع العام مراقبون من بعض الكونفدراليات والنقابات الدولية لتقييم اعتماد الاتحاد الديمقراطي للكونفدرالية العامة المستقلة للعمال الجزائريين – الكونفدرالية.

مضايقة وتخويف القياديين النقابيين
قال أعضاء بالنقابات المستقلة لـ هيومن رايتس ووتش و الشبكة الأوروبية – المتوسطية لحقوق الإنسان إن السلطات عرضتهم لمضايقات قضائية واعتقالات تعسفية انتقاماً منهم على أنشطتهم النقابية السلمية والمظاهرات من أجل حقوق العمال.

أكدت لجنة الحريات النقابية التابعة لمنظمة العمل الدولية، والتي تدرس الشكاوى بشأن انتهاكات حرية تكوين الجمعيات، ضمن سجل سوابقها القضائية أن الحق في الإضراب "هو الحق الذي يحق للعمال ومنظماتهم (النقابات، والاتحادات، والكونفدراليات) التمتع به"، وأن أية قيود على هذا الحق "يجب ألا تكون مبالغ فيها"، وأن "الممارسة المشروعة للحق في الإضراب لا ينبغي أن تستتبع عقوبات ضارة من أي نوع، وهو ما يمكن أن يعني أفعال تمييز مناهضة للنقابات".

وقال العديد من النشطاء النقابيين لـ هيومن رايتس ووتش والشبكة الأوروبية - المتوسطية لحقوق الإنسان إنهم واجهوا انتقاما بسبب تنظيمهم للإضرابات ومشاركتهم فيها. وقالوا إنهم امتثلوا للقوانين التي تحدد الخطوات المطلوبة قبل الدعوة إلى الإضراب. ويشمل ذلك آليات مرهقة للوساطة والتوافق بموجب المادة 24 من قانون النقابات العمالية، وإخطار صاحب العمل قبل ثمانية أيام، وضمان حد أدنى من العمل أثناء الإضراب. وتحظر المادة 33 من القانون الجزاءات بحق العمال بسبب مشاركتهم في إضراب قانوني.

ووصف مراد تشيكو، وهو عضو المكتب الوطني نائب الرئيس السابق للنقابة الوطنية لأعوان الحماية المدنية، عن التخويف والمضايقة القضائية التي مورست ضدّه منذ بداية 2004.

وفي 18 ديسمبر/كانون الأول 2004، نظم مراد تشيكو وشارك في اعتصام أمام الإدارة الوطنية للحماية المدنية في الجزائر العاصمة للمطالبة بفتح تحقيق في الفساد في هذه الإدارة وتحسين ظروف العمل. فقامت الإدارة بفصله عن العمل دون دفع راتبه في نفس اليوم. وقال تشيكو إن محكمة بئر مراد رايس في الجزائر العاصمة اتهمته في أبريل/نيسان 2005 بـ "عرقلة خدمات إدارة عمومية"، و"تنظيم تجمع غير مسموح به".

بعد ست سنوات، قررت محكمة بئر مراد رايس في 2 يناير/كانون الثاني 2011 تبرئته من كل التهم. أخطرت الإدارة المدنية تشيكو بتبرئته، لكنه قال في أبريل/نيسان 2014 إنه لم يسمح له بالعودة إلى عمله.

في أبريل/نيسان 2012، نظمت الفيدرالية الوطنية لعمال قطاع العدالة إضرابا للاحتجاج على ظروف العمل. وبعد الإضراب، أوقفت الإدارة دفع أجور 57 عاملا في قطاع العدالة، وألغت مستحقاتهم في الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية. وقال أعضاء المكتب التنفيذي للفدرالية إن الإدارة لم تقدم أي إخطار كتابي بالفصل للعمال المتضررين. بعد ذلك بعامين، لا يزال هؤلاء العمال عالقين، فهم غير قادرون على العودة إلى العمل أو رفع دعوى في المحكمة الإدارية بشأن الفصل التعسفي لأنهم يفتقرون إلى إعلام رسمي يمكنهم الطعن بموجبه. في 17 سبتمبر/أيلول 2013، بعثت الفدرالية رسالة إلى وزير العدل تطالبه فيها بـ "اتخاذ جميع التدابير اللازمة لإنهاء الفصل التعسفي وإعادة إدماج العمال في وظائفهم". ولكن، وإلى غاية أبريل/نيسان 2014، لم يجب الوزير ولم تتم إعادة توظيف العمال.

قال مراد غدية، رئيس الفدرالية الوطنية لعمال قطاع العدالة، إنه خلال إضراب أبريل/نيسان 2012، احترم المكتب الوطني التشريعات بشأن الإضرابات وبعث بإشعار مسبق إلى السلطات في 31 مارس/آذار 2012، 11 يوما قبل الإضراب، والذي تقرر إجراؤه في 10 أبريل/نيسان، كما هو مطلوب بموجب القانون رقم 90-02 الصادر في 6 فبراير/شباط 1990. وقال إيضا إن النقابة راعت المادة 38 من نفس القانون، والتي تطلب من فئات معينة من العمال، مثل كتاب الضبط، الحفاظ على حد أدنى من الخدمة أثناء الإضراب. وقال غدية إن العمال ضمنوا تغطية المحاكمات المستعجلة، وإصدار تصاريح الدفن، والتعامل مع المقبوض عليهم، أو المحتجزين، أو هم في مرحلة الاستئناف من محاكمتهم.

ومع ذلك، فإن الإدارة طردت بشكل جماعي 57 عاملا، من بينهم 6 من المكتب التنفيذي للفيدرالية. وقال غدية إن الادارة لم تطرد العمال عن طريق إجراءات رسمية وقانونية أو بإعلامهم بطردهم، ولكنها أوقفت صرف رواتبهم.

أكدت زاهية بوتاوي وعزيزة حدادي، وكلاهما عضو في المكتب التنفيذي للفدرالية، أن الإدارة، في أبريل/نيسان 2012، أووقفت صرف راتبهما دون إشعار مسبق وألغت مستحقاتهما في الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي. قالت حدادي، والتي كانت تعمل ضابطة قضائية في المحكمة الابتدائية في الحراش بالقرب من الجزائر العاصمة، لـ هيومن رايتس ووتش والشبكة الأوروبية - المتوسطية لحقوق الإنسان إن رئيس المحكمة هاتفها لإبلاغها بأنها لا تستطيع العودة إلى العمل.

ذهبت إلى قسم المالية بالمحكمة لطلب راتبها. وقال لها موظفون هناك إنها لم تعد على قائمة الموظفين وأن رابتها لشهر أبريل/نيسان 2012 سيكون آخر راتب لها. وقالت إن بطاقتها للرعاية الصحية ألغيت أيضا.

حوكم سعد بورقبة، وهو عضو في الفدرالية وكان زعيما لنفس الإضراب في مدينة سطيف، من طرف المحكمة الابتدائية في سطيف وحكمت عليه بعام في السجن، 10 أشهر منها موقوفة التنفيذ، بتهمة الإخلال بشبكة الإنترنت الخاصة بالمحكمة حيث كان يعمل. لكنه قال إن أنشطته النقابية هي التي أدت إلى محاكمته. في 22 ديسمبر/كانون الأول 2013، أيدت محكمة الاستئناف في سطيف الحكم. وقدم طلبا لمحكمة النقض بمراجعة قضيته وهو مطلق السراح مؤقتا في انتظار حكمها.

في أبريل/نيسان 2013، طرد رشيد ملاوي، رئيس النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية، من منصبه في جامعة التكوين المتواصل في وهران. انتخب ملاوي أمينا عاما للنقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية في عام 2001، ثم رئيسا في عام 2005، و أعيد انتخابه رئيسا في المؤتمر الأخير في ديسمبر/كانون الأول 2011.

منذ عام 2001، قدمت النقابة الوطنية المستقلة لموظفي الإدارة العمومية عدة شكاوى لمنظمة العمل الدولية حول انتهاكات حقوق الإنسان والحقوق النقابية من قبل الحكومة الجزائرية. وضغط ملاوي أمام لجنة مؤتمر منظمة العمل الدولية لتطبيق المعايير من أجل محاسبة الجزائر.

ينص القانون الجزائري 90-14 أن عضوا في الهياكل التنفيذية للنقابة قد يتم إعفاؤه من العمل لفترة معينة من الوقت من أجل إنجاز مسؤوليات نقابية، مع ضمان أن يعاد إلى وظيفته. بموجب المادة 47 مكرر من القانون، يجب على صاحب العمل التعامل مع ممثلي النقابات العمالية في مؤسسته، والتفاوض حول الظروف التي على أساسها يحصل أعضاؤها على تكليف لمدة محددة بممارسة وظائف دائمة لصالح النقابة التي ينتمون إليها مع ضمان إعادتهم إلى وظائفهم أو إلى وظيفة مماثلة. سبق لـ ملاوي أن مارس هذا الخيار كرئيس للنقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية. في 26 يناير/كانون الثاني 2012، وبعد إعادة انتخابه رئيسا للنقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية، جدد ملاوي طلبه إلى الجامعة بـ "التكليف". وقال إن الجامعة لم ترد أبدا.

في 22 أبريل/نيسان 2013، أوقفته الجامعة بسبب "الغياب غير المشروع عن منصبه"، وتوقفت تعسفيا عن دفع راتبه. لم يتمكن من الحصول على نسخة من خطاب إقالته إلا في يونيو/حزيران 2013 عبر مسطرة التحكيم أمام المحكمة الإدارية. في 1 أبريل/نيسان 2014، قدم ملاوي طلب لإلغاء عزله أمام المحكمة الإدارية بالجزائر العاصمة، وهو الآن ينتظر قرارا.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، اتخذت الشبكة الأوروبية - المتوسطية لحقوق الإنسان مبادرة مشتركة مع اتحادات ونقابات عمالية دولية تهدف إلى إظهار التضامن مع رشيد ملاوي. وأُرسلت أكثر من 4300 رسالة إلى الرئاسة الجزائرية التي لم ترد.

واجه ياسين زايد، وهو ناشط حقوقي ونقابي، التخويف والمضايقة منذ أن بدأ المشاركة في أنشطة النقابات المستقلة، بما في ذلك النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية. وقال ياسين زايد إنه كان في 2 أكتوبر/تشرين الأول على متن حافلة في اتجاه ورقلة لمقابلة عمال في شركات نفطية، فقامت الشرطة بتوقيفها في نقطة تفتيش تبعد 20 كيلومترا عن المدينة للتثبت من وثائق المسافرين. وتحيط منطقة عسكرية بمركز النفط.

وقال زايد إن الشرطة أنزلته من الحافلة واقتادته إلى مركز للشرطة في ورقلة، حيث صفعوه على الوجه عديد المرات. بعد ذلك، أخذه شخصان في زي مدني بعيدا واحتجزاه إلى اليوم الموالي وفيه ذهب إلى النائب العام في ورقلة والذي أمر بضعه رهن الاعتقال الاحتياطي.

وفي 8 أكتوبر/تشرين الأول 2012، مثل أمام القاضي في المحكمة الابتدائية في ورقلة بتهم الاعتداء، والإيذاء البدني، وإهانة عون شرطة بمقتضى المادتين 144 و148 من قانون العقوبات. ومحكمت عليه المحكمة بستة أشهر موقوفة التنفيذ. وتم استئناف الحكم في 16 أكتوبر/تشرين الأول. وفي 7 مايو/أيار 2014، بعث النائب العام لدى محكمة الاستئناف في ورقلة إلى زايد استدعاء لحضور الجلسة الأولى الاستئنافية يوم 21 مايو/أيار، لكن المحكمة أجلت الجلسة إلى يوم 4 يونيو/حزيران.

وقال أمين سيدهم، وهو محامي ياسين زايد، إن أحد الشهود على استجواب زايد من طرف الشرطة قال لـ سيدهم إن ثلاثة عناصر من الشرطة استجوبوا زايد لمدة ساعتين، وقاموا بضربه على وجهه ورقبته وهو مقيد اليدين. وقال زايد إنه رفع شكاية بعد أن تم إطلاق سراحه لدى النائب العام إلى المحكمة الابتدائية في ورقلة بسبب سوء المعاملة، ولكن مكتب النائب العام لم يفتح أي تحقيق ضدّ أعوان الشرطة.

حكمت محكمة الاستئناف في ورقلة، في 16 أبريل/نيسان 2014، على هواري جلولي بالسجن لمدة عام موقوفة التنفيذ، و غرامة قدرها 50000 دينار (حوالي 500 يورو)، بتهمة توزيع "منشورات يمكن أن تمس بالمصلحة الوطنية"، بموجب المادة 96 من قانون العقوبات الجزائري. واعتقل جلولي في 8 أبريل/نيسان 2013 في وسط مدينة ورقلة عندما كان على وشك توزيع منشورات اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين والتي تدعو إلى اعتصام أمام ولاية ورقلة يوم 11 أبريل/نيسان 2013 لدعم الحق في العمل. كان جلولي في ذلك الوقت عضوا في اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين، التي دعمت تأسيسها، من بين مجموعات أخرى، النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة